الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > العلوم العسكرية > الانضباط وتحقيق الكفاءة العسكرية
أولاً: الانضباط وتحقيق الكفاءة العسكرية
الكفاءة في وحدة عسكرية، هي القدرة على إنجاز عمل أو مهمة بنجاح، في أقل وقت ممكن، وبأقل مجهود وتكاليف. ويُعد "الانضباط" عاملاً قوياً في زيادة كفاءة الوحدة، وتتوقف كفاءة الوحدات العسكرية وقدراتها، على مدى تحليها "بالانضباط" الجيد.
1. أهمية الانضباط في المعارك الحربية
إن المحك الأساسي لاختبار الكفاءة العسكرية للقوات المسلحة، هي المعارك الحربية. وإذا كان من المسلم به أنه يلزم لكسب أي معركة حربية السلاح الملائم، والتدريب الكافي، إلا أنه لابد إلى جانب ذلك من انضباط قوي يخلق روح معنوية عالية، تحمل الرجال على الإقبال على القتال، وخوض غمار المعركة، بجنان ثابت، وعزم قوي.
وتاريخنا الإسلامي حافل بأمثلة كثيرة، عن أهمية الانضباط في نتائج المعارك الحربية.
فمن الأمثلة المهمة التي تدل على تأثير عدم الانضباط في نتائج المعارك الحربية، ما حدث في غزوة "أُحُد" عندما خالف الرماة أوامر الرسول r وتركوا مواقعهم، وأسرعوا إلى جمع الغنائم، فأدى ذلك إلى انكشاف ظهور المسلمين لخالد بن الوليد، الذي استفاد من ذلك، وطوّقهم من الخلف، أي أن عدم الانضباط ومخالفة الأوامر، كانا هما السببين في ما حدث للمسلمين في هذه الغزوة.
ومثال آخر من تاريخنا الإسلامي، ولكنه خلاف المثال السابق، لأنه يدل على روح الانضباط، التي يجب أن تسود الجيوش الإسلامية: وهو عندما تلقى خالد بن الوليد t أمر عزله من القيادة، من قبل أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب t قبل أن يقاتل تحت إمرة القائدة الجديد، أبي عبيدة بن الجراح t لمدة أربع سنوات تقريباً، اجتهد خلالها وقاتل بشجاعة، وفتح بلاداً عديدة، وكان خير عون لقائدة الجديد. وكذلك رضي بالعزل الثاني، عندما عزل للمرة الثانية، ولم يعترض، وأسف فقط لحرمانه من الشهادة في ميادين الجهاد.
2. تأثير الانضباط في تحقيق الأمن
الأمن إكسير الحياة في القوات المسلحة، به تقوى الجيوش وتنتصر، ومن دونه تضعف وتنهزم. ويُعد الأمن العنصر الرئيسي في الكفاءة القتالية، لأي وحدة عسكرية، وهو من مسؤولية القادة في جميع المواقع، سلماً أم حرباً.
ويُعد الانضباط العامل الأساسي والحاكم، في وجود الأمن داخل صفوف القوات المسلحة.
وعن أهمية الانضباط، وما يحققه من أمن خلال العمليات العسكرية. نعرض المثال التالي: حدث في الحرب العالمية الثانية، حين أسر البريطانيون دبابة ألمانية، وقتلوا طاقمها، عدا القائد، وكان برتبة رقيب أول. وقاد أحد البريطانيين الدبابة تجاه المعسكر الألماني، وهددوا قائدها الألماني بالقتل، إذا أتي بأي حركة تنبه الحراس إلى وجود البريطانيين داخل الدبابة وجعلوا قائد الدبابة الألماني يقف في البرج ليراه الحراس. وبالفعل، استجاب القائد لهم، ولم يبدِ أي حركة عند اقتراب الدبابة من المعسكر. وفتح الحراس الألمان البوابة، ودخلت الدبابة المعسكر. وكان هدف البريطانيين التقدم إلى نهاية المعسكر والاستدارة، لتدميره. ولكن بعد تحرك الدبابة عدة أمتار داخل المعسكر، فوجئ البريطانيون بسياج حول الدبابة والأسلحة حولهم، وتم القبض على البريطانيين. وعند التحقيق معهم، طلب أقدمهم وهو برتبة ملازم، أن يعرف كيف اكتشف الألمان أن داخل الدبابة بريطانيين، فذهل عندما سمع الإجابة وهي: أن أحد الضباط كان يسير بالقرب من الدبابة، ولم يؤدِّ قائدها، وهو واقف في البرج، التحية العسكرية، هنا أدرك الضابط أن شيئاً خطيراً حدث، إّما لقائد الدبابة الذي لم يؤدِّ التحية، أو داخل الدبابة نفسها. لذلك، تم إعطاء الأوامر بمحاصرة الدبابة، لاستطلاع الأمر. هذا هو الانضباط الجيد الذي أنقذ معسكراً كاملاً من الدمار.
ويتضح لنا من العرض السابق أن "الانضباط" هو أساس تحقيق الأمن في القوات المسلحة، والعنصر الأساسي لتحقيق الكفاءة العسكرية، ومفتاح النصر في المعارك الحربية.
3. الضبط والربط وانتزاع الخوف، من نفوس الجنود
أ. يُعّرف الضبط والربط "بأنه فن مجابهة الخوف وجهاً لوجه"، فالترياق الطبيعي للخوف هو رياضة النفس على الضبط والربط. فإذا واجه الجندي المعركة، وكان مستوى الضبط والربط في الوحدة عالياً، فإن هذا يبدد أي مخاوف تظهر بين الجنود.
ولأن الشجاعة هي القدرة على العمل، وتنفيذ المهام على الرغم من الشعور بالخوف ، فإن مستوى الضبط والربط العالي من أكبر العوامل الأساسية لزرع الشجاعة، وانتزاع الخوف من نفوس الجنود.
ب. إن ما يصيب الفرد من مخاوف وأوهام ووساوس، في أتون المعركة نتيجة لفرديته، وحبه لذاتيته، أو تعلقه بأسرته وأهله، يتبدد ويخف تأثيره على الفرد، بما يطغي عليه من مستوى الضبط والربط العالي، الذي يولد الثقة المتبادلة بين الجندي وقائده، ويجعل الفرد مندمجاً في الجماعة، أكثر من اندماجه مع نفسه.
ج. إن الخطر المفاجئ لا يستطيع إرهاب الجيش ذي "الضبط والربط" الجيد. إلا أنه يرّوع الجيش الضعيف "الضبط والربط"، فيجعله يتصرف تصرف جمهور من الغوغاء، فيهيم على غير هدى، ويتخبط كالأعمى، بصورة تعمها الفوضى.
د. في الوحدة العسكرية المنضبطة تزداد ثقة الفرد قوة، بثقة رفاقه بأنفسهم؛ إلا أنه في الوحدة ضعيفة الانضباط، تزداد غريزة الخوف في الفرد اشتعالاً، بالخوف الذي يحسه في المحيطين به، فكل فرد يشعر بدافع لا يقهر، يستحثه إلى طلب النجاة بنفسه، في الهرب فوراً.
هـ. إن من واجب كل قائد أن يغرس في جنوده روح الشجاعة، التي لا تقهر، "والضبط والربط" الجيد هو العنصر القوي في بث روح الشجاعة، ومكافحة الشعور بالخوف.
ثانياً: الانضباط وتحقيق الإدارة الفعالة
يخطئ بعض الناس، مَّمن يُعدون الانضباط مقصوراً على القوات المسلحة فقط، وينسون أن الانضباط أمر ضروري، في كافة أوجه الحياة. وإذا كان الانضباط أمر حيوي لنجاح القيادة وفعاليتها، في المنظمات العسكرية، فإن المنظمات المدنية أحوج ما تكون إلى الانضباط لنجاح الإدارة في ممارسة عملها، وتحقيق الإشراف الفعال.
وسبب ذلك، يعود إلى أهمية الانضباط في تحديث الدولة، على مختلف مستوياتها، حيث: "يستحيل بناء تنظيم إداري حديث في غياب الانضباط، لأن الإدارة الحديثة أساسها الدقة والنظام والانضباط، وإن تحقيق الانضباط في الحياة، مقدمة ضرورية لتحديث إدارة شؤون الدولة. والسبيل إلى ذلك، أن يتكون مجتمعً أكثر انضباطاً، يضع قيمة العمل في المرتبة الأولى من اهتمامه، ويوازن بين الحقوق والواجبات، ويعرف أن الديموقراطية لها ضوابطها الصحيحة، التي تساعد على إنجاز التقدم، لا أن تعيقه"، و"أن تجارب التنمية في عدد من الدول التي نجحت في كسر حاجز الفقر والتخلف، تشهد بأن الانضباط كان عاملاً رئيسياً في نجاح هذه الشعوب، لأنه حفظ لهذه المجتمعات ترابطها وتماسكها، وصان وحدة أهدافها، وأبقى على دور الدولة قوياً في الحفاظ على القانون وحماية السلام الاجتماعي، ووازن بنجاح بين متطلبات التطور السياسي ومتطلبات التنمية الاجتماعية".
1. النظام وأسس الانضباط الناجح
أ. النظام
(1) إن الإدارة الفعالة تتوقف على مدى تحلي العاملين بالنظام في العمل، والانضباط. والمدير (المشرف) الفعال، لن يستطيع قيادة مرؤوسيه نحو تحقيق أهداف منظمته، دون وجود الانضباط. والتسمية الشائعة للانضباط في محيط العمل المدني هي "النظام".
(2) يُعد النظام هو الوجه الحقيقي للانضباط، وهو أمر ضروري لنجاح العمل وانتظامه، ويُصحب دائماً بالعقاب، باعتباره وسيلة فعالة لتحقيقه. ولكنَّ النظام يعني أكثر من ذلك، فيُقصد به إطاعة التعليمات والأوامر عن اقتناع، وليس عن خوف أو رهبة. وهو تدريب منظم للإطاعة والكفاية، والتخطيط، ونظام رقابة للسلوك.
وبعبارة أخرى، يعني النظام معرفة الفرق بين الطريق الصائب، والطريق الخاطئ على العمل. وممارسة الطريق الصائب، هو الأساس، الذي يبني عليه قيام اتجاهات طيبة في العمل. ورقابة السلوك، وتنفيذ الأوامر، ضرورة للتأكد من فاعلية التدريب على الإطاعة والكفاية، كما أن الثواب على العمل الجيد، والعقاب على العمل الخاطئ، يكون جُزءاً من النظام.
ب. أسس الانضباط الناجح
(1) معرفة الموظف لعمله
التعرف على العمل أحد العوامل الرئيسية في تحقيق الانضباط، إذ يجب على الموظف أن يعرف ماذا يجب عليه عمله، وكيفيته، وطُرق الإنجاز، وهذه المعرفة يمكن اكتسابها بعدة وسائل:
(أ) الخرائط التنظيمية، لمعرفة علاقة عمل كل فرد، بعمل الآخر في التقسيم التنظيمي.
(ب) الخرائط الوظيفية لمعرفة علاقة عمل الفرد، بالعمل الكلي للمنظمة.
(ج) خريطة سير العمل.
(د) وصف العمل لمعرفة الواجبات.
(هـ) دليل العمل ونماذج الرقابة، على العمل الروتيني.
(و) سجل الموظف لمعرفة مستوى الجودة، في الأداء.
(ز) اجتماعات الموظفين، للتعرف على السياسة العامة للمنظمة.
(2) وضوح السياسات ومعرفة قواعد النظام
يجب على الموظف أن يعرف السياسة، التي تسير عليها المنشأة، وكافة قواعد النظام، وكيفية التحقيق في الخطأ، وحق التظلم. كما يجب توفير تعريف واضح لمسؤوليات الموظفين وواجباتهم، فيما يتعلق بقواعد النظام. إن وضوح السياسة ومعرفة قواعد النظام، تسهّل عملية الإشراف داخل المنظمة.
(3) معرفة الأسباب المهمة لإساءة التصرف، من جانب المرؤوسين
إن المشرف العاقل يمكنه تجنب مخالفة النظام، بتفادي الأسباب المؤدية إليه وأهمها : الضجر، عدم الرضا، الفراغ، عدم الميل للعمل، قلة العمل الناتج من نقص الإشراف، عدم فهم السياسات وأهدافها، عدم توحيد تنفيذ التعليمات، ضعف طريقة الاتصالات. لذلك يجب على المشرف أن يعرف موظفيه جيداً، ويكون على اتصال دائم بهم، ويحاول علاج سوء التصرف، الذي يحدث، بلباقة وكياسة.
إن الاتصال الدائم بالمرؤوسين، يمكّن المشرف من الوقوف على الأسباب المهمة لإساءة التصرف، ويحقق الإشراف الفعال.
(4) تسجيل المخالفات وعلاجها
يجب إعداد سجلات لما يقع من مخالفات، ونتائج التقصي الذي تم لمعرفة أسبابها، والإجراءات التي اتخذت بشأنها، والنتائج التي ترتبت عليها. إن تسجيل المخالفات أولاً بأول، يمكّن المشرف من الوقوف على حالة الانضباط في منشأته، واتخاذ الإجراءات لعلاجها، والحد من تكرارها مستقبلاً.
(5) العلاقات الإنسانية الطيبة
العلاقات الإنسانية الطيبة بين المشرف والموظفين، من أهم الأسس اللازمة للانضباط الناجح. ويتوقف تحقيق الانضباط الإيجابي على احترام الموظفين للمشرف، على أساس العلاقات الإنسانية الطيبة، التي يمكن تحقيقها بتوفير النقاط التالية:
(أ) فهم المشرف لمبادئ وقواعد حسن التصرف، والاقتناع بأهميتها، وممارستها مع مرؤوسيه. وباعتباره حارساً للانضباط، فمن الضروري أن يكون قدوة لمرؤوسيه في الانضباط.
(ب) معرفة المشرف لمرؤوسيه كأفراد، ومعاملتهم بعدل ودون تحيز. ومن الضروري أن يشعر المرؤوسين أن الكل سواسية أمام القانون، وأن التعامل مع الأحداث يتم بمكيال واحد، وليس بمكيالين.
(ج) تنمية المشرف لعلاقة الانتماء للجماعة، بين مرؤوسيه.
(د) إبلاغ المعلومات للجماعة، منعاً من انتشار الإشاعات.
(هـ) قلة استخدام المشرف لسلطاته، مع عدم التظاهر بها دائماً أمام مرؤوسيه.
(و) تفويض السلطات بقدر الإمكان.
(ز) عدم إعطاء أوامر خارجة عن النظام.
(ح) توفير الثقة في أفراد المجموعة، بدلاً من الشك فيهم.
(ط) تدريب المرؤوسين.
(ي) الاهتمام بالرعاية العقلية والبدنية للمجموعة.
(ك) محاولة تفادي الأخطاء، مع عدم التهرب من الاعتراف بمسؤولية المشرف عنها، إذا وقعت منه.
(ل) توفير علاقة الولاء في المجموعة، وللمجموعة.
(م) توفير عبء عمل للموظفين، وفي حالة قلته يستغل الوقت في التدريب.
(ن) عدم تنميط وسائل حفظ النظام بين الأفراد، لاختلاف شخصية كل فرد عن الآخر.
2. الانضباط الإيجابي والانضباط السلبي
أ. الانضباط الإيجابي
(1) يتوفر تحقيق الانضباط بصورة إيجابية في حالة عدم اتخاذ إجراءات تأديبية، وذلك يرجع إلى روح التعاون التي توجد بالمجموعة، والتي قلما ينتج عنها مخالفات للنظام.
والانضباط الإيجابي هو القوة التي تنبع من داخل الموظف، لإطاعة الأوامر والتعليمات، والتي تجعله يسلك الطريق الصحيح حتى لا يسيء إلى المجموعة التي يعمل معها. وذلك ما يعبر عنه بروح التضامن، والمشرف الذي ينجح في توفير ذلك الاتجاه في مجموعته، نادراً ما يصادف مخالفات منهم، تجعله يتجه إلى الأسلوب السلبي.
(2) ومن العوامل التي تساعد على تحقيق الانضباط الإيجابي:
(أ) الشعور بالفخر والانتماء
يجب أن يشعر العاملون بالفخر من عملهم، والانتماء للمنظمة التي يعملون بها، حتى يمكن الارتقاء بمستوى الأداء، ورفع الروح المعنوية بين العاملين، ويتحقق ذلك بالتنظيم والإشراف الجيد.
(ب) توفير بيئة العمل الودية
يجب توفير الظروف الودية في بيئة العمل، وأن يوالي المشرف اهتمامه بالناحية النفسية والبدنية لمرؤوسيه.
(ج) السلوك الديموقراطي في الإشراف
لا يتفق الإشراف الجيد مع السلوك الديكتاتوري، ويجب على المشرف أن يتبع السلوك الديموقراطي في الإشراف، وذلك بأن يتناقش مع مرؤوسيه في مشاكلهم، مع إعطائهم الفرصة للتظلم.
ويعتقد كثير من المشرفين أن العقاب هو الوسيلة الوحيدة للتأديب، ولكن إتباع النظام يتطلب روحاً معنوية عالية، وجهوداً متعاونة، وفهماً لأسباب إصدار الأوامر، واحتراما لشخصية المشرف
إن المسؤولية النهائية لتوفير النظام تقع على عاتق الإدارة العليا، ويجب على المشرف أن يساعد في توفير ذلك، بأن يعاون مرؤوسيه على توفير الرغبة في العمل بأحسن صورة.
(3) ولتوفير الانضباط الإيجابي يجب على المشرف إتباع النصائح التالية:
(أ) كن قدوة طيبة لمرؤوسيك.
(ب) عرّف مرؤوسيك مستويات السلوك، والإنجازات المتوقعة منهم وسببها.
(ج) اخلق جواً ودياً في بيئة العمل، بأن تكون عادلاً بين مرؤوسيك، وتشجعهم على التقدم لك باقتراحاتهم.
(د) وجه مرؤوسيك لتفادي الأخطاء والسلوك غير المستحب، وناقش ذلك معهم، واجعلهم يقترحون بأنفسهم ما يحسن سلوكه.
(هـ) كن حازماً وغير متحيز، واقنع مرؤوسيك بأن الأوامر الصادرة لها ما يبررها، وكن مقتنعاً بأن عدم التحيز في المعاملة يمنع الشكوى والتظلم.
(و) اتخذ الإجراء المناسب عند اللزوم، وتأكد أنك الشخص المسؤول الذي يجب أن يتخذ الإجراء الفوري، عند وقوع المخالفة، في ضوء معرفتك بالعمل وبالأفراد القائمين به، وتأكد من أن الإجراء التأديبي، الذي تتخذه يكون في حدود سلطاتك.
ب. الانضباط السلبي
(1) يقوم الانضباط السلبي على التهديد والتخويف والعقاب. ومن مساوئه أن الموظف يؤدي عمله فقط، طالما كان واقعاً تحت رقابة المشرف، أما إذا غاب عنه فترة ما، فأنه يجنح إلى مخالفة النظام ما أمكن، ذلك أن الدافع هنا على العمل هو الخوف. فالنظام والروح المعنوية، يسيران جنباً إلى جنب.
وإذا كان تحقيق الانضباط الإيجابي، يتوقف على احترام الموظفين للمشرف على أساس من العلاقات الإنسانية الطيبة، وعلى عدم اتخاذ إجراءات تأديبية، فإن ذلك لا يعني أنه لا ينتهج أسلوب العقاب في حالة الإخلال "بالانضباط"؛ كما أن السلوك البناء في الإشراف لا يمنع من وقوع المخالفات. لذا، فإن اتخاذ الإجراءات التأديبية ضروري في جميع الأحوال، للحفاظ على استمرار الانضباط.
(2) ونعرض فيما يلي الإجراءات التأديبية، التي يمكن أن تُتخذ وفقاً للموقف، ولمستوى المخالفة التي تحدث:
(أ) الإنذار Warning
الإنذار أبسط أنواع التأديب، إذ لا يعدو تنبيه الموظف إلى المخالفة التي حدثت منه، وقد يكون الإنذار شفوياً أو مكتوباً، رسمياً أو بصورة غير رسمية، وفي جميع الحالات يجب أن يسجل الإنذار في سجل خاص، ومن المهم جداً أن يوجه الإنذار للموظف في صورة غير علنية، بأن يكون بين الرئيس والمرؤوس فقط، دون حضور أي شخص أخر.
إن كيفية توجيه الإنذار إلى الموظف أمر له أهميته، ويجب أن يكون توجيه الإنذار عند الحاجة إلى ذلك، مع عدم المغالاة فيه، فلا تكن متشدداً، ولا متساهلاً، بل كن عادلاً، وحازماً، وودودا في أسلوب مناقشاتك.
وفيما يلي بعض التوصيات المقترحة عن توجيه الإنذار للموظف:
· أحصل على جميع الحقائق أولاً.
· لا توجه إنذار للشخص أمام أي فرد.
· لا ترهب الشخص بل استقبله أولا ببعض الإطراء أن أمكن.
· لا تكن غاضباً أو تستهزئ بالمرؤوس.
· الق إليه بالإنذار بطريقة كريمة ومقبولة.
· رتب له الحقائق.
· اسأله عن السبب لما فعله.
· لا تهدد الموظف.
· حال اعترافه بأنه مخطئ، أرفع عنه الإنذار.
· انهي المقابلة بصورة ودية.
· تابع الموقف مع المرؤوس، مع عدم تذكيره بالإنذار دائماً.
(ب) التوبيخ Reprimand
يوجه التوبيخ للموظف بعد أن يكون قد سبق لفت نظره، بعدم العودة إلى مخالفات كان يؤديها، وإلا اتخذت ضده الإجراءات التأديبية المناسبة، ويصدر التوبيخ ـ عادة ـ من سلطة أعلا من مستوى المشرف، ويكون حاضرا هذه المقابلة شخصياً، ويجب أن يعطي للموظف صورة من سجل الإنذار، ويذكر فيه المخالفة وسلوك الموظف فيها، والتحسينات المتوقع أن ينفذها، والفترة التي يجب أن يتم فيها هذا التحسين. كما يوضح أيضاً الإنذارات السابقة، التي أعطيت للموظف، والتحذيرات من عواقب تكرار المخالفات.
(ج) الإيقاف Suspension
وهو أقصى عقوبة تعطى قبل التنزيل من الرتبة، أو الفصل من الخدمة، والإيقاف يجب أن يراجع من الإدارة العليا قبل إصدارة، وفي بعض النظم يمكن التظلم من الإيقاف إلى هيئة محايدة.
(د) التنزيل من الرتبة أو الفصل Demotion or discharge
يملك سلطة التنزيل من الرتبة، أو الفصل من الخدمة، الرئيس الأعلى للمنظمة. وهي عقوبة شديدة، يجب ألا يستخدمها الرئيس الأعلى إلاّ عند المخالفات الجسيمة، التي يؤدي إلى خلل في العمل وانهيار في الانضباط.
9 من الزوار الآن
917334 مشتركو المجلة شكرا