الصفحة الأساسية > 3.0 الخلاصات > تجارب وثورات > فصيل الجيش الأحمر
RAF (بالألمانية Rote Armee Fraktion) (في مراحلها الأولى كانت تعرف عموماً باسم مجموعة بادر-ماينهوف Baader-Meinhof) ، إحدى أبرز و أنشط الجماعات اليسارية المسلحة بألمانيا الغربية ما بعد الحرب. وتصف نفسها بأنها جماعة "مسلحة المدنية" شيوعية تشارك في مقاومة مسلحة ، في حين أن حكومة ألمانية الغربية تعتبرها جماعة ارهابية. أسس الجيش الأحمر رسمياً في عام 1970: أندرياس بادر، گودرون إنسلن ، هورست مالر، اولريكه ماينهوف، إرمگارد مولر وغيرهم.
نشط فصيل الجيش الأحمر منذ السبعينات حتى عام 1993 ، مرتكباً العديد من الجرائم، لا سيما في خريف عام 1977، الأمر الذي أدى إلى أزمة وطنية عُرفت باسم "الخريف الألماني". كانت مسؤولة عن مصرع 34 شحصاً بما في ذلك العديد من الأهداف الثانوية، مثل الحراس الشخصيين والسائقين - والعديد من الجرحى في ما يقرب من 30 عاما من وجودها.
وسط جدل واسع النطاق إعلامياً ، نظر الرئيس الألماني هورست كولر في طلب العفو المقدم من عضو الجيش الأحمر كريستيان كلار والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة ست مرات ، ولكن هذا الطلب رُفض في 7 مايو 2007. فيما حصلت عضوة الجيش الأحمر بريگيته مونهاوپت على الإفراج المشروط لمدة خمس سنوات من قبل المحكمة الألمانية في 12 فبراير 2007 ، وأُطلق سراح إيڤا هاوله في 17 أغسطس 2007.
من العسير علي المرء أن يجد مجتمعا غربيا خاض عديد من التغيرات العميقة في بنيته التحتية أكثر مما وقع للمجتمع الألماني. ففي خلال المائة عام السابقة إنتقل عدة مرات من حكم قيصري إمبراطوري يؤمن صاحبه بأنه صاحب حق إلهي إلي حال من الفوضي وشبه الحرب الأهلية إلي فترة دوار يطلق عليها الألمان فترة جمهورية ڤايمار نسبة إلي المدينة التي إنعقد فيها المؤتمر الذي وضع الوثيقة الدستورية عام 1919 ثم مر بحكم فاشي يسير علي النقيض تماما من فكرة الديموقراطية ثم خاض حربا قاسية مدمرة نتج عنها قسمة البلاد إلي جزئين متعارضين في كل شىء تقريبا وفي النهاية إنتصرت الفكرة الليبرالية الديموقراطية علي الشيوعية ونجحت في توحيد ألمانيا قانونيا ودستوريا من جديد. وقد وقعت هذه التغييرات في خلال أقل من مائة عام فقط، بل خلال 70 عاما لا أكثر!
وبسبب أن دولة ألمانيا الموحدة تأخرت كثيرا في تحقيق وحدتها القومية فقد كان علي ما يبدو لازما أن يتم المرور في كل تلك التجارب بسرعة كبيرة وهي تجارب طالت في الدول الأقدم والأطول عمرا مثل فرنسا أو إنجلترا.
وفي خضم تلك التغيرات كان لابد للدولة التي أنشئت من جديد علي أنقاض ألمانيا النازية، كان لابد لها من الإستناد إلي مستودع الخبرة الموجود من الموظفين وأصحاب الكفاءات ممن خدموا في زمن حكم الفاشية، وفي ذلك صرح المستشار كونراد آدناور أن "المرء لا يلقي ما لديه من ماء قذر قبل أن يكون قد حصل علي ماء نظيف"!
وكان أيضا من نتائج هذه السياسة أن مجموعات من الشباب الذي ولد في كثرته الغالبة في بداية الأربعينات، أي أنهم ممن دخلوا المدرسة الإبتدائية بعد نهاية الحرب، قامت مجموعة الشباب هذه بالثورة الفكرية علي نظام وطريقة الجيل القديم في الحياة والتشريع والتنظيم وكانت بداية ذلك في منتصف ونهاية الستينات من القرن الماضي.
وقد كانوا في بدايتهم مدفوعين بالحماس الشبابي المعتاد ولكن مع مرور الوقت بدأ العيار ينفلت ودخلوا منطقة إختراق قواعد القانون مما إستعدي الدولة والمجتمع عليهم فأصبحوا يعاملون كالمطاريد تلقي قوات الأمن القبض عليهم لاشتراكهم في جرائم سرقة بنوك لكي يقوموا بتمويل "الثورة العادلة". وكانت هذه هي بدايات نشأة جماعة بادر ماينهوف التي تحولت بعد ذلك إلي بادر ماينهوف.
من العسير علي المرء أن يجد مجتمعا غربيا خاض عديد من التغيرات العميقة في بنيته التحتية أكثر مما وقع للمجتمع الألماني. ففي خلال المائة عام السابقة إنتقل عدة مرات من حكم قيصري إمبراطوري يؤمن صاحبه بأنه صاحب حق إلهي إلي حال من الفوضي وشبه الحرب الأهلية إلي فترة دوار يطلق عليها الألمان فترة جمهورية ڤايمار نسبة إلي المدينة التي إنعقد فيها المؤتمر الذي وضع الوثيقة الدستورية عام 1919 ثم مر بحكم فاشي يسير علي النقيض تماما من فكرة الديموقراطية ثم خاض حربا قاسية مدمرة نتج عنها قسمة البلاد إلي جزئين متعارضين في كل شىء تقريبا وفي النهاية إنتصرت الفكرة الليبرالية الديموقراطية علي الشيوعية ونجحت في توحيد ألمانيا قانونيا ودستوريا من جديد. وقد وقعت هذه التغييرات في خلال أقل من مائة عام فقط، بل خلال 70 عاما لا أكثر!
وبسبب أن دولة ألمانيا الموحدة تأخرت كثيرا في تحقيق وحدتها القومية فقد كان علي ما يبدو لازما أن يتم المرور في كل تلك التجارب بسرعة كبيرة وهي تجارب طالت في الدول الأقدم والأطول عمرا مثل فرنسا أو إنجلترا.
وفي خضم تلك التغيرات كان لابد للدولة التي أنشئت من جديد علي أنقاض ألمانيا النازية، كان لابد لها من الإستناد إلي مستودع الخبرة الموجود من الموظفين وأصحاب الكفاءات ممن خدموا في زمن حكم الفاشية، وفي ذلك صرح المستشار كونراد آدناور أن "المرء لا يلقي ما لديه من ماء قذر قبل أن يكون قد حصل علي ماء نظيف"!
وكان أيضا من نتائج هذه السياسة أن مجموعات من الشباب الذي ولد في كثرته الغالبة في بداية الأربعينات، أي أنهم ممن دخلوا المدرسة الإبتدائية بعد نهاية الحرب، قامت مجموعة الشباب هذه بالثورة الفكرية علي نظام وطريقة الجيل القديم في الحياة والتشريع والتنظيم وكانت بداية ذلك في منتصف ونهاية الستينات من القرن الماضي.
وقد كانوا في بدايتهم مدفوعين بالحماس الشبابي المعتاد ولكن مع مرور الوقت بدأ العيار ينفلت ودخلوا منطقة إختراق قواعد القانون مما إستعدي الدولة والمجتمع عليهم فأصبحوا يعاملون كالمطاريد تلقي قوات الأمن القبض عليهم لاشتراكهم في جرائم سرقة بنوك لكي يقوموا بتمويل "الثورة العادلة". وكانت هذه هي بدايات نشأة جماعة بادر ماينهوف التي تحولت بعد ذلك إلي عصابة بادر ماينهوف.
الخريف الألماني
قامت هذه المجموعة باستهداف رموز المجتمع "الرأسمالي الفاشي المتعفن" كما كانوا يطلقون عليه فكان من بين ضحاياهم المحامي العام الفدرالي لمحكمة النقض في ألمانيا سيگفريد بوباك الذي قتل في ربيع عام 1977 ورئيس درسدنر بنك يورگن پونتو الذي قتل في صيف ذلك العام ورئيس رابطة أصحاب الأعمال في ألمانيا هانز مارتن شلاير الذي قتل في خريف نفس العام.
عملية هانز مارتن شلاير
جريمة قتل هانز مارتن شلاير كانت أكثر الجرائم إثارة. كما أنها ترتبط بسابقة قانونية هامة، لذا وجب الوقوف أمامها.
تم إختطاف السيد شلاير من الشارع العام حيث إعترضت سيارته مجموعة من المسلحين وقاموا بقتل السائق وأحد مرافقيه ثم إقتادوا الرهينة إلي مكان مجهول وبدأت المفاوضات مع الدولة علي إطلاق سراحه مقابل موافقة الحكومة علي إطلاق سراح المحكوم عليهم من أعضاء الجماعة ممن يقضون فترة العقوبة في السجون. والحقيقة أن هذا النوع من الأعمال كان في وقته جديدا علي المجتمع الألماني الذى كان ينزع إلي الهدوء والسكينة وينبذ العنف بعد تجربة حكم الفاشية التي أجهزت علي البلاد إقتصاديا وماديا وفكريا وأصابت الناس بخيبة أمل شديدة في فكرة القومية ذاتها.
وفي البداية كانت الحكومة تريد كسب الوقت وتناور مع المختطفين لعلها تستطيع الكشف بالطرق البوليسية المعتادة عن مكان إحتجاز السيد شلاير. والسيد شلاير كان في شبابه عضوا في حزب العمال القومي الإجتماعي الألماني (حزب هتلر) ولهذا فقد كان مكروها بصفة خاصة من أعضاء الجماعة اليسارية الشبابية التي تحولت إلي الإرهاب.
وقد أرسلت الجماعة شريط فيديو للسيد شلاير من محبسه يناشد فيه الحكومة الألمانية أن تقبل شروط الخاطفين حيث أن حياته بالفعل في خطر ويلمح من جانب آخر إلي أن تشدد الحكومة في هذا الأمر هو مما يضر ولا ينفع. ولما كان المجتمع بأسره من الرافضة لفكرة التبادل مع مجرمين حيث أن ذلك التبادل سوف يفتح الباب أمام كل الجماعات المشابهة لتكرار إبتزاز الدولة فقد إتخذت الحكومة بالتشاور مع المعارضة قرارا بأن البدل لا يشكل أي خيار للدولة لأنها لا تخضع للإبتزاز. حتي أن المستشار وقتها هلموت شميت قال لرئيس المعارضة هلموت كول في ذلك الإجتماع: "لو أنك أنت شخصيا قد إختطفت صباح غد فلن نفتديك بمارك واحد". وهكذا أصبح هذا القرار السري ملزما للجميع، مع عدم الإخلال بسريته.
وكانت أسرة السيد شلاير تناشد الحكومة الموافقة علي إجراء المبادلة حفاظا علي حياة رئيسها وكان الأبناء يشعرون أن الحكومة إنما تماطل ولا تفرج عن المساجين الواردة أسماؤهم في قائمة طلبات الجماعة الإرهابية. وكان أن تفتق ذهن الإبن الأكبر للسيد شلاير عن رفع دعوي أمام المحكمة الدستورية الفيدرالية يطلب فيها أن تحكم المحكمة علي السلطة التنفيذية أن تفرج فعلا وبسرعة عن قائمة المساجين حقنا لدماء والده. وهذا هو موضوعنا.
يبيح قانون المحكمة الدستورية الفدرالية للأشخاص الطبيعيين التقدم بدعوي أمامها وذلك في حالة كون أحد الحقوق الأساسية التي نص عليها الدستور الإتحادي قد تم التعدي عليه من جانب الدولة. وهذه الإمكانية تم وضعها لضمان إنفاذ نصوص الدستور ولإعلاء شأن تطبيق النصوص الدستورية فعلا في التعامل اليومي مع المواطنين. وقد علق قانون المحكمة قبول الدعوي علي شرط أن يكون رافعها قد تأثر هو شخصيا وبصورة مباشرة من العمل الإداري الذي قام به جهاز الدولة وأن يكون اللجوء إلي المحكمة الدستورية الفيدالية هو آخر خطوة بعد إستنفاذ كافة درجات التقاضي.
إلا أن القانون عاد وفتح الباب ضيقا أمام بعض الإستثناءات علي تلك القاعدة وذلك في حالة أن اللجوء للدرجات القضائية المتعددة هو مما لا يناسب الحال ولا يمكن طلبه من رافع الدعوي (أحوال الطوارىء مثلا). وقد كان هذا هو الباب الذي دخلت منه دعوي السيد شلاير الإبن إلي المحكمة.
والآن هاهي المحكمة الدستورية الفيدرالية تقف موقفا عصيا علي الحل، إذ علي القاضي أن يقرر في شأن حياة وموت إنسان بريء تماما. فكيف تصرفت المحكمة؟ كانت طلبات المدعي رافع الدعوي (الذي كان هو السيد هانز مارتن شلاير شخصيا بمقتضي توكيل صادر منه إلي إبنه، حيث أن الدعوي لابد أن تكون شخصية) كانت تركز علي واجب الدولة الذي ورد في نص المادة الثانية السابق بيانها. وكانت الحكومة الإتحادية قد وافقت قبل ذلك بعام علي إطلاق سراح أحد المحتجزين كفدية مقابل إطلاق سراح سياسي في برلين الغربية قامت نفس العصابة باختطافه. وهذه السابقة وضعها محامو المدعي كسند لدعواهم بمقتضي المعاملة بالمثل. ولذلك – كما جاء في عريضة الدعوي – فإن الحكومة الألمانية تملك الوسيلة لإنقاذ حياة المدعي بالحق الدستوري ولديها سابقة يمكن الإستناد إليها هي سابقة إفتداء حياة السياسي لورنز من برلين ولديها السند القانوني في المادة 34 من قانون العقوبات والتي تبيح إطلاق سراح السجناء في أحوال الضرورة. هكذا جاء في عريضة الدعوي.
رد الحكومة الاتحادية
ولننظر الآن كيف جاء رد الحكومة الإتحادية التي مثلها في هذه الدعوي وزير العدل. قد يندهش المرء من الدفوع التي قدمتها الحكومة ولكنها كانت مذكرة ذات قيمة مرتفعة في تأصيل الفكر الدستوري.
لم تلجأ الحكومة في ردها علي الدعوي إلي إستعمال مصطلح أعمال السيادة، بل أن هذا اللفظ لم يرد مرة واحدة في عريضة الدفاع المقدمة للمحكمة.(خلافا لكل ما نعرفه عن شدة استهلاك هذا اللفظ من جانب كل من حكم مصر منذ عام 52 حتي هذه اللحظة).
لكن الرد جاء أكثر شمولا وأقوي منطقا.
قالت مذكرة الدفاع المقدمة من الحكومة الإتحادية أنها تعترف بواجب الدولة في الدفاع عن حياة المواطنين وسلامتهم الجسدية. وقالت أن هذا الواجب ماثل أيضا في الحالات الفردية كالحالة التي تنظرها المحكمة. ومضت المذكرة تؤكد أن الدولة من واجبها أن تبذل كل جهد إنساني ممكن لحماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية لكل من يعيش علي أرضها ولو كان فردا واحدا. لكنها عادت لتذكر أن الحكومة تقف موقفا يتعين فيه عليها أن توازن بين أمرين. فعدم الرضوخ لطلبات الخاطفين من ناحية يعرض حياة السيد شلاير إلي خطر مباشر تقدره الحكومة حق قدره، ولكن من ناحية أخري فإن الإنصياع للعصابة ورغباتها يفرغ دولة القانون من محتواها أولا ثم أنه يعرض حياة كثيرين من المواطنين الذين لا دخل لهم بالمسألة للخطر ثانيا. فالتجربة التي مرت بها الدولة في حالة خطف السياسي لورنز في برلين لم يسفر الإنصياع للخاطفين فيها عن وقف عملياتهم الإجرامية، بل بالعكس زادهم هذا الإنصياع جرأة علي القيام بالمزيد من الأعمال المخالفة للقانون. وعلي ذلك فإن علي الحكومة أن توازن بين العمل علي إنقاذ حياة شخص وإنقاذ حياة كثيرين في المجتمع من شر تلك العصابة. ثم تعرضت المذكرة للمادة الثانية من الدستور والتي ترتكز عليها الدعوي بأسرها فقالت أن تطبيق المادة الثانية لا يعني بالضرورة الإفراج عن المساجين مقابل الإفراج عن المخطوف، إذ أنه لا يوجد قرار واحد يمكن وصفه بأنه القرار الصحيح الذي يمكن إتخاذه من جانب الحكومة لتطبيق نص المادة الثانية. ولهذا فلكل موقف ملابساته وأحواله التي تملي علي صاحب القرار طبيعة قراره. وفي النهاية قالت المذكرة أن جميع أجهزة الدولة لابد لها من مساحة من الحركة لكي تستطيع القيام بواجبها علي الوجه الذي رسمه لها الدستور، ولذلك فإن الرضوخ لمطالب الخاطفين يضع الدولة في موقف لا يسمح لها بهذه الحرية علي الحركة (أي أنه يلمح من بعيد لفكرة أعمال السيادة وإن لم يذكرها).
سيادية قرارات الدولة
قبل الدخول في قرار المحكمة ارجو ان تتذكروا حكم المحكمة العليا في امريكا من عام 1801 في قضية ماربوري ضد ماديسون وكيف قامت تلك المحكمة بتقسيم أعمال الدولة الي أعمال سياسية وأعمال إدارية حيث تخضع الثانية لرقابة القضاء بينما تتحرر الأولي من تلك الرقابة وهو ما يمكن اعتباره بذرة فكرة أعمال السيادة. وفي كل الأحوال سواء في الفقه الأمريكي أو اللاتيني فإن الأصل في الأمور هو أن القضاء وحده يملك سلطة تحديد طبيعة العمل أن كانت تخضع لرقابته أم لا. أي أن الأمر ليس بيد صاحب السلطة التنفيذية من عبد الناصر الي السادات الي مبارك إلي مرسي الي السيسي. وهذا هو مناط فكرة أعمال السيادة.
فالفكرة الجوهرية هي عدم تحصين أي عمل من أعمال الدولة من الرقابة القضائية، مع إعطاء استثناء فقط بناء علي ما يراه القاضي.
قرار المحكمة
بدأ القاضي الدستوري حكمه كالعادة بفحص الطلب من الناحية الإجرائية فذكر أن المحكمة تتفهم دوافع تقديم الطلب المستعجل الذي له ما يبرره بسبب الظروف التي يتعرض لها والتي قد تشكل خطرا داهما علي حياته. ثم أكد الحكم علي أن الواجب الدستوري للدولة بكل أجهزتها وفقا لنص المادة الثانية هو العمل علي الحفاظ علي الحياة التي هي أسمي قيمة قانونية وأيضا الحفاظ علي السلامة الجسدية للإنسان علي أرض ألمانيا. ثم دخل الحكم في موضوع الطلب مباشرة حيث ذكر أن أجهزة الدولة جميعا لها الحرية التي تسمح لها بتقرير الخطوات التي تتخذها لكي تنفذ هذه المهمة الدستورية في الحماية الفعالة للحياة والسلامة الجسدية وذلك وفقا للظروف التي تحيط بكل حالة. ثم قال القاضي الدستوري أن الاسلوب الذي تختاره أجهوة الدولة لتوفير هذه الحماية الفعالة لا يمكن حصره في عمل واحد معين إلا تحت ظروف مشددة يكون هذا العمل هو التصرف الوحيد الذي يصد الخطر الداهم علي الحياة والسلامة الجسدية ويحقق غرض الحماية الفعالة. وهذه الظروف المشددة ليست متوافرة في حالة السيد/ شلاير.
فالطبيعة الذاتية لإجراءات الحماية المتاحة في حالات الإختطاف والإبتزاز الإرهابي تتميز بأن عليها أن تتوافق مع الوجوه المتعددة التي يمكن حملها علي الحالة الفردية. فهذه الإجراءات لا يمكن تقنينها أو وضعها مقدما في صورة واحدة من الصور وكذلك لا يمكن إستنباطها من الحق الفردي. فالدستور ينص علي حماية الحياة والسلامة الجسدية ليس فقط للأفراد ولكن أيضا لكل جموع المواطنين. وقال القاضي الدستوري أن التنفيذ الفعال لهذه المهمة الدستورية يحتم أن تكون أجهزة الدولة قادرة علي أن تقوم بالنظر في الموقف وتقييمه ثم إتخاذ القرار المناسب في شأن كل حالة علي حدة. ولا يمكن إختصار هذه الحرية اللازمة في خطوة واحدة أو تصرف بعينه لأن هذا الحصر في ذاته يشكل تعارضا مع النص الدستوري لنفس المادة الثانية التي يستند إليها المدعي !!
ثم أضاف القاضي الدستوري في حكمه سببا آخرا يمنع المحكمة من إصدار أمر إلي الحكومة الإتحادية يجعلها تفرج عن المساجين وهو أن هذا الإفراج لو أنه وقع بالفعل لكان ذلك سببا لمزيد من العمليات الإجرامية حيث أن رد فعل الدولة سوف يصبح بذلك معروفا للإرهابيين وهو مما لا يستقم مع مهمة الدولة في الحماية. أما بشأن السابقة التي ذكرها المدعي في عريضته عن حالة السياسي لورنز في برلين الغربية فقد ردت عليه المحكمة حجته بتقريرها أن ليس من المصلحة أن يكون رد فعل الدولة مصبوبا في قالب يتكرر في كل حالة. وقبل أن ينهي القاضي الدستوري حكمه ذكر أن المحكمة ليس من سلطتها أن تملي علي أجهزة الدولة المسئولة طريقة عملها لأن هذه الأجهزة تتصرف وفق كل موقف علي حدة وتقرر بشأن الإجراءات المناسبة.
ثم أعلن رفض طلب المدعي السيد/ هانز مارتن شلاير.
عملية فلسطينية لمساندة بادر-ماينهوف؟
وقد أصدر القاضي الدستوري هذا الحكم وهو يعلم أن هناك طائرة ركاب ألمانية مخطوفة من جانب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اليسارية تريد إجبار الحكومة الألمانية علي إطلاق سراح هؤلاء المساجين بالتهديد بقتل 91 راكبا ألمانيا وذلك لزيادة الضغط علي حكومة شميت إضافة لاختطاف شلاير. ولكنه مع ذلك رفض طلب المدعي.
اغتيال شلاير
كان مشهد الجنازة مؤثرا جدا في الكنيسة التي أقيمت فيها الصلاة علي روح السيد/ شلاير الذي أعدمته الجماعة فور نجاح القوات الخاصة الألمانية في إقتحام الطائرة المختطفة وتحرير كامل الرهائن بلا خسائر. وقد حرص كل من المستشار الألماني ورئيس الدولة ورئيس البرلمان علي الحضور شخصيا وكان تأثر المستشار شميدت باديا للغاية وقد تقدم إلي زوجة السيد/ شلاير وصافحها وانحني أمامها بطريقة حادة يستبين منها إعتذاره عما وقع مع ندمه الشديد ، ليس لأنه لم يطلق سراح المسجونين ولكن لأن حكومته فشلت في العثور علي مخبأ العصابة قبل فوات الأوان. وقد تبين بعد ذلك أنهم كانوا بالفعل قريبين جدا منه ولكنهم لم يتخذوا العناية الواجبة إذ لم يتنبهوا إلي القرائن التي تجمعت بين أيديهم. أما في شأن عدم إطلاق سراح المسجونين فقد عبر هلموت شميدت بعد ذلك وفي كل المناسبات بلا إستثناء أن قراره بعدم الرضوخ لعصابة من المجرمين كان قرارا صحيحا وأنه لم يندم عليه في أي لحظة، وإن كان يشعر بالذنب بسبب تقصير قوات المباحث والشرطة بصفته رئيسهم الأعلي.
لماذا راف ؟؟ و ما علاقة فلسطين ..
بآدر ماينهوف باندي - مجموعة حرب العصابات المدنية المسلحة - سابقا .. راف RAF - الوية الجيش الاحمر - لاحقا. هي حركة ثورية يسارية.. المانية . و هنا حلقة مهمة من سلسلة الثورة اليسارية العالمية .. ETA IRA JRA PLO و RAF
أسس الجيش الأحمر رسمياً في عام 1970 كل من الرفاق : أندرياس بادر ، غودرون إنسلين ، هورست مالر ، أولريكا ماينهوف ، إرمغارت مولر و غيرهم.
من هما بادر وماينهوف؟
يعتبر اندرياس بادر واولريكه ماينهوف الأبوين الروحيين لمنظمة جناح الجيش الأحمر التي روعت البرجوازية في المانيا حتى نهاية التسعينات. ولد اندرياس بادر في ميونخ عام 1934، وساهم في أعمال العنف الثوري خلال ثورة الطلبة في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، وانضم إلى اجنحة الطلبة المتشددين التي اتخذت اسم »المعارضة غير البرلمانية». وكان بادر ميالا للعنف الثوري بطبعه إذ سبق أن سجن لمدة ثلاث سنوات بسبب اقتحامه لمتجر كبير في فرانكفورت عام 1968. ساهمت اولريكة ماينهوف مع يان كارل راسبه وغودرون انسلن في عملية شهيرة لتحريره من السجن عام 1970 ليضعوا حجر الأساس لجماعة بادر ـ ماينهوف. القي القبض على بادر في عام 1972 وحكم عليه بالمؤبد، غير انه وجد ميتا في زنزانته في سجن شتوتجارت يوم 18 اكتوبر (تشرين الاول) 1977، حيث تم تصفيته جسديا في سجنه ولم ينتحر كما تدعي الشرطة.
اما اولريكة ماينهوف فتتحدر من وسط مثقف يختلف عن الوسط الذي نشأ به بادر. وكانت ماينهوف زوجة اليساري كلاوس رول الذي يحرر مجلة «كونكريت» اليسارية. لها طفلتان توأمتان من رول واصبحت محررة في كونكريت. لاحقا تركت زوجها في نهاية الستينات وتقربت أكثر إلى اليسار المتطرف في حركة الطلبة. ويقول البعض أن تسمية بادرـماينهوف «غير منصفة»، لأن الرأس النسوي الحقيقي للمنظمة كانت غودرون انسلن التي اعتقلت في 15 يونيو (حزيران) 1972 وتم تصفيتها لاحقا في زنزانتها يوم 9 مايو (ايار) 1976 من قبل رجال الشرطة الذين ادعوا بكل خسة انها انتحرت.
المناضلة الشيوعية الشهيدة الثورية الخالدة الرفيقة اولريكا ماينهوف
نشط فصيل الجيش الأحمر منذ السبعينات حتى عام 1993 ، متميزا بعمليات ثورية، لا سيما في خريف عام 1977 ، الأمر الذي ادعت على اثره المانيا الغربية التابعة للتحالف الامريكي البريطاني انه أدى إلى أزمة وطنية عُرفت باسم "الخريف الألماني" وبسبب ذلك وضع هذا الفصيل على قائمة الارهاب الامريكية كشقيقاته اليساريات.
كانت هذه المنظمة مسؤولة عن موت 34 شحصاً بما في ذلك العديد من الاهداف الثانويه ، مثل الحراس الشخصيين و السائقين - والعديد من الجرحى في ما يقرب من 30 عاما من وجودها ، هكذا يقول الاعداء !!
اما ثورتها فتعرف انها الاقوى ليس لانها ذات مبادئ فحسب بل لقوتها الهجومية و الرادعة .. و لوحدتها مع رفاق الثورة الفلسطينيين و الايرلنديين و غيرهم ..
اعتمد الجيش الأحمر مفهوم حرب العصابات ضد الغرب نظرا للظروف السائدة في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية و المانيا الشرقية من جهة وبرلين الغربية و قوات التحالف من جهة اخرى.
الجيش الأحمر تشكل مع نية استكمال عدد كبير من المجموعات الثورية في جميع أنحاء العالم و كان عناصرها جزء من ’الخلايا الثورية" كايلول الاسود الفلسطيني و الجيش الاحمر الياباني ..
الثورة الحمراء
نشط الجيش فعليا في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل ان ينشط بالمانيا و اوروبا. و تدرب مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، و كانت القضية الفلسطينية و تحرير فلسطين هدفا يقاتل لاجله مع الرفاق، لاعتبارها قضية تحرر عالمية، و منطلقا لتحرير المانيا و توحيدها بعد التقسيم الامريكي لها.
اعتبر تشي جيفارا رمزا .. للجيش .. تدرب عناصرها على غرار حركة توباسماروس أوروغواي ، التي وضعت في المناطق الحضرية باعتبارها حركة مقاومة فعالة من قلب تشي غيفارا.
قامت بالعمليات الفدائية من اغتيالات لمسؤلين و مهاجمة محلات و بنوك و مراكز امريكية و بريطانية و غربية.
يوم 30 يوليو 1977 ، جوغين بونتو، رئيس بنك دريسدنر ، قتل بالرصاص امام منزله في اوبيرورسيل ..
هانز مارتن شلاير ، ضابط في القوات الالمانية و الذي كان آن ذلك رئيس نقابة الموظفين الالمان ، تم اختطافه في الخامس من ايلول 1977 بعد ان اجبر سائقه على ايقاف السياره عندما مرت عربة اطفال من امامه .. كانت سيارة شرطة خلفه تسير لحمايته .. لم يتوقف فظهر 5 فدائيين اطلقوا النار على سيارة الموظف الحكومي فقتلوا 3 من افراد الحماية و السائق و احتجزوا شلاير كرهينة.
13 أكتوبر 1977 خطف 4 مسلحين من رجال ماينهوف و الفدائيين الفلسطينيين .. طائرة لاندشوت الرحلة رقم 181 لوفتهانزا من بالما دي مايوركا الى فرانكفورت.. عرف قائد الفدائيون نفسه بانه محمود .. و بانه قائد الطائره و طالب بالافراج عن فلسطينيين و اجانب يساريين معتقلين في تركيا و دول اخرى تابعة لامريكا اضافة لفدية 15 مليون دولار .. مقابل الافراج عن هانز مارتن شلاير المحتجز في المانيا و ركاب الطائرة .. *
رفض قبطان الرحلة يورغن شومان، الانصياع للاوامر ، قرر الفدائيين الفلسطينيين و الالمان من خلال "محكمة الثورة" داخل الطائرة المخطوفه اعدام الكابتن ونفذ في 16 تشرين الأول / أكتوبر. عثر على جثته ملقاة على المدرج. اقلعت الطائرة عن طريق لارنكا الى دبي ومنها إلى عدن ، هذه المرة اتجهوا الى مقديشوا- الصومال !!
تمكنت لاحقا فرقة المانية من اغتيال الفدائيين الاربعة جميعا .. و كان اسم محمود الحقيقي هو يوسف عكاشة و بعد ان اذاعت الاذاعة الالمانية الخبر انتحر عدد من قيادات الجيش الاحمر الالماني الاسرى لدى المانيا.
القائد بآدر عثر عليه ميتا بعد اصابته بالرصاص في رأسه من الخلف. و انشيلن مشنوقة في زنزانتها ؛ و رايسب توفي في المستشفى في اليوم التالي برصاصة في رأسه. نجا آرمغد مولر الذي اصيب بعدة طعنات في صدره ، اطلق سراحه من السجن في عام 1994.
كذبت راف-ماينهوف الرواية الرسمية و قالت ان الحكومة اعدمتهم بايعاز من الامريكيين و الاسرائيليين و استدلت بان القادة كيف لهم ان يحصلوا على اسلحة و مسدسات داخل المعتقل و لو حصلوا عليها كان الاجدر بهم الفرار .. كونهم فدائيين فالفدائي لا ينتحر من دون مقابل !!
جنازة بآدر و رفاقه المغدورين
قال الرفيق مولر المحرر ان الحكومة فعلت ذلك حتى لا يسعى الجيش الاحمر لاطلاق سراح قادته ..
يوم 18 أكتوبر 1977 ،اعدم هانز مارتن شلاير بالرصاص حتى الموت على يد خاطفيه في طريق مولوز (فرنسا).
في اليوم التالي ، 19 تشرين الأول / أكتوبر ، اعلنت راف انه قد "أعدم" وأشارت إلى مكانه. اكتشفت جثته في وقت لاحق من ذلك اليوم في سيارة أودي 100 خضراء ..
استمر عمل الحركة لاحقا و هي تردد .. ثورة واحدة .. معركة واحدة ..
وفي سنة 1998 وبعد 28 عاما من النضال المسلح قررت منظمة الجيش الاحمر الالمانية حل نفسها. وقد ورد في بيان الحل ان قرار المنظمة بحل نفسها لا يتضمن اية ادانة للنضال المسلح الذي خاضته ، بل ان المنظمة واعضائها فخورين بهذا النضال ، الذي خاضوه على مدى التسعة والعشرون عام الماضية لكنهم قد قرروا حل التنظيم بالنظر لفشلهم في تعبئة اليسار الالماني. "لقد كان النضال المسلح الذي خضنا غماره الى جنب النضالات المسلحة الجارية في بقاع عديدة من العالم شيء جميل ورائع .." ، "اننا مثلنا اقلية من المجتمع الالماني تصبو للاشتراكية في حين ان غالبية افراد هذا المجتمع تريد الاستمرار في النظام الرأسمالية .." هذا بعض مما ورد في بيان الحل ..
^ "The Crisis Years of the RAF / The Baader Meinhof Terrorist" at the Terrosim [sic] in Germany. The RAF / Baader Meinhof Group website.
^ Jeffrey Herf, History.UMD.edu, "An Age of Murder: Ideology and Terror in Germany, 1969–1991", lecture at the German Historical Institute in Washington, 27 September 2007.
^ "Anschlag der Rote Armee Fraktion auf das Frankfurter Hauptquartier der US-Armee, 11. Mai 1972" [assault on the headquarter of the US army in Frankfurt by the Red Army Faction]. Zeitgeschichte in Hessen (in German). Landesgeschichtliches Informationssystem Hessen. Retrieved 26 March 2015.
^ "Rote Armee Fraktion". Retrieved 11 February 2015.
^ Michael Krepon, Ziad Haider & Charles Thornton, Are Tactical Nuclear Weapons Needed in South Asia?, in Michael Krepon, Rodney W. Jones, and Ziad Haider (eds.), Escalation Control and the Nuclear Option in South Asia, Stimson Publications, 2004.
^ Cockburn, Andrew; Cockburn, Leslie (1997). One Point Safe. New York: Doubleday. ISBN 978-0-385-48560-9.; Barry L. Rothberg, "Averting Armageddon: Preventing Nuclear Terrorism in the United States", Duke Journal of Comparative & International Law, 1997, pp. 79–134.
^ "TERRORISTS: Closing In on an Elusive Enemy". TIME.com. 9 October 1978. Retrieved 11 February 2015.
^ أ ب History.UMD.edu
^ "Rote Armee Fraktion". Retrieved 11 February 2015.
^ "Rote Armee Fraktion". Retrieved 11 February 2015.
^ Jürgen Köning. "RAF - Die Geschichte der Rote Armee Fraktion -Aktuelles". Retrieved 11 February 2015.
^ أ ب "German Guilty in ’79 Attack At NATO on Alexander Haig". The New York Times. 25 November 1993.
^ "German terrorists raid U.S. consul’s home", New York Times, 4 January 1985.
^ "The Red Army Faction". Retrieved 11 February 2015.
^ http://www.army.mil/terrorism/1999-1990/index.html
الروابط الخارجية
9 من الزوار الآن
916812 مشتركو المجلة شكرا