المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة (الحلقة الثالثة)

27 كانون الأول (ديسمبر) 2018

اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة (الحلقة الثالثة)

مشروعات التوطين الدولية و«الإسرائيلية»

أولاًـ مشروعات التوطين الدولية: وهي المشروعات التي قدمت من قبل جهات دولية بهدف إيجاد "حل لقضية اللاجئين".
‌أ- خطة ماك جي: تعد خطة ماك جي ـ مستشار وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط_ المؤرخة في آذار/مارس 1949 أول الخطط التي طرحت توطين اللاجئين. إذ توجه ماك جي إلى بيروت في الشهر نفسه لشرح الخطة. حيث طُرحت هذه الخطة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال "لجنة التوفيق الدولية"، واستندت إلى إنشاء وكالة تتكون من فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، بتقديم المساعدات الكفيلة بإنشاء مشروعات تنموية تقوم باحتواء اللاجئين في الدول التي يمكنها القيام بذلك. لقد طرحت الخطة تسوية للصراع تقوم على إعادة وتوطين اللاجئين في آن واحد. ففي حين اقترحت إعادة مائة ألف لاجئ إلى الأراضي المحتلة، على أن يتم توطين باقي اللاجئين في بعض البلدان. وتعهدت الولايات المتحدة بتحمل نفقات توطينهم، واشترطت "إسرائيل" في مواجهة ذلك اعترافاً كاملاً بها، وإعادة توطين المائة ألف لاجئ حيثما يتوافق ومصالحها، واعتباراتها الأمنية. ثم عادت "إسرائيل" ورفضت ذلك منبئة بفشل الخطة.
‌ب- بعثة كلاب: وترأس البعثة الأمريكي "جوردون كلاب" لذلك دعيت باسمه. وهي في الأصل لجنة الاستقصاء الاقتصادي في الشرق الأوسط. وظهرت إلى الوجود تنفيذاً لاقتراح العضو الأمريكي في "لجنة التوفيق الدولية" مستر بورتر. وأصبحت اللجنة لجنة فرعية تابعة للجنة التوفيق الدولية، وعهد إليها القيام بدراسة للأحوال الاقتصادية للبلدان العربية، والإرشاد ببرنامج التنمية المناسب لاستيعاب اللاجئين. وقد قدمت البعثة تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/11/1949، الذي تضمن الصعوبات السياسية والاقتصادية البالغة التي واجهت البعثة، وأن كلا الطرفين العربي والإسرائيلي غير مهيأ لخطط اقتصادية لتطوير مصادر المياه. ولكن البعثة أوصت ببرنامج الأشغال العامة الذي يستند على سلسلة من أعمال صغيرة كأعمال الري، وبناء السدود، وشق الطرق وكذلك مشروعات صغيرة يقوم بها اللاجئون أنفسهم كالنجارة والحدادة والخياطة.
وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على برنامج الأشغال الذي تقدمت به البعثة في كانون الأول/ديسمبر 1950. وأوصت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بتشكيل صندوق لدمج اللاجئين قوامه 49 مليون دولار تساهم فيه الولايات المتحدة بنسبة 70% لإقامة مشروعات تنموية في فترة لا تتعدى ثمانية عشر شهراً.
ويبدو من مشروع البعثة أن الولايات المتحدة قد تعاملت مع قضية اللاجئين كقضية اجتماعية واقتصادية وليس قضية وطنية سياسية خلفها إقامة دولة استعمارية وهي دولة إسرائيل.
‌ج- مشروع باروخ: وتقدم به باروخ إلى الهيئة العربية العليا في بداية الخمسينات، ويقوم على إنشاء "اللجنة الدولية للاجئين العرب" التي ستعمل على إعادة بعض اللاجئين إلى الأراضي المحتلة، وتوطين البعض الآخر في البلاد العربية المتواجدين فيها. فيما سيتم تهجير البعض إلى كندا، والولايات المتحدة، وأمريكا الجنوبية وباكستان. وتضمن المشروع إقامة بيوت مجانية للاجئين وتوفير فرص عمل. وبالرغم من أن المشروع قد تجاهل حقوق اللاجئين التي تنص عليها الشرعية الدولية فإن حكومة مصر وافقت عليه على أن يكون التعاون وثيقاً مع السلطات المصرية لتنفيذ مراحله المختلفة. ولكن مذكرة المشروع قد رفضت من قبل الهيئة العربية العليا التي تمسكت بقرارات الشرعية الدولية.
‌د- مشروع بلاندفورد: وقد تقدم بهذا المشروع مستر بلاندفورد ـ الوكيل المساعد للمدير العام لوكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة_ إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس في 11/12/1951. واقترح بلاندفورد في تقريره تخصيص ميزانية قوامها 250 مليون دولار تقدم إلى اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية من أجل حل مشكلة اللاجئين، يصرف منها 200 مليون دولار في سبيل دمج اللاجئين فيما يستخدم الباقي في إنشاء مساكن وتأهيل حياة أفضل لهم. حيث يتم تهجير عدد كبير من لاجئي لبنان إلى سورية، ونقل 100 ألف لاجئ من غزة، وفلسطين والأردن إلى العراق وليبيا. وقد بدأت وكالة الغوث في الإجراءات اللازمة لتوطين 2500 بعدما حازت على موافقة الحكومة الليبية على ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 1951. ويعد هذا المشروع الذي حاولت وكالة الغوث الدولية تنفيذه اقتراحاً إنجليزي الأصل. ويعود إلى مقترحات السير جونسون ـ الوزير المفوض في السفارة البريطانية في القاهرة الذي كان مديراً لخزينة فلسطين في عهد الانتداب البريطاني ـ الذي تحدث بشأن نقل اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا. وهو العرض الذي رفض من قبل الهيئة العربية العليا وحكومة عموم فلسطين. وحسب مذكرات عوني عبد الهادي ـ سفير الأردن في القاهرة ومندوبه لجامعة الدول العربية فقد حظي المشروع بالموافقة المبدئية حيث قال عبد الهادي "اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية تلقت في الفترة السابقة (تشرين الأول/أكتوبر 1951) مقترحات من وكالة الغوث... وأن الجو السائد في اللجنة السياسية يميل إلى قبول المشروع لإنقاذهم من حالتهم الحاضرة... وأنها قد شكلت لجنة فرعية لتدرس المشروعات المعروضة درساً وافياً".
‌ه- مشروع الجزيرة: حيث اتفقت وكالة الغوث الدولية مع الحكومة السورية في 13 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1952 على إقامة هذا المشروع، وقد تعزز هذا الاتفاق بآخر كان قد أبرم في أوائل عام 1953 بين الولايات المتحدة وحكومة أديب الشيشكلي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية في منطقة الجزيرة. وقد خصصت وكالة الغوث مبلغ 30 مليون دولار للقيام بمشروعات تهدف إلى تأهيل الفلسطينيين في سورية ومن أصل هذا المبلغ خصص 24 مليون دولار للمشروعات الزراعية.
‌و- مشروع سيناء: ويقوم هذا المشروع على توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء. وبدأت عملية البحث عن مياه لتنفيذ ذلك في الفترة بين 1951ـ1953. وقد وافقت الحكومة المصرية على إسكان خمسة آلاف لاجئ فقط في عام 1953. وعقدت الحكومة المصرية اتفاقاً مع وكالة الغوث تجيز بموجبه الأخيرة إجراء اختبارات على 250 ألف فدان حول إمكانية إقامة مشروعات عليها. كذلك تختار الوكالة 50 ألف فدان من أجل التطوير الزراعي. وقد قدر عدد اللاجئين الذين سيرحلون بحوالي 59.900 شخص، وحدد المدى الزمني الكافي لتوطينهم بعشر سنوات.
وقد واجهت الحكومة المصرية غضباً ومقاومة شعبية للمشروع. وفي محاولة منها لامتصاص الغضب أصدرت بياناً بتاريخ 28/05/1953 وآخر بتاريخ 29/09/1953 موجهين إلى أهالي غزة. وقد ورد في البيان الثاني"... موضوع إسكان اللاجئين هو محل إعادة نظر السلطات المختصة في الوقت الحاضر، ولن تتخذ فيه أية إجراءات أو خطوات إلا بما يحقق أماني الفلسطينيين ومصالحهم. ولذلك نلفت النظر أن الحديث حول المشروع قد أصبح غير ذي جدوى".
وقد سعت الأمم المتحدة إلى إسكان اللاجئين في شمال غرب سيناء لتخفيف كثافة اللاجئين في قطاع غزة لما يمكن أن يسببوه من تهديد لإسرائيل لقرب المسافة الجغرافية بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948. ويعد مشروع شمال غرب سيناء من أهم المشروعات التي قدمت لتوطين اللاجئين لاعتبارات عدة أهمها: أنه قد شهد تعاوناً بين الحكومة المصرية ووكالة الغوث الدولية، وأبرز جدية كبيرة من قبلهما لتنفيذه، و إنه يقدم تصوراً شاملاً لكيفية تنفيذه ومراحل ذلك بشكل دقيق بحيث عد المشروع المتكامل الوحيد من بين ما قدم من مشروعات للتوطين. حيث قدم خطة منظمة أخذت طريقها للتنفيذ لولا غارة 28 شباط/فبراير 1955، وجاءت انتفاضة آذار/مارس 1955 للإجهاز على البقية الباقية. وأوقفت الحكومة المصرية عن الاستمرار في خطتها. حيث رفعت الشعارات في المظاهرات الحاشدة "لا للتوطين". وهذا يبرز بشكل واضح وجلي مدى إمكانية الدور الشعبي في وقف مخططات الجهات الرسمية أي كانت. وضرورة حفاظ القاعدة الشعبية على يقظتها لمواجهة المخططات التي تهدد مستقبل قضية اللاجئين وقضيتهم الوطنية.
‌ز- مشروع جونستون (1953ـ1955): وهدف هذا المشروع إلى تصفية قضية اللاجئين عبر توطين الفلسطينيين على الضفة الشرقية للأردن من خلال مشروع ري من الموارد المائية العربية (في نهر الأردن). وقد تم إيفاد إريك جونستون ـ مبعوث الرئيس الأمريكي أيزنهاور ـ إلى منطقة الشرق الأوسط في تشرين الأول/أكتوبر 1953 برتبة سفير للقيام بالمفاوضات اللازمة بين الدول العربية وإسرائيل. ثم عاد لزيارتها ثلاث مرات كان آخرها خريف 1955. وقد أطلق على هذا المشروع (مشروع الإنماء الموحد لموارد مياه نهر الأردن) وينفذ على خمس مراحل تستغرق كل مرحلة سنتين أو ثلاثاً، وتقدر تكاليف المشروع بنحو مائة وثلاثين مليون دولار.
وكان جونستون متفائلاً بشأن الخطة التي تقضي بتخصيص مساحات كبيرة من الأراضي المروية في الأردن للاجئين الفلسطينيين بحيث تستوعب نحو ثلث العدد الإجمالي. ويعد هذا المشروع استمراراًً لمشروعات سابقة تركز على التنمية الاقتصادية كمدخل لتوطين اللاجئين، وفتح آفاق التعاون الاقتصادي بين "إسرائيل" والدول العربية تمهيداً للحل السياسي.
وقد جاء هذا المشروع متزامناً مع مشروع شمال سيناء مما جعل الفلسطينيين منتبهين حول ما يحاك ضدهم. حيث جاء الرد الفلسطيني حاسماً وقاطعاً بالرفض في مؤتمر اللاجئين الفلسطينيين الذي انعقد في القدس في 20 حزيران/يونيو 1955 "يرفض اللاجئون الفلسطينيون كل مشروع أو تفكير يرمي إلى تصفية قضية اللاجئين، وحل قضية فلسطين حلاً لا يحقق المطالب الوطنية، كما يرفضون مشروعات الإسكان ومشروع جونستون الذي يؤدي في النهاية إلى عقد صلح مع "إسرائيل"، أو التعاون معها". وقد فشل هذا المشروع بسبب الرفض الرسمي والشعبي. حيث اعترضت على المستوى الرسمي لجنة الخبراء العرب التي شكلت من مصر والأردن وسورية ولبنان لدراسة المشروع.
‌ح- مشروع جون فوستر دالاس: قدم هذا المشروع وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس بعد قيامه بجولة في المنطقة، حيث ألقى خطاباً في 26 آب/أغسطس 1955 حدد فيه رؤية الإدارة الأمريكية لمستقبل التسوية في الشرق الأوسط. وطرح قضية اللاجئين كإحدى قضايا ثلاث رئيسية. حيث اقترح إعادة بعض اللاجئين إلى فلسطين المحتلة "إلى الحد الذي يكون ذلك ممكناً"، وقيام "إسرائيل" بتعويض البعض الآخر من خلال قرض تشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية، وتوطين العدد المتبقي في البلدان العربية في أراضي مستصلحة عن طريق مشروعات الري تقوم الولايات المتحدة بتمويلها. وقد رفضت المشروع كل من مصر وسورية. حيث أعلن رئيس وزراء سورية في المجلس النيابي يوم 26/09/1955 رفض سورية لكل الخطط والمحاولات الرامية إلى عقد سلام مع "إسرائيل" بما في ذلك مشروع دالاس.
‌ط- ‌مشروع همرشولد (1959): وجه الأمين العام للأمم المتحدة ـ داغ همرشولد ـ وثيقة إلى الجمعية العامة في دورة انعقادها الرابعة عشرة في 15/6/1959 وتحمل رقم أ/4121 وتحت عنوان "مقترحات بشأن استمرار الأمم المتحدة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين: وثيقة صادرة عن الأمين العام" حيث اقترح ما يلي:
1- توسيع برامج تأهيل اللاجئين وتعزيز قدراتهم على إعالة أنفسهم، والاستغناء عن المساعدات التي تقدمها إليهم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
2- توطين اللاجئين في الأماكن التي يوجدون فيها.
3- مناشدة الدول العربية (المضيفة للاجئين) التعاون مع الوكالة الدولية.
ويبدو من مضمون المقترحات أنها تهدف إلى دمج الشعب الفلسطيني في المجتمعات العربية التي يعيش فيها عن طريق مشروعات التنمية الاقتصادية وباعتبار اللاجئين طاقة بشرية واقتصادية تحتاج إليها المجتمعات في عملية التنمية.
وقد واجه هذا المشروع الفشل مثل سابقيه، حيث كانت ردة فعل الفلسطينيين قوية ضد مقترحات همرشولد. حيث رفضه ممثلون عن القوى الفلسطينية في مؤتمرين عقد الأول في بيروت في 26/6/1959، والثاني في صوفر و12/7/1959 واستنكرا موقف وكالة الغوث، وحذرا من مغبة تبني المشروع وتنفيذ توصياته.
‌ي- ‌مشروع جون كيندي: وقد شكل المشروع الملامح الأساسية لتفكير الرئيس الأمريكي جون كيندي فيما يتعلق بالشرق الأوسط والصراع العربي ـ الصهيوني بوجه خاص. وجاء ذلك من خلال خطاب ألقاه في 24/2/1957 في المؤتمر القومي للمسيحيين واليهود. حيث تحدث فيما يخص اللاجئين الفلسطينيين بما يلي: "فسأقترح عودة من يرغب منهم في العودة ليعيش في ظل الحكومة الإسرائيلية باسم الصداقة الوفية، وتعويض من لا يرغب في العودة، وتوطين اللاجئين عبر القيام بمشروعات اقتصادية عملاقة في المنطقة". وعندما أصبح كيندي رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية أرسل رسالة للرئيس جمال عبد الناصر في أيار 1961 التي طرحت مشروعاً عاماً لحل النزاع في منطقة الشرق الأوسط، وأشارت فيما يخص اللاجئين إلى "إننا مستعدون للمساهمة في حل مشكلة اللاجئين العرب على أساس المبدأ القاضي بإعادتهم إلى ديارهم، أو بتعويضهم على ممتلكاتهم... وإني لمسرور لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة أبرزت أخيراً ضرورة الإسراع بتنفيذ توصياتها السابقة بشأن مشكلة اللاجئين"، ويبدو أن موقف هذه الحكومة حيال تلك المشكلة يستند ويظل مستنداً إلى التمسك بتأييد توصيات الجمعية العامة بشأن اللاجئين مع الاهتمام بدون تحيز إلى تنفيذ تلك التوصيات بطريقة تعود على اللاجئين بأكبر قسط من المنفعة" إذا قورنت بالمشروعات السابقة. ولم تجد مقترحات كيندي طريقها إلى التطبيق حيث تم التعويل في ذلك الوقت على مشروع جونسون الذي رفض من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني.
‌ك- ‌مشروع جونسون: تقدم بهذا المشروع جوزيف جونسون ـ رئيس مؤسسة "كارنيجي" للسلام العالمي ـ في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1962. وكانت حكومة الولايات المتحدة قد كلفته سنة 1961 بدراسة مشكلة اللاجئين. كما تم تكليفه بالمهمة المذكورة من خلال لجنة التوفيق الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة حتى تأخذ مهمته طابعاً دولياً. وقد تضمن المشروع ما يلي:
1- يعطى كل ربّ أسرة من اللاجئين فرصة الاختيار الحر، وبمعزل عن أي ضغط من أي مصدر كان بين العودة إلى فلسطين أو التعويض.
2- ينبغي أن يكون كل لاجئ على علم بالأمور التالية:
‌أ- بطبيعة الفرصة المتاحة له للاندماج في حياة المجتمع الإسرائيلي إذ هو اختار العودة.
‌ب- كمية أو قيمة التعويضات التي سيتلقاها كبديل إذ اختار البقاء حيث هو.
3- يتم حساب التعويضات على أساس قيمة الممتلكات كما كانت عام 1947ـ1948 مضافاً إليها الفوائد المستحقة.
4- تقوم الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها "إسرائيل" بالإسهام في توفير الأموال اللازمة لدفع التعويضات.
5- من حق "إسرائيل" أن تجري كشفاً (أمنياً) على كل لاجئ يختار العودة إلى أرضه.
6- يستفيد اللاجئون الذين لم يكن لهم ممتلكات في فلسطين من تعويض مالي مقطوع لمساعدتهم على الاندماج في المجتمعات التي يختارون التوطين فيها.
7- يحق لكل حكومة الانسحاب من هذا المشروع إذا اعتبرت فيه تهديداً لمصالحها الحيوية.
8- يتم تطبيق المشروع بصورة تدريجية.
ولم ترفض الدول العربية صراحة مشروع جونسون في حين رفضت ذلك "إسرائيل" على لسان غولدا مائير ـ وزير خارجيتها آنئذ في تشرين الثاني/نوفمبر 1961 المشروع، واتخذ القرار القائل باستحالة عودة اللاجئين لأن الحل هو توطينهم في البلدان المضيفة.
وقد كان مشروع جونسون محاولة واضحة للتضليل وللالتفاف على الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة رقم 194، وهي الفقرة التي تنص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، والتعويض على من لا يرغب منهم في العودة. فالمشروع يحابي "إسرائيل" ويعطيها في الفقرة الخامسة الحق في رفض عودة من ترى في عودته خطراً عليها.
‌ل- مشروع الحبيب بورقيبة: بتاريخ 21 نيسان/أبريل 1965 تقدم الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة بمشروع تسوية للنزاع العربي الصهيوني على أساس قرار التقسيم تضمن النقاط البارزة التالية:
-  تعيد "إسرائيل" إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
-  يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى دولتهم الجديدة.
تتم المصالحة بين العرب و"إسرائيل" بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما، وقد رفض الفلسطينيون والعرب هذا المشروع.
ملاحظات على مشروعات التوطين الدولية:
-  إن هذه المشروعات قد انصبت بدرجة كبيرة على لاجئي قطاع غزة وذلك بسبب طبيعة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الحادة التي كان يعانيها لاجئو القطاع الذي استوعب أضعاف عدد سكانه الأصليين، وضعف موارده وإمكاناته الاقتصادية.
-  إن هذه المشروعات في أغلبها قد قدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو بدعم منها وهدفت إلى طمس قضية اللاجئين. وجاءت العديد منها في إطار مشروعات تسوية سياسية.
-  إن هذه المشروعات في معظمها كان مخالفاً للشرعية الدولية ويحاول الالتفاف عليها.
-  إن هذه المشروعات قد ركزت على البعد الإنساني الاجتماعي والاقتصادي وتجاهلت البعد الوطني والسياسي.
-  إن هذه المشروعات كانت في صالح "إسرائيل"، وتحاول مساعدتها في تجاوز مشكلة اللاجئين. وتعفي "إسرائيل" من المسؤولية السياسية والقانونية عنها.
-  إن هذه المشروعات قد رفض بعضها من قبل "إسرائيل" مثل مشروع ماك جي فيما رفض البعض الآخر من قبل الهيئة العربية العليا مثل مشروع باروخ.
-  إن هذه المشروعات قد وجدت في فترة انحسار العمل الوطني والقومي، ومع ذلك فقد واجهت رفضاً شعبياً اتخذ شكل المظاهرات والعرائض والمؤتمرات.
ثانياً : مشروعات التوطين الإسرائيلية:
وهي المشروعات التي تقدمت بها جهات "إسرائيلية" سواء أكانت حكومية أو غير حكومية، أحزاباً أو أفراداً، عسكريين أو مدنيين. وتقسم هذه المشروعات إلى قسمين:
(‌أ)- مشروعات قدمت قبل سنة 1967: وهي المشروعات التي تم وضعها ومحاولة تنفيذها من قبل الإسرائيليين قبل سنة 1967 وكانت موجهة بشكل أساسي إلى ما اصطلح عليه عرب "إسرائيل" وهي الأقلية العربية التي بقيت داخل حدود "إسرائيل" عند قيامها سنة 1948. حيث هدفت تلك المشروعات إلى التخلص من الأقلية العربية والاستيلاء على أراضيها من أجل المهاجرين اليهود الجدد، والسعي نحو دولة يهودية فقط. ومن أهم تلك المشروعات ما يلي:
1- خطة "عملية يوحنان": وهي خطة وضعها يوسف فايتس ـ مدير دائرة استيطان الأراضي في الصندوق القومي اليهودي ـ وتهدف إلى ترحيل إرادي للأقلية العربية في "إسرائيل". ونشأت الخطة سنة 1950 كخطة لترحيل أكثر من 20 عائلة عربية مسيحية من قرية في الجليل إلى الأرجنتين. وقد لاقت العملية الدعم من رئيس الحكومة "بن غوريون" ومعظم وزراء حكومته. وراسل فايتس من أجل ذلك السفير الإسرائيلي في الأرجنتين ـ يعكوف تسور ـ لهذا الغرض. ولكن العملية فشلت لأن الفلسطينيين الذين عبّروا في البداية عن رغبتهم في الترحيل فقدوا اهتمامهم بذلك في أوائل سنة 1953.
2- خطة "العملية الليبية" (1953ـ1958): بعد فشل "عملية يوحنان" سعى فايتس إلى خطة بديلة تقوم على توطين فلسطينيين من عرب "إسرائيل" ولاجئين فلسطينيين من بلدان عربية مجاورة في ليبيا حيث يتم شراء أراض واسعة من قبل "إسرائيليين" من قبل المستوطنين الإيطاليين الراغبين في ترك ليبيا من أجل هذه الغرض. كما يتم من خلال ذلك عملية تبادل لأملاك العرب في "إسرائيل" مع أملاك اليهود المقيمين (حوالي 3500 شخص) هناك والذي سيتم تشجيعهم للهجرة لـ "إسرائيل". وتم التفكير بهذه الخطة استغلالاً للوجود البريطاني والأمريكي في المملكة الليبية المنشأة حديثاً والواقعة تحت السيطرة والهيمنة البريطانية الأمريكية. وتبنى الخطة موشي ساسون ـ وهو دبلوماسي كبير ومستعرب في دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية وأصبح لاحقاً مستشاراً لرئيس حكومة الاحتلال الصهيوني في شأن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة". وقد لاقت الخطة تشجيعاً من قبل وزير الخارجية "الإسرائيلي" آنذاك "موشي شاريت، وكذلك يهوشوع بالمون ـ مستشار رئيس الحكومة بن غوريون للشؤون العربية، وتم المصادقة على الخطة في اجتماع عقد في 13 أيار/مايو 1954 برئاسة وزير الخارجية ـ موشي شاريت وبمشاركة وزير المالية ـ ليفي إشكول ـ، ووزير الزراعة ـ بيرس نفتالي والمدير العام لوزارة المالية ـ بنحاس سابير، ومستشاري الشؤون العربية ـ مردخاي شنتر وشموئيل ديفون، وحضر كذلك يوسف فايتس. واستمر العمل لتنفيذ الخطة بشكل سري لمدة أربع سنوات من قبل يوسف فايتس وعزرا دانين من وزارة الخارجية، إلا أنها فشلت في النهاية بسبب التطورات السياسية في الشرق الأوسط في الفترة بين 1954ـ1958، وتسرب تفاصيل الخطة للصحافة. وتم ملاحقة العناصر الإسرائيلية في ليبيا من قبل رجال المفتي محمد أمين الحسيني.
3- عملية حفرفيرت: وكانت تهدف إلى استغلال حرب 1956 (العدوان الثلاثي) من أجل طرد المواطنين الفلسطينيين من عرب "إسرائيل" من المثلث الصغير إلى الأردن وذلك في الحرب المحتملة معه. وقد تم في إطار التحضير للعملية ارتكاب مجزرة كفر قاسم في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956 والتي راح ضحيتها 49 مدنياً فلسطينياً من القرية. وقد تم الإعداد لعملية حفرفيرت بتوجيه من رئيس الأركان الإسرائيلي وبعلم من رئيس الوزراء الإسرائيلي_ بن غوريونـ وقد تم إلغاء عملية الترحيل بسبب إلغاء خطط الحرب مع الأردن الذي لم يقدم لـ "إسرائيل" الذريعة للحرب. وبالرغم من فشل العملية فإنه يمكن النظر إليها كجزء من الاتجاه العام في المؤسسة السياسية_ العسكرية الإسرائيلية لاستغلال حرب 1956 لتنفيذ عمليات طرد لعرب "إسرائيل" لاسيما في التجمعات الموجودة على الحدود. ومع ذلك فقد نجح جيش العدو الصهيوني في استغلال أجواء الحرب وقام بطرد نحو 2000 إلى 5000 شخص معظمهم من قريتي كراد الغنامة، وكراد البقارة الواقعتين جنوب بحيرة الحولة إلى سورية.
4- خطة لجنة دانين سنة 1956ـ1957: وتنسب هذه الخطة إلى عزرا دانين رئيس اللجنة الرسمية لإعادة توطين لاجئي قطاع غزة. وهي لجنة سرية ألفها رئيس الوزراء الإسرائيلي ـ بن غوريون ـ في كانون الأول/ديسمبر 1956 لدراسة مقترحات لتوطين مئات الآلاف من اللاجئين من قطاع غزة في أماكن أخرى. وكانت "إسرائيل" قد اجتاحت قطاع غزة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر وصدرت تصريحات "إسرائيل" عن نية "إسرائيل" ضم القطاع إليها. ولكنها وأمام تكدس اللاجئين الفلسطينيين فيه سعت إلى إعادة توطين مئات الآلاف منهم في أماكن أخرى مثل العريش وبلاد عربية أخرى، وكذلك دول أوروبية من خلال "اللجنة الحكومية المشتركة للهجرة الأوروبية". ولكن لم تدخل الخطة حيز التنفيذ بسبب انسحاب "إسرائيل" من قطاع غزة في آذار/مارس 1957 نتيجة ضغوط دولية لاسيما من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية.
5- خطة شارون: وعادت قضية الطرد لتطغى على السطح سنة 1964 عندما طلب الكولونيل أرئيل شارون الذي كان آنذاك رئيساً للأركان في القيادة الشمالية أن يعرفوا عدد الباصات والشاحنات التي تلزم في حال وقوع الحرب لنقل نحو 300 ألف مواطن عربي إسرائيلي إلى خارج البلاد. وقد قصد شارون من خطته أن تكون خطة احتياطية معدة وجاهزة للتنفيذ في حال وقوع الحرب أي محاولة شارون استغلال وضع الحرب مع بلد عربي لكي يدفع بالمواطنين العرب داخل "إسرائيل" إلى خارج البلاد باسم الأمن. وهي بذلك تسير على نهج عملية حفرفيرت.
6- مشروع أشكول: تقدم ليفي أشكول ـ رئيس الوزراء الإسرائيلي ـ في جلسة الكنيست بتاريخ 17 أيار/مايو 1965 بمشروع أمام الكنيست الإسرائيلية جاء فيه:
-  يتم توجيه جزء من الموارد الضخمة للمنطقة باتجاه إعادة توطين اللاجئين ودمجهم في بيئتهم الوطنية الطبيعة (الدول العربية).
-  استعداد "إسرائيل" للمساهمة المالية مع الدول الكبرى في عملية إعادة توطين اللاجئين باعتبارهم الحل المناسب لهم ولإسرائيل.
(‌ب)- مشروعات التوطين "الإسرائيلية" بعد سنة 1967:
قدمت العديد من المشروعات بعد عدوان 1967 حيث هدفت "إسرائيل" منها إلى جعل التوطين أمراً واقعاً على ضوء انتصارها في الحرب وقيامها باحتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية. حيث اعتقدت "إسرائيل" أن بإمكانها الآن فرض رؤيتها على الأرض في ظل الهزيمة العربية.
1- مشروع ألون: طرح ألون مشروعاً متكاملاً للتسوية مع الأردن في عام 1968، وقال ألون في مشروعه: "إن "إسرائيل" وحدها لا تستطيع حل المشكلة بأسرها، أو الجزء الأكبر منها من الناحية الاقتصادية والسياسية والديموغرافية. فالمشكلة تقع في خانة تبادل السكان. حيث استوعبت "إسرائيل" اليهود، والدول العربية استوعبت اللاجئين العرب بالعدد نفسه وعلى أساس إثني قومي". لكن وبعد عدوان 1967 وبعد أن أصبحت كل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيطرة الإسرائيلية فإن على "إسرائيل" نقل السكان اللاجئين من قطاع غزة إلى سيناء (العريش) والضفة الغربية. وبعد تفريغ قطاع غزة من اللاجئين يجب ضمه إلى "إسرائيل" وليس إعادته إلى الحكم المصري.
2- مشروع ديان: قدمه رئيس أركان جيش العدو الصهيوني ـ موشي دايان ـ بعد عام 1968، وهو مشروع يستند بالأساس على البعد الأمني لذلك فهو ليس مشروعاً متكاملاً بل عبارة عن إجراءات تنفذها سلطات الحكم العسكري وتهدف بالأساس إلى تقليص الخطر الأمني المحيط بقوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة. ويتضمن المشروع النقاط الثلاث التالية:
• اتخاذ تدابير ردع وعقاب جماعي ضد السكان العرب الذين يتعاونون مع "الفدائيين" في المخيمات.
• تخفيف كثافة سكان المخيمات الكبيرة، خاصة مخيم جباليا، الشاطئ، رفح في قطاع غزة.
• إقامة أحياء سكنية جديدة، تخترقها شوارع عريضة ذات مواصفات أمنية معينة. أما بالنسبة لهذه الأحياء فليس ضرورياً أن تكون في المخيمات نفسها. بل يمكن أن تكون في الضفة الغربية، أو في العريش. ولكن لن تكون في "إسرائيل" لما قبل الرابع من حزيران/يونيو 1967.
وقد قال ديان: «لو أن "إسرائيل" أخرجت من مخيمات اللاجئين في القطاع 150 ألف لاجئ كمرحلة أولى، ووزعتهم في مدن الضفة الغربية فستنخفض دون أدنى شك عمليات القتل والإرهاب في القطاع خاصة وأن في مدن الضفة الغربية أماكن كافية للسكن والعمل أيضاً».
وهدف ديان من ذلك أيضاً إلى تصفية المخيمات تحت ستار تخفيف كثافة السكان في هذه المخيمات. وتوزيع اللاجئين في قرى جديدة عن طريق الإغراء بالمساكن الأفضل، والخدمات العامة، وأماكن التشغيل. وتجريد اللاجئين من صفة لاجئ بعد نزوحهم من المخيمات.
ولا يختلف مشروع ديان عن المشروعات الأخرى إنما يمتاز بعدم إثارته لردود فعل معينة. فالمشروع لا ينص على توطين اللاجئين. بل على إيجاد الحلول للعائلات التي تهدم منازلها بسبب العقاب الجماعي، أو شق الطرق الأمنية، وتخيف كثافة السكان.
3- مشروع لجنة برونو: ينسب هذا المشروع إلى البروفيسور ميخائيل برونو الذي وضعه على مرحليتين: تتم المرحلة الأولى مع بداية عام 1968، والثانية مع أواخر عام 1969. ويقدم تصوراً لحل قضية اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة. حيث يتضمن تحرير التجارة بين الضفة الغربية والقطاع وإسرائيل مع إفراغ المخيمات تدريجياً من سكانها عن طريق منح حوافز اقتصادية لهم، وإقامة مساكن لهم. وإقامة تنمية زراعية وصناعية في المناطق التي لجؤوا إليها، وخلق فرص عمل لهم بتمويل دولي.
4- مشروع رعنان فايتس: قدم الدكتور رعنان فايتس ـ مهندس زراعي، وعضو مجلس أمناء معهد التخنيون في حيفا ورئيس قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية منذ عام 1963 عدة مشروعات في مراحل مختلفة تتعلق كلها بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل مباشر وغير مباشر. وقد جمعت كلها فيما بعد تحت عنوان "مشروع فايتس". وقد جاءت الخطوط العريضة لمشروع فايتس الأول سنة 1969م حول توطين 50 ألف لاجئ في منطقة العريش والضفة الغربية. وركز المشروع على تخفيف كثافة السكان داخل مخيمات اللاجئين، وتوطينهم على أساس 10% في الزراعة والباقي في الحرف الصناعية والخدمات العامة في أماكن ثابتة تقام لهذا الغرض. ومن ثم دفع تعويضات للاجئين الذين سيكونون في حاجة إلى المال لشراء المساكن الجديدة. وترتيب حياتهم الجديدة... وأن في الإمكان أيضا إيجاد مناطق في الضفة الغربية، يتم توطين اللاجئين فيها على أساس تجمعات صغيرة، وربما متوسطة، على ألا تأخذ طابع المخيمات".
5- مقترحات النائب "الإسرائيلي" رؤوفين أوزي: تقدم أوزي من حزب مبام بمقترحاته سنة 1970 للحكومة "الإسرائيلية" والتي تقوم على تصفية مخيمات اللاجئين، ونقلهم إلى مساكن في المدن والقرى القريبة من مراكز الصناعة والعمل. واعتبر أن ذلك سيحول مشكلة اللاجئين إلى مشكلة تتعلق بعملية التطور الاقتصادي في مجال التشغيل.

6- مشروع دوف زاكين: قدمه عضو الكنيست السابق دوف زاكين ـ من حزب مبام ـ في سنة 1972. ويتلخص المشروع في إفراغ المخيمات تدريجياً عن طريق منح حوافز اقتصادية وأهمها تقديم مساكن بسعر رمزي في مناطق قريبة من أماكن التشغيل الجديدة. وتحسين الخدمات العامة في المدن العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة (التعليم، الشؤون الاجتماعية والصحة) من أجل خلق دافع يحدو باللاجئين إلى الخروج من المخيمات. وأن سرعة إخلاء اللاجئين من المخيمات بمعدل أربعة إلى خمسة ألاف عائلة في السنة سيؤدي إلى حل المشكلة خلال ثماني سنوات. وأن يتم تأهيل اللاجئين في مجال التصنيع وليس في مجال الزراعة.
7- مشروع بن بورات: حيث تم عرض المشروع من قبل النائب والوزير الليكودي بن بورات على الحكومة "الإسرائيلية" عام 1982. ويقوم على إعادة إسكان اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة والضفة الغربية. ويتلخص المشروع بما يلي: مشروع يقضي بضم مخيمات اللاجئين في قطاع غزة إلى القرى والمدن بحيث يصبح سكانها مواطنين وليس لاجئين وقد تم هذا في المجال التالي:
‌أ- تقسيم مخيم جباليا إلى قسمين، يضم القسم الأول منها إلى بلدية بيت لاهيا، ويضم القسم الثاني إلى بلدية جباليا.
‌ب- ‌ضم المخيمات في المنطقة الوسطى المغازي، البريج، النصيرات إلى مدينة دير البلح.
‌ج- ‌ضم مخيم خانيونس إلى بلدية خانيونس.
‌د- ‌ضم مخيم رفح إلى بلدية رفح.
‌ه- ‌ضم مخيم الشاطئ إلى بلدية غزة.
وقد رصدت "إسرائيل" لهذا المشروع نحو مليار ونصف المليار دولار لتنفيذه بيد أن هذا المشروع لم ير النور بسبب اجتياح "إسرائيل" للبنان في حزيران/يونيو 1982 وكذلك خشيتها من قيام سكان المخيمات بهبة شعبية مناوئة للمشروع وهي مشغولة في أمر آخر.
8- خطة يسرائيل غاليلي: تقدّم بها عندما كان وزيراً في حكومة العمل عام 1973، حيث دعا إلى إعادة تأهيل اللاجئين بتوفير مساكن لهم مجاورة للمخيمات، أو تطوير المخيمات وتحويلها إلى مدن، أو دمج المخيمات في المدن المجاورة.
9- وثيقة بيلينـإيتان: في محاولة من قبل الحزبين الكبيرين في "إسرائيل" العمل والليكود وضع موقف مشترك من قضايا الحل النهائي مع الجانب الفلسطيني، تمّ تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن تكتل الليكود (الليكود ـ تسوميت ـ غيشر) برئاسة ميخائيل إيتان وممثلين عن حزب العمل برئاسة يوسي بيلين، وتوصلت اللجنة فيما عرف "خطة اتفاق وطني حول مفاوضات الوضع الدائم مع الفلسطينيين"، أو وثيقة بيلين ـ إيتان، وقد جاء في الخطة فيما يتعلق بقضية اللاجئين ما يلي:
• الاعتراف بحق دولة "إسرائيل" في منع دخول لاجئين فلسطينيين إلى داخل مناطق سيادتها.
• السلطة الفلسطينية مخولة باستيعاب كل شخص داخل أراضيها حسب اعتباراتها.
• رأي آخر: إجراءات دخول السكان إلى الكيان الفلسطيني وقيود الدخول تبحث في مفاوضات التسوية الدائمة.
-  تقام منظمة دولية تلعب فيها "إسرائيل" دوراً هاماً تستهدف تحويل وتطبيق خطط التعويض وتأهيل اللاجئين في أماكن سكناهم. وهذه المنظمة تبحث مطالب "إسرائيل" بالتعويضات لصالح اللاجئين اليهود في دول عربية.
-  "إسرائيل" والكيان الفلسطيني، كل واحدة في مجالها، تعمل على تأهيل اللاجئين على قاعدة حل وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة، وإلغاء مكانة اللاجئ، وترتيب سكن دائم وخلق فرص عمل بمساعدات دولية.
-  "إسرائيل" تواصل سياستها بشأن لم شمل العائلات حسب المواصفات الحالية.
إن المشروعات التي طرحت ليست إلا مشروعات مستندة على ركائز من بحث الخبراء بتكليف من الحكومة نفسها. ولم تأت عرضاً أو نتيجة اجتهادات فردية. وأرادت تلك المشروعات حلاً للمشكلة ضمن المنظور الأمني "الإسرائيلي" وليس الحل السياسي. ولم تتضمن عودة اللاجئين إلى حدود دولة "إسرائيل" قبل 1967 بل إجراءات تنقل داخل الضفة الغربية وقطاع غزة. وتفريغ سكان المخيمات من مخيماتها وتوزيعهم على قرى ومدن يذوبون بها. واستندت على تنمية اجتماعية واقتصادية ولا تتعلق بجوهر قضية اللاجئين السياسي.
لم تتوقف المحاولات "الإسرائيلية" للتوطين وتحاول فرض رؤيتها بأن التوطين هو الخيار الأكثر واقعية. وهي تستغل بذلك الواقع الفلسطيني المتأزم وتراجع الخطاب الرسمي لفرض رؤيتها وخطابها. والحال الفلسطيني اليوم ليس كما هو بالأمس حيث جابه شعبنا التوطين وهو موحد في مواقفه وأهدافه وأولوياته. وكان يقف وراء م. ت. ف وبرامجها السياسية ومجلسه وميثاقه الوطني. أما اليوم فإن الشعب غير موحد. وأصبح الخشية على حق العودة أكبر بعد عقد اتفاقيات أوسلو والقاهرة. والضعف التفاوضي الذي أبدته القيادة الفلسطينية تجاه القضايا المصيرية ومنها حقوق اللاجئين. والموافقة على إدخال قضية اللاجئين في دهاليز المباحثات متعددة الأطراف، والتي توقفت دون تحقيق أي تقدم في هذا المضمار. كما تشهد الساحة السياسية تغييب مبرمج وواضح لمنظمة التحرير الفلسطينية وتحجيم لدورها وآلية عملها. وإضعاف لمؤسساتها كالمجلس الوطني الفلسطيني الذي لم يعقد منذ 14 عاماً بالرغم من الأزمات التي مرت وتمر بها القضية الفلسطينية. وكل ذلك دفع البعض إلى التجاسر على حق العودة وعقد الاتفاقيات وتوقيع الوثائق المنافية لحق العودة مثل وثيقة جنيف (ما تسمى وثيقة بيلين ـ عبد ربه لعام 2005).

10- مشروع دونا آرزت: هو المشروع الذي قدمته دونا آرزت وتبناه مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي. والأخير مؤسسة أمريكية تعنى بالشؤون الخارجية من وجهة نظر أمريكية، وأعضاؤه شخصيات مهمة في الاقتصاد والسياسة والحرب، وبعضهم كانت لهم مناصب رسمية. وله لجنة فرعية تعنى بالشرق الأوسط من أعضائها شخصيات عربية. وتأتي للمجلس معونات مالية، منها معونات عربية، ويوجد عدد كبير من اليهود العاملين في المجلس.
أما دونا آرزت فهي يهودية أمريكية من أصل روسي تدرّس الحقوق في جامعة سيراكيوز وهي عضو في جمعيات إسرائيلية عديدة، وكانت ناشطة في تأمين هجرة الروس إلى إسرائيل، كما أنها نشرت أبحاثاً عن المنشورات ذات الطابع المحرض ضد السامية، وعن إزالة النازية، كما أنها مستشارة قانونية لجمعية الشاذين من طلبة الحقوق.
تتلخص الخطة في توطين 3.640.000 موجودين خارج فلسطين وترحيل 1.544.000 ثم توطينهم في البلاد العربية والعالم مناصفة، وبذلك يبقى 2.850.000 في الضفة وغزة، و1.000.000 في إسرائيل وهناك عدد أهملته الخطة (1.640.000) مصيره مجهول.
"إسرائيل": تحتفظ المؤلفة دونا آرزت لإسرائيل بأخف الأعباء وأقل أعداد العائدين وأصعب شروط الدخول. فهي تساوي "إسرائيل" بلبنان من حيث إنها تطلب منها توطين 75.000 فقط ليعودوا إلى قراهم الأصلية في الجليل. وتضع شروطاً تعجيزية لدخولهم: أن يكون لهم أقارب من الدرجة الأولى وألا يكون لديهم مشاعر معادية لـ "إسرائيل"... الخ وإذا رفضت "إسرائيل" دخولهم يمكنهم الاستئناف لدى لجنة دولية، ولا يتناسب مع سقم هذا الاقتراح إلا عنصرية صاحبته.
وتنسى المؤلفة أن تذكر لقرائها أن ترومان، المؤيد الأول لـ "إسرائيل"، أصر عام 1949 على أن تعيد "إسرائيل" 300.000 لاجئ "أي 2.400.000 الآن في تاريخ خطة المؤلفة" وهم سكان الأرض الفلسطينية التي احتلتها "إسرائيل" بالقوة زيادة عن خطة التقسيم (24% من فلسطين). كان إصرار ترومان شرطاً لموافقة أمريكا على قبول "إسرائيل" في الأمم المتحدة. ولما تأكدت "إسرائيل" أن أمريكا جادة في موقفها وافقت على إدخال 100.000 لاجئ. ولما تمت الموافقة على عضوية "إسرائيل" في الأمم المتحدة خفضت "إسرائيل" الرقم إلى 65.000 باعتبار أن 35.000 سبق أن"تسللوا" إلى ديارهم، ووضعت شروطاً تعجيزية للباقي حسب ما يعرف بـ"لم الشمل".
فأين اقتراح المؤلفة بعودة 75.000 من مطالبة ترومان حامي "إسرائيل" بعودة 2.400.000 في التاريخ نفسه؟ ولماذا تغفل المؤلفة أن تذكر لقرائها إن عدد 75.000 يساوي فقط 9000 لاجئ عام 1948. ولماذا تعمد إلى تزوير الأرقام؟ فالتحليل المفصل لأرقامها يبين أنها تود ترحيل 14.087 من "إسرائيل" بدلاً من عودة 75.000 إليها.
سورية: ترى المؤلفة أن اللاجئين هناك يعاملون معاملة السوريين وأن سورية بلد كبير. ولذلك تقترح توطينهم هناك عدا عدد رمزي (60.000) سترحلهم إلى ألاسكا وأشباهها.
ألاسكا وأشباهها: هذا كناية عن البلاد التي تريد المؤلفة إبعاد اللاجئين إليها بحيث يكونون أبعد ما يكون عن "إسرائيل". وخلاصة الخطة أنها تريد ترحيل 1.544.000 من أماكن في فلسطين أو قربها. وتجد مكاناًُ لـ 844.000 في الضفة، والباقي (700.000) تريد ترحيل نصفهم إلى الجزيرة العربية ونصفهم الآخر إلى بلاد أخرى في أنحاء العالم. هذا حسب أرقامها. أما حسب تقديرنا فإنها تريد ترحيل 2.593.000 منهم 950.000 إلى الجزيرة العربية والعالم مناصفة والباقي (1.643.000) أمرهم مجهول. وربما يمثل هؤلاء نسخة القرن الواحد والعشرين من"الهولندي الطائر" الذي لا يسمح له بالرسو في أي ميناء ويقضي عمره هائماً على وجهه. والمؤلفة تطلب توطين الفلسطينيين الموجودين حيث هم: وتقدرهم بـ 580.000 في الجزيرة العربية و590.000 في أنحاء العالم الأخرى. أي يستقر حوالي مليوني فلسطيني حيث هم في الجزيرة والعالم وكم يعود من اللاجئين إلى ديارهم؟ لا أحد.
وفي هذا المجال واستكمالاً لمشروع دونا أرزت أكدت د. لورا دريك المحاضرة في الجامعة الأمريكية في واشنطن موضوع زيارة وفد مؤلف من مسؤولين يعملون في لجنة العلاقات الدولية التابعة للكونغرس الأمريكي بتكليف من السيناتور الأمريكي "بنجمين جيلمان" وهو نائب جمهوري من نيويورك وكان يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس ومن أكبر الداعمين للخطط "الإسرائيلية" في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد زار الوفد في آذار/مارس من العام 1997 دول مجلس التعاون الخليجي وكان الهدف الرئيس من هذه الزيارة طرح أفكار تتعلق بالمرحلة النهائية من المفاوضات ومنها موضوع اللاجئين الفلسطينيين واحتمالات استيعاب وتوطين ما بين 30ـ40 ألف لاجئ فلسطيني في كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى توطين الفلسطينيين الموجودين على رأس عملهم في دول الخليج.
كما قام الوفد بإثارة موضوع القدس من أجل إقناع دول الخليج بحتمية تبعية القدس الشرقية إلى "إسرائيل" والتسليم بذلك.
كما حاول هذا الوفد الضغط على دول الخليج لإحياء عملية التطبيع والاستمرار بها بهدف تجاوز العقبات التي تقف في طريق المرحلة النهائية، وهو ما يتم التأكيد عليه مجدداً من قبل شمعون بيريز الرئيس الحالي لـ "إسرائيل" وقد شكل الوفد الأمريكي من "ووركر وربرتس" رئيساً للوفد وهو مستشار للشؤون العسكرية والسياسية للنائب جيلمان في لجنة العلاقات الخارجية والدولية، السيدة "ديبارا بودلاندر" وهي مستشارة في شؤون الشرق الأوسط وتعد صهيونية متطرفة، السيد كرستوفر كوجيم.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

6 من الزوار الآن

876964 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق