الصفحة الأساسية > 9.0 الإعلام المركزي > أدبيات التيار > إنها الانتفاضة
في ديسمبر من العام 1987 كانت الثورة الفلسطينية ومواقعها خارج الوطن المحتل قد تعرّضت للحصار والابعاد القسري منذ الخروج من بيروت عقب الاجتياح الصهيوني صيف العام 1982، وجاءت كلمة الفصل من داخل الوطن المحتل لتفكّ الطوق عن الثورة وتعيد ترميم الخيارات، وفي خريف العام 2000 كانت الخيارات التي سارت بها القيادة الفلسطينية قد وصلت إلى لحظة الحقيقة في صلف العدو وحيله التي وضعت القرار على المحك، فاندلعت الانتفاضة الثانية لتعيد تصحيح المسار وترميم الخيارات من جديد، لكنّ اغتيال كلمة السرّ في القيادة الفلسطينية وضمانة مسيرتها باستهداف الشهيد ابو عمار قطع الحبل السري في المناعة والقدرة على الاستكشاف.
منذ اغتيال الشهيد ابو عمار والطريق مقفلة إلا من خيار النزول عند املاءات الصهيوني بكل صغيرة وكبيرة مرتهنا لوضع المهنة التي اصبحت تمارس علنا بتوصيفة« المفاوضات» وهي في حقيقة الامر لا تعدو مقايضة ما يلزم العدو من وقت وسكينة تؤمّنها أجهزة جرى تجويفها وتفريغها بالكامل لهذا الغرض مع لقمة عيش المواطن الفلسطيني الذي صوّر له الامر وكأن أرزاقه منوط بالاستمرار بهذه العملية البائسة، وفي جوهر ما يجري هو التوصيف الذي أقرّه رئيس السلطة نفسه بالاعتراف أنه [(يؤمّن احتلال سبعة نجوم للعدو )] الامر الذي تختفي الكلمات الحقيقية التي كان يجب ان يُصارح بها المواطن بكل دقة، وهي مرادفة لهذه الجملة التي كان يجب أن يقولها رئيس هذه السلطة ويكمل بها التوصيف، [(السلطة تؤمّن لك أيها المواطن الفلسطيني ثمن بيعك وطنك ومقدساتك وشعبك وقضيتك على شكل أقساط ندفعها تحت تسمية مرتبات.)] إذ هذه هي الحقيقة.
الطبقة الطفيلية التي تضم اللصوص والسّراق والمنتفعين وأصحاب المصالح الذاتية الضيقة التي نشأت في هذا الجو ومنذ العام 2005 تحديدا وطيلة السنوات السبع العجاف الماضية أصبحت تعمل في حراسة العدو جهارا دون خجل، بل والأنكى من ذلك أنها تغطي هذه الخيانة العلنية بشعارات مستعارة من ظروف وحيثيات متخيلة لا تمت للواقع بصلة، فما تسميه هذه الطبقة المنتفعة «مشروعا وطنيا» لا يعدو كونه مشروع تقاسم امني في خدمة العدو مقابل تصفية القضية الفلسطينية واهدار الحقوق التاريخية غير القابلة للتصرّف لهذا الشعب المظلوم بما فيها حق العودة وحقه في مقدساته، ألم يقل رئيس هذه السلطة نفسه أن باقي فلسطين بالنسبة إليه تدعى ا«سرائيل» وبكل صفاقة وبرود؟ ألم يردف غير مرة أنه لا أحد يعرفه يريد العودة لفلسطين السليبة وهو من هذه الفئة ؟
ان برنامج تغوّل المستعمرين الصهاينة بعد ان وصل عددهم في الضفة المحتلة من 160 الف قبل الانتفاضة الثانية الى 650 الفا مع نهاية العام الماضي وانكماش الارض المرتبطة بقاعدة ما يسمونه مشروع السلطة «الوطني» إلى أقل من 15% من مساحة الضفة بعد الجدار والقضم والمصادرات والالحقات لم يكن مجانا او مفاجئا، لقد جاء مقابل السنوات التي صرفت لهم تحت مسمى المفاوضات وبما تلقته هذه الطبقة في تمثيلية «التفاوض »، وجديد الصورة اليوم الثمن الذي عرضه كيري علىهذه السلطة نفسها تحت تسمية انعاش الاوضاع الاقتصادية، ولكن هذه المرة ليس الثمن مقابل الارض بل مقابل الاقصى والقدس ومقدساتنا فيها، فهل بعد ذلك من عهر وكفر؟ إن الانتفاضة اليوم ليست ضرورة ملحة لفتح الخيارات كما كانت الانتفاضتان الاولى والثانية، بل اصبحت الانتفاضة اليوم ضرورة لقبر كل اتجاهات التصفية وتكريس الخيار الاساس والوحيد الصالح لتحقيق الانتصار على هذا العدو، انه خيار المقاومة والقوة لدحره عاجلا عن مخططاته الشيطانية ولا بد من اجابة. لقد فرضت المعركة نفسها اليوم فإما أن يُستجاب لداعيها الملحّ وإما أن نحضّر أصابع الغد لتقطيعها ندماً.
9 من الزوار الآن
916820 مشتركو المجلة شكرا