الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > الحراك العربي: أزمة الوسائط وبزوغ ثقافة جديدة للتغيير
د. محمد سعدي /المغرب
جسدت ديناميات التغيير التي تعيشها المنطقة العربية في إطار ما يسمى بالربيع العربي تحولا جذريا في الثقافات السياسية والإعلامية السائدة ، حيث أن الوسائط السياسية ( أحزاب، نقابات، تنظيمات مجتمع مدني...) والإعلامية والثقافية فقدت الكثير من مصداقيتها وتجاوزتها بشكل مفاجئ قوة وزخم الحراك المجتمعي، فلم تعد قادرة على مسايرة وضبط صيرورة التغيير السياسي والاجتماعي داخل مجتمعاتها.
إن القاسم المشترك الأكبر لهذا الحراك هو أن صدارة المشهد الاحتجاجي التغييري لم يكن من نصيب الوسائط السياسية والإعلامية التقليدية كالأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والقنوات الإعلامية التلفزية الرسمية وغير الرسمية، كما أن غالبية النخب المثقفة لم تكن لها قوة الاستباق بقدر ما اكتفت باللحاق المتأخر بركب حراك التغيير . هذا ما يجسد في العمق أزمة النخب السياسية والإعلامية والثقافية، فقد ارتكز الفعل الاحتجاجي على تحركات شعبية عفوية وسلمية غير مؤطرة داخل أي إطار سياسي أو ثقافي أو إيديولوجي محدد. ولعبت وسائط الاتصال الجديدة خصوصا الإنترنت والمنتديات الاجتماعية ( الفايسبوك، تويتر..) دورا هاما في هذا الحراك ، وتحول الفضاء الرقمي الرحب إلى أداة فعالة للاحتجاج والتنسيق والتعبئة من أجل إرساء ثقافة جديدة للتغيير قوامها إنهاء ثقافة الزعامة والاستبداد والتطلع نحوثقافة الحرية والمواطنة. وهذا سيكون إيذانا ببزوغ ثقافة سياسية جديدة سيعاد فيها طرح العديد من الأسئلة بخصوص إشكاليات: النخب السياسية والثقافية، الهوية، الدولة والمواطن، الدولة والدين، حقوق الإنسان...
لماذا فشلت الوسائط السياسية والإعلامية التقليدية في فهم وتدبير ديناميات التغيير التي نعيشها اليوم في العالم العربي ؟ ما هي معالم ظهور ثقافة جديدة للتغيير ؟ وكيف نجحت الوسائط الرقمية الجديدة ( الإنترنت ، المنتديات الاجتماعية) في التفاعل الإيجابي مع مختلف سياقات الحراك العربي؟ هذه بعض الأسئلة التي سنحاول مقاربتها والإجابة عنها في هذه المداخلة.
تقوم الحياة الديمقراطية على آليات عمل و مؤسسات تلعب فيها الأحزاب السياسية، و الإطارات النقابية، ومنظمات المجتمع المدني، أو ما يسمى في أدبيات الفكر السياسـي بالوسائـط التقليديـة، دورا أساسيـا و محوريا. إذ تعمـل هـذه المـؤسسات كمحـرك لتنشيـط الحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية فالممارسة الديمقراطية تفقد وضوحها في غياب هذه المؤسسات التي تعمل كصمام أمان ضد استشراء الاستبداد و الفساد بأشكاله المختلفة من خلال صيانة الحقوق السياسية و الاجتماعية و المدنيـة و الثقافية و الدينية للمواطن و تأطيره أو تنميته فيندمج الجميع أو الأغلبية في العمل على إرساء مبادئ الديمقراطية الحقة التي تكفل للفرد حياة كريمة، آمنة ومستقرة. ويفترض في هذه المؤسسات أن تمتلك برامج ورؤية شاملة للإصلاح في مختلف الميادين تتسم بالتجدد لمواكبة مختلف التطورات التي تعرفها المجتمعات البشرية في شتى المجالات.
غير أن تعثر مسيرة تجارب هذه المؤسسات في معظم الدول العربية التي مازالت شعوبها تعاني الاضطهاد السياسي، والتهميش، والتفقير، ومن غياب الحريات العامة، يمنح المشروعية في طرح السؤال حول الأسباب التي جعلت تلك التجارب المرتبطة بالوسائط السياسية ، تعجز عن تحقيق أهدافها وبلورة برامجها، و تخفق في تتويج المشروع النهضوي لبناء دولة ديمقراطية حداثية ، لتتحول ،بفعل ممارساتها وطبيعة علاقتها بالمجتمع، إلى مؤسسات فارغة معزولة عن الشارع السياسي. مما أدى إلى تعاظم حالة البرود وعدم الاستجابة وتوخي الحيطة و الحذر لدى مختلف فئات و شرائح المجتمع، و إلى نشوء حالة شبه شمولية من عدم الثقة و الرضى في معظم القوى السياسية و المدنية لأدائها الباهت، و أدوارها الغائبة، فهي لم تستجب لطموحات الشارع ولم تتناغم مع حاجياته السياسية.
وإذا كان المواطن العربي قد فقد الثقة في أنظمته السياسية التي سببت في تهميشه و إذلاله وإقصائه من الحياة العامة فإنه، بالمقابل، راهن على المؤسسات الحزبية ومنظمات المجتمع المدني للحد من سلطوية النخبة الحاكمة ولتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال عملية التداول السلمي للسلطة. فهل حققت هذه الوسائط ما كان ينتظره منها الشارع العربي؟
أ- الأحزاب
يعتبر البحث و التنقيب في أزمة العمل السياسي في البلاد العربية من أكثر المسائل تعقيدا وصعوبة، باعتبارها أزمة ذات أبعاد ومستويات عدة؛ متشابكة، مترابطة، ومتداخلة، فالمسألة ليست مقتصرة في جانب واحد من الحركة السياسية العربية فحسب، بل هي أزمة تتصف بالشمول حيث تطال جل الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها و انتماءاتها الفكرية و الايديولوجية و تاريخها السياسي. كما أنها، أيضا، أزمة تتصف بالعمق إذ تشمل كل الأبعاد للحزب السياسي الواحد: السياسية و الفكـرية والتنظيمية.
فالمتأمل لمشهد أي حزب عربي سيلاحظ أن معظم الدول العربية تعرف أشكالا مختلفة من الحياة السياسية الحزبية و أنواعا مقيدة أو حرة من التعددية الحزبية غير أن أداءها الوظيفي هزيل وغير مقنع. ولم تحقق الظاهرة الحزبية في العالم العربي المكاسب المفروض أن تتحقق في أي نظام حزبي من حيث هو نظام " يمكنه أن يساعد على تكوين بيئة ديمقراطية سليمة تسمح بإرساء تقاليد سياسية شفافة تضمن تداولا سلميا حقيقيا للسلطة، في ظل وضع آمن و مستقر، يحافظ على استمرارية الدولة من جهة، ويضمن اضطلاعها بوظائفها ومهامها الحيوية و الأساسية بكل اقتدار و فاعلية من جهة أخرى" 1.وقد أبان مسار التجربة الحزبية العربية " عن هشاشة المؤسسات الحزبية وضعف قواعدها، و أكدت من ثمة افتقارها إلى تمثيل حقيقي على مستوى القوى الشعبية" 2، فقد فشلت الكثير من الأحزاب في تحقيق الشعارات التي رفعتها و البرامج التي وعدت بها و الطموحات التي رافقت تأسيسها و نشأتها. وبفعل حضورها الباهت في حياة المجتمع، و تحولها من مؤسسات تمثيلية للتأطير السياسي و التنشئة الاجتماعية وبلورة المطالب؛ إلى قنوات مغلقة تغيب فيها مظاهر الشفافية و الممارسة الديمقراطية، أصبحت تستقبل وتنتج فقط نخبا لا تستحضر سوى مصالحها عبر تبرير الخطابات السائدة .3
وقد أصبح الفاعل السياسي الحزبي يتميز" بالضعف أمام بلورة فعل سياسي منتج للتغيير و التحول ، 4 والارتكان إلى عدم الاكتراث بالمصلحة العامة، و التقوقع على المصالح السياسية الضيقة، و احتراف الانتهازية و النفاق السياسي بهدف بلوغ مقاصد نفعية شخصية وظرفية ما أدى إلى هبوط أرصدة هذه الأحزاب لدى المواطن العربي من جهة، و إلى تحولها إلى أداة طيعة في يد السلطات التي تعمل جاهدة على تشكيلها و تفريخها و الحد من حريتها و التضييق عليها بما يخدم استمرار نهجها السلطوي ويقوي شوكتها و يدعم شرعيتها ويبرر تسلطها القائم على أساليب القمع واحتكار السلطة. وفي الواقع يصعب مساءلتها كأحزاب مؤثرة في الحياة السياسية مادام حضورها موسميا و قاصرا على عملية التصويت وتأثيث المشهد السياسي بدون أن يكون لها أي تأثير قوي في الفعل السياسي . 5
كل هذا يوحي بأن الأحزاب السياسية العربية تعيش أزمة حقيقية تحول دون القيام بوظائفها في التنمية السياسية، وتعزيز الديمقراطية، وتنشيط الحياة العامة، وتحول دون تحقيق تطلعات وطموحات المواطن العربي في بناء صرح الديمقراطية الذي يضمن تداولا سلميا للسلطة ويؤسس لمفهوم المصلحة العامة والمشاركة في الشأن السياسي العام.
إن المتأمل للمشهد السياسي العربي يمكنه أن يستخلص قواسم مشتركة للأنظمة السياسية العربية حيث تتميز بـالاستئثار بالسلطات والاستفراد بالحكم، ومنع توفر مناخات إيجابية لحياة ديمقراطية تقوم على أسس ولها مؤسسات و آليات عمل واضحة، ويتم ذلك من خلال عملها على تهميش الأحزاب و التضييق عليها. وبالمقابل يتحـول " الحزب الحاكم إلى حـزب الحاكـم منتقـلا إلى ملكيـة شخصيـة و عائلية، في القرار والمصـيـر، و فاتحـا أبوابـه لأعـداد كبيـرة مـن الأعضـاء و المنتسبين الانتهازيين الباحثيـن عن منافـع مـن الحكم والسلطات بدون قناعات حقيقية ببرامجه ونظرياته ومؤتمراته الخادعة والمبرمجة في دوائر خاصة وخدمة لمصالح خاصة 6. مما نتج عنه وضع حد للمنافسة و التعددية الحزبية الحقيقية، باعتبارها إحدى اللبنات الأساسية لتنمية المشاريع السياسية والاقتصادية و الثقافية للمجتمع ، مبررة ذلك بعدم جاهزية المجتمعات العربية للممارسة الديمقراطية، فالتعدد و المنافسة السياسية لم يتطورا بعد ليكونا أساس الاختلاف السياسي.
ب- المجتمع المدني
التفكير في الديمقراطية كطريقة لتحديث البنى السياسية التقليدية في العالم العربي دفع إلى التساؤل حول الشروط والإمكانيات الثقافية و الاجتماعية لتحقيقها. وإحدى هذه الشروط هو قيام المجتمع المدني الذي يعني " بالدرجة الأولى كل نوعيات وأشكال المقاومة التي يبديها و يفرزها المجتمع للإفلات من الهيمنة القوية و الكلية للدولة "7 فأصبح بذلك " نوعا جديدا من اليوتوبيا السياسية تجسد الأمل في دمقرطة الحياة السياسية و الحد من غلواء السلطة عن طريق إذكاء أشكال ونوعيات المقاومة هاته " .8
إن ظاهرة المجتمع المدني، لا تنمو و تتطور إلا في ظل مجتمع حر مكون من أفراد متمتعين بمواطنتهم، ويتبادلون بشكل عادل، نتائج و ثمار العمل الاجتماعي ويعملون على تدعيم الأسس الديمقراطية لتداول القيم والمصالح في سياق منظم و قانوني واضح، غير أن كل ذلك يتطلب ثقافة سياسية تقوم على المشاركة و الاختلاف و التعددية و تساهم بالتالي في خلق فضاءات اجتماعية وسياسية جديدة9 . وهو المناخ الغائب على مستوى المشهد السياسي العربي حيث " إن أجهزة الدولة تسيطر على كافة فضاءات التعبير و تراقبها و لا تسمح إلا بهامش ضئيل من النقد والاحتجاج الذي لا يجب أن يتجاوز في شتى الحالات الحدود المسموح بها" . 10
وتموج الساحة الاجتماعية للمجتمعات العربية بالعديد من مؤسسات المجتمع المدني تتوزع بين منظمات تعنى بحقوق الإنسان ومنظمات تسعى للدفاع عن التنمية وحرية المرأة و حقوق الطفل، وجمعيات مهنية وغيرها. وكان المواطن ينظر إليها كقوة مضافة إلى الأحزاب السياسية و الإطارات النقابية للمطالبة بالإصلاح و التغيير، غير أن أداءها على مستوى الممارسة الواقعية يفضي إلى القول بأنها تفتقر إلى الفعالية والمردودية، فانتهت إلى ما انتهى إليه الفاعل الحزبي و النقابي بأن تحولت إلى مؤسسات صورية و شكلية و إلى ديكورات لاستكمال المشهد المؤسساتي الهش ، فانهارت، بفعل ذلك، طموحات فئات عريضة من المواطنين في العالم العربي في بناء مؤسسات و تنظيمات قادرة على الحد من سطوة النخبة الحاكمة التي تتحرك في كل الاتجاهات. حيث تم تضييق مجال المجتمع المدني وحصره في تقديم الخدمات الاجتماعية بدلا من الدولة، و استبعدت ما أمكن أشكال التنظيم التي تمكن من التعبير عن قيم المواطنة والحرية والاستقلالية .
وتقف مجموعة من التحديات و العوائق حجرة عثرة أمام تحقيق مؤسسات المجتمع المدني لأهدافها و لدورها في تطويق ومحاصرة البنى التقليدية للمجتمعات العربية، مما أفقدته فعاليته فأصبح ” لا وظيفيا ‟ في علاقته بعمليات التحول الديمقراطي و الإصلاح السياسي المنشود، وطوقته بسلسلة من القيود حدت من قدرته على الحركة وشلت إرادته في التغيير.
وتعاني معظم مؤسسات المجتمع المدني في الوطن العربي من التوتر في العلاقة مع أجهزة الدولة و نظامها السياسي الذي " يضع ضمن أولوياته الأولى مراقبة فضاء الفعل السياسي و الاقتصادي و الثقافي مراقبة شديدة، مما يستحيل معه ظهور أية مؤسسة أو تنظيم جماعي لا يحظى بالموافقة المسبقة لأجهزة النظام المختصة"11 . فقد سعت العديد من الأنظمة السياسية العربية إلى تسخير أجهزتها و سياساتها في خدمة مركزيتها و شمولية أنظمتها، فتبنت أساليب التضييق على كل من يحمل توجها لبناء مجتمع مدني حقيقي بعيدا عن سلطة الدولة. هذا ما حرم المجتمعات العربية من نقطة الارتكاز الضرورية لبناء هياكل ومؤسسات من طبيعة مدنية، أي قائمة على أسس قانونية سياسية عقلانية وعلى الشراكة بين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.
ت - وسائل الإعلام
تتميز وسائل الإعلام في العالم العربي بغلبة التوجهات الرسمية على وسائل الإعلام حيث يتم التركيز على الأخبار الرسمية التي تحتل الصدارة في الصحف والإذاعة والتلفزيون، ويخصص لها وقت أكثر وأهم. وذلك مقابل تهميش الأخبار التي تهم قطاعات واسعة من المواطنين أو تمسهم في حياتهم اليومية. وغالبا ما تنتظر المؤسسات الإعلامية أثناء الأحداث الطارئة، التوجيهات والتعليمات الرسمية للتحرك. وهذا ما يؤدي إلى فقدان مصداقية الإعلام وانعدام ثقة المواطن في وسائل الإعلام الرسمية. وفي جل الدول العربية تتميز المواد الإعلامية في الصحف والإذاعة والتلفزيون بطابع السرد والوصف والتقريرية وبتقديم الوقائع والأحداث بشكل منعزل عن التحليل المتعمق لتفسير دلالات الأحداث وسياقاتها العامة السياسية الاجتماعية الاقتصادية والثقافية. مما لا يساعد المواطن على فهم الأحداث والوعي بخلفياتها، وهو ما يؤدي إلى تكريس حق المواطن في الإعلام والمعرفة.
يمتاز تعامل معظم الدول العربية مع وسائل الإعلام بالسلطوية بحيث أن السلطة تكون المحور الأساسي للخطاب الإعلامي والأنظمة الحاكمة هي التي تقوم بتوجيه وسائل الإعلام على مستوى الموضوعات المتناولة والقيم التي يتم تكريسها والاختيارات السياسية... مما يؤدي في الغالب إلى تغييب المعارضة والنقد الموضوعي لصالح خطاب أحادي لا يحترم حق المواطن في إعلام متعدد منفتح وديمقراطي.
وبصفة عامة تتشابه في الغالب السياسات الإعلامية في عدة دول عربية على مستوى احتواء الإعلام وإدماجه في مؤسسات السلطة السياسية وتوظيفه لأغراض سياسية، إيديولوجية ودعائية وذلك على حساب حق المواطن في إعلام موضوعي نزيه يخدم مصالح المجتمع والمواطن قبل كل شيء. وهناك غياب للبعد الاستراتيجي على مستوى التخطيط للسياسات الاتصالية حيث تسود العشوائية. وثمة نقص شديد في المعلومات والبيانات والبحوث التي تهتم بتطوير الإعلام. كما تمتاز السياسات الإعلامية بتمركز شديد في عمل وأداء وسائل الإعلام حيث تركز عملها في العواصم والمدن الكبرى دون الاهتمام بالبعد الحيوي للإعلام على المستوى المحلي لتحقيق التنمية المحلية والحكامة المحلية.
ومنذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، قامت معظم البلدان العربية بإعادة هيكلة قطاع الاتصالات. وكان لقدوم الهاتف النقال والانترنت إلى المنطقة العربية دور مهم في إعادة النظر في قطاع الإعلام وتم الشروع في سياسة خوصصة قطاع الاتصالات وتحريره. ورغم ذلك فإن احتكار الدولة وهيمنتها مازالت سائدة خاصة في مجالات الاتصالات التقليدية.
وبشكل عام هناك غياب الشفافية والتدفق الحر للمعلومات والأخبار داخل العالم العربي.ولم يتم إعارة اهتمام كبير للسياسات الإعلامية في العالم العربي وفي غالب الأحيان لم يكن هناك وعي بأهميتها، فقد كانت هناك عفوية وارتجالية في رسم السياسات العامة وغياب لاستراتيجيات إعلامية على المدى البعيد. وعدم الإقرار بأن ملكية الدولة لوسائل الإعلام يعني ملكية الشعب لها، أدى إلى أن السياسات الإعلامية لم تكن تستجيب لحاجيات المجتمع وآمال المواطنين. وهذا ما أدى إلى غياب قوة وتأثير الرأي العام لضعف وسائل الإعلام وعدم اهتمامها بحاجيات وخيارات المواطنين.
ث - المثقف
إن استئثار الطبقة الحاكمـة في الوطن العربي بالسلطة لعقود، مع ما صاحب ذلك من استبـداد و قمـع وغياب لحرية التعبير و احتكـار لوسائل الإعلام و الصحافة و مصادرة الحريات العامة ،جعلها تأخذ الحيطة والحذر من الدور الهام الـذي قد يلعبه المثقف لذلك سعت بكل ما أوتيت من قوة إلى احتوائه و تحجيم و تهميش فاعليته ، بل أكثر من ذلك عمدت إلى محاولة تغييبه وذلك مـن خلال تسخير الأجهزة الأمنية لمضايقة كل من حاول الخروج عن هيمنتها تارة،وتارة أخرى بتوظيف أسلوب الإغراء قصد إنتاج طبقة مثقفة موالية و مسايرة لأهدافها المتمثلة في حماية وجودها و ضمان استمراريتها.
وأمام هذا الواقع انقسم المثقفون إلى فئات يمكن إجمالها كما يلي:
- مثقفون موالون للسلطة وهم الذين مقابل إغراء الوظائف والامتيازات يوظفـون إمكاناتهـم و طاقاتهـم فـي دعم الأنظمة الحاكمة و التنظير لها وتبرير سياساتها ،فأصبحوا بذلك بوقا لها سواء على الصعيد الفكري أو حتى السياسي .12
- مثقفون أغلقوا الباب على أنفسهم و تقوقعوا حول ذاتهم خوفا من القمـع من جهـة ورغبة منهم لعـدم الاستجابة لسياسـة الاحتواء من جهة أخرى. واكتفـوا بالمقاومـة السلبية نظـرا لعـدم قدرتهم على تغيير الواقـع القائـم.
- مثقفون اختاروا الهروب من الواقع العربي المؤلم بالهجرة إلى أوروبا و أمريكا ، فمنهم من واصل ممارسة دوره في نقـد الواقع العربي و أنظمته القمعية مستثمـرا هامـش الحريـة المتوفر لهـم، وهناك من قطـع صلته بواقعه السابـق وانغمس فـي بريـق الحياة الجديدة بالمهجر.
- مثقفون واصلوا رسالتهم في ظل الواقع العربي المتسلط، واعتمدوا منهج المواجهة داخل الوطن حيث قاوموا وسائل الإغـراء ، فتعرضـوا للاعتقال و التضييق و الحصـار للنيـل من عزيمتهم وإجبـارهـم علـى الخضوع والاستكانة.
ونتج عن هذا الواقع أن أصبحت الثقافة العربية بعيدة عن الواقع المعاش و غائبة عن مسايرة التحولات المجتمعية ، لذا فهي لا تلعب دورها المنوط بها في صناعة حياة حرة كريمة تقوم على نشر العدل و التسامـح و الاحتـرام للـذات و للآخريـن مما أثر سلبـا على واقع المفكـر العـربـي ."فهو اليوم في غالب الأحيان ليس نتاجا لواقعنا و ليس نتاجا لهمومنا فهو إما نتاج غربي أو نتاج تاريخي وفي كلتا الحالتين أصبـح ليس منا فرحل عنا وهو برحيله هـذا يكون ترك الميدان"13 . إضافة إلى الإحبـاط الذي أصابه و جعلـه قاصـرا عن القيام بما تمليه عليه رسالة الثقافة التي يحملها. كما أن غياب الديموقراطية في العالم العربي و تغييب المثقفين عن الساحة قد ساهم في جعل مصيـر الثقافـة بين حفنة مـن أشباه المثقفين الذين أغلقـوا الأبواب أمـام الإنتاج المثمر والمتميز و روجـوا لكل الأعمـال الهابطة التي لا تخـدم أية قيمة ممـا أدى إلى غياب الإبداع الذي يشترط تملك الخيارات و توفر الحريات .
يصعب استشراف مستقبل حراك التغيير وفهم طبيعة المرحلة التاريخية التي يعيشها العالم العربي في ظل الربيع الديمقراطي، و تسارع وتلاحق الأحداث وتطورها يسير في اتجاه ظهور معادلات تغيير جديدة، وذلك حتى في الدول التي نجحت فيها هذه الثورات في إسقاط الأنظمة الحاكمة. ونظرا لذاك فإننا سننأى عن تقديم أي أحكام نهائية بخصوص تحديد ملامح ثقافة جديدة للتغيير في العالم العربي فمصير الحراك السياسي والاجتماعي ما يزال مفتوحا على كل الاحتمالات، مما لا يسمح بقراءته قراءة موضوعية تساعد على كشف ملابساته وتتبع سلم تطوره واستشراف مستقبله.
وبعد أن كان المنظور السائد في البحوث والدراسات السياسية العربية يركز على تناول ودراسة مؤسسات الدولة بما فيها الأحزاب السياسية ، جاءت التحولات العربية على أرض الواقع لتظهر أنماطا مختلفة وجديدة من القنوات فرضت على الباحثين والمتخصصين إعادة النظر في مفاهيم وحقائق جديدة لعدد من الظواهر السياسية. ومما يثير الانتباه والدهشة عجز النسق الإدراكي والمعرفي للعلوم الاجتماعية والسياسية عن التنبؤ بالحراك العربي و فشلت عشرات المراكز والمعاهد المتخصصة في دراسة الشؤون العربية عن قراءة الواقع السياسي العربي، حيث تفاجأ الجميع، دولا ومراكز أكاديمية وإستراتيجية بالطريقة والصورة التي تمت بها موجة التغيير الجديدة في العالم العربي . 14
نتج عن سلطوية النظم السياسية العربية المحتكرة لكل المجالات، انسداد الأفق السياسي، وتعثر المسار الديمقراطي، و ازدياد الشعور بالإحباط و اليأس وفقدان الثقة...مما دفع بكل المهتمين و المتتبعين للشأن العام إلى المشاركة في الحياة العامة من خلال قنوات بديلة، وفي مقدمتها الحركات الدينية و العرقية و المناطقية، و التي تحولت إلى أهم فاعل سياسي في مواجهة النظم المستبدة في معظم الدول العربية. وفي السنوات الأخيرة، ظهرت أيضا العديد من الحركات الاحتجاجية ذات أرضية سياسية ومطلبية نشأت خارج الأطر المؤسسية ، ورفضت تلك الحركات أن تشارك في المنظومة السياسية التي فرضتها الدولة على معارضيها، وتبنت خطابا يتجاوز مطالب الإصلاح التدريجي، وطالبت بالتغييرات من خلال تعبئة الشارع في مواجهة النخب الحاكمة. كما لجأ الشباب في السنوات الأخيرة إلى استخدام الفضاء الإلكتروني، و المواقع الاجتماعية لتأسيس حركات احتجاجية شبابية أصبحت محركا مهما للتغيير في العديد من الدول العربية. وظهر في الآونة الأخيرة نمطان رئيسيان للتغيير في المنطقة. النمط الأول يقوم على نجاح حركات ذات طابع عرقي أو طائفي أو ديني في تحدي سلطة الدولة المركزية، أما النمط الثاني، فيقوم على نجاح حركات احتجاجية ذات طبيعة أفقية لا مركزية تجمع بين فئات مجتمعية و سياسية مختلفة في إسقاط النخب الحاكمة، من خلال تعبئة شعبية واسعة النطاق .15
أن الربيع العربي شكل نقطة تحول كبرى وانعطافة تاريخية هامة في المشهد السياسي؛ فبمشروعه تغيرت موازين القوى: شكل الدولة، طبيعة النظام، ونمط إدارة المجتمع...وكان ذلك كله تحت تأثير عاملين أساسيين؛ الأول داخلي ويتمثل في الحراك الاجتماعي، والثاني خارجـي ويتمثـل فـي تأثيـرات المحيـط الإقليمـي والدولـي سلبـا أو إيجابا. وقـد بـدأ هـذا الـربيع مسـاره مـن العالم ” الافتراضي “ تواصلا وتعبئة، ليتحول إلى قوة هائلة على أرض الواقع بفعل خروج الجماهير ، في مليونيات منتظمة في حشود جماعية ضمت كل الأطياف والفئات بمختلف أطيافها الأيديولوجية والفكرية والعرقية و الطائفية و الدينية، استجابة لنداء التغيير عبر رفع شعار "حرية ،كرامة وعدالة اجتماعية ". لقد أبان المواطنون خلال هذه الثورات عن وعي ذاتي وحس مدني راق ومسؤول جسد الرغبة الملحة لصياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس لنظام يستمد شرعيته من الإرادة الجماعية لضمان بناء دولة المؤسسات والقانون والحريات.
إن أهم ما ميز هذه الثورات، خاصة التونسية والمصرية، يكمن أساسا في أنها قدمت مشهدا رائعا ونموذجا حضاريا جديدا يتمثل في الثورات السلمية الجماهيرية،فكسرت بذلك حاجز القهر والصمت والخوف السيكولوجي الذي طالما قيد التحركات الشعبية، وعرقل إمكانيات التغيير.
وقامت الفئات الشابة، وهي التي اعتقدت النخب أنها خاملة عاجزة، أو عابثة لاهية، ببرمجة الانطلاقة الفعلية للثورة للمطالبة برحيل الأنظمة الفاسدة التي انهارت أمام المسيرات العفوية والسلمية بصورة أبانت عن هشاشة بنائها وتآكلها الداخلي وعن بداية دورة انحدارها التاريخي في أفق بناء دول ديمقراطية حداثية ، وقد أسعفها في ذلك التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال لتتغلب على رصد أجهزة الأمن وملاحقاته لها، وعلى قهر العزلة بفعل تواصلها وتفاعلها حيث بات الفضاء الإلكتروني مجالا مفتوحا للجميع وآلية أساسية من آليات التعبئة والتنظيم.
وكان من بين النتائج المترتبة، عن هذا الحراك الشعبي الذي تم بهذه الصورة ، انهيار أنظمة عربية ، وبداية التأسيس لزمن ديمقراطي جديد لم تكتمل ملامحه بعد ، وهي لحظة تاريخية تغيرت فيها موازين القوى بين رأس الهرم: السلطة، وقاعدته: الشعب؛ من خلال وضع الدولة في حدود المجتمع وفي خدمته وليس وضع المجتمع في خدمة الدولة .
لقد فرضت الجماهير المحتجة ثقافة تغيير جديدة بعد أن تحدت الاستبداد وتخلصت من عقدة الخضوع، وكسرت حاجز الخوف الذي يشل إرادتها على الحركة والفعل ولأول مرة أصبحت إرادة الشعب معادلة سياسية أساسية ورقما رئيسيا يمكن أن يغير معالم المشهد السياسي عبر التعبير عن طموحات واختيارات جديدة للتغيير والإصلاح ، وعبر إعادة النظر في الكثير من المفاهيم والأحكام التي هيمنت على الثقافة السياسية العربية خلال عقود حكم الأنظمة الشمولية. وكل ذلك من خلال تعديل موازين القوى لصالح الفئات العريضة من الشعب وذلك بالمشاركة في صناعة القرار السياسي.إنها بداية قطع العلاقة مع خوف الماضي وإعادة تعريف دور المجتمع من دولة اختزلت المواطنة في قواعد السلوك والانضباط والخنوع بالكيفية التي تضمن ديمومة السلطة، إلى دولة ينطلق تشييدها من المواطن ولأجله. إنه إيذان بكسر عقلية النخبة والانتقال إلى المجتمع التداولي، حيث كل الناس هم فاعلون ومشاركون في أعمال البناء والإنماء، كل من موقعه وبأدوات اختصاصه .16
وأيا كانت المواقف المؤيدة أو الرافضة أو المتحفظة التي تقيم على ضوئها حصيلة هذا الحراك ونتائجه في المستقبل المنظور أو البعيد، فإنه بحكم ما حققه من مكتسبات حتى الآن، يعكس تشكل معالم ثقافة سياسية جديدة بدأ فيها إعادة الشأن العام إلى مجاله العام من خلال تحريره من سيطرة وقمع السلطة الحاكمة.
وكانت جميع الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بالعالم العربي من داخله وخارجه تنبئ بانفجار الوضع إن عاجلا أو آجلا، وبقرب تجاوز نموذج دولة الاستبداد إلى نموذج الدولة المدنية التي تصون كرامة المواطن وتحقق العدالة الاجتماعية وتملك القابلية على التطور حسب حاجات تقدم المجتمع وتطلعاته. لقد خرجت حشود المواطنين في جل الدول العربية ، بشكل فاجأت به الأنظمة التي كانت قد اقتنعت بأن المجتمعات في العالم العربي قد استسلمت لقدرها المحتوم باسم تحقيق الاستقرار.
إن " الفاعل الاحتجاجي" لم يعد يتجسد في المناضل الحزبي ولا النقابي، ولا أي من الأشخاص المنتمين للوسائط المنظمة والمؤثرة في النسيج الاجتماعي فقط، بل ظهر المحتج بوصفه فاعلا ذا شخصية مستقلة لكنها شبكية، وهو يجسد انبعاث وعي سياسي حاد غير مؤطر حزبيا ، متجاوزا لمنطق التنظيمات التقليدية والحسابات السياسية الضيقة. هذا الفاعل الجديد سئم من الأنساق التنظيمية والحزبية الضيقة الأفق والتفكير، واقتنع بعدم جدواها وبعجزها عن قيادة التغيير ، ولم يعد يؤمن بضرورة وجود الزعيم الكاريزمي الذي يقود الجماهير ويستلهمها. إنه حراك سياسي انطلق بمجهود جماعي، وليس من السهل كشف مركزه ومحركه أو معرفة طبيعة آليات اشتغاله ووتيرته. والمحتجون بقدر انخراطهم في العولمة بقيمها وآلياتها وأفقها بقدر ما عبروا عن ارتباطهم بقيمهم المحلية الثقافية والاجتماعية بنهجهم سلوكيات مميزة داخل ميادين التحرير.
أدت رياح التغيير السياسي التي هبت على العالم العربي منذ بداية هذه السنة إلى خلق دينامية سياسية غير مسبوقة ، ويبدو أنها بداية الانتقال من مرحلة النزعات الخطابية و الشعاراتية إلى مرحلة الفعل السياسي. وتميزت التظاهرات الشعبية بخلوها من الشعارات الإيديولوجية وتحررها من تأثير الأحزاب و من العمل التنظيمي مع طغيان العنصر الشبابي عليها وباعتمادها على الوسائل الإلكترونية الحديثة في التعبئة والحشد وبنهج أسلوب سلمي تجنبا للاصطدام بأجهزة الدولة. وقد وجدت الأجيال الجديدة من الشباب ضالتها في عالم الإنترنت كفضاء اتحادي افتراضي يشجع الالتقاء والنقاش الحر والتواصل التلقائي حول القيم الأساسية ذات البعد الإنساني المركزي. إنه إيذان بنهاية العقائديات الشمولية التي سيطرت في الحقب السابقة باسم التيارات القومية أو الاشتراكية أو الإسلامية. لذا فإن نجاح هذه الحركات الشبابية في قيادة موجة التغيير في العالم العربي مرتبط بمركزية مطلب الحرية والكرامة والعدالة باعتبارها قيما يمكن أن تتوافق عليها كل التيارات الإيديولوجية والدينية والسياسية بمختلف أطيافها.
كما انصرفت هذه القوى الشبابية عن قنوات المشاركة الشرعية، بعد أن يئست من إمكانية تحقيق مطالبها في ظل القيود التي فرضتها الأنظمة السلطوية على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ، فاعتمدت على المشاركة غير التقليدية ، مثل التظاهرات والاعتصامات وأحيانا العصيان المدني. وتميزت التحولات السياسية الراهنة بكونها مدنية ، بحيث وضعت الشارع العربي في مكانه الطبيعي في صدارة المشهد السياسي ، باعتباره وحده الذي يقود هذه التحولات عكس ما وقع في فترات زمنية سابقة حيث اعتمدت أغلب التحولات في قيامها على الانقلابات العسكرية. فإذا كانت التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية في مرحلة الخمسينات والستينات نتجت عن تحرك فوقي لنخبة عسكرية وبتخطيط سابق وأحيانا بإراقة دماء ساهمت فيها عوامل داخلية وخارجية ، فإن الحراك الشعبي العربي الراهن استلهم روح التحولات السلمية في العالم مستفيدا من نضج مجتمعاتها ، فانطلق بدون قيادة وتبناه الجميع متخذا من الميادين ووسائل الإتصال والتواصل الحديثة سلاحا له في مواجهة آلة القمع.
إن جيل الشباب فاجأ الأنظمة بقدرته على التضحية، كما أنه أسقط أسطورة التنظيمات السياسية التي تقود المتظاهرين إلى الاحتجاج وعكس المعادلة فالدعوة للتظاهر لا يستلزم بالضرورة وجود تنظيم محكم ودقيق يدعو وينظم الشباب . بل قد يتم الاكتفاء بإعلان الدعوة عبر وسائل الاتصال الحديثة فيستجيب الشباب ثم يتجمعوا في مختلف الميادين في توقيت محدد وفي أماكن مختارة دون وجود قيادة معينة أو أجندة سياسية ولا تجربة حزبية.
وإذا كانت الأحزاب والقوى السياسة قد أعلنت تضامنها والتحامها مع الاحتجاجات الشعبية إلا أن الملاحظ أنها لعبت دورا تابعا لدور القوى الشعبية الشبابية ، فلم تبادر النخب السياسية للدعوة لهذه الاحتجاجات الشعبية بل في بعض الأحيان تأخرت في الإعلان عن تأييدها للقوى الشبابية كما حدث في الحالة التونسية والمصرية، إلا أنه امام تصاعد وتيرة الاحتجاجات وانضمام كتل اجتماعية مهمة إليها تراجعت الأحزاب عن حذرها وأعلنت التحاقها بالحراك الشعبي وقد رأى البعض في موقف الأحزاب والقوى السياسية محاولة لركوب موجة الاحتجاجات واختطافها لخدمة مصالحها الخاصة . 17
فتح الربيع العربي آمالا كبيرة في تحقيق الشعوب حلمها وأملها في التحرر والانعتاق من الفساد والاستبداد ومنحها فرصة تاريخية لربح الرهان الديمقراطي، وتجاوز الوضع السياسي المترهل ، وقد أكد المواطن قدرته على الفعل وتحطيم القيم السلبية الانسحابية كقيم الخوف والاستكانة والخضوع. وبذلك أنتج ثقافة سياسية جديدة تؤرخ لبداية عصر التحول السياسي الحقيقي في العالم العربي.
أمام عجز الأحزاب السياسية و جمعيات المجتمع المدني عن أداء أدوارها المتمثلة في التعبئة و التأطير بسبب تضييق الأنظمة الحاكمة من جهة، وبسبب غياب الديمقراطية الداخلية في معظمها من جهة أخرى، وتحولها إلى كائنات مناسباتية ذات أهداف مصلحية آنية من جهة ثالثة،عم نفور المواطنين منها. لذلك فإن الوسائط الحديثة المتمثلة في الفضاء الرقمي ووسائل الإعلام استطاعت أن تحل محلها حيث لعبت دورا أساسيا في الحراك السياسي و الاجتماعي الذي شهدته المنطقة العربية مع قيام الربيع العربي، وساهمت بشكل كبير في نقل الوقائع الميدانية بشكل مباشر و سريع، و كذا في تعبئة المحتجين وتنظيمهم من خلال تسهيل التواصل فيما بينهم .
ولأن الشباب هم الكتلة السكانية الأكبر في المجتمعات العربية، ولأنهم الأكثر شعورا بالحرمان النسبي و الأكثر قدرة على التواصل و الحركة فلم يكن مستغربا أن يكونوا في طليعة المحتجين18 . و تؤكد كل البحوث حول الممارسات والسلوكات الثقافية للشباب على أنهم مستهلكون كبار لوسائل الاتصال، وللثقافة الوسائطية. يدعم هذا التحول الاتجاه نحو خوصصة و سائل الإعلام والترفيه الثقافية، وتنامي استقلال المضامين الثقافية الجديدة قياسا إلى المؤسسات والأطر التقليدية للتنشئة. فالشباب الذين امتلكوا قدرا عاليا من الوعي و المسؤولية استطاعوا أن يملئوا الفراغ الناتـج عن تغييب الأنظمة للمثقفين، فقاموا بحمل مشعل الحرية و التغيير وتمكنوا من استغلال المجال الرحب الذي وفرته وسائل الاتصال الحديثة لتمرير أفكارهم وخطبهم بعيدا عن أعين الرقابة و التحكم. فقد " أضافت التقنية الرقمية شريحة جديدة إلى المثقفين، وأعني إلى مفهوم مصطلح المثقف، الذي لم يعد هو الكاتب أو الأديب أو المفكر أو الأكاديمي أو الفنان فحسب...بل باتت هناك شريحة عريضة وهامة جديدة، هـي تلك التـي تضـم التقنـي لفنـون الكمبيوتـر ومعطيـات الثورة الرقمية، وكذلك المستخـدم المتفاعـل بوعـي للشبكـة أيـا كـان عمـره أو تخصصه " . 19 ومع استحكام الأنظمة الحاكمة في العالم العربي لقبضتها الأمنية التي فرضتها على وسائل الإعلام و التعبير التقليدية ،كان لزاما على الشباب المحتج أن يبحثوا عن بدائل يستطيعون من خلالها تمرير خطاباتهم و فتح باب النقاش في الأمور التي ظلت لعقود متتالية من الطابوهات و المحرمات ليجدوا ضالتهم في شبكات التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية ومواقع الفيديو التشاركي ،التي برزت كعامل فاعل و محفز للحركات الاحتجاجية العربية حيث تمكن الشباب بفضلها من الالتفاف على الرقابة و التعتيم الإعلامي ، وسمحت للكثيرين بنقل كم هائل من المعلومات و الصور و الفيديوهات إلى العالم داخليا و خارجيا مما ساعد في إقناع المجتمعات العربية بالتحرك و الخروج من الواقع "الافتراضي" إلى الشارع و الانضمام إلى الشباب في ثورتهم . كما لا يمكن أيضا تجاهل الدور الكبير الذي لعبته هذه الوسائط في تغيير مفاهيم الناس من خلال حملات التوعية التي قام بها النشطاء للتعريف بحقوق الإنسان وبالحقوق السياسية للمواطنين ، وكذا فتح المجال للتفاعل و التواصل بين المواطنين داخل المجتمعات العربية ونظرائهم في الخارج. وتختلف درجة مساهمة المواقع الإلكترونية في إنجاح ثورات الربيع العربي باختلاف مميزاتها و خصائصها من حيث سرعة نقل الخبر و سهولة الاستعمال، وكذا قدرتها على تجنب رقابة الأجهزة الأمنية التي فطنت منذ الوهلة الأولى لتعاظم دورها وسعت بكل ما أوتيت من قوة إلى حجبها و إغلاقها واعتقال المدونين و النشطاء لكن دون جدوى.
ومن المميزات الإيجابية لوسائل الإعلام الجديدة أنها منحت الحركات الاحتجاجية القدرة على إيصال صوتها وصورتها إلى العالم وبشكل متواصل، ومكنت المناطق الأخرى من مواكبتها والتجاوب الفوري معها ، حيث اتسمت الحركة الاحتجاجية بكثرة عدد المدونين المساندين للفعل الاحتجاجي وبرز بحدة دور " إعلام المواطن" متحديا التعتيم الإعلامي الرسمي وذلك من خلال اعتماد وسائل الاتصال الحديثة كالرسائل النصية على الهاتف المحمول والمدونات الإلكترونية والشبكات الاجتماعية الجديدة .20
واقع التحولات الجديدة في البلدان العربية يظهر مدى توظيف أغلب الحركات الاحتجاجية لهذه الوسائل انطلاقا من استثمار وسائل الاتصال الحديثة ( أنترنيت، يوتوب، فايسبوك ) لتحقيق تعاطف كبير وخلق قاعدة عريضة من المحتجين وانتهاء بالنزول والتظاهر بالميادين. و المدركات التي سادت أغلب الدراسات والبحوث الاجتماعية قبل موجة التحولات السياسية في البلدان العربية اتفقت حول شريحة شبابية تشكل نسبة كبيرة من السكان في البلاد العربية ، انغمست إما في الثقافة الإستهلاكية وحالة اللاسياسة والتسطيح تارة، وإما في الإنخراط في الهويات المحلية الدينية أو الطائفية تارة أخرى, إلا أن المفاجئة أن تلك الفئة الشبابية استطاعت أن تسقط هذه المكونات التي اعتبرها البعض ستتعصى على ولوج التغيير عبر أطر وممارسات شبكية افتراضية. ويبدو أن العديد من المحللين قللوا من شأن نشاط شباب " الفيس بوك" باعتبارهم " يقومون بعملية تنفيس عما يجول في نفوسهم في العالم الافتراضي، نتيجة عزلة شعورية عن العالم الواقعي ولكن هؤلاء الشباب أثبتوا أنهم يتحركون برشاقة وجسارة بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي بصورة أذهلت الكثيرين" .
وواقع الحال أن جيل التحولات السياسية في البلدان العربية خرج من رحم تنشئة شبكية لم تدركها الأبنية السياسية السلطوية، سواء الأحزاب السياسية، أم مؤسسات التعليم أو غيرها، فاستخدام وسائل الاتصال الاجتماعي الجديدة ليست مجرد أداة تواصل كما يراها البعض فحسب بل تحمل قيما تسللت بقوة لتلك الشريحة الجيلية. وهذا ما مكن من تأسيس أنماط مشاركة جديدة وتجاوز العديد من القيود التي فرضتها النظم العربية على حريات التعبير والتنظيم وكذلك تنظيم فعاليات احتجاجية نجحت في كسر حاجز الخوف الذي عانت منه لعقود طويلة . 21/22
تعد مواقع الشبكات الاجتماعية من أكثر المواقع انتشارا في العالم؛ وقد اشتهر موقع الفايسبوك في الوطن العربي و انتشر بصورة مذهلة و لعب دورا هاما في تشكيل الرأي العام وتحريك الشعوب: ظهر كبطل إعلامي في كل مشاهد الثورات العربية فغدا وسيلة التواصل الاجتماعي الأساسية الأكثر انتشارا و الأسرع في تحقيق التعبئة الجماهيرية لإحداث التغيير. ويبلغ عدد مستخدمي الفيس بوك بالعالم العربي مطلع 2010 حوالي 26 مليون مستخدم، هذا العدد ارتفع مع اندلاع الثورات إلى 36 مليون مستخدم، وهو ما يوضح أهمية ودور هذا الوسيط التواصلي الذي تحول إلى تقنية ثورية بامتياز. وللفايس بوك مميزات عديدة جعلته الوسيط الأفضل بالنسبة إلى الثوار والمساعد الأساسي في تحريك ثوراتهم حيث يجعل من كل مشترك متلقيا للخبر وصانعا له في نفس الوقت. ويوفر الفايس بوك نقل الخبر بسرعة فائقة وآنية مع إمكانية التفاعل معه و التعليق عليه،بالإضافة إلى تبادل الرسائل و الأفكار و الآراء ،فالحدث الذي يحصل في الشارع لا يحتاج إلا إلى بضع دقائق ليصبح محورا نقاشيا مدعما بالصور والفيديوهات والبيانات و التصريحات لتتوالى بعدها ردود الأفعال والتعليقات و الاقتراحات و الدعوات إلى الاحتجاج و التظاهر، ومن ثم نقل النقاش " الافتراضي" إلى " الواقعي" بعد تحديد الزمان والمكان. " كما ألغت هذه الميزة " الحواجز الزمانية والمكانية والجغرافية و جعلت الفضاء الإلكتروني فضاء مشتركا للحوار رغم اختلاف الأمكنة و الأزمنة 23" . بالإضافة لذلك فإن المنديات الاجتماعية، خصوصا الفيس بوك، تمنح قدرة كبيرة على التعبئة ، هذا ما جعل الشباب يستفيدون من كل الخدمات التي توفرها ،كرفع الشعارات التي تحرك روح التعبئة والاحتجاج والغضب في نفوس المتظاهرين ،و نشر صور الاحتجاجات والاعتداءات التي ترتكب في حق المواطنين و يتم نقل الأحداث في لحظتها كي يتم الحافظ على نبض الشارع وحماسته ، كما نشر الشباب المقالات التي تساهم في زيادة وعي الجمهور و كشف فساد الأنظمة والطبقة الحاكمة . كما لم تخل الروح الشبابية من توجيه رسائل من خلال النكت السياسية اللاذعة ورسم الصور الكاريكاتورية المعبرة والمرفقة بتعليقات ساخرة.
ساهم هذا النمط الجديد من الإعلام في ظهور الصحافي المواطن المشارك الفعال في العملية الاتصالية المساهمة في تغيير الكثير من المفاهيم التواصلية الحالية، وذلك عبر إنشاء المدونات : أغلب الممارسين لهذا النوع من الصحافة هم المواطنون الهواة الذين استطاعوا أن يكونوا هـم أنفسهم الخبر وصانعوه في آن واحد ، وأن يصبحوا مراسلين للقنوات و المؤسسات الإعلامية وناقلين للمعلومات بشكل واقعي و مباشر وملامس للحدث. وما يميز الصحافي المواطن عدم خضوعه للمحطة الإعلامية التي كانت تهيمن على الخبر وتعمل على نقله إلى الجمهور، فهو حر طليق في التعبير و في نقل الخبر بالصوت والصورة و بشكل مباشر و آني و سريع مما يجعل التحكم و السيطرة على الخبر من قبل السلطات أمرا صعبا. وقد حاولت بعض السلطات الحاكمة في الكثير من البلدان حجب بعض المواقع أو المدونات و منعها من النشر إلا أن التقنيات الحديثة أتاحت إمكانية بث الموقع من بلد آخر أو من موقع آخر أو عبر تقنية أخرى أكثر تطورا كما فعلت شركة "google" عندما قطعت السلطات المصرية الاتصالات الهاتفية وشبكة الأنترنت.
إلى جانب الفضاء الرقمي لعب الإعلام، الممثل هنا في القنوات الفضائية، دورا أساسيا و محوريا في مشهد الحراك العربي، من خلال نقل الصورة الحقيقية للوقائع الميدانية وفتح المجال للمحتجين و الشباب من أجل إيصال صوتهم والتعبير عن آرائهم و مطالبهم؛ مكسرا بذلك الطوق الذي ضربته السلطات الحاكمة على الإعلام العمومي الذي ظل، كعادته، يغرد خارج السرب.
رغم المؤاخذات والتحفظات التي يمكن إبدائها حول مدى استقلالية هذه القنوات وحول تعاملها الانتقائي مع أحداث الربيع الديموقراطي ، إلا أن ذلك لا يمنع من الإقرار بأنها ساهمت في تنوير وتشكيل الرأي العام باتباع أسلوب نقل الخبر والمشاهد لحظة وقوعها بمهنية واحترافية عالية استطاعت عبره جذب اهتمام المشاهد وكسب ثقته من جهة، وببث برامج تحليلية ووثائقية رفعت درجة الوعي السياسي من خلال تحليل مجريات الأحداث من زواياها المختلفة . والملاحظ بصدد هذه القنوات، وهي تعكف على تغطية الاحتجاجات التي يعرفها العالم العربي، أنها قدمت الفرصة وفتحت المجال لتقريب زخم الحراك للمواطن حيث أنها سلطت كاميراتها على الساحات و الميادين وأعطت الكلمة لكل المواطنين للإدلاء بآرائهم والتعبير بكل حرية عن مطالبهم. وما يلفت الانتباه أن هذه القنوات الإعلامية استشعرت الدور المتعاظم الذي باتت تلعبه المواقع الإلكترونية والاجتماعية لذا سارعت إلى الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها هذه المواقع، باعتبارها مصدرا مهما للمعلومات و منبرا للتواصل مع الجمهور، فاعتمدت في تغطيتها للأحداث على الصور ومقطعات الفيديو المنشورة على هذه المواقع، كما استعانت بالتقارير التي ينجزها ˮالمواطنون الصحفيون“ لفائدة هذه المدونات أو تلك...هذا التشبيك مع المواقع الاجتماعية ساعد هذه القنوات أيضا ومكنها من الالتفاف على الحظر الذي مورس في حقها منذ الأيام الأولى لانطلاق الحراك الديمقراطي.
ولا بد من تقديم بعض التوضيحات بخصوص إسهام وسائل الإعلام الجديدة في الحراك الديمقراطي فقد تعالت هنا وهناك خطابات وأدبيات تنعت الذي جرى ويجري ب"الثورات الافتراضية", أو "ثورات الإعلام الجديد", أو "ثورات الشبكات الاجتماعية" أو "ثورات الفيس بوك". واعتبر بعض المحللين أن الشبكات الاجتماعية عموما، وشبكة الفايسبوك تحديدا، هي التي كان لها الفضل في توليد وتفجير وإنجاح هذه "الثورات" .
صحيح أن الفايسبوك قد أسهم بقوة في تحريك الاحتجاجات والتحفيز على التغيير، وشكل أداة ضغط نفسية رهيبة على النخب الحاكمة.لكن لا يمكن الإقرار بأن ثمة علاقة سببية من نوع ما بين التحركات الجماهيرية والتقنيات الإعلامية الجديدة وبأن هذه الشبكات الإعلامية هي التي ولدت بشكل مباشر هذا الحراك الذي تعيشه العديد من دول المنطقة العربية وبأنه لولاها لما نشأ هذا الحراك واتسع مداه .24
مما لا شك فيه أن هذه التقنيات فسحت المجال للتواصل وتبادل الأفكار والآراء والمقترحات، و ترتيب الأولويات، وتحديد مواعيد الاحتجاج بالساحات العمومية. لكن الأمر ينحصر هنا ولا يتعداه، فالباقي تتكفل به الجماهير بالشارع.إذ لو لم ينزل الناس للفضاء العام، لما كان للفيس بوك من فائدة كبرى تذكر، حتى وإن كان رواده ومتصفحوه يحصون بعشرات الملايين.
ومن جهة أخرى فإن هذا الحراك السياسي فند فكرة تنظيم القاعدة حول انسداد آفاق التغيير المجتمعي السلمي وضرورة تبني النهج الإنقلابي الجهادي القائم على العنف كخيار وحيد لتغيير الأوضاع في العالم العربي. فلقد أكدت التحولات الأخيرة أن الشعوب قادرة على أن تتغير وأن تحرك التغيير السياسي بشكل سلمي وبدون أية وصاية سياسية أو دينية أو ارتباط بأجندة خارجية .
1 - الحسين الزاوي،« الأحزاب السياسية و الحراك العربي»، جريدة الخليج، 07/03/2012.
2- المرجع نفسه.
3- إدريس لكريني،« محاسبة الديمقراطية: التداعيات المحتملة لاحتجاجات حركة 20 فبراير في المغرب»، مجلة السياسة الدولية، العدد 184، أبريل 2011،ص 90.
4- محسن لحسن خوخو،" الإنتقال الديموقراطي بالمغرب"، مجلة فكر ونقد، ع. 47، مارس 2002، ص 28.
5 - زين العابدين حمزاوي،« الظاهرة الحزبية بالمغرب: مقاربة نقدية على ضوء تجربة التناوب السياسي»، مجلة نوافذ، العدد الثامن و التاسع، يوليوز 2000، ص 192.
6- كاظم الموسوي،«الثورات العربية و الأحزاب السياسية»، مقال مأخوذ من الموقع الإلكتروني التالي: http://kadhimmousawi.blogspot.com/2011/03/blog-post_28.html
7- محمد سبيلا، للسياسة، بالسياسة: في التشريح السياسي، أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء، طبعة 2000، ص 170.
8 - المرجع نفسه.
9- محمد أحمد بنيس،« المجتمع المدني العربي و التباسات التأصيل»، مجلة وجهة نظر، العدد 7، ربيع 2000 ،ص.15.
10- حسن قرنفل، المجتمع المدني و النخبة السياسية، إقصاء أم تكامل؟، أفريقيا الشرق ، الدار البيضاء،1997،ص.222-223.
11- المرجع نفسه، ص 223.
12 - فيصل الدراج، " السياسة و الثقافة- حوار في العلاقات "، تانسيفت، ط 2 – الدار البيضاء 1993، ص. 159.
13 - خالد عبيدات، « دراسة في الفكر العربي »،مجلة الرأي الأردنية، العدد 13358 ،تاريخ 29 /4/2007 ، ص 2 .
14- لمزيد من المعلومات حول الموضوع انظر : أحمد تهامي عبد الحي، " لماذا لم تتنبأ العلوم الإجتماعية بالثورات العربية
- 15لمزيد من المعلومات حول الموضوع انظر : أحمد تهامي عبد الحي، " لماذا لم تتنبأ العلوم الإجتماعية بالثورات العربية ؟"، مجلة السياسة الدولية، ع. 186، أكتوبر 2011، ص. 46- 49.
16 - دينا شحاتة و مريم وحيد،« محركات التغيير في العالم العربي »، مجلة السياسة الدولية، ع. 184، أبريل 2011،ص. 12.
17- انظر علي حرب، ثورات القوة الناعمة في العالم العربي.. نحو تفكيك الديكتاتوريات والأصوليات، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ط 1، 2011.
18 - ناجي عبد النور، " الحركات الإحتجاجية في تونس"، مجلة المستقبل العربي، ع. 387، ماي 2011،ص. 138.
19 - انظر سعد الدين ابراهيم،« عوامل قيام الثورات العربية»، مجلة المستقبل العربي، ع. 399، مايو 2012، ص. 126- 136.
20- السيد نجم، « دور الثورة الرقمية في الثورات العربية »، مقال مأخوذ من الرابط التالي: https://groups.google.com/forum/#!msg/fayad61/7akYD_dyqEo/TztaNvtraLMJ
21/22 - ناجي عبد النور، مرجع سابق ذكره، ص. 144.
23- نديم منصوري، " دور الإعلام التواصلي الجديد في تحريك الثورات العربية "، جريدة الأخبار، ع. 1670، 28/03/2012.
24 - يحيى اليحياوي، "الفايسبوك والانتفاضات العربية"، انظر الرابط: http://hespress.com/writers/59773.html
9 من الزوار الآن
917334 مشتركو المجلة شكرا