Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > الخلفية التاريخية للتمييز العنصري في فلسطين

26 آب (أغسطس) 2021

الخلفية التاريخية للتمييز العنصري في فلسطين

التغيرات الديموغرافية العرقية في فلسطين إثر نكبة عام 1948

- كانت فلسطين على مر العصور بمثابة حاضنة للتعدد الثقافي والديني والعرقي والاثني، حيث كان يسود فيها التعايش والتسامح والانفتاح الديني بين الجماعات المسيحية واليهودية والمسلمة والجماعات العرقية والإثنية المختلفة، حتى نهاية الحقبة العثمانية وبداية الاحتلال البريطاني لها في عام 1917، وانتداب عصبة الأمم لبريطانيا عليها في عام 1922.

تسبب الانتداب البريطاني في إحداث تغييرات جذرية وخطيرة في فلسطين على صعيد التعايش والتسامح والانفتاح الديني، بسبب تبنيها سياسات استعمارية وعنصرية تمثلت بإنكار الهوية الوطنية الفلسطينية وإنكار وجود الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت بريطانيا من خلال تقسيم سكان فلسطين على أساس ديني إلى جماعتين، أطلقت عليهما "المجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين"، (الشعب الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين)، و"الشعب اليهودي" (المهاجرين الأوروبيين اليهود). وبرز ذلك التحول الجذري بتنفيذ ما يعرف "بوعد بلفور"، وهو التصريح الصادر عن وزير الخارجية البريطاني-آرثر جيمس بلفور، في الثاني من نوفمبر عام 1917، إلى اللورد روتشيلد بإقامة ما أطلق عليه "وطن قومي لليهود" في فلسطين في مخالفة صريحة لتعهداتها السابقة للعرب بمنحهم الاستقلال وانتهاك صريح لميثاق عصبة الأمم الذي منحها حق إدارة فلسطين. وبدلاً من تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير والعمل على تحقيق استقلال فلسطين كدولة متعددة الأعراق والأديان والطوائف، سعت بريطانيا، بالتعاون مع الحركة الصهيونية، وبشتى الوسائل، إلى استجلاب المهاجرين اليهود من الدول الأوروبية وتمكينهم في شتى المجالات على حساب حقوق السكان الفلسطينيين الأصليين، وقد أدت مثل هذه السياسات الاستعمارية العنصرية إلى إحداث تغيرات ديموغرافية جذرية، أثرت على جميع الأعراق والأصول الاثنية والطوائف في فلسطين، بحيث تقلص الوجود الفلسطيني على حساب المهاجرين الأوروبيين اليهود.

إلا أن التغيير الديموغرافي الأكبر وقع خلال حرب 1948، والتي انتهت بسيطرة المليشيات العسكرية الصهيونية بقوة السلاح على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية، مما أدى إلى تدمير أكثر من 531 تجمعاً سكنياً من مدن وبلدات وقرى فلسطين ، وتشريد أكثر من 957 ألف فلسطيني، أي ما يعادل 66% من الفلسطينيين في فلسطين التاريخية.

وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً على النكبة، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين وصلت إلى ما يزيد عن نصف عدد الفلسطينيين بالعالم بقليل، وهذه النسبة تكاد تتساوى مع الوجود الفلسطيني في الأرض الفلسطينية. فبحسب سجلات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد اللاجئين في كل من الأردن وسوريا ولبنان والأراض الفلسطينية بلغ حوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، يتوزعون بواقع 39.6% في الأردن، و10.6% في سوريا، و8.8% في لبنان، و41% في دولة فلسطين يعيش حوالي ثلثهم في 59 مخيماً، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن و10 في سوريا، و12 مخيماً في لبنان و19 مخيماً في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.

لقد أصبحت مسألة اللجوء الفلسطيني من المسائل العرقية والاثنية الكبرى التي أبدى المجتمع الدولي اهتمامه بها منذ السنوات الأولى التي رافقت نشأة الأمم المتحدة والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان. فقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة بتاريخ 11 كانون أول/ديسمبر 1948، قرار رقم (194) الذي أكد على حق الفلسطينيين، الذين شُرِّدوا من ديارهم بقوة السلاح، بالعودة من خلال النص على "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات لأولئك الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر." وكذلك اسست الجمعية العامة في دورتها الرابعة في عام 1949 بموجب القرار رقم (302) وكالة مستقلة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

وتعتبر مسألة اللجوء الفلسطيني من المسائل الهامة في صدد تطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. حيث أصدرت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري توصيتها العامة رقم (22) بشأن اللاجئين والمشردين، وتشير الفقرة (2) من التوصية إلى أن للاجئين والمشردين الحق في العودة بحرية إلى ديارهم الأصلية في ظل ظروف آمنة، وأن الدول الأطراف في الاتفاقية مُلزمة بكفالة أن تكون عودة هؤلاء اللاجئين والمشردين عودة طوعية، وعليهم احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين وعدم إبعادهم؛ وأن لكل من اللاجئين والمشردين، بعد عودتهم إلى ديارهم الأصلية، الحق في أن تُعاد لهم ممتلكاتهم التي حُرموا منها بسبب الصراع، وفي أن يتلقوا تعويضاً مناسباً عن أي من الممتلكات التي لا يمكن إعادتها إليهم. كذلك، وبحسب ما جاء في الفقرة (65) من إعلان ديربان، فقد سلَمت الدول الأطراف في مؤتمر ديربان بحق اللاجئين في العودة طواعية إلى ديارهم وممتلكاتهم بكرامة وأمان، وحثت جميع الدول على تيسير هذه العودة. مع ذلك، فإن إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، ترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين شُرِّدوا من ديارهم حتى اللحظة

ومن الجدير بالذكر أن لجنة القضاء على التمييز العنصري إلى قد أشارت إلى حق الفلسطينيين بالعودة في الملاحظات الختامية على التقارير الإسرائيلية للأعوام 1987، 1992، 1998، 2007.مما يؤكد إدراك أعضاء هذه اللجان السابقة لأهمية حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما فيها القرار (194) والذي ينص على الحق بالعودة. بالرغم من ذلك، يُستغرب تماماً بأن لجنة القضاء على التمييز لم تأتي على ذكر اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم بالملاحظات الختامية لعام 2012، خلافاً لما درجت عليه اللجان السابقة وخلافاً للأسانيد الدولية المذكورة.

الكفاح المستمر ضد الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي منذ عام 1967

أبدت الدول الأطراف في مؤتمر ديربان قلقاً خاصاً بظاهرة الاستعمار، وسلَمت في الفقرة (14) من الإعلان بأن الاستعمار قد أدى إلى ظهور العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب. وأكدت الدول الأطراف أنه من الواجب إدانة الاستعمار حيثما وأينما وجد والحث على منع تكراره. كما أبدت الدول أسفها لأن آثار الهياكل والسياسات الاستعمارية واستمرارها، تعد من بين العوامل التي تسهم في تعزيز واستمرار مبدأ عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية في كثير من أنحاء العالم. كما واعترفت التوصية العامة للجنة رقم (21) لعام 1996 بأن "لجميع الشعوب الحق في حرية تقرير مركزها السياسي ومكانتها في المجتمع الدولي استناداً إلى مبدأ تساوي الحقوق وتأسياً بتحرير الشعوب من الاستعمار وبمنع إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله."

استناداً إلى ما سبق ذكره من نصوص، فإن العلاقة العضوية ما بين الاستعمار الأجنبي وبين قيام العنصرية تتجلى بوضوح في الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري المستمر لفلسطين منذ خمسين عاماً، خلافاً لقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي كقرار رقم (242) لعام 1967، والذي يقضي بانسحاب إسرائيل من الأرض التي احتلتها في يونيو من عام 1967.

إن العلاقة العضوية بين الحق في تقرير المصير وبين القضاء على التمييز العنصري والفصل العنصري تتجلى بوضوح في سياق كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال إسرائيل الاستعماري. وفي هذا السياق، فقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال قرار رقم 3236 وغيرها من قرارات المنظومة الأممية على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره دون تدخل خارجي، وعلى الحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين. وفي 15 تشرين أول/نوفمبر من عام 1988، أطلق المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته التاسعة عشر، إعلان الاستقلال الفلسطيني، والذي أعلن فيه المجلس عن الحق التاريخي والطبيعي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه، وقيام دولة فلسطين فوق الأرض الفلسطينية. وقد اعترفت الدول المشاركة في مؤتمر ديربان بحقوق الشعب الفلسطيني، حيث أعربت الفقرة (63) من الإعلان عن قلقها إزاء المحنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، واعترفت بحقه، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

وفيما يتعلق بالاحتلال الأجنبي والنزاع المسلح، فإن الفقرة (168) من خطة عمل ديربان تحث الدول الأطراف في الاتفاقية على اتخاذ التدابير المطلوبة لتلبية كافة التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني المتمثل في اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها، لا سيما فيما يتعلق بالقواعد التي تحظر التمييز. وفي ظل ذلك، فإن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تواظب على انتهاك اتفاقيات جنيف، والاتفاقية الدولية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بشكل تراكمي وفي ذات الوقت، تواصل احتلالها غير الشرعي الذي يقوم على أطماع استعمارية تتمثل باستكمال التغيرات الديموغرافية التي بدأتها في عام 1948 عن طريق طرد السكان الفلسطينيين، ونقلهم خارج أراضيهم، والسيطرة على المزيد من الأراضي، والتوسع في منظومته الاستيطانية الاستعمارية غير الشرعية.

كما أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تمارس كافة أشكال التمييز العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس الشرقية، إذ يمارس ضد الفلسطينيين كافة أشكال التمييز والإقصاء على أساس عنصري لحقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية. كما ويشكل الحصار المفروض على قطاع غزة محوراً أساسياً في ممارسات إسرائيل غير القانونية، حيث تمارس من خلاله إقصائها العنصري وحصارها لمليونين شخص من أبناء الشعب الفلسطيني القاطنين في القطاع.

انضمام دولة فلسطين إلى معاهدات حقوق الإنسان

في عام 2014، قامت دولة فلسطين، وبعد حصولها على صفة دولة مراقبة في الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 19/67 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر من عام 2012، بالانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، كخطوة ضمن رؤية استراتيجية وطنية، تهدف إلى تعزيز الشخصية القانونية الدولية لدولة فلسطين وسيادتها، وحماية حقوق المواطن الفلسطيني في مجتمع ديمقراطي تعددي قائم على احترام حقوق الإنسان، وتفعيل الآليات الدولية ذات العلاقة، خاصة آليات المساءلة والحماية، بما يساهم في توفير الحماية للشعب الفلسطيني ودعم حقوق أفراده.

أشارت المحكمة العليا الدستورية لدولة فلسطين في قضية رقم (4) لعام 2017 إلى مرتبة المعاهدات الدولية داخل النظام القانوني الفلسطيني عندما أقرت: "بسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الداخلية، بحيث تكتسب قواعد هذه الاتفاقيات قوة أعلى من التشريعات الداخلية، بما يتواءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني" .

جاء الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على رأس الأولويات الوطنية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، لما للاتفاقية من أهمية في عملية بناء منظومة حقوق الإنسان الوطنية، حيث أن المساواة التامة دون تمييز على أساس العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب هي دعامة مهمة من دعامات الحكم الديمقراطي، وفق ما أكدت الفقرة (21) من إعلان ديربان.

تقر دولة فلسطين من خلال انضمامها بأن التنفيذ الفاعل للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك سن القوانين ووضع السياسات على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إنما هي مسائل في غاية الأهمية لغايات مكافحة العنصرية والتمييز العنصري. إن دولة فلسطين تؤمن بأن الديمقراطية والحكم الرشيد الذي يتسم بالشفافية والمسؤولية والمساءلة، ويقوم على المشاركة، ويستجيب لاحتياجات وتطلعات الناس، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون، هي أمور أساسية من أجل تحقيق مناهضة واستئصال العنصرية والتمييز العنصري وذلك حسب ما ورد في الفقرات (80-81) من خطة عمل ديربان. لذلك ستعمل دولة فلسطين على استكمال متطلبات تنفيذ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تعتمد في أساسها على إرساء سيادة القانون وبناء المؤسسات التي تتحلى بالديمقراطية والشفافية وتطوير وضع حقوق الإنسان بشكلٍ عام. كما أن إعداد هذا التقرير، يشكل إعلاناً من دولة فلسطين عن التزامها بتنفيذ مواد الاتفاقية على الصعيد الوطني.

الديموغرافية الحالية للجماعات المحمية بالاتفاقية ضمن حدود دولة فلسطين

لا توجد هنالك إحصائيات دقيقة وشاملة حول الجماعات المحمية بالاتفاقية على الصعيد الوطني، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل:

‌أ) حداثة انضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقية واتفاقيات حقوق الإنسان الأخرى.
‌ب) قلة الدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة المتعلقة بالجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب والدين، الموجودة داخل أراضي دولة فلسطين.
‌ج) غياب الاهتمام الرسمي والأهلي بقضايا حقوق الجماعات القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب بالمقارنة مع القضايا الأخرى، كالحق في الرأي والتعبير، والحق في المشاركة السياسية، وحقوق المرأة والطفل. وهذا وبالإضافة إلى عدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تعنى بمتابعة شؤون الجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب، وعدم وجود مؤسسة مجتمع مدني تعنى بمكافحة التعصب والتمييز والتشجيع على الفهم المتبادل.
‌د) إن المؤشرات الإحصائية القائمة على اللون والعرق والنسب والأصل الاثني والقومي هي مؤشرات إحصائية حديثة بالنسبة إلى المؤسسات الفلسطينية المختصة بالإحصاء، خاصة مع التجانس العرقي والاثني للمجتمع الفلسطيني، إلا أن تلك المؤسسات تعمل حالياً على إدراج هذه المؤشرات بغرض متابعة تنفيذ الاتفاقية.
‌ه) وجود الاحتلال الأجنبي الإسرائيلي يفرض المعيقات أمام الوصول إلى الأفراد التابعين للجماعات الفلسطينية القائمة على العرق واللون والنسب والأصل الاثني والقومي، خاصة المعيقات التي تنتهك حق الفلسطينيين في حرية الحركة والتنقل داخل أرضهم، وبالأخص من وإلى القدس الشرقية المحتلة والتي تقيم فيها معظم الجماعات المحمية بهذه الاتفاقية.

كما وينبغي التشديد على أن أي ذكر للجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية لا يعني المساس بهويتها الفلسطينية أو اعتبارها "أقليات" بالنسبة إلى النظام القانوني الفلسطيني، بل تعتبر هذه الجماعات جزء من "الكل" الفلسطيني مع وجود خصائص إثنية ولغوية وثقافية خاصة بها.

لغايات الحصول على إحصائيات وبيانات حول الجماعات الفلسطينية الموجودة داخل دولة فلسطين، والمدرجة ضمن تعريف المادة (1) من الاتفاقية، تم عقد العديد من اللقاءات مع أشخاصٍ يمثلون هذه الجماعات. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم جمع المعلومات المتوفرة من قبل المؤسسات الفلسطينية المختصة. وعليه، تم تحديد الجماعات العرقية والاثنية والقومية وتلك الجماعات القائمة على النسب واللون في دولة فلسطين على النحو التالي:

‌أ) السامريون: تتواجد الطائفة السامرية في مدينة نابلس (جبل جرزيم)، حيث يقدر عدد أفراد هذه الطائفة في نابلس بحوالي 370 نسمة مكوَنة من خمس عائلات. وتعتبر الطائفة السامرية من أصغر الطوائف الموجودة في العالم، ومن أقدمها في فلسطين. حيث جاء السامريون إلى فلسطين قبل ثلاثة آلاف وستمائة وستة وأربعين سنة، وهم ينسبون أنفسهم إلى ثلاث أسباط من الاثنا عشر سبطاً التي ينتسب إليها بنو إسرائيل، وهي سبط لاوي من النبي يعقوب، وسبط منسي وأفرايم أبناء النبي يوسف. واللغة السامرية هي اللغة العبرية القديمة (من أقدم لغات العالم)، وتتكون من اثنين وعشرين حرفاً، وتقرأ من اليمين إلى اليسار. يؤمن السامريون بالنبي موسى، والأسفار الخمسة الأولى في التوراة، والوصايا العشر. كذلك يؤمن السامريون بقدسية جبل جرزيم بحيث يعتبر قبلتهم ومأواهم. أما بالنسبة إلى عادات وتقاليد السامريين الخاصة، فهم يطبقون الشريعة السامرية في الزواج والطلاق والميراث والطعام. وللسامريين لباس مميز كذلك، فالكهنة يرتدون الجبَة والعمامة الحمراء، والجميع يرتدي الطرابيش الحمراء يوم السبت.

‌ب) الأرمن: تتكون الطائفة الأرمنية في دولة فلسطين من الأرمن المحليين والذين يعود تواجد بعضهم في فلسطين إلى القرن الرابع الميلادي، كما يعود تواجد البعض الآخر إلى 1915 عقب الهجرات الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى. وشكّلت الطائفة الأرمنية قديماً الطائفة المسيحية الثالثة من حيث العدد، حيث كان يعيش في مدينة القدس في عام 1945 ما يقارب الخمسة ألاف أرمني. وفي ظل تعاقب الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين في الفترة الممتدة بين الأعوام 1948 و1967 وما تخلل ذلك من انتهاكات مستمرة، وأوضاع وسياسية اقتصادية واجتماعية صعبة، بقي في دولة فلسطين ما يقدر بحوالي 500 أرمني فقط، يعيشون في بيت لحم وفي القدس الشرقية، ويتواجد أغلبهم في دير مار يعقوب في البلدة القديمة للقدس. ويعتنق الأرمن الموجودون في دولة فلسطين الديانة المسيحية، ويحتفظون باللغة والثقافة والعادات والتقاليد الأرمنية.

‌ج) الإفريقيون: يتواجد الفلسطينيون من أصل افريقي في منطقة باب المجلس في البلدة القديمة في القدس المحتلة. ووفدت الجماعات الافريقية قديماً من شبه الجزيرة العربية إلى أرض فلسطين في الفترة الواقعة ما بين القرن الثالث عشر وبين القرن السابع عشر. وفي أثناء الانتداب البريطاني وفي أعقاب نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، قدمت إلى فلسطين مجموعة أخرى من الجالية الإفريقية من تشاد ونيجيريا والسودان. وتشتمل كذلك الجالية الإفريقية في القدس على طائفة الأحباش الأرثوذكس –ذوي الأصول الأثيوبية- المعترف بها رسمياً من قبل دولة فلسطين. وقُدر عدد أبناء الجالية الافريقية في القدس بحوالي (239) نسمة بحسب جهاز الاحصاء المركزي للعام 2007.

‌د) السريان: يعتبر السريان امتداداً للآراميين الذين انتشروا بشكل أساسي في دول بلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين والأردن) وكذلك لعراق والهند، إضافة إلى عدد من الدول الأخرى، وبحسب المصادر المسيحية فإن السريان هم أول شعب وثني اعتنق المسيحية منذ السنوات الأولى لظهورها. لا تتوفر إحصائية دقيقة لأعداد السريان، لكن ثمة تقديرات تفيد بأن عددهم في الدول العربية (سوريا ولبنان والعراق وفلسطين) يناهز الـ 250 ألف نسمة. 60% منهم يتبعون المذهب الأرثوذكسي، و40% من الكاثوليك. أما في فلسطين فيعتبر السريان ثالث طائفة من حيث العدد بعد الروم واللاتين حيث يمثلون 10% من مسيحيي الديار المقدسة، فهناك 300 عائلة في القدس و500 عائلة في بيت لحم، ويربو عددهم جميعا عن 4000 نسمة. ويتحدث السريان اللغة السريانية والتي تدعى أيضاً باللغة لآرامية أيضا، فهي تنتمي إلى اللغات السامية، فقد كانت قديماً لغة الآراميين الذين استوطنوا منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد بلاد آرام الشام وأرام النهرين وهي لغة السيد المسيح.

‌ه) الأقباط: هي أمة ترجع جذورها إلى قدماء المصريين، كما تعتبر المسيحية القبطية من أقدم نظم المسيحية في العالم التي لم يطرأ عليها أي تغيير نتيجة لانعزالهم بعيدا عن التيارات الحديثة. ترجع معظم الدراسات التاريخية التي تناولت الوجود القبطي في فلسطين، وتحديدا في مدينة القدس إلى توافدهم لزيارة الأماكن المقدسة واستقرار بعضهم بالقرب منها أو في محطات طريقهم إليها، وتشير هذه الدراسات إلى أن نشأة الوجود القبطي في مدينة القدس جاء لمكانتها الدينية وقدسيتها عندهم . يقدر عدد السكان الأقباط في فلسطين بحوالي 1000 نسمة، يقطن معظمهم في القدس الشرقية حيث تعتبر عشرات الأسر الفلسطينية في القدس من أصول قبطية. واللغة القبطية هي الصورة الأخيرة من تطور اللغة المصرية القديمة "الفرعونية"، وهي تكتب باستخدام الأحرف اليونانية، وهي حالياً تستخدم في الشعائر والطقوس الدينية.

‌و) المغاربة: كانت فلسطين ومدينة القدس على وجه الخصوص مقصداً للمغاربة عبر التاريخ، سواء كانوا من الحجاج الدينيين أو من الرحالة وأهل العلم. وما زال عدد كبير من أحفاد الفلسطينيين المغاربة يقيمون في القدس الشرقية ومناطق فلسطينية أخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ ومنهم عائلات: "العلمي" و"المصلوحي" و"الريفي"، و"حبوش". ومن أهم الأماكن المرتبطة بالجالية المغربية هو حي المغاربة الذي يشكل ما مقداره 5% من مساحة القدس القديمة، والذي تم هدمه من قبل الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال عام 1967. ولا توجد إحصائيات دقيقة عن تعداد الأشخاص ذوي النسب المغاربي في القدس ودولة فلسطين، إلا أن عددهم يقدر بحسب شهادة بعض أبناء الجالية بحوالي 20 ألف نسمة.

‌ز) الغجر: أو (النور، الدوم، الروما) وهي إحدى الجماعات الفلسطينية المحمية بالاتفاقية والتي تحدثت عنها بالتفصيل توصية اللجنة رقم (27) لعام 2000. وقد دخل الغجر فلسطين خلال القرن الخامس عشر، وتمركزوا في مناطق القدس، ورام الله، ونابلس، وغزة. ولا توجد إحصائيات حول أعداد الغجر في فلسطين، ولكن التقديرات ترجّح أن عددهم يقارب 1200 شخصا في منطقة القدس، وحوالي 5000 شخصا في قطاع غزة.

من الجماعات الديموغرافية الأخرى في فلسطين غير القائمة على العرق واللون والأصل الاثني والقومي والنسب:

‌أ) التجمعات البدوية: تتواجد معظم التجمعات البدوية في المناطق المحيطة بالقدس الشرقية وغيرها من المناطق في الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في مناطق غور الأردن وجنوب الخليل. وتعتبر تلك التجمعات المهمشة أكثر عرضةً لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وخاصة الانتهاكات المتعلقة بهدم المباني وإعاقة الحق في التعليم والحق بالتنقل والحركة في التجمعات البدوية والتهجير القسري لأفرادها.

‌ب) النازحون قسرياً وداخلياً: وصل تعداد النازحين قسرياً داخل الأرض الفلسطينية منذ المحتلة عام 1967 إلى (263,500) نازح. تم تهجير ما يقارب من (106,000) نسمة أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2014. وتم تهجير ما يقارب (134,000) نسمة نتيجة لممارسة سياسات الاحتلال العنصرية في الضفة الغربية منذ عام 1967، مع العلم أن معظم أعضاء هذه الفئة هم من البدو.

‌ج) اللاجئون: يصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث إلى 5.6 مليون لاجئ يحرمون من ممارسة حقهم بالعودة إلى ديارهم. أما في داخل دولة فلسطين فيصل عدد اللاجئين إلى (775,000) لاجئ في الضفة الغربية، والى (1,260,000) لاجئ في قطاع غزة. وبذلك يعتبر 42% من مجمل سكان دولة فلسطين من اللاجئين.

‌د) العمال والمتطوعون الأجانب: ليس هنالك إحصائيات واضحة عن عدد العاملين الأجانب داخل دولة فلسطين، ويعزى ذلك إلى أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تتحكم بصورة غير شرعية بحدود ومعابر دولة فلسطين، وبالتالي من الصعب تحديد وحصر عدد الأجانب القادمين إلى فلسطين من الخارج وغايات دخولهم إياها. ويقتصر عمل الأجانب في المجال الأهلي والإنساني في المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية. يواجه العمال الأجانب سياسات تميزية من قبل سلطات الاحتلال، ومن الأمثلة على الانتهاكات الإسرائيلية ضد العمال الأجانب، استشهاد الناشطة الأمريكية راشيل كوري في رفح عام 2003.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

8 من الزوار الآن

916820 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق