المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 6.0 فلسطيننا > الشهداء والأسرى > الحماية القانونية الدولية المقررة للمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية

3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

الحماية القانونية الدولية المقررة للمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية

د. محمد نعمان النحال

مقدمة :

تحتل قضية الأسرى والمعتقلين مكانة متميزة في الوجدان الفلسطيني والأولويات الوطنية ، لما تنطوي عليه من معاني إنسانية ثم أبعاد قانونية وسياسية .
ومنذ عام 1967 قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدم خضوع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين لاتفاقية جنيف الثالثة على الرغم من توقيعها عليها ، الأمر الذي جعل الأسرى والمعتقلين تحت سياط القرارات العسكرية التي لا تخضع إلى أي ضوابط أو معايير دولية .

إن كثير من المدنيين الفلسطينيين خضعوا للاعتقال لسنوات طويلة دون محاكمة ودون توجيه أي تهمة إليهم وذلك تحت ما يسمى بالاعتقال الإداري ، وفي الآونة الأخيرة تم احتجاز بعض المعتقلين الذين أنهوا مدة محكوميتهم ولم يسمح لهم بمغادرة السجن تحت ذريعة أنهم "مقاتلون غير شرعيون" ، وهو توصيف جديد من (تقليعات) الاحتلال الذي ظل يمارس كافة صور الانتهاك للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
وعلى الرغم من التغير السياسي الذي حدث مع تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية والإفراج عن بعض الأسرى والمعتقلين في الفترة ما بين 1994 إلى 2000م ، إلا أن سلطات الاحتلال تحفظت على إطلاق سراح ذوي الأحكام العالية من المعتقلين ثم سرعان ما بدأت حملاتها في زيادة وتيرة الاعتقال على أثر انتفاضة الأقصى عام 2000م ، وهي ما زالت تحتفظ بعشرة آلاف معتقل تقريباً منهم 337 من الأطفال و 33 من النساء.

وفي هذه الورقة نحاول أن نشخص الوضع القانوني الحقيقي للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وفق القواعد القانونية الدولية ، ونضع أيدينا على أهم صور الانتهاكات الإسرائيلية التي رصدتها المراكز الحقوقية والمؤسسات المعنية ، ثم نناقش الآليات القانونية في مواجهة هذه الانتهاكات ، ومن ثم نخلص إلى بعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في صرح العدالة والوفاء لمن وهب نفسه دفاعاً عن الكرامة والوطن .
مبحث تمهيدي

مفهوم الأسير والوضع القانوني الدولي للسلطة الفلسطينية

أولاً: مفهوم الأسير في ضوء اتفاقية جنيف الثالثة 1949م

عرفت المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة أسرى الحرب على أنهم أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع ، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة ، وأفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى ، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة(المليشيات أو الوحدات المتطوعة) الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم ، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً ، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة :
أ‌- أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه.
ب‌- أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد.
ت‌- أن تحمل الأسلحة جهراً .
ث‌- أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.

كما تضمنت المادة الرابعة في فقراتها (3،4،5،6) على أن مفهوم الأسير يشمل أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة ، والأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة ، وأطقم الطائرات الحربية والمراسلين الحربيين ومتعهدي التموين ، وأفراد الأطقم الملاحية وكذلك سكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية(1).

ثانياً : الوضع القانوني الدولي للأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية

منذ أن حدث الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع عام 1967 ، أصدر مجلس الأمن قراره 242 والذي أشار فيه بوضوح إلى توصيف الأراضي الفلسطينية بأنها أراضي محتلة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي(2). هذا التوصيف ورد بعد ذلك في كافة القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة و مؤسساتها وكذلك القرارات ذات العلاقة الصادرة عن الجهات الدولية المختلفة .

كما نصت المادة الثانية من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، التي تعد مصدر اتفاقي دولي على أنه"علاوة على الأحكام التي تسري في وقت السلم ، تنطبق هذه الاتفاقية في حالة الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب(3).
كما جاء في نص المادة الثانية أيضاً أنها "تنطبق الاتفاقية أيضا في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة"، وبموجب هذا النص فإن الاتفاقية تنطبق على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 (قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس). أما تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية فلم يغير من الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية شيئاً، لأن وجود السلطة حسب اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال لا يعني وجودها كدولة وإنما سلطة محلية لإدارة بعض المرافق المحلية الفلسطينية بالتوافق مع الاحتلال.

وهذا الأمر لا يخرج عن سياق المادة ستة وخمسون من اتفاقية جنيف الرابعة حيث نصت على أنه "من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، علي صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم"(4).

ومن الواضح أن هذا النص يفيد بأن وجود سلطة محلية وطنية (السلطة الوطنية الفلسطينية) لا يعني إعفاء الاحتلال من مسؤولياته كمحتل ،ولا يفيد بأي حال من الأحوال أن هذه السلطة سلطة مستقلة تتحمل كامل مسؤولياتها تجاه الشعب المحتل ، لأن هذا يتنافى مع واقع الاحتلال الذي يفرض نفسه باستخدام القوة.

أما الوضع القانوني لقطاع غزة على أثر انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية وتمركزه على حدود القطاع وفرضه الحصار الشامل عليه برا وبحرا وجوا ، فهو لا يخرج عن التوصيف الذي ذكرناه والذي ينطبق على كافة الأراضي الفلسطينية .

المبحث الأول

التكييف القانوني للمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية

أولاً: النظام القضائي الإسرائيلي المطبق على الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين
يتكون النظام القضائي الإسرائيلي من نوعين من المحاكم، مدنية يحاكم فيها المواطنون الإسرائيليون، وعسكرية يحاكم فيها المعتقلون الفلسطينيون.
وتطبق سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المعتقلين الفلسطينيين أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، بالإضافة لجملة من الأوامر العسكرية التي استحدثتها لخدمة سياستها الاحتلالية(5)، بالإضافة إلى قانون "تامير" الذي يسمح بالاعتقال الإداري دون توجيه أي تهمة للمعتقل ، ثم أخيراً قانون "المقاتل غير الشرعي" الذي تم تطبيقه على بعض المعتقلين خلال العامين الماضيين ومنهم من أنهى مدة حكمه في السجون الإسرائيلية ، دون أن يطلق سراحه بحجة خضوعه من جديد لذلك القانون الجديد.
لقد أعلنت سلطات الاحتلال في بداية مرحلة الاحتلال عام 1967 أنها ستطبق اتفاقيات جنيف على الوضع الفلسطيني ، وأن احتلالها مؤقت جاء من باب الدفاع الشرعي لحماية أمنها ، إلا أنها في العام سرعان ما تنكرت لتلك التصريحات ، وأعلنت بأن اتفاقيات جنيف لا تنطبق على الأراضي الفلسطينية ، ومن ثم بدأت بتطبيق قانون الطوارئ البريطاني لعام 1945 ثم أخذت بإصدار القرارات العسكرية دون أي ضوابط أو معايير دولية .

ثانياً: التكييف القانوني للمعتقلين الفلسطينيين في ضوء قواعد القانون الدولي
تتعدد الأسباب التي تشكل ذريعة للاحتلال في اعتقال الفلسطينيين ، وفي بعض الأحيان يتم الاعتقال دون أسباب ودون توجيه تهمة ومع ذلك يستمر الاعتقال لسنوات . وبالتالي لا يمكن تعميم سبب واحد للاعتقال على كافة حالات الاعتقال. القليل من الأسرى تم أسرهم أثناء عمليات للمقاومة وهم بذلك يخضعون لاتفاقية جنيف الثالثة بشأن الأسرى والمؤرخة في عام 1949 ، والكثير من المعتقلين تم اعتقالهم على خلفية انتمائهم لفصائل مقاومة ولكن ليس أثناء عمليات المقاومة، وهؤلاء يخضعون إلى اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين اثناء النزاع المسلح أو الاحتلال ، والبعض تم اختطافه ثم وجهت له بعض التهم ، والبعض تم أخذهم كرهائن كما هو الحال بالنسبة للوزراء والنواب وذلك مقال إطلاق المقاومة سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط ،وهؤلاء ضحايا لجريمة حرب استنادا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، وهناك من لم يتم توجيه تهمة محددة له ، بالإضافة إلى بعض المحتجزين تحت مسمى مقاتل غير شرعي ، وهذين الصنفين من المعتقلين هم ضحايا لجرائم حرب يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي .
وهكذا ومن خلال الوقوف على الشروط الواردة بشأن الأسرى في المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة فإننا نرى أن الشروط لا تنطبق على المعتقلين الفلسطينيين ، وبالتالي فإن اتفاقية جنيف الرابعة هي التي تنطبق على غالبية المعتقلين في السجون الإسرائيلية وليس الاتفاقية الثالثة.
ولذلك فإن هناك حالة واحدة يمكن القول أنها تنطبق بحق جميع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية وهي كونهم ضحايا جريمة حرب ، وذلك بسبب انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي الإنساني المتمثلة في اتفاقيات جنيف ،وذلك استناداً لما ورد في المادة (8/2) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيث ذكر النص أنه " لغرض هذا النظام الأساسي تعني "جرائم الحرب" الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949 ، أي أي فعل ...... ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة ....."

المبحث الثاني

صور الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المعتقلين الفلسطينيين

إن خروج الاحتلال عن المعايير الدولية في التعامل مع المدنيين تحت الاحتلال جعله يبيح لنفسه كل صور الانتهاك لحقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ونذكر هنا أهم صور الانتهاك كما يلي :
1- التعذيب:
تستخدم أجهزة الأمن الإسرائيلية العديد من الأساليب الممنهجة لتعذيب المعتقلين الفلسطينيين داخل غرف التحقيق ، حيث يتم استخدام أسلوب الشبح و الحرمان من النوم و إسماع الموسيقى الصاخبة والضرب والهز والتهديد بالاستغلال الجسدي، والتقييد العنيف للأيدي و الأقدام، وتعريض المتهم للإضاءة القوية والضغط على الرقاب، وتعريض الأسير للحرارة العالية تارة و البرودة تارة أخرى. وتعتبر هذه الأساليب منافية للقوانين والأعراف الدولية. وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الثانية منه على أنه: " لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"(6).

و تعمد أجهزة المخابرات الإسرائيلية إلى استخدام أساليب التعذيب المختلفة بهدف التأثير على الأسرى و نزع الاعترافات منهم بالقوة الأمر الذي يشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي العام والمواثيق الدولية.

2- عدم توفير العناية الطبية الملائمة

تعمد إدارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية الخاصة بالفلسطينيين إلى عدم توفير طاقم طبي كافي لعلاج الأمراض التي تصيب المعتقلين، كما أن غياب اللوازم الطبية داخل السجون الإسرائيلية يزيد من حدة تدهور الأوضاع الصحية للأسرى ، حيث تساوي إدارة السجون بين المريض بصداع وبين مريض القلب أو التهاب الرئة بإعطاء كل منهم حبة واحدة من المسكن (أكامول) مع إرشاد طبي بضرورة شرب الماء.

وبهذا السلوك تنتهك إسرائيل المادة (91) من اتفاقية جنيف التي تؤكد على ما يلي:
"توفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون كل ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب".

هذا وقد سجلت الإحصائيات الفلسطينية عدداً من شهداء الحركة الأسيرة الذين فقدوا حقهم في الحياة نتيجة للإهمال الطبي داخل المعتقلات(7) .

3- نقص الاحتياجات المعيشية داخل السجون

تقرر وزارة الدفاع الإسرائيلية تخصيص مبلغ يعادل (500$) سنوياً لتغطية كافة المتطلبات المعيشية للأسير أو المعتقل الواحد من مأكل و مشرب و ملبس و احتياجات أخرى. ومع ازدياد عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية خصوصاً على أثر انتفاضة الأقصى منذ عام 2000 ازدادت الحاجة لمتطلبات معيشية بكميات أكبر و أصبح الاعتماد الرئيس للأسرى الفلسطينيين في تلبية احتياجاتهم المعيشية داخل السجون على المعونات الخارجية المقدمة من المؤسسات الحقوقية الراعية لشؤون الأسرى وعلى ما يمكن تقديمه من قبل الأهالي عبر الزيارات لمن يسمح لهم بالزيارة.

4- العزل
تتبع سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة العزل الانفرادي للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية كوسيلة ضغط على الأسير بغرض انتزاع الاعترافات منه ، أو كعقوبة لأي فعل يصدر عنه يشكل من وجهة النظر الإسرائيلية خرقاً للنظام المتبع داخل المعتقل. وغالباً ما يتم العزل دونما مبرر قانوني الأمر الذي يؤثر سلباً على الوضع النفسي والجسدي للأسير.

5-الحرمان من زيارة الأهل

إن عمليات نقل المعتقلين الفلسطينيين داخل مناطق دولة الاحتلال يعتبر مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني خصوصا اتفاقية جنيف الرابعة ، كما أن نقلهم يعني حرمانهم من زيارة عائلاتهم لهم. حيث يخضع برنامج لجنة الصليب الأحمر الدولي الخاص بزيارة العائلات لذويهم من المعتقلين لقيود مشددة سيما منذ بداية انتفاضة الأقصى في نهاية أيلول من العام 2000م، وقد أعلنت قوات الاحتلال عن إلغائها لبرنامج الزيارات عدة مرات ثم تعود لاستئنافه بعد أشهر طويلة. وفي ذلك مخالفة لأحكام المادة (116) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد على أنه:
"يسمح لكل شخص معتقل باستقبال زائريه وعلى الأخص أقاربه على فترات و بقدر ما يمكن من التواتر".

المبحث الثالث

الآليات القانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين

هناك العديد من الآليات القانونية التي ينبغي الاعتماد عليها في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ، منها ما هو متعلق بالجانب القضائي ومنها ما يتعلق بالجانب الحقوقي الإجرائي وذلك كالتالي:

1- القضاء الجزائي:

لا شك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تنتهك حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف 1949 وهي بذلك ترتكب جريمة حرب وفق المادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . وعلى الرغم من محاولة بعض الدول الكبرى العمل على تسييس القضاء الجنائي الدولي إلا أن الضحية وأولياء الضحية يجب أن يثابروا في العمل على تذويب العقبات التي تقف حجر عثرة أمام رفع القضايا بحق القيادة الإسرائيلية المسؤولية أمام المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية في الدول التي تسمح قوانينها برفع مثل هذه القضايا.

2- دور المؤسسات الدولية ذات العلاقة

إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ينبغي أن تلعب دوراً مهماً في هذا المجال باعتبار تخصصها في العمل أثناء النزاعات المسلحة أو حالة الاحتلال ، وفي حالة استمرار الاحتلال في الانتهاكات الممنهجة ينبغي تحديد اللجنة الدولية من موقفها المسؤولية تجاه هذا الوضع ، ليمثل ذلك شهادة دولية أمام العالم ويشكل حافزاً للدول المعنية بالتحرك لوضع حد لهذه الانتهاكات.
كما أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب ينبغي أن يكون لها دوراً أكثر تأثيرا مما هو اليوم حول انتهاكات الاحتلال لحقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين .

النتائج والتوصيات:

إن قضية الأسرى والمعتقلين تظل شاهداً على ممارسة الاحتلال الإسرائيلي التي تشكل انتهاكاً صارخاً لكافة القواعد الدولية ، كما أن القرارات العسكرية وقوانين الاحتلال التي يصدرها بين الحين والآخر تشكل انتهاكاً للمعايير الدولية في التعامل مع السكان في المناطق المحتلة ، وبالتالي فإن الممارسة الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تشكل جريمة حرب يجب معاقبة المسئولين في دولة الاحتلال عليها وذلك استناداً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وبناءً على هذه النتائج التي توصلنا إليها في هذه الورقة وبغرض السعي لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأسرى والمعتقلين فإننا نورد أهم التوصيات:
1- ضرورة سعي السلطة الوطنية الفلسطينية ومن خلال اللجنة المركزية لتوثيق جرائم الاحتلال "توثيق" إلى إعداد ملف خاص حول الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى والمعتقلين للعمل على تحريكه أمام المحكمة الجنائية الدولية ، وكذلك أمام المحاكم الوطنية التي تسمح قوانينها بذلك .
2- ضرورة قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤوليتها سواء فيما يتعلق بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقواعد الدولية أو بالسعي الجاد للضغط على سلطة الاحتلال لضمان حماية حقوق الأسرى والمعتقلين .
3- عدم السعي لتطبيق اتفاقية جنيف الثالثة على كافة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وذلك من قبل بعض الجهات السياسية الفلسطينية باعتبار أن الغالبية تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة وأن اعتقالهم يشكل جرائم من قبل الاحتلال ضد المدنيين الذين يقعون تحت الاحتلال.
4- قيام المؤسسات الدولية ذات العلاقة بتحمل مسؤولياتها تجاه قضية الأسرى والمعتقلين لما تنطوي عليه من أبعاد قانونية وإنسانية.
5- استمرار المؤسسات الحقوقية الوطنية بدورها في فضح ممارسات الاحتلال تجاه الأسرى والمعتقلين .
6- ضرورة قيام جامعة الدول العربية بالتعاون مع اتحاد المحامين العرب بالعمل على فضح ممارسة الاحتلال بحق الأسرى والمعتقلين، وطرح هذه القضية كقضية ذات أولوية في النشاط السياسي لجامعة الدول العربية.

ملاحظة

هوامش:
1- أنظر المادة (4) من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة عام 1949.
2- أنظر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 بتاريخ 22/11/1967
3- أنظر المادة (2) من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة 1949
4- أنظر جون ماري هنكرتس – دراسة حول القانون الدولي الإنساني العرفي – منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر – ص 34
5- مؤتمر آليات الأمم المتحدة والقضية الفلسطينية الذي نظمته مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بتاريخ 6/12/2003- مركز المعلومات الوطني- الرابط http://www.pnic.gov.ps/arabic/social/prisoners/prisoners14-9.html
6- أنظر المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق لإنسان الصادر عام 1948
7- وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) – مقال بعنوان "الجامعة العربية تقرر السعي لاستصدار قرار دولي يؤكد اعتبار الأسرى الفلسطينيين أسرى حرب" - 15 تشرين الثاني 2009

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

1 من الزوار الآن

877057 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق