Categories

الصفحة الأساسية > 3.0 الخلاصات > تجارب وثورات > الحرس الثوري والتشكيل الثائر....

4 آذار (مارس) 2016

الحرس الثوري والتشكيل الثائر....

- خلفيات الحياة السياسية في إيران

ان جزءا من مهمة اثبات صلابة الحرس الفريدة كمؤسسة ثورية – يتضمن مقارنة تركيب الحرس ونموه المبكر مع المؤسسات الأخرى التي أفرزتها الثورة، فضلا عن منافسه المؤسساتي الأساسي، أي الجيش النظامي. ومن الواجب التركيز بشكل خاص على إجراء مقارنة بين تاريخ الجيش النظامي وتاريخ الحرس الثوري. فبالنسبة للجيش النظامي، يجب تحليل جذوره التاريخية وأسباب ضعفه، مع تفسير انهياره السريع في وجه الثورة، بالرغم من تدريبه وتنظيمه وانضباطه وتسليحه. وستجرى مقارنة هذه
العناصر مع مثيلتها في الحرس الثوري، وتحليل بروزه السريع كتجمع قوي له مصالحه في النظام وتركيبته الاجتماعية ومصادره الأيدلوجية، إضافة إلى ارتباطاته مع التجمعات والمنظمات الثورية الأخرى. وتساعد مقارنة القوتين المسلحتين – الثورية وما قبل الثورية – في إبراز المزايا الفريدة للحرس
الثوري كقوة مسلحة.

كما ثظهر مقارنة الحرس مع المؤسسات الثورية الأخرى في إيران، أن الحرس كان الحصان الأساسي والرافع للواء النقاء الثوري أكثر من أية مؤسسة أخرى. ويمكن استنباط هذه النتيجة من خلال مقارنة دور الحرس – في تعزيز الثورة والدفاع عنها – بالدور الذي قامت به المؤسسات الأخرى. فقد فشلت
للحرس الثوري نفسه أحيانا. وزيادة على ذلك، فإن وضع الحرس ضمن إطار مؤسساتي أوسع نطاقا سيسهل فهم موقعه في البنية السياسية الإجمالية للجمهورية الإسلامية، إضافة إلى اندماجه في أسلوب حكم رجال الدين في إيران.

كانت القوات المسلحة النظامية في إيران، والتي يمكن إرجاع جذورها ولو بشكل ضعيف، إلى قورش الأكبر في القرن السادس قبل الميلاد"، نموذجا للمنظمة التي لم يكن لها كيان مؤسساتي بالمعنى الصحيح وذلك حتى عشية قيام الثورة الإسلامية. وعيبها الأساسي أنها كانت – خلال عهد الشاه– كيانا تابعًا وليس مستقلا ذاتيا. ولقد شدد دونالد فوت على هذه النقطة عندما بين أن الجيش الإيراني كان مجرد مطية لإبقاء الشاه في السلطة، وأن "جوهر ولانه كان يركز على الشخص وليس على المؤسسة، الأمر الذي جعل الولاء الشخصي – بحكم الدستور – يتسبب في تأخير نمو الولاء المؤسساتي والأنماط النابعة منه.

وبمعنى أوضح فإن الجيش كان جيش الشاه وليس جيش الوطن". أشار "فرحاد كاظمي" قبيل قيام الثورة الإسلامية وانهيار الجيش في وجه التمرد الشعبي الكاسح، إلى أن سيطرة الشاه التامة على الجيش، ومحاولاته تعزيز الولاء العسكري له عن طريق المكافآت المادية، وسياسته بتوزيع المهام الأمنية بين عدد من الهيئات المتنافسة، كل ذلك لم يؤد إلى تأمين الالتزام بحماية نظام الشاه في صفوف الرتب الدنيا". بينما يرى "نادر انتصاري" أن الجيش الإيراني اعتبر أداة غير شرعية للمصالح الأمريكية في إيران، وأنتكتيك الشاه بحظر الاتصال الشخصي بين قادة الجيش الكبار، بهدف منع التامرلقلب نظام حكمه، قد ساهم –على النقيض – في عجز هؤلاء القادة عن التعاون من أجل إنقاذ العرش من الثورة في أوائل عام ."1979 وهكذا، فإن فقدان كل من الاستقلال الذاتي والتماسك والتأقلم التنظيمي –
إلى جانب فقد الشرعية– كل هذا كان واضحا في جيش الشاه، وتفسر عوامل الضعف هذه لماذا انهار الجيش النظامي، ذلك الانهيار الذي كان يمكن أن يودي بحياة الكثير من أعضائه، وينهي وجوده كمؤسسة. وكان الجيش النظامي مؤسسة ضعيفة برغم تقدم عمره الزمني، وهو العامل الذي يوحي عادة بوجود تنظيم مؤسساتي عريق. ومن الممكن أن تعود نشأة الجيش الإيراني إلى قورش
الأكبر، وإلى فترات حله ثم إعادة تنظيمه على يد الساسانيين والصفويين)خاصة عباس الكبير( وشاه نادر قولي أفشار )نادر شاه( والقاجار، ثم أخيرا عائلة البهلوي".

ويمكن القول: إن العامل الذي ساهم في نهاية حكم القاجار، في أوائل هذا القرن، هو الانحلال الكامل لجيش هذه العائلة الضعيف نسبيا، وتحوله إلى وحدات قبلية وإقليمية، مما أسفر عن بقاء ثلاث قوى رئيسية منفصلة، تخضع كل منها لسيطرة إحدى القوى الأوروبية المختلفة". وهذه القوى الثلاث هي
قوات الشرطة التي أسست عام 1911 والخاضعة للنفوذ السويدي، وكتيبة رماة جنوس فارس، التي سيطرت على جنوب إيران لحساب بريطانيا منذ عام ،1916 ولواء القوزاق الفارسي، الذي أنشأته روسيا عام 1879 خلال عهد ملك القاجار نصر الدين شاه.

بسبب التوترات بين بريطانيا وروسيا في أعقاب الثورة البلشفية عام 1917 سعى البريطانيون لاكتساب نفوذ أعظم في إيران. ثم حلت بريطانيا محل روسيا كراعية للواء القوزاق، وشجعت سيد ضياء الدين طباطبائي –الموالي لها– على عزل عائلة القاجار عام ."1921 غير أن القوة الحقيقية وراء الانقلاب، ومن ثم تولى الحكم، كانت متمثلة في أحد الضباط بلواء القوزاق يُدعى رضا بهلوي، الذي أصبح وزيرا للحربية أثناء حكم طباطبائي، ثم رئيسا للوزراء عام ،123 وأخيرا أول ملوك آل بهلوي عام 1925 باسم "رضا شاه".

وبعد بروزه كزعيم لإيران، نجح رضا شاه في تركيز السلطة السياسية بيده، وذلك عن طريق حل الوحدات العسكرية المحلية والإقليمية لصالح جيش قومي جديد، قام باستخدامه لسحق المقاومة المحلية بجميع أشكالها. لقد دمج جيشه وجعله عصريا عن طريق توحيد المعدات وتشكيل هيئة أركان عامة تصدر أوامر كتابية، وأسس كليات حربية، وأرسل الضباط الشباب الأكفاء إلى فرنسا وألمانيا وروسيا لتلقي التدريب، وجعل الخدمة العسكرية إلزامية".

وزيادة على ما تقدم، أنشأ رضا شاه قوة جوية وبحرية في إيران. وأخيرا فإن رضا شاه كان قوميا إيرانيا، ولم تكن جهوده في مجال تقوية السلطة المركزية في إيران وبناء جيش قومي تهدف فقط إلى تعزيز موقعه كملك، بل لجعل إيران أقل عرضة للاستغلال من قبل القوى الأجنبية. لكنه مع ذلك لم يستطع
محمد رضا". أن يقاوم غزو الحلفاء لإيران عام 1941 مما أدى إلى تنازله عن العرش لابنه إن التطورات الحاصلة بعد الحرب العالمية الثانية جعلت الشاه الجديد يعتمد على الجيش كثيرا للحفاظ على سلطته. وبعد وقت قصير من الانسحاب السوفيتي من مقاطعتي أذربيجان وكردستان الإيرانيتين عام ،1946 أرسل الشاه قواته المسلحة لاستعادة هاتين المقاطعتين من نظاميهما الموالين للسوفييت. وفي أوائل الخمسينيات وجد الشاه نفسه في صراع على السلطة مع رئيس الوزراء القومي والمتمتع بالتأييد الشعبي، الدكتور محمد صادق، ولم ينقذ عرش الشاه سوى انقلاب الضباط الموالين له على مصدق بدعم أمريكي.

وكان الشاه قد فر إلى خارج إيران في آب / أغسطس 1953 لفترة وجيزة، عندما فشلت محاولته الأولى لعزل مصدق". وكان على الشاه – بعد عدوته للسلطة في عام 1954– أن يجتث تغلغل حزب توده الشيوعي الموالي لموسكو داخل الجيش، بعد أن كان هذا الحزب قد أفلح في اكتساب مؤيدين من
صفوف الضباط الشباب ذوي الرتب الدنيا والمنتمين إلى الطبقة الوسطى". وفي عام 1963 واجه الشاه أعمال شغب جماهيرية قادها تحالف يضم القوميين الإيرانيين ورجال الدين، احتجاجا على برنامج الشاه للإصلاح الزراعي، ومنحه استثناء لأفراد القوات الأمريكية في إيران من الخضوع للقانون الإيراني. ولقد شهدت الانتفاضة، التي قضى عليها الجيش، بروز نجم آية الله روح الله الخميني، الذي كان أستاذا في أحد أهم المعاهد الدينية الإسلامية في مدينة قم، قبيل نفيه إلى العراق". وهناك احتمال بانضمام
بعض المجموعات الموالية لمصدق إلى التحالف الإسلامي الثوري، بعد انتفاضة 1963 التي مثلت بداية الثورة الإسلامية، وأدت إلى إسقاط الشاه بعد15 سنة من ذلك الحين[.وجريا على عادته في الاعتماد على القوات المسلحة للمحافظة على حكمه، فإن الشاه كان يوسع حجمها ومصادرها المادية باستمرار. وقد توافقت سياسة الشاه في تعزيز القوات المسلحة مع جهود الولايات المتحدة لدعم الشارع كراع للمصالح الأمريكية في الخليج العربي. فمثلا، ازداد حجم القوات المسلحة بنسبة 11% سنويا خلال الفترة 1976 –1972 )من 191 ألف إلى 300 ألف جندي( ." وزيادة على ذلك ارتفعت نسبة الإنفاق العسكري في الميزانية العامة من حوالي %26 عام 1964 إلى ما يفوق %30 عام ."1972 ومن الناحية النوعية، فإن الولايات المتحدة سمحت للشاه وشجعته خلال السبعينيات على شراء عدد من أكثر المعدات العسكرية الأمريكية تطورا، منها طائرات إف 4– وإف 14 ونظام استطلاع متطور ومدمرات من طراز سبروانس، فضلا عن الدبابات والمروحيات المتطورة". ولقد جرى تمويل أغلب هذه المعدات من خلال منح أمريكية. وأنشأ الشاه أيضا صناعة سلاح محلية هه بمساعدة شركات أوربية".

أدى اعتماد الشاه على الجيش الإنقاذ عرشه –في كل أزمة واجهها– إلى جعله أكثر إدراكا بأنه عرضة للمؤامرات العسكرية المحتملة. ومع ذلك فإن الخطوات ذاتها التي اتخذها الشاه لحماية نفسه من تأمر الجيش، لم تضمن له أن يصمد أمام التحدي الأخطر المتمثل بالثورة الإسلامية. فهذه الرابطة الوثيقة التي أقامها الشاه بين أسرته المالكة والجيش جعلت الغضب الثوري موجها ضد الجيش )وجهاز السافاك( بالقدر نفسه الموجه ضد الشاه وسياساته، مما أطاح بالحكومة العسكرية التي شكلها أواخر عام 1978 لانتزاع السيطرة على الشارع من الثوريين.

وبرغم أن تحكم الشاه في اتصالات ونشاطات كبار الضباط قد نجح في منع تآمرهم عليه، إلا أنه منع التعاون بينهم وتوحيد جهودهم لإنقاذ عرش الشاه بعد مغادرته إيران في كانون الثاني / يناير عام ."1979 وبسبب خوفه من التأمر العسكري، فإن الشاه كان يكافى الضباط على ولائهم له فقط، وليس على أساس استقلاليتهم أو كفاءاتهم أو مبادراتهم الفردية". وقدم الشاه كبار الضباط الطموحين للمحاكمة بتهم الفساد المزعوم. ففي عام 1976 مثلا، أدين العميد بحري رمزي عباس عطائي 10و ضباط آخرين بتهمة الاختلاس".فوض الشاه عدة أجهزة للقيام بمسئوليات متداخلة مع بعضها البعض. كما عين أقرباءه في المناصب السياسية، مثل قائد السلاح الجوي، الجنرال محمد خاتمي، شقيق زوجة الشاه، وذلك حتى وفاته في حادث عام ،1975 والأمير شفيق الذي كان ضابطا رفيعا في البحرية". ولهذا فإن سلك الضباط الذي تركه الشاه عند مغاردته إيران كان مؤلفا من قادة ضعاف بشكل عام، لم
يستطيعوا التعامل بشكل حازم مع الانتفاضة العارمة التي واجهت حكومة رئيس الوزراء، شهبور بختيار، الذي عينه الشاه عندما اضطر لمغادرة إيران .

وبالنسبة للجنود العاديين، فإنهم بلا شك تأثروا بفقدان التنسيق والثقة بين كبار الضباط، مما شل قدرة أغلب الوحدات العسكرية في مواجهتها مع القوات الثورية. كما أن مغادرة الشاه – التي تزامنت مع القوة المتنامية للتحالف الثوري أواخر عام 1978 وأوائل 1979– أعطت أكثر أتباع الشاه ولاء في الجيش انطباعا بقرب تحقق انتصار الثورة. وفي ذلك الوقت لم يكن القرار المنطقي لأي ضابط أو جندي هو الانسحاب من الصراع فحسب، بل أيضا التعهد بالولاء للثورة من أجل تجنب العقاب الشديد الموعود بعد نجاحها. ولقد واجهت القوات العسكرية النظامية في أغلب الثورات الكبرى ورطة مماثلة لما حصل في إيران، مما يدفع إلى ترسيخ الاعتقاد بأن الجيوش لديها مبررات مهنية وأخلاقية تمنعها من الدخول في معركة مع المواطنين المدنيين".

ولذلك فإن قوة الشاه اعتمدت على إنشائه جيشا تابعا له، وليس لديه أي استقلال ذاتي. غير أن قوة الشاه السياسية كانت نقطة الضعف الكبرى لدى الجيش، ولذا فإنه عندما برزت الحاجة الماسة إلى الجيش للتعويض عن تضاؤل سلطة الشاه، لم يستطع الجيش إنقاذ العرس بسبب المعوقات التنظيمية التي شلت قدرته على التحرك بفعالية.

- كيف استطاع الجيش النظامي البقاء؟ ولماذا؟

إذا ما علمنا أن كثيرا من الضباط والجنود اختاروا التعاون مع القوى الثورية – في الوقت الذي وصلت فيه الثورة إلى ذروتها – لسهل علينا حينئذ أن نفهم سبب بقاء الجيش النظامي كمؤسسة. فالذين قاتلوا الثورة حتى النهاية تعرضوا إما للهزيمة على يد رجال الثورة المسلحين، أو للسجن أو للإعدام بعد انتصار الثورة". أما الذين تعاونوا بالفعل مع الثورة أو رفضوا قمعها، فقد كسبوا ثقة الحكومة الجديدة بشكل كبير. وقد يكون السبب أن قيادة الثورة أدركت تماما أن أي مؤامرة سيقوم بها هؤلاء لإسقاط الحكومة الجديدة بعد نجاح الثورة ستبوء بالفشل الذريع. وهناك مدعاة للاعتقاد بأن القسم الأكبر من
جيش الشاه كان يتظاهر فقط بتأييد الثورة، مع وجود نية للإطاحة بها في وقت من الأوقات. ومن ثم فإن عزل تلك العناصر المتبقية في جيش الشاه أو جهاز السافاك، والتي يمكن أن تفكر بالتآمر ضد النظام الجديد –بعد استيلاء الثورة على السلطة في شباط / فبراير 1979– أصبحت مسألة ملحة، برغم المخاطر المترتبة على ذلك. ولم يكن من الضروري عزل كل جندي يُشتبه في استمرار ولائه للشاه. وكان بوسع النظام الجديد أيضا أن يستخدم آليات أخرى معروفة جيدا لتأمين سيطرته على الجيش النظامي، وبخاصة المراقبة الشديدة، وتعيين الموالين للثورة للإشراف على الهيكلية العسكرية". وبرغم اعتقاد جريجوري روز بأن عمليات التطهير – التي حصلت في الجيش النظامي بعد الثورة – لم تكن شاملة كما كان يُعتقد، إلا أنه لا يوجد شك بأن بعض عمليات التطهير قد حصلت بالفعل".

وإضافة إلى ما تقدم، فمن الواجب التذكير بأن النظام الجديد كان يحتاج إلى شديدة من الفوضى، كما أن اللجان الثورية التي ساعدت في إسقاط الشاه، ثم تولت ملء بعض الفراغ الناشى في السلطة بعد انهيار نظامه، كانت مغرقة في محليتها وغير منضبطة، وتفتقر إلى القدرة على العمل المنسق على المستوى القومى".

ولو لم يكن الخطر الخارجي يحدق بسلطة النظام الجديد، لكان بالإمكان حل الجيش النظامي كمؤسسة، خاصة مع انعدام الثقة فيه من جانب المتشددين الأيدلوجيين في النظام الإسلامي. ولكن برزت أخطار تمثلت في تمرد عدة مجموعات عرقية تتطلع للحصول على مزيد من الحكم الذاتي. وهذه
الانتفاضات التي قام بها الأكراد القاطنون في شمال غرب إيران، والعرب في مقاطعة خوزستان، والتركمان في الشمال الشرقي، كانت تهدف إلى استغلال انهيار السلطة المركزية الذي حدث بسبب سقوط الشاه. فقد بدأت الانتفاضات بعد أقل من شهر على انتصار الثورة الإيرانية". ولم تهدد حالات التمرد
المذكورة بخلق الانطباع بأن الحكومة الجديدة ضعيفة فحسب، بل كان من المحتمل أن تحرم إيران من الوصول إلى خطوط المواصلات والمصادر الطبيعية الحيوية وخصوصا حقول خوزستان النفطية. فضلا عن أن عنصر الاضطرابات العرقية المحلية أبرز حاجة الحكومة الجديدة للإبقاء على الجيش النظامي كمؤسسة عاملة ضمن الثورة، فهو أيضا قد وفر فرصة فريدة لقادة الجيش النظامي لكي يبرهنوا على ولائهم للثورة.

وهناك ثلاثة ضباط على الأخص تسلموا فيما بعد مناصب قيادية في الجيش النظامي، ولعبوا أدوارا فائقة الأهمية في إدارة الحرب ضد العراق، وذلك بعد أن أظهروا أولا ولائهم للنظام الإسلامي بقمع التمرد الكردي، الذي كان أخطر الانتفاضات العرقية. وكان أبرز هؤلاء الضباط سيد علي شيرازي الذي كان
ضابط مدفعية أثناء حكم الشاه، ثم أصبح عميدا وتسلم قيادة القوات البرية النظامية عام ،1981 ثم تبوأ منصب ممثل آية الله الخميني في مجلس الدفاع الأعلى عام .1986 ودوره في قتال الأكراد ومساهمته في بناء الحرس الثوري قد أكسباه مساندة كبار رجال الدين، ومنهم الخميني، وذلك خلال أغلب فترة
الحرب مع العراق". وكان اللواء قاسم علي ظهار نجاد، وهو أرفع الضباط الإيرانيين رتبة، مشاركا أيضا في إخضاع الأكراد، ثم في تنظيم الدفاع الإيراني ضد الغزو العرافي بحكم كونه قائدا للقوات البرية. ولقد رقي الجنرال نجاد ليكون رئيسا لأركان القيادة المشتركة للجيش النظامي عام ،1981 ثم أصبح عام 1984 ممثلا للخميني في مجلس الدفاع الأعلى. وبرغم تمتع ظاه نجاد بثقة الخميني، إلا أنه عزل من هيكل القيادة عام 1984 بسبب عدم تحمسه لإدارة الحرب ضد العراق بجرأة أكبر". وأخيرا، برهن العميد إسماعيل سهرابي أيضا على كفاءته في كردستان، ورقي سريعًا إثر ذلك. ففي الفترة 1984 –1981 قاد فرقة المدرعات الأولى، ثم حل مكان اللواء ظاهر نجاد في رئاسة الأركان المشتركة عام ،1984 واستمر في منصبه حتى تحول إلى كبش فداء لفقدان إيران جزيرة الفاو عام ،"1988 بعد أن استولت عليها من العراق في شباط / فبراير .1986 ويذكر أن سهرابي قد تخرج من أكاديميةالضباط بطهران عام .1964 ومن الشخصيات الأخرى البارزة في سنوات الثورة الأولى مصطفى شمران، الذي كان أول وزير للدفاع في الجمهورية الإسلامية وقتل في جبهة الحرب عام .1981 ولم يكن شمران ضابطا عسكريا متمرسا، بل على الأصح زعيما من زعماء المليشيا الذين تدربوا في لبنان، وهو ما يعني أنه كان أقرب
إلى قادة الحرس الثوري منه إلى ضباط الجيش النظامي. وقام شمران – أثناء توليه وزارة الدفاع – بدور رئيسي في المساعدة على توطيد سيطرة رجال الدين على الجيش النظامي، وبالأخص في مجال الإشراف على تطهير الجيش من العناصر الموالية للشاه. ووصل شمران إلى حد الاعتراف بأن عملية
التطهير كان من الممكن أن تكون أكثر شمولا، لو لم يواجه النظام الجديد التمرد الكردي". ولم تقتصر مسئوليات شمران على القوات النظامية، بل إنه قاد مليشيا خاصة من الحرس الثوري تابعة له، تولت السيطرة على مطار طهران حتى عام ."1981

- القوات النظامية والسياسة الثورية

إننا لا نستطيع تجاهل الدور الذي لعبه السياسة الثورية في قرار الخميني الاحتفاظ بالجيش النظامي ضمن إطار الجمهورية الإسلامية. وهذا القرار – الذي كان يمكن التراجع عنه في أي وقت يريده الخميني – اثخذ في نيسان / أبريل ،1979 قبيل سنة ونصف من نشوب الحرب العراقية – الإيرانية، أي أن الإبقاء على الجيش لا يمكن عزوه إلى الغزو العراقي". ولشرح هذا القرار يجب أن نلاحظ أن القوى الثورية التي أسقطت الشاه مثلت ائتلافا واسعًا لمجموعات يتوجس بعضها من بعض. والصراع الداخلي المتقطع الذي شهدته الجمهورية الإسلامية – في سنواتها الأولى – مثل بالفعل عملية استنزاف في تمكن فيها أقوى تجمع ثوري -أي الخميني وأتباعه من رجال الدين وحلفائهم من السيطرة على الوضع.

لقد سقط القوميون الليبراليون، الذين مثلهم في الحكم مهدي بازركان، أول رئيس للوزراء في الجمهورية الإسلامية، عندما كشفت عملية الاستيلاء على السفارة الأمريكية بطهران في تشرين الثاني / نوفمبر 1979 عن عجزهم، وأدت إلى استقالة بازركان وحكومته". ومثل أبو الحسن بني صدر، الذي انتخب كأول رئيس للجمهورية الإسلامية أوائل عام ،1980 الجناح التكنوقراطي المعتدل نسبيا في النظام من خارج فئة رجال الدين. ولقد دخل بني صدر ومؤيدوه في نزاع مع رجال الدين، كما حدث لبازركان قبله، مما أدى إلى عزله في نهاية الأمر عام ."1981 ولاقت منظمة مجاهدين خلق هزيمة مماثلة في تمردها المسلح أواخر عام .1981 ومثلت هذه المنظمة – التي سنتحدث عنها لاحقا في هذا الفصل بتفصيل أكبر – الجناح الماركسي الإسلامي من خارج إطار رجال الدين في النظام، وقامت بعصيان مسلح فاشل
ضد ما اعتبرته احتكارا متزايدا للثورة من قبل رجال الدين". والمجموعة الرئيسية الأخرى التي سحقتها الثورة بعد أن منحتها تأييدها كانت حزب توده الشيوعي الموالي لموسكو، ولم يثق الخميني وأنصاره بهذا الحزب، وأقدم الحرس الثوري على تصفيته عام ،1983 أي بعد مرور عام على تقليص إيران من حدة الخطر الخارجي الذي واجهته بإخراجها القوات العراقية من أراضيها".

والقاسم المشترك بين هذه الصراعات المبكرة على السلطة هو درجة المواجهة التي خلقتها بين رجال الدين المسيطرين على الحلقة الضيقة المحيطة بالخميني، وبين العناصر الأخرى من غير رجال الدين الذين شكلوا أغلبية أنصار بازركان وبني صدر ومنظمة مجاهدين خلق وحزب توده. ومن المفارقات أن رجال الدين –الذين اعتمدوا بشكل كبير على الحرس الثوري للتخلص من تحديات القوى المعارضة المذكورة – لم يكونوا مسيطرين على الحرس، بل إن أكثر أفراد الحرس كانت لهم علاقات قديمة مع عدد من جماعات المعارضة، وبالأخص منظمة مجاهدين خلق. فمثلا، كان عباس زماني، أول قائد رسمي للحرس، من أنصار بني صدر، خصم رجال الدين اللدود". وهكذا فمن الممكن القول بوجود الشكوك المتبادلة بين كل من رجال الدين المحيطين بالخميني وبين أنصارهم في الحرس من غير فئة رجال الدين، برغم دور الحرس في مساعدة رجال الدين في تعزيز الثورة. وستقدم براهين أخرى على هذه الشكوك خلال مناقشة تشكيل الحرس الثوري وأسلافه.

وبسبب هذه التوترات بين رجال الدين الحاكمين ورجال الحرس، فإن السياسة الثورية قضت بأن يتم الاحتفاظ بالجيش النظامي كقوة موازنة للمسلحين الثوريين من غير رجال الدين، الذين كان وجودهم طاغيا في الحرس. وهذا القول لا يتناقض مع ما يعتقده كثير من المراقبين – وهو ما يتسم بالصحة أيضا – بأن تشكيل الحرس جاء ليكون موازنا للجيش النظامي المشكوك في ولائه السياسي". وبطريقة أكثر تحديدا فإنه جرى الاحتفاظ بكلا القوتين وجرى تعزيزهما، لتكون كل منهما قوة رادعة لأية محاولة للاستيلاء على السلطة من قبل القوى الأخرى. وبالفعل فإن هذا التوازن بين الجهازين كان السمة المميزة لحكم الخميني الذي امتد عشر سنوات". وزيادة على ذلك فإن الحاجة السياسية لوضع الحراس بجانب الجيش تساعد على عهد سبب الإبقاع عليهما منفصلين. وهذا الانفصال بين الحرس الثوري والجيش النظامي سيساعد بدوره – كما سنرى في الفصول التالية – في إيضاح قادة الحرس على مقاومة الوهن الأيدلوجي، برغم حاجته لاتباع بنية تنظيمية رشيدة ومعقدة.

- النواة التاريخية للحرس الثوري

بحكم أن دور الجيش النظامي في فترة ما بعد الثورة كان مرتبطا – إلى حد ما – بتشكيل الحرس الثوري ونموه، فثمة حاجة لإجراء تحليل مفصل لجذورر الحرس وتشكيله منذ نشأته الأولى. ولا بد من إجراء تقييم لأسلاف الحرس، بغية تفسير استمرار زخم حماسة الأيدلوجي، بالرغم من تحديات القوى
الاجتماعية والسياسية التي أطفأت شعلة الحماس لدى الجيوش الثورية المماثلة. ومثل الحرس خلال فترة الثورة خليطا من عناصر سياسية واجتماعية متنوعة. وكان فدائيو المدن المنتمون إلى الشريحة الدنيا للطبقة الوسطى – والذين ظلموا يقالون الشاه لسنوات عديدة – هم أول عنصر محرك لتشكيل
الحرس، وما زالوا مهيمنين عليه". أما العنصر الثاني فكان مؤلفا من شباب متطرف أكثر انتهازية، ذي خليفيات مدينية وريفية، ويلتف حول رجال الدين المحليين وجماهيرهم في المساجد التي انضمت إلى الثورة في مراحلها الأخيرة". وكان ائتلاف هذين العنصرين الرئيسيين – من أجل تشكيل الحرس – مطابقا تماما للإطار الذي حددته تشورلي في دراستها عن تشكيل الجيش الثوري". وبسبب الدور الأساسي الذي لعبه العنصر الأول في إقامة الحرس، فمن الضروري إجراء تحليل أكثر تفصيلا لأصول المجموعات التي شكلت مقاتلي المدن منذ وقت طويل وكانت بمثابة نواة الحرس.

من المستحيل أن نحدد بدقة أصول ما عرف بعد ذلك باسم الحرس الثوري. فقد بدأ بعض مؤسسي الحرس أنشطتهم ضد الشاه في فترة حكم مصدق". لكن أكثر العوامل أهمية بالنسبة للحرس الثوري هو بداية الكفاح المسلح المنظم، وليس مجرد المعارضة السياسية بالطرق السلمية. وكان "حزب الأمم
الإسلامية" أول مجموعة فدائية مسلحة تظهر على الساحة في أعقاب انتفاضة عام 3691م ضد الشاه". وقد لعب أربعة قياديين بارزين من هذا الحزب فيما بعد أدوارا رئيسية في الحرس الثوري أثناء فترة تأسيسه، لكنهم خسروا نفوذهم تدريجيا لصالح قادة حرس أكثر راديكالية وشبابا.

وكان جواد منصوري، وهو أول قائد غير رسمي للحرس، وعباس زماني الملقب بأبو شريف، وهو أول قائد رسمي للعمليات، كانا عضوين في حزب الأمم الإسلامية". فبعد إطلاق سراح عباس زماني من السجن عام 7691م – وكان قد اعتقل بسبب نشاطه الحزبي المعادي للشاه – قام بتشكيل حزب الله
بالتعاون مع عباس دزدزاني، زميله في حزب الأمم الإسلامية. وتذكر نشرة "إيران برس دايجست" أن دزدزاني انضم فيما بعد إلى منظمة مجاهدي خلق، وهي من الأسلاف الأخرين للحرس الثوري التي سنتناولها لاحقا". وطبقا لسيرته الشخصية، فإن دزدزاني كان قائدا للحرس الثوري لفترة وجيزة أوائل
عام 0891م، بينما كان زماني قائدا للعمليات". ومن المعلوم أن بني صدر طلب من مؤسس حزب الأمم الإسلامية، كاظم بوجنوردي، تسلم قيادة الحرس بعد عزل عباس زماني عام 0891م". لكن بوجنوردي، الذي تحالف مع الحزب الجمهوري الإسلامي بعد الثورة، رفض قرار تعيينه بسبب الصراعات
بين الأجنحة المختلفة للسيطرة على الحرس، الأمر الذي جعله يشعر بأنه لا يمكن الإمساك بزمام الحرس". وبرغم أن هؤلاء المناضلين الأربعة الأوائل قد تسلموا مناصب أخرى في الجمهورية الإسلامية، إلا أنهم فقدوا فعليا أدوارهم في الحرس منتصف الثمانينات، ربما لأنهم لم يشكلوا جماعة متماسكة
فيما بينهم. وأقدم هؤلاء الأربعة على الانضمام إلى مجموعات أخرى، أو شكلوا جماعات منشقة، أو ربطوا أنفسهم بأحد السياسيين الفاشلين، كما حصل مع عباس زماني.

ومن المفارقات أن منظمة مجاهدين خلق التي كانت من أهم أسلاف الحرس الثوري، أصبحت من أشد أعدائه بعك الثورة. وهذا الارتباط غير متأنية للسير الذاتية لاثنين من الرجال، فذر لهما أن يلعبا أدوارا حاسمة في تشكيل الحرس، وهما بهزاد نبوي، وزير الصناعات الثقيلة خلال أعوام 1891م – 9891م، ومحسن رضائي، قائد الحرس الثوري منذ عام 1891م.

وبعد تفصيل دوره في ثلاث من منظمات الجبهة الوطنية التي لم تستخدم العنف في معارضتها للشاه، يتحدث بهزاد نبوي في سيرته الذاتية عن قراره بخوض الكفاح المسلح ضد الشاه". وبحسب اعتراف نبوي فقد انضم إلى منظمة مجاهدي خلق حوالي عام 0791م –مثلما فعل عباس دزدزاني قبله– لأنه
سير المنظمة في درب الكفاح المسلح". ولقد دخل نبوي السجن عام 2791م بسبب نشاطاته المعادية للشاه ضمن هذه المنظمة.

ويكشف نبوي عن حدوث نقطة تحول رئيسية في الجناح الراديكالي من غير فئة رجال الدين في التحالف الثوري الإسلامي. ويشرح كيفية انشقاقه عن منظمة مجاهدين خلق عام 5791م، أثناء وجوده في السجن، وذلك عندما شرعت المنظمة في التشديد على الأيديولوجيا الماركسية بدلا من العقيدة
الإسلامية". ويصف نبوي إثر ذلك كيف اتسع الخلاف بين قيادة منظمة مجاهدي خلق، وبين أشخاص من أمثال نبوي الذين رفضوا الماركسية وركزواعلى العقيدة الإسلامية". ومن الأهمية بمكان القول إن اثنين من رفاق نبوي في السجن –ممن انفصلوا عن مجاهدي خلق – كانا عباس دزدزاني، المذكور
آنفا، ومحمد علي رجائي، رئيس الوزراء عام 0891م ورئيس الجمهورية الإسلامية عام 8891م". وهذا الانشقاق –الذي بدأ في سجون الشاه– لم يمنع حصول تعاون تكتيكي بين منظمة مجاهدي خلق وأعضائها السابقين كما سنبي لاحقا. وقد وصف قائد الحرس الثوري، محسن رضائي، هذا الانشقاق ضمن صفوف المعارضة اليسارية المسلحة التي لا تضم رجال الدين، وقال: إنه لانفصل عن منظمة مجاهدي خلق عندما بدأت بإدخال الماركسية إلى أيديولوجيتها الإسلامية.

وبعد انشقاقهم عن منظمة مجاهدي خلق، شكل الراديكاليون الإسلاميون منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، التي تعتبر من أهم أسلاف الحراس. ويؤيد تقرير خاص حول هذه المنظمة، نشرته "إيران برس دايجست"، ما جاء في تحليل السير الذاتية للقادة المذكورية، حيث أفاد بأن منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية قد أسست على يد أعضاء سابقين في منظمة مجاهدي خلق، ممن يدعمون بشدة الصبغة الإسلامية للثورة". وبرغم أن منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، التي تألفت من سبع مجموعات صغيرة، كانت موجودة بشكل غير رسمي منذ حوالي 7791م، إلا أنها أعلنت عن نفسها كمنظمة في شهر نيسان/ أبريل عام 9791م. أما مقاتلوا منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية –الذين ناضلوا ضد الشاه لسنوات عديدة، وتدرب معظمهم مع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان – فإنهم لم يشتبكوا فعليا مع قوات الشاه قبل الثورة وخلالها فحسب، بل ساعدوا في السيطرة على الشوارع لحساب الخميني عقب انهيار النظام .

ولا شك أن أهمية منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية في مجال تشكيل الحرس الثوري تعتبر متنوعة وشاملة. وبرغم أن أوبالانس يبالغ عندما يؤكد أن المنظمة المذكورة قد أصبحت هي بالفعل الحرس الثوري"، إلا أن نشرة "إيران برس دايجست" تذكر – بطريقة أكثر دقة – أن منظمة مجاهدي الثورة
الإسلامية كانت مفيدة في تنظيم وحدات الحرس الثوري الإسلامي. كما أنر عددا كبيرا من أعضاء الحرس احتفظوا بعضويتهم في منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية أيضا"، وشكلت منظمة مجاهدي الثورة النواة الأولى للحرس، وهي القوة المنظمة للمناضلين المخضرمين الذين التف حولهم بقية أفراد
الحرس. وبدون شك فإن منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية مثلت المجموعة الأساسية المؤلفة من المقاتلين المخضرمين، التي تعتبرها تشورلي ضرورية لتشكيل جميع القوات المسلحة الثورية".
كما ساعد عدد كبير من أعضاء منظمة مجاهدي الثورة في تشكيل اللجان الثورية المحلية التي شكلت في نهاية الأمر وحدات الحرس الثوري، أو أمدته بمزيد من المقاتلين. فمثلا انضم بهزاد نبوي، مؤسس منظمة مجاهدي الثورة، إلى إحدى اللجان الثورية في طهران، ثم أصبح فيما بعد أحد قادة الحرس في
طهران قبيل انضمامه إلى الحكومة الجديدة". وقام عضو آخر في المنظمة، للحرس قبيل تسلمه قيادة البحرية، بتشكيل لجنة ثورية في مسقط رأسه، بمقاطعة خوزستان، ثم تسلم فيما بعد قيادة الحرس في تلك المقاطعة، قبيل أن 1891م". وكما ذكرنا سابقا فإن اللجان الثورية، التي تألف معظمها من
جماهير المصلين في المساجد المحلية، قد وفرت الطبقة الخارجية النواة منظمة مجاهدي الثورة في تشكيل الحرس. وبرغم أن وزير الحرس السابق محسن رفيق دوست، لم يكن عضوا كاملا في منظمة مجاهدي الثورة، إلا أنه تعاون بشكل أكيد ووثيق مع المنظمة المذكورة. فقد خضع دوست لدورة تدريبية مع وساعد في تنظيم المظاهرات المعادية للشاه قبيل الثورة، إضافة إلى دوره في تنظيم الحرس الثوري".

وخلال فترة التأسيس، كان الحرس قوة تفتقر إلى التنظيم، ومزودا بأسلحة خفيفة، ويتفشى التحزب بين صفوفه على نطاق واسع. وتركزت مهمة الحرس آنذاك في توطيد سلطة الخميني على البلاد، واجتثاث عملاء النظام السابق ومعاقبتهم، بالتعاون مع المحاكم الثورية. وفي هذا السياق فإن الحرس في
بدايته يشبه القوات الثورية في الثورة الفرنسية كما حللها ريتشارد كوب". بل إن قيادة الحرس المبكرة لم تكن واضحة، فقد عين عباس زماني أول قائد رسمي للحرس، لكن تعيينه لم يقترن مع إعلان إنشاء الحرس رسميا في أيار/ مايو عام 9791م. كما كلف عدد من المستشارين الدينيين والسياسيين للإشراف على الحرس لفترات وجيزة في العام الأول، ومن بينهم آية الله لاهوتي أشخاصا مفروضين على الحرس من خارجه.

وبالرغم من هذه الفوضى المستشرية في القوة المسلحة الجديدة التابعة للثورة، فإن الحرس ظل الوسيلة المثلى لتوطيد سلطة الثورة أكثر من مصادر القوة المسلحة الأخرى. ومع أن بقايا الجيش النظامي لم تكن بالضرورة تمثل خطرا كبيرا على النظام الجديد، إلا أنها لم تمنح الثقة للعمل بحماس على تثبيت حكم النظام الجديد. وكانت اللجان الثورية )كوميته( –وهي مثيلة الحرس في جهاز الأمن الداخلي – ذات تنظيم محلي أقل تماسكا من هيكل الحرس الأولي، الأمر الذي يجعل ضبطها أمرا بالغ الصعوبة". فأصبح الحرس - فعليا– هو القوة الرسمية المسيطرة على هذه اللجان. كما أن الملالي المحيطين بالخميني أدركوا أن إضفاء الشرعية على الحرس –الموجود بحكم الواقع – سيكون له
من المنافع السياسية ما يغطي على أضرار منع تشكيله. فذلك المنع كان من الممكن أن يدفع العناصر المتشددة من غير رجال الدين، الذين أقاموا الحرس على أكتافهم، للعمل ضد النظام.

- الحرس الثوري ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية والحزب الجمهوري الإسلامي

إن الدور الحاسم الذي لعبته منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية في تأسيس الحرس يحتم علينا أولا أن نحلل بدقة أيديولوجيا هذه المنظمة وبرنامجها السياسي؛ لكي نتمكن من فهم أيديولوجيا الحرس وآرائه السياسية بشكل تام.

ويصف تقرير خاص لنشرة "إيران برس دايجست" بالتفصيل البرنامج السياسي لمنظمة مجاهدي الثورة كالأتي: "إيمان بتأييد المستضعفين )أي الطبقات الدنيا(، ولعب الحكومة لدور أكبر في الاقتصاد، وإجراء إصلاحات لتحقيق مزيد من العدالة الاقتصادية. يضاف إلى ذلك شن حملات الدعاية ضد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ومساندة حركات التحرر وبالأخص المعارضة للجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى حد الاشتباك المسلح، والوقوف بوجه النفوذ المتزايد لرجال الدين المحافظين ومؤيديهم في أجهزة
الحكومة".

ومع أن الرئيس اللاحق أبو الحسن بني صدر خطب في الاجتماع العلني الأول لمنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، بعد الثورة بوقت قليل، إلا أن القراءة المتأنية لبرنامج المنظمة" –وبالأخص معارضتها للسياسات الليبرالية– 1891م وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى عزله". وزيادة على ذلك، فإن
معارضة المنظمة المذكورة لسلطة رجال الدين المحافظين تقدم دليلا إضافيا على وجود توتر بين المناضلين المتشددين من غير رجال الدين، الذين سيطروا على منظمة مجاهدي الثورة ومن بعدها الحرس الثوري، وبين كثير من رجال الدين ممن هم دون الخميني منزلة. كما توحي بعض التقارير
الصحفية بأن أغلب أعضاء مجاهدي الثورة الإسلامية أرادوا تقليص نشاط جميع رجال الدين في الحكومة، سواء أكانوا محافظين أم متشددين". ولقد تفاقم هذا التوتر إلى حد ما عام 2891م، إثر فشل رجال الدين في تعيين واحد منهم كمشرف فعلي على الحرس، ومحاولتهم كسب نفوذ أكبر في منظمة
مجاهدي الثورة الإسلامية، عن طريق دفع الخميني إلى تعيين ممثل من رجال الدين للإشراف على المنظمة المذكورة. واستمرت معارضة تدخل رجال الدين حتى أقدم الخميني على حل المنظمة رسميا عام 6891م، وقام عدد من أعضائها البارزين بالتنصل رسميا من عضويتهم فيها". وعموما فإنه بحلول
عام 2891م كانت منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية قد أدت الغرض من إنشائها في إقامة الحرس الثوري، وأتمت زرع أعضائها والمتعاطفين معها في المناصب الرئيسية، سواء أكان ذلك في الحكومة أم في الحرس.

إن المتشددين من غير رجال الدين – الذين أسسوا الحرس الثوري ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية – كانوا موالين مخلصين للخميني، لكونه الشخصية الكاريزمية التي حققت المستحيل بهزيمة عدوهم الشاه، إضافة إلى اتفاق أيديولوجيا الخميني السياسية الراديكالية مع أيديولوجيتهم بشكل عام". لكن
يُفهم أيضا من البرنامج السياسي لمنظمة مجاهدي الثورة أن مساندة الخميني وتبجيله كقائد كاريزمي لم تترجم اليا إلى تأييد لأتباعه من رجال الدين، وبالأخص أولئك الذين كانوا محافظين سياسيا بشكل عام )أي الذين كانوا يفضلون المبادرة الحرة والحفاظ على العلاقات مع الغرب وتصدير الثورة بالقدوة الحسنة وليس بطريق العنف، ثم عارضوا فيما بعد متابعة الحرب ضد العراق حتى النصر(. ومن المفارقات أن أكثر رجال الدين في إيران يمكن تصنيفهم على أنهم محافظون، بل إن المنظمة الدينية التي هيمنت على النظام، أي الحزب الجمهوري الإسلامي، كانت خاضعة لنمط من رجال الدين المحافظين، أو على الأقل ليسوا راديكاليين كالخميني ذاته، أو المناضلين من غير رجال الدين. ومن هؤلاء قادة الحزب الجمهوري من أمثال رفسنجاني وخامنئي ورئيس القضاة السابق، عبد الكريم موسوي أردبيلي، ورئيس الحزب الجمهوري الراحل، آية الله حسين بهشتي، الذي قتل في عملية تفجير مقر الحزب عام 1891م".

بما أن هؤلاء الملالي، الذين وصلوا إلى السلطة معتمدين على نفوذ الخميني، كانوا يعلمون أنهم لا يتمتعون بالتأييد في صفوف المناضلين من غير رجال الدين بالدرجة ذاتها التي تمتع بها الخميني، فقد شرع ملالي الحزب الجمهوري في إقامة تلاحم بين الحزب الجمهوري والجناح الراديكالي من غير
الملالي – المشارك في التحالف الثوري – بالوسائل السياسية. وبدون شك أراد قادة الحزب الجمهوري التأكد من أن الجناح المتشدد من غير رجال الدين في النظام سيبقى حليفهم في حالة الغياب المفاجى للخميني، الذي كان يبلغ من العمر 79 عاما عند توليه السلطة. وهناك دلائل وافية على أن الحزب الجمهوري والراديكاليين من غير رجال الدين، وبالأخص منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية والحرس الثوري، قد توصلوا إلى وفاق سياسي لتبادل المنافع بعد الثورة بوقت قصير. ففي شهر آب/ أغسطس عام 0891م تلقى محمد علي رجائي – أحد مؤسسي منظمة مجاهدي الثورة البارزين، وأبرز أعضاء
الحزب الجمهوري من غير فئة رجال الدين – دعم الحزب الجمهوري ليصبح رئيسا للوزراء برغم معارضة الرئيس الإيراني، أبو الحسن بني صدر".

وفور استلامه السلطة، اختار رجائي رفيقه السابق في السجن بهزاد نبوي – مؤسس منظمة مجاهدي الثورة – ليكون وزيرا للشئون التنفيذية في الحكومة الجديدة، أي أرفع مساعدي رجائي مقاما". وجرى ضم متشددين آخرين من غير فئة رجال الدين إلى الحكومة، من أجل تطبيق برنامج سياسي راديكالي
بشكل عام لإعادة توزيع الثروة". وكمثال على ذلك فإن محمد سلامتي – رفيق نبوي في السجن وأحد مؤسسي منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية – انضم إلى الحكومة كنائب لوزير العمل".

وتوجد مؤشرات أخرى على وجود توافق سياسي بين الحزب الجمهوري الإسلامي ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية والحرس الثوري. ففي الحملات الانتخابية الأولى لمجلس الشورى أيدت منظمة مجاهدي الثورة علنا مرشحين مدرجين على لائحة الحزب الجمهوري". ومنح الحرس أيضا الدور القيادي
في الدفاع عن الثورة وتصديرها بشكل رسمي، وكان هذا اعترافا بالشرعية التي كان الحرس يسعى وراءها سابقا منذ شكله الخميني عام 9791م". وقد ظهرت القوة السياسية للتحالف بين الملالي والراديكاليين من غير رجال الدين أثناء الصراعات المبكرة في الجمهورية الإسلامية، وبلغ أول هذه
الصراعات ذروته باحتلال السفارة الأمريكية في طهران بين تشرين الثاني/ نوفمبر 9791م وكانون الثاني/ يناير 1891م، إذ مكنت عملية السفارة الملالي وحلفاءهم من غير رجال الدين في منظمة مجاهدي الثورة والحرس الثوري من هزيمة أول معارضيهم الرئيسيين، مهدي بازركان، أول رئيس وزراء
قومي ليبرالي للجمهورية الإسلامية. وقد كان محتلو السفارة من الشباب الراديكالي من غير رجال الدين يطلقون على أنفسهم "طلبة شريعة الإمام" و هو ما يعني ضمنيا ولاءهم التام لمبادى أية الله الخميني".

إلى علاقتهم الوثيقة بالصراع الشامل على السلطة بعد قيام الثورة. ومما يسترعى الانتباه أن الاستيلاء على السفارة الأمريكية حدث بعد أيام قليلة من إلقاء بازركان علنا من مستشار الأمن القومي الأمريكي، زبجنيو بريجنسكي، لمناقشة العلاقات بين إيران والولايات المتحدة في فترة ما بعد الثورة"[.
وأعطى هذا اللقاء للطلاب مبررا لما قاموا به، معززا ادعاءهم بأن بازركان يفتقر إلى الثورية الكافية التي تؤهله للحكم. وبرغم أن مساعدي الخميني الذين هيمنوا على المجلس الثوري، كانوا يناورون لتقويض مكانة بازركان منذ البداية، إلا أن احتلال السفارة حدد مصير بازركان وفضح فقدانه للسيطرة على
الأمور؛ مما دفعه إلى تقديم استقالته مع حكومته التي تشاركه أفكاره بعد ذلك بأيام قليلة". وانتهى عهد المعتدلين كما يقول كرين برينتون".

ومع ذلك فإن هناك دلائل قاطعة على أن الاستيلاء على السفارة الأمريكية لم يكن عملا عفويا قام به مجموعة طلاب غضاب، بل كان على الأصح عملا منسقا ومخططا له من قبل. وذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور – مستشهدة بأحد الطلاب السابقين – أن عملية الاستيلاء قد رسمها بدقة رجال
الدين المتطرفون والطلاب، بالاتفاق مع أحد كبار قادة الحرس الثوري". وتؤيد أدلة أخرى هذا التقرير، فالحرس الثوري المتمركز حول السفارة كان قد منع سابقا حصول عملية استيلاء مشابهة على السفارة في شهر أيار/ مايو والولايات المتحدة، غير أن الحرس لم يفعلوا شيئا للوقوف بوجه الطلاب الذين
اقتحموا السفارة الأمريكية في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 9791م". وفور السيطرة على السفارة شكر الطلاب الحرس الثوري بشكل رسمي، لعدم إعاقته عملية الدخول إلى السفارة". وتزعم نشرة يومية عن أزمة الرهائن – أعدّت لمصلحة لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي – أنه بعد فشل مهمة إنقاذ الرهائن في نيسان/ أبريل 0891م، جرى نقلهم إلى منشآت الحرس
الثوري في أنحاء البلاد المختلفة".

وإن تورط عدد من الشخصيات الرئيسية في أزمة الرهائن يوفر مزيدا من الدلائل على العلاقة العضوية بين الطلاب والحرس، وعلى الدوافع السياسية لعملية احتلال السفارة. فمثلا أقدم أول رئيس غير رسمي للحرس، جواد منصوري، على الترشيح لانتخابات المجلس عام 0891م بوصفه "طالبًا في
خط الإمام" وذلك علي لائحة ائتلاف الحزب الجمهوري الإسلامي". وتبعه عدد من الطلاب أصبحوا قادة في الحرس الثوري، حتى أن أحدهم –وهو حسين شيخ الإسلام – صار أحد أهم وكلاء وزارة الخارجية الإيرانية، وهناك عمل حسين شيخ الإسلام بشكل وثيق مع الحرس لتصدير الثورة عبر زرع عملاء الحراس في السفارات الإيرانية في الخارج".تذكر السيرة الذاتية لبهزاد نبوي –مؤسسة منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية – أن كثيرا من الطلاب كانوا أعضاء فيها، وأتباعا له شخصيا".

مما يفسر تعيينه أواخر عام 1980م كبيرا للمفاوضين الإيرانيين في أزمة الرهائن، إذ كان المسئول الحكومي ذو المصادقية الكافية لدى الطلاب، بصفته مؤسسا لمنظمة مجاهدي الثورة، وأحد أعمدة الجناح المتشدد في النظام من غير فئة رجال الدين، وهو الجناح الذي ينتمي إليه الطلاب أنفسهم. وهكذا عززت عملية الاستيلاء على السفارة الموقف السياسي المتطرف لنبوي، وأظهرت مصداقيته –كمفاوض إيراني – لدى الولايات المتحدة، لكونه مسئولا حكوميا رسميا له علاقات وثيقة مع رئيس الوزراء محمد علي رجائي، الذي كان –بدوره– على علاقة قوية برجال الدين في الحزب الجمهوري الإسلامي،
وبالتالي مع الخميني نفسه".

- الإطار المؤسساتي

عند المقارنة بين تشكيل الحرس الثوري والجيش النظامي الذي كان قائما قبل الثورة فإن قوة الحرس –كمؤسسة– لا يمكن بيانها بشكل تام بدون دراسة المنظمات والمؤسسات الرئيسية الأخرى التي أفرزتها الثورة. وستساعد النظرة العامة إلى هذه المؤسسات على وضع الحرس في الإطار الشامل لأسلوب الحكم في الجمهورية الإسلامية. وبرغم أن هناك تفاوتا في مدى قوة وفعالية كل مؤسسة، إلا أن التفاعلات الحاصلة بين جميع المؤسسات – ضمن الإطار الواحد – قد أكسبت النظام قدرة لا بأس بها على التكيف مع الأحداث. وأهم تلك الأحداث هي خروج النظام سليما من الاضطراب السياسي المرتبط بمرحلة توطيد سلطته في الفترة الأولى، ثم في فترة الغزو العراقي عام1980 م، وأخيرا وفاة الزعيم الكاريزمي آية الله الخميني عام1989. ومنالممكن القول: إن أيا من تلك الأحداث كان كافيا بمفرده لقلب النظام لو لم يوطد هذا النظام سلطته دستوريا.

ويمكن النظر إلى النظام السياسي الجمهوري الإسلامي على أنه توازن للسلطة بين القوى الأيديولوجية والسياسية المتنافسة. وقد استمر هذا النمط قائما حتى خلال فترة حكم الخميني، برغم أن سلطة الخميني المطلقة كانت كافية لتمكينه من إقامة نظام تغلب عليه درجة أكبر من التسلسل الهرمي. وعلى العموم فلقد شكلت المؤسسات القومية السابقة للثورة، مثل وزارة الخارجية والجيش النظامي، قاعدة لتأييد الزعماء الأكثر براجماتية، فيما قدمت المؤسسات الثورية –مثل الحرس واللجان الثورية وجهاد البناء – دعما للراديكاليين. ومن المعلوم أن البراجماتيين والراديكاليين قد تنافسوا على كسب التأييد الشعبي أيضا داخل مؤسسات صنع القرار العليا، والتي تضم مجلس الشورى ومجلس الأوصياء ومجلس ابتغاء المصلحة ومجلس الخبراء ومجلس الدفاع الأعلى )واسمه الآن المجلس الأعلى للأمن القومي( ." وتتربع ولاية الفقيه أو المرشد الأعلى فوق هذه القوى المتنافسة، وهو منصب إقامة الخميني وكان أول من تقلده، ويشغله الأن آية الله خامنئي، وتعتبر ولاية الفقيه فائقة الأهمية في تحديد المجريات السياسية عن طريق ترجيح الميزان السياسي لمصلحة هذا الجانب أو ذاك. لا شك أن أهم مؤسسة تحتاج للمناقشة هي ولاية الفقيه. ومن المعروف أن الخميني هو الذي ابتكر هذا المفهوم، وتولى منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية. ويوضح رمضاني أن سلطات الخميني كفقيه، وهي ما عكست سلطته المطلقة كمرشد ديني وسياسي، قد أصبحت قوانين نافذة أكثر مما منحه الدستور الأول للجمهورية الإسلامية". وكان الاعتقاد أصلا بأن منصب الفقيه يتولاه "مرجع تقليد" له باع طويل في الفقه الإسلامي، مع تمتعه بالإدارة الفعالة و"ثقة أغلبية الناس في قيادته". وتنص الفقرة 110 من الدستور على منح الفقيه سلطات واسعة لتعيين المسئولين الكبار الاخرين، والموافقة على
المرشحين لمنصب الرئاسة، وعزل الموظفين غير الأكفاء، وتولي القيادة العامة للقوات المسلحة، مع تعيين قادة الجيش النظامي والحرس الثوري أو عزلهم، وتنظيم مجلس الدفاع الأعلى الذي يعتبر أعلى هيئة لصنع القرار في القوات المسلحة الإيرانية". ويهدف هذا الجمع بين السلطتين السياسية
والدينية العليا إلى تأمين "أسلمة" الحكومة والمجتمع. ومارس الخميني بالفعل هذه السلطات وغيرها، بحكم مكانته النافذة النابعة من كونه المؤسس الكاريزمي للجمهورية الإسلامية. ولقد حدد الخميني الاتجاه العام لسياسة إيران، وأدلى بحكمه في النزاعات بين الفئات التي تأتمر بأمره، عن طريق الإشارة العلنية أو الضمنية لأولويات السياسة لديه". وكانت خطاب الخمينى العامة تقابل ببيانات التأييد من قبل السياسيين والمنظمات وبعد وفاة الخميني، استمرت ولاية الفقيه –كمؤسسة – شكليا على الأقل.
ويشغلها الان اية الله علي خامنئي )وهو رئيس سابق لإيران في الفترة من 1981م إلى 1989م( وأصبحت أضعف من ذي قبل. ولذا كان لا بد من اضافة سلطات رسمية جديدة لولاية الفقيه، في الدستور الجديد الذي تم التصديق عليه في 28 تموز/ يوليو 1989 م )أي بعد شهرين من وفاة
الخميني(، وذلك للتعويض عن سلطة خامنئي الشخصية الضعيفة مقارنة بالخميني". وفي الوقت الحالي، لا تحظى بيانات خامنئي بتأييد تلقائي، ولم يتمكن من احتواء الصراعات الداخلية كما فعل الخميني، كما يرى الكثيرون أنه أقل كفاءة ومهارة في المجال السياسي من الرئيس رفسنجاني الذي يخضع رسميا لخامنئي".

وتعرضت مكانة ولاية الفقيه للضعف على الصعيد الديني. فمن المعروف أن خامنئي رقي إلى رتبة آية الله عندما خلف الخميني، الأمر الذي يعد خرقا واضحا للهدف الأساسي الذي يقضي بأن يكون الفقيه حائزا على المكانة الدينية بشكل لا يرقى إليه الشك. وجاء تعيين أية الله العظمى الأراكي في منصب
المرشد الأعلى بعد وفاة الخميني اعترافا بضعف خامنئي في العلوم الدينية". ولهذا تحتل مؤسسة ولاية الفقيه مرتبة منخفضة إذا قيست بمقياس مؤسساتي هام هو الاستقلال الذاتي. ويبدو أن قوة المؤسسة تعتمد بشكل واسع على شخصية من يتولاها، أكثر من اعتمادها على قدراتها الذاتية الخاصة بها ضمن بنية النظام.

وبلا شك فإن ما خسرته مؤسسة ولاية الفقيه منذ وفاة الخميني قد ربحته مؤسسة الرئاسة. وكسبت الرئاسة أيضا في الدستور الجديد سلطات جديدة واسعة في الشئون التنفيذية، وهي سلطات كانت قد تقاسمتها مع منصب رئيس الوزراء الملغى". ومع ذلك فإن الرئاسة، كمؤسسة داخل الجمهورية الإسلامية، مازالت تعاني كثيرا من العوائق –مثلها في ذلك مثل منصب ولاية الفقيه– وهذا يعني أن قوتها تعتمد على نوعية الشخص الذي يحتل هذا المنصب، وقد ضعفت الرئاسة في الماضي بسبب ضعف القدرات السياسية الشخصية للرئيس السابق خامنئي، من جراء اصطدام الرئاسة بمنصب رئيس
الوزراء الذي كان يشغله مير حسين موسوي في الفترة 1891م – 9891م، وهو راديكالي من خارج فئة رجال الدين. أضف إلى ذلك أن مهارات رفسنجاني وسمعته لم تؤد إلى تقوية نفوذ منصب الرئاسة الجديد فحسب، بل إنه هو الذي قام بتحديد بعض السلطات الرسمية الجديدة المخصصة لها، وذلك
قبيل حصول عملية الانتخاب التي كان فيها الأوفر حظا بين المرشحين". ويعتبر المجلس، أو مجلس الشورى، مؤسسة هامة حازت اهتمام الثورة الإسلامية، برغم أنه كان موجودا خلال عهد الشاه، لكن بدون تمتعه بأي سلطة تذكر. وكانت كلمة المجلس نافذة في عملية المصادقة على الميزانية العامة
ومراقبة تعيين وزراء الحكومة وإجراء التحقيقات، مع المساعدة في تطبيق بعض السياسات الاقتصادية والعسكرية". وكدلالة بالغة الأهمية على قوته الدستورية، فإن المجلس حافظ على سلطاته الرسمية وتماسكه خلال أربع عمليات انتخاب متتابعة، كما تمكن من استيعاب مجموعة من أصحاب الأراء
المختلفة بين صفوفه. وهذا الوضع سمح حتى لرئيس الوزراء المعزول، مهدي بازركان، بتزعم جبهة معارضة صغيرة داخل المجلس لسنوات عديدة بعد سقوطه من السلطة. غير أنه من المهم القول: إن المجلس عانى من نقاط الضعف نفسها التي أصابت المؤسستين السالفتي الذكر، من حيث اعتماده على الشخصيات القوية بدلا من العناصر الهيكلية الموجودة في صميم المؤسسة ذاتها. وتشير التقارير
الصحفية إلى أن منصب رئيس المجلس، الذي شغله رفسنجاني القوي لفترة طويلة، صار أقل نفوذا –إلى حد ما– داخل النظام في عهد نائب رئيس المجلس السابق، مهدي كروبي، الذي كان أكثر راديكالية وأقل دهاء في المجال السياسي". وذكرت صحيفة طهران تايمز أنه بعد انتخاب رفسنجاني
لمنصب الرئاسة عام 9891م، قام 210 من أصل 270 نائبا في المجلس بمحاولة غير ناجحة لإقناع أحمد الخميني، وهو شخصية مهمة وراديكالية، بالحلول محل رفسنجاني في عضوية المجلس وربما منصبه في رئاسة مجلس الشورى. بما يعد اعترافا بأن رحيل رفسنجاني سيضعف مجلس الشورى
كمؤسسة"، وأن قوة المجلس اعتمدت بشكل كبير – على وجود أحد أقطاب النظام البارزين في منصب رئيس المجلس.

ويعتبر مجلس الأوصياء، المؤلف من 12 عضوا، مؤسسة منفصلة أقامتها الثورة ونص عليها الدستور. وترجع أهميتها لكونها تشرف على قوانين مجلس الشورى للتأكد من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية. والهدف من وراء ذلك هو ترسيخ الشريعة الإسلامية لتكون القاعدة القانونية الأساسية التي تحكم المجتمع. ويتألف مجلس الأوصياء من ستة علماء في العقيدة الإسلامية يقومالفقيه بتعيينهم، إضافة إلى ستة محامين مسلمين. ومنذ قيام الثورة هيمن على مجلس الأوصياء كبار رجال الدين المحافظين، الذين ينظر إليهم على أنهم يعوقون الإصلاحات الراديكالية ويحدون من سيطرة الدولة على الاقتصاد". ومع ذلك فإن مجلس الأوصياء قد عانى من التحجر وعدم المرونة. فعارض سن القوانين الاجتماعية الراديكالية، مثل الإصلاح الزراعي وتأميم التجارة الخارجية وإعادة توزيع الثروة، وبالتالي حاول الراديكاليون إضعاف هذا المجلس. ونجحوا عام 8891م في إقناع الخميني بتأليف هيئة جديدة، هي
مجلس "ابتغاء المصالحة"، للفصل في الخلافات التشريعية بين مجلس الأوصياء ومجلس الشورى". وكانت الغاية والنتيجة النهائية لمجلس "ابتغاء المصلحة" الجديد هي تقليص نفوذ مجلس الأوصياء المحافظ وإضعاف استقلاليته وفعاليته". وعلاوة على ذلك، هناك الحزب الجمهوري الإسلامية الذي كان يبشر بأن يصبح مؤسسة قوية توطد حكم رجال الدين. وكان هذا الحزب في سنوات الثورة الأولى وسيلة فعالة لتدعيم قبضة رجال الدين على السلطة، وترجمة توجيهات الخميني إلى سياسة متبعة، مع تقديم كثير من أعضائه ليكونوا مسئولين كبارا في الدولة ونوابا في البرلمان". وبرغم أن الحزب الجمهوري الإسلامي فسح المجال أمام الشخصيات من غير فئة رجال الدين – بل تحالف معهم أحيانا– إلا أنه لم يستطع توسيع قاعدته بشكل كاف يسمح له بالاستمرار، فضلا عن جعل نفسه حزبا جماهيريا قويا. ووفر الحزب قاعدة تأييد سياسي لزعيمه الرئيس علي خامنئي، ولكن ضعف خامنئي –المقرون بالصراع الداخلي بين أجهزة الحزب – أدى إلى إقدام الخميني على حل الحزب الجمهوري الإسلامي رسميا عام 1987م". ويقال: إن رفسنجاني لعب دورا السياسي خامنئي". وهكذا فشل الحزب الجمهوري الإسلامي من عدة نواح في سعيه لكي يصبح مؤسسة، فقد عجز عن اجتذاب عناصر اجتماعية جديدة، وعن التأقلم مع البيئة السياسية المتغيرة، كما عجز عن زيادة تماسكه.

وأنشأت الثورة مجموعة أخرى من المؤسسات ساهمت في زيادة شعبية النظام لدى الجماهير، وخصوصا الطبقات الدنيا في المدن. ومن أهمها مؤسسة الشهيد ومؤسسة المستضعفين اللتان أنشئتا لتقديم مساعدات مالية ووظائف لفقراء المدن. وكانت مؤسسة الشهيد، التي ترأسها – حتى وقت قريب – نائب
رئيس المجلس السابق، مهدي كروبي، تهدف أصلا لمساعدة عائلات أولئك الذين ضحوا في سبيل الثورة، ثم أصبحت فيما بعد مسئولة عن رعاية قتلى الحرب ومعالجة الجرحى في الخارج )ااا(. أما مؤسسة المستضعفين، فقد تولت مهمة إدارة الممتلكات المصادرة من العائلة المالكة والنخبة المنفية، ثم توزيع العائدات على عائلات الطبقة الدنيا المحتاجة". وبحلول عام 2891م كانت مؤسسة المستضعفين تدير ما بين 200 إلى 300 مصنع، و 100 شركة بناء، و 91 مشروعا زراعيا، وما يزيد على ألف من العمارات التجارية أو الشقق السكنية .

وخلال الأعوام الأولى للثورة عملت هذه المؤسسات بشكل وثيق مع وحدات الحرس الثوري المحلية على مساعدة الفلاحين والعمال الإيرانيين فى الاستفادة مما كانت تملكه النخبة السابقة من أراض ومصالح تجارية. كما أن الأموال الطائلة والممتلكات التي أشرفت عليها هذه المؤسسات قدمت للنظام
مصادر مالية، تمكن بواسطتها من تعبئة الجماهير وتثقيفهم سياسيا وأيديولوجيا"، فقد مولت مؤسسة الشهيد –على سبيل المثال – الأنشطة السياسية إضافة إلى نشاطاتها المحددة رسميا". ومن جملة المفارقات أن الضعف التنظيمي الأساسي لهذه المؤسسات قد نتج عن مصادر قوتها الرئيسية، أي السيطرة على الأموال وما يتبع ذلك من محسوبية. وأفرزت الأموال التي يديرها قادة تلك المؤسسات فسادا كبيرا، فقد وجهت إلى أغلبها اتهامات بسوء الإدارة وجرت تحقيقات متعاقبة". وحسب رأي هنتنجتون فإن عدم المناعة ضد الفساد هو سمة واضحة للمؤسسة التابعة وبعبارة أخرى، الضعيفة. وكدليل قاطع على الفساد المتفشي داخل مؤسسة المستضعفين وعلاقتها بالحرس الثوري، عين محسن رفيق دوست لرئاستها هذه المؤسسة "ا(. إثر عزله من وزارة الحرس، وأوكلت إليه علنا مهمة منع إساءة استخدام أموال وهناك أيضا مؤسسة جهاد البناء، التي أصبحت ملاذا لعدد كبير من
المهندسين والفنيين الشباب الثوريين المهرة، الذين أرادوا خدمة الثورة، لكنهم لم يندفعوا بما فيه الكفاية للدخول في الحرب الفعلية، مثلما فعل الحرس الثوري والباسيج. وكانت أهداف هذه المؤسسة تتمثل أصلا في مد سلطة النظام إلى الريف، وتطوير البنى التحتية في المناطق الريفية، والمساعدة في حشد التأييد للنظام بين الفلاحين". وعمل أعضاء جهاد البناء بعد الثورة مباشرة بشكل وثيق مع الحرس الثوري والمؤسسات الأخرى، لمساعدة الفلاحين في الاستيلاء على الأراضي. وفي عدد من الحالات أصبح أعضاء جهاد البناء وكلاء توزيع للأراضي ومشرفين على إعطاء القروض". وبعد نشوب الحرب مع العراق أصبحت جهاد البناء بمثابة "الفيلق الهندسي" للحرس الثوري، وتركزت مهمتها في تشييد الاستحكامات الدفاعية، وبناء الطرق والجسور للعمليات التكتيكية، وتطوير قدرات الإنتاج العسكري الذاتي
الإيراني، من أجل التغلب على الحظر الدولي بشأن تصدير الأسلحة إلى ايران .

توجد أوجه تشابه وترابط أخرى بين جهاد البناء والحرس الثوري، وإن كانت هذه الروابط تمثل أيضا نقاط ضعف لـ "الجهاد البناء" كمؤسسة. وقد جرى تشكيل "جهاد البناء" أصلا على يد متشددين شباب من غير فئة رجال الدين، مثلها في ذلك مثل منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية والحرس الثوري والطلاب الذين استولوا على السفارة الأمريكية، مع العلم بأن وزير شئون جهاد البناء، غلام رضا فوروزش، كان أحد الطلاب الذين احتجزوا موظفي السفارة الأمريكية كرهائن". وانضم عدد آخر من الطلاب محتجزي الرهائن فيما بعد إلى جهاد البناء". ويُذكر أن أحد قادة جهاد البناء الأوائل، علي رضا أفشر، كان أيضا عضوا في الحرس الثوري، ثم أصبح المتحدث الرسمي باسم الحرس ورئيس أركان قائد الحرس محسن رضائي، ويقود أفشر الباسيج الآن". وقبيل وفاة الخميني عين ممثل الخميني لدى جهاد البناء، حجة
الإسلام علبك الته نوري، ممثلا للخميني لدى الحرس الثوري أيضا، ربما الأساسية لدى جهاد البناء هي بالضبط تبعيتها، إذ أصبحت أشبه بجهاز ملحق فإن أعضاء جهاد البناء لم يرتقوا بتاتا إلى المرتبة البطولية التي وصل إليها أعضاء الحرس الثوري، كشهداء محتسبين في سبيل الثورة. الثورية )كوميته( المنتشرة على النطاق القومي. وكما ذكر في موضع سابق، فإن اللجان الثورية شكلت الركيزة الأساسية للحرس، حيث قدمت إلى القوة الثورية الجديدة مقاتلين أشداء مزودين بأسلحة استولوا عليها من ترسانات الشاه. ونشأت اللجان الثورية بين مساجد الأحياء ورجال الدين الأقوياء، في الوقت نفسه الذي تآكلت فيه سلطة الشاه، وقامت بالأعباء الإدارية التي كانت من مهمة النظام السابق. وبرغم أن اللجان الثورية تخلت عن مهماتها الإدارية عندما اشتد ساعد الحكومة الإسلامية، إلا أنها استمرت في عملها كقوات أمن .

لم يكن هناك تنسيق يذكر أو هيكلية تربط اللجان الثورية المتفرقة نظرا الثوري( كان يتبع الأساليب القمعية الشديدة، مثله في ذلك مثل الكثير من القوى الأمنية الداخلية المشابهة، وعمل خارج إطار القانون مما جعله يفتقر إلى الشعبية بشكل كبير". وقد قام النظام بكبح جماح اللجان الثورية بعدة طرق.

ففي منتصف الثمانينات أنشأ النظام هيكلية قومية للجان الثورية وعين قائدا عاما لها، ووضعها رسميا تحت سلطة وزارة الداخلية". وزيادة على ذلك، فإن النظام منح الحرس الثوري سلطة أكبر على اللجان الثورية، عن طريق التوجيه القاضي بأن يقوم حراس اللجان الثورية بنوبات حراسة على الجبهة تحت قيادة الحرس الثوري". أما أقسى ضربة موجهة إلى اللجان الثورية )كوميته( فقد حدثت عام 0991م، عندما صوت المجلس –بعد نقاش طويل – على دمج اللجان بالشرطة والدرك، برغم الاعتقاد السائد بأن اللجان حافظت على استقلالها بشكل غير رسمي". وتكتسب عملية دمج اللجان الثورية أهمية خاصة؛ نظرا لأن كلا من اللجان والحرس الثوري قد بدأ من القاعدة نفسها عام 1979م، وتشكل من العناصر الاجتماعية نفسها )أي من المتشددين في الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى في المدن، من غير فئة رجال الدين( وتسلم كلاهما مهمات متشابهة. بيد أن الحرس الثوري نجح في مقاومة إدماجه في جيش قومي موحد، وذلك بخلاف اللجان الثورية.

- الانعكاسات

إن التحليل السابق لم يهدف إلى إعطاء الانطباع بأن الثورة كانت ستفشل بالضرورة لو لم يتطور الحرس الثوري، أو أن الحرس لم يعان من بعض السلبيات التي ظهرت في المؤسسات الثورية الأخرى. ومع ذلك، فإنه في معرض إثبات قوة الحرس كمؤسسة، يجدر بنا أن نتذكر أنه كان قادرا على تجنب كثير من المصاعب والنكسات التي واجهت المؤسسات الثورية الأخرى. وهذا سيساعد في نهاية المطاف على شرح كيفية تحول الحرس الثوري إلى القوة الطليعية الحامية لمبادى الثورة، بدرجة أكبر مما فعلته القوى الأخرى المشابهة في سبيل ثوراتها.

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

8 من الزوار الآن

916820 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق