Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الأمنية > وسائل الموساد الصهيوني في تجنيد العملاء

18 نيسان (أبريل) 2012

وسائل الموساد الصهيوني في تجنيد العملاء

من أهم الإستنتاجات التي خلصت إليها لجان التحقيق العسكرية الكثيرة التي شكلها الجيش «الإسرائيلي» للتعرف على أسباب اخفاقه في تحقيق الأهداف التي حددتها حكومة إيهود أولمرت للحملة العسكرية على حزب الله في اعقاب اختطاف اثنين من جنوده، كانت بلا شك الحاجة الى زيادة الإستثمار في مجال جمع المعلومات الاستخبارية.

فقد كان واضحاً لهذه اللجان أن هذه الحرب أبرزت العديد من مظاهر القصور في مجال جمع المعلومات الاستخبارية، أدت في النهاية إلى عجز« إسرائيل» عن حسم المعركة لصالحها، رغم تفوقها بشكل هائل على حزب الله.

فالإستخبارات «الإسرائيلية» فشلت في التنبؤ بإمكانية أن يقوم حزب الله بأسر الجنديين، كما أنه عندما أعلنت تل أبيب الحرب، تبين أنه لم يكن لدى هذه الاستخبارات معلومات دقيقة عن إمكان تخزين ونصب صواريخ حزب الله، الأمر الذي أتاح للحزب مواصلة إطلاق الصواريخ حتى آخر يوم في الحرب، الأمر الذي أدى لأول مرة إلى نزوح عشرات الآلاف من «الإسرائيليين» عن مستوطنات الشمال، مما ترك آثاراً مدمرة على المزاج العام للجمهور« الإسرائيلي».

وفي ظل الحديث عن نتائج الحرب، شدد العديد من كبار قادة الاستخبارات والمفكرين الإستراتيجيين في «إسرائيل» على أن المعلومة الإستخبارية تمثل في الحقيقة جزءاً أساسياً من النظرية الأمنية «الإسرائيلية».

ويقول رئيس شعبة الاستخبارات «الإسرائيلي» الأسبق شلومو غازيت أن توفر المعلومات الاستخبارية الدقيقة منحت الجيش «الإسرائيلي» دائماً القدرة على توجيه ضربات قاصمة وخاطفة للجيوش العربية وحركات المقاومة الفلسطينية، وهذا ما أدى الى تقليص فترات الحروب مع الدول العربية، الأمر الذي سمح بعودة الحياة الطبيعية إلى مسارها في« إسرائيل» بسرعة كبيرة. من ناحيته يقول الخبير الأمني «الإسرائيلي» أمير أورن أن قدرة« إسرائيل» على الحصول على استخبارات "ممتازة" مكنها من الاحتفاظ بجيش نظامي صغير، بحيث أنه لا يتم استدعاء قوات الاحتياط إلا في حالة تم شن حرب هجومية على الدولة.

ويؤكد أورن أن حقيقة اعتماد الجيش الإسرائيلي على 70 % من قواه البشرية على قوات الاحتياط، يعني أن قدرة العرب على إطالة أمد أي حرب سيؤدي إلى نتائج كارثية على« إسرائيل»؛ من هنا كانت هناك دوماً حاجة ماسة إلى معلومات اسخبارية دقيقة عن "العدو العربي".

ويعتبر الجنرال جادي ايزنكوف، قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال أنه من البديهيات، أن غياب معلومات استخبارية نوعية، يعني أنه لا قيمة تذكر للتفوق النوعي «الإسرائيلي» في المجال العسكري. ويضيف أن سلاح الجو الذي يمثل الذراع الاستراتيجي« لإسرائيل» في الحرب مع الدول العربية لن يكون لديه ما يفعله أن لم يكن لديه معلومات حول المكان الدقيق للهدف المنوي مهاجمته، كما أن الوحدات المختارة لن يكون بإمكانها التدليل على قوتها ونخبويتها في حال لم تتزود بمعلومات دقيقة حول الأهداف التي تنوي مهاجمتها.

لكن تبدو مساهمة العملاء والمعلومات الاستخبارية واضحة بشكل أكثر وضوحاً في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية. فتؤكد العشرات من الأحكام التي أصدرتها المحاكم الفلسطينية بحق العشرات من العملاء خلال الانتفاضة الحالية أنه بدون المعلومات التي يقدمها العملاء لم يكن بوسع الجيش «الإسرائيلي» تنفيذ أياً من عمليات الاغتيال والتصفية بحق قادة وعناصر حركات المقاومة، فضلاً عن تنفيذ عمليات الاختطاف والاعتقال التي يتعرض لها المقاومون.

وهذا ما أكده جميع قادة جهاز المخابرات« الاسرائيلية» الداخلية "الشاباك" (الذي يتولى بشكل أساسي مهمة تجنيد وتوظيف العملاء من الفلسطينيين)، الذين تباهوا بقدرتهم على توظيف العملاء في مجال محاربة المقاومة.

ويزخر كتاب "القادم لقتلك"، الذي ألفه يعكوف بيري، الرئيس الأسبق لجهاز "الشاباك" ـ والذي صدر قبل عدة أعوام ـ بالمعلومات التي تعكس حجم المساهمة الهائل للعملاء في تسهيل عمليات جيش ومخابرات الاحتلال.

اللافت للنظر أنه حسب التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية والفصائل الفلسطينية مع العملاء تبين أن بعضهم قاموا شخصيا بتنفيذ عمليات اغتيال أو محاولات لتنفيذ اغتيال ضد نشطاء المقاومة.

بعض العملاء اعترف بدور مباشر في المجهود الحربي لقوات الاحتلال. ففي مؤتمر صحافي عقده جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة قبل عام ونصف اعترف أحد العملاء الذين زرعهم جهاز "الشاباك" في صفوف الجناح العسكري لأحدى الفصائل الفلسطينية، أنه كان يقوم بإبطال مفعول العبوات الناسفة التي كانت حركات المقاومة تقوم بزرعها في الشوارع التي تفترض أن قوات الاحتلال ستسلكها لدى اقتحام مدينة "رفح"، جنوب قطاع غزة التي كان يعيش فيها هذا العميل.

بلورة الأهداف الإستخبارية

تواصلت حرب لبنان الثانية في ظل تعبير« إسرائيل» عن قلقها من إثنين من مظاهر الخطر التي تهدد أمنها الإستراتيجي، وهما المشروع النووي الإيراني، والحركات الجهادية في العالم. في نفس الوقت، فأن« إسرائيل» لا يمكنها إغفال الاهتمام بالدول العربية ذات التأثير الهام في العالم العربي وتحديداً مصر وسوريا. كما أن الساحة الفلسطينية تشكل تحدياً كبيراً« لإسرائيل» في أعقاب فوز حركة حماس، وتواصل حركات المقاومة، والحديث المتزايد عن إمكانية شن حملة برية لإعادة احتلال معظم مناطق قطاع غزة. وكل هذه التحديات تمت ترجمتها الى أهداف استخبارية على النحو الآتي:

أولاً: قرر رئيس الوزراء« الإسرائيلي» ايهود أولمرت مؤخراً بوصفه المسؤول المباشر عن الأجهزة الاستخبارية تفويض جهاز الاستخبارات للمهام الخارجية "الموساد" مواجهة الخطر الذي تمثله الحركات الجهادية في جميع ارجاء العالم على« إسرائيل»، إلى جانب تسليمه ملف البرنامج النووي الإيراني. وكلف الموساد بجمع المعلومات الاستخبارية عن الحركات الجهادية والبرنامج النووي الايراني والتعاون في ذلك مع وكالة الاستخبارات الأميركية "السي آي ايه".

ثانياً: تكثيف عمليات جمع المعلومات الاستخبارية عن الدول العربية، وتحديداً عن سوريا ومصر. وأن كان من المفهوم أن تبرر« إسرائيل» جمع المعلومات الإستخبارية عن سوريا التي هي في حالة حرب معها، فأنه يكون من المثير الاستماع الى تبريرات« الإسرائيليين» لجمع المعلومات الاستخبارية عن مصر الذي تربطها بها معاهدة سلام.

فقد اعتبر الجنرال يوسي كابروفسير، الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية« الإسرائيلية» المعروف بـ"أمان" أن مصر تمثل "هدفاً استخبارياً من الطراز الأول".

وفي مقابلة اجرتها معه القناة العاشرة في التلفزيون« الإسرائيلي» بتاريخ 2-3-2006، بعيد تركه منصبه وانتقاله للحياة المدنية، قال كابروفيسير أن التوقيع على معاهدة "كامب ديفيد"، لم يغير كثيراً من الإهتمام الإسرائيلي بمتابعة كل ما يجري في مصر، على اعتبار أنه لا يوجد ثمة ثقة أن تواصل مصر الإلتزام بتلك المعاهدة.

لكن هناك من كبار المسؤولين «الإسرائيليين» من هم أقل حذراً في تصريحاتهم إزاء مصر، والحاجة لمعرفة كل معلومة حولها. فنائب رئيس الوزراء، والمكلف بالشؤون الإستراتيجية في الحكومة افيغدور ليبرمان قال في جلسة لنواب حزب "إسرائيل بيتنا" في الكنيست بتاريخ 12-1-2007 "يتوجب علينا ألا نغفو أثناء الحراسة، معاهد السلام مع مصر ليست بوليصة تأمين، يتوجب علينا أن نأخذ أقصى درجات الحذر، يجب أن نحرص على أن تبقى مصر بعيدة عن منظومات الأسلحة التي يمكن أن تشكل تهديداً استراتيجياً لنا".

أقوال كابروفيسير وليبرمان هذه تصلح لفهم جهود الأجهزة الإستخبارية« الإسرائيلية»، وتحديداً جهاز "الموساد"، لزرع عملاء في مصر لجمع المعلومات الإستخبارية، والتي كان آخرها القاء القبض على المهندس الذي يعمل في هيئة الطاقة الذرية المصرية، بتهمة الارتباط بالاجهزة الاستخبارية« الاسرائيلية».

وعلى الرغم من إن« إسرائيل» الرسمية نفت أي علاقة لها بهذا المهندس، إلا أن إيتان هابر رئيس ديوان رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق اسحاق رابين، وكبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً، والذي ألف عدة كتب عن الأجهزة الاستخبارية «الإسرائيلية»، علق على هذا النبأ بالقول في مقابلة بثتها القناة الثانية في التلفزيون« الإسرائيلي» 18-4-2007 أن الأجهزة الإستخبارية تنطلق من إفتراض مفاده أنه يتوجب محاولة زرع عملاء لها في كل المؤسسات الهامة في العالم العربي، من أجل الحصول على المعلومات التي يمكن على أساسها إتخاذ القرارات السياسية والعسكرية المناسبة.

ويتقاسم المسؤولية عن جمع المعلومات الاستخبارية عن الدول العربية كل من جهازي "الموساد" و "أمان".

ثالثا: مواصلة العمل ضد حركات المقاومة الفلسطينية، باعتبارها هدفا استخباريا بالغ الأهمية، وذلك لقربها من العمق« الإسرائيلي». ويتولى عملية جمع المعلومات الاستخبارية جهاز المخابرات الداخلية المعروف بـ "الشاباك"، وهو يشارك الجيش بشكل عملي في عمليات مطاردة المقاومين الفلسطينيين.

الاستخبارات بين المصادر البشرية والإلكترونية

لا خلاف بين قادة الأجهزة الإستخبارية« الإسرائيلية» على أفضلية المعلومات الاستخبارية التي يمكن الحصول عليها حول العالم العربي من مصادر بشرية، أي عن طريق زرع عملاء عرب في الدول العربية المستهدفة.

ويقول آفي ديختر وزير الأمن الداخلي« الإسرائيلي» والذي شغل في الماضي منصب رئيس جهاز "الشاباك" أن المعلومات التي يحصل عليها من المصادر البشرية تكون في الغالب موثوقة أكثر من المعلومات التي يمكن الحصول عليها بالوسائل الالكترونية، مثل التنصت ومتابعة الأقمار الصناعية، التي في كثير من الاحيان يصعب تفسيرها، على حد قوله.

ويجزم أن بعض المعلومات الحيوية لا يمكن الحصول عليها إلا من عبر المصادر البشرية. من هنا فأنه بالنسبة لديختر وجميع قادة الأجهزة الاستخبارية« الإسرائيلية»، فأن «إسرائيل» مطالبة بمضاعفة الاستثمار في مجال تجنيد المزيد من المصادر البشرية داخل الأراضي الفلسطينية وفي الدول العربية للحصول على المعلومات الحيوية.

ويسخر داني ياتوم، الرئيس الأسبق لجهاز "الموساد" من آليات عمل وكالة الاستخبارات الاميركية التي تعتمد بشكل أكبر على الوسائل الإلكترونية في الحصول على المعلومات الاستخبارية، ويعتبر أن هذا هو أحد الأسباب التي جعل مهمة الولايات المتحدة بالغة الصعوبة في كل من العراق وافغانستان.

الظروف المساعدة لتجنيد العملاء

يقول يعكوف بيري في كتابه "الآتي لقتلك"، أن عملية تجنيد العملاء، تعتمد بشكل أساسي على القدرات "الإبداعية" التي يتمتع بها القائمون على مهمة تجنيد العملاء، وقدرتهم على تطوير ادائهم بما يتناسب مع ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

ويصف عملية تجنيد العملاء بأنها "حرب عقول" مفتوحة. لكن من خلال ما كتبه بيري، ويهودا جيل، الذي يعتبر من أكثر ضباط الموساد الذين نجحوا في تجنيد عملاء عرب، وابراهام حزان، من قادة "الشاباك"، وغيرهم من أولئك الذين شغلوا مناصب مرموقة في الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، فإن عملية تجنيد العملاء، تقوم على الظروف الأتية:

1- المنتصر يخترق المهزوم: في حال نشوب صراع بينهما، ويؤكد حزان أن هذه مسلمة تاريخية، وتاريخ الصراعات دلل على ذلك.

ويرى رافي إيتان، الذي رأس في السابق قسم تجنيد العملاء في الموساد، أنه في حال حقق أحد طرفي صراع انتصاراً على الطرف الآخر، فأن مواطني الطرف المهزوم، يبدون استعداداً للتعاون مع الطرف المنتصر.

وإذا اسفر الصراع عن نجاح طرف في احتلال أرض الطرف الآخر، فأن هذا يمثل "الظروف المثالية" لتجنيد العملاء، كما يقول بيري. ويقول الكاتب والمحقق« الإسرائيلي» يغآل سيرنا أن وزير الحرب «الإسرائيلي» موشيه ديان، بعيد انتهاء حرب الأيام الستة قد شدد على أن استعداد الفلسطينيين للتعاون مع المخابرات «الإسرائيلية»، هو الشرط الذي يمكنهم من العيش بـ "راحة" بعد الاحتلال.

وينقل سيرنا عن ديان قوله "الآن يوجد للفلسطينيين ما يخسرونه، فكل فلسطيني يريد الحصول على تصريح لإقامة مشروع اقتصادي، أو تصريح للعمل أو العلاج في« إسرائيل»، أو يرغب في السفر للخارج، عليه أن يكون مستعداً للتعاون معنا".

2- الحاجات المادية والإقتصادية والعاطفية: وكما يقول جيل، فإن هذه الحاجات تشكل نقاط ضعف تستطيع الأجهزة الاستخبارية استغلالها لتجنيد العملاء.

3- ضعف الشعور بالإنتماء الوطني: يربط شفطاي شفيت، رئيس جهاز الموساد السابق بين استعداد قطاعات في العالم العربي للتعاون مع« إسرائيل» وبين وجود الأنظمة الشمولية القمعية في العالم العربي. ويضيف في مقابلة مع التلفزيون« الإسرائيلي» بتاريخ 22 -5-2004 أن حكم الأنظمة الشمولية في العالم العربي هو عامل مهم في تقليص الشعور بالإنتماء الوطني بسبب قمعها، الأمر الذي يجعل بعض مواطني الدول العربية مستعدين للتعاون مع« إسرائيل» احتجاجاً على حكوماتهم وأنظمتهم.

4- ضعف المستوى التعليمي وإنعدام الثقة بالذات: على الرغم من نجاح الأجهزة الإستخبارية «الإسرائيلية» في تجنيد اشخاص من مختلف المستويات، إلا أنه لا خلاف بين قادتها على أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للفرد كلما كانت عملية تجنيده أكثر صعوبة. ولا خلاف ايضاً على أن الثقة بالذات تمثل عنصراً مهماً في قبول أو رفض التعاون مع دولة الاحتلال.

وتنقل الإذاعة العبرية بتاريخ 14-4-2003 عن أحد ضباط جهاز "الشاباك" قوله أنه في أحد الأيام استدعى أحد الشباب الفلسطيني في أحد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وبعد أن تحدث معه حول أموره الشخصية، عرض عليه التعاون معه المخابرات« الإسرائيلية»، فرفض الشاب. فما كان من هذا الضابط إلا أن أخرج عدة صور لهذا الشاب وهو يمارس الجنس مع إحدى النساء. وتوجه للشاب قائلاً "حسناً، ماذا تقول الآن، بإمكاني أن أوصل هذه الصور لعائلة الفتاة وعندها سيقتلونك".

ويضيف الضابط "لهول مفاجأتي، فإذا بهذا الشاب يبتسم ابتسامة خبيثة ويقول لي: حسنا، لا عليك، أنا سأريحك، فإذا سحبت لي مزيداً من هذه الصور، سأقوم بتعليقها في شوارع المعسكر".

ويقول الضابط "لقد جن جنوني بعد أن تبين لي أن مناورتي التي نجحت مع العشرات من الشباب الفلسطيني فشلت مع هذا الخنزير، لأنه علم أنني لست معنياً في الحقيقة بنشر الصور، فطردته من المكتب، وأنا أكن له كل إحترام وتقدير". ولا يفوته أن يشير الى أن هذا الشاب أصبح متديناً وتحول للعمل المقاوم عندما اندلعت الانتفاضة الأولى، حيث قضى نحبه في إحدى العمليات.

5- ضعف أو قوة الوازع الديني: لا خلاف لدى ديختر، على أن الوازع الديني لدى العرب والفلسطينيين يمثل درعاً واقياً يقلص استعدادهم للتعامل مع المخابرات« الإسرائيلية».

ويورد ديختر حادثة ذات دلالة. ويقول أنه عندما كان مسؤولا عن تجنيد العملاء في منطقة شمال قطاع غزة، استدعى شاباً فلسطينياً لمحاولة تجنيده، وبعد أخذ ورد، كما يقول ظهر لدى هذا الشاب استعداداً للتجاوب، وفجأة، فإذا بالمساجد في المنطقة تصدع بإذان الظهر، فما كان من هذا الشاب، إلا أن ارتعد وزمجر وصرخ في وجهي "لن أخون الله ووطني ايها الحقير"

الموساد وآلية "شفط العملاء"

جهاز "الموساد"، الذي يعنى بشكل مباشر بالتجسس على الدول العربية، لا يملك القدرة على الاحتكاك بمواطني الدول العربية بسهولة، كما هو الأمر متاح لجهاز "الشاباك"، المسؤول عن تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين.، ولعدم قدرة "الموساد" على العمل بشكل مباشر في العالم العربي، فأن المسؤولين عن تجنيد العملاء في هذا الجهاز يسعون الى استدراج المرشحين للإسقاط الى خارج العالم العربي لكي يتاح ممارسة أساليب التأثير التي يحاول الموساد من خلالها تجنيد هؤلاء لصالحه، وهو ما يطلق عليه شفتاي شفيط، آلية "شفط العملاء". وتتم هذه الآلية بأشكال مختلفة، حسب الظروف:

1- هناك مواطنون عرب يتوجهون من تلقاء أنفسهم، وبسبب ضائقة مالية أو مشاكل اجتماعية، أو بدافع الانتقام من أوطانهم، الى السفارات« الإسرائيلية» لعرض خدماتهم في مجال التجسس على طاقم السفارة.

وتدلل اعترافات بعض العملاء الذين القي القبض عليهم في الدول العربية، وتحديداً في مصر أن هؤلاء بادروا الى عرض خدماتهم على الموساد. وتكمن أهمية هذا النوع من العملاء، أن بعضهم يبادر الى ذلك وهو يعلم أن لديه ما يمكن أن يقدمه. وبالطبع هذه الطريقة الأيسر في تجنيد العملاء.

2- محاولة تجنيد المواطنين العرب الذين يتوجهون للخارج سواء للدراسة أو العمل، واستغلال مشاكلهم لعرض حلول لها، وينتهي الأمر بالسقوط في براثن الموساد، كما حدث مع عدنان ياسين الموظف في مكتب حكم بعاوي عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عندما كانت قيادة منظمة التحرير في تونس، وكان هذا مسؤولاً عن الأمن في مقر المنظمة.

فعندما توجه ياسين للعلاج في مطلع الثمانينات من القرن الماضي للعلاج في فرنسا، وكان يواجه مشاكل مالية جمة،عرض عليه عناصر الموساد تقديم الدعم المالي له مقابل موافقته على التعامل معهم، فوافق على ذلك.

فما كان منه أن قدم اخطر المعلومات الاستخبارية عن قيادة منظمة التحرير، وهي المعلومات التي سمحت لحكومة رابين قبيل الخوض في مسار "اوسلو" بالتأكد من أن هذه القيادة أصبحت جاهزة لأي حل يعرض عليها.

[bleu]فبناء على تعليمات الموساد قام ياسين باهداء امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت محمود عباس، الرئيس الفلسطيني الحالي، مصباح مكتبي غالي الثمن لوضعه على مكتبه الخاص في مقر المنظمة في تونس، وكان "الموساد" قد زرع في هذا المصباح جهاز تنصت، استطاعت« إسرائيل» عن خلاله أن تطلع أولاً بأول على ما يجري من مداولات في مكتب ابو مازن، قبل واثناء المفاوضات السرية على اتفاقية "أوسلو"[/bleu].

وقال عوزي عراد الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب مدير قسم الأبحاث في جهاز "الموساد" أن المعلومات التي نقلها ياسين كان لها بالغ الأثر في بلورة قناعة لدى دائرة صنع القرار في« إسرائيل» أن قيادة منظمة التحرير في اقصى درجات تهافتها على البحث عن تسوية تضمن لها بقاء دورها في قيادة منظمة التحرير، بعد أن اتضح لها أنها توشك على فقدان زمام المبادرة.

3- تحديد هوية أشخاص في العالم العربي ومحاولة اسقاطهم بشكل مباشر بسبب مواقعهم الحساسة، مثل عملهم في المؤسسات الأمنية أو السياسية، أو المنشآت الإستراتيجية. حيث يقوم "الموساد" بإرسال من يقوم بالاحتكاك المباشر مع هؤلاء في الدول العربية ذاتها، لإستدراجهم.

وفي الأغلب يكون العنصر النسائي هو العنصر الأساسي في عمليات الإستدراج. وتعتبر قصة الطيار في الجيش العراقي منير دفة مطلع السبعينات من القرن الماضي مثال حي على هذه الوسيلة.

فقد كان "الموساد" معنى بالحصول على معلومات عن سلاح الجو العراقي، وتحديداً طائرة "الميغ تسع وعشرين"، التي كانت احدث ما انتجته الصناعات الحربية السوفياتية. وكانت« اسرائيل» معنية بتزويد هذه الطائرة للولايات المتحدة من اجل التعرف على التقنيات التي قامت عليها، من أجل تعزيز مكانة تل ابيب لدى الإدارة الاميركية.

فقام الموساد بإرسال احدى عميلاته الحسناوات التي انتحلت صفة سائحة غنية، وحرصت على الاحتكاك بدفة في احدى الحفلات ذات المستوى العالي، وقد شغف دفة بها وعرض عليها الاتصال الجنسي على الرغم من أنه متزوج، فوافقت على العرض مقابل أن يتم في الخارج، فسافر معها الى باريس وهناك تم تصويره وهو يمارس الرذيلة، ومن ثم موافقته على التعاون مع الموساد، ومن فرنسا توجه دفة الى تل ابيب، حيث تم الاتفاق معه على أن يتم وضع دفعة من المال في حسابه في احدى البنوك السويسرية، وأن يتم ترحيل عائلته من العراق بمساعدة العملاء« الإسرائيليين»، ومن ثم نقلهم الى« إسرائيل»، ومقابل ذلك هرب بطائرته الميج الى« إسرائيل» حيث استقبله رئيس الموساد انذاك مائير عميت، حيث تم منحه وأفراد عائلته هويات« إسرائيلية».

وقد وردت تفاصيل هذه القصة في كتاب "امراء الموساد"، لمؤلفيه« الاسرائيليين» يوسي ميلمان ورفيف دان. وعلى الرغم من قلة الشواهد على هذه الآلية، فأنها قد تكون أكثر الوسائل جدوى، إذ أنها تتيح للموساد محاولة استدراج أهداف محددة، يرى أنها قد تكون مصادر استخبارية ثمينة.

4- نشر اعلانات في الصحف أو على مواقع على شبكة الإنترنت تحت إسم شركات وهمية تعرض فرص عمل لباحثين أو خبراء في مجالات محددة، وعادة يكون مقر هذه الشركات الوهمي في عواصم الدول التي يتاح للموساد فيها العمل بحرية، مثل دول جنوب شرق آسيا، وقبرص. ويتم تصميم الاعلان بحيث يهدف الى استدراج فئات محددة يرى "الموساد" أنها يمكن أن تصل الى مواقع حساسة في الدولة المستهدفة بعمله الإستخباري. وتعتبر قصة اسقاط الخبير في هيئة الطاقة الذرية المصرية مثال على استخدام هذا النوع من الأساليب.

5- استغلال شبكة الانترنت :أصبح "الموساد" يوظف بشكل كبير الإمكانيات التي توفرها شبكة الإنترنت عن طريق استدراج الشباب العرب، فيكشف الباحث وخبير الأمن الفلسطيني الدكتور خضر عباس في كتابه "العملاء في ظل الاحتلال الإسرائيلي"، أن "الموساد" دشن العديد من صفحات التعارف على شبكة الإنترنت، حيث يتم عرض صور لفتيات يعرضن التعارف على الشباب العرب. وعندما يتصفح شاب عربي هذه الصفحات تظهر صورة فتاة حسناء تعرض على الشاب العربي اللقاء في أي مكان في العالم، وتعرض هذه الفتاة على هذا الشاب دفع تكاليف الرحلة شرط أن تكون "فحولة" هذا الشاب مكتملة. فيهب بعض هؤلاء لإصطياد تلك الفتيات، ليجد نفسه مرتبطاَ بجهاز الموساد.

ويحرص عملاء الموساد على الحصول على اكبر عدد من عناوين البريد الإلكتروني للشباب العربي، ويقومون بالتسجيل لديهم على برامج "الماسنجر" بغية الدردشة بهدف الاستدراج، وينتحل رجال الموساد في أغلب الأحيان شخصية فتاة، للإيقاع بالفريسة.

الى جانب مشاركة رجال الموساد في غرف الدردشة والمنتديات الشبابية بهدف الإستدراج. وأهمية شبكة الانترنت، تكمن في أنها تساهم في وضع رجال الموساد في احتكاك مع شباب عرب من مختلف ارجاء العالم العربي. وما ينطبق على الدول العربية، ينطبق على الدول التي تعتبر أهداف استخبارية من الطراز الأول للموساد، وتحديداً إيران.

"الشاباك" وآليات التجنيد التقليدية

منذ أن احتلت« إسرائيل» الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967، أصبحت تتحكم في كل مناحي الحياة للفلسطينيين، فحصول الفلسطيني على تصريح للعمل، أو العلاج، أو إذن بالسفر للخارج من أجل الزيارة أو مواصلة التعليم كان مرهوناً فقط بموافقة سلطات الاحتلال. في نفس الوقت كانت هذه السلطات منذ العام سبع وستين وحتى تشكيل السلطة الفلسطينية في العام اربع وتسعين، هي الجهة المسؤولة عن استيعاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سلك التعليم والصحة وقطاع الخدمات.

«إسرائيل» لم تتوان للحظة في إستغلال ما تتمتع به من نفوذ من أجل مساومة الكثير من الفلسطينيين وإبتزازهم من أجل دفعهم الى التعاون مع مخابراتها، ممثلة بجهاز "الشاباك". صحيح أن المخابرات« الإسرائيلية» فشلت في إبتزاز معظم الذين حاولت مساومتهم على أن يصبحوا عملاء لها، إلا ان احتكارها للقوة والنفوذ دفع الكثير من ضعاف النفوس للسقوط في براثن العمالة، وأصبحوا أدوات رخصية وطيعة في أيدي عدوهم.

إنحطاط المعايير الأخلاقية للمحتل جعله يستخدم وسائل قذرة في تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين، وكما بات معروفاً الآن، فقد عمد "الشاباك"، على استدراج الشباب الفلسطيني الى ممارسات غير أخلاقية، حيث يتم تصويرهم في أوضاع مشينة، وبعد ذلك يقوم عناصر "الشاباك"، بتخييرهم بين العمالة، أو فضح أمرهم.

وقد دلت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فضلاً عن التحقيقات التي أجرتها فصائل المقاومة الفلسطينية مع مئات العملاء عن أن هذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً في تجنيد العملاء. ويجمع كل الذين تعاملوا مع ملف العملاء على أن الحصول على مماسك اخلاقية، وبالذات جنسية على الشباب الفلسطيني توظف من قبل ضباط المخابرات« الاسرائيلية» في دفع الشباب الفلسطيني. فعلى سبيل المثال نقدم قصة "ن ج" هو أحد عناصر الأمن الوطني الفلسطيني، من عائلة تسكن في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ومعتقل في سجون السلطة في غزة بعد اعترافه بالتعامل مع المخابرات «الاسرائيلية».

التقى به كاتب هذه السطور في السجن ليتحدث عن طريقة اسقاطه. يقول "ن ج" أنه في العام 2000 انضم للأمن الوطني الفلسطيني، فقررت قيادة الامن الوطني ارساله الى العمل في منطقة "بيت لحم" في الضفة الغربية. فكان عليه، كما هو الحال مع جميع عناصر الأمن الوطني الذين سينتقلون للعمل في الضفة أن يحصلوا على تصريح للسفر للضفة. ويضيف "ن ج" أنه توجه الى مكتب الارتباط العسكري «الاسرائيلي» في حاجز "ايرز" الذي يصل شمال القطاع «باسرائيل»، ليحصل على التصريح هناك.

قام الجنود بادخاله الى مكتب كبير، حيث كان شاب يلبس الزي المدني ينتظره، وبعد ان قام بتعريفه على نفسه بأنه "الكابتن جمي" من جهاز المخابرات ا«لاسرائيلية»، عرض عليه أن يتعاون معه من أجل "الحفاظ على السلام من الحركات المتطرفة في الجانبين". لم يتلق "الكابتن جمي" من "ن ج" اجابة بسرعة، ولم يحاول اسثتمار جهد في اقناعه، فخرج من المكتب، وبعد خمس دقائق دخلت مجندة حيث قامت ببعض المداعبات الجنسية لـ "ن ج"، وبعد ذلك خرجت. وعلى اثرها دخل "الكابتن جمي"، وهو يقهقه، وكان يحمل بعض الصور التي كانت تظهر "ن ج"، وهو يتلق المداعبات الجنسية من المجندة.

كان "جمي" صارماً في حديثه لـ "ن ج": إما أن توافق على التعاون معنا، وأما نقوم بنشر هذه الصور في .....(احد معسكرات اللاجئين يقطن فيه ن ج). يقول "ن ج" انه وافق بدون تردد على عرض "جمي". وهكذا شرع هذا الشاب البائس الذي لم يحصل حتى على الشهادة الابتدائية في طريق قاده الى احد الزنازين المظلمة في سجن "السرايا". واعترف أنه جمع المعلومات الاستخبارية وفق تعليمات "جمي" وبعد ذلك "الكابتن مئير"، وتدرج في تنفيذ المهام الاستخبارية لدرجة أنهم قاموا بإرساله لتصفية أحد المقاومين الفلسطينيين في إحدى بلدات جنوب الضفة الغربية، ولم ينجح لحدوث طارئ حال دون وجود الهدف في المكان الذي كان من المقرر أن تتم فيه عملية الاغتيال. وتحدث كاتب هذه السطور مع عدد من الذين اعترفوا بالتعاون مع "الشاباك"، وكلهم أكدوا أنه تم جرهم للعمالة بطريقة الابتزاز الجنسي.

مهام متعددة

إلى جانب رصد المقاومين والوشاية بهم، ومحاولة اختراق حركات المقاومة الفلسطينية، بغرض احباط عملياتها، فأن العملاء يواصلون رصد المقاومين حتى بعد أن يتم ايداعهم السجن. فمنذ أوائل السبعينات عرفت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال ظاهرة "العصافير"، وهم عملاء تقوم المخابرات« الاسرائيلية» باعتقالهم لكي يقوموا باستدراج المقاومين الذين يتم اعتقالهم للادلاء باعترافات وذلك في فترة التحقيق مع هؤلاء الأسرى. وحسب ما أفاد به عدد كبير من الأسرى تحدثت اليهم "الشرق الأوسط"، فأن "العصافير" هم الذي يقومون بالدور الحاسم في استدراج الأسرى للإعتراف بما تنسبه اليهم المخابرات« الاسرائيلية».

لكن الى جانب كل ذلك فأن العملاء لعبوا دوراً هاماً في دفع المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية والتهويدية في القدس المحتلة. جهاز المخابرات العامة الفلسطينية شن في الفترة بين العامين ست وتسعين والفين حملة شاملة على العشرات من سماسرة الأراضي من الفلسطينيين الذين كانوا يقومون بتزييف وثائق أراضي تعود لفلسطينيين غائبين أو متوفين، وبعد ذلك يقومون ببيعها لجمعيات يهودية وتهويدية.

وقد كان القاسم المشترك لهؤلاء السماسرة هو أنهم جميعاً عملاء مرتبطين بجهاز "الشاباك". ولعل احدث قضية تكشف عن دور العملاء في دفع المشاريع الاستيطانية، ما كشف عنه العميل محمد مرقة من بلدة "سلوان" الذي اجرت معه صحيفة "هارتس" «الاسرائيلية» مقابلة مطولة كشف النقاب فيها عن دوره في تزويد جمعية "عطيرات كوهنيم" اليهودية التي تنشط في مجال تهويد مدينة القدس ومحيطها، بمستندات ووثائق خاصة بمنازل وعقارات فلسطينية في بلدة "سلوان"، والقدس الشرقية. لكن هناك اهداف اخرى سعت «إسرائيل» لتحقيقها من خلال تجنيد العملاء:

1- زعزعة ثقة الفلسطينيين بقضيتهم: كما يقول جدعون عيزرا، النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات «الاسرائيلي» الداخلية "الشاباك"، فإن مجرد اكتشاف الفلسطينيين لقدرة "الشاباك" على تجنيد عملاء في صفوفهم كفيل، بزعزعة ثقتهم بالقضية والمقاومة الفلسطينية. في حين يقول حاييم بن عامي، الرئيس السابق لقسم التحقيقات في "الشاباك": نجاحنا في اختراق التنظيمات الفلسطينية عبر تجنيد عملاء لنا من بين عناصرها، له بالغ الأثر في سيادة أجواء عدم الثقة في أوساط عناصر المقاومة، بشكل يجعلها أقل كفاءة.

2- محاولة التأثير على أجندة المجتمع الفلسطيني، بما يتوافق مع المصلحة« الإسرائيلية»، حيث كان للعملاء دوماً أثر في إثارة الفتن الداخلية بين الفلسطينيين، فضلاً عن تداول الشائعات التي هي جزء من الحرب النفسية التي تخوضها «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطيني.

3- تجنيد أكبر عدد من العملاء جاء لتحييد اوسع قطاعات من الشباب الفلسطيني، وإبعادهم عن صفوف المقاومة.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

6 من الزوار الآن

917329 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق