الصفحة الأساسية > 4.0 العملانيات > رصد العدو > التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى وانعكاساته على علاقاتها مع المنطقة (...)
أصبحت "إسرائيل" تولي اهتمامًا خاصًا بالنفاذ إلى دول آسيا الوسطى، وتمتين العلاقات معها، لا بل تنويع هذه العلاقات لتصبح أبواب هذه الكتلة الآسيوية مفتوحة أمامها لاستثمارها؛ لدعم وجودها في فلسطين، وانعكاسات ذلك على العلاقات العربية مع دول آسيا الوسطى.
وخصص هذا البحث للإجابة عن بعض التساؤلات المهمة، لعل من أبرزها: ما أسباب التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى؟ وما الوسائل التي استخدمتها "إسرائيل" لتسهيل عملية تغلغلها في دول آسيا الوسطى؟ وما مستقبل التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى؟ وبني هذا البحث على فرضية مؤداها "إمكانية حصول تأثيرات سياسية واقتصادية جراء التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، وانعكاساتها السلبية على العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى.
أولاً: أسباب التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى
عند البحث عن أسباب التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، تبدو للمراقب ثلاثة أنواع رئيسة من العوامل التي تفسر أسباب هذا التغلغل، فهي إما عوامل استراتيجية، أو اقتصادية، أو أمنية.
1- العوامل الاستراتيجية:
أ- يرى بعض الباحثين الغربيين أن هناك عدة عوامل استراتيجية للتغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، لعل من أبرزها(1):
(1) تحييد دور العرب والمسلمين في آسيا الوسطى، والحد من تطوير علاقتهما المشتركة، وخاصة إذا كان لها تأثير لتقييد التحرك الإسرائيلي في المنطقة، خشية أن تثمر تلك العلاقات انعكاسات وتداعيات من شأنها أن يكون الميزان العسكري في غير صالح "إسرائيل"(2).
(2) الوجود الإسرائيلي من الناحية الجغرافية مهم جدًا في تلك المنطقة، فـ"إسرائيل" ترى في آسيا منطقة عمق، وذلك لامتداد البحر الأحمر كشريط له إطلالة عسكرية، وليست أوزبكستان وحدها التي تحظى بالاهتمامم الإسرائيلي، بل إريتريا وإثيوبيا.
ب- ويفسر بعض الباحثين الآسيويين أسباب تغلغل "إسرائيل" الاستراتيجي في آسيا الوسطى، بالتالي(3):
(1) تحسين الوجه الإٍسرائيلي، وجعله مقبولاً لدى الأوساط الآسيوية.
(2) إظهار أهمية اعتماد دول آسيا الوسطى على "إسرائيل" في إعداد وتأهيل كوادرها العسكرية.
(3) تقديم التسهيلات التي تتيح بناء علاقات مع أنظمة دول آسيا الوسطى.
(4) إظهار قدرة "إسرائيل" على خدمة أجندة دول آسيا الوسطى عمليًا وعسكريًا.
(5) تحاول "إسرائيل" أن تربط بين دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط، إذ إن جذب دول آسيا الوسطى في المشروع الشرق أوسطي يستحدث واقعًا جديدًا في الشرق الأوسط، لعلاج الخلل الكائن فيها من خلال ضم دول غير عربية إليها، مثل دول آسيا الوسطى والقوقاز من الشرق، وإثيوبيا من الجنوب(4).
2- العوامل الاقتصادية:
يبدو أن "إسرائيل" أعطت الأسباب الاقتصادية أهمية خاصة في تحركها لتبرير تغلغلها في آسيا الوسطى لعل من أبرزها:
أ- انتزاع مواطئ أقدام متزايدة الاتساع في أسواق آسيا الوسطى(5).
ب- احتضان دول آسيا الوسطى طاقات علمية ضخمة ورثتها من تركة الاتحاد السوفيتي السابق، ومنها كازاخستان، حيث كانت تعتبر واحدة من أكثر الجمهوريات السوفيتية تقدمًا من الناحية العلمية، فضلاً على وقوع مطار بايكونور الفضائي الشهير داخل أراضيها، وهو مركز إطلاق سفن الفضاء، وتجارب الصواريخ، وأبحاث حرب النجوم في العهد السوفيتي، وما تزال روسيا تستأجره للأغراض نفسها حتى الآن(6).
ج- الاستحواذ على مواقع الثروة ومصادر الطاقة المستقبلية(7)، حيث إن الثروات الهائلة التي تمتلكها الدول الخمس في آسيا الوسطى: أوزبكستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وقرغيزستان، وكازاخستان، هي بحد ذاتها فاتحة للشهية الإسرائيلية قبل أية حسابات استراتيجية؛ فبالإضافة إلى المخزون الهائل من اليورانيوم، والذهب، والفضة، وباقي المعادن الاستراتيجية، يشكل حجم احتياطي النفط في تقديراته الأولية بحد ذاته عاملاً مشجعًا للتغلغل الإسرائيلي(8)، فمثلاً يبلغ المخزون النفطي لكازاخستان نحو 10 مليارات برميل، إضافة إلى نحو 2 تريليون قدم مكعب من الغاز، بينما يقدر المحتمل من النفط بنحو 30 مليار برميل(9).
وتتميز تركمانستان بأنها تمتلك مخزونًا من الغاز يفوق مخزونها من النفط، وهي الدولة الوحيدة من دول آسيا الوسطى التي تتاخم إيران، وما زالت ثرواتها المؤكدة قيد الاستكشاف، حيث لم تسلط الأضواء عليها كثيرًا حتى الآن(10).
د- سعي "إسرائيل" إلى أن تكون محطة لاستيراد نفط آسيا الوسطى وبحر قزوين(11).
3- العوامل الأمنية:
استغلت "إسرائيل" تنامي تيار الأصولية الإسلامية في دول آسيا الوسطى، بحيث أصبحت مجابهة هذه الظاهرة هدفًا مشتركًا بينهما، باعتبار أن الأصولية الإسلامية تشكل بالنسبة إلى الطرفين "عدوًا مشتركًا" (12). وفي هذا الاتجاه، وبرغم سقوط حركة طالبان، وهيمنة الإدارة الأمريكية على أفغانستان، لم يتوقف التخوف الإسرائيلي من الأصولية الإسلامية، خاصة مع التقارب النووي الإيراني – الروسي، والوجود الإيراني الجيوسياسي في آسيا الوسطى(13).
فمثلاً رصدت "إسرائيل" المخاوف المتزايدة لدى نظام كريموف في أوزبكستان مما يسمونه بـ "الخطر الأصولي"، الذي يمثله النموذج الأفغاني بعد الإطاحة بنظام نجيب الله في كابول في نيسان/إبريل عام 1992م، وإصرار فصائل المقاتلين الأكثر تشددًا على طرد المجموعات الأوزبكية بزعامة الجنرال عبد الرشيد دوستم من العاصمة الأفغانية(14).
وضاعف من المخاوف الإسرائيلية الخوف من تصاعد الأزمات الداخلية في دول آسيا الوسطى، بسبب وجود تداخل عرقي كبير بين طاجيكستان وأوزبكستان، فهناك حوالي 25 بالمئة من سكان طاجيكستان ذوي أصول أوزبكية، ونحو 20 بالمئة من سكان أوزبكستان ذوي أصول طاجيكية(15).
وبعد ظهور حركة طالبان في أفغانستان، واستيلائها على كابول، وصولاً إلى الحدود الأوزبكية عام 1997م، كان نظام كريموف يعيش حالة من القلق والمخاوف من احتضان طالبان والقاعدة للحركات الإسلامية في أوزبكستان، وليعطي طشقند حافزًا لتعزيز علاقات تعاونها الأمني مع تل أبيب، ثم مع واشنطن، بعد أن غيّرت الأخيرة موقفها من حركة طالبان عقب نسف السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي(16).
ثانيًا: وسائل التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى:
1- الوسائل السياسية:
سخرت "إسرائيل" الوسائل السياسية كمنفذ للتغلغل في دول آسيا الوسطى، حيث تنوعت إلى ثلاثة مجالات، هي:
أ- إقامة علاقات دبلوماسية: بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت "إسرائيل" حملة لإقامة علاقات دبلوماسية مع دول آسيا الوسطى من خلال فتح سفارات لها في تلك الدول(17). وقد اعترفت قرغيزستان بـ "إسرائيل" خلال الزيارة التي قام بها رئيسها السابق عسكر أكايف إلى "إسرائيل" في كانون الثاني/يناير عام 1993م، وقد فتحت قرغيزستان سفارة لها في تل أبيب(18). وقد أكد ديفيد كيمحي، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن "إسرائيل" قدمت الرِّشى إلى الحكام الشيوعيين مقابل إطلاق يد البعثات الإسرائيلية المختلفة في التحرك بحرية تامة داخل دول آسيا الوسطى(19).
ب- تبادل الزيارات الرسمية: كانت "إسرائيل" تبعث برجالها ووفودها الرسمية إلى دول آسيا الوسطى لتمتين العلاقات بين الطرفين، فمثلاً قام آرييه ليفي من وزارة الخارجية الإسرائيلية بزيارات إلى كل من كازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان، بحث من خلالها سبل إقامة التعاون الاقتصادي الشامل بينها وبين هذه البلدان(20).
وقد زار نزار باييف، رئيس كازاخستان، "إسرائيل" في شباط/فبراير 1993م، بناء على دعوة من حكومة رابين التي سعت إلى إقامة علاقات وثيقة مع كازاخستان، باعتبارها أكبر وأهم الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى(21).
وقام نائب رئيس الوزراء التركمانستاني في عام 1994م بزيارة رسمية إلى "إسرائيل"، ورد الزيارة وقتئذ شمعون بيريس(22).
وفي شهر أيلول/سبتمبر عام 1988م زار رئيس أوزبكستان إسلام كاريموف "إسرائيل"، ونتج من الزيارة إعداد البرنامج الخاص بطرق تطوير التعاون مع "إسرائيل"، الذي أقرته الحكومة الأوزبكية بعد زيارة كاريموف(23).
ج- المشاركة في قمم دول آسيا الوسطى: دأبت "إسرائيل" على أن تتواجد داخل تخوم دول آسيا الوسطى من خلال المشاركة في النشاطات السياسية، ولم تحدث هذه الخطوة لولا انفتاح تلك الدول على "إسرائيل"، من خلال فتح الأبواب أمامها للجلوس سويًا على مائدة المؤتمرات التي تخص شؤونها، فمثلاً حضر شمعون بيريس، النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، قمة دول آسيا الوسطى في كازاخستان التي عقدت في حزيران/يونيو 2006، والتقى بيريس على هامش القمة عددًا من الذين حضروا القمة، ومن بين المشاركين في القمة رئيسا روسيا والصين، ورئيس وزراء باكستان، ونائب الرئيس الإيراني(24).
2- الوسائل الاقتصادية:
أ- توقيع اتفاقيات وعقود اقتصادية: حاولت "إسرائيل" أن تؤسس لها موطئ قدم اقتصاديًا في دول آسيا الوسطى، من خلال توقيع عقود اقتصادية تشمل المجالات الخدمية، والتنمية، والمشاريع الزراعية، وطرق الري، التي تمتلك "إسرائيل" خبرة متقدمة بها(25).
وقد وقعت "إسرائيل" اتفاقًا مع طاجيكستان في شباط/فبراير 1992م لنقل التقنية الزراعية الإسرائيلية، واستغلال النفط الخام الطاجيكي(26). أما أوزبكستان فقد وقعت مع "إسرائيل" اتفاقية في أيلول/سبتمبر 1992م لبناء مشروع ري في إقليم "أنديزان"، وإنشاء مزارع نموذجية بتعاون مالي أمريكي، بالإضافة إلى تدريب خبراء في زراعة القطن، مما كان له أثره في زيادة إنتاج القطن بنسبة 30 بالمئة، وتوفير ثلثي استهلاك المياه(27).
وقد قام الإسرائيلي شاءول أيرنبيرغ، وهو أحد رجال الأعمال، بتوقيع عقود مع حكومة كازاخستان في عام 1992م بمشاريع قيمتها مليار دولار، تتعلق بمشروعات خاصة بالري، والاتصالات، والنفط، وغيرها، وقد مهد أيرنبيرغ بهذه العقود المجال أمام حكومة "إسرائيل" لاستيعاب كازاخستان(28).
أما تركمانستان، فقد وقعت عدة اتفاقيات مع "إسرائيل" تتعلق بالتعليم والزراعة والصحة، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين الطرفين عام 1995م أربعين مليون دولار(29).
من جانبها، اتفقت قرغيزستان مع "إسرائيل" في مناسبات عديدة في عقد التسعينيات من القرن المنصرم على التعاون في مجالات متعددة، منها: العلمية، والاتصالات، والتقنية، والمشاريع المشتركة، من خلال توقيع عدة اتفاقات اقتصادية بين الطرفين لتطوير مجالات العمل بينهما(30).
ويذكر أن حجم التجارة الثنائية بين "إسرائيل" وكل من كازاخستان وأوزبكستان هو حوالي 20 مليون دولار سنويًا، إضافة إلى قيام عشرات من المشاريع المشتركة(31).
ب- إشراك الخبرات الإسرائيلية في المشاريع الاقتصادية: تمتلك "إسرائيل" خبرات متقدمة في المجالات الاقتصادية، وتسعى القيادة الإسرائيلية إلى توظيف هذه القدرات في مجال توسيع تغلغلها داخل دول آسيا الوسطى، حيث يتولى خبراء إسرائيليون إدارة المشاريع المشتركة، وتطوير البنية الاقتصادية، وتوريد التقنية المتطورة(32). ومن أجل إنجاح الاستثمارات الإسرائيلية في دول آسيا الوسطى، واستغلالها كغطاء لعمل أجهزتها السرية، ومنها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، حيث زجت "إسرائيل" بشركات تابعة للجهاز للعمل في تلك المنطقة لجمع المعلومات، والتأشير إلى نقاط الضعف والقوة في تلك الدول؛ لتوظيفها في الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه تلك المنطقة(33).
ج- تشجيع المستثمرين الإسرائيليين للعمل في دول آسيا الوسطى: قامت "إسرائيل" عن طريق شركة "ديفي" في كازاخستان بزيادة منتوج الحليب بنسبة 6 بالمئة، وخفضت كلفة الإنتاج إلى حد كبير، كما قامت باستثمارات محلية في قطاع المصارف والمحلات التجارية الكبرى والاتصالات(34).
وفي عام 1992 كانت شركة "بيزك" الإسرائيلية للاتصالات قد بدأت في تطوير شبكة الاتصالات الكازاخية، وكانت شركة "كباليم" قد اتفقت على إقامة مصنع للكابلات المحورية(35).
د- إنشاء خطوط نقل الغاز من دول آسيا الوسطى إلى منطقة الشرق الأوسط: حاولت "إسرائيل" إيجاد منافذ خارج المنطقة العربية لتوريد المنتجات النفطية، ومنها الغاز إلى موانئها، ومن هذه المنافذ دول آسيا الوسطى، حيث تنعم أرضها بثروات هائلة من النفط والغاز. وقد وقعت في منتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم عقدًا من تركمانستان بقيمة 500 مليون دولار لتقوية مصفاة تكرير النفط في تركمانستان، فضلاً عن مد خط أنابيب غاز عبر تركيا لإيصاله إلى "إسرائيل" بواسطة شركة "مرهاف"(36).
هـ- تسهيل استقبال ناقلات النفط من آسيا الوسطى في الموانئ الإسرائيلية: من ضمن وسائل الترغيب الإسرائيلية مع دول آسيا الوسطى اتفاقها مع الشركات الغربية التي تشتري النفط الروسي، أو نفط دول آسيا الوسطى وبحر قزوين، على استعمال أراضيها كممر ترانزيت لهذا النفط، حيث يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن هذه محاولة لكسر الاعتماد على قناة السويس، إلا أن الهدف الآخر غير المعلن هو السماح للناقلات التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية بالعمل في الموانئ الخليجية، ومن ثم كسر واختراق المقاطعة العربية في هذا المجال الحيوي لإدخال "إسرائيل" من الباب الخلفي في مشروعات الشرق الأوسط(37).
و- تقديم المساعدات الاقتصادية: بادر عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين إلى زيارة دول آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي؛ ليوضحوا أنه ليس ثمة أمر يدعو إلى الخوف من "إسرائيل"(38).
ز- عقد المؤتمرات الاقتصادية: بعد أقل من ثلاثة أشهر على انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت "إسرائيل" قد نظمت في العاصمة الأوزبكية طشقند أول مؤتمر اقتصادي مشترك بينها وبين دول آسيا الوسطى في آذار/مارس 1992م، لبحث احتياجات تلك الدول من المشروعات والمساعدات الاقتصادية، والدور الذي يمكن أن تقوم به "إسرائيل" في تلبيتها(39).
3- الوسائل الأمنية:
تعتبر الحركة الإسلامية داخل تلك الدول، ومن أبرزها طاجيكستان، من أنشط وأقوى الحركات الإسلامية في المنطقة(40).
وتفسر بعض الدراسات أسباب قوة الشعور الإسلامي الذاتي لدى الشعب الطاجيكي أكثر مما هو موجود لدى بقية شعوب آسيا الوسطى، بما يأتي(41):
تأثير الثورة الإسلامية الإيرانية التي ساهمت كثيرًا في إيقاظ الوعي الديني، حيث استفادت الحركة الإسلامية الطاجيكية في توجيه الشباب من عامل اللغة التي تجمعهم مع إيران، وكانت كتب المفكر مرتضى مطهري من الكتب الإسلامية التي كان يجري تداولها سرًا بين أعضاء حزب النهضة الإسلامية.
كان للحركة الأفغانية ضد الأنظمة الشيوعية والاحتلال العسكري السوفيتي للبلاد أثر كبير في هذا الإطار، فعلاقة الطاجيك وثيقة بالشعب الأفغاني الذي يشكل الطاجيك الأفغان 30 بالمئة منهم.
وتبعًا لذلك، وخشية من اتساع المد الإسلامي داخل دول آسيا الوسطى، حاولت "إسرائيل" أن تعرض خدماتها الأمنية والاستخباراتية لمساعدة نظم الحكم في تلك الدول لمجابهة الحركات الأصولية المناهضة لها، إذ بدأت في عقد التسعينيات من القرن المنصرم بتنظيم دورات لتدريب كوادر أجهزة المخابرات في دول آسيا الوسطى، وفي مقدمتها أوزبكستان، على أساليب مكافحة ما يسمى بـ "الإرهاب"، مستندة في ذلك إلى خبرتها في مواجهة المنظمات الفلسطينية الوطنية، والحركة الوطنية اللبنانية، وخاصة منظمات حماس والجهاد وحزب الله(42).
ومن جانب آخر، كشفت نشرة عسكرية إسرائيلية النقاب عن وجود خبراء عسكريين إسرائيليين في بشكيك، عاصمة قرغيزستان، للمساعدة على إنشاء وتدريب قوة تدخل سريع لمحاربة الحركات الإسلامية(43).
وقد استغلت "إسرائيل" حالة الصراع السياسي الذي شهدته دول هذه المنطقة بين أنظمتها السياسية، وحركات معارضة مسلحة، غالبًا إسلامية، ترى الأنظمة السياسية الحاكمة في آسيا الوسطى، كأنظمة علمانية، استمرارًا للنظام الشيوعي السوفيتي. وقد عزفت "إسرائيل" على هذا الوتر، واتكأت على مخاوف هذه الدول لإبعادها عن احتمال بناء علاقات قوية مع العالم العربي والإسلامي، بوصفه المحيط الطبيعي لحركة هذه الدول(44).
ثالثًا: العوامل المؤثرة في التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى
1- العوامل الداخلية:
تجتمع عدة متغيرات داخلية لتؤثر في عملية التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، وهي:
أ- وجود الموارد الطبيعية: تعتبر آسيا الوسطى، أو "ترانس أوكسانيا"، وهو الاسم الذي كانت تعرف به حتى بداية القرن العشرين، وهي ترجمة لاتينية للاسم الذي أطلقة العرب عندما فتحوا تلك المنطقة في القرن الهجري الأول، وهو "بلاد ما وراء النهر"(45)، وتضم كلاً من أوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان وتركمانستان وقرغيزستان، من المناطق التي تزخر تربتها بأنواع مختلفة من المعادن والثروات الطبيعية، وسيتم تناولها بنوع من التفصيل(46).
(1) أوزبكستان: تعتبر أكبر دول آسيا الوسطى، حيث بلغ عدد السكان عام 2001، 24 مليون نسمة، وثانيتها من حيث مستوى التقدم الصناعي والعلمي والتقني بعد كازاخستان، وعلاوة على ذلك تتمتع أوزبكستان بثروات طبيعية كبيرة من الذهب، والفضة، واليورانيوم، والنحاس، والزنك، فضلاً على الغاز الطبيعي والفحم وغيرها، وهي تعتبر سادسة دول العالم في إنتاج الذهب بمعدل إنتاج 70 طنًا سنويًا، ورابعتها من حيث احتياطيات ذلك الخام الفضي الذي يبلغ 4 ملايين طن. ومعروف أن لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم، وبالإضافة إلى ذلك تتمتع أوزبكستان بموقع جغرافي استراتيجي وفريد في قلب آسيا الوسطى.
(2) طاجيكستان: تمتلك مناجم كبيرة من اليورانيوم تم اكتشافها في الثلاثينيات؛ وفي عام 1946م، وفي مدينة تابوشا الطاجيكية، تم تشييد أول معمل سوفيتي لاستخلاص اليورانيوم الذي استخدم كمادة أولية في تصنيع بلوتونيوم القنبلة الذرية.
وفي 29 آب/أغسطس 1949م، تم تفجير أول قنبلة بلوتونيومية مصنوعة من اليورانيوم الطاجيكي الموجود في مناجم أورسمان وتابوشار، وهناك مصنع للصواريخ في منجم ناوجزران – تشيغريك، ومنجم كيزل صهر الذي يحتوي إلى جانب اليورانيوم على ثروات من الذهب.
ب- وجود الجاليات اليهودية: يقدر عدد اليهود الموجودين في منطقة آسيا الوسطى ينحو 12 بالمئة ضمن إجمالي اليهود السوفيت(47)، حيث يوجد في بخارى حوالي 8 آلاف يهودي، وفي أوزبكستان يوجد أقل من 30 ألف يهودي(48).
وقد اهتمت "إسرائيل" بالجاليات اليهودية في دول آسيا الوسطى التي كانت منضوية تحت المنظومة الاشتراكية في عهد الاتحاد السوفيتي السابق، وسعت إلى تهجيرهم إلى "إسرائيل" لمعالجة الخلل الديمغرافي هناك، حيث كان عام 1989م، وهو العام الذي بدأ يشهد تدفقًا كبيرًا من الهجرة اليهودية من دول الاتحاد السوفيتي السابق باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ بلغ عدد المهاجرين 1.45 مليون مهاجر (49).
وفي عام 2002م، بلغ عدد المهاجرين 185.000، بينما قدم إلى "إسرائيل" عام 2003م، 125000 مهاجر، ويعتبر نصفهم تقريبًا من غير اليهود في اعتقاد الحاخامية، لكن ذلك لا يمنعهم من الاستفادة من قانون العودة، حيث يمنحون الجنسية الإسرائيلية بصفتهم أهالي لليهود(50).
أما في عام 2004م، فقد أشارت وزارة الاستيعاب الإسرائيلية إلى تراجع أرقام الهجرة، حيث لم يتعد الرقم 22 ألف مهاجر يهودي. وتضيف المعطيات أن 143 ألف مولود جديد قد ولدوا في العام نفسه في "إسرائيل"(51). وترى بعض الدراسات أن سبب انخفاض عدد المهاجرين يعود إلى تراجع كبير في عدد القادمين من دول الاتحاد السوفيتي السابق (52). أما في عام 2006، فوصل إلى "إسرائيل" 21 ألف مهاجر، منهم 9300 مهاجر من دول الاتحاد السوفيتي السابق، و2500 من فرنسا، و2000 من الولايات المتحدة الأمريكية(53).
وقد نقلت الإذاعة العبرية عن تقرير سري للشرطة الإسرائيلية أن مهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق أقاموا 13 تنظيمًا إجراميًا في "إسرائيل" تنشط في مختلف المجالات، خاصة في مجالات تبييض الأموال، والابتزاز المالي، والاتجار بالنساء، والزنى، والتزييف والخداع(54).
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أسباب كثيرة لهجرة اليهود من دول آسيا الوسطى إلى "إسرائيل"، بينها عدم مراعاة السلطة لتأمين الظروف الثقافية والدينية الملائمة لليهود القاطنين في هذه المنطقة، وإضافة إلى ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المتأزمة، ومستوى المعيشة المتدني، حيث لا يتجاوز معدل الراتب الشهري في المنطقة 90 دولارًا(55).
وبعد تزايد النشاط الإسرائيلي في آسيا الوسطى تغيرت الاستراتيجية الإسرائيلية من استقدامهم، أي اليهود الذي يرغبون في الهجرة إلى "إسرائيل" إلى تشجيعهم على البقاء في دولهم، وتشكيل لوبيات للتأثير في صنع القرار في دول آسيا الوسطى.
وفعلاً بدأت "إسرائيل" عملية منظمة للإشراف على هذه اللوبيات، وخاصة عن طريق أحد أجهزتها السرية، "الموساد" الإسرائيلي، الذي أدى دورًا مهمًا داخلها منذ العهد السوفيتي، من خلال جهاز خاص يتبع لرئاسة الوزراء الإسرائيلية مباشرة يدعى جهاز "الفافيت"، وهو الجهاز المسؤول عن تنظيم الجاليات اليهودية في المنطقة، وتهجير المطلوب هجرتهم من بين أفرادها، وتوظيف البعض منهم لصالح أجندتها السياسية والاستخباراتية(56). ويعتبر هذا الجهاز ذراعًا قوية للتغلغل الإسرائيلي في هذه الدول، ثم لم تبخل "إسرائيل" أن توظف جالياتها اليهودية في المنطقة، باعتبارها أدوات لتسهيل السيطرة الأمريكية، وفتح الأبواب أمامها، والضغط على الحكومات المحلية إذا تلكأت في ذلك(57).
ج- القدرات والخبرات التقنية النووية: ورثت دول آسيا الوسطى قدرات وخبرات نووية عالية الكفاءة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد أثارت الدول الغربية ضجة كبيرة حول احتمالات حصول بلدان عربية على السلاح النووي عام 2002 من إحدى الجمهوريات التي استقلت عن الكتلة الشرقية، وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" إلى اختراق تلك الجمهوريات الحديثة الاستقلال؛ لمحاصرة أي علاقات وثيقة بينها وبين البلدان العربية، ومنع أي احتمالات للتعاون في المجال النووي من هذه الدول، خشية من انتقال الخبرات النووية إلى العالم الإسلامي والوطن العربي(58).
وقد اشترت شركة "سابينون ليمتد"، وهي أحد فروع شركة "أفريطا – إسرائيل إنفيستمنت" الإسرائيلية القابضة، مجمع تسيليفا للتعدين والكيمياء في كازاخستان بكل موجوداته، وهو أحد أكبر مجمعات معالجة اليورانيوم، ويبلغ إنتاجه نحو 1560-1800 طن سنويًا(59).
وقد اشترت الشركة الإسرائيلية المجمع الكازاخي الضخم بكل موجوداته بمبلغ ثلاثمئة وثلاثة عشر ألفًا وستمئة دولار، مع التزام الشركة بدفع أجور العاملين المتأخرة، بما يعادل مليونين وثلاثمئة وخمسين ألف دولار. وقد كلفت الصفقة كلها "إسرائيل" ما يعادل مليونين وستمئة وثلاثة وستين ألف دولار (60).
2- العوامل الإقليمية:
أ- الموقف العربي: يتصارع رأيان مختلفان حول طبيعة الموقف العربي من دول آسيا الوسطى: الأول يقلل من فاعلية هذا الدور لاعتبارات عديدة، فبالرغم من أن رئيس أوزبكستان كان أول من زار البلدان العربية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق للبحث في إمكانية إقامة تعاون اقتصادي بينها وبين هذه الدول، وإمكانية الاستثمارات العربية فيها، إلا أنه لم يجد استجابة عربية لمتطلبات بلاده، كما أن التعاطف العربي مع النخب الدينية الإسلامية المعارضة جعل النخبة الحاكمة الأوزبكية، على سبيل المثال لا الحصر، تتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل"، ذلك لأن النخبة الحاكمة الأوزبكية اقتنعت بمحدودية المصالح المشتركة بين دولها والوطن العربي، كما أنها رأت في المساعدات العربية الرامية إلى رفع الوعي الديني محاولة عربية للتدخل في الصراع السياسي القائم لصالح الجماعات الدينية المعارضة، الأمر الذي يضعف موقفها الداخلي. ومن ثم، فقد كان لهذه المساعدات العربية غير القائمة على معرفة دقيقة بالأوضاع السياسية في هذه الدول أثر سلبي في علاقات هذه الدول بالبلدان العربية(61).
وترى بعض الدراسات أن سبب عزوف دول آسيا الوسطى عن التوجه إلى الجانب العربي، هو تحول منطقة بحر قزوين (إذ تقع بعض شواطئ هذه الدول على هذا البحر)، بفعل ثرواتها الضخمة من النفط والغاز، إلى مركز استقطاب لصراعات بين قوى متعددة، إقليمية ودولية(62).
أما الرأي الثاني: فإنه يشدد على فاعلية الدور العربي في دول آسيا الوسطى، وخاصة الدور السعودي والمصري، الذي يرتبط بالضغوط الأمريكية والغربية لتوظيف هذا الدور لصالحهما، وخاصة خدمة الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة. ولعل جمهور العربية السعودية ومصر يهدف إلى محاصرة النفوذ الإيراني، وخلق فجوة سياسية وفكرية وعقائدية بين هذه الدول وإيران، مستغلة في ذلك بعض مضامين الإسلام، كاللغة العربية ومدى قداستها بين أبناء الشعوب المسلمة، وأن الإسلام جاء من العرب، وبشر به العرب، والعرب أقدر على فهمه من غيرهم، وأن ما تقوم به طهران، وفق رأيهما، لا يهدف سوى إلى إثارة المشاكل، وأن طهران تعيش في أزمة علاقات مع العالم، ولا يمكن الاطمئنان إلى توجهاتها، وأنها على علاقة وثيقة بل وداعمة للتيار الأصولي الذي يؤمن بالعنف، إضافة إلى تورطها في تأييد منظمات وأعمال تدخل في نطاق التدخل في الشؤون الداخلية لدول آسيا الوسطى(63).
ويمكن استعراض الدور السعودي والمصري في دول آسيا الوسطى بالتالي:
الدور السعودي: حاولت العربية السعودية التحرك في دول آسيا الوسطى من خلال الوسائل التالية(64):
تولي العربية السعودية عناية كبيرة لبناء المساجد والمدارس، وتخريج الوعاظ.
توزيع القرآن الكريم.
قبول الشباب للدراسة في الجامعات السعودية ليتخرجوا أئمة مساجد.
الدور المصري: لم تكن مصر بعيدة عن دول آسيا الوسطى، حيث سعت إلى توطيد علاقاتها من خلال عدة اتجاهات(65):
إبرام الاتفاقيات الثقافية والتجارية معها.
استقبال مصر وجامعة الأزهر مئات الطلاب المسلمين الذين كانوا يتوافدون لدراسة العلوم الإسلامية في جامعاتها.
سعي مصر إلى أن تكون دول آسيا الوسطى سوقًا جديدًا لتصريف منتجاتها.
ب- الموقف الإيراني:
(1) الوسائل السياسية(66):
بادرت إيران إلى افتتاح سفارات لها في الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى لتواكب عملية بناء العلاقات السياسية والاقتصادية المتصاعدة بين الطرفين.
تمت زيارات رسمية لرؤساء ووزراء من الطرفين، وأجريت محادثات مشتركة بصدد العديد من القضايا التي تهم الأطراف جميعًا.
وتؤشر بعض الدراسات إلى عوامل التقارب بين إيران وبعض دول آسيا الوسطى، ومنها كازاخستان، وخاصة في المجال السياسي، لعل من أبرزها(67):
يمثل الوجود العسكري الأمريكي في دول آسيا الوسطى وبحر قزوين هاجسًا أساسيًا لكل من إيران وكازاخستان، حيث يؤثر مباشرة في استقرارهما الأمني والاقتصادي، خصوصًا في ضوء التوجه الأمريكي لتغيير مسارات خطوط أنابيب الطاقة إلى بدائل أخرى، رغم أنها ليست البدائل الأفضل اقتصاديًا.
توقيع إيران وكازاخستان عددًا من اتفاقيات التعاون المشترك فيما بينهما في مختلف المجالات.
إلا أن الدراسات السابقة نفسها تحاول التقليل من عوامل التقارب الواردة سلفًا بين إيران وكازاخستان بفعل وجود موضوعات وقضايا مهمة تذكي روح المنافسة بينهما، حيث تتركز في قضيتين أساسيتين(68): أولاهما، تحديد النظام القانوني لتقسيم ثروات بحر قزوين الذي تطل عليه خمس دول، هي: كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان وإيران وروسيا، حيث تعقدت عقب انهيار الاتحاد السوفيتي الأمور كثيرًا بين إيران وكازاخستان المتشاطئتين، نتيجة الخلاف حول تقسيم ثروات بحر قزوين، حيث ترى إيران أن تقسيم ثروات البحر يجب أن تكون وفقًا لموقع الدول المطلة عليه، وهي الدول الإسلامية الأربع: كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان وإيران، بالإضافة إلى روسيا.
أما كازاخستان، فتقترح تقسيم ثروات البحر بطريقة المشاع، ونظرًا إلى هذا الاختلاف حول النظام القانوني لتقسيم ثروات بحر قزوين، فقد تهيأ المجال لتغلغل النفوذ الأمريكي إلى المنطقة، مما أدى إلى مزيد من حالة التنافسية وعدم الاستقرار، باعتباره نتيجة طبيعية لاختلاف المصالح السياسية والاقتصادية. وثانيتهما، المشروعات المستقبلية لخطوط نقل الطاقة (النفط والغاز الطبيعي).
(2) الوسائل الاقتصادية(69):
توسيع التبادل التجاري بين إيران ودول آسيا الوسطى.
تصدير المواد الزراعية والمنتجات الصناعية، وبشروط ميسرة تلائم اقتصاديات دول آسيا الوسطى التي ما زالت تعاني متاعب وصعوبات جمة.
افتتاح مصارف إيرانية في دول آسيا الوسطى قادرة على تأمين الاعتمادات اللازمة لعمليات الاستيراد والتصدير.
(3) الوسائل الثقافية(70):
نشر الكتاب الإسلامي الذي يصدر عن دور نشر إيرانية.
تأسيس المساجد والمراكز الدينية.
إرسال كفاءات وخبرات في المجالين الديني والثقافي.
ج- الموقف التركي: سخرت "إسرائيل" علاقاتها مع تركيا لصالح تسهيل عملية تغلغلها في دول آسيا الوسطى، وتأمل "إسرائيل" في أن تفتح تركيا الطريق أمامها إلى هذه الدول، مقابل فتح الطريق التركي للولوج في أحداث منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بالذات(71).
وجدير بالذكر، أن هناك علاقات مشتركة بين تركيا ودول آسيا الوسطى، فأغلب شعوب هذه الدول يتحدث بالتركية، أو لهجة متفرعة عنها، عدا طاجيكستان التي تتحدث الفارسية. كما أن المنطقة تعرضت للتتريك منذ القرن الثاني عشر حتى عرفت بـ "تركستان"، وبقيت تربطها بها علاقات قوية حتى انهيار الإمبراطورية العثمانية. وتبعًا لذلك، فإن هذه السمات المشتركة هي التي تدفع التيار القومي في تركيا إلى ضرورة تمتين "الدائرة الثقافية التركية"، وإحياء الأمجاد الماضية لتركستان، التي يجب أن تقودها تركيا باعتبارها الوريث الحضاري والثقافي لها(72).
وترى بعض الدراسات أن سبب اندفاع تركيا نحو دول آسيا الوسطى هو إرساء قواعد نظام إقليمي في آسيا الوسطى وبلاد القوقاز تحت زعامتها وقيادتها، بحكم خبرتها، وتجاربها الطويلة، ونفوذها السياسي، وموقعها الجغرافي، وثقلها الدولي، باعتبار أنها عضو في حلف الأطلسي، وهي قادرة على إعطاء قدوة لهذه الدول الوليدة، وخاصة في مجالات الثقافة والنظام السياسي والتنمية الاقتصادية(73).
وقد اتبعت تركيا استراتيجية عملية للتحرك نحو دول آسيا الوسطى لتمتين العلاقات معها، وتتمثل في (74):
تقديم تركيا المساعدات الاقتصادية المحدودة.
زيادة حجم الاستثمار المالي التركي في دول آسيا الوسطى.
أرسلت تركيا آلاف الخبراء والفنيين للعمل في شتى حقول النشاطات الاقتصادية والفنية والبضائع ومحطات الطاقة والإدارة.
عقدت تركيا اتفاقات عديدة مع دول آسيا الوسطى لتنفيذ مشاريع تنموية من قبل الشركات التركية، وهي تهدف إلى تشغيل آلاف الأيدي العاملة، وتقليل نسبة البطالة المتفشية فيها.
3- العوامل الدولية:
تحتل منطقة آسيا الوسطى أهمية بالغة بالنسبة إلى القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية للأسباب التالية(75):
ضمان عدم عودة الدول المستقلة إلى مجال النفوذ الروسي.
عدم ارتهان ثروات هذه المنطقة للهيمنة الروسية.
الحيلولة دون مد النفوذ الصيني من الشرق، والنفوذ الإيراني من الجنوب إلى المنطقة.
ونتيجة لوقوع شواطئ بعض دول آسيا الوسطى على بحر قزوين، فإن التطلعات الاستراتيجية الأمريكية تهتم بهذه المنطقة نتيجة للعوامل التالية(76):
الحيلولة دون هيمنة روسية على النفط توفر لروسيا أموالاً طائلة تمكنها من تطوير صناعتها النفطية الخاصة.
الحيلولة دون تحول روسيا إلى مزود رئيس مباشر بالنفط بالنسبة إلى أوروبا.
ضمان تدفق نفط بحر قزوين إلى العالم من خلال يد أمريكية.
تخفيض أسعار النفط إلى حد لا يضر بمصالح الشركات الدولية.
إيجاد التوازن بين منطقة بحر قزوين ومنطقة الخليج العربي، بحيث لا تعود منطقة الخليج تتمتع بالمزايا الاستراتيجية الراهنة.
وترى بعض الدراسات أن من الأسباب التي حفزت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم التغلغل الإسرائيلي في دول آسيا الوسطى، ما يعود إلى تطويرها فكرة ومشروع "الاستقلال" منذ أواخر السبعينيات من القرن المنصرم، لإيقاف الاعتماد على نفط منطقة الخليج العربي، ومحاولة إيجاد بدائل أو مصادر طاقوية أخرى(77).
وإضافة إلى ما ذكر، فإن المصالح الأمريكية والإسرائيلية تلتقي حول استراتيجية واحدة، مفادها تحييد دور إيران في دول آسيا الوسطى، خشية من التقارب بين إيران والشعوب المسلمة في هذه الدول، ومخافة أن يؤدي ذلك إلى نمو التيار الإسلامي "الأصولي" بتأثير التمدد الثقافي والسياسي في تقوية هذا التيار في كل المنطقة، أي من آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط، إلى شمالي إفريقيا، وتهدف استراتيجية واشنطن إلى احتواء هذه الخطر قبل اتساعه وفقدان السيطرة عليه، لأن نمو التيار الإسلامي الثوري سيرسخ الحقيقة القائلة: إن الجولة الحضارية القادمة ستكون بين الإسلام والأيديولوجيا الغربية(78).
وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تضفي الطابع الأمريكي على استراتيجيتها تجاه دول آسيا الوسطى، وكما حدد ذلك نائب وزير الخارجية الأمريكية السابق، ستروب تالبون، في خطاب له ضمن أنشطة مركز آسيا الوسطى والقوقاز، حيث أشار إلى أن الاستراتيجية الأمريكية للدخول في المنطقة، أو اختراقها، أو الهيمنة عليها تقوم على الأسس التالية(79):
تطوير الديمقراطية.
خلق اقتصاد السوق الحرة.
احتضان السلم والتعاون بين دول المنطقة.
إدماج دول المنطقة في منظومة المجتمع الدولي.
وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إقامة حكومات قريبة لواشنطن ومتحالفة معها على أقل تقدير في منظومة دول آسيا الوسطى، وهذه المتغيرات تلاقت مع توجهات النخب الحاكمة، وخاصة في جمهورية أوزبكستان التي حاولت بناء علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" للأسباب التالية(80):
خوض إسلام كريموف، رئيس أوزبكستان، حربًا بلا هوادة ضد الأصولية الإسلامية في بلاده وفي منطقة آسيا الوسطى، وأنه أبدى استعدادًا للتعاون في مكافحة ما يسمى "الإرهاب الدولي" مع الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل".
اهتمام كريموف بالتعاون الاقتصادي والفني مع "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية في العديد من المجالات، ويرى أن هذا التعاون يمكن أن يساعده على تحقيق التنمية الاقتصادية.
تشجيع كريموف الجالية اليهودية على إحياء دورها في أوزبكستان، فضلاً عن تشجيعه نشاط الوكالة اليهودية، وإعادة بناء المعابد اليهودية.
زيادة كريموف عدد المدارس الخاصة بالأطفال اليهود.
فتح كريموف أبواب الهجرة إلى "إسرائيل" أمام يهود أوزبكستان.
رابعًا: مستقبل التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى:
عند قراءة مستقبل التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى، يطفو على سطح المستقبل المنظور سيناريوهان: الأول يرجح تأثير التغلغل الإسرائيلي في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، والثاني ينفي أي تأثير للتغلغل الإسرائيلي في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، وستتم معالجتهما تباعًا.
السيناريو الأول: يؤثر التغلغل الإسرائيلي في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، ومن بين أهداف "إسرائيل" بالتضامن مع الولايات المتحدة الأمريكية من التغلغل في آسيا الوسطى، هو منع تسرب التقنية والموارد والخبرات النووية، وكذلك تقنية الصواريخ وغيرها من الأسلحة التقليدية، أو فوق التقليدية المتطورة الموروثة عن العهد السوفيتي من دول آسيا الوسطى، وخاصة كازاخستان وأوزبكستان، إلى البلدان العربية، حرصًا على احتفاظ "إسرائيل" بتفوقها العسكري النوعي(81).
ولاشك في أن هذا المتغير سيؤثر في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، حيث ستميل الأخيرة إلى تسخير خبراتها لـ"إسرائيل" أكثر من العرب، ولاسيما أن "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية عملا على استخدام وسائل الترغيب تجاه دول آسيا الوسطى، ومن ضمنها دعمها بالمساعدات الاقتصادية، ولاسيما أن هذه الدول ورثت هياكل اقتصادية ضعيفة من النظم الشمولية، ولا توجد حركة اقتصادية تساعدها على مجابهة التحديات الاقتصادية بعد عقد التسعينيات من القرن المنصرم، وأبرزها عولمة الاقتصاد، واتباع نهج اقتصاد السوق والخصخصة.
وتبعًا لذلك، تسعى "إسرائيل" إلى إطباق العزلة على البلدان العربية، ومنعها من الدخول في النادي النووي، بالرغم من الفرصة التاريخية التي توفرت لها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، من خلال توفر الخبرات النووية والقدرات في هذا المجال في دول آسيا الوسطى، التي قد تساعد على انتقال هذه إلى البلدان العربية، من أجل تطوير قدراتها وخبراتها النووية للموازنة مع قدرات "إسرائيل" النووية، أو تطوير الأمر إلى امتلاك هذه القدرات، لفرض عامل الردع النووي تجاه "إسرائيل"؛ للتخفيف من حدة التلويح بقدراتها النووية، وترهيب العرب بها.
ومن بين الأهداف التي تسعى "إسرائيل" إلى تحقيقها جراء تطوير علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، ضم هذه الدول بالتدريج إلى منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها عنصرًا جديدًا مهمًا للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي (الشرق الأوسط الجديد أو الكبير)، وتبذل "إسرائيل" كل ما بوسعها من أجل دخول هذه الدول إلى الشرق الأوسط، وفقًا للشروط التي تعكس مصالحها. ومن هذه الشروط بقاء هذه الدول علمانية، الأمر الذي من شأنه تقليص دور الدول الإسلامية. وإذا دخلت هذه الدول الشرق الأوسط الأوسع على أساس هذه الشروط سيتغير ميزان القوى في المنطقة لصالح "إسرائيل". أما أداة تحقيق هذا الهدف، فهي إثارة قلق آسيا الوسطى بخطر الجماعات الأصولية، أو بتوهم هذا الخطر (82).
ويبدو أن وجود دول آسيا الوسطى في أي منظمة إقليمية جديدة تحت لواء الشرق الأوسط الجديد، برعاية أمريكية وإسرائيلية، سيكون عبئًا على العرب، واختلالاً واضحًا في موازين القوى، لأن دول آسيا الوسطى ستكون مجندة لصالح الاستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة بفعل العلاقات الوظيفية معها، مما سيرتب ضغوطًا جديدة على السياسات العربية في مواجهة السياسة الإسرائيلية بالتوافق مع الدول الآسيوية المنضمة إلى الشرق الأوسط الجديد.
ويرى بعض الخبراء أن من الآثار الاستراتيجية في العلاقات الإسرائيلية مع دول آسيا الوسطى هو توظيف هذه الدول-التي تنتهج نهجًا علمانيًا-في مواجهة الإسلام والمسلمين؛ للتصدي للتأثير الإيراني، ومنع إيران من تحقيق هدف فرض النفوذ من خلفية إسلامية في تركيا، وتسعى من خلال التعاون مع حكومة أنقرة إلى أن تكون لها مجسات في منطقة متاخمة للحدود السورية – العراقية(83).
ويبدو أن من النتائج المتوقعة جراء ذلك حدوث اختلالات أمنية في المنطقة، جراء أي عملية مواجهة سياسية واقتصادية بين دول آسيا الوسطى المؤيدة لـ "إسرائيل" وإيران، ولاسيما بعد تواجدها في المنطقة بشكل فعلي في المستقبل المنظور, وهي ستؤثر بالتأكيد في مسلمات الأمن القومي العربي، وستؤثر في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، لاستهجان العرب لأي صراع إرادات في المنطقة هي في غنى عنها، ولاسيما إذا كان الطرف فيها دول آسيا الوسطى.
ويبدو أن "إسرائيل" دفعت بخبراتها الاقتصادية لتقدمها إلى دول آسيا الوسطى لتشكل معها علاقات هيكلية، خاصة في المجال الزراعي والتجاري. فضلاً على ذلك، تسعى "إسرائيل" إلى استخدام أسواق هذه الدول لصالحها لترويج البضائع الإسرائيلية، وتحجيم أي وجود اقتصادي عربي داخل هذه الدول.
وتأسيسًا على ذلك، فإن هذه التوجهات الإسرائيلية ستؤثر في أي اندفاع اقتصادي عربي داخل هذه الدول، ولا سيما أنها يمكن أن تكون ساحة مفتوحة أمام البضائع العربية، ناهيك عن أن هذه الدول يمكن أن تُزج بها العمالة العربية بشكل واسع، مع إمكانية وجود المستثمرين العرب هناك لخلق وشائج اقتصادية معها، إلا أن "إسرائيل" تحاول بأي شكل من الأشكال إثبات حضورها الاقتصادي، ومحاولة اعتماد هذه الدول على خبراتها، لينتفي التفكير في أي مجال للتعاون مع الأطراف الأخرى، ومنها الأطراف العربية.
السيناريو الثاني: لا يؤثر التغلغل الإسرائيلي في العلاقات بين العرب ودول آسيا الوسطى، وإن إمكانية نمو هذا السيناريو غير مستحيلة، ولاسيما إذا كانت هناك إرادة عربية جادة للتواجد في دول آسيا الوسطى، إذ بدأت البلدان العربية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بإقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدول، واستقبلت كبار المسئولين منها، حيث كان إسلام كريموف، رئيس أوزبكستان، أول رئيس دولة من هذه الدول يقوم بزيارة إلى البلدان العربية للبحث في إمكانية التعاون معها في مجالات الاستثمار والتنمية الاقتصادية المختلفة، كما قامت بعثات حكومية عربية تضم وزراء ورجال أعمال بزيارة هذه الدول، بما فيها أوزبكستان، باستطلاع الأوضاع الجديدة في هذه الدول، بما يُمكّنها من إرساء العلاقات معها على أسس سليمة، إلا أن التحرك العربي اللاحق اقتصر على الجانب الديني والثقافي فقط، دون أن يمتد إلى الجانب الاقتصادي، الذي كانت له أولوية خاصة لدى الدول بحكم الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تواجهها(84).
ويمكن للعرب أن يكون لهم حضور فاعل في دول آسيا الوسطى إذا ساروا وفق استراتيجية محكمة لتفعيل علاقاتهم مع هذه الدول، وتنشيط الجوانب السياسية والاقتصادية، وجعل الطرفين يستفيد أحدهما من الآخر بمصالح متبادلة، مما سيعطي طابعًا متميزًا لعلاقتهما، وإمكانية تحييد الوجود الإسرائيلي فيها، لأن هذه الدول تأمل من البلدان العربية في أن تكون لها معينًا وعاملاً مساعدًا للوقوف على أقدامها، بعد أن خرجت من عنق الكتلة الاشتراكية، وهي محملة بالمشاكل الاقتصادية التي تأمل أن يساعدها الآخرون لجعلها تتأقلم مع التطورات الدولية الجديدة، وخاصة في المجال الاقتصادي، ولا سيما السير في طريق الاندماج مع عمليات إضفاء طابع اقتصاد السوق. وهنا يمكن للبلدان العربية أن يكون لها شأن في هذا المجال إذا أحسنت في تقديم خبراتها في المجالات الزراعية والتجارية والاقتصادية لهذه الدول لتطوير خدماتها، ووظائفها الاقتصادية، ناهيك عن إمكانية التعاون مع هذه الدول في المجال النفطي، والاستفادة من الخبرات العربية في هذا المجال، مع وجود ثروة نفطية هائلة في دولها، فضلاً على ذلك، يمكن للبلدان العربية أن توظف العامل الديني والثقافي في مجال تمتين العلاقات مع هذه الدول، إذ يمكن أن تكون البلدان العربية حاضرة في هذا الإطار داخل الجمهوريات الإسلامية لتكون عونًا لها على فهم الإسلام بصورة صحيحة، وتسهيل توافد الوفود من هذه الدول إلى الأماكن المقدسة في البلدان العربية، وخاصة في العربية السعودية والعراق، إذ قد يكون هذا التواصل من شأنه خلق وشائج بين الشعوب يمكن أن تؤثر في صيرورة العلاقات بين دول آسيا الوسطى والعرب.
ويمكن للعرب أن يستفيدوا من الخبرات والقدرات النووية داخل هذه الدول من خلال تفعيل التعاون النووي بين الطرفين، وإمكانية ربطه بالتعاون النفطي، إذ يمكن لهذه الدول أن تمنح البلدان العربية خبراتها وقدراتها النووية، في مقابل تقديم العرب لخبراتهم وإرسال خبرائهم إلى تلك الدول، لتحسين واستثمار الثروة النفطية، وتطوير عمليات التنقيب، وبناء المصافي، وتكرير النفط، ومد خطوط لنقل النفط، وتدريب طاقاتهم البشرية داخل المؤسسات النفطية العربية، حيث يمكن أن ينتج في النهاية حزمة من العلاقات يمكن أن تحد من التغلغل الإسرائيلي داخل تلك الدول.
خاتمة:
لقد وصل التغلغل الإسرائيلي في آسيا الوسطى إلى مستوى بدأ يهدد العلاقات بين تلك الدول والعرب، لأن الجهد الإسرائيلي في تحركه داخل تلك الدول لا يخرج من أهدافه: تقليل أو تحجيم الدور العربي في آسيا الوسطى، من خلال استخدام مختلف الوسائل السياسية، والاقتصادية، والاستخبارية، لتسهيل عملية مد النفوذ الإسرائيلي هناك.
وقد لا يتفق أكثر الخبراء والمحللين مع القول الذي يشير إلى أن فرصة العرب داخل آسيا الوسطى قد سحبتها "إسرائيل" من تحت أقدامهم، لأن بمقدور الجانب العربي أن يكون فاعلاً داخل تلك الدول، ليس بالتصريحات والتمنيات الشخصية، بل عبر وضع استراتيجية عمل حقيقية لتنظيم العلاقات مع دول آسيا الوسطى، حيث إن هناك الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، يمكن أن يبحثها العرب مع تلك الدول، وتأسيس آليات عمل مشتركة للتعاون فيما بينهما، والأمر يحتاج إلى نوع من الجدية والعمل المثابر، لأن الزمن يجري و"إسرائيل" تمضي في مخططها للنفاذ إلى داخل تلك الدول، ومنع أي أطراف أخرى، ومنها العربية، من أخذ زمام المبادرة، بدلاً منها، في الاستثمار الاقتصادي، والاستفادة من ثروات تلك الدول لصالحها.
ويبدو أن تنمية الوجود العربي في آسيا الوسطى ليس بالأمر السهل؛ لأن ذلك يحتاج إلى تضافر كل الجهود العربية، وتعاون كل المؤسسات والتجمعات العربية، ومن ضمنها جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومراكز البحوث، والجامعات، والمؤسسات الحكومية العربية، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها.
الكل يجب أن يوظفوا جهودهم لتطوير العلاقة مع هذه الدول، لأن تفويت الفرصة على أي طرف آخر هو لصالح العرب، ولا سيما إذا أحسنوا من تحركاتهم لتوظيف هذه الدول باتجاه خدمة القضايا العربية، ومنها القضية الفلسطينية، ومعادلة التوازن في القدرات النووية مع "إسرائيل" في إطار الصراع العربي – الإٍسرائيلي.
الهوامش:
(1) سعيد السبكي، وجراهام دولك، خبير الشؤون الآسيوية في هولندا: "إسرائيل" جندي تسهيلات لأمريكا في آسيا الوسطى، البيان (الإمارات)، 25/1/2002م.
(2) بيسان عدوان، النزاع الإسرائيلي – الإيراني في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، مختارات إيرانية، العدد 56، (آذار/مارس 2005).
(3) نوار القيسي، الغياب العربي – الإسلامي عن الساحة الآسيوية فتح الباب على مصراعيه: الاستراتيجية أمريكية، والتنفيذ صهيوني، والمصلحة مشتركة، البيان، 25/1/2002م.
(4) عدوان، المصدر نفسه.
(5) محمد فراج أبو النور، آسيا الوسطى – منطقة جديدة للصراع والتوغل الصهيوني، البيان، 25/1/2002م.
(6) عدوان، المصدر نفسه.
(7) أبو النور، المصدر نفسه.
(8) محمد أحمد يوسف، الكتلة الأكثر إثارة في التوازنات الجديدة.. دولة الكيان الصهيوني تتسلل إلى عمق آسيا الوسطى من الباب الخلفي، البيان، 25/1/2002م.
(9) النفط والجيوستراتيجية المعاصرة، مجلة علوم البيئة والطاقة، (28 حزيران/يونيو 2006م).
(10) المصدر نفسه.
(11) نظام مارديني، خط النفط جيهان – تبليسي – باكو – إسرائيل تحميه وإيران تهدده"، الحياة، 26/9/2006م، ص15.
(12) عدوان، النزاع الإسرائيلي – الإيراني في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
(13) المصدر نفسه.
(14) هويدا سعيد، حقائق وأرقام.. آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية، البيان، 25/1/2002م.
(15) المصدر نفسه.
(16) المصدر نفسه.
(17) جعفر عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي، الفكر الجديد، (5 آذار/مارس 1993م).
(18) خالد إبراهيم بعباع، إسرائيل والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، الدستور (عمان)، 4/4/2005م.
(19) نيازي صفر، طاجيكستان – المسلمون يواجهون خطر الاحتواء"، <http://www.darislam.com>
(20) مصطفى الطحان، "المنسيون" ورد في: <http://www.islamtoday.net>
and <http://www.altareekh.com>
.
(21) القيسي، الغياب العربي – الإسلامي عن الساحة الآسيوية فتح الباب على مصراعيه: الاستراتيجية أمريكية، والتنفيذ صهيوني، والمصلحة مشتركة.
(22) بعباع، إسرائيل والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى.
(23) ليوند سيوكيانين، تغلغل سياسي اقتصادي وأدوار مشبوهة للدولة الصهيونية الشريك الأصغر لأمريكا في آسيا الوسطى، البيان، 25/1/2002م.
(24) شمعون بيريز يشارك في قمة دول آسيا الوسطى بكازاخستان، وكالة الأنباء القطرية، 16/6/2006م.
(25) عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي.
(26) بعباع، إسرائيل والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى.
(27) المصدر نفسه.
(28) القيسي، الغياب العربي – الإسلامي عن الساحة الآسيوية فتح الباب على مصراعيه: الاستراتيجية أمريكية، والتنفيذ صهيوني، والمصلحة مشتركة".
(29) بعباع، المصدر نفسه.
(30) المصدر نفسه.
(31) سيوكيانين، تغلغل سياسي اقتصادي وأدوار مشبوهة للدولة الصهيونية الشريك الأصغر لأمريكا في آسيا الوسطى.
(32) عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي.
(33) القيسي، الغياب العربي – الإسلامي عن الساحة الآسيوية فتح الباب على مصراعيه: الاستراتيجية أمريكية، والتنفيذ صهيوني، والمصلحة مشتركة.
(34) بعباع، إسرائيل والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى.
(35) سعيد، حقائق وأرقام: آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية.
(36) بعباع، المصدر نفسه.
(37) وليد خدوري، الأبعاد النفطية في العلاقات الخليجية – الأمريكية، شبكة البصرة، 14/2/2005م.
(38) محمد سعد أبو عامود، في ظل أخطاء السياسة العربية والتحولات الاستراتيجية.. أمريكا ودولة الكيان وسيناريوهات المصالح المشتركة في آسيا، البيان، 25/1/2002م.
(39) سعيد، حقائق وأرقام.. آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية.
(40) صفر، طاجيكستان – المسلمون يواجهون خطر الاحتواء.
(41) المصدر نفسه.
(42) سعيد، المصدر نفسه.
(43) عدوان، النزاع الإسرائيلي – الإيراني في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
(44) ممدوح الشيخ، مخططات غربية صهيونية: حضور الكيان الصهيوني في آسيا الوسطى ليس المشكلة بل غيابنا، البيان، 25/1/2002م.
(45) سعيد، حقائق وأرقام.. آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية.
(46) المصدر نفسه.
(47) عبد الوهاب المسيري، هجرة اليهود السوفيت.. منهج في الرصد وتحليل المعلومات، كتاب الهلال 48 (القاهرة، دار الهلال، 1990)، ص149.
(48) سيوكيانين، تغلغل سياسي اقتصادي وأدوار مشبوهة للدولة الصهيونية الشريك الأصغر لأمريكا في آسيا الوسطى.
(49) نبيل السهلي، إسرائيل وحصاد عام 2004، نشرة الملف، العدد 156، ورد في شبكة المشكاة الإسلامية.
(50) تراجع جديد للهجرة في إسرائيل خلال عام 2003، معهد الشرق العربي (لندن)، <http://www.thisissyria.net>
.
(51) السهلي، المصدر نفسه.
(52) محمد إسماعيل، الهجرة اليهودية في تراجع مستمر، مركز العودة الفلسطيني (لندن)، النشرة الرقم 148، (نيسان/إبريل 2004).
(53) علي بدوان، الدولة الصهيونية بعد 58 سنة من قيامها، الوطن (الدوحة)، 7/5/2006م.
(54) نقلاً عن: الإذاعة العبرية (نيسان/أبريل 2006)، إنصات شخصي.
(55) سيوكيانين، تغلغل سياسي اقتصادي وأدوار مشبوهة للدولة الصهيونية الشريك الأصغر لأمريكا في آسيا الوسطى.
(56) أبو النور، آسيا الوسطى – منطقة جديدة للصراع والتوغل الصهيوني.
(57) المصدر نفسه.
(58) عبد الله حمودة، افتراضات، الوطن، 9/9/2002م، والطحان، "المنسيون".
(59) سعيد، حقائق وأرقام: آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية.
(60) المصدر نفسه.
(61) أبو عامود، في ظل أخطاء السياسة العربية والتحولات الاستراتيجية.. أمريكا ودولة الكيان وسيناريوهات المصالح المشتركة في آسيا.
(62) المصدر نفسه.
(63) عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي.
(64) المصدر نفسه.
(65) المصدر نفسه.
(66) المصدر نفسه.
(67) حسين صوفي محمد، إيران وكازاخستان.. محددات التقارب، مختارات إيرانية، العدد 69 (نيسان/إبريل 2006).
(68) المصدر نفسه.
(69) عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي.
(70) المصدر نفسه.
(71) صفر، طاجيكستان – المسلمون يواجهون خطر الاحتواء.
(72) عبد الرزاق، المصدر نفسه.
(73) المصدر نفسه.
(74) المصدر نفسه.
(75) النفط والجيوستراتيجية المعاصرة.
(76) المصدر نفسه.
(77) خدوري، الأبعاد النفطية في العلاقات الخليجية – الأمريكية.
(78) عبد الرزاق، الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والاستقطاب الدولي.
(79) سعيد، حقائق وأرقام.. آسيا الوسطى والقوقاز تشابك الثروات والأعراق والمصالح الدولية.
(80) أبو عامود، في ظل أخطاء السياسة العربية والتحولات الاستراتيجية.. أمريكا ودولة الكيان وسيناريوهات المصالح المشتركة في آسيا.
(81) أبو النور، آسيا الوسطى – منطقة جديدة للصراع والتوغل الصهيوني.
(82) سيوكيانين، تغلغل سياسي اقتصادي وأدوار مشبوهة للدولة الصهيونية الشريك الأصغر لأمريكا في آسيا الوسطى.
(83) السبكي، وجراهام دولك، خبير الشؤون الآسيوية في هولندا، "إسرائيل" جندي تسهيلات لأمريكا في آسيا الوسطى.
(84) أبو عامود، في ظل أخطاء السياسة العربية والتحولات الاستراتيجية: أمريكا ودولة الكيان وسيناريوهات المصالح المشتركة في آسيا.
9 من الزوار الآن
916818 مشتركو المجلة شكرا