Categories

الصفحة الأساسية > 7.0 الادب والفنون في المعركة > قراءات ومراجعات > أغاني التراث الفلسطيني.. ثورة ثقافية ترافق البندقية في ميادين الكفاح

1 حزيران (يونيو) 2024

أغاني التراث الفلسطيني.. ثورة ثقافية ترافق البندقية في ميادين الكفاح

خطّ الفلسطينيون منذ أكثر من قرن قصصهم بين أبيات شعر، كتبها شعراء غابت أسماء أغلبهم، ارتجلوا داخل سياقات مختلفة، وحفظتها قلوب النساء والرجال على حد السواء، حتى أصبحت تلك القصائد الشعبية أشبه بكتاب تاريخ نقش حكاياتهم طيلة عقود من الزمن، وترنيمة مقاومة رافقت كل محطات صراعهم من أجل الحفاظ على أرضهم.

يقول الباحث في التراث الشعبي حسن الباش في مقدمة كتاب “دليل الأغنية الوطنية الفلسطينية، فكر ومقاومة” للكاتب ضرار أبو شعيرة: كان لغنى هذا التراث واتساع أشكاله وألحانه دور مهم في تسجيل الأحداث الوطنية، وأصبح أغنى من كتابة التاريخ الرسمي بكثير، فهو الذي يهتم بالكليات كما يهتم بالجزئيات، فجاء سجلا خالدا حافلا بكل معاني النضال والصبر والكرامة ورفض الضيم والاحتلال.

فنانون مجهولون يروون الملاحم الفلسطينية اليومية

في الغالب لا يدرك كثير من سامعي الغناء الفلسطيني سياقات وحكايات تلك الأغاني، فجمهور الفنان السوري الراحل صباح فخري قد يصفّق طربا عند سماعه وهو يؤدي إحدى أشهر الأغاني التراثية الفلسطينية “عالأوف مشعل”، لكن ليس من اليسير استحضار قصة تلك الأغنية إلا لقليل من العارفين بها. تقول كلمات الأغنية:

عالأوف مشعل أوف مشعلاني

مـاني تبلّيته هوّي اللي تبلّـاني

شفت واحد واقف جنب البركة

حاكيته عربي جاوبني بالتركي

نسوان تحكي والأطفال تبكي

مع مين نحكي تركي أو ألماني

شفت القانون جاي من بعـيد

حبّيـت أهرب مـا طلع بـإيـدي

قالّي الوثيقة ناولته مجيـدي

لطش المجيدي وقالّي أنت فراري

تروي الأغنية حكاية مشعل، وهو شاب فلسطيني لم يلتزم بقانون التجنيد الإجباري الذي فرضه العثمانيون خلال الحرب العالمية الأولى، وهو يُعفي من التجنيد من يدفع المال، لكن مشعل كان فقيرا، فكان عليه أن يلجأ إلى خيار عدد كبير من الشبان الفلسطينيين، وهو الفرار من التجنيد، وظل هاربا إلى أن قبض عليه الجيش التركي الذي أرسله بعيدا إلى جبهات القتال، فوُلدت الأغنية من تلك الحادثة.

يتحدث الباحث أحمد موسى عن الأغنية الشعبية الفلسطينية، في بحث له بعنوان “تراث الموسيقى الشعبية الفلسطينية، خصائصه ومقوماته وطرق الحفاظ عليه”، فيعرّفها بأنها “نتاج المهارة الفنية الفردية، ثم من خلال عمل عدد غير محدد من المغنين الشعبيين، أسهموا في تشكيلها حتى بلغت صورتها التي نعرفها، فهي ألفت أول مرة بواسطة فرد واحد، قد يكون في بعض الأحيان شخصية أدبية معروفة، وقد يكون شخصا ظل اسمه مغمورا، وقد يعود تأليفها إلى الارتجال. والأغنية الشعبية مع ذلك جماعية، بمعنى أن نصها لم يبق ثابتا تماما، وكذلك ما دخل عليه من تحويلات وتعديلات وإضافات يمكن أن يمارس بحرية تامة”.

ويمكن أن يعطي هذا التعريف تفسيرا منطقيا لضياع القصص الأصلية لبعض الأغاني الشعبية الفلسطينية، أو تحوّل مضمونها من معنى المقاومة والجهاد لمعنى رومنسي معاصر.
سيطرة النضال على الأغاني الشعبية.. فن يقطر وطنية

تروي الأغنية التراثية الفلسطينية قصص ملاحم يومية عاشها الفلسطينيون، وتختزل تلك القصص تجارب يومية جماعية من خلال الحديث عن تجربة فردية، مثل قصة الشاب مشعل، وتعتمد غالبا على اللهجة العامية في شكل نصوص شعرية شعبية أو زجلية، وتحتوي على عدة ألوان أساسية من الغناء أهمها، أغاني الأعياد والاحتفالات الدينية، وأغاني الحب والغزل، وأغاني الأفراح والأعراس والختان والميلاد، وأغاني الحماسة والحث على الجهاد، والأغاني السياسية والوطنية، وأغاني الاستمطار، وأغاني المآتم والرثاء، وأغاني الروايات والقصص الشعبية، وأغاني الرقص.

لكن هذا التقسيم قد تبعثر، ولا سيما بعد النكبة في العام 1948، فقد تشابكت تلك الألوان، واختلط المضمون النضالي بأغاني الحب والأعراس والمآتم والرثاء، ويرى الباحث أحمد موسى أن للأغاني الشعبية الفلسطينية ثلاثة مضامين، وهي المضمون النضالي، والمضمون القومي، والمضمون الاجتماعي، لكن المضمون النضالي طغى على مجملها، ولا سيما خاصة بعد نكبة العام 1948.

يقول الباحث: ظهر في أغاني الفلسطينيين النازحين عن قراهم وبلادهم تيارٌ جارف من الحنين للوطن والأرض التي انتزعت منهم، وسيطرت على تلك الأغاني موجة من الحزن والألم والبعد والغربة، وتتضح هذه المعاني من خلال كلمات هذه الأغنية “خذني ع الدار، ووديني ع الحبايب، وسـنين كثار، ببلاد الغربة غايب”. كما تتضح معاني الحنين للوطن في تلك الفترة في هذا المقطع أيضا من “الدلعونا”، إذ يقول: “على دلعونا وعلى دلعونا، باي باي الغربة الوطن حانونا، أمانة إن متت يمهّ اقبروني، بأرض بلادي بفي الزيتونة”.
المولالاة.. رسائل مشفرة إلى أسرى سجون الانتداب

في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، كان الفلسطينيون يواجهون المحتل البريطاني بالسلاح وبالكلمة أيضا، فكان الغناء الذي تؤديه النساء آنذاك بمثابة رسائل تشفير خاطب بها المجاهدون السجناء الفلسطينيين في سجون البريطانيين، وسُميت تلك الطريقة في التشفير بالمولالاة، وذلك بإضافة حرف اللام داخل الكلمات وفي نهايتها وتكراره، حتى يصعب معناها ويضيع.

وتشتهر أغنية “يا طالعين عالجبل” بأنها أشهر الأغاني الشعبية الفلسطينية التي غنتها النساء الفلسطينيات، واعتمدت على طريقة التشفير بالمولالاة. تقول كلمات الأغنية “يا طالعين عين للل الجبل.. يا موللل الموقدين النار.. بين للل يامان يامان.. عين للل الهنا يا روح.. ما بدي منكي لللكم خلعة.. ولا لا لا لا بدي زنار. إلا غزال للللللذي جوين.. للللكم محبوس”.

تمثل أغنية “يا طالعين عالجبل” رسالة مشفرة حملتها النساء إلى السجناء، قبل عملية تحريرهم من قبل الفدائيين. فالغزال المقصود في الأغنية هم الفدائيون الذين سيبدؤون عملية التحرير، حين يرى السجناء النار موقدة.

“تقليد نابض بالحياة لأغنية الاحتجاج”

يقول الكاتب “ديفيد ماكدونالد” في كتاب بعنوان “صوتي هو سلاحي.. الموسيقى والقومية وشاعرية المقاومة الفلسطينية”: توجد مصادر أرشيفية حول أداء الأغنية الاحتجاجية قبل عام 1948 في عدد من الأرشيفات الصوتية والمجموعات الشخصية الفلسطينية والبريطانية والإسرائيلية، أو في أدب الفولكلور الفلسطيني والشعر والتاريخ الشفهي.

تكشف القراءة المتأنية لهذه المصادر عن تقليد نابض بالحياة لأغنية الاحتجاج طوال فترة الانتداب البريطاني، وقد وصل إلى ذروته خلال الثورة العربية الكبرى في الفترة ما بين 1936-1939. في ظل الاحتلال العسكري البريطاني الصارم، قدمت الأغاني في المناسبات المحلية منتدى مهما للنقاش السياسي خارج نطاق الرقابة الاستعمارية بين الفلاحين الريفيين.

كانت الأغاني الشعبية أداة قوية لتعبئة الجماهير لدعم مقاطعة العمال والصراع المسلح ضد القوات البريطانية. جلب الموسيقيون والشعراء المتجولون الذين كانوا يؤدون أغانيهم في حفلات الزفاف وغيرها أخبار الثورة إلى القرى، وناقشوا القضايا السياسية الملحة، ومجدوا المقاومة وقيادتها. لقد زرع الفنانون بذور الخطاب القومي نفسه، حاملين فكرة القومية الفلسطينية من المراكز الحضرية إلى البلدات والقرى الريفية.
فنانو الكفاح.. أبطال شعبيون في الحركة القومية

يرى الكاتب “ديفيد ماكدونالد” أن هذا التقليد اتُّبع في أغنية المقاومة الفلسطينية، فكانت النصوص مرتجلة، بناء على عدد من المعايير التي تلتزم في مضمونها بعدة سياقات، مثل الأحداث المحلية والأمثال والفولكلور، وبمجرد أدائها تنتشر أغنية معينة بسرعة كبيرة بين القرى المجاورة.

ويقول: أصبح الفنانون البارزون مشهورين بمواقفهم الاجتماعية والسياسية الفريدة، مما رفع الكثير منهم إلى مرتبة الأبطال الشعبيين في الحركة القومية، وكان يبث المطربون الفلاحيون الفلسطينيون بشكل دوري على الإذاعة المحلية، وكانت عروضهم تتناول بشكل دؤوب قضايا ومواضيع شبه سياسية.

وتكشف الأدبيات أن مثل هذه البرامج الإذاعية كانت وسيلة فعالة للغاية للوصول إلى الناس، ومع ذلك، فقد نجا عدد من الأغاني الأكثر شهرة في هذه الفترة، من خلال الأداء المستمر والشعبية الواسعة. هذه الأغاني التي أُلّفت أول مرة بين عامي 1920-1939، أصبحت الآن بمثابة الأساس لمخزون جديد من أغاني المقاومة.
نساء فلسطينيات في أحد العروض الفولكلورية الشعبية

في أغلب الأحيان يكون مؤلف الأغنية غير معروف، أو تُنسب فقط إلى التراث الشعبي، لكن في حالات نادرة تصبح هوية الشاعر جزءا لا يتجزأ من الأغنية نفسها. يُستشهد بشكل دؤوب بأحد هؤلاء الشعراء، وهو نوح إبراهيم، بوصفه صاحب التأثير الشعبي الأكبر على تطور موسيقى وأدب المقاومة الفلسطينية. تظل مؤلفاته المتعددة جزءا حيويا من هذا المرجع، فبقيت عبر الأجيال في منشورات مختلفة، واستمرت في الأداء منذ زمن الثورة العربية الكبرى.

نوح إبراهيم.. شاعر الثورة الكبرى ومقاومة الانتداب

ولد الشاعر الشعبي نوح إبراهيم في حيفا عام 1913، وكان يقرأ شعره في النقابات العمالية، واكتسب شهرة كبيرة خارج فلسطين، وقدم عروضا في القاهرة ودمشق وبيروت. كان إبراهيم نوح يؤلف قصائد أشبه بخطاب حماسي ضد الانتداب البريطاني وتدفق اليهود إلى فلسطين، كما انضم إلى حركة المقاومة في ثلاثينيات القرن الماضي، تحت قيادة عز الدين القسام.

يقول كتاب “صوتي هو سلاحي.. الموسيقى والقومية وشاعرية المقاومة الفلسطينية”: على الرغم من مقتل القسام في كمين قبل بدء الثورة رسميا في العام 1936، فإن سلسلة من قصائد المربع التي ألفها وغناها إبراهيم نوح على شرفه، كان لها دور فعال في إحياء ذكرى الزعيم الشهير، وجذب الدعم الشعبي للقضية التي حملت اسمه.
الشاعر الشعبي الشهير نوح إبراهيم

ألّف نوح إبراهيم عدة قصائد وأنشدها وهو في سجن عكا، بعد اعتقاله بتهمة المشاركة في الثورة، وهناك وجد في المساجين جمهورا واسعا لمجموعاته الشعرية الاحتجاجية، وزاد من شهرته كتاباته التي كانت باللهجة العامية الفلسطينية واللهجة الريفية بالأساس التي كانت مشتلا للأغاني الفلكلورية.

من بين القصائد الشهيرة التي تنسب لنوح إبراهيم قصيدة “من سجن عكا”، وهي مرثية توثق اللحظات الأخيرة لثلاث أبطال فلسطينيين قبل الإعدام، وقد أعادت “فرقةُ العاشقين” في السبعينيات إحياءَ الأغنية وإعطاءها بعدا نضاليا أوسع.

تقول الأغنية “من سجن عكا طلعت جنازة، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، محمد جمجوم ومع عطا الزير، فؤاد حجازي عز الذخيرة، ويقول محمد أنا أولكم، خوفي يا عطا أشرب حسرتكم، ويقول حجازي أنا أولكم.. ما نهاب الردى ولا المنونا.

منعت سلطات الانتداب البريطاني مجموعات نوح إبراهيم الشعرية، ولكن تلحينها وإنشادها سمح بانتشارها ومراوغة عيون الرقابة البريطانية، ويقول الكاتب “ديفيد ماكدونالد” إن نوح إبراهيم رفض الأداء في أنواع أخرى من أغاني الدبكة التي تهيمن عليها الرقصات الشعبية مثل “الدلعونا”، لأنها كانت محدودة للغاية بالنسبة لمضمون الأغاني التي تتضمن شعره.
“أريد أن يعرف أطفالي حياة كل جد عاش برد 1948 في الخيام”

بعد العام 1948، خط الفلسطينيون معاناتهم ونكبتهم وحنينهم لأرضهم في أغانيهم الشعبية، ويقول الباحث الفلسطيني عدنان حسين عياش إنه من السهل التعرف على العمر الحقيقي للأغنية الشعبية التي تلت النكبة، وذلك لأنها تصف أحداثا تاريخية تناقلتها أجيال كثيرة من الفلسطينيين.

ويضرب عياش مثلا في ذلك، وهو مقطع من قصيدة تقول “شربنا علقم ما بنذاق، في الخان بنشحد طحين، وصرنا نبشر بعضنا، تأجانا السمن والسردين. وضيّعنا الاسم العتيق، وصار اسمنا لاجئين”. وتقدم هذه الأغنية توصيفا دقيقا لحال الفلسطينيين بعد النكبة، وهم ينتظرون دورهم للحصول على الطعام داخل المخيمات.

الفنان الفلسطيني أحمد قعبور

كما يقول كتاب “صوتي هو سلاحي.. الموسيقى والقومية وشاعرية المقاومة الفلسطينية”: تنتشر الذكريات الشعبية عن المنفى والحرمان في مجموعات من الموسيقى والشعر الأصليين في السنوات التي أعقبت نكبة عام 1948، وقد عبّر اللاجئون الذين تجمعوا في مخيمات مختلفة في جميع أنحاء المنطقة عن شعور كبير بالخسارة والهزيمة من خلال أداء الأغاني.

اضطر اللاجئون المنفصلون عن قرى أجدادهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم إلى إعادة صياغة إحساسهم بالذات والعلاقات الاجتماعية التي عرّفتهم كمجتمع واحد تجمعهم قضية واحدة. بالإضافة إلى ذلك، حوفظ بعناية على عدد من أغاني النكبة في الممارسات الشائعة للفنانين الناشطين في الشتات الفلسطيني.

تظل هذه الأغاني ممارسة شائعة، كوسيلة أدائية لتأريخ وإحياء ذكرى الصدمات الدائمة للحياة في المنفى. وعندما سُئل عن سبب أهمية غناء أغاني النكبة، أجاب الموسيقار كمال خليل: نحن نغني أغاني النكبة لإحيائها. أريد أن يعرف أطفالي حياة أجدادهم، وكل جد عاش برد العام 1948 في الخيام، وكل شيء أخذ منهم، وكل جدّ طُرد من بيته. جراح الأجيال السابقة هي جراحنا. يجب أن نعرف جراحهم لنعرف أنفسنا، وأيضا -من خلال غناء هذه الأغاني- أشعر أنني أستطيع إحداث بعض التغيير في هذا التاريخ. أستطيع أن أعطي الأمل في عودتنا إلى منازلنا.

مزج الموسيقى الغربية.. تراث شعبي يأخذ صبغة عالمية

رافقت الموسيقى الشعبية الفلسطينيين في نكبتهم ونكستهم وما بينهما من شتات وموت واضطهاد، وقضت التحولات التي عاشها الفلسطينيون أن تتحول الأغنية الشعبية الفلسطينية، لتمتزج بأصناف موسيقية أخرى، أو لتجسّد الزخم الذي فصّل المقاومة آنذاك إلى تشكيلات مختلفة.

تقول “هيثر بورشيه” في بحثها “كارثة موسيقية، التأثير المباشر للنكبة في الموسيقيين الفلسطينين والوسط الموسيقي”، إن مجال الموسيقى الفلسطينية تحول تدريجيا بشكل عميق نتيجة لنشأة قوى سياسية متفرعة إلى عدة اتجاهات.

ولذلك، ضم مخزون الموسيقى الفلسطينية المرتبطة بهذه الفترة (1967-1987) الفولكلور الفلسطيني الأصلي والحكايات وكلمات الأغاني والألحان والرقصات، وامتزجت في الوقت ذاته بجماليات المقام العربي الكلاسيكي والتقاليد الموسيقية الغربية. وبعد ذلك وُظّفت هذه المراجع كلها ضمن خطاب سياسي أكبر للتعبئة الشعبية والدعاية. لقد أصبحت موسيقى الجاز والروك التي دخلت الموسيقى الشعبية العربية أشكالا يسهل الوصول إليها.

بدأ جيل الشباب في الستينيات في التقاط ما يسمى بالآلات الغربية، وفي حين أن نمط الحياة الحضري المرتبط بالاتجاهات الموسيقية الجديدة في ذلك الوقت كان يتبناه النخبة قبل فترة طويلة، فإن أنماط الموسيقى الشعبية الغربية أصبحت هذه المرة رائجة بين الناس، ولا سيما في الطبقة المتوسطة الناشئة في الخمسينيات والستينيات.

“والله لزرعك بالدار”.. علامة مميزة للنضال الفلسطيني

بعد حرب الأيام الستة، وفي ظل تحولات سياسية وفكرية عالمية، أصبحت القضية الفلسطينية أكثر حضورا على المنابر، ورافقت عولمة القضية ما يمكن أن نسميه عولمة الأغنية الفلسطينية، فأصبحت نوعا من الدعاية، ووسيلة فنية لتبليغ صوت الفلسطينيين، وكان إنتاج أغان بألوان موسيقية جديدة بالاعتماد على شعر عامي من التراث الفلسطيني، هو الخيار الذي انحاز له مغنون فلسطينيون كثر.

وحسب دراسة “كارثة موسيقية، التأثير المباشر للنكبة في الموسيقيين الفلسطينيين والوسط الموسيقي”، أصبحت أغنيةُ “والله لزرعك بالدار” للشاعر أحمد دحبور علامةً للنضال الفلسطيني، وجمعت الفلسطينيين تحت لون واحد، وأدت فرقة العاشقين تلك الأغنية واشتهرت بها، ومثلها نهلت فرقة “صابرين” من الموروث الشعبي باستخدام آلات تقليدية وغربية، ومن هناك بدأ الفولكلور الفلسطيني ينتشر خارج رقعة الشرق الأوسط، حتى وصل للجمهور الأوروبي والأمريكي.

- بلال المازني

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

3 من الزوار الآن

916794 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق