Categories

الصفحة الأساسية > 4.0 العملانيات > حرب التحرير الشعبية > حرب التحرير الشعبية... بين المقاومة والاحتلال

15 كانون الأول (ديسمبر) 2017

حرب التحرير الشعبية... بين المقاومة والاحتلال

ان احد اهم القوانين العامة التي تحكم مسار وتطور عمليتا الثورة والتحرير، هي طموح النخب الثورية التي تبادر بالمقاومة باسلوب حرب العصابات، الانتقال من مرحلة المقاومة الى مرحلة حرب التحرير الشعبية، المرحلة الاخيرة ما قبل النصر النهائي، وانجاز عملية التحرير الكامل من الاحتلال ، وتحقيق الاستقلال الفعلي.

الاحتلال، مثله مثل اية عملية، استثمارية للقوى الاستعمارية والشركات الكبرى او عابرات القارات التابعة لتلك القوى، يخضع لحسابات الربح والخسارة. فكلما كانت المقاومة محدودة أو محصورة بقطاع صغير من الشعب، أو منطقة محدودة من البلد الواقع تحت الاحتلال، يحقق ذلك لقوى الاحتلال القدرة والفرصة المطلوبة للمضي في انجاز غاياتها، بكلفة صغيرة تظل اقل في قيمتها من الارباح المادية أو المعنوية التي يأمل المحتل ان يجنيها من الاحتلال. في حين ان انتشار الثورة الشعبية لا يزيد فقط من كلف الاحتلال، بل يعيق عمليات السلب والنهب, ومخططات التخريب الاجتماعي والاخلاقي والثقافي المطلوب تحقيقها من عملية الاحتلال، ويحوله الى مشروع استثماري خاسر، سيتم العمل على تصفيته بطريقة وأخرى مع محاولة الحفاظ على ماء الوجه تحت شعارات مختلفة.

وفقا لهذا الاطار من الصراع بين المقاومة الوطنية لمنع النهب الاستعماري ، وقوى الاحتلال المستعجلة على المضي في النهب والسرقة ، يمكن تفسير عمليات المقاومة في نسف انابيب النفط ، فهي ليست عمليات تخريب كما يصفها اللصوص الدولييين، بقدرما هي رد فعل صاحب الحق المغلوب على امره وهو يرى اللصوص يريدون حمل ما غلى ثمنه وقل وزنه ، فيدمر بعض امواله لسد الطريق عليهم للحفاظ على البقية الغالية ومنع العدو من الاستفادة ولو من القليل . وليس صحيح ما يقال بان المطلوب من تصدير النفط هو اعادة اعمار العراق ، فمن دمر البنى الاقتصادية العراقية ليس حريص على اعمارها ، ومع ذلك فالاعمار شأن عراقي سيعاد تخطيطه وتحقيقه وفقا لما يرغب ويريد اهل البلد ، في ظل الاحتلال ستصرف الاموال العراقية بالطريقة التي تخدم متطلبات المصالح الاميركية ، وما يصل منها للبلد سيخدم رفاهية قوات الاحتلال ويسهل لها بقاءها ، وسيصرف بعضها الاخر لتخريب الانسان العراقي ، ويذهب الباقي لصالح جيوب التابعين المحليين . ومن يتابع الاحداث يمكن ان يلاحظ ظهور 86 مليونير جديد بانت عليهم اثار النعمة منذ بدأت حملة الدعاية للتحضير للعدوان على العراق ، ولم يجني هؤلاء اموالهم بجهد اضافي بذلوه ، او على اساس الربح الحلال بل من خلال التهافت والخيانة .

لحل الصراع بين هاتين الارادتين، ما تريده وتسعى اليه المقاومة في ان تتحول الى حالة حرب تحرير شعبية، وما ترديه وتسعى اليه قوى الاحتلال في خنق المقاومة وتفتيتها والقضاء عليها قبل ان تتحول الى حرب تحرير شعبية يصعب التغلب عليها. تلجأ سلطات الاحتلال عادة، لمجموعة من العمليات العسكرية المدعومة بحملة دعاية ممنهجة ومنظمة لتشويه المفاهيم والحقائق الجارية على الارض، وبما يندرج تحت مفهوم الحرب النفسية وعملية غسيل الدماغ، مستثمرة بذلك الاوضاع النفسية والعصبية التي يعيشها العراقيون، اوحالة التوتر والشد والصراع النفسي التي تخلقهما حالة تداخل الانفعالات المتصارعة، الهياج الانفعالي الذي يصاحب عادة حالة الفرح الشديد بتحقق ما كان يعتقده الانسان مستحيلاً، وهو الفرح بزوال النظام القمعي السابق، والهيجانات الانفعالية التي تصاحب حالات الحزن والغضب، بأن تتم نهايته بهذه الصورة التي اوصلت البلد للوقوع تحت الاحتلال، فما جرى هو ليس الا تخلص وتحرير من عبودية محلية ، بعبودية لقوى اجنبية معادية. اضافة الى الانفعالات التي تلازم اوضاع الحرب، ومارافقها من عمليات تخريب وتدمير لكل ما هو عراقي من بنى اقتصادية وادارية وأمنية وحتى اجتماعية، وغير ذلك من المظاهر التي تخلق المجال النفسي الذي يضع الانسان في حالة الصدمة والدهشة والانبهار المصحوبة بنوبات قلق وخوف شديدين ليس فقط على الحاضر والذات بل على المستقبل والعائلة والاولاد. والثابت علمياً ان في مثل تلك المجالات النفسية تتعطل او تتشوش جميع العمليات العقلية، ارتباك في الادراك، تهميش في الوعي، الذاكرة ، التركيز، التفكير، يفقد بذلك الانسان كل يقين، ويتعرض للاهتزاز، كل ما يعرفه، ما يؤمن به، الانماط السلوكية المتعلمة، القيم الاخلاقية التي تمثل اقوى الضوابط الاجتماعية لهذا السلوك.

ان هذه الخصائص التي تميز الاجواء النفسية والاجتماعية السائدة في عراق ما بعد الاحتلال، تجعل الشعب حقلاً خضباً لتجريب اساليب الحرب النفسية وعمليات غسيل الدماغ.

لا تقل الحرب النفسية خطورة عن العمل العسكري المباشر، بل تتجاوزها احياناً وبدرجات كبيرة لانها تحقق اهدافها دون ان يشعر الانسان بها، فالعقيدة التي تتحكم بالمخططين للحرب، هي تحقيق النصر. بأقل قدر ممكن من الخسائر ، لذلك كلما قل اندفاع جنود العدو وسكانه في مقاومة قوات الغزو، يصبح الغزو او الانتصار اكثر سهولة، وتتناقص الخسائر في الارواح والمعدات، تلك هي وظيفة الحرب النفسية. تتفاعل الحرب النفسية مع عمليات غسيل الدماغ لخلق حالة قبول شعبي بالاستسلام للغازي بل وحتى قبول بقاءه كقوة احتلال بما بضمن استمراره لاطول فترة ممكنة .

سنبتعد عن متابعة شرح ألاليات الفنية والتقنية للحرب النفسية منعاً للاطالة والذهاب بعيداً عن جوهر الموضوع ، وسنركز هنا على بعض مظاهرها التي تحاول قوى الاحتلال تطبيقها في العراق، املاً في تدمير المقاومة، ومنعها من الانتشار والانتقال الى مرحلة حرب التحرير الشعبية.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

5 من الزوار الآن

916830 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق