الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > المقاومة والاعلام > تاريخ الإذاعة الفلسطينية “هنا القدس” الحلقة الرابعة
جميل الجوزي
1917- 2000
من مواليد القدس عام 1917، ولد في أسرة تفاعل أفرادها مع الأدب والفن، فعمه الدكتور بندلي الجوزي، كان أستاذاً للغة العربية في جامعة باكو في الاتحاد السوفييتي، ومؤلف عشرات الكتب أهمها "من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام" وشقيقه الأكبر صليبا أسهم عام 1915 في تأسيس أول ناد فلسطيني في مدينة القدس، واشترك في العديد من المسرحيات بين السنوات 1915 1925، وشقيقه نصري، أحد رواد المسرح الفلسطيني والتأليف المسرحي، ومربٍّ أنشأ أجيالاً متعاقبة من الطلاب والطالبات الذين يحتلون مراكز مرموقة في العالمين العربي والغربي.
تلقى جميل علومه الابتدائية والثانوية في مدرسة المطران المعروفة بسان جورج، اقتفى أثر أخويه صليبا ونصري وعشق المسرح والتمثيل، واشترك في عدد من المسرحيات بين السنوات 1933 1948م.
ومنذ أن تفتحت عيناه على النور أخذ يطالع الكتب الأدبية والتمثيلية المتوفرة في البيت، إضافة إلى الكتب التي تعالج تاريخ المسرح وقواعده ومؤلفيه باللغتين العربية والإنكليزية.
يقول المرحوم يعقوب العودات عن جميل في موسوعته "من إعلام الفكر والأدب في فلسطين" يقول ما يلي: "ولد جميل فنياً عام 1936 عندما تأسست الإذاعة الفلسطينية بالقدس، فكان له الفضل الأكبر في تقديم الرواية الإذاعية في شكلها الحاضر وتطعيمها بالموسيقى التصويرية ووضعها في قالب يستسيغه المستمعون".
وفي عام 1937 أسس الفرقة التمثيلية لجمعية الشبان المسيحية في القدس، وكان الغرض من تأسيسها إقامة حفلات تمثيلية موسيقية مجانية أولاً للترفيه عن الأعضاء وعائلاتهم وثانياً الإشراف على إنتاج الفرق التمثيلية المقدسية التي ازداد عددها.
ومما كتبه الأستاذ عبد الوهاب يوسف كبير المذيعين في محطة الإذاعة المصرية آنذاك عن جميل الجوزي قوله: "إنك تجد بين هؤلاء المهتمين بالتمثيل في فلسطين شباناً أصحاب علم بهذا الفن من حيث مبادئه وأسسه، ويعرفون الكثير عن الأدب المسرحي وتاريخه منذ نشأته ثم تطوره وما بلغته الأقطار العربية والأوروبية في هذا المضمار، وقد استطاع بعض أصحاب الفرق التمثيلية وفي طليعتهم الأستاذ جميل الجوزي أن يثبتوا وجودهم في تهيئة الرواية الإذاعية وسيان أكان الموضوع موضوعاً أم مقتبساً أم مترجماً".
أصدر ثلاث مجموعات من المسرحيات للكبار هي:
1 "السبحة وتمثيليات أخرى". وفيها بحث تاريخي عن نهضة التمثيل في الشرق العربي، المطبعة التجارية القدس عام 1952.
2 "الزوجة الخرساء وتمثيليات أخرى". وفي المجموعة بحث تاريخي عن نهضة التمثيل في فلسطين، مطبعة الرازي دمشق 1979.
3 "غرام أعمى وتمثيليات أخرى"، وفي المجموعة بحث عن المسرح في الأردن، مطبعة الرازي دمشق عام 1984.
وفي مقدمة "السبحة وتمثيليات أخرى" التي كتبها المرحوم عزمي النشاشيبي، مدير القسم العربي في دار الإذاعة الفلسطينية سابقاً يقول ما يلي: "كان السيد جميل الجوزي مؤلف هذا الكتاب في طليعة الهواة الذين اقتحموا هذا المسلك الوعر والطريق الشائك فساهم مساهمة محسوسة في تغذية هذا القسم من برامج دار الإذاعة الفلسطينية خلال العقد الثاني من عمرها يوم استولت برامجها على المرتبة الأولى بين المحطات الخمس والعشرين التي تذيع باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط.
"خلال تلك الفترة، وقد بلغت سنوات عدة، كان السيد جميل يؤلف ويترجم ويقتبس، كما كان يشترك في الإخراج وفي التمثيل بحماس واندفاع".
"وعليه، يسرني كثيراً أن أقدم اليوم السيد جميل الجوزي، في باكورة أعماله المنشورة، إلى هواة التمثيل الإذاعي في دنيا الإذاعات العربية"، عمان في 10 8 1954.
وفي مقدمة "مجموعة الخرساء وتمثيليات أخرى" الصادرة عام 1975 يقول الدكتور عيسى الناعوري من جملة ما يقول:
"والذين يعرفون جميل الجوزي منذ بواكير حياته المسرحية في القدس، يعرفون أنه واحد من أسرة قدمت مجموعة من المتحمسين للمسرح، كانوا في طليعة المسرح الفلسطيني والتمثيلية الإذاعية في فلسطين".
"كان جميل وإخوانه الثلاثة صليبا ونصري وفريد وكذلك ابن عمهم أميل، من أبرز العاملين في الحقل المسرحي، وانقطع صليبا عن الكتابة والتمثيل ولكن ظل نصري يؤلف للمسرح إلى الآن وهو مقيم في دمشق وظل جميل يترجم للمسرح بين الحين والحين إلى جانب عمله التجاري إنها لأسرة خلقت المسرح وأعطته مواهبها وكل حماستها".
"واليوم يقدم جميل مجموعته المسرحية المترجمة الجديدة. وهي تضم خمس تمثيليات قصيرة لكتاب غربيين مختلفين، اختارها جميل بذوق الفنان وبراعته، وتعمد أن يختارها تمثيليات قصيرة ذات فصل أو فصلين، كما تعمد أن تكون فيها الفكاهة، والهدف الاجتماعي وخفة الظل".
"على أن حسن الاختيار، وسهولة الترجمة الجيدة يظلان من الأمور التي قد يجيدها آخرون أيضاً، كما يجيدها جميل الجوزي، إلا أن المقدمة التي وضعها لهذه المجموعة الصغيرة حول المسرح الفلسطيني قبل النكبة جديرة بدراسة خاصة، فقد فصّل جميل الحديث فيها ليقدم للأجيال الجديدة معلومات يجهلونها أو يجهلها القسم الأكبر ممن يعملون في المسرح الأردني اليوم.
وهذه المعلومات ذات أهمية وذات قيمة تاريخية وقيمتها في أن الذي يتحدث عنها هو واحد من المؤسسين في الإذاعة، ويشارك في إغناء المسرح بترجماته اللطيفة.
وأنا أرجو أن يقرأ المهتمون بالمسرح الأردني تلك المقدمة، لكي يتذكروا بعاطفة ومودة وتكريم أولئك المناضلين الأوائل، ولكي يكملوا الدرب من بعدهم بجهد جديد، لا في مجال الترجمة فحسب، بل في مجال التأليف وإغناء المسرح الحالي ومسرح المستقبل بكل جديد وجميل من الكتابات المسرحية، بالممثلين القديمين الذين يستطيعون أن يقيموا المسرح الأردني على قوائم راسخة متينة من الفن، والمقدرة، والكفاءة".
"وليس في نيتي أن أحلل للقارئ مسرحيات هذا الكتاب الجديد، ولا أن أعطيه خلاصات عنها، فهذه التمثيليات قصيرة، ولطيفة وممتعة، والتحليل والتلخيص قد يفسدانها، إنما همي أن تكون هذه المقدمة السريعة تحية للصديق جميل الجوزي على جهده الجديد، وتكريماً لواحد من المجاهدين الأولين في خلق المسرح الفلسطيني يوم لم يكن ثمة مسرح ولا مسرحيون".
وعند صدور مجموعاته، أو إخراج إحدى مسرحيات فرقة "الجوزي" كتبت عنه وتحدثت عن تمثيله الأدوار الرئيسية، كل من المجلات والجرائد الآتية:
مجلة الأديب مجلة الصباح القاهرية وقد كانت تعنى بالحركة المسرحية أخبار الأسبوع مجلة المنتدى القلم الجديد مجلة الثقافة والإعلام الأردنية باللغة الانجليزية الدستور الأقلام العراقية الرأي الأردنية. إضافة إلى الجرائد والمجلات الفلسطينية مثل: الدفاع- فلسطين مرآة الشرق الهدف الخ...
كانت أولى المسرحيات التي اشترك في تمثيلها جميل رواية "الحق يعلو" في 13 / 5 / 1933 وهي من تأليف شقيقه نصري، مثّل فيها دور جميل، كما مثل دور جمال في مسرحية "فؤاد وليلى" من تأليف شقيقه نصري في 26 / 12 / 1936.
وبرّز في دور الأب كامل في مسرحية "الشموع المحترقة" من تأليف نصري الجوزي وإخراج حرم نقولا سابا، إحدى الممثلات والمخرجات الانجليز، وذلك في سنة 1938 وقد ظل يقوم بتمثيل الدور في جميع المدن الفلسطينية حتى عام 1940.
ومثّل أيضاً دور "مختار" في الفصل الوطني "أشباح الأحرار" تأليف شقيقه نصري في 16 / 8 / 35 و 28 / 8 / 46.
ومثل أدوراً كثيرة أخرى على مسارح القدس، ويافا، وبيت لحم وعمان.
وعندما تأسست محطة الإذاعة الفلسطينية في القدس، وتكونت فرقة الجوزي سنة 1936 وهي أول فرقة إذاعية، تسلم جميل إخراج المسرحيات والفصول وانتقاء الموسيقى اللازمة للأدوار الإذاعية التي كنا نقدمها، وقد نجح في ذلك نجاحاً باهراً.
وأخرج بين السنوات 1936 1948 أكثر من مئة فصل تمثيلي إذاعي، وكان الفصل الإذاعي يستغرق نصف ساعة إن كان مأساوياً أو درامياً وربع ساعة إن كان الفصل هزلياً.
وبعد نكبة العرب الأولى سنة 1948 وتشردنا في جميع أقطار العالم خصوصاً البلاد العربية، استقر جميل في عمان وأصدر مجموعاته الثلاث
ولا أغالي إذا قلت أن أخي جميل من أنشط العناصر الفعالة على المسرح وفي الإخراج الإذاعي، كما كان نشيطاً في ترجمة الفصول التمثيلية واختيار ما لد منها وطاب وهو الآن يعد العدة لطبع كتاب جديد بعنوان: "رواد المسرح العربي" في كل من مصر، ولبنان وسورية وفلسطين والأردن.
نموذج من مسرحياته:
صباح يوم مشمس
تأليف الكاتبين
سرافين وبدراكيه الفاريز
اقتباس جميل جوزي
شخصيات المسرحية
دونا لورا امرأة جميلة بيضاء الشعر في السبعين من عمرها.
بترا خادمتها.
جوانزالو شيخ في السبعين.
خوانيتو خادمه.
المنظر
ركن منعزل من حديقة عامة في مدريد... تدخل دونا لورا مستندة إلى ذراع خادمتها بترا... وهي تحمل مظلة تتوكأ عليها.
دونا لورا كم أنا سعيدة لوجودنا هنا... كنت أخشى أن أجد مقعدي مشغولاً... يا له من صباح جميل.
بترا ولكن الشمس محرقة.
دونا لورا أجل... هذه لأنك في العشرين من عمرك (تجلس على المقعد) أشعر بتعب... اذهبي إلى حارسك إن شئت.
بترا إنه ليس بحارسي يا سيدتي... إنه يحرس الحديقة.
دونا لورا إنه ينتظرك بفارغ الصبر، اذهبي إليه... ولكن لا تبتعدي كثيراً..
بترا حسن يا سيدتي (تمشي إلى اليمين)
دونا لورا انتظري هنيهة.
بترا ماذا تريد سيدتي؟
دونا لورا لقد نسيت فتات الخبز الذي أحضرته للحمام.
بترا لا أدري ماذا دهاني... تفضلي يا سيدتي... إلى اللقاء... (تعطيها كيساً صغيراً ثم تسير نحو الأشجار).
دونا لورا إلى اللقاء... ها هو الحمام قد حضر... (الحمام يقترب منها) إن هذا لأرشقهم حركة... وهذه الكالحة لأكثرها فهماً (تقذف كمية من الطعام) هذا الصغير العزيز أقلها خجلاً... أما هذا فيختطف قطعته ويطير إلى الشجرة ليأكل منفرداً... يا له من فيلسوف... ولكن من أين تأتي هذه الجموع كلها؟ لا بد أن الأنباء تتطاير... ها... ها... لا تتشاجر... هناك ما يكفي للجميع... سأحضر لك غداً ما يكفي للجميع... سأحضر لك غداً كمية أخرى.
(يدخل جونزالو وخادمه).
جونزالو إن مقعدي ليس شاغراً يا خوانيتو.
الخادم تستطيع أن تجلس هنا يا سيدي... فلا أحد يشغله سوى السيدة.
جونزالو إن من واجب أولي الأمر أن يكثروا من هذه المقاعد في مثل هذا الجو الدافئ... أحسب أنني مضطر للجلوس هنا بجانب هذه السيدة العجوز (لدونا لورا) أسعدت صباحاً.
دونا لورا هل تستعمل منديلك لمسح حذائك؟
جونزالو ولم لا؟ بأي حق تنتقدين أفعالي؟
لورا بحق الجوار
جونزالو (لخادمه خوانيتو)... أعطني الكتاب.. إنني لا أحب أن أستمع إلى مثل هذه السخافات.
لورا إنك مهذب جداً.
جونزالو عفواً يا سيدتي... ولكن أرجو ألا تتدخلي فيما لا يعنيك، أعطني الكتاب يا خوانيتو (الخادم يخرج الكتاب من جيبه ويقدمه لسيده).
الخادم تفضل يا سيدي (يخرج).
لورا ماذا تفعل الآن؟
جونزالو أخرج نظارتي.
لورا لقد حسبتها تلسكوباً.
جونزالو إني أرى أحسن منك.
لورا نعم.. نعم.. لا شك في ذلك.
جونزالو سلي الأرانب.
لورا هل تصطاد فعلاً؟
جونزالو نعم يا سيدتي... كنت أيام الآحاد أخذ بندقيتي وأخرج مع كلبي للصيد، وهناك في مزارعي قريباً من (أراضاكا) أقتل الوقت.
لورا نعم لقتل الوقت... لعل هذا هو كل ما تستطيع أن تقتل.
جونزالو إني أستطيع أن أريك رأس دب كبير في مكتبي.
لورا وأنا أيضاً استطيع أن أريك جلد نمر في غرفة نومي.
جونزالو كفى... كفى ثرثرة... اسمحي لي أن أقرأ.
لورا كما تشاء.
جونزالو (يتناول بعض النشوق)... أتأخذين شيئاً منه ؟(يقدم العلبة).
لورا إن كان صنفه جيداً.
جونزالو إنه من أحسن الأصناف.
لورا إنه ينقي رأسي.
جونزالو وأنا أيضاً.
لورا أتعطس منه؟
جونزالو نعم يا سيدتي... ثلاث مرات.
لورا وأنا كذلك.
جونزالو أتسمحين لي بالقراءة الآن؟
لورا تفضل... إنك لن تضايقني.
جونزالو (يقرأ) "الحب كله حزن وشقاء".
لورا (مقاطعة) إنني آسفة إذ أراك تقرأ وهذا المنظار المكبر على عينيك.
جونزالو أتستطيعين القراءة دون منظار؟
لورا بكل تأكيد.
جونزالو في سنك هذه... لا بد أنك تبالغين.
لورا أعطني الكتاب إذن (تقرأ) "لقد مرت عشرون عاماً، وها هو ذا يعود الآن، وعندما نظر كل منهما إلى صاحبه صاح قائلاً أيمكن أن يكون هو؟"
جونزالو إني أحسدك على قوة نظرك.
لورا (بصوت خافت) إني أحفظ كل كلمة من هذا الشعر عن ظهر قلب.
جونزالو إنني شغوف بالشعر الجميل، شغوف جداً حتى أنني كنت أكتب الشعر في شبابي.
لورا شعراً جيداً؟
جونزالو كل أنواع الشعر... لقد كنت صديقاً لشعراء كثيرين ل "زوريلا" و"بكير" و "لاسرو" وغيرهم، لقد قابلت زوريلا أول مرة في أميركا.
لورا أنت، هل سافرت حقاً إلى أميركا؟
جونزالو مرات عديدة... كنت في السادسة من عمري عندما سافرت إليها أول مرة.
لورا الآن فهمت... لقد سافرت إذن مع كولومبس على إحدى مراكبه الشراعية؟
جونزالو (يضحك) إني لست كبيراً إلى هذا الحد، إني أعترف أنني هرمت ولكني لا أعرف فردناند وايزابيلا... (يضحكان) لقد كنت صديقاً حميماً للشاعر "كامبو آمور" لقد قابلته في بلدي فلنسية.
لورا أنت من فلنسية؟
جونزالو نعم... لقد نشأت وقضيت فيها أوائل الشباب، ألم تزوريها؟
لورا بل عشت فيها ردحاً كبيراً من الزمن... أتذكر ذلك القصر الذي تظلله أشجار الليمون... إنهم يسمونه.. دعني أتذكر... نعم مارسيلا.
جونزالو (دهشاً) مارسيلا؟
لورا أتعرف هذا الاسم؟
جونزالو نعم.. أعرفه.. لقد كانت تقيم فيه أجمل امرأة رأيتها في حياتي.. ولقد رأيت أؤكد لك كثيراً جداً من النساء.. دعيني أتذكر اسمها.. اسمها.. أجل "لورا لورنيتي".
لورا (دهشة) لورا؟
جونزالو نعم.. ما بك؟
لورا (مرتبكة) لا.. لا شيء.. كل ما هنالك أنك ذكرتني بأعز صديقة.
جونزالو أعز صديقة؟ هذا عجيب...
لورا أجل عجيب حقاً.. كانت تدعى العذراء الفضية.
جونزالو (متذكراً) العذراء الفضية.. هذا كان اسمها.. إنني أراها الآن وهي واقفة أمامي، تنظر من النافذة وهي تحمل وروداً حمراء هل تذكرين هذه النافذة؟
لورا نعم.. أذكرها جيداً.
جونزالو لقد كانت تطيل الوقوف أمام النافذة.. أعني أنها كانت تفضل ذلك أيامنا نحن.
لورا- وأيامي أنا أيضاً.
جونزالو يا لها من فتاة.. إنها كانت المثل الأعلى للنساء.. بشرتها ناعمة بيضاء وشعرها حالك السواد (يتنهد) يا لها من مثال حي لجمال سماوي.. لقد كانت حلماً بديعاً.
لورا (لنفسها) ليتك تعرف أن هذا الحلم الرائع يجلس الآن بقربك (بصوت عال) لقد كانت هذه الفتاة في غاية الشقاء.. فقد أحبت وانتهى حبها بالفشل.
جونزالو مسكينة.
لورا هل سمعت شيئاً عن الحادث؟
جونزالو نعم.
لورا (بصوت خافت) إنه هو.. جونزالو.
جونزالو لقد كان هذا الحبيب الشهم ابن عمي.. وكنت أحبه كثيراً.
لورا أهو ابن عمك حقاً... لقد أفضت إلي صديقتي في إحدى خطاباتها بكل ما في قصة حبها من جمال وألم.. كان ابن عمك هذا يمر عليها صباح كل يوم وهو على ظهر جواده.. ويسير في ممر الورد تحت نافذتها حتى الشرفة حيث تنتظره، فيرمي بباقة من الورد، تمسكها بسرعة وحنان.
جونزالو وعند مغيب الشمس يعود العاشق على ظهر جواده من نفس الطريق ويمسك باقة من الورد ترميها هي إليه أليس كذلك؟
لورا نعم... غير أن ذويها أرادوا أن يزوجوها تاجراً غنياً.
جونزالو وفي ليلة من الليالي المقمرة بينما كان ابن عمي ينتظر حتى تطل عليه من الشرفة... إذا بهذا الشخص الغريب يظهر فجأة.
لورا ثم أهان ابن عمك.
جونزالو بل جرى بينهما نقاش عنيف.
لورا ثم تبارزا بعد ذلك؟
جونزالو أجل... في الصباح... قريباً من الشاطئ.. وجرح التاجر جرحاً خطيراً، واضطر ابن عمي إلى الاختفاء بضعة أيام... ثم فرّ من المدينة كلها.
لورا يخيل إلي أنك تعرف القصة بحذافيرها.
جونزالو وأنت أيضاً.. أليس كذلك؟
لورا لقد أفهمتك أن صديقتي قصت علي ما وقع لها بالتفصيل.
جونزالو وكذلك فعل ابن عمي (لنفسه) إنها هي، إنها لورا.
لورا وما دمنا في سياق هذا الحديث... فهل لي أن أسألك سؤالاً بسيطاً.
جونزالو تفضلي.
لورا ما هي الأسباب التي دعت ابن عمك إلى نسيان حبيبته لورا.
جونزالو ماذا تقولين؟ إن ابن عمي لم ينسها دقيقة واحدة في حياته.
لورا كيف تفسر إذن تصرفاته إزاءها؟
جونزالو سأ قص عليك ما حدث، لقد التجأ هذا العزيز إلى منزلي، وظل مختفياً خوفاً من مغبة المبارزة... وذهب بعد ذلك إلى اشبيلية ومن هناك إلى مدريد... وأخذ يكتب إلى لورا بمعدل رسالة كل يوم... ولكن يبدو أن والديها كانا يمنعان وصول هذه الرسائل إليها، فظن جونزالو وهو في يأس قاتل أن حبه قد ضاع سدى، فالتحق بالجيش، وفي افريقيا وفي أحد الخنادق لقي حتفه كأشجع ما يلاقي فارس نهايته ومات وعلم بلاده بين يديه... واسم حبيبته لورا، يتردد بين شفتيه.
لورا (لنفسها) يا له من كاذب كبير.
جونزالو (لنفسه) لم أستطيع أن أخترع أحسن من هذه الميتة الشريفة.
لورا لا شك أن هذه الكارثة أثرت فيك كثيراً؟
جونزالو طبعاً يا سيدتي... لقد حزنت عليه وكأنه أخي... وأحس أن لورا قد نسيت بعد وقت قصير، وأخذت تتلهى بمطاردة الفراش في حديقتها الجميلة.
لورا كلا يا سيدي... كلا.
جونزالو هذه هي طبيعة المرأة.
لورا لقد انتظرت صديقتي أخباراً من حبيبها أياماً بل أشهراً... لا بل سنين طويلة... فلم تصلها منه رسالة واحدة... وفي عصر ذات يوم بعد غروب الشمس رؤيت وهي تخرج من بيتها بخطى سريعة منحدرة نحو الشاطئ، فحفرت اسمه على الرمال... ثم جلست على صخرة، وأخذت تحدق في الأفق، وبدأت الأمواج تهمس بأنفاسها المحترقة وهي تقترب من الصخرة شيئاً فشيئاً، ثم ارتفع الماء... وفي أقل من لمح البصر جذبتها الأمواج نحو البحر.
جونزالو (لنفسه) يا لها من كاذبة.
لورا ويقول الصيادون الذين لا يزالون يرددون هذه القصة أن الأمواج استغرقت وقتاً طويلاً لتمحو اسم حبيبها المحفور على الرمال (لنفسها) إنه لن يجاريني في الكذب.
جونزالو (لنفسه) إنها تكذب أكثر مني... ولكنها تكذب في فن وجمال.
لورا مسكينة لورا.
جونزالو مسكين جونزالو.
لورا (لنفسها) لن أقص عليه كيف تزوجت بعد شهرين من هذا الحادث.
جونزالو (لنفسه) أما أنا فقد هربت بعد ثلاث أشهر إلى باريس مع راقصة.
لورا شيء غريب... فها نحن لا صلة تربطنا، ولا يعرف أحدنا شيئاً عن الآخر، نتقابل صدفة... ثم نروي قصة لأصدقاء قدماء مضى عليها زمن طويل... نتحادث وكأننا أصدقاء مضى على صداقتهما زمن بعيد.
جونزالو نعم... نعم... هذا شيء عجيب حقاً.. وخاصة إذا تذكرنا كيف بدأنا حديثنا... كيف كنا نوشك أن نتعارك.
لورا لقد أخفت الطيور.
جونزالو لقد كنت متوعك المزاج بعض الشيء.
لورا نعم... لقد كان مسلكك واضحاً... (بظرف) هل ستحضر غداً أيضاً؟
جونزالو بكل تأكيد... إذا كانت الشمس دافئة كاليوم... ولكنني لن أخيف الطيور... بل سأحضر لها فتاتاً من الخبز.
لورا إني أشكرك من كل قلبي... أين خادمتي يا ترى (منادية) بترا... بترا...
جونزالو (ينظر إلى لورا التي تدير له ظهرا)(لنفسه) لا... لن أطلعها على شخصيتي إن منظري مثير للضحك الآن.. فمن الأنسب أن تذكر الفارس الرشيق، وهو يمر تحت نافذتها ويرمي إليها بباقة من الورد.. من أن ترى جونزالو حبيبها القديم.
لورا ها إن بترا قد حضرت.
جونزالو أما خوانيتو فهو دائماً يداعب المربيات (منادياً) خوانيتو.. خوانيتو.
لورا (لنفسها) لا.. لن أبوح له بسري.. لقد تغيرت كلياً.. فالأفضل أن يذكر تلك العذراء سوداء العينين التي كانت ترمي إليه بباقات الزهر عندما كان يمر بالقرب من نافذتها..
لورا لخادمتها لقد تأخرت.
بترا لقد أعطاني الحارس هذا البنفسج لك يا سيدتي.
لورا كم هو ظريف.. إن رائحته جميلة (يقع بعض البنفسج على الأرض).
جونزالو سيدتي العزيزة.. لقد سررت جداً بهذا اللقاء.
لورا وأنا أيضاً.
جونزالو إلى اللقاء غداً.
لورا إلى الغد...
جونزالو إذا كانت الشمس دافئة.
لورا هل ستذهب إلى مقعدك القديم؟
جونزالو كلا.. سآتي إلى هنا مباشرة.. إلى جانبك.. إذا كنت لا تمانعين..
لورا إن المقعد رهن مشيئتك (يضحكان).
جونزالو تعني أنني سأحضر بعض الطعام للحمام.
لورا إلى الغد.
جونزالو إلى الغد (لورا تسير وهي تستند إلى ذراع خادمتها.. جونزالو يرتجف وينحني ليلتقط البنفسج الذي وقع من يدي لورا).
خوانيتو ماذا تفعل يا سيدي؟
جونزالو إني ألتقط البنفسج الذي سقط من يدها.
لورا (من بعيد) إنه هو بعينه.
جونزالو إنها هي بلا شك.
لورا (من بعيد) إنه هو جوانزالو.
جونزالو إنها الدوقة لورا هذا مما لا شك فيه..
لورا (من بعيد) إلى الغد...
جونزالو إلى الغد.. (يبتسمان.. ثم يختفيان كل مستند على ذراع خادمه)
تسدل الستار.
شكري سعيد
ولد شكري سعيد في مدينة القدس عام 1920م، متزوج وله 8 أولاد.
تلقى علومه الثانوية في كلية روضة المعارف الوطنية بالقدس 1933 1934 ونال دبلوم معهد الحقوق في الشريعة الإسلامية والأوقاف بالقدس عام 1941.
وفي عام 1939 أسس شكري فرقة "الثقافة والفنون" وعضوية كل من: موسى يونس الحسيني، وغالب القواس، وعلي الراغب الحسيني، وحسين العفيفي.
أحب شكري فن التمثيل منذ كان طالباً حتى احتل تفكيره أكثر من سائر الدروس، وعندما اشتد عوده، اشترك في التمثيل وقدم فصولاً تمثيلية من محطة الإذاعة الفلسطينية ومحطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية.
صدرت له مجموعة إذاعية مسرحية بعنوان "القدس الشريف وتمثيليات أخرى"، كانت الطبعة الأولى سنة 1954 والثانية سنة 1958.
تضم مجموعته الفصول التالية:
القدس الشريف.
غزة المناضلة.
قلب من رماد.
زواج بلا ميعاد.
امرأة بالغلط.
مسمار في الصيف.
أنواع من النساء.
هجرة الرسول الكريم.
عودة البطل.
وجميع هذه الفصول قد أذيعت من: "دار الإذاعة الفلسطينية هنا القدس" ،"محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية" يافا، "دار الإذاعة الأردنية الهاشمية" عمان.
وفي مقدمة المجموعة كتب المرحوم عارف العارف المؤرخ الفلسطيني الكبير الذي غذى المكتبة العربية الفلسطينية بكتب قيمة ما زالت مرجعاً للباحثين، قال رحمة الله:
"وما شككت قط، وأنا أنعم النظر في سطورها أن فيها الشيء الكثير من صدق العاطفة، وأنّات الوجع، وهمسات الأماني، وصرخات الفزع، والنفس التواقة لإصلاح هذا المجتمع، كتبها بأسلوب سلس هو من النوع المعروف بالسهل الممتنع، فيه ذوق رفيع، وحب للخير، وقدرة على التصوير وفهم للمجتمع.
"وإذا كنت أيها القارئ الكريم في شك من قولي، فإليك كتابه، إنك إذا ما قرأته بتدبر وروية، تبدى لك كما تبدى لي، أدبه الرفيع بأرفع مزاياه، وتبدت لك، كما تبدت لي، إنسانيته السامية بأسمى معانيها".
أخرج بعد النكبة الأولى (1948) فيلماً ملوناً أردنياً بعنوان "البخيل" باللغة العربية، ودبلجه إلى لغات أجنبية، وقعت قصة هذا الشريط في مدينة أريحا زمن السيد المسيح عليه السلام.
نموذج من أعماله:
مسمار في الصيف
بقلم: شكري السعيد
أشخاص التمثيلية:
إبراهيم: شاب في مقتبل العمر يسافر مع شقيقته إلى لبنان للاصطياف.
عليا: شقيقة إبراهيم.
هند: شابة رشيقة وصديقة علياء.
وقتها صيف سنة 1945 شهر تموز.
مكانها نبع الصفا في لبنان.
"قدم فريق هواة التمثيل والموسيقى هذه التمثيلية من حول مذياع محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية في 21 7 1945 ومثلها اتحاد الفنانين الفلسطيني من محطة القدس في 6 / 4 / 1946".
"المنظر الأول"
"ترفع الستارة عن منظر غابة كثيفة بالأشجار، أشجار الصنوبر والأرز، أرز لبنان وعن شرفة فندق تظهر من الركن الأيمن يجلس فيها بعض المصطافين".
[موسيقى]
إبراهيم: كل النساء على وتيرة واحدة فلا هم لهن إلا إبداء زينتهن.
هند: ماذا تقول يا هذا؟
إبراهيم: عفواً ظننتك صديقتي.
هند: هل تعني أنك لا تستطيع أن تعرف صديقتك حين تراها!
إبراهيم: إنك هي.. أو أنت عيناها وجيدها.
هند: أوه، ألك زمان طويل لم ترها؟
إبراهيم: طويل جداً، ربع ساعة.
هند: أتسخر مني؟.. يا لك من...
إبراهيم: لا تتعجلي، ألم أقل أنك أحلى، وعلى ذكر ذلك، كيف يمكنك أن تأكلي بهذا الفم الصغير؟
هند: إني ذاهبة، اسمح لي، اذهب إلى صديقتك التي ولا شك تنتظرك.
إبراهيم: أنت ذاهبة؟ لا تغضبي ما كان لي يوم من الأيام صديقة.
هند: أتهزأ مني، إذن ابق لوحدك هنا.
إبراهيم: هل سمع أحد بمثل هذا، ليت شعري كيف تستطيعين أن تمشي بمثل هذا الحذاء الدقيق؟
هند: من أنت، أنني أريد أن أعرف؟
إبراهيم: هذه بداية حسنة على كل حال، لم أر امرأة تعني بأن تسأل من يكون الرجل.
هند: سأذهب.
إبراهيم: ولكني أراك تخلعين حذاءك.
هند: مسمار بداخله؟.. ماذا أصنع؟
إبراهيم: من كان يتصور أن هذا الحذاء الصغير يمكن أن يسكنه مسمار ضخم كهذا والآن هل يمكن أن يكون في حقيبتك معول أو فأس، أو أي شيء أصغر أو أكبر نستطيع أن ندق به هذا المسمار الملعون؟
هند: لا تمزح من فضلك.
إبراهيم: هذا أحسن، يجب أن لا نضحك إذا لم نستطع أن نفعل ما هو خير من ذلك.
هند: ألا تستطيع أن تفعل شيئاً لهذا المسمار؟
إبراهيم: نعم أستطيع.
هند: (ضاحكة) أرجوك، أرجوك.
إبراهيم: ها، عرفت ما تريدين بغير حاجة إلى رجاء، تريدين أن أحملك إلى حيث تقصدين.
هند: شيء بارد، أتظن أني أسمح لك بذلك، مستحيل.
إبراهيم: ولم لا، إنك أخف من الريشة.
هند: أنت فظيع.
إبراهيم: بالعكس، إني لطيف جداً.
هند: دعني من لطفك الآن.
إبراهيم: قبل أن تعترفي به هذا مطلب بعيد.
هند: قل لي ما العمل؟
إبراهيم: العمل أن تجلسي حيث أنت، وإن كنت سأحرم من منظرك الفاتن وأعود أنا إلى المقصف ثم أكر إليك بالحذاء في يدي لا في رجلي طبعاً بعد أن نطرد هذا الطفيلي... إني ذاهب سأعود في الحال.
(يخرج ثم يعود بعد قليل)
إبراهيم: ها كي الحذاء يا فتاتي.
هند: ولكن هذا ليس حذائي.
إبراهيم: هو حذاء والسلام، تستطيعين أن تلبسيه وتمشي به وتقطعي أربعمائة متر ثم تخلعيه لا شاكرة ولا مشكورة، ثم تلبسي حذاءك الجميل وتقعدي به كما أنت الآن رشيقة أنيقة، وتروحي تهذري مع شقيقتي التي تصب على رأسي الآن أحر اللعنات، ومن يدري إذا لم تعجلي قبل أن يطغى بها الحنق والسخط فقد تلقي بحذائك في البركة، إن النساء هكذا، حذاؤك جميل لكن كل امرأة تعتقد أن حذاءها هي أجمل وأنفس.
هند: ولكن هذا الحذاء فضي وحذائي ذهبي.
إبراهيم: قوس قزح، تعالي أترانا في معرض أزياء هنا، نحن في هذه الجنة المفروشة على هذه الجبال وشقيقتي تنتظر أوبتي على أحر من الجمر لتعرف أين توجهت بحذائها.
هند: هل أنت متزوج.
إبراهيم: لم أعرفك قبل الآن حتى أتزوج.
هند: دعنا من المزاح.
إبراهيم: لم أعرف كيف يكون المزاح طيلة حياتي.
هند: إنك لا شك خفيف الروح.
إبراهيم: إلاّ عند أصحابي فما قلت كلمة ووافقوا عليها، ها قد وصلنا وها هي شقيقتي بجانب المقصف على الشرفة.
عليا: لم أر مثلك أبداً في الدنيا.
إبراهيم: صدقَََََََت عليا، وأين تجدين في هذه الدنيا نظيري.
عليا: تخطف حذائي وترمي لي هذا.
إبراهيم: هس إن اللص معي، أعني المسؤولة عن الجريمة والمحرضة عليها.
هند: أنا!
عليا: أوه.. لم أكن أعرف.
إبراهيم: تعرفين ماذا؟
عليا: من أرى، هند، كيف استطعت أن تمشي فيه، إنه واسع.
إبراهيم: ورجلها أصغر وأجمل أيضاً.
عليا: إني أعترف بذلك وأقر به.
إبراهيم: أتسمعين، إنها تقر لرجلك بالمزية، وجيدها أليس ساحراً يا عليا؟ ألست معذوراً إذا اشتهيت أن أنظر إليه، وعيناها؟ وهذا الفم العجيب الذي لا أدري كيف يتسع للكلام، وإن قد اتسع جداً في ذم حذاءك يا عليا.
هند: أنا ذممته؟.. حرام عليك أن تشبك بين صديقتين.
إبراهيم: صديقتين؟
هند: نعم.. جداً.
عليا: ماذا قالت؟
إبراهيم: قالت إنه واسع عظيم وإنه يذكرها بالباخرة نورماندي وإنه يسع جيشاً عرمرماً من الأقدام الغليظة وأنه...
عليا: فظيع، ألا تقفل هذه البوابة!.. لا تعبئي به يا هند ولا تلتفتي إليه إنه هكذا دائماً.
إبراهيم: والآن خذي هذا المسمار واحتفظي به للذكرى.
عليا: احتفظ به أنت.
إبراهيم: لقد أخذت جزائي على التعب.
هند: أخذت أجرك؟
إبراهيم: نعم، ألم أقطع كيلو متراً في الذهاب والإياب عدواً وهذه الأحذية على راحتي؟.. أعني حذاءك وحذاءها.
عليا: لم يكن جزاؤك كافياً فيجب علينا والحالة هذه أن نعطيك جزاء آخر.
إبراهيم: عجلي بالله عليك.
عليا: جزاؤك أن تذهب إلى غرفتنا وتجهز لنا عشاء فاخراً.
إبراهيم: هذا جزاء مسمار، لا بأس، مجنون من يصنع معروفاً مع بنت من بنات حواء.
عليا: هذا رأيك، إذن لن أدعوها إلى العشاء معنا.
إبراهيم: لا، لا، إنما أعني بنتاً من بنات آدم.
"المنظر الثاني"
"غرفة فيها مائدة صغيرة وعدة كراسي وبوفيه صغير، يظهر إبراهيم منهمكاً وهو يرتب مائدة الطعام مع شقيقته عليا.."
عليا: مالي أراك منهمكاً هكذا؟
إبراهيم: بالله عليك خبريني يا عليا أين أضع هذا الصحن فقد غيرت مكانه عدة مرات.
عليا: (تضحك).
إبراهيم: مالي أراك تضحكين! إني لست هازلاً الآن.
عليا: لست هازلاً؟ ومتى كنت تتكلم في صيغة الجد؟
إبراهيم: لقد تغيرت أطواري.
عليا: منذ أن عرفت هنداً.
إبراهيم: ولكن أين هي إنني لا أراها معك؟
عليا: لقد عدلت عن الحضور.
إبراهيم: إنني لا أغفر لك هذا الذنب.
عليا: لقد اعتذرت لصداع أصاب رأسها.
إبراهيم: هذا دأبكن فعندما تردن التهرب من شيء تتظاهرن بالصداع.
عليا: هذا ما لا أعرفه.
إبراهيم: بل تعرفينه خيراً مني.
عليا: ربما قد آلمتها في حديثك.
إبراهيم: لم يظهر عليها ذلك.
عليا: استطاعت أن تخفي عواطفها أمامك.
إبراهيم: هل صارحتك بذلك؟
عليا: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
إبراهيم: وأراني لا أستطيع البقاء هنا فانعمي أنت بهذه الخيرات.
عليا: إلى أين أنت ذاهب؟
إبراهيم: إلى حيث ألقت.
عليا: ولكنها ستحضر قريباً.
إبراهيم: اسمعي يا عليا لست ولداً صغيراً حتى تسخري مني بين آونة وأخرى.
عليا: ولكنها ذهبت لتعلم والدها.
إبراهيم: هل لها أب؟
عليا: سؤال غريب!
إبراهيم: ومن هو؟
عليا: رستم بك.
إبراهيم: رستم بك نائل؟
عليا: نعم، وهل تعرفه؟
إبراهيم: كيف لا أعرفه وهو مديري في المكتب.
عليا: وما شعوره تجاهك؟
إبراهيم: إذا صارحتك بالحقيقة تقولين أني مبالغ.
عليا: أي أنه لا يروقه منظرك؟
إبراهيم: بل يروقه منظري واهتمامي بالمسؤولية.
عليا: متى عرفت المسؤولية؟
إبراهيم: اسمعي يا عليا إني أعرف المسؤولية في أوقاتها وأقدرها حق قدرها، فأنا بعملي رجل عمل وأما خارج العمل فروحي تتغلب علي، هل تعرفين هند يا عليا منذ فترة؟
عليا: لقد كنا معاً في المدرسة الثانوية.
إبراهيم: وماذا تعرفين عن أخلاقها؟
عليا: أراك مهتماً كثيراً بأمرها حتى كلفت نفسك وأعددت هذه المائدة الشهية.
إبراهيم: هل تعرفين عنها أكثر من ذلك؟
عليا: ماذا تعني؟
إبراهيم: أعني هل توافقين على أن تكون زوجة لي؟
عليا: هذا يعود إلى شعورك.
إبراهيم: إني قد أعجبت بها منذ أن رأيتها وقد أعجبتني صراحتها أيضاً، وإني أريد أن أعرف رأيك شخصياً يا عليا.
عليا: هذه أول مرة أراك فيها تتكلم جدياً يا إبراهيم.
إبراهيم: وهل تريديني أيضاً أن أتكلم بمسألة مستقبلي في صيغة ماجنة هازلة وقد أخبرتك أني أعرف المسؤولية في أوقاتها.
عليا: إني أعرف هنداً معرفة جيدة فهي فتاة راقية الأخلاق ولكن يجب أن تعرف شعورها.
إبراهيم: إن قلبي ينبؤني بأنها تشعر نفس شعوري وقليلاً ما يخطئ حدس القلب ولكني لا أعرف إذا كان أبوها يوافق على تزويجها من موظف يشتغل معه؟
عليا: لا يوافق على تزويجها منك؟ إنك شاب متعلم.
"طرق على الباب"
إبراهيم: اصمتي، أظنها حضرت، اذهبي لاستقبالها.
"تدخل هند بعد أن تذهب عليا لاستقبالها"
هند: أرجو أن لا نكون قد أزعجنا السيد إبراهيم هذه الليلة.
إبراهيم: ليس في الأمر إزعاج يا آنسة، فإن تشريفك هذه الليلة يذهب كل تعب.
عليا: إن الأمر الذي أزعجه هو ترتيب المائدة، تصوري يا هند إنه قد نقل صحناً من مكانة عدة مرات ولم يجد له مكاناً مناسباً يضعه فيه.
"ضحك"
إبراهيم: هل والدك في غرفته؟
عليا: سؤال غريب يا إبراهيم؟
هند: نعم لقد تركته في غرفته.
إبراهيم: هل لي أن أستأذن في الغياب مدة قصيرة وأعود بعدها سريعاً.
عليا: هل هناك سبب مهم؟
إبراهيم: أظن ذلك، أتسمحين يا آنسة؟
هند: لا أريد أن أضغط على حريتك.
"يخرج إبراهيم"
عليا: ما رأيك يا هند في أخي إبراهيم؟
هند: خفيف الروح.
عليا: والأغرب من ذلك أنه يشتغل مع أبيك في مكتب واحد.
هند: لقد أخبرني أبي بذلك عندما أخبرته بأمر هذه الدعوة، وهو معجب به وبنشاطه.
عليا: لقد تحدث عنك كثيراً وقد أعجبته صراحتك.
هند: أشكر له هذا اللطف.
عليا: إنه كان كالبوليس السري يا هند فإنه لم يترك سؤالاً إلا وسأله.
هند: وما هو محور الحديث؟
عليا: أنت.
هند: أنا؟
عليا: نعم أنت وقد استغربت منه هذا فإن إبراهيم لم يظهر أي اهتمام بالسيدات بعد أن عرفك.
هند: بعد أن عرفني أنا؟
عليا: نعم بعد أن عرفك أنت.
هند: إني أشكر له اهتمامه هذا.
عليا: هل تعنين ما تقولين؟
هند: لم أفهم!
عليا: أي هل تبادلينه نفس هذا الاهتمام؟
هند: لا تحرجي موقفي يا عليا.
عليا: ألسنا صديقتين وربما أصبحنا في المستقبل أكثر من هذا.
هند: لم أفهم، ماذا تعنين؟
عليا: لا شك في أن إبراهيم قد ذهب ليخطبك من أبيك فإنه إذا عزم على شيء فهو يسرع في تنفيذه.
هند: ما هذا الذي تقولين يا عليا؟
عليا: لقد حادثته والدته كثيراً بأمر زواجه ولكنه كان يقول لم يحن الوقت بعد يا والدتي فإن التي أبحث عنها لم أجدها ولا شك في أنه وجد فيك ضالته المنشودة.
هند: أشكر لك مزاحك الذي تقصدين فيه تسليتي.
عليا: بل أنا جادة فيما أقول.
"دق على الباب"
عليا: لقد حضر، سأفتح له.
إبراهيم: (داخلاً) ماذا أرى لِمَ لَمْ تتناولان الطعام؟
هند: هذا ليس من اللائق، فأنت صاحب الدعوة، وقد كلفت نفسك مشقة تحضيرها، فيجب أن تكون حاضراً.
عليا: أين كنت يا إبراهيم؟
إبراهيم: لا تسألوا عن...
عليا: أشياء أن تبد لكم تسؤكم، قل ما لديك من الأخبار؟
إبراهيم: هذا أمر يعنيني.
عليا: وحدك؟
إبراهيم: لا أستطيع الإجابة.
عليا: ما رأيك في هذا يا هند؟
هند: لا أتدخل في أمر لا يعنيني.
إبراهيم: بل يعنيك هذا الأمر يا آنسة.
هند: وما علاقتي به؟
إبراهيم: أريد أولاً أن أسأل سؤالاً واحداً.
عليا: على أن لا يكون سؤالاً بارداً.
إبراهيم: ليس هذا أوان المزاح يا عليا.
هند: وما هو هذا السؤال؟
إبراهيم: هل إذا وافق الوالد على شيء فهل من الضروري أن توافق عليه الابنة؟
عليا: لمن توجه هذا السؤال يا إبراهيم؟
إبراهيم: بالطبع ليس لك أنت يا عليا.
عليا: أشكر لك هذا اللطف.
إبراهيم: دعيني من المزاح يا عليا.
هند: ما هو سؤالك يا سيد إبراهيم؟
إبراهيم: قلت لك هذا إذا وافق الوالد على شيء فهل من الضروري أن توافق عليه الابنة؟
هند: هذا عائد إلى روح السؤال..
إبراهيم: ولكنه على وجه العموم.
هند: لا يستطيع الإنسان أن يوافق على شيء إلا إذا عرفه.
إبراهيم: لقد أحرجت موقفي يا آنسة، لا أستطيع أن أصرح أكثر من ذلك.
عليا: وأين ذهبت صراحتك يا إبراهيم؟
إبراهيم: ذهبت مع الريح.
عليا: لقد خاب ظني فيك يا إبراهيم.
إبراهيم: ....
عليا: مالك لا تتكلم؟
إبراهيم: سوف لا أخيب ظنك يا أختاه، اسمعي يا هند لقد كنت أبحث عن زوجة لتكون شريكتي في الحياة وقد وجدتها اليوم.
هند: أتمنى لك التوفيق.
إبراهيم: أشكر لك هذا العطف.
عليا: وأنا كذلك يا إبراهيم فهذا خبر سار بالنسبة لأمك ولكن من تكون هذه السعيدة؟
إبراهيم: بل أنا السعيد يا عليا إذا نلت موافقتها.
هند: ألم تأخذ رأيها بعد؟
إبراهيم: لم أجد الوقت المناسب.
عليا: هذه ضربة موجهة إلي تدعوني فيها إلى الانسحاب من هذه الغرفة.
إبراهيم: عليا لا تكوني متسرعة.
عليا: لقد لاحظت ارتباكك.
إبراهيم: ما رأيك في هذا يا آنسة؟
هند: ...
إبراهيم: عفواً يا آنسة إذا آلمتك فإني منذ أن رأيتك أعجبت بك فهل... فهل لي أن أطلب يدك الكريمة لتكوني زوجتي.
هند: ....
إبراهيم: هل لي أن أعتبر سكوتك علامة الموافقة؟
هند: ماذا قال لك أبي؟
إبراهيم: إن موافقته مربوطة بقبولك.
هند: إلى أين أنت ذاهبة يا عليا؟
عليا: لإحضار الماء، لأن ارتباك إبراهيم أنساه إياه (تخرج)
إبراهيم: هل توافقين يا هند؟
هند: لقد دفعني شعور غريب إلى محادثتك عندما رأيتك هذا الصباح.
إبراهيم: ولكني أنا الذي بدأت المحادثة.
هند: أعرف هذا، ولكني لم أعتد التكلم مع الغرباء.
إبراهيم: وهل أنا غريب؟
هند: لقد كنت في هذا الصباح، وقد أعجبني فيك صراحتك ونشاطك، فإنك لم تحجم عن مساعدتي، ولم تتصنع التكلف والرياء، بل أخذت الأمر بكل بساطة وهذا يدل...
إبراهيم: على أي شيء؟
هند: يدل على عادة محمودة.
إبراهيم: وهل تبادليني نفس الشعور؟
هند: (تضحك).
إبراهيم: ما الذي يضحك.
هند: لأني كنت أحسبك ذكياً.
إبراهيم: وهل ظهر لك خلاف ذلك؟
هند: لا أعتقد.
عليا: (داخلة) عن أي شيء أسفرت النتيجة؟
هند: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم.
عليا: تسركم، وهذا يعني أن أبارك للخطيبين، أليس كذلك يا هند؟
هند وإبراهيم: نعم... نعم
نصري الجوزي
1908-1996
ولدت في مدينة القدس عام 1908م تلقيت علومي الابتدائية والثانوية في مدرسة المطران المعروفة بسان جورج.
حصلت شهادة عالية في اللغة الانكليزية ودبلوم الصحافة من لندن.
مارست مهنة التدريس مدة تزيد على ثلاثين سنة علّمت فيها اللغتين العربية والانكليزية والتاريخ العربي في مدارس للبنين والبنات وأدرت المدرسة الوطنية الأرثوذكسية في القدس مدة خمس سنوات.
أسست العديد من الجمعيات الأدبية والتمثيلية كما أسست مع رفاق لي "نقابة المعلمين العرب الفلسطينيين" ومن غاياتها:
1 زيادة رواتب المعلمين والمدرسين في المدارس الخاصة.
2 دفع رواتب المعلمين والمدرسين على 12 شهراً بدلاً من 8 أو 9 أشهر كما كان جارياً قبل تأسيس النقابة.
3 تحديد حصص التعليم في المدارس الابتدائية والثانوية.
وقد لاقت النقابة صعوبات جمة من المدارس التبشيرية الأجنبية قبل أن تحقق أهدافها.
4 حفظ كرامة المدرس ومنزلته الاجتماعية.
لجأت إلى سورية مع عائلتي عام 1948 ولا أزال مقيماً فيها، درّست في مدارسها اللغتين العربية والانكليزية من عام 1948 1954.
وفي خريف عام 1954 عينت مراقباً عاماً للمكتبة الأميركية في دمشق.
وفي أوائل عام 1956 أسندت إلي وظيفة مراقب مطبوعات ثم أصبحت رئيساً لقسم الترجمة في القسم الثقافي في السفارة الأمريكية مهمته ترجمة الكتب الأميركية إلى اللغة العربية. وبقيت في ذلك المنصب حتى سنة 1967 حينما انقطعت العلاقات بين سورية وأميركا.
خلال عملي هذا (1956 1967) أشرفت على ترجمة ومراجعة وتصحيح ما يزيد على المئة والخمسين كتاباً في الأدب والعلوم، والفضاء والسير والتاريخ والشعر. وبعد سنة 1967 عدت ثانية إلى التعليم فدرست في كلية الثقافة اللغتين العربية والانكليزية لصفوف الشهادة الثانوية، وبعد سنة 1972 انصرفت إلى الكتابة والتأليف.
مذ كنت يافعاً قرأت العديد من الكتب الأدبية والعلمية لطه حسين والعقاد والمازني، ومحمود تيمور، وأحمد أمين، وجورجي زيدان وأحمد سامح الخالدي، وخليل السكاكيني، وخليل بيدس أستاذي في مدرسة المطران، وعارف العارف وإسعاف النشاشيبي ومحمد كرد علي، الخ، كما طالعت كتباً عالمية روسية وانكليزية وافرنسية وإيطالية وأميركية.
نهجت نهج أخي الأكبر صليبا في الابتكار من قراءة المسرحيات العالمية باللغات العربية والانكليزية والافرنسية واشتركت في دور نشر خاصة بالمسرح، وكرست جهودي لخدمة المسرح الفلسطيني بعد أن رأيت أن الإقبال على ترجمات مسرحيات كورنيل، وراسين، وفولتير، وموليير، وشكسبير وغيرها كثير جداً. إلا أنني اقتفيت أثر أخي صليبا في تقديم وتأليف المسرحية الفلسطينية المستمدة من حياتنا، فألفت بين أعوام 1928 1930 ثلاث مسرحيات.
"الحق يعلو" "فؤاد وليلى" و "الشموع المحترقة" وظللت أكتب المسرحيات الفلسطينية والفصول التي تعالج مشاكلنا الاجتماعية حتى يومنا هذا.
كانت "جمعية الفنون والتمثيل" أولى الجمعيات التي أسستها سنة 1927 حباً في إعلاء شأن التمثيل ورغبة في جمع الشبيبة الفلسطينية، وتأسيس مدرسة ليلية تعلم فيها اللغات العربية والانكليزية والافرنسية، إضافة إلى مبادئ الحساب.
وفي خريف سنة 1928، قامت الفرقة، بعد استعدادات جبارة، ومصاعب جمة، قامت بتمثيل مسرحية "عنترة" على مسرح كلية "الفرير" في القدس. وقد لاقى التمثيل نجاحاً باهراً، وقد قرظت الصحافة العربية المسرحية تقريظاً مشجعاً وأثنت كل الثناء على قيام الجنس اللطيف، باعتلاء خشبة المسرح في ظروف لم تكن الأفكار مهيأة لمثل هذه الأفكار التحررية.
ومن المسرحيات التي ترجمت إلى اللغة الانكليزية والعبرية مسرحيتا:
1 "ذكاء القاضي" وقد ترجمت إلى اللغة الانكليزية وقام فريق من أساتذة وطلاب جامعة Rockster بالولايات المتحدة، بتمثيل هذه المسرحية للأطفال عدة حفلات، وذكر من تبنوا المسرحية أنها مثلت في عدة مدارس وأنها لاقت نجاحاً من الطلبة الأمريكان الذين كانوا يتوقون إلى معرفة التاريخ العربي، وبطل ألف ليلة وليلة الخليفة العباسي هرون الرشيد.
2 "بدنا ريديو" وهو فصل تمثيلي اجتماعي كوميدي كتبته باللهجة الفلسطينية الدارجة. ويذكر د. يعقوب م. لنداو في كتابه: "دراسات في المسرح والسينما عند العرب" 1958 عن فصل "بدنا ريديو" ما يلي:
"اسكتش من فصل واحد باللهجة العامية العربية نثر- فلسطين- وتعالج المشاجرات في الأسرة العربية بين الطبقة الوسطى التي يريد أصغر أفرادها الحصول على راديو، وقد أذيع الفصل في الإذاعة ثم نشره بعد ذلك البروفسور Prof. S.O.Goitein مع هوامش له باللغة العبرية، القدس 1944 ويقع في 44 صفحة".
كما ورد ذكر هذا الفصل في معجم المسرحيات العربية والمعربة (1848-1975) للمرحوم يوسف أسعد داغر على أنه من الكتابات القليلة باللهجة العامية.
وقد بلغني أن الجامعة العبرية في القدس قد قامت بطباعة الفصل "بدنا ريديو" عدة طبعات وغايتها تعليم الطلاب اليهود اللهجة الفلسطينية الدارجة.
كتبت العشرات من المسرحيات والفصول التمثيلية في فلسطين وفي دمشق حيث أقيم.
ولدي في الوقت الحاضر ثلاث كتب جاهزة للطبع هي:
1 تاريخ الإذاعة الفلسطينية 1936 1948، يقع البحث بين 250 300 صفحة من الحجم الكبير، محلاة بالصور، والملاحق والرسائل المتبادلة بيني وبين أصحاب العلاقة.( وهو بين أيديكم الآن وقد تمت طباعته بعد وفاة المؤلف)
2 تاريخ المسرح الفلسطيني 1918 1948، تحدثت فيه عن سير الرواد ونماذج من مسرحياتهم، وذكر أهم العوامل التي أثرت على تقدم المسرح الفلسطيني وتأخره. (صدر عن دار "الشرق برس" نيقوسيا).
3 الرواد الفلسطينيون: تحدثت فيه عن الرواد الذين أغنوا المكتبة العربية الفلسطينية، ونبهوا الشعب العربي إلى حقوقه المهضومة، وساعدوا النهضة الأدبية والعلمية والتاريخية والشعرية أمثال: خليل السكاكيني، أحمد سامح الخالدي، خليل بيدس، عارف العارف، د. اسحق موسى الحسيني، د. بندلي صليبا الجوزي، اسكندر الخوري البيتجالي، إبراهيم طوقان، عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) أسمى طوبي، نجوى قعوار فرح، ماري صروف شحادة، وغيرهم..
( سيصدر قريباً إنشاءالله)
كنت أهدف ولا أزال من كتابة مسرحياتي وفصولي التمثيلية إلى ما يأتي:
1- توعية شعبي الفلسطيني إلى ما كان يجري في فلسطين من دسائس وفتن ومؤامرات سياسية.
2- انتقاد المستعمر على سياسته الخرقاء التي تهدف إلى جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود.
3- تحذير أبناء شعبي من المُلاّك والفلاحين من بيع أراضيهم لمن سوف يطردونهم في يوم من الأيام.
4- نقد العادات البالية التي كانت سائدة بين أبناء شعبي وبناته.
5- إذكاء الهمم بتقديم سير الأبطال العرب الذين خاضوا المعارك ضد الغزاة، ورفعوا اسم العرب عالياً، وناضلوا في سبيل وحدة عربية شاملة.
6- التنديد بالصهاينة ومكائدهم وطرقهم الملتوية من أجل التملك وإفساد الشبان الأثرياء.
أعيش في دمشق الفيحاء حتى تاريخه.
( توفي الوالد في 17/8/1996 ولم يدفن في ثرى القدس كما كان يتمنى)
نموذج من أعماله:
حفلة عشاء
من كتاب "خمسة فصول تمثيلية"
تأليف نصري جوزي
الأم (منادية) نبيل.. نبيل.
نبيل ما بك يا أمي؟..
الأم اذهب إلى جارتنا أم عزيز، وأطلب إليها أن تعيرنا طقم الصحون.
نبيل طقم الصحون؟..
الأم نعم يا بني.
نبيل جارتنا أم عزيز لا تحب أن تقرض أحداً طقم صحون زواجها، وهي حريصة عليه كل الحرص.
الأم أنا أعرف ذلك.. ولكن؟..
نبيل هل تريدين أن أقف أمامها موقف الذليل؟.. ثم هل لي أن أعرف لماذا كل هذه الجلبة والضوضاء؟
الأم أية جلبة.. وأية ضوضاء؟..
نبيل هذه التحضيرات الهائلة التي تقومين بها، لقد استعرنا كل شيء من أم سامي، وأم عزيز، وأم هدى، الكراسي والملاعق والشوك والمناشف و.. و..
الأم (مقاطعة) كفى.. كفى.. إن كمال أفندي سيحل ضيفاً علينا.
نبيل ومن هو كمال أفندي هذا؟..
الأم صديق العائلة.
نبيل صديق العائلة وأنا لم أره في هذا البيت مطلقاً.
الأم إنه لا يسكن هذه المدينة وقد يصبح يوماً ما خطيباً لأختك فدوى.
نبيل آه فهمت، وهل لي أن أسأل لماذا قلبت نظام الصالون؟
الأم إن أختك تريد ذلك.
نبيل وماذا تفهم فدوى بفن البيت.. إنها لم تفرغ من مدرستها إلا هذا العام.. ها هو ذا راجي قادم.
راجي (داخلاً) ألا تعلم حتى الآن أن أختك هي المعززة المفضلة لأنها الكبرى؟
الأم ما هذا الكلام يا راجي أنت عاقل ورزين..
راجي أنا لست عاقلاً ولا رزيناً، فتاة مثل فدوى، تقلبين الدنيا وتقعدينها، لأجل زيارة صديق، ينتظر أن يكون خطيبها في المستقبل، ترهقين أبي بكثرة طلباتك، تلحين على الجارات أن يقرضنك أثاث بيوتهن وأوانيهن الفضية، وكلما أبدت حبيبة قلبك اقتراحاً جديداً تصرخين يا "راجي اذهب إلى أم سعيد واطلب كذا وكذا.. نبيل احضر كؤوس الماء من أم هدى، أما نحن..."
الأم وأنت يا بني عندما تكبر، سأقوم بعمل الترتيبات اللازمة لك.. هيا اذهب يا نبيل.
نبيل آه فهمت... لماذا تخاصمت مع أم هدى..
الأم كفى.
نبيل لأنها رفضت أن تقرضك الملاعق الفضية لحفلة العشاء هذه.
راجي وأم عزيز ألم تقل لك بصراحة أنها لا تحب أن تقرض طقم الصحون؟ غداً سيحدث بينكما ما حدث مع أم هدى وخصوصاً إذا كسر لها بعض الصحون.
الأم فلتفعل أم عزيز ما يروق لها بعد الحفلة.. علينا يا ولدي أن نظهر بمظهر لائق أمام الخطيب.
نبيل نريد أن نرى هذا الخطيب الممتاز.
راجي ونمتع أبصارنا بطلعته البهية.
الأم اسمع يا نبيل.. تعال واجلس هنا.
نبيل ماذا يا أمي؟
الأم عليك أن تسلك سلوكاً حسناً أمام الخطيب.
نبيل ماذا تعنين؟
الأم أعني أن لا تخرج لسانك وألا تغمز أخاك.. وألا تقوم بالحركات والإشارات الهزلية المضحكة.
نبيل وماذا أيضاً؟
الأم وأن تحدثه حديثاً هادئاً رزيناً، ولا تعدد له الحاجات التي استعرناها مثلاً، ولا تذكر له شيئاً عن سيئات أختك فدوى.
نبيل سأكون ملاكاً عند العشاء.. ولكن.
الأم ولكن ماذا؟..
نبيل ولكن إذا لم يقع الخطيب من نفسي موقع القبول، أضايقه حتى يضطر إلى الانصراف.
الأم فدوى أختكما وعليكما أن تساعداها وتظهرا بمظهر لائق أمام خطيبها الذي سيزورنا لأول مرة وإلا أخذ فكرة سيئة عن العائلة.
نبيل فلتذهب فدوى إلى جهنم.
راجي مع خطيبها المحترم كمال أفندي.
الأم إن هذا الكلام لا يجدي.. أنتما تحبان مشاكسة فدوى في جميع تصرفاتها: أنا ذاهبة.
نبيل كلمة واحدة يا أمي.
الأم قل وأوجز.
نبيل ما شكل الخطيب؟ هل هو طويل القامة، أم قصير؟ ضخم البنية أم نحيلها؟
الأم ستراه بنفسك عندما يأتي.
نبيل وهل هو أشقر الشعر أم أسوده؟ عسلي العينين أزرقهما؟
الأم لا أعلم.
نبيل وكيف يجب أن نخاطبه؟ هل نقول له يا أستاذ أم هو بروفسور؟..
راجي وهل هو أستاذ؟ وفيم؟ هل يشبه أستاذ الكيمياء في مدرستنا؟..
الأم هو ليس أستاذاً..
راجي ماذا هو إذن؟..
الأم هو تاجر كبير.
راجي تاجر كبير؟..
نبيل وهل هو تاجر فساتين حتى يوفر عليك شراء الثياب لفدوى حبيبتك، ها هي ذي فدوى قادمة.
فدوى نبيل؟
نبيل ماذا؟
فدوى عليك أن تكون هادئاً هذا المساء فلا تأكل قبل أن يبدأ الضيف مثلاً.
نبيل نعم.. وماذا بعد؟..
فدوى وتجلس إلى المائدة جلسة مؤدبة، ولا تأكل اللحم بيدك كعادتك.
نبيل وإذا كان اللحم قاسياً؟
فدوى اتركه وكل شيئاً آخر.
نبيل ماذا تقولين؟ أأترك اللحم؟ إنه لأهون علي أن أترك الدنيا من أن أترك اللحم.
فدوى وإذا سألك كمال أفندي...
راجي أي قولي الخطيب المنتظر.
نبيل والتاجر المعروف.
فدوى فأجبه بلباقة ولطف وأظهر له نبوغك، وإذا كنت مخطئاً في أجوبتك فانظر إلي فتقرأ في عيني صوابك أو خطأك.
نبيل أنا لا أقرأ العيون.
راجي كمال أفندي ينوب عنك.
فدوى حسناً وإذا كان الحديث مملاً أو غير مناسب فأدوس على قدمك.
راجي ألا تريدين أن تتمرني على ذلك؟ كما تمرنت على الحركات، اللفتات أمام المرآة.
نبيل وماذا بعد؟
فدوى وبعد.. انصرفا من هنا.
الأم اذهب واحضر ما طلبته منك.
فدوى أمي هل ستكون الحفلة ناجحة؟
الأم ولماذا لا تكون؟
فدوى قلبي يحدثني عكس ذلك.
الأم ولماذا يا بنيتي؟
فدوى نحن فقراء يا والدتي وكمال كما قيل لنا من أسرة عريقة ثرية.
الأم ولكننا لم نأل جهداً في سبيل جعل البيت آية في البهاء، وأما في سبيل المظاهر فقد عملنا المستحيل لكي نظهر بمظهر العظمة والكبرياء، وأما من حيث الغنى فلقد أوصلنا له أخباراً متفرقة وقيل له أننا أسرة غنية وأن لديك أموالاً في المصرف.
فدوى والطعام؟
الأم كل شيء جاهز.
فدوى وأبي؟
الأم وما لأبيك؟.
فدوى هل سيحضر الحفلة؟..
الأم بالطبع يا بنية.. بالطبع..
فدوى أنا لا....
الأم أنت لا ترغبين في حضور والدك؟..
فدوى هو لا يجيد تناول الطعام على الطريقة العصرية وبدلته لا ترفع من مقامنا... عدا عن أنه لا يتحدث إلا عن ماضيه وبطولته وأعماله الخارقة وإذا جاء يتحدث عن فن النجارة فإنه يضعنا ويحط من منزلتنا، أرسليه إلى عمتي، قولي له أنها مريضة قولي له أي شيء.
امنعيه أن يحضر الحفلة، أمي..
الأم هل من جديد؟..
فدوى لقد طرأت على بالي فكرة، يجب أن نحصل هذه الليلة على خادم.
الأم على خادم؟
فدوى نعم يا أمي على خادم يقوم بأعباء العمل أثناء تناول الطعام.
الأم ولم ذلك؟ نضع الطعام على المائدة وليتناول كل منا نصيبه.
فدوى كلا هذه طريقة قديمة، الطبقة الراقية تجلس إلى مائدة الطعام ويقوم الخدم بتقديم الأطعمة للضيوف.
الأم الفكرة بديعة، ولكن من أين لنا الخادم؟
فدوى طرأت على بالي فكرة.
الأم ما هي يا فدوى؟
فدوى أليس جارنا نبيه عاطلاً عن العمل؟..
الأم بلى..
فدوى ألم يشتغل خادماً في مطعم؟
الأم بلى..
فدوى إذن نطلب منه أن يكون خادماً الليلة.
الأم وهل سيقبل؟..
فدوى سنلح عليه، وسنرجوه.
الأم سأفعل المستحيل حتى أجعل الحفلة ناجحة، اتكلي علي.
فدوى بعد ساعتين إما أن أحقق حلم الحياة وإما أن انهزم شر هزيمة.
الأم هذا صوت سيارة كمال أفندي.
الأب قد مضى أكثر من ساعة وأنت كلما تسمعين هبوب الرياح تقولين هذا صوت سيارة كمال أفندي.
الأم كمال أفندي أكد ببرقيته حضوره فلا تحمل عليه حملة قاسية.
الأب شباب اليوم غيره بالأمس يا زوجتي المحبوبة، هو لا يحمل عبء المسؤولية كما حملناها نحن أتذكرين يا أم راجي كيف كنت أطير إليك عندما كان يدعوني الهوى؟ سقى الله أيامك يا أم راجي.
الأم إيه.. إنها أيام جميلة حلوة ولكن...
الأب ماذا؟..
الأم لعل خللاً طرأ على السيارة.
الأب لعل وعسى، إذا جاء كمال أفندي.. فأهلاً وسهلاً.. وإن لم يأت..
الأم لا تكمل... لا تكمل...
الأب فمع ألف سلامة، بعد قليل سأدعو الأولاد إلى مائدة الطعام ليتذوقوا أكلاتك الطبية.
الأم والتعب؟..
الأب أي تعب؟.. تعب الطبخ؟.. رب المنزل أحق بالذي فيه.
الأم وهذا البيت المتنقل الذي استعرناه من الجيران.
الأب ليس هذا من خصائصي، لقد أخبرتك مراراً وتكراراً أني أرفض هذه الخدع الاجتماعية التي تقومين بها.. الحقيقة أفضل من كل شيء.
الأم الحقيقة؟ أين الحقيقة في هذه الأيام؟.. لو كنت استمع إلى نصائحك لما تزوجت ابنتنا فدوى إلا شاباً من طبقتنا ولكنها الآن..
الأب ولكنها ستتزوج من أوناسيس.
الأم كم مرة قلت لك أن اسمه كمال، هذا صوت السيارة، إنها تخفف من سرعتها، إنها تقف.. الحمد لله.. لقد جاء كمال..
الأب انتظري حتى تنجلي الحقيقة.
الأم ها هي ذي السيارة تقف وها هو كمال أفندي يعطي التعليمات اللازمة لسائقه الخاص وهذا هو وقع أقدامه يصعد السلالم.. ألا تسمع قرعا ًعلى الباب؟..
الأب إنه لم يدق بعد (قرع على الباب).
الأم (منتصرة) أتسمع أيها الرجل؟.. دعني أفتح الباب (صوت قرع الباب) أهلاً وسهلاً كمال أفندي.. أهلاً وسهلاً..
كمال أسعدت مساءً يا سيدتي، أسعدت مساءً يا عمي.
الأم (معرفة) هذا زوجي أبو راجي وهذا كمال أفندي.
كمال كمال رشيد.
الأب تشرفنا، تشرفنا.
الأم تفضل بالجلوس، سأقدم لك أفراد العائلة، هذا ابني راجي وهذا ابني نبيل، اقتربا وسلما على كمال أفندي...
راجي على الرحب والسعة.
نبيل كيف حال الأستاذ كمال؟..
كمال بخير..
الأم ماذا تطلب يا كمال أفندي... أنت متعب، هل تفضل كأساً من الليمون أو البرتقال أو التمر هندي؟..
كمال كأساً من الليمون.
الأم أسرع يا راجي وقل للخادم أن يعد كأسا ًمن الليمون... كيف كانت رحلتك؟..
كمال موفقة ولله الحمد، أطلب المعذرة عن تأخري... الأشغال لدي متراكمة، اضطررت لإنجاز الكثير منها قبل حضوري.
الأم يا سلام، أتشتغل كثيراً؟...
كمال كان يجب أن يقسم النهار إلى أربع وعشرين ساعة والليل إلى ست ساعات فقط.
الأم وموظفوك؟...
كمال أو يعتمد الإنسان في هذه الأيام إلا على نفسه، علي أن أطوي بسيارتي الأرض لأدور على مختلف الأشغال التي أقوم بها حتى أتأكد من سير العمل فهذا معمل يطالب الكرتون وذاك يطلب الجلد وذاك يستدعي حضوري حتى أنظم أعماله وهكذا...
الأم مسكين.. كم تتعب..
كمال تعبت كثيرا ًولكنني وطدت مستقبلي.
(تدخل فدوى)
الأم هذه ابنتي فدوى.. كمال أفندي.
كمال تشرفنا.. كيف حال الآنسة الجميلة؟...
فدوى بخير يا كمال أفندي..
كمال لا شك أنك تعذرين تأخري.. نحن رجال الأعمال ألعوبة في يد القدر.
فدوى صحيح.
كمال هو الأمر الواقع يا آنسة، اليوم أكون في دمشق وغداً...
فدوى وغداً في القاهرة.
كمال وبعد غد في انكلترا أو في فرنسة...
فدوى يا سلام.
كمال هكذا تستدعي الأعمال، سأسافر إلى لندن ثم إلى فرنسا لأستفيد من نشاطهما الاقتصادي.
الأم تذهب وحيداً يا كمال أفندي؟
كمال هذا يتوقف على التسهيلات يا سيدتي.
الأم سهل الله أمرك يا بني.
كمال شكراً يا سيدتي.
فدوى أتتقن اللغة الانكليزية يا كمال أفندي؟..
كمال أتقنها كأحد أبنائها.
فدوى وهل تعرف لغات أخرى؟..
كمال أعرف اللغة الفرنسية والإيطالية واليونانية.
الأب أظن كمال أفندي جائع؟..
كمال الحق يا عماه أنني جائع بعد هذه الرحلة الطويلة ولكن الحديث عن فرنسا ينسيني كل شيء.
الأب وهل زرت فرنسا؟...
كمال زرتها مراراً، يا سلام على باريس..
فدوى وماذا أعجبك فيها؟...
كمال كل شيء، أبنيتها، نظامها، بوليسها، سياراتها، لما كنت في فرنسا؟..
راجي نعم يا أستاذ كمال.. لما كنت في فرنسا.
كمال لما كنت في باريس...
الخادم الطعام جاهز يا سيدتي؟...
كمال عما كنت أتحدث؟..
راجي كنت تقول لما كنت في باريس.
كمال (مرتبكاً) نعم لما كنت في باريس.. نسيت الموضوع الذي كنت أتحدث عنه.. من يكون هذا الخادم الذي دخل الآن؟..
الأم هو خادمنا..
كمال هو شديد الشبه برجل أعرفه.
الأم ألهذا نسيت الموضوع الذي تحدثنا عنه... تفضلوا إلى مائدة الطعام.
الخادم الطعام جاهز.. تفضلوا.. ماذا؟ أنت هنا يا ابن أخي..
الأم عمه؟..
الجميع عمه؟؟
الخادم أأنت هو الخطيب المنتظر؟....
كمال وأنت.. كيف اتفق أن جئت إلى هنا؟..
الخادم أنا جار العائلة؟ وقد طلبت إلي أن أقوم بهذه المهمة استرضاء للخطيب المالي الكبير.
كمال عمي.. عمي.. أرجوك.
الخادم الحمد لله الذي تكشفت الحقيقة قبل أوانها، ماذا كنت تقول عن باريس؟ أنت لم تخرج من القدس بعد، أما زلت تكذب وتظهر بغير مظهرك؟..
الأم نبيه أفندي.. ماذا تقول؟.
الخادم أقول أن هذا ابن أخي وهو كاتب بسيط في أحد المحال التجارية.
وهؤلاء جيراننا يا كمال، لقد حاولوا هم أيضاً أن يظهروا بغير مظهرهم، أنت تطلب غنية تعتمد عليها وفدوى تطلب غنياً تستظل بكتفه.
كمال ماذا تقول؟..
الخادم أقول أن كل ما في هذا البيت مظاهر كاذبة.
الأب ألم أقل لك يا زوجتي أن تتريثي وتتدبري الأمر؟.
الأم لم أظن أبداً أنه يعاملنا مثل هذه المعاملة، لم أعتقد أنه مخادع كذاب...
الخادم لا تبلغ بك الحدة مبلغها يا أم راجي.. هيا بنا نتناول طعام العشاء.
الأم ماذا؟.. أنقبله على مائدتنا؟ أنقبل إنساناً كذاباً مثله؟ أين المتاجر والمصانع والسيارات؟..
كمال وأين يا سيدتي الشرف الرفيع والجاه العريض والأموال الطائلة؟..
الأب ليكن درس اليوم حادثاً بليغاً لكل من تحدثه نفسه أن يظهر بغير مظهره.. دقة.. بدقة.. هيا إلى العشاء الآن لنقوم بواجب الضيافة نحو شخص غريب وبعدها.
(فدوى تدمدم قصيدة أم كلثوم: كل اللي بينا انتهى والحب كان أحلام...)
الجميع هيا إلى الدجاج المحمر.. هيا..
فريد الجوزي
1920 وما زال يقيم في مدينة القدس
هو أصغر الإخوة الخمسة من آل الجوزي، من مواليد القدس 1920، حذا حذو إخوته صليبا ونصري وجميل وتفاعل مع الأسرة في الانضمام إلى المسرح الفلسطيني.
تلقى علومه الابتدائية والثانوية في مدرسة المطران المعروفة بسان جورج، وأقبل على مطالعة الكتب الأدبية والفنية والمسرحية المتوفرة، وأحب من جملة ما أحب المسرح الفكاهي.
توظف في دائرة المهاجرة والسفر في القدس، وظل يعمل حتى النكبة، وبقي في وظيفته بعد ذلك ما بين القدس وعمان والرمثا، حتى أحيل على التقاعد، 1979.
وأثناء قيامه بوظيفته أيام الانتداب البريطاني وما بعدها، رأى الشيء الكثير من الأمور المعوجة، ولكي ينفس عن نفسه وينتقد ما كان جارياً، اتخذ المسرح الفكاهي رائداً له، فكان ينتقد ما كان يؤلمه ويقض مضاجعه بأسلوب فكاهي بناء وباختيار موضوعات ترمز إلى ما كان يحدث في الأوساط الحكومية والفلسطينية.
كان يتقن التمثيل التراجيدي كما كان يتقن التمثيل الهزلي، واشترك وساهم في المسيرة التي سار عليها أشقاؤه. فمثل الكثير من المسرحيات والفصول التمثيلية، كما ساهم في تقديم الفصول التمثيلية للإذاعة الفلسطينية، ولإذاعة الشرق الأدنى.
ومن الروايات التي اشترك بتمثيلها: مسرحية "الحق يعلو" التي قامت بتمثيلها فرقة الجوزي في 10 1937.
مسرحية "فؤاد وليلى" التي قامت بتمثيلها فرقة الجوزي في 26 / 12 / 1936.
ومثل في مسرحية "الشموع المحترقة" التي قامت بتمثيلها فرقة الجوزي في 6 و 9 / 4 / 1938، واستمر في الاشتراك مع فرقة الجوزي مسرحياً وإذاعياً حتى النكبة 1948.
وفي عام 1943 تأسست فرقة "اضحك" برئاسة فريد الجوزي وعضوية كل من رفيق النمري، إبراهيم هيمو، بدر حمدية، وقالت الصحافة عن فريد من جملة ما قالت:
"وهبته الطبيعة أثمن ما يطمع فيه الممثل الهزلي: الشخصية التي تفتنك وتأسر لبك، والقدرة النادرة على التغيير بالحركة والإشارة ولمحات العيون".
مثل وفرقته في جميع المدن الفلسطينية وزار عمان في الأربعينات بناء على طلب ودعوة من الأمير عبد الله، وقدمت فرقة الجوزي اضحك وقتئذ على مسرح سينما البتراء الفصول المسرحية الآتية:
"لوكاندة الهدوء والراحة" فصل هزلي بقلم نصري الجوزي.
"الطبيب والعمدة" فصل هزلي بقلم رئيس فرقة "اضحك" فريد الجوزي.
"طلاب الجامعات الثلاث" فصل هزلي بقلم فريد الجوزي.
لاقت هذه الفصول نجاحاً كبيراً، قام بالأدوار كل من: بدر حمدية، رفيق النمري، إبراهيم هيمو، فريد الجوزي.
ومما حلا وجمل الحفل اشتراك فرقة الإذاعة الموسيقية برئاسة الفنان المعروف، صاحب الصوت الرخيم المرحوم يحيى السعودي، أما الفنان الكبير رامز الزاغه فقد شنف الأسماع بمعزوفاته على العود.
كما زاد الحفلة بهجة وسروراً غناء الثنائي الذي قام به "عامر وسناء".
ولقد لقيت الفرقة كل تجلة واحترام.
كتب فريد عشرات من الفصول الهزلية التي مثلت على المسارح الفلسطينية، أو من محطتي الإذاعة الفلسطينية والشرق الأدنى ومركزها يافا.
ومن الفصول التي مثلها، نذكر ما تمكنا من الحصول على جزء منها، وهي ما بين تأليف واقتباس:
رزق الهبل على المجانين.
ضحكة أول نيسان.
أم نبيه والاختراعات الحديثة.
جحا وأبو نواس في المحكمة.
طبيب العيون.
الصديق الوفي.
الطبيب والمريض.
مودرن.
الخرساء.
كيد النساء غلب كيد الرجال.
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
أبو شوكة.
الأولاد وجدهم العجوز.
علي بابا.
ثري الحرب.
وعشرات غيرها من الفصول الهزلية الهادفة.
لم ينشر فصوله هذه أو بعضها في كتب ولكنه ينوي أن يفعل ذلك.
يعيش حالياً في مدينة القدس مع زوجته ويدرس عن كثب تطور المسرح الفلسطيني في الأرض المحتلة، ولعله يطلع علينا في القريب العاجل بكتاب فني أدبي بعنوان:
"المسرح الفلسطيني في الأرض المحتلة بعد النكبة أي بعد 1948 فيكمل ويتمم كتاب أخيه نصري وعنوانه: تاريخ المسرح الفلسطيني من 1900 إلى 1948".
النسوان في إجازة
كتبها وأعدها للمذياع فريد الجوزي
أبو عتاب: انتصار على طول الخط.
أبو علوش: خير انشالله شو المسألة؟
أبو عتاب: أنت يا أبو علوش عظيم، عظيم كتير، مخططاتك جهنمية، أنا بهنيك.
أبو علوش: أنا ما قلتلكش إن الخطة اللي رَسَمْتها راح تنجح.
أبو عتاب: أنت يا أبو علوش رجل عَصرك.
أبو علوش: خلينا هلقيت من المديح واحكيلي كيف تخلصت من مرتك وخليتها تسافر.
أبو عتاب: هذا يا سيدي بعد ما حَصلت المناوشة بينك وبين مرتك إجت عند مرتي وقالتلها اسمعي يا أم عتاب، هذه مش عيشة، لإِيمْتَى بدنا نتَمْنا محكومين من رجالنا، نحنا لازم نروح ناخذ إجازة سنوية ونتريّح من البيت ومتاعبه.
أبو علوش: عظيمة، وبعدين شو قالتلها مرتك؟
أبو عتاب: قامت تحمست ستنا بالله وقالتلها، أنا مش ممكن اسكتله لجوزي لازم أروح أزور بيت عمي بيافا، وأقعد لي عندهم أكمن جمعة.
أبو علوش: هذا المطلوب بتعرف أنه مشروعي كان له أهمية عند النسوان زي أهمية القنبلة الذرية.
أبو عتاب: تعجبني أفكارك السامية يا أبو المشاريع العظيمة ويا...
أبو علوش: يا سيدي مش وقته قلتلك / كمل شو صار بعدين؟
أبو عتاب: بعدين يا سيدنا بديوا الِنْيِن يِلتُّوا ويعجنوا ويدبروا مؤامرة منشان ياخدوا مأذونية.
أبو علوش: ايوه يا سيدي ايوه أي هم النسوان بدهم يضحكوا علينا إحنا اللي بدنا إياهم يروحوا عننا ويتركولنا البيوت منشان ناخذ راحتنا.
أبو عتاب: بتعرف يا أبو علوش لولا خطتك العظيمة وإلا كنت انجنيت
أبو علوش: سلامتك ولا تنجن يا أبو عتاب، خير انشالله.
أبو عتاب: يا أخي أهلكتني بطلباتها المشْ معقوله، يوم بتقوللي بدها صرماي ويوم بدها جُربان يوم بدها فستان، أي هومعاشي يا دوب يقَضّي حق الأكل.
أبو علوش: يا ريت يا سيدي بيكفي للأكل، أيه.. أنا من خمس سنين ما اشترتش بَدله.
أبو عتاب: مسكين الموظف أكلها بهالحرب.
أبو علوش: ناس بتاكل جاج وناس بتوقع بالسياج.
أبو عتاب: يا رب افرجها علينا.
أبو علوش: ربك كريم يا أبو عتاب سبحان المغير وما بتغير. قللي هلقيت ايمتى سافرت مرتك.
أبو عتاب: قبل شوية أخذتها هي والأولاد وركَّبتْهم في الترين وهَي جينتي من هناك.
أبو علوش: عظيم، عظيم.
أبو عتاب: ما حكيتليش كيف سَفَّرْت مرتك أنت التاني.
أبو علوش: القصة طويلة كتير بس بحكيلك إياها مختصرة.
أبو عتاب: هات لما أشوف أحكي.
أبو علوش: هذا يا سيدي بموجب الخطة اللي رسمناها منشان نسفر نسواننا ونبقى لحالنا في بيوتنا بدون ضجة وإزعاج...
أبو عتاب: ووجع راس وقروشة ومسح جيبه ايوه يا سيدي كمل.
أبو علوش: قمت قلتلها لمرتي يا أم علوش محسوبك عايف دينه من الشغل وتعبان وبدي راحة.
أبو عتاب: وما قلتلهاش أنك زهقان العيشة في البيت؟
أبو علوش: لا يا سيدي لأنه الطريقة هادي ضد السياسة المتبعة بين المرَة وزوجها / لازم يا أبو عتاب يكون الواحد سياسي كبير ويوزن كلامه قبل ما ينطقه لأنه النسوان في هالأيام متعلمات ومحنكات مش بُسَطا زي أهل زمان.
أبو عتاب: تعجبني أفكارك السامية يا أبو علوش أيوه يا سيدي وبعدين.
أبو علوش: بعدين قلتلها بدي أروح أقضيلي أكمن يوم برّيت هالبلد لحالي.
أبو عتاب: وشو قالتلك؟
أبو علوش: قالتلي خاف ربك يا رجال يعني أصول منك تتركني أنا والأولاد وتروح تشم الهواء لحالك، يا قاسي يا ظالم أنا يا ما قاسيت منّك / أنا اللي لازم أشم الهواء مش أنت.
أبو عتاب: بعدين قلتلها روحي مش هيك؟
أبو علوش: اوف ضايقتني يا أبو عتاب وبعدين معك قلتلك لازم الواحد يكون سياسي مع مرته.
أبو عتاب: وإلا شو قلتلها يا حضرة السياسي العظيم؟ (باستهزاء)
أبو علوش: اطلع على بعضنا يا حظ.
أبو عتاب: لا وحياتك مش قصدي، كَمَّل.
أبو علوش: بعدين قعدنا نتجادل مين اللي يروح وفي النتيجة قلتلها طيب يا ستي روحي بس على شرط.
أبو عتاب: ايوه ايش هوه الشرط؟
أبو علوش: قلتلها على شرط إنك تاخذي الأولاد معك.
أبو عتاب: وانشالله وافقت على طول؟
أبو علوش: لا يا سيدي تقْلَت.
أبو عتاب: تقْلَت؟
أبو علوش: معلوم يا سيدي ما هو التُقُل صَنْعة لو ما كنتش قد حالي كنت ضعت.
أبو عتاب: والله كلامك مزبوط، الرجّال لازم يكون سياسي وسياسي محنك ، وبعدين يا أبو عياش بعدين.
أبو علوش: بعدين قعدت أجيبها بالسياسة لحد ما قبلت.
أبو عتاب: طيب شو عملت بعدين لحد ما خليتها تتحمس وتيجي تقول لمرتي أنها لازم تاخذ مأذونية هي التانية.
أبو علوش: يا مسكين يا أبو عتاب أنت لسه بتعرفش قديش النسوان شاطرات بكتمان الأسرار.
أبو عتاب: فهمني الله يخليك أنا حاكم مخي نشف من قلة التغذية.
أبو علوش: إحنا مش اتفقنا أنا وأنت وأبو رياض وأبو فوزي أنه كُل واحد مننا يسفّر مرته منشان نقعد لحالنا مرتاحين البال.
أبو عتاب: أيوه مزبوط.
أبو علوش: فوجدت أحسن طريقة منشان مرتي تحمس مرتك ومرة أبو رياض ومرة أبو فوزي منشان هم كمان ياخذوا ماذونيات ويسافروا إنه...
أبو عتاب: (مقاطعاً) إنه إيش احكي شوقتني.
أبو علوش: إنه استعمل معها طريقة جهنمية
أبو عتاب: وايش هي يا أخي احكي، طريقتك في الحكي زي طريقة الدكتور لما يعطي المريض إبر مورفين وهو متأكد أنه ما فش منها فايده.
أبو علوش: برواه عليك، بديت تفهم، اسمع دايماً إذا بدك تعملك دعاية لإشي قلها هذا سر اصحي تحكيه لجاراتك، وعلى طول بس تطلع من البيت بتروح بتبشرهم كلهم.
أبو عتاب: هلقيت فهمت، يعني قلت لمرتك أنها ما تقولش لجاراتها.
أبو علوش: أيوه يا أبو الفهم قلتلها أني مستعد أخليها تروح بس على شرط ما تخبرش الجارات لأنه جيرانّا مساكين طفرانين فبخاف يزعلوا ويحاربوني.
أبو عتاب: عظيم وشو كانت النتيجة؟
أبو علوش: قالتلي، شو مفتكرني زي بقية النسوان ما بقدرش أكتم سر، أنا كتومة وما بحبش اللّت والعَجن.
أبو عتاب: مزبوط بالحقيقة أنها كتومة (يضحكان)
أبو علوش: وهيك يا عزيزي صار وما كتمتش السر أكثر من ربع ساعة.
أبو عتاب: الحيلة مشيت على مرتي بس بدي أعرف شو صار مع أبو رياض وأبو فوزي.
أبو علوش: يللا نروح نشوفهم.
أبو عتاب: يللا.
(قرع على الباب)
أبو علوش: الظاهر أنهم أجو يخبروني.
أبو عتاب: هيك الظاهر.
أبو علوش: تفضل (يفتح الباب).
أبو رياض وأبو فوزي: (داخلين) السلام عليكم.
أبو علوش وأبو عتاب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أبو علوش: ابن الحلال عند ذكره يبان.
أبو عتاب: خبرونا قمحه وإلا شعيرة.
أبو رياض وأبو فوزي: قمحة.
أبو علوش: عال، عال، هدا اللي بدنا إياه، احكيلنا يا أبو رياض كيف مرقت على مرتك الحيلة.
أبو رياض: بالحقيقة أنك عظيم يا أبو علوش، مشروعك كان له مفعول حسن.
أبو علوش: هات لما نشوف احكي اللي صار.
أبو رياض: هذا يا سيدي لما مرتك خبرت مرتي إنها رايحة ماذونية قامت مرتي وقعدت وصارت تسبني وتسب الساعة اللي تزوجتني وقالت أني عمري بحياتي ما فرجيتها يوم زي الناس.
أبو عتاب: هذا مزبوط.
أبو رياض: شو أسوّيلكم، الحق مش علي.
أبو علوش: الحق على الوقت الزفت.
أبو عتاب: صدقت والله.
أبو فوزي: اختصروا من فضلكم لأني أنا كمان بدي احكيلكم قصتي.
أبو علوش: الحق معك يا أبو فوزي، كمّل يا أبو رياض كمّل.
أبو رياض: وبعدين يا أصحابي لما راحت مرة أبو علوش من عندنا راحت مرتي على المطبخ وحملت المكنسة بايدها واجتني على أودتي وقالتلي...
أبو عتاب: احكي احكي قول شو قالتلك؟
أبو رياض: قالتلي، اسمع يا أبو رياض أنا بدي إياك تعاملني زي ما بعاملوا الرجال نسوانهم.
أبو علوش: يا سلام لهون وصْلَت المسألة، وشوقلتلها؟
أبو رياض: قلتلها أنا في عرضك يا مرتي أنا مستعد البيلك كل طلباتك بس على شرط.
أبو عتاب: وشو هوه الشرط؟
أبو رياض: قلتلها على شرط تقيمي المكنسة من ايدك وتحكي زي الناس.
أبو عتاب: ايوه شو قالتلك؟
أبو رياض: قالتلي، أخ منك يا ظالم يا قاسي والله لانتقم منك.
أبو علوش: هذه الظاهر إِلْها بالعادة تضربك (يضحكون)
أبو رياض: بعدين يا أبو المشاريع (يضحكون) راضيتها وطيبتلها خاطرها وسمحتلها تسافر على حيفا عند أهلها.
أبو علوش: عظيم برافو عليك بالحقيقة أنك مثلت دورك عالمزبوط.
أبو رياض: تلميذك يا أبو علوش.
أبو علوش: العفو، وأنت يا أبو فوزي احكيلنا شو صار معك.
أبو فوزي: مختصر مفيد يا أصحاب لما وصل لمرتي الخبر أنه كل جاراتها ماخذين إجازة...
أبو عتاب: ايوه انشالله أنت الثاني هددتك بالمكنسة؟ (يضحكون)
أبو فوزي: أبداً وحياتك بالعكس، هذي لما سمعت الخبر اجتني على الرايق وبالسياسة لأنها متعلمة وقارية كتب كثير.
أبو علوش: هذي مرتك زيي سياسية.
أبو فوزي: ايوه يا سيدي سياسية كبيرة، فاستعملت معي لسانها الحلو وضحكاتها الرنانة اللي بتعبر عن الحب الصادق وسحرتني بنظراتها الساحرة وقعدت تحاكيني كلمات رقيقة حنونة حتى...
أبو عتاب: حتى شعرت أنك الملك شهريار وافتكرت مرتك شهرزاد قاعدة بتحكيلك قصصها اللذيذة.
أبو فوزي: هادي أحسن جملة حكيتها بحياتك يا أبو عتاب، أنا بَهنّيك على هالتعبيرات.
أبو عتاب: أنا ممنونك يا أبو فوزي.
أبو فوزي: مالك ومال الجمل اللذيذة هذا مش موضوع حديثنا.
أبو علوش: نرجوك تحكي.
أبو عتاب: نتوسل إليك.
أبو رياض: بحق الصداقة تحكي.
أبو علوش: ايوه منترجاك تحكي.
أبو فوزي: قالتلي بالحقيقة أنك مسكين يا جوزي وأنا بشعر معك بس أنا مضطرة أني أسافر عند أهلي منشان أوفر عليك أكمن ليرة وبترجاك أنك تخلي فؤاد عندك.
أبو عتاب: نعم، تخلي ابنك فؤاد عندك؟ هذا ضد الاتفاقية.
أبو فوزي: حلمك علي شوية خليني أكمل.
أبو علوش: صحيح خليه يكمل لا تقاطعوش يا أبو عتاب، وبعدين يا أبو فوزي.
أبو فوزي: قلتلها حاضر بخليه عند سته وانت بتقدري تسافري لحالك ولما سمعت أني بدي ابعثه عند سته طار عقلها وقالتلي.
الجميع: شوقالتلك.
أبو فوزي: قالتلي، لا يا سيدي أنا مش موافقة أنه الولد يبقى عند سته.
أبو رياض: ليش مش موافقة؟ شو حرابه كنهم؟
أبو فوزي: لا يا سيدي بالعكس.
أبو رياض: والا ليش ما قبلتش؟
أبو فوزي: ما قلتلكم من الأوّل أنه مرتي عصرية ومتعلمة وعامله لابنها ريجيم وما بتحبش الطريقة القديمة شيت العجايز.
أبو علوش: ليش همه أولاد اليوم أحسن من أولاد زمان.
أبو فوزي: معلوم أحسن.
أبو علوش: بتقدر تقولي لي ليش.
أبو فوزي: لأنه أهل اليوم كلهم عايشين وأهل زمان ماتوا (يضحكون)
أبو علوش: نكته عظيمة وهلقيت يا إخوان بعد ما مشيت الحيلة على نسواننا وكلهم سافروا بدنا نعمل برنامجنا اليومي منشان نقدر نعيش.
أبو عتاب: ايوه عال بس افتحلنا هالراديو خلينا نتنعنش شوية وبذات الوقت بنفكر بالبرنامج.
أبو رياض: فكرة عظيمة شغل هالراديو يا أبو علوش.
أبو علوش: حاضر.
(فترة موسيقية)
أبو علوش: أنا بقترح أننا نطبخلنا أكله على الغذا حاكم الوقت قريب الظهر.
أبو رياض: انتوا ما تتغلبوش في الغذا خلوه علي لأني تعلمت كل أنواع الطبيخ وعندي ملاحظات في دفتري عن كل طبخة.
أبو علوش: عال بنتركلك الطبيخ يا أبو رياض وأبو عتاب بقش وبمسح وبجلي وأبو فوزي بكنس وبعسف وأنا بعجن وبساعدكم.
أبو فوزي: أنا مش مستعد أكنس.
أبو علوش: ليش يا سيدي؟
أبو فوزي: لأنه أبو رياض أبو المكانس مش أنا (يضحكون)
أبو عتاب: عظيم يا أبو فوزي تعجبني نهفاتك الذكية.
أبو رياض: أنا بقترح يا إخوان إننا ندبر أول أكلة الغذا لأنه محسوبكم جوعان.
أبو علوش: لا بأس، شوبدكم تاكلوا يا إخوان.
أبو عتاب: أنا بحب آكل كُبة مقلية.
أبو فوزي: لا أنا بقترح أننا ناكل أكلة لحمة بعجين.
أبو رياض: بدكم تجُخّوا من أول يوم.
أبو علوش: الأفضل يا إخوان إننا نطبخلنا طبخة بسيطة اليوم، وبكرة ربنا يفرجها.
أبو فوزي: شو رأيكم بأكلة مجدرة؟
أبو عتاب: أنا أموت في المجدرة / شو رأيكم يا إخوان موافقين؟
الكل: موافقين.
أبو علوش: بتعرف تطبخ مجدرة يا أبو رياض.
أبو رياض: سلامة دفتر المذكرات.
أبو علوش: هاته يا سيدي واقرأ لنا ملاحظاتك وطريقة طبيخها.
أبو رياض: هَي الدفتر / اسمعوا لما اقرالكم.
الكل: تفضل.
أبو رياض: إذا كانت الأكلة لشخصين بس لازم ناخذ نص رطل رز وخمس أواق عدس و...
أبو علوش: وحدِ الله يا رجال فين رايح، نص رطل الرز وخمس أواق العدس يشبعوا عيلتين.
أبو رياض: أي انتوا راح تفهموا أحسن من مرتي، مرتي أحسن طباخة في البلد.
أبو عتاب: هدي مرتك الظاهر بتطبخ الطبخة وبتفرقها على الجيران.
أبو رياض: لا أبداً وحياتك.
أبو عتاب: يعني بدك تقول أنك أنت ومرتك بتاكلوا نص رطل رز وخمس أواق عدس على الوقعة.
أبو رياض: ايوه يا سيدي هذا غير الشوربة والسلطات والفواكه.
أبو علوش: اللهم احمينا.
أبو فوزي: اقولكم يا جماعة أنا منْسِحب.
الكل: ليش يا أبو فوزي.
أبو فوزي: لأني خايف ياكلني (يضحكون)
أبو علوش: طيب وقديش سمنة مكتوب عندك منشان الرزات والعدسات.
أبو رياض: نص رطل رز وخمس أواق عدس لازم ينحط معهم 8 أواق سمنة.
الجميع: أوف.
أبو عتاب: الظاهر عليها مرتك ضحكت عليك وأعطتك الكميات غلط؟
أبو رياض: لا أبداً مش هي اللي أعطتني إياها أنا اللي سرقتْ سِر الصنعة منها.
3 من الزوار الآن
916792 مشتركو المجلة شكرا