الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > العلوم العسكرية > «باسداران» الحرس الثوري الايراني من الإسناد إلى المشاركة
الحرس الثوري الإسلامي هو نتاج الثورة الإيرانية عام 1979، وقد أسهم الحرس الثوري الإيراني(الباسداران) في إدخال حوالي 125.000 رجل في القوات الإيرانية في السنوات الأخيرة، كما أن لديه قدرات كبيرة في خوض الحروب غير التقليدية وتتشكل وحدات الحرس في تشكيلات مختلفة.
للحرس الثوري الإيراني وحدات صغيرة مزودة بالدروع تعادل الوحدات التقليدية للجيش. ويتم تدريب بعض الوحدات السرية للبعثات والحرب غير المتناظرة، ولكن معظمها قوات مشاة خفيفة مدربة ومجهزة لمهمات الأمن الداخلي. وتشير التقارير إلى أن هذه القوات تضم ما بين 12000 و13000 جندي، ولكن هذه الأعداد ليست نهائية.
تسيطر القوات البرية للحرس الثوري الإيراني على قوة مقاومة (الباسيج) وغيرها من القوات شبه العسكرية إذا ما حشدت من أجل الحرب.وفي كثير من الأحيان يطالب الحرس الثوري الإيراني بإجراء مناورات ضخمة جدا، يشترك فيها أحيانا 100.000 مقاتل أو أكثر. وما عدا عددا محدودا من عناصر النخبة فإن التدريبات محدودة إلى حد كبير ومناسبة لأغراض الأمن الداخلي.
و الحرس الثوري الإيراني هو محور اهتمام إيران في إطار الجهود الرامية إلى تطوير تكتيكات الحرب غير المتناظرة لمواجهة أي عدوان قادم.
وقد أشار تقرير كتب بواسطة “مايكل كونيل” من مركز التحليل التابع للبحرية أن الحرس الثوري الإيراني قد تم تجهيزه منهجيا، كما تم تنظيم وإعادة تدريب قواته لمكافحة اللامركزية الحزبية وحرب العصابات. وقد تم دعمه بالأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات الهليكوبتر, كما شكلت العديد من كتائب العمليات التي يمكن أن تستمر في القتال مع قدر كبير من الاستقلال, حتى لو فقدت إيران الكثير من التماسك في قيادتها أو السيطرة على اتصالاتها واستخباراتها.
وقد شملت تدريبات هذه القوات محاكاة اعتداءات على أميركا, باستخدام مروحيات هجومية مزودة بأحدث الصواريخ الإيرانية المحمولة جوا, وباستخدام الألغام وباستخدام مواد متفجرة مرتجلة (تشغيل جهاز التفجير المرتجل), كنظم وأساليب للهجوم على أكثر القوات المسلحة تقدما.
ومثل الجيش وقوات (الباسيج)، فإن الحرس الثوري الإيراني قد حاول تطوير وممارسة أساليب الخداع والإخفاء والتمويه وغيرها من صور التغطية الحديثة، بما في ذلك التشتيت إلى فرق صغيرة وتجنب استخدام القوات النظامية للأفراد والمركبات العسكرية, للحد من فعالية الولايات المتحدة. وبما أن مصداقية وفعالية هذه الأساليب غير مؤكدة، فإن الحرس الثوري الإيراني بصدد تبني تكتيكات خاصة لتفادي أجهزة الرادار والأقمار الاصطناعية الخاصة بالعدو.
كما أن كلا من الجيش والحرس الثوري الإيراني قد حاولا التعامل مع قدرات جمع المعلومات والتقاط الإشارات والاتصالات الاستخباراتية الأميركية عن طريق الاستخدام واسع النطاق للألياف البصرية المدفونة ومحاولة إيجاد سبل أكثر أمنا لاستخدام الإنترنت والخطوط الأرضية التجارية. كما تدعي إيران أنها تعمل على تهيئة نظم اتصالات آمنة نسبيا، ولكن نجاحها غير مؤكد.
لاحظ كونيل أن الحرس الثوري الإيراني يعمل على تنمية مثل هذه الأساليب التي يمكن أن تشكل طبقات دفاع مع الجيش والقوات الجوية، وذكر أنه في حال انهزام الجيش الإيراني, وانتقال مهاجم مثل الولايات المتحدة إلى المدن الرئيسة في إيران، فإن الحرس الثوري الإيراني، الجيش الإيراني، وقوات (الباسيج) منظمة ومدربة الآن على خوض حرب استنزاف تعتمد فيها العناصر على التفريق والتبعثر والاضطلاع في هجمات متسلسلة على القوات الأميركية أينما نشرت, كما يمكنها شن هجمات ضد خطوط الاتصال والإمدادات. هذه العناصر ستعتمد على استقلالية العمل بدلا من الاعتماد على مركزية القيادة.
ويبدو أن الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني قد يعتبران بالنجاحات المحدودة لفدائيي صدام ضد الولايات المتحدة مقارنة بالجهود الناجحة للمتمردين والمليشيات العراقية في شن هجمات على الولايات المتحدة وغيرها من قوات التحالف في أعقاب سقوط بغداد.
أحد التكتيكات التي تنظمها وتمارسها مثل هذه القوات استخدام المدن المشيدة المأهولة مناطق دفاعية, حيث تتوفر فيها الفرص لإخفاء الكمائن ولاستخدام الضربات التكتيكية، ما يفرض على المهاجم نشر أعداد كبيرة من القوات في محاولة لتمشيط وتأمين المناطق المجاورة أيضا.
ورغم بقاء الحرس الثوري الإيراني أهم قوات إيران الدفاعية، أصبح أكثر بيروقراطية وأقل فعالية قوة تقليدية منذ انتهاء الحرب بين إيران والعراق في العام 1988. ويعد الفساد والتجاوزات المالية من المشاكل المتنامية داخل الحرس الثوري الإيراني. وفي هذه المرحلة من الزمن، أصبحت عناصر النخبة هي التي تعطيه معنى حقيقيا بخدمتها لحاجة النظام في إبقاء السيطرة على سكانه.
ويؤكد أحد المصادر على أنه في نهاية المطاف سيصبح الجيش النظامي أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية. ووفقا لهذا التقرير, فإن الحرس الثوري الإيراني في المقابل سيركز على “الواجبات الدفاعية غير التقليدية”, مثل فرض الأمن على الحدود والإشراف على الصواريخ البالستية وأسلحة الدمار الشامل المحتملة والتحضير لإغلاق مضيق هرمز كإجراء عسكري.
يعتقد أن القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني تستخدم وحدات إيران الثلاثة للصواريخ البالستية “شهاب-3″ متوسطة المدى (الوضع التشغيلي الحقيقي لا يزال غير مؤكد)، وربما كانت تسيطر على أسلحتها الكيميائية والبيولوجية. وفي حين أن الوضع التشغيلي الفعلي لشهاب-3 لا يزال غير مؤكد، أعلن القائد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي في العام 2003 أن صواريخ شهاب-3 قد سلمت للحرس الثوري الإيراني. وإضافة إلى ذلك، ظهرت ستة صواريخ شهاب -3 في طهران باستعراض عسكري في سبتمبر/ أيلول 2003.
ورغم عدم وضوح التشكيلات القتالية الموجودة داخل الحرس الثوري الإيراني، يبدو أنه يستخدم صواريخ توكانو EMB-312 العشرة التي تمتلكها إيران.
ويبدو أيضا أنه يستخدم العديد من طائرات التدريب الإيرانية الـ45 PC-7، بالإضافة إلى بعض طائرات التدريب الباكستانية الصنع في مدرسة تدريب قرب “موشاك”. ولكن يبدو أن هذه المدرسة تحت إدارة القوات الجوية العادية. وقد زعمت أيضا أنها تقوم بتصنيع الطائرات الشراعية لاستخدامها في التموين للحروب غير التقليدية. ورغم أنها لا تعد منصات صالحة لإيصال المؤن بإمكانها حمل كميات قليلة من الأسلحة.
للحرس الثوري الإيراني فرع بحري به 20.000 مقاتل، بما في ذلك وحدات بحرية تضم 5.000 مقاتل. هذه القوة يمكنها تسليم الأسلحة التقليدية، والقنابل والألغام، والأسلحة البيولوجية إلى الموانئ وبعض منشآت النفط ومحطات تحلية المياه. بإمكان هذه القوات تنفيذ عملياتها في الخليج وخليج عمان أو في أماكن أخرى إذا ما توفرت لها وسيلة نقل مناسبة.
تتركز قواعد القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني في الخليج، قرب العديد من القنوات الرئيسة للنقل البحري, كما يتمركز بعضها قرب مضيق هرمز.
ويتضمن ذلك بعض المنشآت مثلا حالول (منصة لنقل النفط) وسيري وأبوموسى وبندري عباس وخورامشهر ولاراك. كما أنها تتحكم أيضا في قوات الدفاع الساحلي، بما في ذلك الأسلحة البحرية من البنادق وقذائف HY-2 ووحدات الصواريخ البرية المضادة للسفن المنتشرة في خمسة إلى سبعة مواقع على طول ساحل الخليج.
وتستطيع قواتها الاضطلاع بغارات واسعة النطاق ضد عمليات النقل البحري في الخليج، والقيام بتدريبات برمائية بمساعدة فرع القوات البرية للحرس الثوري الإيراني ضد أهداف مثل الجزر في الخليج.
كما يمكنها شن هجمات ضد المملكة العربية السعودية أو غيرها من البلدان على الساحل الجنوبي للخليج. وتعطي هذه القوات البحرية إيران قدرة رئيسة على الحرب غير المتناظرة.
كما يبدو أن الحراس المتواجدين بشكل غير رسمي في بعض السفارات وغيرها من الجبهات الخارجية ومكاتب الشراء والأعمال التجارية الإيرانية يعملون على نحو وثيق مع المخابرات الإيرانية.
الجدير بالذكر, أن القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني تمتلك على الأقل 40 زورق دورية مزودة بالأضواء، 10 زوارق دورية مزودة بصواريخ موجهة مضادة للسفن (C-802)، إضافة إلى قذائف HY-2 البرية المضادة للسفن. بعض هذه النظم يمكن أن يعدل ليحمل رؤوسا نووية صغيرة، ولكن من الصعب الاعتماد عليها منصات إطلاق بسبب محدودية المدى والحمولة وعدم ملاءمة منابر الاستشعار/ الإرشاد للمهمة.
للحرس الثوري الإيراني هيكل معقد يشمل كل الوحدات العسكرية والسياسية، كما يمتلك عناصر منظمة منفصلة لوحداته الأرضية والبحرية والجوية, التي تشمل كلا من الوحدات العسكرية وشبه العسكرية. كما تربطه علاقات وثيقة مع فرع العمليات الخارجية في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية, لا سيما من خلال قوة (القدس) التابعة له.
أنشئت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في العام 1983 ولها شبكة واسعة من المكاتب في السفارات الإيرانية. ومن الصعب في كثير من الأحيان فصل أنشطة الحرس الثوري الإيراني ووزارة الخارجية ووزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. ويبدو أن العديد من هذه العمليات المتداخلة تديرها لجنة وزارية تسمى “مجلس العمليات الخاصة”, تضم زعيم الثورة الإسلامية, الرئيس, وزير الاستخبارات والأمن وبعض أعضاء المجلس الأعلى للأمن الوطني.
كما توجد عناصر أخرى في الحرس الثوري الإيراني يمكنها دعم الاستخدام السري للأسلحة النووية. وهي تدير معسكرات تدريب داخل إيران للمتطوعين. بعض عناصر الحرس الثوري الإيراني لا يزال, كما يبدو, منتشرا في لبنان, ويشارك في نشاط تدريب وتسليح حزب الله وغيره من المجموعات المعادية «لإسرائيل».
وقد كان الحرس الثوري الإيراني مسؤولا عن إرسال شحنات أسلحة ضخمة لحزب الله تحتوي أعدادا كبيرة من صواريخ الـAT-3 المضادة للدبابات والصواريخ بعيدة المدى، وبعض السيارات إيرانية الصنع من طراز “مهاجر”. يذكر أن إيران قد قامت بتصدير الآلاف من الصواريخ من نوع 122-mm وفجر-4 وفجر-5 وصواريخ بعيدة المدى إلى حزب الله في لبنان.
وتشير التقارير إلى أن إيران, على ما يبدو, قد أرسلت مثل هذه الأسلحة إلى حزب الله وبعض الحركات الفلسطينية المختلفة، بما في ذلك بعض السفن المحملة بالأسلحة إلى الحكومة الفلسطينية. كما وفرت الأسلحة والتدريب والتكنولوجيا العسكرية لمليشيات شيعية في العراق، وربما تكون قد قدمت مثل هذا الدعم إلى السنة المتطرفين أيضا، ما ساعد على شن الهجمات على الولايات المتحدة وقوات التحالف. كما أن هناك مؤشرات متزايدة على أن تدريبا مماثلا، أسلحة ووسائل دعم أخرى تم تقديمها للقوات الشيعية وعناصر طالبان في أفغانستان في العام 2007.
للحرس الثوري الإيراني فرع ضخم خاص بالعمليات الاستخباراتية والحرب غير التقليدية. وينضم لمثل هذه المهمات 5.000 مقاتل تقريبا من الحرس الثوري الإيراني. ويشكل هذا الفرع ما يعادل شعبة من القوات الخاصة، إضافة إلى بعض الفرق الصغيرة التي تعطى أولوية خاصة فيما يتعلق بالتدريب والمعدات.
وقد لعبت قوة القدس الخاصة دورا رئيسا في إعطاء إيران القدرة على مجابهة الحرب غير التقليدية باستخدام حركات أجنبية مختلفة كمحاربين بالوكالة. في يناير/ كانون الثاني قرر المجلس الإيراني الأعلى للأمن الوطني إخضاع جميع العمليات الإيرانية في العراق لقيادة قوات (القدس). وفى الوقت نفسه، قرر المجلس زيادة أفراد قوة القدس إلى 15.000مقاتل (قوام القوة الحالية للقدس غير متاح بعد). قوة (القدس) تحت قيادة العميد قاسم سليماني ولها جهات فاعلة داعمة غير حكومية في العديد من البلدان الأجنبية, ويشمل ذلك حزب الله في لبنان، وحماس ومنظمة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، والمليشيات الشيعية في العراق، والشيعة في أفغانستان. كما أن هناك إفادات بوجود صلات مع بعض المجموعات السنية المتطرفة مثل القاعدة, إلا أنها لم تؤكد قط.
العديد من الخبراء الأميركيين يعتقدون أن قوات (القدس) قد قدمت عمليات نقل أسلحة كبيرة للشيعة (وربما بعض العناصر السنية) في العراق. وقد تشمل هذه العمليات نقل بعض المكونات المتقدمة لصنع أجهزة التفجير المرتجلة في العراق أو المكونات المستخدمة في صنع المتفجرات, بما فيها قطع تجميع الأسلحة والوصلات اللاسلكية المستخدمة لتفعيل هذه الأجهزة وتحريك الآليات العاملة بالأشعة تحت الحمراء. وهذه الأجهزة شبيهة جدا بتلك التي تستخدم في لبنان، ويبدو أن بعضها يعمل على نفس موجة الترددات. الجدير بالذكر أن أجهزة التفجير المرتجلة بدأت تظهر في العراق في أغسطس/ آب 2003، ولكنها أصبحت تشكل تهديدا خطيرا في العام 2005.
وفي 11 يناير/ كانون الثاني 2007، ذكر مدير مكتب وكالة استخبارات الدفاع في شهادة أمام لجنة الاستخبارات المعينة من قبل مجلس الشيوخ الأميركي أن قوة (القدس) التابعة لفيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني تقود الأنشطة الإرهابية العابرة للحدود، جنبا إلى جنب مع حزب الله اللبناني ووزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. كما تعتقد مصادر أخرى أن المهمة الرئيسة لقوة (القدس) هي دعم الحركات الشيعية والمليشيات. ويبدو أن هذه المساعدات وعمليات نقل الأسلحة قد ازدادت كثيرا في ربيع العام 2007.
كما يعتقد أيضا أن قوة (القدس) تلعب دورا مستمرا في تدريب وتسليح وتمويل حزب الله في لبنان، كما شرعت في تقديم الدعم للمليشيات الشيعية وأنشطة طالبان في أفغانستان.
طبيعة العلاقة بين قوة (القدس) وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني غير واضحة, ولكن تم تقديم بعض شحنات الأسلحة الإيرانية بشكل واضح لمساعدة العناصر المعادية للسلام مع إسرائيل في قطاع غزة. وهناك بعض الأدلة على تقديم المساعدة في التدريب والتسليح والتمويل لعناصر فلسطينية معادية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
وتشير بعض التقارير إلى أن الميزانية المخصصة لقوة (القدس) هي ميزانية سرية يتحكم فيها الزعيم الأعلى “خامنئى”، وهي لا تظهر في الميزانية الإيرانية العامة.
العناصر النشطة من قوة (القدس) هي التي تعمل أساسا خارج حدود إيران، رغم أن قواعدها توجد داخل إيران وخارجها. قوات (القدس) مقسمة إلى فئات محددة من الجماعات أو “الهيئات” لكل بلد أو منطقة يعملون فيها. فهناك مديريات للعراق ولبنان وفلسطين والأردن وأفغانستان وباكستان والهند وتركيا والجزيرة العربية والبلدان الآسيوية والاتحاد السوفياتي السابق والدول الغربية (أوروبا وأميركا الشمالية) وشمال أفريقيا (مصر وتونس والجزائر والسودان والمغرب). لقوة (القدس) مكاتب أو “قطاعات” في العديد من السفارات الإيرانية، وهي غير مسموح بدخولها لمعظم الموظفين في السفارة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت العمليات التي يديرها موظفو تلك المكاتب متكاملة مع المخابرات الإيرانية أو أن السفير في كل سفارة هو الذي يسيطر أو يضطلع على تفاصيلها. على أي حال، هناك دلائل تشير إلى أن معظم عمليات (القدس) تتم بالتنسيق بين الحرس الثوري الإيراني ومكاتب داخل وزارة الخارجية الإيرانية ووزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. وهناك مكاتب عمليات منفصلة في لبنان وتركيا وباكستان والعديد من بلدان شمال أفريقيا.
وهناك أيضا مؤشرات تدل على أن هذه العناصر قد تكون مشاركة في تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين في 1992 ومركز الجالية اليهودية في بيونس إيرس في 1994, رغم أن إيران نفت بشدة تورط أي جهة تابعة لها.
ويبدو أن (القدس) تسيطر على العديد من معسكرات التدريب لمواجهة الحرب غير التقليدية، في بلدان مثل إيران والسودان ولبنان. كما يعتقد أنها تدير معسكرا تدريبيا ذا طبيعة غير محددة في السودان, ولها ما لا يقل عن أربعة مرافق تدريب رئيسة في إيران.
(للقدس) أيضا مركز تدريب رئيس في جامعة الإمام في قصر سعد أباد بشمال طهران, حيث يتدرب الجنود على القيام بالعمليات العسكرية والإرهابية ويتم تلقينهم بأيديولوجية محددة.
وهناك أيضا معسكرات تدريب في “كوم” و”تبريز” و”مشهد” وفي لبنان والسودان. ومن هذه المعسكرات أيضا معسكر “النصر” لتدريب العراقيين الشيعة والأكراد الترك والعراقيين في شمال غرب إيران, ومخيم تدريب قرب “مشهد” لتدريب الأفغان والثوار الطاجيين. كما يبدو أن (القدس) تسهم في تشغيل معسكر “منزاريا” للتدريب قرب “كوم”، وهو من المعسكرات التي تعمل على تجنيد الطلاب الأجانب في المدارس الدينية، والذي يبدو أنه قد درب بعض البحرينيين.
وقد أفاد بعض الأجانب أنهم قد تلقوا التدريب في الهدم والتخريب في مرفق تابع للحرس الثوري الإيراني قرب أصفهان، وفي التسلل للمطارات في مرفق قرب “مشهد” و”شيراز”، وفي الحرب تحت الماء في مرفق تابع للحرس الثوري الإيراني في “بندر عباس”.
وفي 11 يناير/ كانون الثاني 2007، اعتقلت القوات الأميركية في العراق خمسة رجال متهمين بتوفير الأموال والمعدات للمتمردين العراقيين. ووفقا لمصادر عسكرية أميركية، كان لهؤلاء الرجال صلات بالقدس.
وفي 20 يناير/ كانون الثاني 2007، اقتحم مسلحون يرتدون زي الجنود الأميركيين مركز التنسيق بين المقاطعات في كربلاء وقتلوا وجرحوا عدة جنود أميركيين. ووفقا لبعض المصادر، بما فيها المخابرات العسكرية الأميركية، كان المسلحون من عناصر (القدس). وقد جعل التخطيط والتنفيذ المتطور لهذا الهجوم من غير المرجح أن تكون أي جماعة عراقية أخرى مشاركة فيه.
وقد شدد العميد ديفد بترايوس, قائد القوات الأميركية في العراق, في شهادته أمام الكونغرس في أبريل/ نيسان 2007, على الدور المتنامي لقوة (القدس) وللحرس الثوري الإيراني في العراق. وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تمكنت من القبض على بعض عملاء (القدس) في العراق وصادرت أجهزة كمبيوتر تضمنت أقراصها الصلبة على وثيقة من 22 صفحة تحتوي على التخطيط, وعملية الموافقة على تصريف هجوم أدى إلى مقتل خمسة جنود أميركيين في كربلاء.
خبراء الدفاع« الإسرائيلي» يعتقدون أن الحرس الثوري الإيراني وقوة (القدس) لم يلعبوا دورا رئيسا في تدريب وتجهيز حزب الله فقط، بل في مساعدته أيضا أثناء حرب إسرائيل-حزب الله في العام 2006. وقد أوضح ضباط المخابرات الإسرائيلية أنهم عثروا على مراكز قيادة ومراكز تحكم في إطلاق الصواريخ والقذائف ذات تصميم إيراني.
وهم يشعرون أن قوة القدس لعبت دورا رئيسا في تزويد حزب الله بالصواريخ المضادة للسفن التي استخدمت في الهجوم على زورق الدورية التابع للأسطول الإسرائيلي “Sa’ar-class”، وأن الإيرانيين والسوريين قد زودوا حزب الله بالمعلومات من خلال بعض المرافق في سوريا أثناء القتال.
مثل الحرس الثوري الإيراني, انبثقت قوة (الباسيج) من ثورة 1979 عن طريق التدخل المباشر لآية الله الخميني. وفي يناير/ كانون الثاني 1981، وضعت (الباسيج) تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني.
(الباسيج) هي قوة احتياط شعبي مكونة من حوالي 90.000 رجل، مع قوة نشطة واحتياطية تصل إلى 300.000 والقدرة على تعبئة ما يقرب من 1.000.000 رجل.
ولديها ما يقرب من 740 كتيبة إقليمية, تتألف كل منها من 300-350 فردا. ويسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني وتتألف في معظمها من الشباب والرجال الذين أتموا الخدمة العسكرية والمسنين.
ويبدو أن (الباسيج) قد بدأ بالتركيز على مكافحة الشغب والأمن الداخلي في منتصف التسعينيات. ولذلك، أوجد نظام كتائب خاصة رسمية ذات طراز عسكري لمهمات الأمن الداخلي (عاشوراء). وعلى كل حال, تم توسيع نطاق مهماتها لتزويد الحرس الثوري الإيراني بالاحتياطي والعناصر الصغيرة في الدفاع ضد الغزو الأميركي, فتكون بمنزلة قاعدة تعبئة له, فضلا عن توفير كوادر وحدات صغيرة مستقلة للعمل ضد القوات الغازية.
ومن شأنها أيضا أن تعمل على تأمين الغطاء للقوات الرئيسة ومهاجمة الوحدات الأميركية المعزولة في المناطق الخلفية في الوقت نفسه. ووفقا لكونيل، شكل الحرس الثوري الإيراني في زمن الحرب خطة للتعبئة سميت “معن الخطة”، حيث كان من شأن كتائب (الباسيج) أن تندمج في الحرس الثوري الإيراني كجزء من قوات الدفاع الإقليمية. ومن الواضح هنا مدى فعالية (الباسيج) في مهمات كهذه.
الجدير بالذكر, أنه قد أنشئت قوات مماثلة لها في عدد من البلدان، بما فيها العراق, ولكنها في كثير من الحالات لم يتحقق لها مجد كقوة مقاومة فعالة. ولكن بالرجوع إلى حرب إيران-العراق والقتال الدائر في العراق منذ العام 2003, سيتضح أن لإيران خبرة واسعة في إنشاء واستخدام مثل هذه القوات, وقد أظهرت أنه يمكن لكوادر صغيرة من الناشطين باستخدام الأجهزة والسيارات المفخخة والقنابل الانتحارية أن تلعب دورا سياسيا وعسكريا مهما.
يلعب الحرس الثوري الإيراني دورا كبيرا في صناعات إيران العسكرية، فدوره الريادي في محاولات إيران للحصول على صواريخ أرض-أرض وأسلحة الدمار الشامل يعطيه خبرة متزايدة في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
ونتيجة لذلك، يعتقد أن الحرس الثوري الإيراني هو فرع القوات المسلحة الذي يلعب الدور الرئيس في صناعات إيران العسكرية. كما أنه يسيطر على جميع صواريخ “أسكود” ومعظم أسلحة إيران الكيميائية والبيولوجية ويوفر القيادة العسكرية من أجل إنتاج الصواريخ وإنتاج جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل.
ويعد الحرس الثوري الإيراني قوة اقتصادية قوية تسيطر على العناصر الرئيسة في صناعة العراق الدفاعية. ويبدو أنه يعمل كجزء من شبكة إيران التجارية السرية، وهي الشبكة التي أنشئت, بعد سقوط نظام الشاه, لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية من خلال التخفي خلف منظمات وهمية.
غير أنه من غير المعلوم مقدار قوة سيطرة الحرس الثوري الإيراني على هذه الشبكة مقابل سيطرة وزارة الدفاع.
إيران لا تواجه تهديدا جديا من الإرهاب، لذا تتركز أعمال قوات الأمن على مواجهة المعارضة السياسية. وقد حافظت إيران منذ1990 على نفس هيكل قواتها شبه العسكرية وقوات الأمن الداخلي, كما لم تتغير تشكيلة فروعها الرئيسة منذ السنوات الأولى للثورة.
إيران تمتلك شبكة واسعة من قوات الأمن الداخلي والاستخبارات. وتتكون الأجزاء الرئيسة لجهاز الأمن الداخلي من وزارة الاستخبارات والأمن, قوة مقاومة (الباسيج)، وحدة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وقانون إنفاذ القوات من داخل وزارة الداخلية, الذي يعد مسؤولا إلى حد كبير عن توفير الشرطة ومراقبة الحدود.
ويبدو أن قيادة كل من هذه المنظمات مجزأة ومشتتة بين عدة فصائل سياسية متنافسة في الغالب. الجدير بالذكر أن المعلومات المتعلقة بجميع قوات الأمن والاستخبارات الإيرانية محدودة للغاية وتخضع في الغالب لتلاعب سياسي.
مفتاح معظم القوات شبه العسكرية والاستخباراتية في إيران هو الحرس الثوري الإيراني، حيث يستحوذ ويسيطر على عدة منظمات أخرى أو أجزاء منها. وترفع جميع الأجهزة الأمنية, من دون استثناء, تقاريرها للمجلس الأعلى للأمن الوطني، باعتباره أعلى هيئة سياسية في سلسلة القيادة. وتبدو ظاهرة تجزئة قيادات الأجهزة الأمنية جلية في علاقتها بالمجلس الأعلى للأمن الوطني, بحيث تحتفظ بعض تلك المنظمات بروابط خاصة مع عناصر معينة فيه.
وقد قام المرشد الأعلى، علي خامنئي، بتكوين هيئة استشارية في مايو/ أيار 2006, سميت بالمجلس الإستراتيجي للسياسة الخارجية. ويفترض بهذه الهيئة أن تقوم بتقديم المشورة للمرشد الأعلى في طائفة واسعة من المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية. ورغم أنه لا يسعنا التكهن بالآثار المترتبة على هذه الهيئة، أرسل إنشاؤها تحذيرا للمراقبين باحتمال وجود توتر كبير بين بعض العناصر الأمنية في إيران.
أنشئت وزارة الاستخبارات والأمن في أعقاب الثورة لتحل محل المنظمة الوطنية للاستخبارات والأمن (سافاك) المنحلة حاليا، التي أنشئت تحت قيادة ضباط أميركيين و«إسرائيليين» في العام 1957. وقد سقط (سافاك) ضحية صراع قيادات سياسية في جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني, أثناء الحرب بين إيران والعراق. وكحل إرضائي تم إنشاء وزارة الاستخبارات والأمن في 1984.
في 2006، استخدمت وزارة الاستخبارات والأمن ما لا يقل عن 15.000 موظف مدني. وتشمل مهامها الرئيسة الاستخبارات عن الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والاستخبارات الداخلية ومراقبة ورصد بعض الموظفين الحكوميين, فضلا عن العمل على منع المؤامرات ضد الجمهورية الإسلامية. ولذلك يمكن افتراض أن هذه الوزارة تمتلك شبكة خدمات داخلية.
يفترض في موظفي وزارة الاستخبارات والأمن الحفاظ على المهنية والولاء، وبالتالي من الصعب تعبئتهم بواسطة قوى عسكرية، ورجال الدين أو أي قوى سياسية أخرى. ومع ذلك يري البعض أنه أثناء فترة حكم الرئيس السابق محمد خاتمي، سعت وزارة الاستخبارات والأمن للتخليص من بعض الموظفين المتشددين.
ويلاحظ أن هناك حجة ثابتة داخل نظام إيران السياسي تقضي بالحد من الرقابة البرلمانية على وزارة الاستخبارات والأمن، مشيرة إلى أن السيطرة على تلك الوزارة يمكن أن تستخدم أداة سياسية قوية.
وفي الآونة الأخيرة كانت هناك جهود في إيران لاستخلاص وحدات الاستخبارات المضادة من وزارة الاستخبارات والأمن وجعلها كيانا قائما بذاته. ويبدو أن هذا الاقتراح قد أثار إعجاب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي وبعض المشرعين.
وقد ظلت هذه المنظمة حتى الآن تعمل بشكل غير معلن في التسعينيات، اتهم أفراد هذه الوزارة بقتل المعارضين السياسيين في إيران. وقد تم التستر على التحقيقات بشكل منتظم. ويبدو أن لوزارة الاستخبارات والأمن ميزانية كبيرة نسبيا تصرف في ظل توجيهات القائد الأعلى علي خامئنى. كما أن تفاصيل موارد هذه الوزارة لم يكشف عنها حتى لكبار المسؤولين السياسيين الإيرانيين.
كجزء من فيلق حرس الثورة الإسلامية، فإن ما يقرب من 2.000 موظف في فرع الاستخبارات يعد قوة سياسية كبيرة. ووفقا لبعض المصادر، فإن طاعتهم وولاءهم للنظام أمر غير مشكوك به.
وتتمثل المهمة الرئيسة لفرع الاستخبارات في جمع المعلومات في العالم الإسلامي. أما فيما يتعلق بالأمن الداخلي فيستهدف القبض على أعداء الثورة الإسلامية, ويشارك أيضا في تمثيل الادعاء في محاكماتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل فرع الاستخبارات بالتنسيق مع فيلق (القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يعمل أيضا في الخفاء خارج إيران.
أشرف الحرس الثوري الإيراني في العام 1980 على إنشاء نظام المليشيا الشعبية، وهو فريق من المتطوعين سمي بقوة مقاومة (الباسيج) (حشد المقهورين). وتستمد قوة (الباسيج) صفة الشرعية من المادة 151 من الدستور الإيراني، الذي يدعو الحكومة للوفاء بواجباتها وفقا للقرآن الذي يدعو لتزويد المواطنين بجميع الوسائل للدفاع عن أنفسهم.
وقد نظمت هذه القوة في إطار إقليمي وهيكل قيادة لا مركزية. وتضم 740 كتيبة إقليمية تتكون كل منها من ثلاث إلى أربع وحدات فرعية. وتضم كل كتيبة ما بين 300 و350 مجندا. ووفقا لأحد المصادر، فقد عرض حوالي 20.000 مجند في قوة (الباسيج) في أربعة ألوية أثناء تدريب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006. وتحتفظ (الباسيج) بعدد صغير نسبيا من الموظفين (90.000) ولكنها تعتمد على التعبئة في حالة الطوارئ.
لقوات (الباسيج) تاريخ في أسلوب الهجمات الانتحارية يعود لفترة الحرب العراقية-الإيرانية, 1980-1988، وتتمثل مهمتها الرئيسة اليوم في المساعدة في الدفاع محليا ضد الهجمات العسكرية التقليدية بالإضافة إلى إخماد الانتفاضات المدنية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتمثل أحد الأدوار الرئيسة لهذه القوة في الحفاظ على الأمن الداخلي، بما في ذلك رصد التهديدات الداخلية من مواطنين إيرانيين، والعمل بمنزلة “قوة مليشيات ساكنة”. الجدير بالذكر أن جاهزية التدريب والمعدات الخاصة بقوة (الباسيج) منخفضة, كما لم يبلغ عن أي تجديد خاص بمنظومات الأسلحة في مخزونها.
يفرض الحرس الثوري الإيراني رقابة مشددة على قيادة (الباسيج)، كما يلزم أعضاءها بقواعد إسلامية صارمة. التعليقات الأخيرة من جانب زعماء إيرانيين تشير إلى أن مهمة (الباسيج) قد بدأت في التحول من مهمات دفاع داخلية تقليدية إلى “الدفاع ضد مهددات الأمن الإيراني”. وعلاوة على ذلك هناك تقارير عن اهتمام متزايد في تحسين (الباسيج) تحت قيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد. ويلاحظ, في الوقت نفسه، أن قيادة الحرس الثوري الإيراني قد بدأت في التشكك من فعالية (الباسيج) وربما تخفف من روابطها مع هذه القوة.
في 1993، أنشئ لواء (عاشوراء) من وحدات المليشيا التابعة لقوة (الباسيج) وللحرس الثوري الإيراني وسيلة للتصدي لأعمال الشغب المناهضة للحكومة. هذه الوحدة مؤلفة من حوالي 17.000 مجند من الرجال والنساء، ودورها الرئيس هو إبقاء الاضطرابات المدنية تحت السيطرة والقضاء عليها. وكان هناك بعض الاستياء الذي أعرب عنه كبار زعماء الحرس الثوري الإيراني بشأن استخدام الوحدات التابعة له في الاضطرابات الداخلية.
6 من الزوار الآن
916862 مشتركو المجلة شكرا