الصفحة الأساسية > 3.0 الخلاصات > في الثورة والثوار > في معني الثورة
لا تشبه أي ثورة أختها، فكل منها حالة فريدة في ذاتها، كبصمة الإصبع، أو أقرب إلي وضع المرضي النفسيين، الذين قد يتشابهون في بعض الأعراض العامة التي تمكن الأطباء من تشخيص وإحالة كل مريض إلي مرض بعينه في تصنيف لا مفر منه توطئة لأقرب علاج، لكن سمات كل فرد علي حدة، حتي داخل المرض أو الاضطراب الواحد، لا تشبه ما لدي غيره أبدا. ومن هنا فإن من العبث أن يعتقد أحد أن بمُاكنه أن يقيس أيا من الثورات العربية الحالية علي ثورات أخري، أو يضع نموذجا لثورة قد وقعت أمام عينيه وهو يقيم ثورة تندلع أو لا تزال وقائعها تجري، ولم تتم بعد. كما ليس بوسع أحد أن يعتقد أن للثورات طريقا واحدا في التطور والارتقاء، وأن غاياتها ومقاصدها مأمونة ومضمونة في كل الأحوال.
فبعض الثورات أكلها الزمن. وبعضها توقف في منتصف الرحلة فسجله المؤرخون مجرد "انتفاضة" أو "هبة" أو "فورة". وبعضها تم تشويهه وشيطنته ونزع التعاطف الاجتماعي حياله، مثل ما حدث للثورة العرابية العظيمة، التي ساد عنها نعت أعدائها لها بأنها "هوجة" ليصموها بالتهور والانفعال والعدوانية، ووصل الأمر إلي حد تحميلها مسئولية احتلال مصر علي يد الإنجليز عام 1982 وهناك ثورات انتهت إلي مجموعة من الإصلاحات البسيطة علي النظام القائم. والأفدح من هذا هي الثورات التي فشلت فشلا ذريعا، حين تمكنت "الثورة المضادة" من الانتصار، وأعادت النظام القديم، وكأن شيئا لم يجر. أو حين دخلت قوة شريرة علي مسار الثورة وجعلتها تنزلق إلي عنف مفرط وفوضي شاملة أو حرب أهلية.
وهناك عدة أمور مرتبطة بالثورات، رسخت، من تكرارها إلي درجة أنها أصبحت قواعد عامة نلفاها بيسر وسهولة في أي ثورة، وهي:
1 ـ إن التعريف البسيط والمباشر والدال للثورة هي أنها "عملية تغيير جذري"، وهذا التغيير يتم حين نهدم النظام القديم هدما مبرما، ونشرع في بناء نظام جديد علي أنقاضه. وهناك فارق جوهري بالطبع بين هدم النظام الحاكم وبين هدم الدولة. فالثورات يفترض أنها تقوم لبناء الدول، وتسعي إلي أن تنتشلها من التهديد المادي والمعنوي الذي تتعرض له، أما الحركات العنيفة التي ترمي إلي هدم الدولة فيمكن أن ينصرف تصنيفها إلي شكل احتجاجي آخر من قبيل "التمرد" و"الحرب الأهلية" و"العنف الاجتماعي المفرط" و"إشاعة الفوضي"، والعبرة في الحكم علي ما إذا كان الفعل الاحتجاجي عملا إيجابيا لصالح الوطن من عدمه مرتبط أساسا بالأهداف الرئيسية التي حددتها الطليعة الثورية لانطلاق حركتهم، والتي يجسدها "البيان الأول" أو "الشعار الأثير" أو ما يعرف عن هذه المجموعة من أفكار وتوجهات قبل انطلاق الفعل الثوري.
وإذا توقفت حركة النضال من أجل التغيير قبل بلوغها حد إحداث تبدل جوهري في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة فإنها لا ترقي إلي أن تكون "ثورة" وقد يحكم عليها التاريخ فيما بعد علي أنها "انتفاضة" شعبية أسقطت أركان السلطة أو رأسها لكنها لم تمتلك القدرة التي تمكنها من الإجهاز علي بنية النظام القديم وركائز قوته تماما.
لكن لا يمكن الحكم علي حركة تغيير فارقة بأنها ثورة من عدمه إلا بعد أن تعطي فرصة زمنية كافية. فالثورة قد لا تحوز قدرة إسقاط النظام الحاكم بالضربة القاضية، وتدخل ضده في "معركة استنزاف" يطول أمدها، لتصفيته تباعا، وتتقدم خطوات إلي الأمام حتي ولو كانت وئيدة، نحو بناء نظام سياسي جديد، ما إن تكتمل أركانه وتتعزز ركائزه حتي يتصاغر النظام القديم ويتلاشي.
2 ـ الثورة عمل حتمي، لأنها لا تقوم إلا إذا كان المجتمع مهيأً لها تماما. ومن هنا لا يفلح مع الثورات لفظ "لو" أو تشدق البعض بأنه كان من الممكن تفادي الثورة، لاسيما إن كانت السلطة متمسكة بمواقفها المتصلبة التي تخلق الأسباب والدوافع والبواعث التي تؤدي إلي انطلاق الثورة، وتجعل منطق الثوار، قولا وفعلا، مبررا ومقبولا، لدي قاعدة عريضة من الناس.
3 ـ إن أي ثورة تسبقها فترة "تخمر" يصل فيها الاستياء من أداء السلطة إلي منتهاه، ويكون المجتمع مستعدا للانفجار في وجه أهل الحكم، أو يتحول إلي كوم قش قدحه الهجير وينتظر مجرد إشعال عود ثقاب. ودون تعمق "التخمر" أو وصوله إلي الذروة، لا يمكن للثورة أن تنطلق. ومن هنا فإن استعجال الثورة في بلد لم تنضج فيه الظروف بعد لقيامها هو من قبيل الخبل. لكن يمكن تسريع التخمر عبر أفكار وإجراءات تعبوية تزيد من الاحتقان إزاء السلطة، والغبن منها، والشعور الجارف بأنها العقبة أمام الحرية والكفاية والعدالة.
4 ـ الفعل الثوري عمل معقد، لأنه يفتح الواقع الاجتماعي ـ السياسي علي احتمالات عدة، بعضها من دون ريب أفضل من بقاء الوضع السائد علي ركوده وجموده، بما ينطوي عليه من قهر وإذلال وظلم واجتماعي.
5 ـ لا يوجد بلد علي سطح الأرض، منذ نشأة الدولة بمعناها البسيط والتقليدي، وحتي اللحظة الراهنة، إلا وعرف أشكالا متعددة ومتدرجة من الاحتجاج، بعضها تصاعد فبلغ الحد الأقصي صانعا ثورة، وبعضها بقي عند مستوي الانتفاضات والفورات والتمردات محددة النطاق المكاني والزماني. وقد يظن البعض أن هناك أمما محافظة لا تميل إلي الفعل الثوري، لكن هاهو المفكر الفرنسي الشهير جوستاف لوبون يخبرنا في كتابه المهم "روح الثورات والثورة الفرنسية" أن الأمم المحافظة هي التي تأتي بأشد الثورات خلافا لما يظن بعض الناس، لأنها إذا كانت محافظة غير متحولة ببطء لتلائم تقلب البيئات تكره علي ملاءمتها بغتة بالثورة حينما تصبح الشقة بين الطرفين عظيمة جدا".
6 ـ لا تقوم ثورة في أي مكان وأي زمان إلا وقامت ضدها حركات وتدابير تهدف إلي إفشالها عبر احتوائها تدريجيا وتفريغها من مضمونها علي مهل أو حتي من خلال ممارسة العنف المفرط ضد الثوار. وتعرف هذه التدابير جوازا باسم "الثورة المضادة"، وهي تعني محاولة إرجاع أوضاع المجتمع إلي سابق عهدها، والإبقاء علي مصالح القلة التي كانت تتمتع بها، والعمل المستمر من أجل القضاء علي الثورة وعلي مبادئها بكل السبل، ومختلف الوسائل، خفية ومستترة أم علنية وظاهرة .. وهؤلاء ليسوا رجعيين عاديين، ولا يحدوهم إعجاب بالقديم لمجرد أنه قديم، بل علي العكس، إنهم علي استعداد لاستعمال آخر الأساليب الفنية للعلم الحديث وكل الإمكانيات التجريبية في أنظمتنا لتحقيق غرضهم".
7 ـ هناك ثورات معرضة للسرقة أو الاختطاف. وقد يتم هذا علي يد قوة لم تشارك في الثورة أصلا، تأتي متأخرة، وتستغل الطريق الذي شقته الطليعة الثورية، ثم تمر منه بأنانية مفرطة وانتهازية واضحة، لتقتنص الثمرة بمفردها. وقد حدث هذا مع الثورة الإيرانية التي أطلقتها القوة اليسارية والليبرالية ثم اختطفها الملالي. وقد تتم السرقة علي يد قوة كانت شريكة في الثورة لكنها تتنكر لرفاقها، وتبدأ في تنفيذ خطة لإقصائهم تدريجيا عن المشهد السياسي، حتي يتواروا في الظل، يروضون الحسرة علي جهدهم الضائع وأحلامهم التي ذهبت سدي.
8 ـ الثورات موجات، فلا يحكم علي الثورة، نجاحا أو فشلا، بمجرد تقييم موجة واحدة لها. وفي الغالب الأعم تكون الموجة الأولي للثورة هي الأسهل، لاسيما في الثورات الشعبية، التي تشهد حضورا جماهيريا طاغيا، وزخما ظاهرا، بما يجعلها تمتلك قوة دفع هائلة، تجرف أمامها أي عقبات أو عثرات ترمي إلي إعاقة التقدم الثوري، وتعطيل الثوار عن بلوغ هدفهم الأساسي الأولي وهو إسقاط النظام الحاكم.
لكن هناك من بين القوي الشعبية الغفيرة التي صنعت الثورة تظن أن مهمتها قد انتهت بمجرد إجبار الحاكم علي التنحي، لأن تواجده في السلطة يمثل التحدي النفسي الرئيسي لهؤلاء، وهم يقيسون نجاح الثورة أو فشلها بقدرتهم علي إزاحة الطاغية في أسرع وقت ممكن، دون أن تعنيهم مسألة بناء "مؤسسة للثورة" تستطيع أن تملأ الفراغ الذي ينجم عن الغياب المفاجئ لحاكم مستبد مدجج بصلاحيات واسعة. وهذا الوضع يفتح الباب أمام القوة المنظمة في المجتمع، والتي غالبا ما تكون الجيوش، للدخول بثقلها وجذب إمكانات الثورة إليها، وتوظيفها كأداة للاستيلاء علي السلطة تدريجيا، أو الاحتفاظ بها، لاسيما إن انفضت الجماهير العريضة عن ثورتها.
9 ـ حين تفشل الثورة، تدفع قيادتها وطليعتها ثمنا باهظا. فالقوي المنتصرة علي الثورة، أو التي طوقتها وفرغتها من مضمونها وأجهزت علي فعلها الإيجابي، ستعمل علي تقييم الثورة باعتبارها عملا تخريبيا، أو تصرفا معوقا للبلاد، وتمهد الرأي العام لتقبل كراهية الثوار تدريجيا، وتغذي الحنق عليهم، عبر وسائل عديدة، منها إطلاق الشائعات حول ارتباطاتهم وانتماءاتهم بما يصورهم علي أنهم حفنة من "الخونة" الذين أرادوا هدم الوطن. ومنها تصيد أي أخطاء فكرية أو عملية للثوار وتسليط الضوء عليها وتضخيمها. ومنها أيضا استمالة بعض الثائرين بمنافع ومكاسب صغيرة لمحاولة إظهارهم بأنهم مجموعة من الباحثين عن مغانم شخصية، وليس بناء وطن والعمل والتضحية من أجل الآخرين، كما يقولون في خطابهم الثوري المفعم بالبلاغة.
10 ـ لم ولن يكون الثوار علي درجة واحدة من الولاء للثورة، ولا يقفون منها عاطفيا وعقليا علي قدم سواء، فمن بينهم المخلص المستعد للاستشهاد في سبيل نجاحها، ومنهم منيريد أن يعطيها بقدر لا يفقده حياته، وهناك من يراها فرصة تاريخية لبناء وطن حر مكتف عادل مهاب طالما كان يحلم بالعيش فيه، ويوجد من يعتقد في أنها ستخلق مسارا اجتماعيا يحقق له المكانة اللائقة، وهناك من يعول علي الثورة في أن تعوضه عن منصب أو مال أو جاه افتقده أيام النظام الذي هدمته الثورة. وهناك من يتحلل من كل هذا، فلا هو استشهادي رومانسي حالم في ثوريته، ولا هو باحث عن منفعة ذاتية، إنما تربطه بالثورة علاقة عاطفية بسيطة، إذ يجد نفسه فيها، وكأنها مشروعه الحياتي الذي كان يبحث عنه، أو أنها هي الحدث الكبير الذي تحققت فيه ذاته المنسحقة منذ سنوات، ولذا يعتقد أنه سيضيع ويعود إلي سابق ذله واستضعافه إن خمد الفعل الثوري، الذي شارك فيه، وعول عليه في تحصيل الكرامة.
11 ـ قد تختلف الأسباب التفصيلية والصغيرة التي تؤدي إلي اندلاع الثورات، لكن الأسباب العامة والأساسية تتشابه إلي حد كبير. وسعي المفكرون والخبراء للإجابة علي سؤال مفاده: ما هي الظروف التي تحدث فيها الثورات؟ وتنوعت إجاباتهم بقدر تنوع أيديولوجياتهم والبيئة السياسية التي عاشوا فيها، والتجربة الحياتية التي مروا بها. فهاهو كارل ماركس يتنبأ بثورة للبروليتاريا ضد الطبقات البرجوازية والدولة الرأسمالية لكن نبوءته لم تتحقق حتي الآن.
وقد وجد برينتون نقاط التقاء بين مختلف مراحل الثورات الإنجليزية والأمريكية والفرنسية والروسية، وتنبأ بأن الأخيرة سيكون لها تأثيرها الخارجي الكبير وهو ما وقع بالفعل. وخلص إلي أن إحدي علامات الثورة هي وجود نخبة تسرب شك عارم إلي نفسها حيال شرعية السلطة القائمة، وتؤمن بأن التحرك لإسقاطها بات واجبا. وينتهي جونسون من دراسة الثورات الروسية والفرنسية والصينية إلي أن الأوضاع في البلدان الثلاثة كانت تنذر بالتمرد والعصيان قبل اندلاع الثورة. وتحدث جور عن أن الثورة تقوم حين يبلغ الاحتقان النفسي من النظام الحاكم مداه. وهناك كثيرون أوردوا في تحليلاتهم للثورات عوامل عابرة مثل العواقب الاجتماعية والاقتصادية الوخيمة للنمو السكاني السريع، وحالة الشك والغموض والالتباس التي تعقب الحروب، وأي عناصر أخري تشكل ضغوطا شديدة علي النظام السياسي ليس بوسعه تحملها، ومن ثم لن يجد مفرا من الانهيار.
12 ـ هناك اختلاف بين العلماء في تقييم الثورات السياسية والاجتماعية الكبري التي وقعت في تاريخ الإنسانية. فهناك من يراها وسيلة ضرورية لتحقيق تقدم البشر نحو مجتمع تسوده الحرية والعدالة والكفاية والمساواة والانسجام. ويوجد فلاسفة محافظون علي رأسهم فريدريك نيتشة وجوستاف لوبون يعتقدون أن الثورات تعبر عن عواطف جامحة تدفع إلي فعل غير رشيد يؤدي إلي تحطيم النظم القائمة، وينعت هؤلاء الثورات بأنها "سلوك الغوغاء" و"فعل العقلية البدائية" و"حصيلة الحقد النفسي الشديد" و"الانهيار العصبي للمجتمع" و"التصرف البربري". ويشبه نورمن هامبسن الثورة بالعيوب الجيولوجية أو الكوارث الطبيعية التي تحل فجأة وتنهي الانسياب الطوعي للحياة، ويفضل عليها التطور الإيجابي للمجتمعات.
13 ـ تنقسم الثورات من حيث قوة التأثير إلي نوعين، الأول هو "الثورات المحدودة" التي لا يزيد ما تفعله عن الإطاحة بحكام من مناصبهم واستبدالهم بآخرين وربما تحسن نسبي في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. والثاني هو "الثورات الجائحة" التي تهز مناطق أوسع بكثير من البلد التي وقعت فيه، وهذا ينطبق بشكل واضح علي الثورات الأمريكية 1776 والفرنسية 1789 والمكسيكية 1910 والروسية 1917 والصينية 1949 والإيرانية 1979. وهناك من يخرج الأول من تصنيف الثورة لأن غاية الثورات ليست الإطاحة بالحاكم إنما بناء نظام سياسي جديد علي نحو مغاير تماما لما كان سائدا.
14 ـ الثورة هدم وبناء. هدم للنظام الذي ثار الناس ضده، وبناء آخر يحل محله، مستجيبا لأشواق الثائرين إلي الحرية والعدالة والكفاية. وقد يكون الهدم سريعا وشاملا وعميقا، وقد يتم علي مراحل، لاسيما في البلدان التي يبتلع فيها نظام الحكم مؤسسات الدولة، ويتخذها مطية لاستمراره بحد التغلب. ففي مثل هذه الحالة يعي الثوار أن هدم النظام جملة واحدة وفي زمن قياسي قد يؤدي إلي ترنح الدولة، ومن ثم يتعاملون مع عملية الهدم بمبضع جراح وليس بمعول فلاح. لكن الهدم يجب أن يتم في كل الأحوال بغض النظر عن المدة التي يستغرقها أو الطرق التي يسلكها القائمون به. فإن توقف الهدم وبقيت بعض آثار النظام القديم تقوضت معالم الثورة، وضعف تأثيرها، وانفتحت نافذة أمام قوي "الثورة المضادة" لتستجمع قدراتها وتنازل الثوار، وقد تنتصر عليهم.
15 ـ يعتقد كثيرون أن "صندوق الانتخاب الشفاف" بات بديلا عن الثورة في المجتمعات الديمقراطية، أو هو "الثورة الجديدة" في التاريخ البشري التي أنهت الأنماط التقليدية المعروفة من الثورات. فالمواطنون هناك لا يحتاجون إلي الثورة علي من بيده مقاليد الأمور حتي يخلعوه من منصبه، ويكفيهم الصبر عليه حتي تنتهي فترة حكمه التي تحددها الدساتير، ثم يصوتون لرحيله، أو لإزاحة الحزب الذي يمثله عن السلطة.
وقد ظهر كتاب بهذا المعني شارك في تأليفه عدد من أبرز علماء السياسة والاجتماع والمؤرخين، ممن صرفوا معظم حياتهم يدرسون العمليات الثورة، وقد حاول هؤلاء الإجابة عن سؤالين مهمين يتعلق الأول بالعوامل التي تتحكم في صياغة ومدي تأثير الأشكال الجديدة الممكنة للتغيير السياسي الراديكالي في عهد العولمة، ويدور الثاني حول ما إذا كانت ديمقراطية المشاركة قد أصبحت وسيلة للنضال الثوري في المستقبل، وإلي أي حد أصبحت الثورات تعتمد علي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات.
لكن هذه الأطروحة لم تلق موافقة من بعض مؤلفي الكتاب الذين قدموا ردودا قوية علي كل من كان يعتقد بأن عصر الثورات قد انتهي، وقالوا إن الأجدر بالمفكرين مناقشة التغيرات التي طرأت علي أساليب الثورات والثقافة السياسية المرافقة لها. فمادام هناك نظم حاكمة تمارس الاستبداد والاستعباد والظلم الاجتماعي المنظم والقهر وإهدار كرامة الإنسان فإن الثورة عليها أمر قائم وإن تأخر بعض الوقت.
د. عمار على حسن
8 من الزوار الآن
916826 مشتركو المجلة شكرا