المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > اقتصاد المعركة > أثر المستعمرات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية

9 تموز (يوليو) 2023

أثر المستعمرات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية

لقد تركت المستوطنات الإسرائيلية آثاراً مدمرة طالت جميع عناصر البيئة الفلسطينية، فبالإضافة إلى أعمال مصادرة الأراضي ومنع المواطنين الفلسطينيين من دخولها وممارسة أنشطتهم المختلفة، فإن هناك الكثير من مظاهر التدمير البيئي الفلسطيني من أبرزها:

1. استنزاف المياه الفلسطينية.
2. تلوث المياه العادمة.
3. تلوث النفايات الصلبة.
4. تلوث الهواء والضجيج.
5. تدمير التراث الحضاري.
6. تدمير القطاع الزراعي.

وسوف نشير إلى هذه المظاهر بشيء من التفصيل:

• استنزاف المياه الفلسطينية:

هيمنت إسرائيل عبر مستوطناتها في الضفة الغربية على المياه وتتضح الهيمنة الإسرائيلية على المياه من خلال تقرير البنك الدولي الأخير الصادر في شهر نيسان من العام 2009، والذي أورد أن كمية المياه المستهلكة من قبل المستعمر الإسرائيلي في الضفة الغربية تعادل أربعة أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني، حيث قدر عدد المستعمرين في الضفة الغربية بنحو نصف مليون مستعمراً وذلك في نهاية العام 2008، يستنزف هؤلاء 142.7 مليون لتر يومياً من مجموع كميات المياه في الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى عجز في الأحواض المائية في الضفة الغربية.

وقد أصبح هذا العجز يلقي بظلاله على نوعية المياه، حيث أصبحت المياه معرضة للتلوث خصوصاً في قطاع غزة الذي بلغت فيه نسبة التلوث درجة كبيرة، فنسبة الكلورايد تتراوح بـ 250 ملم – 2000 ملم/لتر في أكثر من 90% من مياه القطاع، علماً بأن النسبة المسوح بها دولياً هي 250 ملم/ لتر.
من جهة أخرى أدى إقامة جدار الضم والتوسع إلى خسارة كبيرة في مياه الحوض الغربي للفلسطينيين، حيث خسرت 23 بئراً و51 نبعاً تنتج بمجموعها خسارة 7 ملايين متر مكعب من المياه (3,5 ملايين في قلقيلية و2,1 مليون في طولكرم). كما ساهم الجدار في تجزئة الأنظمة الايكولوجية والتأثير على الواقع الطبيعي على جانبي الجدار، حيث أن إقامة مناطق العزل، سواء على شكل جدار إسمنتي، أو أسلاك شائكة، أو مناطق مغلقة، ستؤدي إلى خلق فاصل فيزيائي يمنع التواصل الجغرافي للأرض، وواقع مناخي بيئي جديد مثل تجمع مياه الأمطار خلف الجدار، مما سيسهم في انجراف التربة والغطاء النباتي. هذا بالإضافة إلى عمليات التجريف واقتلاع الأشجار المتعمد من قبل الاحتلال خلال عملية إقامة الجدار والأسلاك الشائكة والطرق الفاصلة، التي تطال الأغطية النباتية الزراعية والبرية، هذا إلى جانب الآثار الاجتماعية والتربوية والصحية الناجمة عن إنشاء الجدار.

• المياه العادمة:

إن المياه العادمة المتدفقة عبر الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية تلحق أضراراً بالبيئة الفلسطينية والمتمثلة في تلوث مياه الخزان الجوفي بعد تسربها إليه وزيادة نسبة النترات والأملاح، مما يؤدي إلى عدم صلاحية المياه للاستخدام الآدمي، بالإضافة إلى أنها تتسبب في إحداث أضرار بيئية كبيرة، حيث تزيد من ملوحة التربة، وهذا يؤدي إلى انسداد مساماتها وعدم قابليتها للإنتاج، ومن ثم تؤدي إلى التقليل من الغطاء النباتي وانتشار ظاهرة التصحر التي تؤدي إلى تدهور التنوع الحيوي، بالإضافة إلى تركها لآثار بيئية ضارة مثل: الروائح الكريهة المزعجة، وانتشار الأوبئة والحشرات.

تعتبر المياه العادمة المشكلة الثانية التي تتعرض لها المياه الفلسطينية بعد مشكلة تناقص وشح المياه، إذ تعتبر المياه العادمة من أبرز الملوثات للمياه الفلسطينية، وتقوم إسرائيل بتلويث المياه الفلسطينية بطرق مباشرة وغير مباشرة، فمستعمراتها المنتشرة في أرجاء الأراضي الفلسطينية تقوم بضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة في الأودية والأراضي الزراعية الفلسطينية، فقد بلغت كمية المياه العادمة التي تضخها المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية حوالي 40 مليون متر مكعب، وهي كمية أكبر مما ينتجه الفلسطينيون إذ بلغت كمية المياه العادمة المنتجة 33 مليون متر مكعب، كما أن 90% من المياه العادمة الناتجة عن المستعمرات هي مياه عادمة غير معالجة وتصرف في الأودية الفلسطينية والأراضي الزراعية مثل: وادي النار، ومنطقة شرق مدينة الخليل، ووادي قانا بين نابلس وقلقيلية، وتتدفق فيها المياه العادمة الناتجة عن مستعمرة أريئيل ومجموعة المستعمرات حولها.

كما لعبت إسرائيل دوراً غير مباشر في تلويث المياه الفلسطينية بالمياه العادمة عن طريق إهمالها لإدارة المياه العادمة طوال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية، حيث لم تعمل على مد شبكات جديدة للصرف الصحي لمواجهة تزايد السكان لدرجة أصبح فيها أكثر من 54% من الأسر الفلسطينية غير متصلة بشبكات الصرف الصحي. ويشير الجدول التالي إلى بعض المستوطنات وأماكن تصريف مياهها العادمة في الأراضي الفلسطينية.

- معسكر المجنونة
يسبب هذا المعسكر التابع للجيش الإسرائيلي في الخليل أضراراً للبيئة نتيجة لصرف مياه الصرف الصحي ووصولها إلى وادي الغور، وتستخدم مياه هذا النبع عادة للأغراض الزراعية.

- مستوطنة كريات أربع
تنساب مياه الصرف الصناعي من مصنع (بير) في المستوطنة إلى أراضي المزارع على الطريق من الخليل إلى بني نعيم وهذه المشكلة قائمة منذ سنوات عديدة.

- مستوطنة معاليه هكوفشيم
تنساب مياه الصرف الصحي من هذه المستوطنة وبالأخص من مزارع الأبقار إلى الأراضي الزراعية لقطنة في رام الله مؤدية إلى إحداث أضرار عدة بالبيئة وبالصحة العامة.

- مستوطنة سلعيت
تنساب مياه المجاري من هذه المستوطنة لتصب في أراضي المواطنين الفلسطينيين في منطقة طولكرم، هذه المياه العادمة دمرت مساحة واسعة من الأراضي المزروعة باللوزيات والزيتون.

- مستوطنة كرمي تسور
تضخ مياه الصرف الصحي إلى أراضي زراعية تابعة لقرية بيت أمر وهذه الأراضي مزروعة بالعنب والأشجار المثمرة.

- مستوطنة ألون موريه
تنساب المياه العادمة من هذه المستوطنة في أراضي قرية دير بلوط، لتصب في أراضي القرية الزراعية.

- مستوطنة أدم
اتضح من تحقيق أجرته سلطة حماية الطبيعة والحدائق الوطنية الإسرائيلية أن المياه العادمة المنسابة من مستوطنة آدم الواقعة شرق حي النبي يعقوب في القدس هي التي أدت إلى التلوث الخطير لمياه وادي القلط وأدت إلى تسمم رؤوس الماشية في الوادي الذي يعتبر محمية طبيعية، واتضح أيضاً أن مياه المجاري قد تسربت إلى مئات الأمتار تحت الأرض وسارت مسافة ثلاثة كيلو متراً، حيث أصبحت تتبع مع عين القوار بوادي القلط الأمر الذي أدى إلى هذا التسمم.

مستوطنة جيلو ومستوطنة هارجيلو
تتدفق المياه العادمة من هذه المستوطنات لتصب في وادي الشرار "ALSARAR " لتسبب تلوث كبير لمصادر المياه ومخاطر صحية للقرى المستفيدة من هذا الوادي "بيت جالا- بيت صفافا" في منطقة بيت لحم.

• النفايات الصلبة:

مشكلة إدارة النفايات الصلبة في فلسطين معقدة ويصعب السيطرة عليها للعديد من الأسباب، أبرزها تزايد عدد السكان، وضعف الخبرات الفنية لإدارة هذا القطاع، وعدم توفر الإمكانيات المادية اللازمة للاهتمام بهذا الجانب، وسيطرة الاحتلال على الطرق الداخلية بين المدن والنقاط الحدودية مع الدول المجاورة، بالإضافة لسنوات الاحتلال الطويلة التي تركت أثارها على هذا الجانب.

ومشكلة النفايات الصلبة تتصدر أولى المشاكل البيئية في فلسطين، حيث أن آلية التخلص منها صعبة في ظل المعطيات الحالية، إذ يتم التعامل مع هذه النفايات عن طريق الحرق العشوائي، مما ينجم عنه العديد من المشاكل البيئية, كانتشار الحشرات والقوارض، بالإضافة إلى انتشار الغازات السامة، وتلويث المياه السطحية والجوفية نتيجة عدم إدارة هذه النفايات، وعدم التعامل معها بشكل صحيح, علماً بأن حجم نفايات المستعمرات في الأراضي الفلسطينية يقدر بـ 250 ألف طن سنوياً.
إن الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته على معظم الأراضي الفلسطينية، يشكل حاجزاً في وجه إقامة مكبات مركزية صحية، الأمر الذي يؤدي إلى إقامة مكبات عشوائية وغير منظمة في مناطق التجمعات السكانية، مما يترتب عنها تأثيرات سلبية واضحة على حياة المواطن الفلسطيني. ويذكر أن الضفة الغربية تحتوي على مكب صحي واحد يغطي جزء من تجمعات شمال الضفة الغربية، في المقابل تخلو باقي المناطق (وسط الضفة الغربية وجنوب الضفة الغربية، وقطاع غزة) من أي من المكبات الصحية، والموجود عبارة عن مكبات عشوائية توجد في المدن والقرى والتجمعات السكانية، كما قدر متوسط إنتاج الفرد عام 2008 في الأراضي الفلسطينية يومياً من النفايات بـ 0.7 كغم، وقد قدرت كمية النفايات المنزلية المنتجة في الأراضي الفلسطينية بما يزيد عن 2,861 طن يومياً لعام 2008.

استخدمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية طوال سنوات احتلالها كملجأ للتخلص من نفاياتها الخطرة، واستخدمت في ذلك أكثر من 50 موقعاً الأمر الذي يعرض الأراضي الفلسطينية لأخطار هذه النفايات بشكل مباشر وغير مباشر، إذ تتعرض الأراضي الفلسطينية للغازات السامة المنبعثة من المصانع الإسرائيلية القريبة من الحدود بفعل الرياح، وقد سجلت العديد من حالات تهريب وتسرب النفايات الخطرة إلى الأراضي الفلسطينية. إن مثل هذه النفايات الخطرة المهربة والمدفونة في الأراضي الفلسطينية تعطي مؤشراً لتزايد بعض الأمراض الغامضة وأمراض السرطان التي تزايدت بشكل ملحوظ في المناطق التي تم الكشف عنها. بمعدل يزيد عما هو موجود في البلدان المجاورة.

ولم تتوقف آثار الاحتلال الإسرائيلي عند هذا الحد، بل ساهم عن طريق مستوطناته المنتشرة في الضفة الغربية في تلويث البيئة الفلسطينية عن طريق النفايات الصلبة الناتجة عن استخدامات المستوطنين الإسرائيليين سواء كانت ناتجة عن الأغراض المنزلية، أو ناتجة عن الصناعات الإسرائيلية.
وتقوم المستوطنات الإسرائيلية بإلقاء النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية كما هو الحال في منطقة أبو ديس التي يوجد فيها مكباً من أضخم المكبات، حيث تقدر مساحته بـ3000 دونم لخدمة المستوطنات الإسرائيلية(2) ومنطقة جيوس بالغرب من مدينة قلقيلية الذي يغطي مساحة 12 دونماً لخدمة مستوطنات كرني شمرون وقدومييم وتسوفييم ومعاليه تشومرون(3)، ويشير البيان الثاني إلى بعض المستوطنات الإسرائيلية وأماكن التخلص من نفاياتها (4).

بعض المستوطنات الإسرائيلية وأماكن التخلص من نفاياتها الصلبة

أماكن التخلص من النفايات الصلبة المستوطنة
الأراضي الزراعية في سلفيت. مسستوطنة أريئيل
منطقة العبدلي. أبو ديس. بجوار العيزرية والسواحرة. مستوطنة يتسار
أراضي قرية عزموط في محافظة نابلس. ألون موريه

هذا وتسبب النفايات الصلبة مخاطر كثيرة، بالإضافة إلى كونها مصدراً للروائح الكريهة وللحشرات والأوبئة، إلا أنها تسبب في تلويث مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والتربة والمياه الجوفية نتيجة عملية رشح السوائل الناتجة عن هذه النفايات إلى الخزان الجوفي، كما يسبب التخلص من النفايات عن طريق الحرق في تلوث الهواء.

أن عدم تنفيذ إسرائيل للاتفاقيات المعقودة مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وعدم انسحابها من الأراضي الفلسطينية، يدفع بالمستوطنين لاستخدام كل الطرق الذين يرونها مناسبة للتخلص من النفايات الصلبة على حساب الأراضي الفلسطينية، سواء بالحرق، أو الدفن، أو تهريب المواد الخطرة السامة من المصانع الإسرائيلية إلى الأراضي الفلسطينية.

كما تسبب المصانع الإسرائيلية التي تزايد عددها في المستوطنات الإسرائيلية بعد نقلها من إسرائيل يسبب الأضرار البيئية التي تسببها هذه المصانع داخل إسرائيل، حيث وصل عددها إلى حوالي 200 مصنعاً لمختلف الصناعات الكيماوية، وغيرها مثل صناعات الألمنيوم، الجلود، البطاريات، البلاستيك، الأسمنت،
علب الصفيح لتعليب المواد الغذائية، الصوف الزجاجي، المطاط، الكحول، الخزف، الرخام، المنظفات الكيماوية، الغاز، المبيدات الحشرية، الصناعات العسكرية السرية.
إن هذه المصانع تنتج المواد السامة مثل الألمنيوم، والكروسيوم، والرصاص، والزنك، والنيكل، وتقوم بإلقائها في المياه العادمة للمستوطنات. ويشير الجدول التالي إلى بعض المصانع المسربة للمواد السامة في الأراضي الفلسطينية.

بعض المصانع المسربة للمواد الخطرة في الأراضي الفلسطينية

• النفايات الخطرة:

وتتكون هذه النفايات من:
1. النفايات الصناعية من المواد الكيماوية السامة، مثل: الرصاص، الزنك، النيكل..الخ.
2. النفايات الطبية سواء أكانت نفايات سائلة أو صلبة.
3. النفايات المشعة.
وقد استخدمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية طوال سنوات احتلالها كمكان للتخلص من نفاياتها الخطرة، حيث عمدت إلى نقل العديد من مصانعها إلى داخل مستوطناتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما استخدمت أكثر من 50 موقعاً لإلقاء نفاياتها الخطرة فيها ولهذا أصبحت الأراضي الفلسطينية تتعرض بشكل مباشر لأخطار هذه النفايات نتيجة لإلقائها أو دفنها فيها أو غير مباشر نتيجة تعرضها للغازات السامة المنبعثة من المصانع الإسرائيلية القريبة من الحدود، بفعل الرياح، إذ سجلت العديد من الحوادث التي يوجد بها مواد خطرة، أما في المصانع أو أثناء عملية النقل الأمر الذي يؤدي إلى حدوث عمليات تسريب لهذه المواد، مثل: غاز الوقود المسال، والديزل، والبروميد، وحمض الهيدروليك، والأمونيا وحمض الساسبلك ويمكن لهذه المواد الوصول إلى الأراضي الفلسطينية تحت ظروف الرياح المواتية كما حدث في غزة عام 1989، إذ تسربت كميات كبيرة من المركبات الفسفورية العضوية شمال محافظات غزة بل وصلت إلى مدينة غزة كما قامت إسرائيل بنقل النفايات الخطرة إلى الأراضي الفلسطينية، وقد سجلت بعض حالات النقل والتهريب الآتية:
1. في عام 1987 قامت إسرائيل بدفن نفايات صلبة في أراضي قرية عزون قرب قلقيلية ويعتبر هذا المكب مصدراً خطراً على المواطنين، إذ لوحظ ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطان بين أبناء هذه المنطقة مقارنة بالمناطق الأخرى.
2. اكتشاف كميات كبيرة من النفايات السامة من بقايا كيماويات بالقرب من قرى عزون وجيوس وتل صوفين القريبات من قلقيلية.
3. في مارس عام 1999 تم اكتشاف 250 برميلاً تحتوي على مواد سامة مجهولة ومهربة من إسرائيل إلى قرية أم التوت في جنين.
4. إنشاء مكباً للنفايات الصلبة بالقرب من مستوطنة يافيت في غور الأردن بعد نقله من منطقة العفولة داخل إسرائيل.
وهناك الكثير من عمليات التهريب لهذه المواد الخطرة في الأراضي الفلسطينية، وكذلك هناك مخاوف من قيام إسرائيل بدفن نفايات نووية داخل الأراضي الفلسطينية وربما يكون انتشار بعض الأمراض الغامضة بين السكان مؤشراً على وجود مثل هذه النفايات.
• التلوث بالمواد الإشعاعية:
تقوم إسرائيل بتطوير أسلحتها وذخائرها باستخدام مادة اليورانيوم، حيث تقوم بتجربة الذخائر المحتوية على اليورانيوم المستنفذ على المواطنين الفلسطينيين. وقد كشفت بعض المنظمات الدولية مثل International Action Center Organization of Lake Foundation استخدام إسرائيل الذخائر وقذائف الدبابات المحتوية على مادة اليورانيوم ضد المواطنين الفلسطينيين، حيث تلحق أضراراً بالصحة العامة وتسبب أمراض السرطان بأنواعه والتشوهات الخلقية عند الأجنة والأمراض المزمنة.
كذلك وخلال حربها الأخيرة على قطاع غزة فقد استخدمت إسرائيل الفسفور الأبيض، حيث أن استنشاق 50 مللغرام منه يؤدي إلى الوفاة، وقد تسبب الفسفور الأبيض في قطاع غزة في نفوق الحيوانات نتيجة الاستنشاق، أو تغذيتها بحشائش ملوثة بالفسفور الأبيض. كما أدى إلى إحداث حفر طالت المياه الجوفية وتم تلويثها بهذا الملوث الخطير، كما أدى القصف إلى تلويث البيئة البحرية والقطاع الزراعي ومنشآت معالجة المياه العادمة.
إن مادة اليورانيوم المستنفذ هي نفسها مادة اليورانيوم الطبيعي بعد عزل العنصر237 الفعال منها، إلا أن استخدامها في صناعة الذخائر والمقذوفات تعطيها قوة اختراق هائلة، كما أنها تزيد من قوة دروع الدبابات، وهي مادة ذات كثافة عالية، وتزيد عن كثافة الرصاص بـ1.7% ولها خاصية الاحتراق التلقائي مجرد الارتطام ما ينجم عنه تطاير ذرات دقيقة متطايرة في الهواء يمكن استنشاقها بسهولة.
وبذكر العديد من العلماء مثل الدكتور فوزي حماد رئيس هيئة الطاقة المصري الأسبق، والعالم المصري الدكتور طارق النمر، أن هذه الذخائر والمقذوفات المستخدم فيها اليورانيوم المستنفذ ذات الإشعاعات السامة تلحق أضراراً جسيمة بالصحة العامة، إذ تسبب الإصابة بأمراض السرطان بأنواعه والتشوهات الخلقية عند الأجنة، والأمراض المزمنة، كما أنها تدخل في الماء والسلسلة الغذائية.
إن استخدام إسرائيل للذخائر والمقذوفات، وكذلك الدبابات التي تتجول في المناطق المحيطة بالمناطق الآهلة بالسكان في قطاع غزة والضفة الغربية، جعلت الأراضي الفلسطينية تتعرض إلى نشاط إشعاعي، وقد أكدت المنظمات الدولية.
• تدهور التضاريس وتلوث المسطحات المائية:
لقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية شكل سطح الأرض وعملت على تدهورها وتلويثها وقد شملت هذه الاعتداءات، انتشار مقالع الحجارة وانجراف التربة والتصحر، وتدهور تضاريس الساحل، ثم تلويث مياه البحرين المتوسط والميت.

• مقالع الحجارة:

لقد أنشأت إسرائيل 6 مقالع للحجارة في الضفة الغربية لقلع الصخور وتكسيرها لاستخدامها في قطاع البناء، إذ تقوم هذه المقالع بتغطية 80% من الاحتياجات الإسرائيلية، ويشير الجدول التالي إلى مقالع الحجارة التي أقامتها إسرائيل في الضفة الغربية.

جدول مقالع الحجارة في الضفة الغربية

وتعمل هذه المقالع على تدهور التضاريس، وخاصة أنها لم تنشأ على أسس علمية ولا على أيدي خبراء جيولوجيين. الأمر الذي يؤدي إلى:
1. إلحاق الضرر بالصحة العامة نتيجة الغبار الكثيف المتطاير ليصيب المناطق المجاورة للمقالع ويتسبب الإصابة بالأمراض الصدرية.
2. القضاء على التنوع الحيوي نتيجة تساقط الغبار على الأشجار والنباتات، وهذا يؤدي إلى إعاقة نموها، ويهدد المناطق التي حول المقالع بالتصحر، كما يدفع الصوت الناجم عن الآلات ووسائط النقل بالحيوانات البرية الابتعاد عن أماكن إقامتها الحالية وبالتالي هجرتها.
3. استخدام أماكن قلع الحجارة كمكبات للنفايات الصلبة والمياه العادمة بعد الانتهاء منها.
4. إحداث تلوث في الهواء وزيادة درجات الضجيج.

• تلوث التربة:

تتعرض التربة الفلسطينية إلى أعمال التدمير من قبل القوات الإسرائيلية، الذي سيؤدي إلى انجرافها، وبالتالي زيادة ظاهرة التصحر. فقد سبق الإشارة في الفصل الأول من هذا الباب، إلى أعمال التجريف الواسعة التي أحدثتها القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى إزالة مساحات واسعة من الغابات بغرض إقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية، إذ أن هذه الممارسات من شأنها أن تؤدي إلى تفكك التربة، وبالتالي يسهل على عوامل التعرية كالرياح والأمطار من جرفها. كذلك، فإن استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بما فيها الأراضي الزراعية الخصبة، وحرمان السكان الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم في استعمال أراضيهم، إذ لم يبق في أيديهم إلا مساحة صغيرة من الأراضي الزراعية الأمر الذي جعل المزارعين الفلسطينيين، زراعة أراضيهم أكثر من مرة بما يعرف بالزراعة الكثيفة وذلك عن طريق استخدام المخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية بإفراط، الأمر الذي يعمل على الحد من خصوبة التربة، كما أنها تعمل على زيادة ملوحة التربة عن طريق زيادة نسبة كلوريد الصوديوم الذي يعمل أيضاً على التقليل من مساميها، وبالتالي عدم قابليتها للإنتاج.

• تدهور تضاريس الساحل:

البحر الميت:
يقع البحر الميت عند ملتقى ثلاث قارات وتضم أربع نطاقات جغرافية حيوية وفي قاع البحر الميت تدفق المياه العذبة أسفل المياه المالحة، وهو يعتبر أكثر بقاع العالم انخفاضاً تحت مستوى سطح البحر إذ يصل انخفاضه إلى 400م تحت مستوى سطح البحر، ومن الجانب الفلسطيني يحد البحر الميت ثلاث محافظات هي: أريحا، والقدس، وبيت لحم.
إن البحر الميت مهدد بخطر الجفاف، لانخفاض مستوى سطحه بمعدل 80ـ100 ملم سنوياً بسبب العديد من العوامل، منها: قلة المياه الواردة إليه بسبب المشاريع المائية المقامة على نهر الأردن وقيام إسرائيل بتحويل مياهه وروافده وتخزينها في بحيرة طبريا، ومن ثم نقلها إلى داخل إسرائيل والأنشطة الصناعية الناتجة عليه سواء في الجانب الأردني أو الجانب الإسرائيلي. [19]
ويعتبر البحر الميت من المناطق السياحية الهامة، إذ أنشأت على طول شواطئه ما يقرب من 400 غرفة. إن هذه المشاريع في مجملها تهدد الطبيعة هناك ما يهدد السياحة.
• لأضرار التي لحقت بالتنوع الحيوي:
لقد وصل التلوث البيئي في العالم إلى درجة أصبح فيها يهدد حياة الإنسان وأشكال الحياة الأخرى، وهذا دفع بـ168 دولة من دول العالم بعقد مؤتمر دولي حول البيئة في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992 لتدارس كيفية مواجهة الأخطار المحدقة بالبيئة.
أما على الصعيد الفلسطيني، فقد استعرضنا في الفصول السابقة الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية، التي شملت مصادره الأراضي وتجريفها، واقتلاع الغابات والأحراش. واستنزاف المياه الجوفية الفلسطينية والسيطرة حتى على الموارد المائية.
بالإضافة إلى أشكال التلوث التي تحدثها المستوطنات والمصانع الإسرائيلية، حتى الموجود منها داخل إسرائيل من مياه عادمة ونفايات صلبة، وتلويث البيئات البحرية.
كل هذه الاعتداءات انعكست بشكل خطير على التنوع الحيوي في فلسطين، حيث عمل تجريف الأراضي لإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية على إزالة المساحات الخضراء بعد إزالة النباتات والأشجار، ومساحات واسعة من الغابات، هذا يعني أن أعداداً كبيرة من أنواع النباتات قد اختفت ولم يسمح لها بالنمو مرة أخرى في نفس المنطقة.
كما أدت أعمال التجريف إلى إزالة وهدم أماكن سكن الحيوانات البرية، حيث أدى إلى هروبها وهجرتها إلى أماكن أخرى، وخلق حالة من التجزئة البيئية في فلسطين. كما أن الآثار الناجمة عن الملوثات البيئية الأخرى قد انعكست على نمو النباتات وتكاثر الحشرات وانتشار الأوبئة التي من شأنها أن تلقي بظلالها على الحياة الحيوانية البرية. والمعضلة الكبرى هي استنزاف المياه الفلسطينية الذي أدي إلى تناقصها، وبالتالي إلى عدم قدرة النباتات والأشجار على النمو كما هو الحال في منطقة أريحا، التي تزايدت نسبة الأملاح في مياهها نتيجة تناقص كميات المياه، فأصبحت الأراضي هناك مهددة بالتصحر، بالإضافة إلى الغبار الذي يتساقط على الأراضي الزراعية من جراء أنشطة مقالع الحجارة، الأمر الذي أدى إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في العديد من المحافظات الفلسطينية.
ويمكن إدراك حجم المشكلة إذا علمنا أن معظم مساحات الأراضي الزراعية هي مساحات تعتمد على الري البعلي، أي تعتمد على الأمطار المتذبذبة من سنة لأخرى، كما يوضحها الجدول التالي:

المساحة المزروعة بالمحاصيل الزراعية لعام 1997/1998

ويتضح من الجدول السابق أن الضفة الغربية تضم 89.6% من جملة مساحة الأراضي الزراعية في فلسطين، في حين أن قطاع غزة ضم 10.4% من المساحة المزروعة وقد شكلت المساحة المزروعة بأشجار الفاكهة النسبة الأكبر من جملة الأراضي الزراعية، حيث بلغت 61.7%، في حين جاءت المحاصيل الحقلية في المرتبة الثانية، وحيث بلغت نسبة مساحتها 28.5% ثم الخضراوات التي بلغت نسبتها 9.8%.
أما نسبة المساحة المزروعة المروية في الضفة الغربية فقد بلغت 6.5% من جملة الأراضي الزراعية في الضفة الغربية، أما في قطاع غزة فقد ارتفعت النسبة لتصل إلـى 60.9% من مجموع المساحة الزراعية في القطاع. إن ارتفاع نسبة المساحة المزروعة بأشجار الفاكهة يعطي مؤشراً على مدى الخطورة التي تتعرض لها الحياة النباتية، فإذا اختفت مساحات كبيرة من هذه الأشجار نتيجة التلوث وأعمال التجريف، فإن عودة زراعة هذه الأشجار ونموها يستغرق زمناً طويلاً الأمر الذي يزيد من المخاطر التي يتعرض لها التنوع الحيوي.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

6 من الزوار الآن

876840 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق