Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > القضية الفلسطينية بين حرب الخليج الثانية وانتفاضة الأقصى

9 تموز (يوليو) 2023

القضية الفلسطينية بين حرب الخليج الثانية وانتفاضة الأقصى

الدكتور رائد نعيرات

مقدمة:

شهدت الحياة السياسية الفلسطينية في هذه الفترة ما يمكن تسميته بالمزاوجة أو التداول بين موضوعة العمل المقاوم والمشروع السلمي، فعطفا على طبيعة التطورات التي سبقت حرب الخليج الأولى عام 1991م ممثلة بالانتفاضة الفلسطينية الأولى، وقرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة جاءت حرب الخليج بنتائجها على القضية الفلسطينية، حيث أعقبت الحرب الدعوة إلى مؤتمر مدريد الدولي والشروع في عملية سلام مع الدول العربية، إذ تبنت جميع الدول العربية المحيطة بالقضية الفلسطينية -أو ما يعرف بدول الطوق، الأردن ومصر وسوريا ولبنان- السلام كخيار استراتيجي.
إلا أن الانقلاب الحقيقي في المشهد الفلسطيني جاء عقب توقيع منظمة التحرير على اتفاق أوسلو والشروع بتطبيق الاتفاق على الأرض الفلسطينية ممثلة بالضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى الرغم من توقيع اتفاق أوسلو لاحقا، وتبني الدول العربية لخيار السلام كحل استراتيجي إلا أننا نشهد أن هذه المرحلة وما تبعها تزامن المشروعين وتتابعهما، مشروع المقاومة ومشروع السلام، فقد نشطت العمليات العسكرية التي تبنتها القوى المناهضة لاتفاق أوسلو، وتلا ذلك ما عرف بهبة النفق عام 1996 م والتي جاءت بمستوى انتفاضة مؤقتة ردا على تعثر العملية السلمية من جهة وعدم قدرة مشروع السلام على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.
ومع انتهاء هبة النفق سارعت القوى السياسية إلى إعادة النفس إلى مشروع السلام، وتسريع خطوات التوصل إلى حلول، ولكن وبعد مضي ما يقارب الثلاث سنوات، عادت الحالة السياسية إلى التأزم مرة أخرى نتيجة لانتهاء المرحلة الانتقالية وعدم الوصول إلى حلول، وهنا بدأ التفكير الفلسطيني يدور في رحى اتخاذ خطوات أحادية الجانب كإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد، لم يستطع الجانب الفلسطيني ممثلا بالسلطة الفلسطينية الأقدام على هذه الخطوة، لذا جاءت المرحلة التالية من المشهد الفلسطيني تحت عنوان انتفاضة الأقصى.
شهدت انتفاضة الأقصى حالة المزاوجة بين مشروع السلام ومشروع المقاومة، ففي انتفاضة الأقصى، وعلى الرغم من استمرار العمليات الحربية سواء إسرائيلياً أم فلسطينياً، لم تهدأ محاولات الأطراف من إيجاد سبل للحل السلمي، فكانت اللقاءات المتقطعة بين الفينة والأخرى محاولة إحداث اختراق على جبهة العمل العسكري ومن أجل إيقاف الأعمال العسكرية، تارة عبر اللقاءات المباشرة بين القادة السياسيين، وتارة عبر اللقاءات غير المباشرة، وفي أحيان أخرى بتقديم الأطراف الخارجية لمبادرات تسعى لحل جذري للصراع، سواء تلك المبادرات الإقليمية أم المبادرات الدولية، إذا كانت هذه هي الميزة الأساسية التي وصفت بها هذه المرحلة، لذا جاء تسلسل الأحداث السياسية الفلسطينية في هذا الجزء متناولا طبيعة التطورات على المشهد السياسي الفلسطيني ببعديه المقاوم والسلمي، ومدى تأثير كل منهما في الآخر.
كل هذا تزامنا مع التطورات على طبيعة المشهد السياسي الفلسطيني فيما يخص، التطورات الميدانية ببعديها الاستراتيجي والتكتيكي، فشكل الاستمرار في توسيع المستوطنات نقطة فارقة في تغيير معالم الوضع الجغرافي والديمغرافي للضفة الغربية، ثم جاءت وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وما أعقب ذلك من انتخابات رئاسية وبلدية، وتشريعية أدت إلى فوز حركة حماس في الانتخابات وتشكيلها أول حكومة فلسطينية بقيادتها وما تبعها من حصار وإشكاليات داخلية في المشهد السياسي الفلسطيني أدت لاحقا إلى الاقتتال الداخلي وكان من أبرز نتائجه سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
هذه الجزئيات هي التي ستشكل محاور هذا الجزء من الكتاب، لدراسة مدى تفاعلها، وقدرتها على التأثير أو التأثر ببعضها البعض. وتتناول المباحث التالية: حرب الخليج الثانية وأبعادها على القضية الفلسطينية؛ اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير وإسرائيل (1993)، والاتفاقيات المرحلية اللاحقة؛ قمة "كامب ديفيد" الثانية وانتفاضة الأقصى (2000)؛ وأخيرا المشهد السياسي الفلسطيني منذ الاجتياح الإسرائيلي للمدن والقرى الفلسطينية عام 2002 وحتى الإنتخابات التشريعية الثانية، ومن ثم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وحتى الآن.

المبحث الأول حرب الخليج وأبعادها على القضية الفلسطينية

إلى جانب التطورات الفلسطينية الداخلية التي كانت قد بدأت في التشكل مع انطلاق الانتفاضة، كان هناك جملة من التطورات الإقليمية أخذت في الظهور وبدأت انعكاساتها تؤثر بشكل جلي على مسار القضية الفلسطينية، بل حتى على صيغة التوجه الدولي نحو قضية النزاع العربي- الإسرائيلي.
إن الخلافات العربية العربية -وهو ما وصل ذروته باجتياح الجيش العراقي للكويت- كانت مؤشرا واضحا على مدى الانقسام الذي لم يسلم منه الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، فلم تعد القضية الفلسطينية قضية إجماع عربي، إذ تباينت التصورات العربية وتوجهاتها نحو القضية الفلسطينية حسب طبيعة العلاقة العربية مع م.ت.ف من جانب، ولم تعد القضية الفلسطينية تتربع على سلم اولويات العالم العربي من جانب آخر.
كان للموقف العربي بشان الغزو العراقي تأثيره على القضية الفلسطينية وخاصة على قيادة منظمة التحرير، التي لم ينظر لها كطرف محايد في الغزو العراقي للكويت، لكن مجمل هذه الأحداث داخل الحرب لم تؤثر بشكل جذري على مسار القضية الفلسطينية بمقدار ما تأثرت به القضية بعد انتهاء الحرب، ودخول المنطقة مرحلة توازنات لقوى جديدة، كانت العراق قد خرجت منها بفعل الهزيمة التي تلقتها في حرب الخليج، واضطرارها للخروج من الكويت.
ورغم الادعاءات الأمريكية بشأن الحرب على العراق من أنها تأتي في سياق غزو صدام حسين للكويت، إلا أن التحليل العميق للصورة وبشمولية رابطا قبل الحرب بما بعدها يستنتج أن الأهداف الأمريكية من الحرب على العراق لم تكن ضمن هذا الإطار، وإنما شملت منظومة أخرى من الأهداف جلها مرتبط بالمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط عموما ومنطقة الخليج خصوصا، بما يشكله النفط من أهمية استراتيجية لأميركا في المنطقة، بعيدا عن الأجندة الأمريكية التي كانت قد روجت سابقا لإعادة تشكيل نظام عالمي جديد.
كما لا يمكن تجاهل الخطر الذي كان يمثله العراق على إسرائيل، وهو ما يمكن أن يكون أحد الأسباب الرئيسية وراء الحرب الأمريكية على العراق حينها، فإسرائيل يربطها بأميركا تحالف قوي، ومصالحهما مشتركة، إضافة إلى قدرة إسرائيل على التأثير في الوسط الأمريكي النخبوي نتيجة لارتباطاتها ونفوذها المالي والإعلامي داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

- القضية الفلسطينية خلال الحرب

كان لحرب الخليج آثارا سلبية على القضية الفلسطينية امتدت إلى يومنا هذا، بل قد لا يبالغ الباحث إذا اعتقد أن آثارها ستبقى تلاحق القضية إلى مستقبل بعيد أيضاً، ومن أبرز هذه الآثار:
1- تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، والسبب هو وجود قضية أكثر سخونة في منطقة الشرق الأوسط تمثلت في الغزو العراقي للكويت، وما تبعها من حرب قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق.
2- استغلال إسرائيل لانشغال العالم بالحرب، من أجل زيادة درجة قمعها للانتفاضة الفلسطينية، وهذا ما جعل من الفلسطيني وحيدا أمام آلة الحرب الإسرائيلية، كما أن إسرائيل استغلت الحرب من أجل زيادة عدد المهاجرين إليها .(لقد استقدمت إسرائيل في بداية التسعينيات ما يقارب المليون مهاجر من الاتحاد السوفيتي).
3- الانقسام العربي خلال حرب الخليج، أدى إلى غياب موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية.

- القضية الفلسطينية بعد الحرب

كان واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت قرارها بشن الحرب على العراق، فبدأت تتشكل في المنطقة حالة من الاستقطاب بين مؤيدي أميركا في الحرب أو معارضيها وإن كان المعارضون ليسوا بالكثير، إضافة إلى من التزم الصمت وفضل الحياد، فضرورة التحالف التي فرضتها أميركا، خلقت توازنات وتكتلات جديدة وفق الموقف من العراق أو غزو الكويت، وهذا ما جعل من الموقف الفلسطيني تجاه غزو الكويت، أو حرب العراق أمرا له تأثير واضح على القضية الفلسطينية.
كان الموقف الفلسطيني رافضا للحرب على العراق وقد أعلنت ذلك منظمة التحرير، وكذلك فعلت كل من الأردن والسودان وليبيا واليمن، فيما أيدتها كل من مصر والمغرب ودول الخليج، وبقيت تونس والجزائر على الحياد.
أصبح الموقف الفلسطيني سالف الذكر، عبئا على القيادة الفلسطينية حين حسمت الحرب لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وخرج النظام العراقي مهزوما. إن منظومة العلاقة في الشرق الأوسط حينها لم تكن لصالح منظمة التحرير، فقد هزم النظام العراقي، وتوترت العلاقات الفلسطينية المصرية، وخسرت المنظمة الدعم الكويتي، في حين أصبحت إسرائيل أكثر قوة واستقرارا بفعل مخرجات الحرب.
إن الوضع الحرج الذي وجدت فيه منظمة التحرير نفسها الذي تطلب منها أن تكون طرفا في الانقسام العربي، أدى ضمنيا إلى خسارة الفلسطينيين جزءاً من الدول العربية الداعمة للقضية الفلسطينية (ومن أبرز الدول التي اتخذت موقفا سلبيا الكويت ودول الخليج العربي). حالة الانقسام العربي أيضا أضعفت من وجهة النظر العربية أمام القوى الدولية فيما يخص النزاع العربي الإسرائيلي.
عُرف الموقف الفلسطيني على أنه موقف مؤيد للموقف العراقي، رغم إصرار القيادة الفلسطينية أنها تساند الوساطة ولا تدعم طرفا ضد طرف آخر، أدى هذا إلى تضييق الخناق على منظمة التحرير الفلسطينية، ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا ، وقد أثر في علاقات المنظمة بدول الخليج العربي وبالذات في دولة الكويت التي لم يتم تطبيع العلاقات الرسمية معها إلا في عام 2006 بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للكويت.
الآثار التي تركتها حرب الخليج على القضية الفلسطينية لم تقتصر فقط على الجانب السياسي، وإنما شملت أيضا الجانب الاقتصادي، فكما كانت أهم الآثار السياسية نتاجا للثقل السياسي الذي خلقته أميركا بعد الحرب لصالح إسرائيل، فإن الفلسطينيين تحملوا بسببه خسائر اقتصادية هائلة نتاجا لحجم الاقتصاد الخليجي، وخاصة الدول النفطية التي عارضت غزو العراق للكويت.

- مؤتمر مدريد
نتج عن حرب الخليج تعاظم نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وانكسار حلفاء منظمة التحرير، فكان الموقف الفلسطيني هو الأضعف، لذا كان لا بد من استثمار أمريكي سياسي للحالة الراهنة بما يخدم حليفتها إسرائيل، وبما يعزز من حالة الضعف العربي العام. فما أن وضعت الحرب أوزارها، حتى انطلقت الولايات المتحدة الأمريكية في جولات مكوكية بواسطة وزير الخارجية الأمريكية، نتج عن هذه الزيارات الأمريكية للمنطقة دعوة الدول العربية وإسرائيل للمشاركة في مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
عمليا لم يكن المؤتمر برعاية السوفييت وأميركا، فقد كان الاتحاد السوفييتي يمر بمرحلة التقلص والتلاشي، وهذا يعني من الناحية السياسية أن صيغة المؤتمر وآلياته وما يمكن أن ينتج عنه ستكون بتصميم من الولايات المتحدة الأمريكية وتخطيط منها وحدها، معلنة بداية التفرد في التأثير على مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط.
يمكن الإشارة أيضا إلى أن التفرد الأمريكي والنفوذ المتزايد لم يكن فقط بسبب هزيمة العراق على مستوى الشرق الأوسط، وضعف الاتحاد السوفييتي على المستوى الدولي، وإنما أصبح للولايات المتحدة وجودها الفعلي على أرض الدول العربية بعد الحرب، فقد بقيت القواعد العسكرية الأمريكية بضخامتها قائمة في الدول الخليجية حتى بعد انتهاء الحرب.
يأتي هذا المؤتمر أيضاً في مرحلة تعد الأسوأ من حيث مدى الانسجام العربي، وقدرته على أن يكون صفا واحد أمام إسرائيل في ذلك المؤتمر، فما زالت الخلافات العربية بشأن العراق والكويت قائمة، وآثار الحرب لم تنته، وربما شكل هذا الأمر محفزا لأميركا وإسرائيل، كي يعجلا من خطواتهم نحو عقد المؤتمر، الذي لقي عرقلة إسرائيلية لعقده قبل الحرب، فقد تمت الدعوة للمؤتمر في أكثر من مبادرة عربية وفلسطينية، لكن الأمر لم يتم إلا بعد أن أثقل كاهل الدول العربية بالانقسامات.
ففي 30/10/1991 عقد المؤتمر في العاصمة الإسبانية مدريد، حاملا اسمها، وكانت الدعوة قد وجهت للدول العربية كي تشارك في المؤتمر وفق قاعدة الأرض مقابل السلام، وتأسيسا على قراري مجلس الأمن 242 338، وقد كانت المشاركة العربية تشمل: سوريا ولبنان والأردن والفلسطينيين (على أن يكونوا ضمن الوفد الأردني)، إضافة إلى مصر والجزائر وتونس والمغرب ودول مجلس التعاون الخليجي.
ملاحظات عامة على مؤتمر مدريد للسلام
1-إقرار الدول العربية ومنظمة التحرير بمبدأ الأرض مقابل السلام وقراري 242 و 338، والتفاوض المباشر مع إسرائيل.
2-موافقة الدول العربية على استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية من عملية التفاوض، رغم الاعتراف المسبق من جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
3-موافقة الجانب الفلسطيني على مبدأ التفاوض على موضوعة الحكم الذاتي، دون الإقرار بأن النهاية ستؤول إلى دولة فلسطينية مستقلة.

المبحث الثاني اتفاق أوسلو والاتفاقيات المرحلية اللاحقة

- اتفاق أوسلو
كان المجتمع الدولي على يقين بأنه لا يمكن ترك فرصة كهذه، فالبيئية الدولية مهيأة لتقبل اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي، نتيجة لبعض التطورات الاقليمية والدولية، لذلك تم حث الطرفين على الاستمرار في المفاوضات كامتداد لما جرى في مدريد، ومن أجل ذلك عرضت النرويج اقتراحا بموجبه يتم التفاوض بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بشكل سري بعيدا عن الإعلام، وهذا ما حدث بالفعل، فقد تفاوض الطرفان في أوسلو وخرجا بإتفاق الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل، ووقع في 10/9/1993م، في أوسلو، أما بالنسبة للاتفاق الثاني الخاص بإعلان المبادئ فقد وقع في واشنطن في 13/9/1993.
أخذت المفاوضات بعد هذا الاتفاق شكلاً خاصاً بناءً على ما تم التوصل إليه، وبشكل عام فالمفاوضات كانت نتائجها على مرحلتين:
المرحلة الانتقالية: وهي التي سيتم فيها إقامة سلطة حكم ذاتي تكون ممهدا للتسوية الدائمة على أساس 242، و338، بحيث تشمل هذه السلطة في ولايتها الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأسيس سلطة الحكم الذاتي ويجب أن يتم بإشراف دولي.
مرحلة مفاوضات الوضع الدائم: حيث سيتم نقاش القضايا التي تم تأجيلها وتشمل اللاجئين والقدس والاستيطان والمياه والحدود والوضع الأمني والسيادة، وحسبما كان مقررا فمفاوضات الحل الدائم كانت ستنطلق بعد ثلاث سنوات من قيام سلطة الحكم الذاتي.
واستكمالا لأسلو عقدت إسرائيل مع منظمة التحرير وبعض الدول العربية بعض الاتفاقيات الأخرى، منها:

- اتفاقية غزة أريحا 1994: شرعت إسرائيل والمنظمة بعد أوسلو في جهود بناء الثقة من خلال عدة اتفاقيات أفضت إلى اتفاق تنفيذي لأوسلو أطلق عليه اسم اتفاق غزة أريحا وقعه الطرفان يوم 4 مايو/ أيار1994 م، وتضمن الخطوة الأولى لانسحاب إسرائيل من غزة وأريحا وتشكيل السلطة الفلسطينية وأجهزتها، واتبع باتفاقين تنفيذيين:
الأول اقتصادي (يوليو/تموز) ينظم العمالة الفلسطينية والعلاقات المالية والاقتصادية بين الطرفين، والآخر اتفاق تمهيدي لنقل الصلاحيات المدنية في الضفة (أغسطس/آب.
اتفاقية وادي عربة 1994 بين الأردن وإسرائيل: تم توقيع هذه الاتفاقية بعد توقيع الفلسطينيين اتفاق أوسلو عام 1993، مع ملاحظة أن المفاوض الأردني كان حاضرا في مدريد بوفد مشترك مع الفلسطينيين. وقع الأردن يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الاتفاقية مع إسرائيل وبرعاية أميركية، وقد شملت عدة مواد أهم ما فيها أنها ترسي مبادئ عامة من الاعتراف والاحترام المتبادل والتعاون الاقتصادي، وتبين الحدود وترتيبات أمنية ضد اختراق الحدود والإرهاب والمياه وإقامة علاقات طبيعية. وأحالت قضية اللاجئين إلى اللجنة متعددة الأطراف، واعترفت للأردن بدوره الخاص في رعاية الأماكن المقدسة في القدس.

- اتفاقية طابا (أوسلو/2) 1995: استمر مسار التفاوض وأنتج اتفاقية مرحلية حول الضفة والقطاع، جرت مباحثاتها في طابا ووقعت رسميا في واشنطن يوم 28 سبتمبر/أيلول واشتهرت بأوسلو/2، وسبقتها وأعقبتها أيام دامية تركت أثرا عليها، فقد سبقتها مجزرة الحرم الإبراهيمي وعدة قنابل بشرية هزت العمق الإسرائيلي، وأعقبها اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين. وقسمت هذه الاتفاقية المناطق الفلسطينية إلى (أ) و(ب) و(ج) تحدد مناطق حكم السلطة والمناطق الخاضعة لإسرائيل وغير ذلك، على أن تنسحب إسرائيل من ست مدن عربية رئيسية و400 قرية بداية العام 1996، وانتخاب 82 عضوا للمجلس التشريعي، والإفراج عن معتقلين في السجون الإسرائيلية. وكان من المفترض أن يكون هذا الاتفاق هو المرحلة الثانية التي ستتلوها مفاوضات الوضع النهائي.

أهم الملاحظات على اتفاق اوسلو وما تلاه من اتفاقات شكلت ما يمكن تسميته بحقبة اوسلو في التاريخ الفلسطيني المعاصر:
1- لقد اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل كدولة، بينما لم تعترف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، وإنما اعترفت فقط بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني.
2- لم ينص اتفاق أوسلو على أن نهاية المرحلة الانتقالية ستكون قيام دولة فلسطينية.
3- شكلت الاتفاقات اللاحقة لإعلان المبادئ في أوسلو تجزئة القضية الفلسطينية، إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج). ومن ثم حدث تحول في طبيعة العلاقة، فأصبح هناك تغير ملموس في قواعد العملية وتحول الموضوع من معادلة الأرض مقابل السلام إلى الأمن مقابل السلام.
4- افقد اتفاق أوسلو القضية الفلسطينية السند القانوني الدولي، فلم تعد القرارات الدولية هي الناظم للعلاقة، بل أصبحت المفاوضات المتحكم الرئيسي بالعلاقة الفلسطينية الإسرائيلية.
5- أحدث اتفاق أوسلو شرخا في العلاقات الداخلية الفلسطينية خاصة بعد الاعتقالات التي قامت بها السلطة الفلسطينية بحق القوى المعارضة للاتفاقات وبالذات عام 1997 م.
6- عمل اتفاق أوسلو على زيادة روابط العلاقات الفلسطينية بإسرائيل أكثر فأكثر بدل أن يقوم بتقليل هذه العلاقات.
7- استغلت إسرائيل الاتفاق بإجراءات ما يسمى تثبيت الحقائق على الأرض، فتزايدت نسبة الاستيطان وتضاعفت، كما عملت إسرائيل على تقطيع أوصال الضفة الغربية.
وعلى الرغم من سير العملية التفاوضية إلا أن الساحة الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية لم تخل من أعمال المقاومة، فقد شهدت هذه المرحلة حدثين بارزين في المقاومة علاوة على العمليات الفدائية في إسرائيل وكان من أبرز هذه الأحداث ما يلي:

- مجزرة الحرم الإبراهيمي
فجر الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، الموافق 25/2/1994، قام باروخ جولدشتاين بارتكاب مجزرة دموية داخل الحرم الإبراهيمي الشريف، حيث فتح النار على جموع المصلين موقعا، 29 شهيداً، و96 جريحاً. وتبع تلك المجزرة موجات من الغضب في الشارع الفلسطيني ومطالبة بالرد على تلك المجزرة التي يعتقد شهود العيان الذين عايشوها أن جنود الاحتلال شاركوا في تلك المجزرة إلى جانب جولدشتاين.

- هبة النفق 25/9/1996
انطلقت الهبة الجماهيرية التي ربطت باستمرار إسرائيل في حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، في 25/9/1996، واستمرت ثلاثة أيام. ويمكن الحديث هنا عن أهم الأسباب التي مهدت لانطلاق هبة النفق:
• الاستمرار في حملات الاعتقال ضد الفلسطينيين.
• انتشار المستوطنات بشكل متزايد.
• تضييق الحصار على الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل أكبر.
• عدم إيفاء إسرائيل بالتزاماتها تجاه السلطة الفلسطينية.
• جميع الأسباب السابقة تم تتوجيها بحفر النفق أسفل المسجد الأقصى، مما ساهم في نفاذ صبر الفلسطينيين، خاصة لما يعنيه المسجد الأقصى من رمزية دينية وثقافية وسياسية وتاريخية.
خلال ثلاثة أيام، كانت الآلة العسكرية الإسرائيلية قد مارست كل أشكال العنف لقمع الجماهير الغاضبة على سياسات إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 63 مواطنا فلسطينيا، وجرح ما يزيد عن 1600 آخرين.

المبحث الثالث قمة كامب ديفيد وانتفاضة الأقصى

بعد فترة طويلة من المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تمكن الطرفان من التوصل إلى بعض التفاهمات حول قضايا الحل النهائي، إلا أن هذه التفاهمات لم ترقَ إلى مستوى الاتفاق، وبقيت مجرد خطوط عامة، وكانت أبرز الإشكاليات ما يتعلق منها بمدينة القدس والسيادة عليها إذ تركت ليتفق عليها كل من باراك وعرفات.
على هذه الأرضية انطلقت مباحثات كامب ديفيد بعد أن وجه الرئيس بيل كلينتون دعوة إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود باراك. كان الهدف منها ممارسة نوع من الضغط على كلا الطرفين للخروج باتفاق حول القضايا النهائية وخاصة قضية القدس، إلا أن الضغط كان فقط على ياسر عرفات بمطالبته بمزيد من التنازلات فيما يخص السيادة على مدينة القدس.
كان بيل كلينتون يعول على الدول العربية أن تساهم معه في الضغط على القيادة الفلسطينية المتمثلة آنذاك بالرئيس ياسر عرفات، وبالتالي قد يقدم الأخير تنازلات في ظل غطاء عربي، إلا أن ما حدث هو ما لم يتوقعه بيل كلينتون، حين رفضت مصر أن تمارس الضغوط على ياسر عرفات، بل بدت أكثر تصلبا من القيادة الفلسطينية كما يرى المراقبون، وهذا ينطبق على الموقف السعودي الذي نظر إلى الموضوع من زاوية دينية كونها راعية للأماكن الإسلامية المقدسة. في حين أن الموقف الإسرائيلي لم يبد أي إشارات نحو سياسة جديدة فيما يخص مدينة القدس، ولا حتى الاستيطان وهذا ما أدى إلى فشل القمة في ظل رفض الفلسطينيين التنازل عن هذه القضايا الحساسة. وبسبب فشل قمة كامب ديفيد آنذاك على الأرض بدأت انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية.

- انتفاضة الأقصى 28/سبتمبر 2000م
جاءت انتفاضة الأقصى نتيجة مغايرة لسير الأحداث التي أملتها الأطراف الداعمة للعملية السلمية في الشرق الأوسط، فبدل أن تؤدي العملية السلمية إلى تحقيق السلام الدائم والشامل، كانت النهاية انتفاضة فلسطينية جديدة، أعنف وأقوى، إذ وصلت آثارها آثار الحروب إن لم تكن تفوقت عليها، وما زاد الانتفاضة الفلسطينية غرابة، أنها بدأت بعد فترة زمنية لم تتجاوز الأربعة أشهر من قمة كامب ديفيد الثانية والتي ذهبت الأطراف جميعها إلى القمة بنية التوصل إلى الحل الدائم والشامل للصراع، هذه السمات جعلت الانتفاضة الفلسطينية متميزة عن غيرها، وكان ينظر إليها بداية أنها لا تكاد تعدوا هبة النفق عام 1996 م وكانت التوقعات تشير إلى أن الانتفاضة لن تدوم طويلا، خاصة في ظل الخلافات الفلسطينية الداخلية، إلا أن الأحداث سارت فيما بعد بشكل متسارع وتجاوزت أغلب التوقعات ليس فقط فيما يخص استمرار الانتفاضة ولكن أيضا في حدتها، وعدم قدرة مشاريع التسوية السياسية على إيقافها أو حتى على التقليل من تطورها ولذلك من الأهمية الوقوف على أسباب الانتفاضة الفلسطينية ودوافعها:

- البيئة الممهدة للانتفاضة

* العامل الديني:
استمرارية الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية في فلسطين والقدس خصوصا، منذ عام 1967 بدءاً بالحريق وحتى قضية حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى بما يهدد وجوده، لذلك فإن الأهمية الدينية لهذه الأماكن في ظل نمو التوجه الديني لدى الفلسطينيين، وارتفاع نسبة مؤيدي التيار الإسلامي داخل الشارع الفلسطيني، كان بمثابة التهيئة الاجتماعية والاستعداد النفسي لتقبل فكرة انتفاضة فلسطينية ثانية.
* إخفاقات عملية السلام
بعد سنوات عديدة من الشروع في العملية السلمية، كانت النتائج مغايرة للمتوقع على المستوى الفلسطيني، فلم تنفذ إسرائيل التزاماتها بموجب الاتفاقيات، فيما كانت قد أحرزت تقدما كبيرا في علاقاتها مع الدول العربية، مع ملاحظة أن الأمر لم يقتصر فقط على عدم تنفيذ إسرائيل لالتزامتها، وإنما وصل أيضا إلى انتهاك التفاهمات والاتفاقيات من خلال:
1- استمرار الاستيطان: فقد تبنت الحكومة الإسرائيلية عام 1995مشروعا يقضي ببناء 15 ألف وحدة سكنية استيطانية، بضواحي القدس، فيما كان العمل جار على قدم وساق لرفع عدد السكان اليهود في القدس عبر خطة تقدم بها حزب العمل تهدف لجلب 120 ألف مستوطن إلى المدينة في الفترة الواقعة بين 1995-1998، تبعتها عدة مشاريع لزيادة عدد سكان القدس من اليهود والمستوطنات كان أشهرها البدء في بناء مستوطنة هارحوماه في جبل "أبو غنيم".
2- عرقلة الحياة اليومية: من خلال الحواجز التي تفصل المدن الفلسطينية عن بعضها، وتقييد حركة المسافرين خارج الأراضي الفلسطينية من خلال السيطرة الإسرائيلية على المعابر الحدودية، بالإضافة إلى الاستمرار في عمليات اعتقال الفلسطينيين والتحقيق معهم في السجون الإسرائيلية.
* الوضع الاقتصادي
• بقيت الحياة الاقتصادية الفلسطينية تابعة بشكل كبير إلى الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة من خلال العمالة الفلسطينية في المشاريع الإسرائيلية.
• تعرض كثير من المؤسسات الخيرية الفلسطينية التي ترعى حاجات السكان إلى التضييق الإسرائيلي.
• تقييد وصول المساعدات الخارجية إلى السلطة، من خلال ربطها بالتزامات السلطة الأمنية.
• الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة على مصادر رزق الفلسطينيين، كالأراضي الزراعية.
السبب المباشر لانتفاضة الأقصى:
في الوقت الذي كان فيه الجو مشحونا بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي في كامب ديفيد بشان ترتيبات الوضع الخاص لمدينة القدس، كان المجتمع الدولي ينتنظر خطوات يمكن تسجيلها -في خانة حسن النوايا- بعد فشل كامب ديفيد، على أمل ألا يكون كامب ديفيد نهاية الطريق، إذ إسرائيل من كامب ديفيد لتؤكد على ما أثارته أمام كلينتون من تمسكها بالقدس والمستوطنات، لكن بخطوات عمليه هذه المرة، فقد بدا الحديث يدور عن تحالف بين العمل والليكود، بما يعني أن هناك توافقا إسرائيليا داخليا تجاه الموقف من كامب ديفيد، ليس هذا فحسب بل ترافق التوتر السياسي السائد بشأن مدينة القدس مع زيارة زعيم حزب الليكود ارئيل شارون حينها إلى المسجد الأقصى، بما يحمله ذلك من دلالات سياسية في ظل إمكانية دخول الليكود إلى الحكومة، وهو ما حصل فعلا حين أصبح شارون رئيسا لوزراء إسرائيل، ودلالات استفزازية لمشاعر الفلسطينيين، الذين ثاروا غضبا ضد ما أقدم عليه شارون.

- مراحل الانتفاضة
*جماهيرية الانتفاضة
وهي المرحلة أو الهبة الشعبية التي تلت زيارة ارئيل شارون للمسجد الأقصى مباشرة، تميزت الانتفاضة خلالها بالمقاومة السلمية إذ كان الشبان الفلسطينيون يذهبون إلى الحواجز الإسرائيلية، للإعلان عن احتجاجهم على السياسات الإسرائيلية، إلا أن العنف الإسرائيلي في هذه المرحلة بلغ ذروته، مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى.
- عسكرة الانتفاضة
في هذه المرحلة أخذت قوات الأمن الفلسطينية، والتنظيمات تستخدم السلاح كشكل من أشكال المقاومة، وبالذات فيما يخص جنود الاحتلال على الطرق الالتفافية، إضافة إلى المستوطنات. ثم بدأت العمليات الفدائية (أو ما تعارف عليه فلسطينيا بالعمليات الاستشهادية) في داخل الخط الأخضر، إذ عمدت القوى الفلسطينية إلى إيقاع خسائر في الجانب الإسرائيلي، وزعزعة الأمن الفردي والجماعي للمواطنين الإسرائيليين، فتبنت كل فصائل المقاومة العمليات الفدائية نهجا لها، وكانت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح العمود الفقري لتنظيم السلطة، قد تبنت هذا النهج أيضا.
- تطوير وسائل المقاومة
وهي مرحلة استخدام الصواريخ، إذ طورت الفصائل الفلسطينية صواريخ محلية الصنع، وأصبحت تستهدف القرى والبلدات القريبة من قطاع غزة.
- التهدئة والهدنة
تقديم الفصائل الفلسطينية لهدنة من طرف واحد بحيث توقفت الفصائل الفلسطينية عن العمليات الفدائية وإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية مقابل قيام إسرائيل بوقف عمليات الاغتيال والملاحقة، توقفت الفصائل عن العمليات وإطلاق الصواريخ، فتوقفت بعدها إسرائيل بشكل جزئي إلا أنها عادت إلى الاستهداف والقتل من جديد.
الآثار والنتائج التي أحدثتها الانتفاضة الفلسطينية
تركت الانتفاضة الفلسطينية مجموعة من الآثار على الجانب الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، وشكلت هذه الآثار مجموعه من النتائج والتغيرات السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية

الآثار على الجانب الإسرائيلي

1- زعزعت الأمن الشخصي والجماعي للمواطن الإسرائيلي، فبالرغم من القمع المستمر وكل السياسات الوحشية الإسرائيلية، إلا أن عدد القتلى الإسرائيليين في الانتفاضة بلغ 1000 قتيل.
2- أحدثت الانتفاضة تراجع في العقيدة السياسية الصهيونية، كما أثرت سلبا على بنية المجتمع الإسرائيلي وارتباطه بالأرض فزادت الهجرة اليهودية من إسرائيل إلى أميركا وأوروبا.
3- أدت الانتفاضة إلى إحداث تغيرات سياسية في النظام السياسي الإسرائيلي، فلأول مرة يتبنى صانع القرار الإسرائيلي خطة بالانسحاب من الضفة الغربية والقطاع (وإن كانت هذه الخطة لا تلبي طموح الشعب الفلسطيني بقيام دولته، أو حتى الجدل الذي أثير حول توقيتها ومغزاها، إلا أن الانسحاب بحد ذاته شكل منعطفا في السياسة الفلسطينية وعلاقته بالاحتلال. ).
4- أحدثت الانتفاضة أضرارا اقتصادية بالغة في الاقتصاد الإسرائيلي.
5- أحدثت الانتفاضة آثارا بالغة في التركيبة الحزبية الإسرائيلية، إذ أنه ونتيجة للانسحاب من قطاع غزة انقسم حزب الليكود وتم تشكيل حزب كديما من أجل تطبيق خطة الانسحاب من الضفة الغربية من جانب واحد، وفاز الحزب في الانتخابات اللاحقة مما حول إسرائيل إلى دوله ليست ثنائية الحزب.

الآثار على الجانب الفلسطيني
- الآثار الايجابية
1- توحيد مختلف القوى الفلسطينية تحت شعار المقاومة ضد العدو، وهو ما فقده الشعب الفلسطيني خلال سنوات أوسلو.
2- إعادة الروح للقضية الفلسطينية وبالذات في محيطيها العربي والعالمي.
3- أظهرت الانتفاضة الفلسطينية طمع إسرائيل ووحشيتها.
4- وحدت الانتفاضة الفلسطينية الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وخارجة، وتمثل ذلك في انتفاضة العرب داخل الخط الأخضر واستشهاد 13 شخصا من العرب المقيمين داخل إسرائيل.
5- رفعت الانتفاضة الفلسطينية من مستوى التعاطف العربي مع القضية الفلسطينية والتعامل معهما، وقد بدا هذا واضحا في الدعم العربي سواء السياسي أم الاقتصادي للشعب الفلسطيني على مدار سنوات الانتفاضة.
6- جعلت الانتفاضة الفلسطينيين يقومون بأول انتخابات جامعة ونزيهة وليست محكومة بالسقف الإسرائيلي، إذ أنه وتحت "شعار شركاء في الدم شركاء في القرار" تم إجراء الانتخابات التشريعية بعد تعديل عدد أعضاء المجلس التشريعي ليصبح 132 عضواً، وتم إجراء الانتخابات.
- الآثار السلبية للانتفاضة:
1_ فقد الشعب الفلسطيني ما يقارب 5500 شهيد في الانتفاضة الحالية، من بينهم ما يقارب 450 شهيداً هم من القيادات الفلسطينية المعروفة سواء العسكرية أم السياسية، وفقد الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى القادة المؤسسيين لثلاث تنظيمات أساسية: الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي من حركة حماس، والرفيق أبو علي مصطفي عن الجبهة الشعبية (تم اغتيالهم بالصواريخ)، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إذ تتهم إسرائيل بأنها قتلته بالسم.
2- تم تدمير البنية التحتية لمؤسسات السلطة الفلسطينية بالكامل سواء المدنية أم العسكرية.
3- الفلتان الأمني الذي كان من السمات السيئة التي صاحبت الانتفاضة الفلسطينية وما أطلق عليه فوضى السلاح من قبل بعض العناصر.
4-الجدار العازل والذي أتى على الأراضي الفلسطينية وقضمها تارة بالضم وتارة بالمصادرة، حيث استغلت إسرائيل انشغال العالم بالحرب على الإرهاب وقامت بالإعلان عن فكرة بناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية الذي ضم ما يقارب 12% من أراضي الضفة الغربية.

- مفاوضات طابا
على الرغم من استمرار الانتفاضة الفلسطينية وتصاعد الأعمال العسكرية. استمرت مفاوضات "طابا" (في مصر)، ستة أيام، لوضع مخطط يهدف إلى إيقاف الانتفاضة، والاتفاق على أهم بنود عملية السلام، التي تتضمن القدس واللاجئين والمستوطنات. وانتهت المفاوضات مساء السبت 27 يناير 2001 بإعلان بيان مشترك، تضمن اتفاقاً على إطار لمتابعة المفاوضات بعد الانتخابات الإسرائيلية في 6 فبراير 2001، من دون التوصل إلى أي اتفاق حول المسائل الأساسية، وأعلن الطرفان أنهما استطاعا تقريب وجهات النظر، وإزالة كثير من نقاط الاختلاف، على أمل أن يتم لقاء بين الرئيس عرفات وإيهود باراك قبل الانتخابات الإسرائيلية، ولكن ذلك لم يتحقق.

- مميزات انتفاضة الأقصى وخصائصها
1. منح اسمها "انتفاضة الأقصى" بعداً دينياً إضافة إلى بعدها السياسي.
2- اتساع المشاركة الشعبية سواء مشاركة الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر أو في الأراضي المحتلة عام 1967.
3- ظهور العمل المسلح والمكثف في انتفاضة الأقصى وكان هذا الظهور على عدة مستويات الأول: اشتراك قوات الأمن الفلسطيني في إحداث المقاومة، المستوى الثاني :الاستخدام الكثيف للعمليات الفدائية من قبل الفصائل الفلسطينية المختلفة، والمستوى الثالث:الانخراط الواسع لأعداد كبيرة في العمل المسلح مما رفع مستوى ما يسمى بالمطلوبين الفلسطينيين حسب التعريف الإسرائيلي.
4- تحريك العالم العربي والإسلامي على نحوٍ لم تستطع الانتفاضة السابقة فعله.
5- الاستخدام الواسع للماكينة الإعلامية إذ جاءت انتفاضة الأقصى في ظل ما يعرف بالثورة الإعلامية.

المبحث الرابع المشهد السياسي الفلسطيني بين 2002-2006

شكل المشهد السياسي الفلسطيني في هذه الفترة مجموعة من العوامل، لعبت دورا بارزا في رسم معالم الخريطة السياسية للمجتمع والنظام السياسي الفلسطيني بعمومه، ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى ما يلي:

أولا: عملية السور الواقي الإسرائيلية وآثارها.
ثانيا: مشاريع التسوية السلمية: المبادرة العربية، وخطة خارطة الطريق.
ثالثا: التطورات على النظام السياسي الفلسطيني، الإصلاح واستحداث منصب رئيس الوزراء.
رابعا: رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والانتخابات الرئاسية الفلسطينية.
خامسا: الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من القطاع وبعض أجزاء الضفة الغربية.
سادسا: الانتخابات التشريعية الفلسطينية نتائجها وآثارها على القضية الفلسطينية.

- عملية السور الواقي
مع مجيء أرئيل شارون للحكم في إسرائيل، أصبح واضحا أن إسرائيل حسمت خيارها باتجاه تدمير الوجود السياسي للفلسطينيين، من خلال تدمير المؤسسة السياسية سواء الرسمية منها أم الحزبية، ولهذا تصاعدت موجات العنف الإسرائيلي تجاه المقاومة الفلسطينية باستهداف قيادات وأفراد المقاومة من جميع الاتجاهات الفلسطينية، وكانت السياسة الإسرائيلية في هذه الفترة تعمل تحت خطة استراتيجية وهي إحداث مجزرة وانتظار رد الفعل الفلسطيني عليها، ومن ثم القيام بالعديد من العمليات التدميرية التي تبدو بعين بعضهم وكأنها ردة فعل على العملية الفلسطينية.
وفي هذه الأثناء كانت الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة في حربها على الإرهاب واحتلال أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تطمح في إيقاف الانتفاضة الفلسطينية من أجل إتاحة المزيد من الوقت لها للساحات العالمية الأخرى خاصة وأن السياسة الإسرائيلية باتت تحرجها وبالذات مع أصدقائها العرب، لذا واصلت الولايات المتحدة الأمريكية دعوتها إلى إيقاف أعمال العنف وإيفاد المبعوثين من أجل الوصول إلى ذلك، ففي 26/11/2001 وصل الجنرال انتوني زيني إلى المنطقة بهدف: تفعيل دور الولايات المتحدة الأمريكية برعاية العملية السلمية، ووقف الانتفاضة وأعمال العنف الإسرائيلية. وعلى الرغم من وجود زيني في المنطقة استمرت إسرائيل بسياسة التدمير الوحشي، واستمرت المقاومة الفلسطينية بأعمال المقاومة كرد طبيعي، إلا أن أبرز تلك الأعمال كانت العملية التي وقعت في 2/12/2001 م في مدينة حيفا وأدت إلى مقتل أربعة عشر إسرائيليا، وقد أربكت هذه العمليات الجانب الإسرائيلي، وجعلت الجانب الأمني والجيش الإسرائيلي يتخذها ذريعة للاستمرار في مخططاته السابقة الرامية إلى تدمير السلطة الفلسطينية، وبالفعل وفور عودة أرئيل شارون من الولايات المتحدة الأمريكية في 3/12/2001 اجتمع بالمجلس الأمني المصغر وتم اتخاذ عدة قرارات ومن أهمها:
1-اعتبار السلطة الفلسطينية كيان داعم للإرهاب.
2-المس برموز السلطة الفلسطينية.
3- ضرب منشآت السلطة وتدمير مقراتها.
وعلى الفور سارعت الزوارق البحرية الإسرائيلية إلى تدمير مطار غزة الدولي ومقري المحافظة والشرطة في مدينتي جنين وطولكرم، وتلا ذلك تدمير مقرات القوة 17، وتطويق الدبابات الإسرائيلية لمقر الرئيس الفلسطيني في رام الله بتاريخ 3/12/2001 ومنذ هذا التاريخ، صنفت إسرائيل الرئيس الفلسطيني على أنه عقبه في وجه السلام وتم منع الرئيس الفلسطيني من السفر لحضور الاجتماع الوزاري الطارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة في 10/12/2001 م، واستمرت إسرائيل بسياساتها الوحشية باحتلال مدينة بيت حانون بالكامل، ونتيجة لتردي الأوضاع أعلن زيني عن فشل مهمته وعودته للولايات المتحدة الأمريكية.
في 16/12/2001 م توجه الرئيس الفلسطيني بخطاب إلى الشعب الفلسطيني مؤكدا فيه الوقف الفوري والشامل لجميع الأعمال المسلحة وبخاصة الهجمات الانتحارية، وتجاوبت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس بتعليق عملياتها العسكرية الاستشهادية وقصف الهاون، إذا استجابت إسرائيل لذلك، وتبع ذلك حركة الجهاد الإسلامي، وهكذا تكون القوى الفلسطينية، قد قدمت عرضا لوقف المقاومة من طرف واحد ـ إلا أن الرد الإسرائيلي جاء بمنع الرئيس من السفر إلى بيت لحم لحضور احتفالات عيد الميلاد، وأكدت أنها لن تسمح للرئيس بمغادرة رام الله إلى أي مكان.
جعل خطاب الرئيس الفلسطيني جعل وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يعلن عن عودة الجنرال انتوني زيني إلى المنطقة مرة أخرى، فسارعت إسرائيل إلى استباق عودة زيني بوضع الاشتراطات بأن الرئيس الفلسطيني سيبقى محاصراً، ما لم يقم باعتقال قتلة وزير السياحة الإسرائيلي رحبئام زئيفي*، مما أفشل بعثة زيني للمرة الثانية، وعاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى.
ومع فشل مهمة زيني الثانية، وبداية العام الجديد، انهار وقف إطلاق النار المقدم من قبل الرئيس والقوى الفلسطينية إذ أقدمت إسرائيل على اغتيال رائد الكرمي قائد كتائب الشهيد ثابت ثابت التابعة لشهداء الأقصى في طولكرم على الرغم من أن السلطة الفلسطينية اعتقلت الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات، جعلت هذه السياسة الإسرائيلية كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس تقومان باستئناف العمليات الفدائية داخل إسرائيل وكان من أبرز هذه العمليات عملية وفاء إدريس في 30/1/2002 م، التي كانت أول عملية تنفذها فتاة فلسطينية.
شهدت الأشهر الأولى للعام 2002م تصعيدا في مستوى عمليات المقاومة الفلسطينية، ووحشية المجازر الإسرائيلية، وبالذات شهري فبراير ومارس، حيث قامت القوات الإسرائيلية في حادثة فريدة من نوعها بقصف مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله خلال اجتماعه مع مبعوث الاتحاد الأوروبي ميغل موراتينوس، مما أدى إلى إدانة دولية لهذا العمل، حتى إن الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان وزير خارجيتها كولن باول انتقدت سياسة أرئيل شارون، أما الرئيس الأمريكي، فقد أعلن عن قلقه بسبب الخسائر المأساوية بالأرواح والعنف المتصاعد، وأعلن عن إيفاد المبعوث الأمريكي انتوني زيني للمرة الثالثة إلى المنطقة.
استبقت إسرائيل زيارة الموفد الأمريكي إلى المنطقة بارتكاب مجزرة في 8/3/2002 م في مناطق السلطة الفلسطينية أسفرت عن استشهاد 43 شهيدا فلسطينيا. مما أدى إلى قيام كتائب عز الدين القسام بعملية تفجيرية نوعية قرب مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون في القدس أدت إلى مقتل أحد عشر إسرائيليا وجرح مائة وخمسة آخرين تلا ذلك عملية لكتائب الأقصى أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح أربعين.
وصل المبعوث الأمريكي في منتصف مارس إلى المنطقة، وفي الوقت نفسه كان وزير الدفاع الأمريكي في إسرائيل وخلال مؤتمر صحفي بين أرئيل شارون وديك تشيني كرر أرئيل شارون عدم السماح للرئيس الفلسطيني من حضور مؤتمر القمة العربي المنوي عقده في بيروت في27/3/2002م، وهذا مؤشر قوي يدل على أن إسرائيل غير جادة في إيجاد أي حل ولو جزئي.
استمر انتوني زيني في مهمته، عقد خلالها العديد من اللقاءات مع الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي كل على حداه، وتم تشكيل طواقم أمنية فلسطينية –إسرائيلية مشتركة، وطُلب من الطواقم أن تقدم مقترحات للخروج من المأزق، وقدم الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني مقترحاتهم ومن ثم قام زيني بتقديم ورقة أمريكية توفيقية للمقترحات.

- المقترحات التوفيقية الأمريكية
تم تقسيم المقترحات إلى ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى ومدتها 48 ساعة ويتم خلالها:
1-إصدار الجانبين بيانا لوقف إطلاق النار.
2-وقف إسرائيل للنشاطات الأمنية في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
3-السلطة تصدر أوامرها لقواتها باتخاذ خطوات ضد الإرهاب.
يلاحظ على السياسة الأمريكية في هذا الجانب ما يلي: أولا: ابتعاد السياسة الأمريكية عن المنطقة إذ اكتفت بتقديم حلول عملية من أجل وقف الأعمال العسكرية والضغط على السلطة الفلسطينية من أجل القيام باعتقال المقاومين، وثانيا: إن الولايات المتحدة استغلت القضية الفلسطينية من أجل تثبيت أجندتها في المنطقة.
أهم الآثار والنتائج التي ترتبت على عملية السور الواقي
كان لعمليات السور الواقي، آثار ونتائج على القضية الفلسطينية فيما يتعلق بإسرائيل والعملية السلمية بكاملها، وكذلك إستراتيجية التفكير في السلطة الفلسطينية، إذ أن عمليات السور الواقي لم تكتفِ بتدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية، بل ترافقت هذه العمليات مع خطوات استراتيجية على أرض الواقع ليس أقلها بناء جدار الفصل الذي هدف إلى إعادة ترسيم حدود إسرائيل بشكل يقضم الضفة الغربية في أي حل مستقبلي ويكون عائقا أمام أي دولة فلسطينية لديها القدرة على القيام بأعبائها، وعليه فإن من أبرز الآثار التي تركتها عمليات السور الواقي ما يلي:
1- تدمير بنية السلطة الوطنية الفلسطينية بالكامل.
2- امام الحصار على الرئيس الفلسطيني الذي بقي محاصرا في مقره حتىتشهاده.
3- ضرب الملاذ الأمن للمقاومة والمعروف بمنطقة (أ) حيث تم اعتقال 1400 شخص تقول إسرائيل إنهم مشتركين في عمليات إرهابية، ولا شك أن الاعتقالات الواسعة وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء في فترة قصيرة أدت إلى تفكيك معظم الخلايا المسلحة، وربما الوصول إلى كم رهيب من المعلومات بشأن آليات عملها على الأرض.
4- إلغاء كل الاتفاقات السابقة، وخلق أرضيّة جديدة لمراحل تفاوضيّة قد تطول عقودا، ويشكّل هذا الوضع وضعا قاتلا للفلسطينيّين؛ لأن قتل الوقت يعني قتل القضيّة، من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي.
6. رسّخ شارون في ذهن العالم أجمع والعالم العربي خاصة نمطا معيّنا من التصرف العنيف ضد الفلسطينيّين، إذ أصبح مقبولا، ولا يتجاوز الخطوط الحمر، فلم نعد نرى ردّات فعل ضد تصرّفات تمنعه من ممارسة العنف.
7- استطاع الشعب الفلسطيني أن يثبت أنه عصيّ على الانكسار، تمثل ذلك في معركة مخيم جنين.
8- رافق عملية السور الواقي جمله من السياسات الفلسطينية، أثرت وسيكون لها تأثير على القضية لاحقا ومن أبرزها:
أولا: موافقة القيادة الفلسطينية على سياسة الإبعاد كما حصل مع مبعدي كنيسة المهد.
ثانيا: الموافقة على اعتقال أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات ورفاقه في سجن أريحا تحت إشراف أوروبي وأمريكي.
كل هذه التطورات جعلت الإدارة الأمريكية تلتفت على المرحلة محاولة تجاوز كل هذه العقبات، عبر تفعيل ملف الإصلاح في السلطة الفلسطينية كمطلب أساسي قبل البدء بأي عملية سياسية. ولقد تزامن ذلك مع إطلاق الرئيس الأمريكي لرؤيته للسلام في الشرق الأوسط والتي تضمنت النقاط التالية:
1-دولتين لشعبين، دولة للشعب اليهودي، وأخرى للشعب الفلسطيني.
2- تكون الدولة الفلسطينية ذات حدود مؤقتة.
3-انتخاب قيادة فلسطينية جديدة لا تدعم الإرهاب.
4-إعادة هيكلة ودمقرطة المؤسسات التشريعية والقضائية الفلسطينية، وصياغة دستور فلسطيني.
تم التعامل الفلسطيني مع رؤية بوش على أنها تحتوي على تطور سياسي إذ احتوت الرؤية في جانبها السياسي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وهي للمرة الأولى التي تقوم فيها الولايات المتحدة الأمريكية بالإعلان عن مثل هذا التصريح، إلا أن بعضهم نظر إلى الرؤية على أنها إعلان بلفور جديد، فقد تضمنت مصطلح دولة" للشعب اليهودي"، وهو ما رسمت عليه إسرائيل سياستها لاحقا مطالبة الجانب الفلسطيني بالاعتراف بإسرائيل ليس بصفتها الإسرائيلية، وإنما بصفتها اليهودية، مما يعني الإلغاء المباشر لحق العودة الفلسطيني ويطرح العديد من الأسئلة حول موضوع الفلسطينيين الموجودين الآن في إسرائيل، أما فيما يخص الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، فقد كانت الإصلاحات أصلا مطلبا فلسطينيا داخليا، وهنا أتت السياسة الأمريكية محاولة توظيف مفهوم الإصلاح من أجل تحقيق سياساتها باستبعاد الرئيس الفلسطيني ووقف الانتفاضة. إن موضوع الإصلاح في السلطة الفلسطينية ليس بالموضوع الجديد، ولكن الجديد في الموضوع هو الأهداف التي تريدها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من وراء هذه العملية، فمنذ عام1997م، ومنذ صدور تقرير الفساد وموضوعة الإصلاح تعتبر مطلبا لكل القوى الفلسطينية وعلى رأسها حركتي فتح وحماس، وباقي القوى الوطنية الفلسطينية الأخرى، إلا أن موضوع الإصلاح يأتي الآن ضمن الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية لتحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية ومنها:
1-إدراك القيادة الأمريكية أن الشخص القادر على إحداث الإصلاح هو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تستغل حالة الضعف التي يمر بها الرئيس الفلسطيني من أجل الاستجابة لبعض الاملاءات الأمريكية والإسرائيلية.
2- بعث الروح في السلطة الفلسطينية والتي تآكلت شرعيتها في الشارع الفلسطيني قبل الانتفاضة، ودمرت مؤسساتها بعد الانتفاضة مما أفقدها الشرعية، وهنا أريد من عملية الإصلاح بعث الروح في السلطة للقيام بواجبها الأمني.
إدراك الرئيس الفلسطيني الأهداف البعيدة لعملية الإصلاح، لذا جاء الرد عليها من الجانب الفلسطيني بمحاولة إخراجها بصورة فلسطينية والالتفاف على المساعي الأمريكية، خاصة وأن القوى الفلسطينية الأخرى وعلى رأسها حركة حماس قد رفضت الاشتراك بعملية الإصلاحات الهيكلية داعية إلى إصلاح المشروع الوطني كاملا، بمعنى إعادة النظر باتفاقات أوسلو، ولهذا رفضت حماس الاشتراك في الحكومة الفلسطينية التي تشكلت عشية إقرار منصب رئيس الوزراء الفلسطيني إلى السلطة الفلسطينية، ورفضت الطلب الفلسطيني بذلك.
قام الرئيس الفلسطيني بإلقاء خطاب أمام المجلس التشريعي الفلسطيني معلنا أنه يتحمل الخلل الذي واكب عملية بناء السلطة الفلسطينية، وأعلن عن تشكيل حكومة فلسطينية جديدة تم تقليص عدد الوزراء بها من 32 وزير إلى 23 وزير، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية اعتبرت أن هذه العملية لا تعتبر إصلاحا جوهريا

- اللجنة الرباعية وخطة خارطة الطريق:
إن البدايات الأولى لتشكيل اللجنة الرباعية كمطلب فلسطيني، بدأ مع المقترحات الفلسطينية المقدمة إلى المبعوث الأمريكي انتوني زيني، فقد أرادت القيادة الفلسطينية توسيع نطاق الإشراف والرعاية الدولية لعملية السلام بدل اقتصارها على الولايات المتحدة الأمريكية، ولذا اجتمع ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في مدريد وأصدرت اللجنة الرباعية بيانها المعروف ببيان مدريد بتاريخ 10/4/ 2002 الذي صيغت به الأسس التي تقوم عليها اللجنة الرباعية، ومن أهم هذه الأسس ما يلي:
1- دولتين جنبا إلى جنب: إسرائيل وفلسطين.
2- نبذ العنف والإرهاب.
3- مبدأ الأرض مقابل السلام وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن 242، 338، 1397.
عقد مجلس الأمن في اليوم التالي اجتماعا وأصدر بيانا يؤيد فيه ما ورد في بيان الرباعية الصادر عن قمة مدريد، و يدعو المجلس حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وجميع دول المنطقة إلى التعاون مع الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف التي حددها البيان المشترك، كما يصر على التنفيذ الفوري للقرارين 1402 و1403 لعام 2002.
وهكذا تحولت اللجنة الرباعية إلى مؤسسة أممية مدعومة من أعلى سلطة دولية وهي مجلس الأمن، وتحولت مبادئها إلى قواعد تعتبر أساس لأي عملية سلام في الشرق الأوسط، وتأتي أهمية اللجنة الرباعية كونها تضم المحاور الأساسية للنظام العالمي: الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي ـ هيئة الأمم المتحدة وروسيا الاتحادية.

- خريطة الطريق: ظروف التكوين والتطورات
ساهمت مجموعة من العوامل والظروف في إنتاج ما بات يعرف "بخارطة الطريق" للسلام في الشرق الأوسط، ومن أبرز هذه العوامل:
1-خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في الأمم المتحدة بتاريخ 10/11/2001، الذي أعلن من خلاله تبني الولايات المتحدة فكرة قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
2-قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1397 في 12/3/2002 الداعي إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وضمن حدود معترف بها.
3-المبادرة العربية.
وبعد خطاب الرئيس الأمريكي في 24/6/2002 ورؤيته للدولة الفلسطينية، والحل السياسي المنشود، عقدت سلسلة مشاورات بين أقطاب اللجنة الرباعية التي عهد إليها ترجمة مسودة الأفكار الأمريكية إلى مشروع سلام في المنطقة، وهكذا تمت صياغة مسودة خارطة الطريق.
مرت خارطة الطريق بثلاث مراحل رئيسية : المسودة الأولى بتاريخ 15/10/2002 التي وضع كلا الجانبين اعتراضاتهما على المسودة. المسودة الثانية: في 22/12/2002 م حيث تم أخذ الملاحظات وضمها إلى المسودة، وكان من المفترض أن يبدأ العمل بتطبيق خارطة الطريق في الشهر نفسه إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أرجأت العمل بخارطة الطريق لما بعد الانتخابات الإسرائيلية. في 1/5/2003 م تم تسليم المسودة الثالثة والنهائية للجانبين. وافق الجانب الفلسطيني على الخطة في اليوم التالي بينما تلكأ الجانب الإسرائيلي إلى 20/5/2003 إذ وضع أربعة عشر تعديلا على الخارطة مما أفقدها معناها ورفع من مستوى البعد الأمني بها.
المشهد السياسي الفلسطيني والتطورات بعيد خارطة الطريق
فرضت خارطة الطريق نفسها على المشهد السياسي الفلسطيني الذي أخذ يتشكل ضمن بعد أساسي وهو محاولة المواءمة بين ما هو ممكن فلسطينيا والاستجابة إلى التطورات التي أملتها خارطة الطريق، فكما نصت خارطة الطريق على أن هناك مجموعة من الإصلاحات البنيوية على السلطة الفلسطينية القيام بها ومن أبرزها: أولا: تعين رئيس وزراء فلسطيني يمتلك صلاحيات فاعلة، وثانيا: صياغة دستور فلسطيني.
قام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في العاشر من مارس 2003 م بإلقاء خطاب أمام المجلس التشريعي الفلسطيني، دعا فيه إلى استحداث منصب رئيس وزراء، وافق المجلس التشريعي على استحداث المنصب وتعديل القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية وصدر التعديل بتاريخ 19/3/2003 في الجريدة الرسمية.
شكل استحداث منصب رئيس الوزراء جدلا كبيرا في الساحة الفلسطينية، ما بين معارض ومؤيد، فالأغلب نظر إليه من زاوية الاملاءات الأمريكية التي تهدف إلى إقصاء الرئيس الفلسطيني عن الساحة، والآخر اعتبره أنه يخدم المصلحة الفلسطينية العليا والتخلص من النظام الأبوي،الذي سيطر على الحكومات السابقة، وعلى النظام السياسي بشكل عام، وأيّا تكن مخرجات هذه الجدليات وتبعاتها، إلا أنها لم تغير من الحقيقة كثيراً، وتم تشكيل الحكومة الفلسطينية السادسة، وهي ثاني حكومة فلسطينية من الناحية العملية بعد حكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد حلمي باشا عام 1948م، وتم تشكيل لجنة في المجلس التشريعي الفلسطيني للإعداد لمسودة الدستور الفلسطيني وتكليف الدكتور أحمد مبارك الخالدي برئاسة اللجنة.
تعتبر الحكومة الفلسطينية السادسة برئاسة السيد محمود عباس أبو مازن حدثا بارزا لعب دورا أساسيا في رسم معالم المشهد السياسي الفلسطيني، فقد حظيت حكومة السيد أبو مازن بمباركة دولية وإسرائيلية، وكذلك ببعد داخلي فلسطيني، ففي 29 يونيو 2003، وبعد جهود دبلوماسية مكثفة، بذلتها أطراف عربية ودولية، توصلت فصائل المقاومة الفلسطينية، والحكومة الفلسطينية إلى اتفاق هدنة، تتعهد بموجبه تلك الفصائل بإيقاف كلّ أعمال المقاومة المسلحة ضد إسرائيل؛ تمهيداً لبدء تنفيذ خطة التسوية السياسية، التي تنص عليها "خريطة الطريق".
فقد أعلنت، في 29 /6/ 2003، كل من: "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" وقف العمليات العسكرية، بشرط وقف إسرائيل كلّ العمليات ضدها؛ ورفْعها الحصار عن المناطق الفلسطينية، وإيقافها عمليات الاجتياح والتدمير واطلاق سراح الاسرى.
ومن ناحية ثانية، شهدت هذه الفترة حراكا سياسيا باتجاه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وتم عقد لقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ قدم محمود عباس التصورات الفلسطينية التي من شانها أن تدفع عملية السلام إلى الأمام وعلى رأسها: فك الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ووقف بناء الجدار العازل والمستوطنات، وإخراج الأسرى وعلى رأسهم مروان البرغوثي.
ولمنح العملية بعدا سياسيا وزخما دوليا عقدت قمة "العقبة" (3 و4 يونيه 2003)"، بين الرئيس الأمريكي بوش؛ ورئيسَي الوزراء: الإسرائيلي "شارون"، والفلسطيني "أبو مازن"، إلا أن القمة لم تستطع أن تذيب الجليد عن العملية السلمية، بل بالعكس جاء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون مؤججا للأوضاع، إذ أنه وحسب وصف المحللين بدا وكأنه إعلان للدولة اليهودية بدل البحث عن إيجاد مخرج سياسي، واكتفت إسرائيل بمطالبة السلطة الفلسطينية بتنفيذ ما عليهما من التزامات قبل أن تقوم بتقديم أي شيء. ومن ثَم، سارعت إدارة "بوش"، إلى تدارك الموقف، فأرسلت "جون وولف" وفريقه؛ للبدء بالعمل، وتنفيذ المرحلة الأولى من "خريطة الطريق". وقد أسهم "وولف" في تقريب وجهات نظر الطرفَين، في شأن وقف إطلاق النار. كما زار المنطقة وزير الخارجية الأمريكية، "كولن باول"، في 20 يونيه 2003. والتقى رئيسَي الحكومتَين: الفلسطينية والإسرائيلية، في أريحا والقدس؛ من أجل العمل على وقف إطلاق النار؛ واستئناف المفاوضات السياسية في تنفيذ المرحلة الأولى من "خريطة الطريق"، التي تقضي بإيقاف إسرائيل عملياتها، بأشكالها كافة، من اغتيالات واقتحامات واعتقالات، أيْ إيقاف حربها على الفلسطينيين. وفي المقابل تتعهد السلطة وقف الأعمال العسكرية، بأشكالها كافة ضد الإسرائيليين. وفى حالة نجاح هذه الخطوة، تبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب التدريجي من مناطق السلطة، إلى مواقعها قبل سبتمبر2000.
وانتهت اجتماعات "العقبة"، وبدأت اللقاءات الأمنية، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي الوقت عينه، بدأت محاولات وجهود عربية، وخاصة من جانب مصر؛ لتحقيق التقارب بين السلطة الفلسطينية وحكومة "أبو مازن" من جهة، وبين المقاومة الوطنية، لاسيما حركة "حماس"، من جهة أخرى. وهي جهود استمرت عدة أيام؛ من أجل نجاح الهدنة المطلوبة، والبحث عن الحل السياسي.
أمّا الحكومة الإسرائيلية، فقد نشطت في المحاور كافة، للحيلولة دون البدء بتنفيذ "خريطة الطريق من جانبها، واكتفت بالتركيز على مطالبة السلطة بتطبيق الالتزامات المترتبة عليها، واجتهدت في إقحام "أبو مازن" في مواجهة مسلحة للفصائل الفلسطينية، ودفْعها إلى قطع الحوار مع الحكومة، من خلال عمليات اغتيال القيادات، والتوسع في اقتحام المنازل وهدمها، وغير ذلك من الأعمال الاستفزازية.
وعند تقييم هذه المرحلة بكل أبعادها فيمكن إيجاز أهم ملامح هذه المرحلة بالنقاط التالية:
1-على الرغم من الترحيب الدولي والإسرائيلي بالتغيرات الفلسطينية، إلا أنه لم يتم تقديم أي شئ عملي لرئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، بالرغم من برنامج الحكومة السياسي الذي يلبي كل متطلبات خارطة الطريق من خلال موقفه الواضح والمتمثل في ما أطلق عليه رفضه الشخصي " لعسكرة الانتفاضة".
2-كان لتعيين رئيس وزراء فلسطيني آثاره الايجابية باتجاه دمقرطة النظام السياسي الفلسطيني والإصلاح. إذ أنه لولا وجود هذا المنصب، لكان من الصعب إجراء انتخابات فلسطينية تشريعية وبمشاركة حركة حماس كما حدث لاحقا.
3-باستحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني خلقت مشكلة الصلاحيات في النظام السياسي الفلسطيني، إذ أن القانون الأساسي الفلسطيني أتى على محاولة توفيقية بين مؤسسة الرئاسة بقيادة الرئيس ياسر عرفات ومؤسسة رئيس الوزراء، وهذا أوجد صراعا على الصلاحيات في العهد الأول لوجود المؤسسة، مما أدى إلى استقالة الرئيس محمود عباس من منصبة وصراعه مع الرئيس ياسر عرفات، وتلا ذلك الصراع على الصلاحيات بين رئيس الوزراء الفلسطيني في عهد حكومات حماس والرئيس محمود عباس.
4-على الرغم من تعين الدكتور سلام فياض وزيرا للمالية والمعروف لدى الأوساط الدولية، فيما يخص موضوعة الشفافية المالية، إلا أن الحصار المالي الجزئي بقي آنذاك على السلطة الفلسطينية.
هذه الأسباب أدت إلى استقالة الحكومة الفلسطينية السادسة وتعين حكومة فلسطينية جديدة برئاسة السيد أحمد قريع "أبو علاء" وتشكلت بعدها ثلاث حكومات فلسطينية جميعها برئاسة السيد أحمد قريع إلى أن أتت الحكومة العاشرة الفلسطينية، نتيجة لإفرازات الانتخابات التشريعية الثانية التي أدت إلى فوز حماس بالانتخابات التشريعية وتشكيلها أول حكومة فلسطينية برئاسة السيد إسماعيل هنية.

- تطورات النظام السياسي الفلسطيني :ما بين خطة فك الارتباط الإسرائيلية والانتخابات التشريعية الثانية
شكل عام 2004م جملة تطورات سياسية وجغرافية على الواقع السياسي الفلسطيني كان الحدث الأبرز باتجاه رسم معالم النظام السياسي الفلسطيني في واقعنا المعاصر، إذ أن المشهد السياسي الفلسطيني تشكل في ظل واقعين جديدين كانت لهما نتائجهما المميزة على مختلف الجوانب، وآثارهما ما زالت ملموسة على النظام السياسي الفلسطيني: الحدث الأول: إعلان أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطته" فك الارتباط مع قطاع غزة وشمال الضفة الغربية"، والحدث الثاني: رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وما تلا ذلك من انتخابات رئاسية فلسطينية وانتخابات تشريعية، ونتائجهما. لذا سيحاول هذا الجزء الوقوف بشكل تحليلي على أهم التطورات والملامح التي ميزت النظام السياسي الفلسطيني وآثارهما على القضية والمجتمع الفلسطيني.
خطة فك الارتباط:
أثناء لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في واشنطن في 14/4/2004 سلم أرئيل شارون الرئيس الأمريكي خطته المعنونة بـ " فك الارتباط عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية"، وفي 6 حزيران 2004م تبنى مجلس الوزراء الإسرائيلي خطة فك الارتباط مع القطاع وشمال الضفة الغربية، التي احتوت على بعدين كما جاء في الخطة : البعد الأول وهو السياسي، والثاني وهو الإجرائي. فبموجب الخطة ستقوم إسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة وإخلاء المستوطنات الموجودة في القطاع، إضافة إلى أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية. أما من الناحية الإجرائية فإن إسرائيل ستقوم بالانسحاب من طرف واحد ودون التنسيق مع الجانب الفلسطيني.

وعند تحليل مكونات الخطة يمكن ملاحظة النقاط التالية عليها:
1- أن استبعاد الطرف الفلسطيني من عملية تنسيق إخلاء المستوطنات وانسحاب الجيش الإسرائيلي، منح الإسرائيليين فرصة التحكم في آلية العمل السياسي في الأراضي الفلسطينية.
2- لقد منحت الخطة إسرائيل فرصة التخلص مما تسميه البعد الديمغرافي، وهذا ما نصت عليه الخطة بصراحة، إذ استطاع الجانب الإسرائيلي أن يتخلص من حكم مليون وثلاثمائة فلسطيني في القطاع.
3- إن انسحاب الجيش الإسرائيلي وإخلاء المستوطنات لم يعن البتة انتهاء سيطرت إسرائيل على القطاع، بل إن ما حدث هو إنهاء السيطرة الواضحة والإبقاء على السيطرة الأمنية وذلك عبر المعابر والحدود وكذلك عن طريق السيطرة على الأجواء.
4- منحت فكرة الانسحاب من جانب واحد إسرائيل التخلص من التزاماتها في خارطة الطريق، وهي قضايا الوضع الدائم والدولة الفلسطينية المستقلة.
وعلى الرغم من كل هذه النقاط إلا أن خطة فك الارتباط كانت لها مجموعة من الإيجابيات:
1- أن انسحاب إسرائيل وإخلاء المستوطنات في القطاع مؤشر على أن انسحاب إسرائيل وإخلائها للمستوطنات من الضفة الغربية ممكن إذا توفرت الظروف لذلك.
2- منح الانسحاب الشعب الفلسطيني ليحكم نفسه بنفسه، وإن كانت هذه الفكرة مجزوءة إلا أنها معاشة.
3- منح المقاومة الفلسطينية فرصة النمو والتطور بشكل آخر.
رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات
على مدار نصف قرن من الزمان كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات محور السياسة الفلسطينية والمحرك لتفاعلاتها سواء الداخلية أو الخارجية، فهو الرئيس المنتخب للسلطة، ورئيس منظمة التحرير، ورئيس حركة فتح، ورئيس دولة فلسطين التي أعلنها المجلس الوطني في الجزائر عام 1988، إلى جانب سيطرته على الأوضاع المالية للمؤسسات الفلسطينية. وبعد الانتقال من خيار المقاومة إلى خيار التسوية، والتوصل لاتفاقات أوسلو التى قادت إلى تشكيل السلطة الوطنية، تجمد الوضع نتيجة عوامل عديدة، من بينها إمساك الرئيس ياسر عرفات بالكثير من خيوط العمل الفلسطيني سياسيا وعسكريا، ورغم المحاولات التى سعت لتحميل الرئيس عرفات مسئولية تجميد المفاوضات، إلا أنه ظل أحد الأطراف الأساسية القليلة التى يتحقق حولها الإجماع مهما اختلف أو اتفق معه الآخرون، وبالتالي أثار غيابه التساؤل حول الخطوة التالية باعتبارها خطوة فارقة، ويمكن أن تشكل نقطة بداية لإعادة رسم موازين القوة وتقسيم الأدوار بين أطراف الساحة الفلسطينية، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول السيناريوهات المحتملة ونتائجها على القضية الفلسطينية والمنطقة.
في 11/11/2004 أعلن عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في احدى المستشفيات الفرنسية بباريس وقد كان لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جملة من التبعات على النظام السياسي الفلسطيني، وإن كان تم تجاوز هذه المرحلة بالانتقال السلس للسلطة الفلسطينية إلا أن تبعاتها ما زالت تعرقل عملية نمو السياسة الفلسطينية، فالرئيس الفلسطيني حكم منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية تقريبا منذ انشائهما، وقد تميزت شخصية ياسر عرفات بالكاريزمية مما طبع النظام الفلسطيني طوال فترة حكمه بالفردية.كما أن رحيل الرئيس الفلسطيني أتى في فترة تعاني منها حركة فتح من ترهل تنظيمي وإداري وهي الحركة التي شكلت العمود الفقري للنظام السياسي الفلسطيني، وما أن أعلن عن وفاة الرئيس الفلسطيني حتى تم على الفور التغلب على عملية انتقال السلطة وبشكل سلس: فانتقلت رئاسة السلطة الفلسطينية إلى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني آنذاك روحي فتوح وأعلن عن انتخابات رئاسية في غضون ستين يوما حسب القانون الأساسي الفلسطيني، وتم تعيين محمود عباس أبو مازن رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفاروق القدومي رئيسا لحركة فتح.

- الانتخابات الرئاسية
ينص القانون الأساسي الفلسطيني على أنه في حال شغر منصب الرئيس يستلم مقاليد السلطة رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، ويتم الإعداد لانتخابات رئاسية خلال ستين يوما، وهذا ما حصل إذ تمت الانتخابات الرئاسية الفلسطينية خلال ستين يوما من وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. بدأت الانتخابات الرئاسية الفلسطينية في التاسع من يناير 2005 م لانتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية خلفا للرئيس الراحل ياسر عرفات وهي الانتخابات الثانية بعد الانتخابات التي جرت في عام 1996 م.
وقد شارك في العملية الانتخابية سبعة مرشحين بعد انسحاب ثلاثة آخرين. قاطعت ثلاثة أحزاب فلسطينية انتخابات الرئاسة الفلسطينية وكان من أبرز القوى التي قاطعت الانتخابات: حركة حماس حيث قاطعت الانتخابات الرئاسية ترشيحا وتصويتا. والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقد قاطعت الانتخابات بعدم ترشيح أي من أفرادها، إلا أنها دعمت الدكتور مصطفى البرغوثي لاحقا. إضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي التي قاطعت الانتخابات ترشيحا وتصويتا.
أعلنت الحركات الثلاث عن سبب مقاطعتهما للانتخابات الرئاسية، لأنه لم يتم التنسيق على إجراء الانتخابات بشكل وطني موسع، وإنما تم ذلك عبر طرف واحد وهو حركة فتح، فقد أعلن إسماعيل هنية أن مطلب حماس يستند إلى المطلب الشعبي الفلسطيني العام الداعي إلى إجراءات شاملة لترتيب البيت الفلسطيني، وإجراء تغييرات ديمقراطية حقيقية، وتحقيق الشراكة الحقيقية في القرار الفلسطيني، وإعطاء الاعتبار للمؤسسية في الساحة الفلسطينية، وإنهاء حالة ونهج التفرد والاستفراد في الساحة الفلسطينية، وتشكيل اتفاق عام على رؤية سياسية جديدة تناسب المرحلة الراهنة ومقتضياتها، ودعا هنية إلى إجراء انتخابات شاملة رئاسية وبرلمانية وبلدية (محلية) في آن واحد، على أساس هذه الرؤية وعلى أساس التوافق الفلسطيني العام، أما الجبهة الشعبية التي كانت قد شاركت الفصائل اليسارية في الاتفاق على مرشح موحد، أعلنت لاحقا أنها لن تشارك وأبقت الباب مفتوحا لدعم أي مرشح شريطة أن يحقق الشروط التالية: التمسك بثوابت القضية الوطنية في العودة وتقرير المصير وصيانة وترسيخ الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية تحترم التعددية وصيانة تضحيات شعبنا التاريخية. أما الجهاد الإسلامي فقد أعلنت أن موقفها من الانتخابات هو موقف مبدأي ولن تشارك في أي نوع من الانتخابات.
وبعيدا عن هذا الموقف للفصائل الثلاث جرت الانتخابات الرئاسية الفلسطينية، بتنافس سبعة من المرشحين، بعد انسحاب ثلاثة آخرين، حيث تنافس في الانتخابات مرشحين عن حركة فتح، الجبهة الديمقراطية، حزب الشعب، فلسطين المستقلة، وثلاث شخصيات من المستقلين. جرت الانتخابات في جو ديمقراطي وحسب النتائج التي أفرزتها الانتخابات فاز الرئيس الفلسطيني ومرشح حركة فتح محمود عباس (أبو مازن).
ومع تولي الرئيس الفلسطيني لمنصب الرئاسة أصبحت موضوعة الإصلاح تتطلب بعدا آخر وهو الشراكة السياسية، لأنه بدون شراكة سياسية لا يمكن الحديث عن مقدرة الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" تطبيق برنامجه بشقيه الداخلي والخارجي، فلا يمكن الكلام عن إصلاح البيت الفلسطيني بدون شراكة حقيقة تضم كافة القوى السياسية على الساحة الفلسطينية، ولا يمكن الحديث عن إنهاء عسكرة الانتفاضة أو الحديث عن السلام طالما حركة حماس والجهاد الإسلامي وباقي الفصائل الفلسطينية خارج إطار النظام السياسي الفلسطيني، خاصة أن المشاركة السياسية أصبحت مطلبا للفصائل بدءاً بحماس وانتهاء بكل الفصائل ما عدا الجهاد الإسلامي. ولتحقيق هذا الهدف استضافت القاهرة قمتين: الأولى جمعت كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وارئيل شارون، والرئيس المصري حسني مبارك، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في شرم الشيخ. بتاريخ 8/فبراير 2005م والثانية بين الفصائل الفلسطينية التي نتجت عنها وثيقة القاهرة بتاريخ 15-17/مارس 2005 م.

- حوارات القاهرة والنتائج
شهدت القاهرة على مدار الفترة السابقة ومنذ يناير 2005م حوارات بين الفصائل الفلسطينية بدأت بين حركتي فتح وحماس ثم توسعت دائرة الحوارات لتشمل مختلف الفصائل الفلسطينية، فقد شارك في حوارات القاهرة اثنا عشر فصيلا فلسطينيا، انتهت هذه الحوارات بتوقيع الفصائل الفلسطينية في 17 مارس 2005 بما أصبح يعرف في الحياة السياسية الفلسطينية بوثيقة القاهرة التي كانت من أهم ما تضمنته ما يلي :
1-أكد المجتمعون على التمسك بالثوابت الفلسطينية دون أي تفريط، وحقّ الشعب الفلسطيني في المقاومة من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وضمان حقّ عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم.
2 - وافق المجتمعون على برنامج للعام 2005 يرتكز على الالتزام باستمرار المناخ الحالي للتهدئة، مقابل التزام إسرائيلي متبادل بوقف كافة أشكال العدوان على أرضنا وشعبنا الفلسطيني أينما وُجد، وكذلك الإفراج عن جميع الأسرى.
3- أكد المجتمعون أن استمرار الاستيطان وبناء الجدار وتهويد القدس الشرقية هي عوامل تفجير.
4- بحث المجتمعون الوضع الفلسطيني الداخلي، واتفقوا على ضرورة استكمال الإصلاحات الشاملة في كافة المجالات، ودعم العملية الديمقراطية بجوانبها المختلفة، وعقد الانتخابات المحلية والتشريعية في مواعيدها المحددة وفقاً لقانون انتخابي يتمّ التوافق عليه. ويوصي المؤتمر المجلس التشريعي باتخاذ الإجراءات لتعديل قانون الانتخابات التشريعية باعتماد المناصفة في النظام المختلط، كما يوصي بتعديل قانون الانتخابات للمجالس المحلية باعتماد التمثيل النسبي.
5- وافق المجتمعون على تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها وفق أسس يتمّ التراضي عليها بحيث تضمّ جميع القوى والفصائل الفلسطينية بصفتها المنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ومن أجل ذلك تمّ التوافق على تشكيل لجنة تتولى تحديد هذه الأسس وتتشكل اللجنة من رئيس المجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية وشخصيات وطنية مستقلة، ويدعو رئيس اللجنة التنفيذية لهذه الاجتماعات.
6- أجمع المشاركون على أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للتعامل بين كافة القوى، دعماً للوحدة الوطنية ووحدة الصفّ الفلسطيني، وعلى تحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية، واحترام حقوق المواطن الفلسطيني وعدم المساس بها، وأن استكمال الحوار خلال المرحلة المقبلة يعدّ ضرورة أساسية نحو جمع الكلمة وصيانة الحقوق الفلسطينية.
إذن مهدت حوارات القاهرة بداية لحقبة جديدة في العمل السياسي الفلسطيني، سواء فيما يخص العلاقة الفلسطينية- الفلسطينية، أو فيما يخص علاقة الفصائل الفلسطينية بإسرائيل، فعلى الصعيد الداخلي تم الاتفاق على ترتيب البيت الفلسطيني بالكامل: إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، أما على صعيد العلاقة مع الاحتلال فقد قدمت الفصائل الفلسطينية الهدنة من طرف واحد.
الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية(25/1/2006)
تعتبر الانتخابات التشريعية الثانية من المراحل الهامة التي مرت بها القضية الفلسطينية وذلك، لمشاركة اغلب الفصائل الفلسطينية فيها، وكذلك للجدليات التي رافقت الإعلان عن البدء بها ومواقف الأطراف من الانتخابات علاوة على النتائج التي أفرزتها، وتطور الأوضاع الفلسطينية بعيد الانتخابات سواء فيما يخص العلاقات الداخلية الفلسطينية -الفلسطينية أو علاقات السلطة بالعالم الخارجي.

- الأسباب التي أدت إلى الانتخابات الفلسطينية
تضافرت عدة عوامل جعلت الانتخابات الفلسطينية أمرا لا بد منه، وتنقسم هذه الأسباب إلى أسباب داخلية وخارجية:
الأسباب الداخلية:
1- أسباب تتعلق بالنظام السياسي الفلسطيني وحركة فتح، وقد تضافرت عدة عوامل بالدفع بعجلة الانتخابات ومنها:
أ‌) عدم أهلية المجلس التشريعي الذي مضى على ولايته أكثر من عشرة سنوات.
ب‌) موضوعة الإصلاح التي أصبحت تطالب بها حركة فتح.
ت‌) القيادة الجديدة وبرامجها، فقد أعلن الرئيس أبو مازن انه يمثل الشخصية القانونية في الحكم.
2- أسباب تتعلق بحركة حماس:
أ‌) فوز حماس الساحق في الانتخابات البلدية.
ب‌) ارتفاع نسبة تمثيل حماس في الشارع الفلسطيني أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مما جعل حماس ترفع شعار شركاء في الدم شركاء في القرار.
ت‌) اعتبار حماس أن الظروف المواتية ستسمح لها الدخول في الانتخابات
أسباب خارجية:
1-احتواء حماس.
2-مطالب الإصلاح الأمريكي والديمقراطية.
3-إفشال المشروع،من خلال تبني فكرة "أن الإسلاميين يمتلكوا شعارات ولا توجد لديهم برامج".
4-التوقعات التي سادت قبل الانتخابات من أن نسبة حماس لن تتعدى الأربعين بالمئة من نسبة أعضاء المجلس التشريعي، وبالتالي يمكن تمرير أي من القرارات دون قدرة حماس على إفشالها.
تعتبر الانتخابات الفلسطينية التشريعية الثانية من أهم المراحل التي مر بها الشعب الفلسطيني وذلك لعدة أسباب:
أولا: لأول مرة تجري انتخابات تشريعية فلسطينية تضم كل القوى الفلسطينية باستثناء حركة
الجهاد الإسلامي.
ثانيا: قدرة الشعب الفلسطيني على إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت الاحتلال.
ثالثا:رفعت الانتخابات مستوى الديمقراطية والحراك السياسي في المجتمع الفلسطيني.
رابعا: جرت الانتخابات التشريعية الفلسطينية بغياب القادة التاريخيين للشعب الفلسطيني وللأحزاب السياسية الفلسطينية.
خامسا: لم تجر الانتخابات بناء على الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية،وإنما بناء على اتفاق الفصائل في القاهرة، إذ أجريت بعض التعديلات كنظام الانتخابات المختلط، وزيادة عدد أعضاء المجلس التشريعي إلى 132 عضواً، ولم يتم تبني نظام انتخابي يلزم الأحزاب بالاتفاقات الموقعة بين السلطة وإسرائيل.
سادسا: جرت هذه الانتخابات مع ظهور تيارات فلسطينية لم تكن سابقا موجودة وهي تيارات وسطية ديمقراطية، كفلسطين المستقلة، والطريق الثالث.
سابعا: الاهتمام الدولي والرقابة الدولية.

- نتائج الانتخابات التشريعية الثانية
أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات التشريعية الفلسطينية نتائج الانتخابات التي كانت على النحو التالي:

أهم نتائج الانتخابات التشريعية الثانية وآثارها:
1- تحولت حركة فتح من الحكم إلى المعارضة، على الرغم من أنها ما زالت في رأس هرم السلطة بقيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن".
2- فازت حركة حماس ب60% من مجموع مقاعد المجلس التشريعي، وبهذا الفوز بدأ تحول النظام السياسي الفلسطيني إلى نظام شبه ثنائي الحزبية.
3- لم تستطع القوى والفصائل الصغيرة من الحصول على نسبة تؤهلها للعب دور في التحكم بمقاليد الحكم السياسي الفلسطيني لاحقا.
4- الموقف الدولي من نتائج الانتخابات لم يكن إيجابيا، خاصة موقف الولايات المتحدة الأمريكية، التي ربطت شرعية الحكومة التي تشكلت وفقا لنتائج الانتخابات التشريعية وإمكانية إقامة علاقات معها باعتراف الحكومة بإسرائيل، والاتفاقيات الموقعة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي ونبذ العنف.
ما بعد الانتخابات التشريعية الثانية
خلقت الانتخابات التشريعية الثانية ونتائجها بعض الأزمات، لكن داخل المؤسسة الواحدة هذه المرة، فقضايا الصلاحيات وإشكالية العلاقة مع المنظمة، كلها أمور بدأت في التسارع منذ أن فازت حركة حماس في الانتخابات، حتى باتت حالة يصعب معها العمل باستقرار داخل مؤسسات السلطة، وبدأت الخلافات تأخذ طابعاً فصائلياً ارتفعت وانخفضت في حدتها إلى أن وصل الامر نقطة أصبح معها الحل الجذري للإشكاليات القائمة ضرورة ملحة.
كان كل طرف له وجهة نظر في آلية حل الأزمة، وبشكل عام كانت الطروحات كالتالي:
-  أطروحة فتح وأبو مازن تؤمن بضرورة اعتراف حماس بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وضرورة توافق برنامج الحكومة وخطابها مع منظمة التحرير وميثاقها والاتفاقيات التي وقعتها.
-  أطروحة حماس والحكومة حينها، تؤمن بضرورة إصلاح منظمة التحرير بكافة جوانبها كشرط لاعتراف حماس والجهاد أيضا بها، مع ضرورة تحديد الصلاحيات وتوضيحها بشكل قطعي فيما يخص العلاقة بين مؤسسات السلطة.
بين هاتين الأطروحتين تأرجح الشارع الفلسطيني لشهور عدة، وبات يئن تحت ضغط الخلاف الفصائلي، والمقاطعة الدولية، فمع رفض حماس الاعتراف بإسرائيل قادت الولايات المتحدة الأمريكية حملة لمقاطعة الحكومة العاشرة ونجحت في ذلك، مخلفة ضائقة مالية ألقت بظلالها على الشارع الفلسطيني الذي بدأت تخرج منه دعوات للإضراب احتجاجا على عدم صرف الرواتب، كما قامت إسرائيل كذلك بعدم تحويل أموال الضرائب للحكومة الفلسطينية، مما حرم الحكومة الفلسطينية من إمكانية التعامل المالي الطبيعي فهي حرمت من أموالها الخاصة، وكذلك من أموال الدعم الخارجي حتى العربي، وتعاظم ذلك مع تهديد البنوك والمؤسسات الدولية عدم التعامل مع الحكومة لاحقا.
بدا واضحا أن أيا من الطرفين – فتح وحماس- لم يكن مستعدا للتنازل لصالح الطرف الآخر، وهذا ما ولد قناعة لدى الجميع بأنه لا مجال سوى التوافق حول صيغة مشتركة للعمل السياسي الفلسطيني، وعليه بدأت جولات الحوار بين كافة الفصائل الفلسطينية، لكن جولات الحوار هذه لم تتقدم قيد أنملة، إلى أن خرج الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بوثيقة للوفاق الوطني، حينها حدث حراك في سير الحوار الداخلي.
استقبلت الوثيقة بترحاب من الجميع، كونها خرجت من الأسرى بمختلف تنظيماتهم، لكن المصادقة عليها من قبل الفصائل لم تكن متاحة وخاصة من قبل حماس والجهاد التي رأت في الوثيقة بصيغتها الأولى بنودا تستوجب التعديل، وبناء عليه اتفقت الفصائل على الاجتماع في مدينة رام الله، وبحضور رئيس السلطة أبو مازن ورئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز دويك ليعلن بداية الحوار الوطني الفلسطيني على أساس وثيقة الأسرى.
كانت الأجواء مشحونة، بسبب انعدام الثقة يين الفصائل التي بدت واضحة، وما أن أعلن أبو مازن عن بدء الحوار في خطابه حتى تعززت حالة التوتر حين أشار إلى أنه سيقدم على إجراء استفتاء على وثيقة الأسرى إذا فشل المتحاورون، وفي الوقت الذي كان من المفترض فيه أن ينشغل المتحاورون في الاتفاق على صيغة ما لوثيقة الوفاق الوطني، بدوا أكثر انشغالا بالمدافعة عن حق الرئيس في إجراء الاستفتاء أو عدم حقه.
رغم حالة التوتر تلك نجحت الفصائل وفي الساعات الأخيرة إلى التوصل لاتفاق على صيغة معدلة لوثيقة الأسرى، ومنذ تلك اللحظة أخذت تعرف بوثيقة الوفاق الوطني.

- إخفاق الوثيقة
بالرغم من التفاؤل الذي ساد الشارع الفلسطيني لحظة توقيع وثيقة الوفاق الوطني بين الفصائل الفلسطينية، إلا أن النظرة التحليلية لوثيقة الوفاق تنبئ بغير ذلك، فقد تم صياغة الوثيقة بطريقة مرنة بحيث تقبل التأويل حسب وجهات النظر المختلفة، وهو ما جعلها أداة للخروج من المأزق مؤقتا، لا أن تكون نواة لحل جذري حقيقي.
القضايا العالقة التي سبقت الحوار الوطني في رام الله، هي ذاتها بقيت عالقة بعد الحوار، كقضية منظمة التحرير والمفاوضات، والاعتراف بإسرائيل، وما هي إلا فترة بسيطة حتى عاد الاحتقان ليصبح سمة الحياة السياسية الفلسطينية، فقد رفضت حركة فتح المشاركة في حكومة وحدة مع حماس حين عرض عليها ذلك.
ازداد التوتر حدة حين أعلنت القوى الدولية أن ما تم التوصل إليه بين الفلسطينيين من اتفاق ليس كافيا، كي يفك الحصار عنهم، وبالتالي بقي الوضع الاقتصادي على حاله، فانتقل التوتر في هذه المرحلة من ساحة النخب إلى الشارع، إذ مضت في تلك الفترة شهور طوال دون تحصيل الرواتب ودفعها، وهذا ما دفع إلى تنفيذ الإضراب عن العمل احتجاج على عدم صرف الرواتب.
عادت المقترحات من جديد لإيجاد حلول سريعة للمأزق الفلسطيني، دخل على ساحة الحوار بعض الدول العربية، وتقدم الرئيس أبو مازن بالتلويح بورقة الانتخابات المبكرة، فيما تمسكت حماس بموقفها. وبدأ الخلاف السياسي يتحول شيئا فشيئا إلى مواجهات ميدانية، حينها دخلت الساحة الفلسطينية في اقتتال داخلي خلف ضحايا من الأطراف كافة.
في ظل الوضع المأساوي الذي وصلت إليه الساحة الفلسطينية، أصبح التحرك العربي أكثر قوة، وبدأ هناك نوع من الضغوط تمارس على مختلف الأطراف الفلسطينية لوقف الاقتتال، وبدأت جولات جديدة للحوار برعاية مصرية كالعادة، ومن ثم جرت جولات أخرى في دمشق، إلى أن توجت أخيرا بحوار مكة، الذي توصل فيه الفلسطينيون إلى اتفاق مكة برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي رأوا فيه بداية لمرحلة جديدة، وكان نص اتفاق مكة الآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)
صدق الله العظيم
بناء على المبادرة الكريمة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، وتحت الرعاية الكريمة لجلالته، جرت في مكة المكرمة، بين حركتي فتح وحماس، في الفترة من 19 إلى 21 محرم 1428 هجرياً الموافق من 6 إلى 8 فبراير 2007، حوارات الوفاق والاتفاق الوطني الفلسطيني، وقد تكللت هذه الحوارات بفضل الله سبحانه وتعالى بالنجاح، حيث جرى الاتفاق على ما يلي:
أولاً: التأكيد على تحريم الدم الفلسطيني واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون ذلك، مع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال، وتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية.
وفي هذا الإطار نقدم الشكر الجزيل للإخوة في مصر الشقيقة والوفد الأمني المصري في غزة، الذين بذلوا جهوداً كبيرة في تهدئة الأوضاع في قطاع غزة في الفترة السابقة.
ثانياً: الاتفاق وبصورة نهائية على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين، والشروع العاجل في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكريسها.
ثالثاً: المضي قدماً في إجراءات تطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتسريع عمل اللجنة التحضيرية استناداً لتفاهمات القاهرة ودمشق. وقد جرى الاتفاق على خطوات تفصيلية بين الطرفين بهذا الخصوص.
رابعاً: تأكيد مبدأ الشراكة السياسية على أساس القوانين المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى قاعدة التعددية السياسية وفق اتفاق معتمد بين الطرفين.
إننا إذ نزف هذا الاتفاق إلى جماهيرنا الفلسطينية وجماهير أمتنا العربية والإسلامية وكل الأصدقاء في العالم، فإننا نؤكد التزامنا بهذا الاتفاق نصاً وروحاً، من أجل التفرغ لإنجاز أهدافنا الوطنية، والتخلص من الاحتلال واستعادة حقوقنا والتفرغ للملفات الأساسية، وفي مقدمتها قضية القدس واللاجئين والمسجد الأقصى وقضية الأسرى والمعتقلين ومواجهة الجدار والاستيطان. والله الموفق.
مكة المكرمة في 21 محرم 1428هـ - الموافق 8 فبراير 2007

وكاستحقاق متوقع حينها، وبعد التوقيع على اتفاق مكة مباشرة، اتفقت حركتا فتح وحماس على تشكيل حكومة وحدة وطنية، كي تكون عنوانا عمليا لمرحلة الوفاق الوطني، وتم توجيه الخطاب من الرئيس محمود عباس إلى إسماعيل هنية بتكليفه بتشكيل هذه الحكومة، وفيما يلي نص خطاب التكليف:

بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب تكليف بتشكيل حكومة
دولة السيد إسماعيل عبد السلام هنية تحية وبعد
بصفتنا رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبعد الإطلاع على القانون الأساسي وبناء على الصلاحيات المخولة
أولا: نكلفكم بتشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة خلال الفترة المحددة في القانون الأساسي.
ثانيا: بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة وعرضها علينا يتم عرضها على المجلس التشريعى لنيل الثقة.
ثالثا: أدعوكم كرئيس للحكومة المقبلة للالتزام بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني وصون حقوقه والحفاظ على مكتسباته وتطويرها والعمل على تحقيق أهدافه الوطنية، كما أقرتها قرارات المجالس الوطنية ومواد القانون الأساسي ووثيقة الوفاق الوطنى وقرارات القمم العربية وعلى أساس ذلك أدعوكم إلى احترام قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التى وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية.
وفقكم الله وسدد الله خطاكم على طريق الخير.
محمود عباس
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية

المبحث الخامس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية

جاءت حكومة الوحدة الفلسطينية كثمره لاتفاق مكة الموقع بين الفصائل الفلسطينية برعاية سعودية في مكة المكرمة، إذ تشكلت الحكومة من شخصيات حزبية فصائلية، وشخصيات مستقلة تم التوافق بين الفصائل عليها، وقد اعتبرت حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية انجازا فلسطينا عالي المستوى فلأول مرة منذ الانتخابات التشريعية يتم التوافق على برنامج سياسي عام وسياسة فلسطينية عامة، وقد تضمن البرنامج الوزاري للحكومة ما يلي:
أولا: احترام الحكومة لإلتزامات منظمة التحرير الفلسطينية .
ثانيا: تفويض منظمة التحرير والرئيس أبو مازن بإدارة المفاوضات مع الإسرائيليين.
ثالثا: الشروع بتطبيق الخطة الأمنية من أجل إنهاء حالات الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس.
رابعا: التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكافة إشكالها بما فيها المقاومة الشعبية.
خامسا: رفض الدولة ذات الحدود المؤقتة.
نالت حكومة الوحدة الوطنية ثقة المجلس التشريعي بناء على البرنامج السياسي الذي تلاه رئيس الحكومة وقتها السيد إسماعيل هنية، وبناء على تركيبتها كاملة بتاريخ 17/3/2007م. (على الرغم من أن أغلب أعضاء المجلس التشريعي في هذه الفترة كانوا داخل السجون الإسرائيلية وعلى رأسهم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز دويك).

- إشكاليات التطبيق
أولاً: إشكاليات داخلية:
واجهت الحكومة من جديد العديد من الإشكاليات، وكان من أبرزها؛ تشكيل مجلس الأمن القومي الفلسطيني، وإنهاء حالات الاقتتال، إذ بقيت المشكله الأمنية قائمة، وتوجت باستقالة وزير الداخلية الفلسطيني هاني القواسمي بعد ما يقارب الشهر من توليه لمنصبه، معللا استقالته بعدم قدرته الاستمرار في العمل "ضمن الصلاحيات العالية الممنوحة لمدير الأمن العام" . فشكلت استقالة وزير الداخلية أول الانهيارات في حكومة الوحدة الوطنية وبدأت تتعالى الأصوات تجاه قدرة اتفاق مكة على تحقيق الأهداف العليا للشعب الفلسطيني وخاصة فيما يخص الوقائع على الأرض حيث استمرت حالات الفلتان والإقتتال.
ثانياً: إشكاليات خارجية
من ناحية ثانية، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية والرباعية وإسرائيل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وعادت من جديد تشدد على أن قبول أي حكومة من الرباعية يتوقف على موافقة الحكومة على شروط الرباعية المتمثلة: بالاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، والاعتراف بالاتفاقات السابقة . وبالتالي بدأت الساحة الفلسطينية تدخل منعطف آخر، فعلى الصعيد الداخلي أخذت الأوضاع الأمنية تتوتر شيئا فشيئا، وعلى الصعيد الخارجي، لم يتقبل المجتمع الدولي الحكومة الفلسطينية، إلا من خلال تعامل الاتحاد الأوروبي مع بعض الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية وهم الوزراء غير المحسوبين على حركة حماس .
أخذت حدة الاقتتال الداخلي تشتد وأصبح عدد القتلى في الشارع الفلسطيني في ازدياد مستمر، وارتفع عدد الاغتيالات السياسية في القطاع بين حركتي فتح وحماس، وزادت الاتهامات المتبادله بين الحركتين، ومع بداية شهر يونيو دخلت الساحة الفلسطينية في منعطف خطير فيما يخص ارتفاع حدة الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس، فحماس اتهمت مجموعات متنفذه في الأجهزة الأمنية أنها تعمل وفق خطة أطلق عليها "خطة دايتون " للانقلاب على الحكومة وأن هذه الجهات لا تسمح بتطبيق الخطة الأمنية، وهي المسئولة عن حالات الفلتان في الشارع الفلسطيني، وفي الوقت نفسه اتهمت الأجهزة القوة التنفيذية وحركة حماس، أنها تقوم بتنفيذ اغتيالات بحق بعض الكوادر من الأجهزة الأمنية .
استمر الاقتتال الداخلي في الميدان وتصاعد، فبلغ عدد القتلى بالعشرات في اليوم الواحد، واشتدت الاشتباكات بين الحركتين منذ 10/6/2007- 17/6/2007 التي أدت إلى سيطرة حماس على قطاع غزة.

- الانقسام الداخلي ونقطة التحول
شكل السابع عشر من يونيو 2007 تاريخا مفصليا في حياة الشعب الفلسطيني الذي كانت له انعكاساته الاجتماعية والسياسية والمؤسساتية، ليس فقط فيما يخص السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وإنما تجاوز ذلك ليطال القضية الفلسطينية بأبعادها كافة، فقد اعتبرت السلطة الفلسطينية أن ما قامت به حركة حماس يعتبر انقلاباً على الشرعية الفلسطينية، وسيطرة عسكرية على مؤسسات السلطة الفلسطينية، وأن حماس كانت تعد لهذه الخطوة منذ فترة واستغلت الفلتان الأمني واتفاق مكة؛ لتحقيق هذه الخطوة، وفي الوقت نفسه اعتبرت حركة حماس أن ما قامت به هو استعادة الشرعية عبر تسميتها لما قامت به حسما عسكريا للانقلاب عليها، وأيا يكن موقف الطرفين وأسبابه ودوافعه، إلا أننا هنا سنقف على آثار وانعكاسات الحدث على الساحة الفلسطينية داخليا وخارجيا .

- على الصعيد الداخلي:
أولا: الانقسام السياسي الفلسطيني، حيث أصبح الشعب الفلسطيني يعيش في ظل حكومتين، واحدة تعمل في قطاع غزة والأخرى تعمل في الضفة الغربية.
ثانيا: جدلية الشرعيات، فبعد سيطرة حماس على الحكم اصدر الرئيس الفلسطيني مرسوما رئاسيا أقال حكومة إسماعيل هنية، وتم تعيين حكومة في الضفة الغربية برئاسة الدكتور سلام فياض، أطلق عليها حكومة طوارئ ، وهذا ادخل الساحة الفلسطينية في صراع القوانين.
ثالثا: السلم الأهلي الفلسطيني: تم ضرب السلم الأهلي الفلسطيني، فقد شهدت الساحتين سواء في القطاع أم الضفة حملات من الاعتقالات والقتل أو الموت داخل السجون، مما أدى إلى ضرب النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني .
رابعا: شل عمل مؤسسات السلطة الفلسطينية، إذ بات هناك ازدواج في مؤسسات السلطة، ففي القطاع بات هناك نظام سياسي ومؤسسات تابعه له تتشكل بطريقة منفصلة عن الضفة الغربية، وكذلك في الضفة الغربية أصبحت المؤسسات لا تعترف بشرعية المؤسسات في القطاع أو حتى الموافقة على سياساتها العامة وما يصدر عنها من نشاطات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.

- على الصعيد الخارجي:
شكل الانقسام السياسي الفلسطيني انعكاسات خارجية على مستوى العلاقات الفلسطينية العربية أولا وعلى مستوى العلاقات الدولية وتقاطعاتها مع القضية الفلسطينية ثانيا. ولغاية الآن تعيش الحياة السياسية الفلسطينية جدليات كبيرة حول طبيعة الانقسام، حيث هناك من يعتبر أن الانقسام الداخلي الفلسطيني هو نتيجة لعوامل خارجية سواء عربية أم دولية، وهناك من يرفض هذه المقولة ويعتبر أن الانقسام الفلسطيني هو الذي منح المواقف العربية والإقليمية والدولية فرصة للتدخل في القضية الفلسطينية. وبعيدا عن هذه الأطروحات والجدليات نجد أن هناك تأثيرا مباشرا لطبيعة السياسات العربية والدولية تجاه القضية الفلسطينية بعيد الانقسام على كل مجريات الأمور ولقد ظهر ذلك على عدة مستويات:
فعلى مستوى العلاقات العربية جاء الموقف الرسمي العربي:
أولا: رافضا لفكرة الانقسام ومطالبا القوى الفلسطينية بالوحدة.
ثانيا: أكد الموقف الرسمي العربي على دعم السلطة الفلسطينية وشرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني، وعندما اشتد الخلاف بين فتح وحماس حول موضوعة الرئاسة والتمديد للرئيس الفلسطيني قامت جامعة الدول العربية بمطالبة الرئيس الفلسطيني الاستمرار في الرئاسة لغاية إجراء الانتخابات . إلا أننا نجد أن هناك بعض المواقف العربية التي كانت تدعم موقف حركة حماس وبالذات عند الدخول في أسباب الانقسام وتحميل المسؤولية*.
أما المواقف الدولية الرسمية فقد استغلت موضوعة الانقسام بأعلى مستواه، فإسرائيل أعلنت أن القطاع عبارة عن كيان معادي ، وقامت بفرض حصار اقتصادي وسياسي على قطاع غزة. أما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. استندتا في البداية إلى مواقفهما الثابتة منذ الانتخابات التشريعية تجاه حماس، وتلا ذلك خطوتان رئيسيتان: الأولى من طرف الاتحاد الأوروبي إذ عمل الاتحاد على سحب المراقبين الأوروبين المتواجدين على معبر رفح بين القطاع ومصر، مما أدى إلى إغلاق المعبر**. أما الولايات المتحدة فقد شرعت إلى الترويج إلى استغلال الحالة بإعلان ما أطلق عليه في الأدبيات الغربية "" west bank track ويقوم هذا الخيار على التعامل مع القضية الفلسطينية ضمن منطقين، المنطق الأول وهو الموجود في القطاع ويقوم على مقاطعته ورفض نموذجه، والجزء الآخر وهو الموجود في الضفة الذي يجب على الولايات المتحدة دعمه وإحداث تنمية في مشروعه، وبالفعل دعت الولايات المتحدة إلى عقد مؤتمر أنابولس للسلام من أجل إطلاق عملية مفاوضات ناجحة، إلا أن المؤتمر فشل من ناحيتين:
الأولى: عدم قدرة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على التوصل إلى نقاط اتفاق مشتركة أو حتى إلى بيان ختامي واكتفي بأن يقوم الرئيس الأمريكي بإلقاء خطاب عام أطلق عليه بيانا ختاميا.
الثانية: إن مؤتمر أنابولس لم يقر في إسرائيل سواء من قبل مجلس الوزراء أم في الكنيست . وعلى الرغم من كل ذلك دعمت الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في تطبيق مشروعة في الضفة الغربية والحكومة الفلسطينية بقيادة الدكتور سلام فياض. إلا أن هذا الدعم وهذه المعضلة اصطدمت بالسياسة الإسرائيلية من ناحية وبالسياسة الأمريكية من ناحية أخرى، فبالنسبة للسياسة الإسرائيلية رفضت الحكومات الإسرائيلية مناقشة قضايا الوضع النهائي في حكومة أيهود المرت وتسيبي لفني وبنيامين نتنياهو، وأقصى ما تم تقديمه هو التسهيلات الإنسانية وبعض التسهيلات الاقتصادية.
أما بالنسبة للسياسة الأمريكية، فقد أكدت الإدارات المتعاقبة سواء في فترة الرئيس الأمريكي جورج بوش التي تماهت نهائيا مع السياسية الإسرائيلية، أو في فترة الرئيس الأمريكي باراك اوباما التي أتت تحمل شعار التغيير، كلا الإدارتين أجمعتا على قاسم مشترك عدم الرغبة في الضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل تقديم ما عليه من التزامات سياسية، سواء فيما يخص الالتزامات السياسية التي نصت عليها خارطة الطريق كون الجانب الفلسطيني قدم ما عليه من التزامات في خارطة الطريق، أو فيما يخص الالتزامات السياسية تجاه قضايا الحل النهائي.
أما فيما يخص الاتحاد الأوروبي، فرغم عودة الاتحاد الأوروبي للعب دور اقتصادي مميز على صعيد بناء قدرات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتقديم المساعدات الفنية والمادية لمؤسسات السلطة، إلا إن الاتحاد ما زال دوره السياسي ضعيفا أو هامشيا وما زال لديه تعاظم في البعد الاقتصادي، على الرغم من مواقفه الثابتة تجاه الاستيطان ومقاطعة البضائع التي تصنع داخل المستوطنات .
شهدت مرحلة الانقسام الفلسطيني كثير من التساؤلات، لكن هناك سؤالين مركزيين خيما على الحياة السياسية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو وهما: المقاومة وعملية السلام، ومما زاد من تسارع وتيرة الإجابة عن هذين السؤالين مجموعة من القضايا والتصورات:
التصور الأول: وهو الذي يفسر الانقسام على أنه نتيجة لبرنامجين مختلفين، برنامج أغلبه مقاومة (وهو برنامج حماس) ويرفض العملية السلمية كما هي عليه الحالة، وبالذات المفاوضات بشكلها الحالي. وبرنامج يرتكز على عملية السلام، وبقي أنصار هذا التصور على طرح قضية المفاوضات والوصول إلى نهاية العملية السياسية إلى مبتغاها، وهي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، وفي الوقت نفسه تنشط الأسئلة حول موضوعة المقاومة لأصحاب هذا التصور باتجاه ما الجديد وأين وصلت المقاومة في مشروع التحرير واستعادة الحقوق.
التصور الثاني: يقوم على أن العملية السلمية وبعد مضي أكثر من خمسة عشر عاماً من المفاوضات وصلت إلى نهايتها، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مفاوضات، وإنما المطلوب الآن قرارات فيما يخص النهايات لعملية التفاوض .
التصور الثالث: ناتج عن طبيعة الصراع الداخلي المبني أصلا على الانقسام نفسه والجدليات الداخلية للفصائل، إن هذا الجدل جعل كل طرف يترصد للطرف الآخر حول طبيعة الانجازات التي حققها مشروعة سواء في الضفة الغربية أو القطاع.
التصور الرابع: ارتفاع مستوى التدخلات الخارجية سواء الإقليمية أو الدولية في الشؤون العامة للقضية الفلسطينية.
بناء على هذه التصورات شهد المسرح السياسي الفلسطيني اشتداداً في مستوى المقاومة، واشتداداً في تعثر العملية السلمية، ومن هنا سنأتي على تفصيل مساري المقاومة والعملية السلمية في هذه الفترة؛ للوقوف على أبرز المحطات التي نما في ظلها هذان المشروعان وطبيعة النجاحات والإخفاقات التي تم تحقيقها على كلا المسارين.
- مسار المقاومة
خيم على المسار العام للمقاومة قضيتان مركزيتان: موضوعة الجندي الأسير جلعاد شاليط ، وموضوعة الحرب على غزة. فعلى الرغم من آن موضوعة شاليط تعود إلى مرحلة ما قبل الانقسام إلا أنها الورقة الرئيسية التي تلعب بها حركة حماس والفصائل الآسرة للجندي جلعاد شاليط، فعدت هذه القضية من أبرز القضايا التي أخذت بعدا ومدا على الساحة السياسية فيما يخص العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، فالأول تمتد مدة أسر جندي إسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية لهكذا فترة- حيث أنها لغاية الآن زادت على الثلاث سنوات- دون تمكن الجيش الإسرائيلي من العثور عليه، كذلك موضوعة من تطالب الفصائل الآسرة بإطلاق سراحهم (وهم أصحاب الأحكام العالية أو ما تطلق عليهم إسرائيل الأيدي الملطخة بالدماء).
القضية الثانية هي الحرب على قطاع غزة، كانت الحرب على قطاع غزة أحد النقاط المفصلية في هذه المرحلة وذلك لعدة أسباب: أولاً أن هذه الحرب أتت أثناء الانقسام الفلسطيني، ثانياً أن هذه الحرب دارت رحاها على الأرض الفلسطينية (قطاع غزة)، وثالثا وحشية الاحتلال واستخدامه كل أنواع الأسلحة الفتاكة بما فيها الفسفور الأبيض ، وآخرها انتهاء الحرب دون توقيع اتفاق بين الأطراف المتحاربة، إلا أن حرب غزة تركت العديد من الآثار والنتائج على مستوى العلاقات الداخلية الفلسطينية وعلى مستوى العلاقات في الإقليم والعالم العربي أو على صعيد التفاعلات الدولية للقضية الفلسطينية.
فعلى الصعيد الداخلي أدت الحرب إلى استشهاد ما يقارب 1500 شهيد فلسطيني ثلثهم من الأطفال، كما قدرت خسائر قطاع غزة بمليارين من الدولارات، وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للقطاع المنهكة أصلا. كما أن الحرب زادت من مستوىوتيرة الجدل الداخلي الفلسطيني تجاه المواقف من الحرب، أو فيما بعد تجاه إعمار قطاع غزة، فبعد انتهاء الحرب احتضنت مصر مؤتمرا في شرم الشيخ من اجل إعادة اعمار القطاع، إلا أن الدول المانحة رفضت تقديم أموال الدعم إلا عن طريق السلطة الفلسطينية ، وهذا أعاد من جديد موضوعة المصالحة الفلسطينية وتفعيلها بين حركتي فتح وحماس، سارعت مصر إلى عقد العديد من جولات الحوار الفلسطيني – الفلسطيني في القاهرة بين الفرقاء الفلسطينيين، وعلى الرغم من مضي سبع جولات من الحوارات، لم يستطع الطرفان الفتحاوي والحمساوي التوصل إلى اتفاق، قدمت مصر في نهاية الجولات ورقة مصرية كاملة لموضوعة المصالحة، وافقت حركة فتح على الورقة المصرية وقامت بتوقيعها، إلا أن حماس رفضت التوقيع على الورقة معللة ذلك بأن هناك بعض البنود لم يتم التوافق عليها .
أما الآثار التي ترتبت على الجانب العربي، فقد شكلت حرب غزة مفصلا كذلك في مواقف الأطراف العربية الرسمية وغير الرسمية، فالمواقف الشعبية والجماهيرية جاءت مساندة لموقف حماس في الحرب، أما الموقف الرسمي العربي، فقد انقسم إلى موقفين: الموقف القطري والموقف المصري وكان هذا الموقف بداية لتطور ونمو علاقات جديدة في المنطقة وبالذات بعد القمة الطارئة لجامعة الدول العربية التي دعت إليها قطر في الدوحة ومقاطعة مصر والسعودية والأردن والسلطة للقمة ، وحضور وفد حماس للقمة، هذه المواقف ما زالت تداعياتها تتدحرج، ولو بشكل بطيء فيما يخص العلاقات العربية – العربية تجاه القضية الفلسطينية.
بالنسبة للموقف الإسرائيلي والدولي، فقد شكلت الحرب نقطة حرجة بالنسبة لإسرائيل وبالذات فيما يخص التوجهات الشعبية الدولية تجاه إسرائيل وما أطلق عليه المظاهرات المليونية في العواصم الغربية الناهضة لإسرائيل، وتلا ذلك رفع القضايا ضد قادة جيش الاحتلال والملاحقات القضائية، وليس آخرها تقرير جولدستون، أما على صعيد العلاقة مع حماس، فقد كان من آثار الحرب ما يلي:
أولا: عدم قدرة الجيش الإسرائيلي والحرب على إنهاء حكم حماس للقطاع سواء من الناحية العسكرية أو من ناحية إسقاط حكم حماس عن طريق رفض الجماهير لها.
ثانيا: عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على إعادة شاليط إلى بيته، فبالرغم من الحرب ما زال شاليط في الأسر.
ثالثا:استطاعت إسرائيل أن توقع مع الولايات المتحدة اتفاقية أعالي البحار والهادفة إلى محاصرة القطاع عبر البحر من أجل تضييق الخناق على وصول العتاد العسكري لحركة حماس.
رابعا: أبقت إسرائيل على حصار القطاع بعد الحرب، رغم الضغوط الدولية والشعبية تجاه فك الحصار.
أما بالنسبة للموقف الدولي، فقد زادت الحرب التعاطف الشعبي مع حركة حماس، وهذا بدا واضحا في قوافل شريان الحياة المتوجهة من أوروبا إلى قطاع غزة، وما ذكر سابقا من قضايا المحاكمات الدولية وقضايا المظاهرات المليونية في العواصم الأوروبية، إلا أن ذلك لم يؤدِ إلى إزالة العزله المفروضة على حماس سياسياً واقتصادياً.
مسار العملية السلمية:
إن دراسة العملية السلمية في هذه الفترة تعتبر من أكثر القضايا تعقيدا في تاريخ مسيرتها، فمنذ عام 2003 دخل على مسرح العملية السلمية مجموعة من المحددات التي باتت تتحكم في مسارها، ومن أبرز هذه المحددات أولا: خارطة الطريق، ورؤية الرئيس جورج دبليو بوش، ثم التغيرات السياسية في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وطبيعة المواقف تجاه قضايا الحل النهائي، لذا سيتم في هذا الجزء معالجة قضايا الحل النهائي وطبيعة التصورات المطروحة تجاهها واستشراف مستقبلها بناء على التغيرات في مختلف الساحات.
جاءت خارطة الطريق مؤكدة على التزامن والالتزامات المتبادلة بين الطرفين في الصراع، وأن على كل طرف مجموعة من الالتزامات التي يجب القيام بها، ومع نهاية العام 2007 قام الجانب الفلسطيني بكل ما عليه من التزامات تجاه خارطة الطريق، التي تمثلت في وقف العنف، وبناء المؤسسات وانتخاب قيادة جديدة...الخ. في المقابل إسرائيل لم تقم بتطبيق ما عليها من التزامات وبالذات فيما يخص تجميد الاستيطان في الضفة الغربية كمرحلة أولى. وتذرعت إسرائيل باعتراضاتها الأربع عشر على خارطة الطريق، وبالتفاهمات السرية بين الإدارة الأمريكية وحكومة أرئيل شارون، وتم تحويل خارطة الطريق إلى جدلية جديدة كخطة للخروج من الحل، أما المحدد الثاني، وهو رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش والمتمثلة بإقامة دولتين لشعبين، التي اعتبرت فلسطينيا من أكثر المواقف المتقدمة أمريكيا، إلا أن هذه الرؤية كذلك حولتها إسرائيل بالطلب من السلطة الفلسطينية الاعتراف بالدولة اليهودية كشرط مسبق، الذي عنى للفلسطينين شطب حق العودة أولا، وطرد الفلسطيني المقيمين في الداخل ثانيا ، كما أن رؤية الرئيس الأمريكي لم يتم وضع خطوات ووسائل من قبل الجانب الأمريكي لتطبيقها وبالتالي تحولت هي كذلك إلى عقبة وليس حل في طريق العملية السلمية.
لذا بقيت العملية السلمية تراوح مكانها بين مفاوضات هنا وأخرى هناك إلى أن أجريت الانتخابات الإسرائيلية التي أدت إلى تشكيل بنيامين نتنياهو الحكومة في إسرائيل، وفوز باراك أوباما في الولايات المتحدة الأمريكية الذي شكل دفعة للعملية السلمية، وبالذات مع إعلان باراك اوباما عن سياساته في التغيير وتشكيل طاقم أمريكي سيشرف على العملية السلمية بقيادة جورج ميتشل، ومحاولته انتهاج سياسة مغايرة لسلفه الرئيس جورج بوش المعروف بانحيازه التام لإسرائيل . ومع مجيء بنيامين نتنياهو إلى الحكم توقفت العملية السلمية وذلك لعدة أسباب:
أولا: رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الاعتراف بفكرة حل الدولتين.
ثانيا: تبنيه لمشروع السلام الاقتصادي ، وليس البعد السياسي في الحل.
ثالثا: تنشيط عملية الاستيطان في الضفة الغربية، التي لم تقف أصلا، ولكن الجديد أن البرنامج الحكومي لحكومة نتنياهو يقوم على الاستيطان.
رابعا: رفض الحكومة الإسرائيلية الحالية معالجة قضايا الوضع النهائي.
جميع هذه السياسات جعلت السلطة الفلسطينية تعلن عن عدم الشروع في مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية الحالية ما لم تقم بما عليها من التزامات تجاه العملية السلمية، وبالذات ما تضمنته خارطة الطريق أولا وكذلك المفاوضات يجب أن تقوم على قضايا الوضع النهائي وليس التفاوض على الحلول الجزئية. رفضت الحكومة الإسرائيلية هذه السياسة الفلسطينية وأخذت الحكومة الإسرائيلية تشرع في مشروعين أساسيين يضربان في عمق العملية السلمية وبالذات فيما يخص الاستيطان والقدس، وهما القضيتان اللتان استغلتهما إسرائيل منذ توقيع اتفاق أوسلو فيما سمي سياسة "خلق حقائق على الأرض" فقد نشطت عمليات هدم البيوت في القدس الشرقية ومحاولة تغيير طابعها الديموغرافي لصالح الوجود اليهودي في المدينة. فأقدمت الحكومة الاسرائيلية على مشروع ترحيل 1500 فلسطيني من مدينة القدس، وهدم ما يقارب 88 منزلا بحجة عدم الترخيص، وهذا يأتي ضمن دراسة اسرائيلية أن سكان القدس يشكلون اليوم ما نسبته 25%، ومع حلول عام 2040 سيصبح عدد العرب في القدس الشرقية هو 55%، لذا عمدت السياسية الاسرائيلية على اتباع سياسة الترحيل والهدم والتضييق من أجل إجبار المقدسيين العرب على الرحيل عن القدس، وتارة بالجدار الذي حرم 125 الف من أن يكونوا من سكان القدس، والهدف هو الوصول إلى قضم ما نسبته 86% من أراضي القدس الشرقية لصالح إسرائيل هذا أولاً، وثانياً ألا تزيد نسبة العرب المقدسيين عن 12% من سكان القدس لضمان البعد الديمغرافي اليهودي للمدينة .

- الاستيطان
اعتبر الاستيطان العصب الرئيسي للحكومات الإسرائيلية منذ احتلال الضفة الغربية، ويأتي الاستيطان محققا أهداف دينية وأمنية وسياسية، إلا أن هناك أهدافا معينه وضعتها الحكومات المتعاقبة لا فرق في ذلك بين حكومة عمالية أو ليكودية ومن أبرز هذه الأهداف ما يلي:
1. منع التواصل الجغرافي بين الفلسطينين والمحيط العربي.
2. فصل السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وإخوانهم في أراضي عام 1948.
3. تجزئة الأراضي الفلسطينية وإعاقة التواصل الجغرافي، وتحويل الضفة الغربية إلى كانتونات يصعب معها إقامة تواصل جغرافي.
4. السيطرة على المصادر الطبيعية في الضفة الغربية: الأحواض المائية والمناطق الصالحة للزراعة والمناطق الصناعية...الخ.
5. تغيير البنية الديموغرافية للضفة الغربية.
لذا نجد أن التوزيع الجغرافي للمستوطنات جاء محققا هذه الأهداف حيث توجد ثلاث تجمعات استيطانية كبرى في الضفة الغربية وهي:
1- المحور الشرقي، ويضم المستوطنات في غور الأردن، الذي يهدف إلى: السيطرة على الحوض المائي الشرقي ومنع التواصل الجغرافي للفلسطيني مع الدول العربية والسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي.
2- محور أرئيل: ويضم مستوطنة أرئيل وما حولها ويهدف هذا المحور إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية بحيث يمنع التواصل الجغرافي في الضفة الغربية.
3- المحور الغربي، ويهدف إلى السيطرة على الحوض المائي الغربي للضفة الغربية ويمنع التواصل الجغرافي بين سكان الضفة الغربية وفلسطينيي الخط الأخضر.
إضافة إلى المستوطنات المحيطة بمنطقة القدس التي تهدف إلى تحويل القدس إلى منطقة يهودية بالكامل من خلال تغيير الواقع الديموغرافي.
تحتل المستوطنات ما نسبته 2% من مساحة الضفة الغربية، إلا أنها تسيطر على ما نسبته 41% من مساحة الضفة الغربية حسب تقارير حركة السلام الآن الإسرائيلية من خلال الطرق الالتفافية ومناطق الحرام حول المستوطنات، وحسب تقرير للبنك الدولي فإن المستوطن في الضفة الغربية يستهلك في المتوسط 2400 م مكعب من المياه سنويا، فيما يستهلك الفلسطيني المقيم في الضفة الغربية 75 م مكعب سنويا .
تضاعف الاستيطان منذ اتفاقية أوسلو في الضفة الغربية بشكل ملموس، فقفزت الأنشطة الاستيطانية بنسبة 52% بينما زاد عدد المستوطنين بنسبة 54%. فاليوم يبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية ما يقارب النصف مليون مستوطن .
ومنذ العام 2003 شهدت حركة الاستيطان تعاظما ملموسا في ابعادها التنموية باتجاه بناء مستوطنات جددية وتوسيع المستوطنات وزيادة عددها وفي بعدها السياسي، وتحول المستوطنون الى كتله سياسية حرجة داخل النظام السياسي الإسرائيلي، والجدول التالي يوضح تزايد الاستيطان في الضفة الغربية بين عامي 2003-2008 م. فقد شهدت هذه الأعوام تغيرات واضحة في بنية وثقل الوزن السياسي للاستيطان كفكرة وأهداف وكذلك للمستوطنين انفسهم وعلى مختلف المستويات حسب دراسة أجراها نيكولاس بيلهام الباحث بمجموعة الأزمات الدولية بعنوان "يمين إسرائيل الديني وعملية السلام" التي نشرها تقرير الشرق الأوسط الصادر عن "مشروع الشرق الأوسط للأبحاث والمعلومات " The Middle East Research & Information Project في 12 من أكتوبو2009 بين خلالها الدور المميز الذي بات يلعبه المستوطنون في الضفة الغربية ككتله بشرية إذ ارتفعت نسبتهم 300 الف مستوطن هذا اذا استثنيا المستوطنين في القدس الشرقية أي ما نسبته 4% من سكان اسرائيل .
تشكل موضوعة الاستيطان حجر الزاوية بالنسبة لعملية السلام وبالذات في العلاقات الامريكية الاسرائيلية، وما يتعلق بالمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فمنذ وصول باراك اوباما للحكم أكدت الإدارة الجديدة على رفضها لفكرة الاستيطان في الضفة الغربية ، واعتبرت القيادة الفلسطينية أنه لا يمكن التفاوض مع الحكومة الاسرائيلية مع استمرار الاستيطان.

ملاحظة

احمد عزت سليم، نموذج الديمقراطية الإجرامية، جريدة الصباح، http://www.alsbah.net/mynews/modules.php?name=News&file=article&sid=19247
المواقف من الغزو العراقي للكويت، موسوعة مقاتل من الصحراء الالكترونية، http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/IraqKwit/11/sec043.htm
يزيد صايغ، الحركة الوطنية الفلسطينية 1949-1993، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2003، ص 893-895.
زيارة الرئيس محمود عباس إلى الكويت، http://www.news.gov.kw/files/documents/10-2%20(3).doc.
عثمان عثمان، مأزق التسوية السياسية للصراع العربي- الإسرائيلي، 2003، مؤسسة مجد، بيروت، ص 83-84.
تارخ محادثات السلام الفاشلة في الشرق الأوسط، http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7114000/7114840.stm
للمزيد حول اتفاق اوسلو، انظر: أحمد قريع، الرواية الفلسطينية الكاملة للمفاوضات من اوسلو إلى خريطة الطريق، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2005. وانظر أيضا: ادوارد سعيد، نهاية عملية السلام. اوسلو وما بعدها، دار الآداب 2002.
المصدر: يوميات ووثائق الوحدة العربية 1989 - 1993، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ط 1، 1995، ص 874 - 879.
ملخص الاتفاقيات، نقلا عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من موقع المركز الالكتروني: http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=199&a=39516
راجع نص اتفاق أوسلو، يوميات ووثائق الوحدة العربية 1989 - 1993، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ط 1، 1995، ص 874-879.
السلطة الفلسطينية في عشر سنوات، مجلة فلسطين المسلمة، http://www.fm-m.com/2004/jul2004/story17.htm.
مركز المعلومات الوطني الفلسطيني
www.pnic.gov.ps/arabic/intifada/intefada20.html - 93k
تارخ محادثات السلام الفاشلة في الشرق الأوسط، http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7114000/7114840.stm فادية قطيش، دور الانتفاضات الفلسطينية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وآفاق انتفاضة ثالثة، ص171، مجلة دراسات شرق أوسطية، ع 38، شتاء 2007.
استطلاع للرأي العام الفلسطيني حول الإنتفاضة وعملية السلام ، برنامج دراسات التنمية، 13/11/2000، جامعة بيرزيت، http://home.birzeit.edu/cds/arabic/opinionpolls/poll2/.
إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي و محمود منصور هيبة، إدارة الانتفاضة الفلسطينية، كنموذج لإدارة الصراعات والأزمات الدولية، نظرة مقارنة لإدارة انتفاضة الحجارة / انتفاضة الأقصى، مركز الإسكندرية للكتاب، الإسكندرية، 2006.ص 155
www.pnic.gov.ps/arabic/palestine/pal-now8.html - 21k
"بلغ مجموع الأراضي التي جرفتها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ تاريخ 29 سبتمبر وحتى تاريخ 18 ديسمبر 2000 ما مساحته 4456 دونماً، منها أكثر 3520 دونم (79%) من الأرض الزراعية ونحو 920 دونم (21%) من الأرض الحرجية والرملية. وخلال الفترة من 22/11 وحتى 18/12/2000، جرفت قوات الاحتلال ما مساحته 1617.5 دونم من الأرض، منها 1545 دونم (96%) من الأرض الزراعية مقابل 72.5 دونم (4%) من الأرض الحرجية. ولا تشمل هذه الأرقام مساحات المنازل والمنشآت المدنية والزراعية المقامة خارج تلك الأراضي والتي تعرضت هي الأخرى للتجريف والهدم. للمزيد انظر: التقرير الثالث حول جرائم التجريف والهدم التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، المركـــز الفلسطــيني لحقـــوق الإنســان، http://www.pchrgaza.org/files/REPORTS/arabic/sweeping3land.htm
انتفاضة الأقصى.. بداية مرحلة جديدة في تاريخ القضية، المركز الفلسطيني للإعلام، 23/10/2000، www.palestine-info.info/arabic/analysis/2000/23_10_00.htm
للمزيد حول خسائر إسرائيل انظر: إسماعيل الأشقر ومؤمن بسيسو، دراسة توثيقية للقتلى والجرحى الصهاينة خلال انتفاضة الأقصى 28/9/2000-31/12/2004، المركز العربي للبحوث والدراسات، غزة.
إبراهيم أبو جابر وآخرون، الانتفاضة- تغير معادلات الصراع في المنطقة، مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان 2001، ص 77-100.
وسام عفيفة، تحت تأثير الانتفاضة : القطاعات الاقتصادية تشهد تراجعا كبيرا.... ومليون يهودي يغادرون الكيان الإسرائيلي، مجلة العصر، 10/1/2002، http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=3297
موقع عرب 48 الالكتروني: http://www.arabs48.com/display.x?cid=6&sid=5&id=51820
للمزيد حول آثار الانتفاضة، انظر: رياض حمودة، انعكاسات الانتفاضة على الشعب الفلسطيني سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا، صحيا، ص 85-94، مجلة دراسات شرق أوسطية، ع 29-30، خريف وشتاء 2004-2005.
مركز المعلومات الوطني الفلسطيني
محمد السيد غنايم، جدار الفصل الإسرائيلي، الجزيرة نت، http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B3A0CE56-A466-49D3-BBA8-3F8FF07FEAAE.htm
http://www.acrossborders.ps/Portal/ar/SubCat.cfm?MCatID=4&SubID=28 الوضع الداخلي الفلسطيني بعد خطاب عرفات 16/12/2001، صحيفة الشرق الأوسط، http://aawsat.com/leader.asp?section=3&article=79076&issueno=8427
* رحبئام زئيفي، هو وزير السياحة الإسرائيلي الذي قامت الجبهة الشعبية باغتياله ردا على اغتيال إسرائيل للرجل الأول في الجبهة الشعبية أبو على مصطفى.
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1876000/1876081.stm http://www.aljazeera.net/NR/exeres/90E9D50B-540E-48D1-B478-A68F0E8FA0E7.htm حسام كنفاني، «رؤية بوش» المعدّلة: تماهٍ مع المطالب الإسرائيليّة، صحيفة الأخبار، http://www.al-akhbar.com/ar/node/60220 بيان مدريد، إسلام أونلاين 10/4/2002، http://www.islamonline.net/Arabic/news/2002-04/10/article30.shtml
بيان مجلس الأمن حول مدريد الصادر في 11/4/2002.- س2،ع5، 6(01-06).- ص215.
بكر أبو بكر، المقاومة واستراتيجية الرد المتزن والتفوق الأخلاقي، موقع الكاتب بكر أبو بكر: http://www.baker.byethost.com/tanthemat12.htm
حمادة فراعنة، الموقف الأميركي يستجيب للمصالح الفلسطينية، صحيفة الأيام، 13/1/2008
المصدر: وزارة الخارجية الأميركية- القسم العربي خريطة الطريق.. مواقف الأطراف المختلفة وآفاق التطبيق.
نص إعلان الهدنة، 29/6/2003، من موقع إسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/Arabic/politics/2004/02/article11c.shtml
مركز دراسات الشرق الأوسط، قراءة إحصائية وسياسية في نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية 25 كانون الثاني/ يناير 2006 ، عمان، للمزيد حول الانسحاب الإسرائيلي، انظر: رائد نعيرات، خطة الانسحاب من غزة وشمال الضفة الغربية بين الاستجابة والمناورة، ص 15-40، مجلة دراسات شرق أوسطية، عدد 29-30، خريف وشتاء 2004-2005. وانظر أيضا: خضر المشايخ، الاندحار الإسرائيلي من غزة – الوقائع والتحديات، مجلة دراسات شرق أوسطية، عدد 32-33، صيف وخريف 2005، ص 139-154،
العربية نت، http://www.alarabiya.net/programs/2005/01/11/9462.html http://www.pcpsr.org/arabic/survey/polls/2005/exita05.html نص وثيقة إعلان القاهرة، مجلة دراسات شرق أوسطية، عدد 31، ربيع 2005، ص35. مقابلة مع إسماعيل هنية، صحيفة السبيل، 14/6/2005، http://www.assabeel.info/inside/article.asp?version=596&newsid=10238§ion=79
نص وثيقة الوفاق الوطني، موقع لجنة الانتخابات المركزية، http://www.elections.ps/atemplate.aspx?id=517 جواد الحمد، أبعاد اتفاق مكة – الفرص والمخاطر، ندوة 10/3/2007، مجلة دراسات شرق أوسطية، عدد 39، ربيع 2007، ص52.
نص خطاب التكليف، صحيفة عكاظ السعودية، 9/2/2007.
انظر البرنامج الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الذي تلاه الاستاذ اسماعيل هنية بتاريخ 17/3/2007م أمام المجلس التشريعي الفلسطيني ، ونالت الحكومة الثقة بناء عليه، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني .
انظر نص الرسالة التي بعثها وزير الداخلية هاني القواسمي، لرئيس الوزراء إسماعيل هنية بتاريخ 17/4/2007 ، موضحا سبب استقالته من منصبه، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.قسم الوثائق. http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=129&a=37553
بيان اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط. بعد اجتماع برلين بخصوص اتفاق مكة والموقف من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .موقع وزارة الخارجية الالمانية. http://www.almania.diplo.de/Vertretung/gaic/ar/02/Archiv/Nahost__Quartett__Erkl_C3_A4rung__Feb-07__Seite.html
الريفي .محمد اسحق.الاتحاد الاوروبي بين التطلع الفلسطيني والتحريض الصهيوني.مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.المملكة المتحدة-لندن. http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-261.htm
لمزيد من المعلومات انظر.صالح محسن.صراع الإرادات (السلوك الأمني لفتح وحماس والأطراف المعنية 2006-2007) .لبنان بيروت.2008.
مرجع سابق.
انظر نص المرسوم الرئاسي الفلسطيني بإقالة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية وإعلان حالة الطوارئ. الحقائق .14/6/2007.كذلك جريدة القدس .14/6/2007م
التقرير السنوي للهيئة المستقله لحقوق الانسان، وضع حقوق الإنسان في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية .التقرير السنوي الثالث 2007 . فلسطينين .رام الله. كذلك التقرير السنوي للعام 2008 .نفس المصدر .
شفيق منير. الجامعة العربية والانقسام الفلسطيني . المعرفة. http://aljazeera.net/NR/exeres/03548466-220B-4F9E-92DB-CF7CFA428DDB.htm?wbc_purpose=Basic%2CBasic_Current.
* لقد جاءت مواقف كل من سوريا وقطر أكثر قرباً إلى حماس من مواقف مصر والأردن على مدار الفترة السابقة ، انظر إلى كلمة وزير الخارجية السوري في اجتماع وزراء الخارجية العرب، أو موقف وزير الخارجية القطري في اجتماع القمة الطارئة لجامعة الدول العربية في الدوحة .
** أقر الاتحاد الأوروبي إرسال بعثة مراقبه على الحدود بين قطاع غزة ومصر منذ عام 2005 بموجب الاتفاقية الفلسطينية الإسرائيلية" اتفاق على الحركة والوصول. وبموجبه أقر الاتحاد الأوروبي بعثته الخاصة باسم "الاتحاد الاوروبي المستقلين رفح"لمراقبة العمليات من هذا المعبر. المرحلة التشغيلية للبعثة ، بدأت في 30 تشرين الثاني 2005. وتوقفت يوم 9 يونيو 2007. Since then, the mission has remained on standby, ready to re-engage in 24 hours and awaiting a political solution. وظلت البعثة على أهبة الاستعداد للدخول مرة أخرى في غضون 24 ساعة وانتظار التوصل إلى حل سياسي.
مؤتمر أنابوليس: هو مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي عقد في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من 2007 في كلية البحرية للولايات المتحدة في أنابوليس، ماريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية. وانتهى المؤتمر مع صدور بيان مشترك من جميع الأطراف. نظم المؤتمر من قبل الولايات المتحدة و تحت إشراف وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس و استمر ليوم واحد. دعيت له 40 دوله وشاركت في المؤتمر 16 دولة عربية. انظر كذلك إلى كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المؤتمر ، وكلمة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت وكلمة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في المؤتمر في جريدة القدس . 27/11/.2007
جريدة القدس.18/12/2009.الاتحاد الأوروبي يعارض منح قروض إضافية للمستوطنات في الضفة الغربية.
عريقات صائب. اللجنة الرباعية إمكانية تفعيل الدور، المتغيرات الدولية ومستقبل القضية الفلسطينية .تحرير رائد نعيرات، بلال الشوبكي، سليمان بشارات. المركز الفلسطيني للديمقراطية والدراسات. فلسطين. نابلس. 2009 ص ص11-18 جلعاد شاليط هو الجندي الاسرائيلي الذي قامت مجموعات فلسطينية مسلحة بالاضافة إلى كتائب عز الدين القسام باختطافه، من داخل دبابته العسكرية خلال خدمته في الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، إذ قتل جنديان وتم خطف العريف جلعاد شاليط بتاريخ 25/6/2006 ، وما يزال رهن الأسر بانتظار صفقة التبادل .
انظر تقرير جولدستون ، الذي اعتبر أن ما قامت به إسرائيل في حربها على القطاع يعتبر جرائم حرب . http://www.alaqsagate.net/vb/showthread.php?t=64529
انظر د.رائد نعيرات، بلال الشوبكي ، سليمان بشارات. الحرب على غزة قراءة الواقع ودلالات المستقبل. فبراير 2009 .مؤسسة الدراسات الفلسطينية .www.palestine-studies.org ، وكذلك دراسات في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (عملية الرصاص المصبوب/ معركة الفرقان) .تحرير عبد الحميد الكيالي.مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات .لبنان. بيروت.2009
وثيقة مذكرة حول موقف حركة حماس من الورقة المصرية وجهود المصالحة .24/10/2009 .قسم الوثائق مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات .لبنان بيروت
http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=129&a=101545
جريدة السياسي الالكترونية .حالة اللاسلم واللاحرب في علاقات مصر وقطر.المحرر السياسي ، 26/6/2009 . http://www.alssiyasi.com/?browser=view&EgyxpID=32472 - السهلي نبيل. يهودية الدولة ام يهود لدولة اسرائيل؟ الجزيرة نت. http://www.aljazeera.net/Portal/Templates/Postings/PocketPcDetailedPage.aspx?PrintPage=True&GUID=%7B53FFEB85-C1D0-48F2-B874-4144EF1CBEB0%7D
انظر خطاب الرئيس باراك اوباما في جامعة القاهرة ، ومقابلة الرئيس باراك اوباما مع قناة العربية ، والتي ركز خلالها الرئيس الامريكي على انتهاج سيااسة جددية مع العالمين العربي والاسلامي . جريدة الحياة اللندنية 5/6/2009 .
انظر :البرنامج الوزاري لحكومة بنيامين نتنياهو المقدم الى الكنيست والذي بموجبه نالت الثقة .موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية .تواصل.
التفكجي خليل .القدس 2020 أغلبية يهودية وأقلية عربية . موقع المشاهد السياسي .حوار خاص 15/8/2009 . http://www.almushahidassiyasi.com/ar/print/7308/
ملف الاستيطان في الضفة الغربية :حقائق وأرقام. www.arableagueonline.org/las/picture_gallery/settlement.pdf
مرجع سبق ذكرة.ملف الاستيطان في الضفة الغربية
بيلهام نيكولاس .اليمين الديني في إسرائيل وقضية المستوطنات.تقرير الشرق الأوسط رقم 89. 20 تموز/يوليو 2009
جريدة الشرق الاوسط. أوباما يحذر من وضع خطير مع استمرار إسرائيلي توسيع الاستيطان في مدينة القدس.19/11/2009.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

8 من الزوار الآن

916826 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق