المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 3.0 الخلاصات > تجارب وثورات > الاستعمار و كل الرجعيين نمور من ورق للرفيق ماو تسي تونغ

4 آب (أغسطس) 2012

الاستعمار و كل الرجعيين نمور من ورق للرفيق ماو تسي تونغ

إن القضية التالية : كيف نتوصل إلى معرفة القوى الثورية و القوى الرجعية معرفة جيدة ، ما تزال قضية كبرى في الصين ، كما في كل مكان من العالم ، و ثمة كثيرون لم يتوصلوا إلى حلها بعد . إن الاستعمار و خدمه في جميع البلدان ، يشبهون الشمس التي تغيب في الغرب ، في حين أن الاشتراكية و الحركات الثورية الوطنية التي تؤيدها البلدان الاشتراكية تشبه الشمس الطالعة من الشرق . هذه هي سمة عصرنا . وقد ولّى إلى غير رجعة الزمن الذي كان فيه المستعمرون يفرضون سيطرتهم الوحشية على هواهم ، و باتوا الآن و هم على شفا الهاوية ، و أصبح لزاما على الرجعيين أن يخافوا القوى الثورية و ليس العكس . على أنه ما يزال ثمة ، في الوقت الحاضر ، عدد من الأشخاص لا يحسبون حساب هذا الواقع ، و يحملون أفكارا خرافية و أوهاما ، و ما فتئوا يهابون المستعمرين بشكل عام ، و المستعمرين الأمريكيين بشكل خاص ، و هكذا يظلون سلبيين أمام هذه القضية . فيجب على جميع التقدميين و جميع الماركسيين و الثوريين أن يستخدموا أسلوب الإقناع إزاء هؤلاء الأشخاص ، كيما تصبح الجماهير الشعبية الغفيرة على ثقة و تصميم ثوريين ، و بصيرة و حزم ثوريين . و هذا شرط معنوي لا غنى عنه للتعجيل بالتقدم المظفر لقضية الثورة .

و كثيرا ما علمنا الرفيق ماو تسي تونغ أنه عند نظر قضية ما ، ينبغي الإمساك بجوهرها و عدم التيهان في مظهر ما بسيط لها. و لقد كان الرفيق ماو تسي تونغ ، خلال الثلاثين و نيف من السنوات الماضية ، و في كل مرحلة حاسمة من النضال الطبقي في بلادنا ، يجري دائما تحليلا ثاقبا لحالة النضال مستندا إلى العلم الماركسي – اللينيني ، و يبرهن على أن جميع الرجعيين محكوم عليهم بالفناء ، و أن قضية الثورة مكتوب لها النصر . و قد استعمل تعبير (( النمر من ورق )) ليبيّن أن الاستعمار و جميع القوى الرجعية يبدون أقوياء في الظاهر و لكنهم ضعاف في الواقع ، و استخدم المثل القديم (( بوسع الشرارة أن تشعل النار في السهل كله )) ليدلل على أن القوى النامية تكبر يوما بعد يوم خلال الثورة ، و قد بنى ، على أساس من هذا التقدير ، خططه الاستراتيجية . إن مفهوم الرفيق ماو تسي تونغ القائل ان القوى الثورية لا تقهر ، و ان القوى الرجعية ، القوية مؤقتا ، صائرة إلى الإخفاق ، قد سلح الشيوعيين الصينيين ، و ربى و بعث الشجاعة في الشعب الصيني ، و قادنا إلى انتصاراتنا العظمى . و إن هذا الحكم الثاقب للرفيق ماو تسي تونغ ، القائل ان (( الاستعمار و جميع الرجعيين نمور من ورق )) قد برهن على صحته انتصار الثورة الصينية ، و ما ينفك يبرهن على صحته التطور الظافر لقضية الثورة في الصين و في العالم بأسره .

إن هيئة تحرير مجلة (( شيجيايجيشي )) – قد جمعت مؤخرا ونشرت مقتطفات من مقالات و خطب و أحاديث للرفيق ماو تسي تونغ يدلل فيها باستمرار على أن (( الاستعمار و جميع الرجعيين نمور من ورق )) . إن هذا العمل لذو مغزى سياسي كبير و نفع عميم للشعوب في النضال ضد عدوان و اضطهاد المستعمرين ، و بخاصة المستعمرين الأمريكيين . و ننشر ههنا النصوص التي كانت قد جمعت في هذه المجلة ، مضيفين إليها بعض الوثائق الهامة المتعلقة بها ، و مدخلين بعض التغييرات على شكل و وضع المقاطع .

و تنقسم جملة المقتطفات هذه إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول يبحث في أن الاستعمار و جميع الرجعيين الذين يمثلون القوى المنهارة لا مستقبل لهم البتة ، و أن عنفهم الآني ليس إلا دلالة النزع الأخير . و يظهر القسم الثاني أن الاستعمار و جميع الرجعيين أقوياء في الظاهر ضعفاء في الواقع ، و أن لدى الثوريين كل الأسباب للاستخفاف بهم ، و لكنهم يستحقون منا الاهتمام خلال كافة النضالات المحددة . و يسجل القسم الثالث المميزات الجوهرية للوضع الدولي الراهن الذي تتغلب فيه الريح الشرقية على الريح الغربية ، و تتفوق فيه قوى الاشتراكية على قوى الاستعمار . و مع أن معظم هذه المقالات و الخطب و الأحاديث قد نشر في السابق ، و أن قسما صغيرا منها لم ينشر بعد ، و بالرغم من أنها تمتد إلى عشرين عاما و تبدو على شكل مقتطفات ، فإنها ما تزال تُقرأ كبحث سياسي جديد يؤلف كلا واحدا . و السبب في ذلك أن التناقض الأساسي بين الاستعمار و خدمه من جهة ، و شعوب جميع البلدان من جهة أخرى ، لم يحل ، أضف الى ذلك أن الاستعمار الأميركي بشكل خاص يكشف عن مخالبه و أنيابه ، و يهدد السلم العالمي بحرب ذرية ، بحيث يجعل الشعوب المضطهدة و المهددة بخطر الحرب ترزح تحت وطأة عذاب نفسي من جراء هذا الوضع المتوتر ، كما يجعلها تطالب بإصرار بحل هذا التناقض . و من الطبيعي إذن أن يهتم القراء بالرأي الذي عرضه الرفيق ماو تسي تونغ حول مسألة معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بنمور من ورق أم لا ، هذه المسألة الأولى و الرئيسية بين العديد من القضايا المتعلقة بحل التناقض المشار إليه .

الرأسمالية بلغت مرحلة التفسخ و الموت

أشار الرفيق ماو تسي تونغ في كتابه (( الديمقراطية الجديدة )) و هو مُؤَلَف ذو أهمية تاريخية نشر في كانون الثاني ( يناير ) 1940 ، إلى أن الرأسمالية بلغت مرحلة التفسخ و الموت ، بينما الشيوعية (( تنتشر في العالم بأسره بمثل اندفاع الانهيار و قوة الصاعقة ، مكتسحة جميع الحواجز )):

إن الشيوعية هي نهج ايديولوجي كامل للبروليتاريا ، و نظام اجتماعي جديد معا . و هذا النهج الايديولوجي ، و هذا النظام الاجتماعي ، يختلفان عن كل نهج ايديولوجي ، و كل نظام اجتماعي آخر ، و هما أكثر كمالا ، و أكثر تقدمية ، و أكثر ثورية ، و أكثر مطابقة للعقل في كل تاريخ البشرية . لقد دخل النهج الايديولوجي ، و النظام الاجتماعي ، الإقطاعيان ، متحف التاريخ . و أصبح ، الآن ، النهج الايديولوجي ، و النظام الاجتماعي ، الرأسماليان ، في المتحف أيضا في قسم واحد من العالم ( في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ) ، و هما يمثلان ، في البلدان الأخرى ، “ شخصا يحتضر و يتلاشى بسرعة ، مثل شمس تغيب وراء الجبال الغربية ” ، و سيصبحان صالحين للمتحف قريبا . أما النهج الايديولوجي ، و النظام الاجتماعي ، الشيوعيان ، فإنهما ، فقط ، “ ينتشران في العالم بأسره بمثل اندفاع الانهيار و قوة الصاعقة ، مكتسحين جميع الحواجز ، و يزهر ربيعاهما الناضران . ”

و أشار الرفيق ماو تسي تونغ في (( الديمقراطية الجديدة )) أيضا ، إلى أن الاهتياج الشرس لجميع الرجعيين الذين يمثلون القوى المنهارة ، يدل على أنهم دخلوا في حشرجة النزع :

إن الهيجانات الشرسة لجميع القوى الظلامية في الداخل و الخارج ، قد أغرقت الأمة في لجة الشقاء ، و لكن هذه الاهتياجات نفسها ، إذا كانت تمثل القوة الباقية لدى القوى الظلامية ، فإنها تبرهن ، من جهة أخرى ، على أنها حشرجاتها الأخيرة أيضا ، و على أن الجماهير تقترب شيئا فشيئا من النصر . هذه هي الحال في الصين ، كما هي في الشرق كله ، و في العالم بأسره .

و قال الرفيق ماو تسي تونغ ، في خطاب ألقاه بمناسبة الاحتفال بإحياء ذكرى شهداء الثورة الصينية في 17 حزيران ( يونيو ) 1945 ، انه كلما استشرس الرجعيون اقتربوا من نهايتهم :

إن جميع الرجعيين حاولوا إخماد الثورة بمذبحة ، و فكروا أنهم كلما قتلوا الناس أضعفوا الثورة ، إلا أن الأمر على العكس مما يأملون ، فالواقع أنهم كلما ذبحوا الناس كبرت قوى الثورة و اقتربوا هم من نهايتهم . و هذا قانون لا يقاوم .

و في 6 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1957 ، أعلن الرفيق ماو تسي تونغ في اجتماع مجلس السوفيات الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ، عند الاحتفال بالذكرى الأربعين لثورة أكتوبر :

أن النظام الاشتراكي سيحل نهائيا محل النظام الرأسمالي . إن هذا قانون موضوعي مستقل عن الإرادة الإنسانية . و مهما يبذل الرجعيون من جهود لمنع عجلة التاريخ من التقدم ، فإن الثورة ستنفجر عاجلا أم آجلا و تفضي إلى النصر بالتأكيد . يقول مثل صيني في وصف عمل بعض الأغبياء : إن هذا “ يرفع حجرا ليسقط على قدميه ” . و إن الرجعيين في جميع البلدان هم تماما من هؤلاء الأغبياء . إن جميع أنواع الاضطهاد التي يمارسونها إزاء الشعب الثوري لن تستطيع ، في النهاية ، إلا دفع هذا الشعب إلى توسيع و تسعير الثورة . و لنسأل : ألم تلعب ، بصورة تامة ، الاضطهادات العديدة التي مارسها قيصر روسيا و تشيان كاي شيك هذا الدور التحريضي في الثورتين العظيمتين الروسية و الصينية ؟

و في خطاب عنوانه (( نظام دستوري للديمقراطية الجديدة )) ، ألقاه الرفيق ماو تسي تونغ في 20 شباط ( فبراير ) 1940 في يينآن أمام جمعية التعجيل بقيام نظام دستوري ، دحض دعاية تشيان كاي شيك الكاذبة حول زعمها إقامة نظام دستوري ، و دل على أن الرجعيين (( كانوا دائما ينتهون إلى نتيجة معاكسة للنتيجة التي كانوا يتوقعونها )) :

مع أن جميع المتعنتين في العالم ما زالوا كذلك اليوم ، سيبقون كذلك غدا و بعد غد ، إلا أنهم لن يستطيعوا الاحتفاظ بموقفهم هذا الى الأبد ، و في نهاية الأمر ، سيتغيرون . إن وانغ جينغ واي(1) ، مثلا ، بقي زمنا طويلا متعنتا ، و لكنه عندما لاحظ أن من المستحيل عليه البقاء كذلك زمنا أطول في معسكر أنصار النضال ضد الغزاة اليابانيين ، لم يسعه إلا ان يرتمي في أحضان اليابانيين . و لنأخذ تشانغ كوه تاو(2) كمثل آخر ، لقد بقي هو أيضا متعنتا زمنا طويلا ، و لكنه عندما نظمنا عدة اجتماعات للنضال ضده ، و عندما أنبناه مرات ، فرَّ هاربا . و في الأساس ، إن المتعنتين هم اناس معاندون ، و لكنهم بدون صلابة . إنهم يعاندون وقتا طويلا ، و لكنهم ينتهون إلى التبدل : فيصبحون أنذالا مبغضين للانسانية كلها ، أو يتغير بعضهم إلى أحسن مما كانوا أحيانا . و هذا أيضا نتيجة النضال ، نتيجة النضال الطويل ضدهم . إنهم يعودون فيعرفون إذاك أخطاءهم و يتغيرون إلى أحسن مما كانوا . و بكلمة ، ان المتعنتين عرضة للتغيرات . إن لهم دائما سلسلة مخططات من النوع التالي : يحققون ربحا على حساب الغير ، و يلعبون لعبة مزدوجة الخ . . ثم ينتهون دائما ، و ايا كانوا ، إلى نتيجة معاكسة للنتيجة التي كانوا يتوقعونها ، إنهم يبدأون بإلحاق الأذى بالآخرين ، و لكنهم ينتهون إلى تدمير أنفسهم . لقد قلنا في حينه إن تشمبرلن ” يرفع الحجر ليسقط على قدميه “ ، و هذا ما حدث فعلا . لقد حلم تشمبرلن باستخدام هتلر كحجر يسحق به أقدام الشعب السوفياتي . إلا أن هذا الحجر سقط من يدي تشمبرلن عندما اندلعت الحرب بين ألمانيا من جهة ، و بريطانيا و فرنسا من جهة أخرى في ايلول ( سبتمبر ) من العام المنصرم ، وسحق قدميه هو ، و سبَّبَ و ما يزال يُسَبِب له الألم حتى الآن ، و ثمة كثير من الأمثلة المشابهة في الصين . لقد أراد يوان شي كاي(3) أن يضرب الشعب ، و لكنه ضرب نفسه : و مات بعد بضعة أشهر من توليه الملك . و أراد توان تشيه جوي و شيوشي تشانغ وتساوو كوان وووبايه فو وآخرون ، سحق الشعب ، و لكن الشعب أطاح بهم نهائيا . إن كل من يبحث عن ربح على حساب الآخرين يكون عرضه للانتهاء نهاية مخزية .

و في 24 نيسان ( ابريل ) 1945 ، قدم الرفيق ماو تسي تونغ تقريره السياسي الشهير (( حول حكومة ائتلافية )) إلى المؤتمر الوطني السابع للحزب الشيوعي الصيني . و في القسم الذي يحمل عنوان (( برنامجنا المحدد )) يوجه الرفيق ماو تسي تونغ تحذيرا إلى رجعيي الكومينتان الذي يحاولون القيام خفية بنشاطات ضد الشعب تحت ستار الدعوة إلى (( المجلس الوطني )) و تنبأ بأنهم ، بسبب من تطبيقهم هذه السياسة الرجعية (( يضعون بأنفسهم الأنشوطة في عنقهم )) و يندفعون بأنفسهم نحو هلاكهم . قال الرفيق ماو تسي تونغ :

إن التدابير التي يوشك أبطالنا المعادون للشعب اتخاذها حسب سياستهم في بذر بذور الشقاق ستفضي بهم إلى هلاكهم . إنهم على وشك وضع الأنشوطة في عنقهم و لن تنحل عقدتها عنه قط . و هذه الأنشوطة هي “ المجلس الوطني ” . إنهم ينوون استخدام هذا الذي يسمى “ المجلس الوطني ” كعصا سحرية لمعارضة الاقتراح القاضي بقيام حكومة ائتلافية أولا ، و للمحافظة على دكتاتوريتهم ثانيا ، و لإيجاد تبرير لحرب أهلية ثالثا . و مع أن التاريخ بمنطقه يسلك طريقا مغايرة لطريقهم ، فإنهم “يرفعون حجرا سيسقطونه فوق أقدامهم” .

و أشار الرفيق ماو تسي تونغ ، في تعليق (( حول خطر سياسة هرلي )) الذي كتبه لوكالة أنباء شينخوا – الصين الجديدة – في 12 تموز ( يوليو ) 1945 ، إلى أن سياسة الولايات المتحدة إزاء الصين قد خلقت خطر حرب أهلية في الصين ، و وجه تحذيرا بأن سياسة الولايات المتحدة ، المعادية للشعب الصيني ، ستغرق حكومة و شعب الولايات المتحدة (( في محن و مصائب لا نهاية لها )) :

حتى على لسان هرلي نفسه ، أصبحت فجاءة حكومة الكومينتان التي يمثلها تشان كاي شيك غادة حسناء ، بينما أصبح الحزب الشيوعي الصيني غولا شمطاء . و يذهب هرلي إلى درجة التصريح بدون مراوغة ان الولايات المتحدة ستتعاون فقط مع تشيان كاي شيك و ليس مع الحزب الشيوعي الصيني . و بالطبع ، ان هذا الكلام لا يعبر هنا عن وجهة نظر هرلي الشخصية ، و لكنه يعبر عن وجهة نظر زمرة حكومة الولايات المتحدة ، و انها لوجهة نظر خاطئة و خطرة . . . فإذا ما استمر تطبيق سياسة هرلي هذه ، فإن حكومة الولايات المتحدة ستغور ، بدون أن تستطيع الخروج ، في أعماق بالوعة الرجعية الصينية ، و ستضع نفسها موضع المجابهة لمئات ملايين الصينيين المستيقظين ، أو الذين هم على وشك الاستيقاظ ، و ستصبح عائقا في سبيل الحرب ضد الغزاة اليابانيين في الحاضر ، و عائقا في سبيل السلم العالمي في المستقبل . . . و يبقى ثمة شيء أكيد : إذا كانت سياسة هرلي ، التي تساعد و تشجع القوى المعادية للشعب في الصين على مقاومة أوسع جماهير الشعب الصيني ، ستستمر بدون تغيير ، فإنها ستلقي عبئا ثقيلا على حكومة و شعب الولايات المتحدة ، و ستغرقهما في المحن و المصائب التي لا نهاية لها . و هذه هي النقطة التي يجب أن يعيها بوضوح شعب الولايات المتحدة .

و في الخطاب الختامي الذي ألقاه الرفيق ماو تسي تونغ في المؤتمر الوطني السابع للحزب الشيوعي الصيني في 11 حزيران ( يونيو ) 1945 ، وعنوانه (( كيف نقل الشيخ المعتوه الجبال )) قال :

إن سياسة حكومة الولايات المتحدة القائمة على تأييد تشيان كاي شيك و مجابهة الحزب الشيوعي ، تعكس العنف الجامح للرجعية الأميركية . و لكن جميع خطط الرجعيين ، في الداخل أو الخارج ، لمنع الشعب الصيني من إحراز انتصاره ستصاب بالفشل . إن الديمقراطية في وقتنا الحاضر ، هي التيار الرئيسي في العالم ، و الرجعية قبالة الديمقراطية ليست إلا تيارا مضادا . إن الرجعية تحاول جرف حركة الاستقلال الوطني و الديمقراطية الشعبية ، و لكن هذا التيار المضاد الرجعي لن يستطيع أن يصبح التيار الرئيسي .

إنه لحتم أن الرجعيين سينهارون و أن الثورة ستنتصر . لقد وجه الرفيق ماو تسي تونغ في خطابه الختامي في المؤتمر الوطني السابع للحزب الشيوعي الصيني ، نداء إلى الشعب طالبا إليه أن يكون على ثقة بالانتصار الأكيد للثورة . و قد ضرب مثلا بالأسطورة القديمة (( كيف نقل العجوز المعتوه الجبال )) ليدلل على أن الشعب الثوري ما دام محتفظا بثقته ، و لا يخاف الرجعيين ، و ما دام مصمما على خوض النضال حتى النهاية ، فإن انتصار الثورة مؤكد :

إن الدعاية للخط السياسي للمؤتمر بين الجماهير ، تعطي الحزب كله ، و الشعب كله ، الثقة بأن انتصار الثورة مؤكد . إن علينا ، أولا ، أن نوقظ هذا الوعي لدى القوى الطليعية للثورة لكي تتغلب ، و هي الحازمة في تصميمها و المستعدة للتضحية بالنفس ، على جميع المصاعب في النضال لأجل النصر . غير أن هذا لا يكفي ، إن علينا أن نوعي الجماهير الشعبية في البلاد بأسرها لكي تنضم إلينا من كل قلبها في النضال المشترك لأجل النصر . إن علينا أن نعطيها الاعتقاد بأن الصين ملك للشعب الصيني و ليست ملكا للرجعيين . لقد عرفت الصين القديمة أسطورة عنوانها “ كيف نقل الشيخ المعتوه الجبال ” و تروي هذه الأسطورة حكاية أحد الشيوخ في الصين الشمالية في الأزمنة القديمة ، عُرِفَ باسم شيخ الجبل الشمالي المعتوه . كان بيته يتجه إلى الجنوب ، و كانت الطريق المؤدية إلى بابه مسدودة بجبلين شاهقين ، هما جبل تايهانغ و جبل وانغوو . فصمم الشيخ على نقلها بالرفش و قاد أولاده للعمل معه . و كان ثمة عجوز آخر يدعى الشيخ الحكيم ، و قد ضحك و هو يرى جهود الشيخ المعتوه و قال : هل أنتم مجانين لتلقوا بأنفسكم في محاولة كهذه ! إنك لن تتوصل ، و معك أولادك ، إلى نقل هذين الجبلين الهائلين قط ! فأوضح له الشيخ المعتوه : عندما أموت ، فإن أولادي سيواصلون هذا العمل ، و عندما يموتون بدورهم ، سيكون لديهم أولادهم الذين يواصلون العمل و هكذا إلى ما لا نهاية . أما بالنسبة لهذين الجبلين الشامخين الآن ، فلن يستطيعا أن يكبرا أكثر ، بل بالعكس ، سيصبحان ، في كل رفش يرفع منهما ، منخفضين أكثر فأكثر ، فلماذا لا نتوصل إلى نقلهما ؟ و على هذا النحو دحض وجهة نظر الشيخ الحكيم الخاطئة ، و أكمل بإصرار الحفر يوما بعد يوم . و انتهت مثابرته إلى تأثر اله السماء الذي أرسل ملاكين سماويين لنقل الجبلين على ظهريهما . و اليوم ثمة جبلان ضخمان يربضان بثقلهما على صدر الشعب الصيني هما : الاستعمار و الإقطاعية . و قد اعتزم الحزب الشيوعي الصيني ، منذ زمن طويل ، إزالتهما . إن علينا أن نثابر و أن نعمل بدون توقف . و نحن أيضا نستطيع ملامسة قلب اله السماء ، و هذا الاله ليس إلا جماهير الشعب الصيني ، فإذا ما هبت هذه الجماهير كلها و حفرت معنا فلمَ لا نستطيع أن نزيل هذين الجبلين ؟

و في تعليق الرفيق ماو تسي تونغ : (( اطرحوا أوهامكم و استعدوا للنضال )) الذي كتبه لوكالة أنباء شينخوا – الصين الجديدة – في 14 آب (أغسطس) 1949 ، حلل تحليلا ثاقبا جدا المنطقين المختلفين تماما ، اللذين يسودان تطور القوى الرجعية و القوى الشعبية ، و قال إن على هؤلاء الذين هم تقدميون أن ينظموا القوى للنضال ضد الرجعيين ، و أن يثقفوا ، و يوحدوا ، و يكسبوا إلى جانبهم ، جميع الذين ما زالوا متذبذبين و مترددين بغية عزل الرجعيين عزلا تاما :

إن منطق المستعمرين يختلف عن منطق الشعب على النحو التالي : إثارة القلاقل ، فشل ، إثارة جديدة ، فشل جديد ، حتى يصلوا إلى الفناء – هذا هو منطق المستعمرين و جميع الرجعيين في العالم إزاء قضية الشعب . و لا شيء يجعلهم يعملون بعكس هذا المنطق . إنه قانون ماركسي . و نحن نقول “ إن الاستعمار ذو شراسة وحشية ” ، أي ان طبيعته الأصلية لا يمكن أن تتغير ، ان العناصر الاستعمارية حتى ساعة انهيارها الكامل ، لن تلقى قط سكين الجزار ، و لن تصبح قط من آلهة للرحمة .

نضال ، لا نجاح ، نضال جديد ، لا نجاح جديد ، نضال جديد ، و في النهاية ، إحراز النصر – هذا هو منطق الشعب . و هو لن يعمل بعكس هذا المنطق أيضا . و هذا قانون ماركسي آخر . إن ثورة الشعب الروسي قد قامت على أساس هذا القانون ، و إن ثورة الشعب الصيني قد قامت على أساس هذا القانون أيضا .

ففي النضال الطبقي تنتصر بعض الطبقات و يندحر بعضها الآخر . هذا هو التاريخ . هذا تاريخ عدة آلاف من سني الحضارة. إن تفسير التاريخ من وجهة النظر هذه يسمى المادية التاريخية ، و تسمى وجهة النظر المعاكسة المثالية التاريخية .

إن أسلوب الانتقاد الذاتي لا يمكن أن يكون مطبقا إلا بين الشعب . و لا جدوى من الأمل في إمكان إقناع المستعمرين و الرجعيين الصينيين بغية جعلهم طيبي القلب و تائبين ، بل الوسيلة الوحيدة هي تنظيم القوى للنضال ضدهم ، كما فعلنا في حربنا التحريرية الشعبية مثلا ، و ثورتنا الزراعية ، وجودنا لكشف قناع المستعمرين ، و “ إثارتهم ” و سحقهم ، و معاقبتهم على أعمالهم الإجرامية ، أما تدابيرنا فهي “ عدم السماح لهم بالتحرك إلا في حدود معينة ، كي لا ندعهم يتجاوزون هذه الحدود لا في أعمالهم و لا في أقوالهم ” . و على هذا النحو فحسب ، يمكن للمرء أن يأمل بالتعامل مع البلدان الاستعمارية الأجنبية على أساس المساواة و الفائدة المتبادلة . و على هذا النحو فحسب يمكن للمرء أن يأمل بتثقيف – و الغاية من التثقيف تحويل الأشرار إلى صالحين – عناصر طبقة الملاكين العقاريين و البورجوازية البيروقراطية و أعضاء طغمة الكومينتان الرجعية مع شركائهم ، هؤلاء الذين جردوا من السلاح و استسلموا و تحولوا ، بقدر الإمكان ، إلى عناصر صالحة . إن العديد من العناصر الليبرالية الصينية ، أي العناصر الديمقراطية من طراز قديم ، المؤيدة لما يسمى “ الفردية الديمقراطية ” ، و التي يعلق عليها ترومن ، و مارشال ، و اتشيسون ، و ليغتون ستيوارت آمالهم ، و يجهدون دائما لاكتسابها ، تنحط غالبا في السلبية و تقدر القضايا من وجهة نظر خاطئة ، و تحمل ، غالبا ، فكرة خاطئة عن المسئولين الأميركيين و الكومينتان و الاتحاد السوفياتي و أيضا الحزب الشيوعي الصيني . ذلك لأنها لم تستخدم أسلوب المادية التاريخية ، أو حتى أنها ضد استخدامه في تقدير القضايا .

و يجب على العناصر الطليعية و الشيوعيين و الأحزاب و الهيئات الديمقراطية كلها ، و العمال الواعين ، و الشبيبة الطلابية و المثقفين التقدميين ، توحيد الفئات المتوسطة ، و العناصر الواقفة في منتصف الطريق ، و العناصر المتأخرة من جميع الفئات ، و جميع الذين ما زالوا متذبذبين و مترددين في الصين الشعبية ( هؤلاء سيتابعون التذبذب وقتا طويلا ، و سيتذبذبون أيضا بعد أن يكونوا ثابتين ، و يتذبذبون كلما وجدوا أنفسهم أمام صعوبة أيا كانت ) ، و مساعدتهم بحسن نية ، و انتقاد ترددهم ، و تثقيفهم و جذبهم نحو جماهير الشعب ، و عدم السماح للاستعمار في أن يجرهم إلى جانبه ، و مطالبهم بأن يطرحوا أوهامهم جانبا و أن يتهيأوا للنضال . و يجب ألا نعتقد أنه ليس ثمة أي عمل بعد النصر . ذلك أن علينا أن نعمل أيضا ، و أن نعمل كثيرا جدا و بصبر قبل أن يكون في مقدورنا كسب هذه العناصر . و في الوقت الذي نكسب فيه هذه العناصر سيصبح الاستعمار معزولا عزلا تاما ، و لن تكون لأتشيسون أية فرصة لاستخدام كل ما عنده من حيل .

حلل الرفيق ماو تسي تونغ ، في المقال الافتتاحي (( الانعطاف في الحرب العالمية الثانية )) الذي كتبه لصحيفة (( جييفان جيباو )) – جريدة التحرير اليومية – في يينآن في 12 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1942 ، الطابع الجوهري للقوى الرجعية التي تبدو قوية ظاهريا ، و لكنها ضعيفة واقعيا، و ذكر الشعب الثوري بأن عليه ألا يدع نفسه ينخدع بهذه الظاهرة السطحية . و قد كتب :

في تاريخ البشرية ، تستخدم أبدا القوى الرجعية التي هي على وشك التلاشي جميع قواتها لتوجيه ضربة ، في انتفاضة النزع ، إلى القوى الثورية ، و كثيرا ما يدع بعض الثوريين ، أنفسهم ينخدعون وقتا ما بعرض القوى هذا الذي يستر الضعف الواقعي بقناع ، و لا يدركون النقطة الجوهرية و هي معرفة أن عدوهم يقترب من نهايته ، بينما يقتربون هم من النصر . إن صعود القوى الفاشية ، و كذلك الحرب العدوانية التي شنتها خلال بضع سنين ، هو ، بالضبط ، مثال على الضربة الموجهة أثناء انتفاضة النزع ، بينما ان انتفاضة النزع هذه ، في الحرب ، قد تمثلت في الهجوم على ستالينغراد . و في هذا الانعطاف التاريخي، فإن كثيرا من الناس ، في الجبهة العالمية المعادية للفاشية ، قد خُدِعوا بالمظهر الشرس للفاشية ، و لم يروا جوهرها الحقيقي .

و يتباهى الرجعيون دائما بقواتهم المسلحة التي تبدو قوية ظاهريا ، و ثمة بين الشعب نفسه أيضا بعض من الناس يخالجهم ، على درجات متفاوتة ، بعض الخوف أمام قوة الرجعيين العسكرية ، و هذه هي (( نظرية القدرة الكلية للسلاح )) و قد انتقد الرفيق ماو تسي تونغ في مقاله المعروف جيدا ((الحرب الطويلة الأمد)) الذي كتبه في أيار ( مايو ) 1938 ، انتقادا لاذعا وجهة النظر هذه :

. . . إن ما يسمى “ نظرية القدرة الكلية للسلاح ” هي نظرية ميكانيكية ، مطبقة في قضايا الحرب ، و وجهة نظر ذاتية وحيدة الطرف . أما نحن فإن لنا وجهة نظر مغايرة تقدر ، ليس السلاح فقط ، بل الناس أيضا . إن السلاح هو عامل مهم ، و لكن ليس حاسما في الحرب . إن السلاح هو عامل مهم ، و لكن ليس حاسما في الحرب . إن العامل الحاسم هو الإنسان و ليس المادة . إن نسبة القوى تتحد ليس بنسبة القدرة العسكرية و الاقتصادية فقط ، و لكن بنسبة الموارد الإنسانية و المعنوية . و لا بد من الناس لإدارة القوى العسكرية و الاقتصادية .

و في آب ( أغسطس ) 1946 ، منح في يينآن الرفيق ماو تسي تونغ للصحفية الأميركية انا لويس سترونغ مقابلة صحفية عبّرَ فيها عن وجهة نظره المشهورة ، و القائلة ان جميع الرجعيين نمور من ورق ، و فيما يلي النص الكامل لهذه المقابلة الصحفية :

سؤال انا لويس سترونغ – هل تظنون أن ثمة أملا بتسوية سياسية سلمية للمسألة الصينية في مستقبل قريب ؟

جواب ماو تسي تونغ – هذا رهن بموقف حكومة الولايات المتحدة . فإذا ما توصل الشعب الأميركي إلى غل أيدي الرجعيين الأميركيين الذي يساعدون تشيان كاي شيك على شن الحرب الأهلية ، فإن ثمة أملا في السلم .

سؤال – على افتراض أن الولايات المتحدة لم تقدم مساعدة أخرى لتشيان كاي شيك ، إلى جانب ما قدمته فعلا ، فكم من الوقت يستطيع تشيان كاي شيك مواصلة الحرب ؟

جواب – أكثر من سنة .

سؤال – هل يستطيع تشيان كاي شيك أن يثبت وقتا طويلا كهذا من الناحية الاقتصادية ؟

جواب – نعم ، هذا ممكن .

سؤال – و ماذا يحدث لو أن الولايات المتحدة أعلنت بصراحة عزمها على عدم مساعدة تشيان كاي شيك بعد الآن ؟

جواب – حتى الوقت الحاضر لم تبدِ حكومة الولايات المتحدة ، و لم يظهر تشيان كاي شيك ، بعد ، أي رغبة في وقف الحرب قريبا .

سؤال – كم من الوقت يستطيع الحزب الشيوعي مواصلة النضال ؟

جواب – إذا كان يجب الكلام عما نريد ، فإننا لا نريد القيام بالحرب و لا ليوم واحد ، و لكن إذا أرغمتنا الظروف على القتال ، فإننا قادرون على النضال حتى النهاية .

سؤال – لنفرض أن الشعب الأميركي سأل : لماذا يحارب الحزب الشيوعي ، فبماذا علي أن أجيب ؟

جواب – لأن تشيان كاي شيك يريد تذبيح الشعب الصيني ، و أن على الشعب الصيني أن يدافع عن نفسه إذا أراد البقاء . إن الشعب الأميركي يستطيع أن يفهم هذا جيدا .

سؤال – هل ثمة ، في رأيكم ، احتمال بأن تشن الولايات المتحدة حربا ضد الاتحاد السوفياتي ؟

جواب – إن الدعاية في موضوع حرب ضد الاتحاد السوفياتي ذات وجهين : فالاستعمار الأميركي ، من ناحية ، يحضر فعلا لحرب ضد الاتحاد السوفياتي و الدعاية الجارية فيما يتعلق بحرب ضد الاتحاد السوفياتي ، و الدعايات الأخرى ضده ، تشكل تحضيرا سياسيا لحرب ضد الاتحاد السوفياتي . و من ناحية أخرى ، فإن هذه الدعاية هي ستار من الدخان يخفي الرجعيون الأميركيون وراءه العديد من التناقضات الفعلية التي يواجهها الاستعمار الأميركي مباشرة الآن ، و هي التناقضات بين رجعيي الولايات المتحدة و الشعب الأميركي ، و التناقضات بين الاستعمار الأميركي و بين البلدان الرأسمالية الأخرى و المستعمرات و أشباه المستعمرات . و في الوقت الحاضر ، فإن شعار الحرب ضد الاتحاد السوفياتي ، الذي تطرحه الولايات المتحدة ، يعني ، في الواقع ، اضطهاد الشعب الأميركي و نشر القوى العدوانية للولايات المتحدة في العالم الرأسمالي . و كما تعلمين ، ان هتلر و شركاءه العسكريين اليابانيين ، قد استخدموا شعار معاداة الاتحاد السوفياتي زمنا طويلا كذريعة لاستعباد الشعب في بلدانهم ، و للعدوان على البلدان الأخرى . و الرجعيون الأميركيون يفعلون الآن الشيء نفسه بالضبط .

فلكي يشن رجعيو الولايات المتحدة حربا فإن عليهم ، أولا ، أن يقوموا بهجوم على الشعب الأميركي . و قد شرعوا الآن بمهاجمة الشعب الأميركي . إنهم يمارسون اضطهادهم على العمال و على العناصر الديمقراطية الأميركية ، إن من الناحية السياسية أو من الناحية الاقتصادية ، و هم يتهيأون لفرض الفاشية في الولايات المتحدة ، و على الشعب الأميركي أن ينهض لمقاومة هجمات الرجعيين الأميركيين ، و أعتقد أنه سيفعل هذا .

و تمتد ، بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي ، مسافة واسعة من الأرض تضم عددا من البلدان الرأسمالية و عددا من المستعمرات و أشباه المستعمرات تقوم على بر أوربا و آسيا و أفريقيا . و قبل أن يُخضع رجعيو الولايات المتحدة هذه البلدان لسيطرتهم ، فإن مهاجمة الاتحاد السوفياتي أمر خارج عن الموضوع . إن الولايات المتحدة تسيطر الآن ، في مناطق الباسيفيكي، على مناطق أوسع من جميع مناطق النفوذ البريطانية القديمة . إنها تسيطر على اليابان ، و الصين التي يحكمها الكومينتان ، و نصف كوريا و جنوبي الباسيفيكي ، و تمارس منذ وقت طويل السيطرة على أميركا الوسطى و أميركا الجنوبية ، و تسعى أيضا للسيطرة على الأمبراطورية البريطانية بأسرها و على أوربا الغربية . و تقوم الولايات المتحدة ، متذرعة بذرائع مختلفة ، بالاستعدادات العسكرية على نطاق واسع ، و تنشيء القواعد العسكرية في بلدان عديدة . إن جميع القواعد العسكرية التي أنشأتها و التي تستعد لإنشائها في أنحاء العالم هي ، حسب أقوال الرجعيين الأميركيين ، موجهة ضد الاتحاد السوفياتي . و من المؤكد جدا أنها موجهة ضد الاتحاد السوفياتي ، و لكن ، في الوقت الحاضر ، ليس الاتحاد السوفياتي بل البلدان التي أنشئت فيها القواعد العسكرية هي التي تعاني وطأة عدوان الولايات المتحدة قبل غيرها ، و أعتقد أنه لن يمضي وقت طويل حتى تتحقق هذه البلدان من هو ، واقعا ، الذي يضطهدها : الاتحاد السوفياتي أم الولايات المتحدة . إن الرجعيين الأميركيين سينتهون إلى يوم يرون فيه أنفسهم عرضة لمقاومة شعوب العالم بأسره .

و إنني ، بالطبع ، لا أقصد أن رجعيي الولايات المتحدة لا ينوون مهاجمة الاتحاد السوفياتي . إن الاتحاد السوفياتي هو المدافع عن السلم العالمي ، و العامل القوي الذي يحول بين الرجعيين الأميركيين و بين السيطرة على العالم . فبوجود الاتحاد السوفياتي لا يمكن قط تحقيق مطامع رجعيي الولايات المتحدة و العالم بأسره . و لهذا فإن رجعيي الولايات المتحدة يضمرون حقد شديدا على الاتحاد السوفياتي و يحلمون فعلا بالقضاء على هذا البلد الاشتراكي . و لكن اليوم ، و لما يمض سوى وقت قليل على نهاية الحرب العالمية الثانية ، فإن كل هذه الضجة التي يثيرها الرجعيون الأميركيون حول موضوع الحرب بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي ، و الجو الوخيم الذي يخلقونه ، لا بد أن يجعلا الناس يرون أهداف هؤلاء الرجعيين الحقيقية . و يبدو أنهم تحت ستار شعار معاداة الاتحاد السوفياتي الذي يرفعونه ، يشنون الهجمات الوحشية ضد العمال و العناصر الديمقراطية الأميركية ، و يحولون جميع البلدان جميع البلدان التي تشكل أهدافا لتوسع الولايات المتحدة الى توابع لها . وأرى أن على الشعب الأميركي و شعوب جميع البلدان المهددة بالعدوان من قبل الولايات المتحدة أن تتحد لصد هجمات الرجعيين الأميركيين و خدمهم في مختلف البلدان ، لأن الانتصار الذي يحرز في هذا النضال هو وحده الذي سيحول دون حرب عالمية ثالثة ، و إلا فلا يمكن تجنب هذه الحرب .

سؤال – هذا إيضاح جيد جدا . و لكن هل تفترضون أن الولايات المتحدة تستخدم القنبلة الذرية ؟ و هل تفترضون أن الولايات المتحدة تطلق القنابل على الاتحاد السوفياتي من قواعدها في ايسلاندا و أوكيناوا و الصين ؟

جواب – القنبلة الذرية نمر من ورق ، يستخدمه رجعيو الولايات المتحدة لإخافة الناس . إنها تبدو مرعبة . و لكنها ، في الواقع، ليست كذلك . أكيدا ، إن القنبلة الذرية هي سلاح إبادة بالجملة ، و لكن الشعب هو الذي يقرر مصير حرب ما ، و ليس واحد أو اثنان من الأسلحة الجديدة .

إن كل الرجعيين نمور من ورق . إنهم ، في المظهر ، مخيفون ، و لكن قوتهم ، في الواقع ، ليست رهيبة بهذا المقدار . و إذا استرشدنا بوجهة نظر المستقبل ، فالقوة القادرة حقا ليست ملك الرجعيين بل هي تكمن في الشعب . ففي روسيا ، قبل ثورة شباط ( فبراير ) 1917 ، أية جهة كانت قوية حقا في داخل البلاد الروسية ؟ ظاهريا ، كان القيصر قويا في ذلك الوقت ، و لكنه تداعى أمام قصفة واحدة من عاصفة ثورة شباط ( فبراير ) . و في آخر الأمر ، كانت قوة روسيا في جانب سوفيات العمال و الفلاحين و الجنود ، و لم يكن القيصر إلا نمرا من ورق . أوَ لَم يُعتَبر هتلر قويا جدا في يوم من الأيام ؟ و لكن التاريخ برهن على أنه كان نمرا من ورق ، و كذلك الحال بالنسبة لموسوليني و الاستعمار الياباني ، أما الاتحاد السوفياتي و الشعوب الشغوفة بالديمقراطية و الحرية في جميع البلدان فإنها ، على العكس ، أقوى بكثير مما يظن .

إن تشان كاي شيك و رجعيي الولايات المتحدة الذين يساندونه ، هم أيضا نمور من ورق . و في الحديث عن الاستعمار الأميركي ثمة أناس يخيل إليهم أن هذا الاستعمار قوي إلى أقصى حد ، و يستخدم الرجعيون الصينيون “ قوة ” الولايات المتحدة هذه لإخافة الشعب الصيني ، غير أنه سيتضح أن رجعيي الولايات المتحدة ، شأنهم شأن جميع الرجعيين في التاريخ ، ليسوا أقوياء إلى هذا الحد . إن الذين لديهم القوة فعلا في الولايات المتحدة هم أناس من نوع آخر ، إنهم الشعب الأميركي .

خذي ، مثلا ، الوضع في الصين . إننا لا نعتمد إلا على الدخن و البنادق ، و لكن التاريخ سيبرهن ، في النهاية ، على أن هذا الدخن و هذه البنادق ستكون أقوى من طائرات و دبابات تشيان كاي شيك . و مع أن الشعب الصيني مازال يواجه كثيرا من المصاعب ، و بالرغم من أن عليه أن يتوقع ، لفترة طويلة ، الآلام من جراء الهجمات المشتركة من الاستعمار الأميركي و الرجعيين الصينيين ، فسيأتي يوم ينحدر فيه هؤلاء الرجعيون و ننتصر نحن . و السبب في هذا واحد فقط ، هو أن الرجعيين هؤلاء يمثلون الرجعى ، بينما نمثل نحن التقدم .

هجمات الرجعيين يجب سحقها

وفي 25 كانون الأول ( ديسمبر ) 1947 ، أعلن الرفيق ماو تسي تونغ في تقرير حول (( الوضع الراهن و مهماتنا )) في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني :

ان الحزب الشيوعي الصيني لمقتنع ، في ضوء دراسة الوضع الدولي و الداخلي دراسة واضحة على أسس العلم الماركسي – اللينيني ، بأن هجمات جميع الرجعيين ، سواء في الداخل أو الخارج ، ليس يجب سحقها فقط ، بل من الممكن سحقها أيضا . فحينما كانت السماء محجوبة بالغيوم السود أشرنا إلى أن هذه الظلمات ليست إلا ظلمات مؤقتة ، إن العتمة ستنقشع بسرعة و يبدو ضوء النهار ساطعا على الفور . و عندما شن تشيان كاي شيك و عصابته الحرب المعادية للثورة على النطاق الوطني في تموز ( يوليو ) 1946 ، كانوا يظنون أن ثلاثة إلى ستة أشهر فحسب تكفي للإجهاز على جيش التحرير الشعبي . لقد كانوا يقدرون أنه ، بجيش نظامي مؤلف من مليوني شخص ، و بأكثر من مليون شخص غير نظامي ، و بمليون آخر في المؤسسات العسكرية و الوحدات العسكرية في المؤخرة ، قد كان لديهم ، من حيث المجموع ، قوة مسلحة تعد أكثر من أربعة ملايين شخص، و أنهم خصصوا الوقت الكافي لإتمام استعداداتهم الهجومية . و سيطروا على المدن الكبيرة من جديد ، و أن المناطق الواقعة تحت سيطرتهم تضم من السكان أكثر من 300 مليون نسمة ، و أنهم وضعوا أيديهم على تجهيزات نحو من مليون شخص من الغزاة اليابانيين ، و تلقوا مساعدة عسكرية و مالية ضخمة من حكومة الولايات المتحدة . و كانوا ، فضلا عن ذلك ، يظنون أن جيش التحرير الشعبي الذي أُنهِك خلال السنوات الثماني من الحرب ضد الغزاة اليابانيين ، هو أدنى كثيرا من حيث العدد و المعدات ، من جيش الكومينتان ، و أن عدد سكان المناطق المحررة يكاد لا يتجاوز ال 100 مليون نسمة ٭ ، و أن القوى الإقطاعية الرجعية ، في معظم هذه المناطق ، لم تكن قد صفيت أيضا ، و أن الإصلاح الزراعي لم يكن قد نفذ في كل مكان بصورة تامة ، و هذا يعني أن مؤخرة جيش التحرير الشعبي ليست وطيدة بعد . و انطلاقا من هذا التقدير ، و برغم تطلع الشعب الصيني إلى السلم ، فإن تشيان كاي شيك و عصابته ، نقضا نهائيا اتفاق وقف إطلاق النار المعقود بين الكومينتان و الحزب الشيوعي في كانون الثاني ( يناير ) 1946 ، كما نقضا القرارات المتخذة في المؤتمر الاستشاري السياسي لجميع الأحزاب و الهيئات السياسية ، و شنا حرب مغامرة . لقد قلنا وقتذاك ان التفوق العسكري لتشيان كاي شيك ليس إلا تفوقا مؤقتا ، و انه ليس إلا عاملا يلعب دورا مؤقتا ، و ان مساعدة الاستعمار الأميركي عامل لا يمكن أن يسفر إلا عن نتائج مؤقتة كذلك ، و ان الطابع المعادي للشعب في الحرب التي شنها تشيان كاي شيك و تأييد أو معارضة الشعب هي العوامل ذات النتائج الثابتة ، و على هذا فإن التفوق هو لجيش التحرير الشعبي . إن الحرب التي يخوضها جيش التحرير الشعبي ، من حيث طبيعتها الوطنية ، العادلة و الثورية ، لا بد حتما أن تلقى تأييد الشعب في البلاد بأسرها ، و هذا هو الأساس السياسي للنصر على تشيان كاي شيك ، وقد أكدت تجربتنا خلال ثمانية عشر شهرا من الحرب هذا الحكم تأكيدا تاما .

إن طغمة تشيان كاي شيك الرجعية قد خاطرت بشن حرب أهلية ضد الشعب على نطاق الوطني في عام 1946 ، لأنها كانت تتكل ليس على تفوقها العسكري فحسب ، و لكن أيضا ، و فوق كل شيء ، على ما كانت تعتبره القوة “ الأكثر قدرة ” و الشيء الذي “ لا صنو له ” في العالم ، و هو الاستعمار الأميركي الذي يمتلك القنبلة الذرية . لقد ظنت ، من جهة ، أنه سيؤمن حاجاتها العسكرية و المالية بشكل موجات متلاحقة ، مستمرة ، و تعللت سدى ، من جهة أخرى ، بحلم أخرق في “ حرب حتمية بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي ” و ب “ نشوب حتمي لحرب عالمية ثالثة ” . إن الاتكال على الاستعمار الأميركي على هذا النحو هو الطابع المشترك للقوى الرجعية في جميع بلدان العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية . إنه انعكاس للضربة الخطيرة التي تلقتها الرأسمالية العالمية نتيجة الحرب العالمية الثانية ، و انعكاس لضعف القوى الرجعية في جميع البلدان و خوفها و فقدان ثقتها ، و انعكاس للقوة الكبرى للقوى الثورية العالمية ، الأمر الذي جعل الرجعيين في جميع البلدان يشعرون أنه ليس من مخرج بسوى الاتكال على مساعدة الاستعمار الأميركي . و لكن هل ان الاستعمار الاميركي بعد الحرب هو قوي في الواقع بالشكل الذي يتصوره تشيان كاي شيك و رجعيو البلدان الأخرى ؟ و هل يستطيع حقا أن يرسل إليهم فيضا دائما من الإمدادات ؟ لا شيء من ذلك . إن القوة الاقتصادية للاستعمار الأميركي التي ازدادت خلال الحرب العالمية الثانية تواجه الآن أسواقا داخلية و خارجية غير ثابتة و متقلصة أكثر فأكثر . و إن تقلصا أكثر ضغطا من قبل هذه الأسواق سيقود إلى أزمة اقتصادية . أما ازدهار زمن الحرب الذي تمتعت به الولايات المتحدة فليس إلا ظاهرة مؤقتة ، و إن قوتها ليست إلا ظاهرية و مؤقتة ، و إن مختلف التناقضات الداخلية و الخارجية التي لا سبيل إلى التغلب عليها تهدد كل يوم الاستعمار الأميركي مثل بركان ، و إن الاستعمار الأميركي ليجلس تماما فوق البركان . و تحت وطأة هذا الوضع ، رسم المستعمرون الأميركيون مخططهم لاستعباد العالم ، و اندفعوا ، مثل حيوانات مفترسة ، في أوربا و آسيا و البقاع الأخرى ، و جمعوا القوى الرجعية لجميع البلدان – حثالة المجتمع التي نبذها الشعب – و نظموا معسكرا استعماريا و معاديا للديمقراطية لمناوأة جميع القوى الديمقراطية التي يقف الاتحاد السوفياتي على رأسها ، و لتحضير الحرب ، أملا منهم بأن يأتي يوم ، في المستقبل البعيد ، يستطيعون فيه شن حرب عالمية ثالثة و دحر القوى الديمقراطية . إن هذا مخطط أخرق و على جميع القوى الديمقراطية في العالم إجهاض هذا المخطط و هي تستطيع ذلك بالتأكيد . إن قوة المعسكر العالمي المعادي للاستعمار تفوق قوة المعسكر الاستعماري . إننا نحن الذين نتمتع بالتفوق و ليس العدو .

و في مقال (( القوى الثورية في العالم تتحد لمقاومة العدوان الاستعماري )) الذي كتبه في تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1948 للجريدة الدورية (( في سبيل سلم دائم ، في سبيل ديمقراطية شعبية )) أشار الرفيق ماو تسي تونغ إلى أنه (( من الخطأ الفاحش تقدير قوة العدو بأكثر مما هي ، و تقدير قوة الثورة بأقل مما هي )) :

بعد النصر في الحرب العالمية الثانية ، أخذ الاستعمار الأميركي ، الذي حل محل دول ألمانيا و ايطاليا و اليابان الفاشية ، مع أذنابه في مختلف البلدان ، يستعد بشكل جنوني لحرب عالمية جديدة ، و يهدد العالم بأسره . إن هذا يعكس الانحطاط البالغ للعالم الرأسمالي ، و ذعره أمام الفناء الوشيك الوقوع . إن هذا العدو ما زال قويا ، و لهذا فإن على جميع القوى الثورية في كل بلد ، و على القوى الثورية لجميع البلدان ، أن تتحد ، و يجب أن تتألف جبهة معادية للاستعمار و موحدة ، يكون على رأسها الاتحاد السوفياتي و تتبع سياسة صحيحة ، و إلا فلا يمكن إحراز النصر . إن أساس العدو ضعيف . إنه يتفكك داخليا ، و ينفصل عن الشعب ، و يواجه أزمة اقتصادية لا مخرج منها ، و لذلك فإن من الممكن دحره . و إنه لخطأ فاحش تقدير قوة العدو بأكثر مما هي ، و تقدير قوة الثورة بأقل مما هي .

و في مقاله التوجيهي (( حول بعض المسائل الهامة في سياسة الحزب الراهنة )) الذي كتبه في 18 كانون الثاني ( يناير ) 1948 للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لتعميمه على الحزب ، علمنا الرفيق ماو تسي تونغ ، انه ككل ، و من وجهة النظر الاستراتيجية ، علينا أن نزدري العدو ، بينما علينا ، في الوقت نفسه ، أن نتمسك بفن النضال ، أما فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته ، و في كل نضال معين ، فإن علينا أن نحسب حساب العدو بصورة كاملة :

إننا نعارض تقدير قوة العدو بأكثر مما هي . مثلا ، الخوف من الاستعمار الأميركي ، الخوف من الذهاب للقتال في المناطق التي يشرف عليها الكومينتان ، الخوف من إلغاء النظام الإقطاعي الكومبرادوري و الشروع بالتوزيع العادل لأراضي الملاكين العقاريين و مصادرة الرأسمال البيروقراطي ، الخوف من الحرب الطويلة الأمد الخ . . كل هذه الأمور ليست صحيحة . إن الاستعمار ، في كل مكان من العالم ، و حكم طغمة تشيان كاي شيك الرجعية في الصين ، هما الآن في حالة تفسخ ، و لا مستقبل لهما ، و لدينا أسباب لازدرائهما . إننا مفعمون ثقة و قادرون تماما على دحر جميع أعداء الشعب الصيني في الداخل و في الخارج ، و لكن فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته و في كل قضية من نضال معين ( سواء أ كان عسكريا أم سياسيا أم اقتصاديا أم ايديولوجيا ) فإن علينا ألا نزدري العدو . بل بالعكس ، علينا أن نحسب حسابه بصورة كاملة ، و نركز جهودنا كلها في النضال . على هذا النحو فحسب نستطيع إحراز النصر . و نحن إذ نلاحظ بصورة صحيحة أن علينا أن نزدري العدو ككل ، و من وجهة النظر الاستراتيجية ، فإن علينا ألا نستخف به قط فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته و في كل مسألة من نضال معين . فإذا قدرنا قوة العدو ، ككل ، بأكثر مما هي ، و بالتالي ، لم نجرأ على الإطاحة به و إحراز النصر ، نرتكب خطأ الانتهازية اليمينية ، و إذا لم نكن حذرين ، فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته و في كل قضية من نضال معين ( سواء أ كان عسكريا أم سياسيا أم اقتصاديا أم ايديولوجيا ) فإن علينا ألا نزدري العدو . بل بالعكس ، علينا أن نحسب حسابه بصورة كاملة ، و نركز جودنا كلها في النضال . على هذا النحو فحسب نستطيع إحراز النصر . و نحن إذ نلاحظ بصورة صحيحة أن علينا أن نزدري العدو ككل ، و من وجهة النظر الاستراتيجية ، فإن علينا ألا نستخف به قط فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته و في كل مسألة من نضال معين . فإذا قدرنا قوة العدو ، ككل ، بأكثر مما هي ، و بالتالي ، لم نجرأ على الإطاحة به و إحراز النصر ، نرتكب خطأ الانتهازية اليمينية ، و إذا لم نكن حذرين ، فيما يخص كل قسم مأخوذ بذاته ، و في كل مسألة من نضال معين ، و لا منتبهين إلى فن النضال ، و إذا لم نركز كل جهودنا في النضال و لم نتمسك بكسب جميع الحلفاء الممكن اكتسابهم ( الفلاحون المتوسطون ، الصناعيون و التجار المستقلون ، البورجوازية المتوسطة ، الطلاب ، المدرسون ، الأساتذة و المثقفون عموما ، الموظفون عموما ، أعضاء المهن الحرة ، الوجهاء المستنيرون ) فإننا نرتكب خطأ الانتهازية “ اليسارية ” .

و أعلن الرفيق ماو تسي تونغ ، في الخطاب الذي ألقاه في 18 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1957 في مؤتمر ممثلي الأحزاب الشيوعية و أحزاب العمال في البلدان المختلفة المنعقد في موسكو :

عندما هاجمنا تشيان كاي شيك عام 1946 ، قلق الكثير من رفاقنا ، كما قلق الشعب في البلاد كلها ، و تساءلوا : هل نستطيع أن نكسب الحرب ؟ و كنت أنا أيضا مشغول البال بهذا الشأن . و لكننا كنا على ثقة . و قد جاءت صحفية أميركية هي أنا لويس سترونغ إلى يينآن في هذا الوقت . و خلال أحاديثنا تناولنا كثيرا من المسائل ، بما فيها تشيان كاي شيك و هتلر و اليابان و الولايات المتحدة و القنبلة الذرية الخ . . و قد قلت آنئذ ان جميع الرجعيين المشهورين بأنهم أقوياء ليسوا في الواقع إلا نمورا من ورق ، بسبب من أنهم معزولون عن الشعب . حسنا ، ألم يكن هتلر نمرا من ورق ؟ أوَ لم يطوح به . و قد قلت ، كذلك ، ان القيصر كان نمرا من ورق و ان الأمبراطور الصيني كان نمرا من ورق و ان الاستعمار الياباني كان نمرا من ورق ، و إنكم لترون أن جميعهم قد سُحِقوا . و الاستعمار الأميركي ، إنه لم يهو بعد ، و هو يملك القنبلة الذرية ، و أنا مقتنع بأنه سيهوي أيضا، لأنه هو كذلك نمر من ورق . و لقد كان تشيان كاي شيك قويا جدا ، و كان لديه أكثر من أربعة ملايين من القوات النظامية ، و كنا نحن ، آنئذ ، في يينآن ، و كم كان سكان يينآن ؟ سبعة آلاف نسمة ، و كم كان لدينا من القوات ؟ 900000 من الأنصار ، موزعين كلهم بسبب تشيان كاي شيك لم يكن إلا نمرا من ورق ، و إننا سندحره بدون أي شك . لقد صغنا ، في مجرى فترة طويلة و بغية مقاتلة العدو ، هذا المفهوم : علينا ، من وجهة النظر الاستراتيجية ، أن نزدري جميع الأعداء ، و علينا ، من وجهة نظر التكتيك ، أن نحسب حسابا كاملا لجميع الأعداء . و بكلمة أخرى ، علينا أن نهزأ بالعدو بمجموعه ، و لكن علينا أن نحسب حسابا جديا لما يخص كلا من المسائل المعينة . فإذا لم نهزأ بالعدو بمجموعه ، نرتكب خطأ الانتهازية . إن ماركس و انكلز لم يكونا إلا شخصين اثنين ، و قد سبق أن أعلنا في عصرهما أن الرأسمالية سيطاح بها في العالم بأسره . و لكن إذا لم نحسب حسابا كافيا للعدو ، فيما يتعلق بالمسائل المعينة و حول المسائل الخاصة بكل عدو على حدة ، نرتكب خطأ المغامرة . إن المعارك في الحرب لا يمكن شنها إلا واحدة فواحدة ، و إن العدو لا يمكن سحقه إلا قطعة قطعة ، و المعامل لا يمكن أن تبنى إلا واحدا فواحدا، و الفلاحون لا يمكن أن يفلحوا الأرض إلا بقعة فبقعة . و الشيء نفسه عندما يجري تناول وجبة من الطعام . إن أكل وجبة طعام ، من الناحية الاستراتيجية ، لا يخيفنا : إننا نستطيع أن نأتي عليها حتى نهايتها ، و لكننا حين نأكل ، نفعل ذلك لقمة فلقمة ، لأنه يستحيل علينا أن نلتهم وجبة الطعام كلها لقمة واحدة . و هذا ما يسمى حل الأمور واحدا بعد آخر ، و يسمى ، في اللغة العسكرية ، سحق العدو جزءا بعد آخر .

– 3 –

و حلل الرفيق ماو تسي تونغ ، في خطابه بمؤتمر ممثلي الأحزاب الشيوعية و العمالية للبلدان المختلفة الذي عقد في موسكو في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1957 ، الوضع الدولي في هذه الفترة و أشار إلى أن القوى الاشتراكية تتفوق على القوى الاستعمارية و أن الريح الشرقية تتغلب على الريح الغربية فقال :

إنني أعتبر أن الوضع الدولي قد بلغ الآن انعطافا جديدا . إن في العالم اليوم ريحين اثنتين : الريح الشرقية و الريح الغربية . ثمة حكمة صينية قديمة تقول : “ إما أن تتغلب الريح الشرقية على الريح الغربية ، أو تتغلب الريح الغربية على الريح الشرقية ” و في رأيي أن ميزة الوضع الراهن هي أن الريح الشرقية تتغلب على الريح الغربية ، و هذا يعني أن القوى الاشتراكية قد أحرزت تفوقا ساحقا على القوى الاستعمارية .

و قال الرفيق ماو تسي تونغ في 17 تشرين الثاني ( نوفمبر ) ، و هو اليوم السابق لإلقائه الخطاب المشار إليه آنفا ، مخاطبا الطلاب الصينيين الذين يدرسون في الاتحاد السوفياتي :

إن اتجاه الريح في العالم قد تغير . ففي النضال بين المعسكر الاشتراكي و المعسكر الاستعماري ، إما أن تتغلب الريح الغربية على الريح الشرقية ، أو تتغلب الريح الشرقية على الريح الغربية . لقد أصبح عدد سكان العالم الآن 2700 مليون ، فمجموع سكان مختلف البلدان الاشتراكية ما يقارب 1000 مليون نسمة ، و بلدان المستعمرات القديمة التي أحرزت استقلالها يفوق 700 مليون ، و البلدان التي تناضل حاليا لأجل الاستقلال أو الاستقلال الناجز ، و كذلك البلدان الرأسمالية ذات الميول الحيادية تعد 600 مليون . و إذن فإن سكان المعسكر الاستعماري ليسوا إلا حوالي 400 مليون إنسان ، و هؤلاء ، إضافة إلى ذلك ، منقسمون داخليا ، و قد تُحدِث “ هزة أرضية ” هناك . و في الوقت الحاضر ، ليست الريح الغربية هي التي تتغلب على الريح الشرقية ، بل الريح الشرقية هي التي تتغلب على الريح الغربية .

و في 6 تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1957 ، أعلن الرفيق ماو تسي تونغ في الخطاب الذي ألقاه في مجلس السوفييات الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأربعين لثورة أكتوبر :

أن المستعمرين يلتمسون النجاة في الاضطهادات التي يمارسونها إزاء شعوب بلدانهم و شعوب البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ، و يبنون ، إضافة إلى ذلك ، آمالهم على الحرب . و لكن ماذا يمكنهم أن يتوقعوا من الحرب ؟ ففي مجرى نصف القرن الأخير ، عرفنا حربين عالميتين . و قد انفجرت بعد الحرب الأولى ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا ، و انفجرت بعد الحرب الثانية الثورات العديدة في أوربا الشرقية و في الشرق . فإذا قرر المستعمرون “ الأبطال ” شن حرب عالمية ثالثة ، فلن يحصلوا إلا على نتيجة واحدة هي التعجيل بالانهيار الكامل للنظام الرأسمالي في العالم بأسره .

و في خطابه (( حول المعالجة الصحيحة للتناقضات داخل الشعب )) الذي ألقاه في 27 شباط ( فبراير ) 1957 في الدورة الحادية عشرة (الموسعة) للمؤتمر الأعلى للدولة ، قال الرفيق ماو تسي تونغ في القسم العاشر من خطابه تحت عنوان (( هل يمكن أن يتحول شيء سيء إلى شيء حسن ؟ )) ما يلي :

و في الوقت الحاضر ، يناقش الناس في جميع بلدان العالم احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة ، و يجب علينا ، إزاء هذه المسألة ، أن نكون متهيئين نفسيا ، و أن نواجه الأمور بطريقة تحليلية . إننا إلى جانب السلم و ضد الحرب بصورة حاسمة . إلا أنه إذا ما أصر الاستعماريون على شن حرب جديدة ، فإن علينا ألا نخاف ذلك . إن موقفنا تجاه هذه المسألة هو نفس موقفنا أمام جميع “القلاقل” : أولا ، نحن ضدها ؛ و ثانيا إننا لا نخافها . إن الحرب العالمية الأولى قد أعقبها ميلاد الاتحاد السوفياتي الذي يبلغ سكانه 200 مليون نسمة ، و الحرب العالمية الثانية أعقبها تشكل المعسكر الاشتراكي الذي يضم 900 مليون نسمة . و من المؤكد أنه إذا ما شن المستعمرون ، بالرغم من كل شيء ، حربا عالمية ثالثة ، فإن مئات الملايين من الأشخاص سينتقلون إلى جانب الاشتراكية ، و لن يبقى في أيدي المستعمرون إلا أرض قليلة الاتساع فقط ، و سيكون الانهيار الكامل لكل النظام الاستعماري ممكنا كذلك .

و في شروط ما محددة ، يتحول كل واحد من المظهرين المتعارضين لتناقض ما ، بصورة حتمية ، إلى نقيضه بنتيجة النضال بينهما . إن الشروط ، هنا ، هامة ، فبدون هذه الشروط المحددة ، لا يمكن لأي من هذين المظهرين المتعارضين أن يتحول إلى نقيضه . إن البروليتاريا ، في العالم ، هي التي ترغب أكثر من كل الطبقات الأخرى في تغيير وضعها ، و تعقبها في ذلك شبه البروليتاريا . ذلك أن الأولى لا تملك شيئا مطلفا ، و لا تملك الثانية إلا القليل من الأشياء . إن الوضع القائم الآن ، حيث تملك الولايات المتحدة الأكثرية في هيئة الأمم المتحدة ، و تشرف على العديد من مناطق العالم ، هو وضع مؤقت فقط . و سيأتي يوم يتبدل فيه هذا الوضع بالضرورة . إن وضع الصين ، من حيث أنها بلد فقير ، غير معترف بحقوقه على الصعيد الدولي ، سيتغير كذلك : ان البلد الفقير سيصبح بلدا غنيا ، و فقدان الحقوق سيصبح تمتعا بالحقوق ، أي أنه سيحدث تحول في الأشياء إلى أضدادها . فالشروط التي تلعب دورا حاسما هنا هي : النظام الاشتراكي و الجهود المبذولة من قبل شعب متحد .

و في 28 حزيران ( يونيو ) 1950 ، عندما شن الاستعمار الأميركي ، بصورة مكشوفة ، الحرب العدوانية ضد كوريا ، و غزا أرضنا تايوان بالقوة المسلحة ، أدلى الرفيق ماو تسي تونغ بالتصريح التالي في الاجتماع الثامن لمجلس الحكومة الشعبية المركزية :

لقد أعلن الشعب الصيني منذ تاريخ بعيد أن شئون البلدان المختلفة في العالم يجب أن تدار من فبل شعوب هذه البلدان ، و أن شئون آسيا يجب أن تدار من فبل شعوب آسيا و ليس من قبل الولايات المتحدة . إن عدوان الولايات المتحدة في آسيا لن يؤدي إلا إلى بعث مقاومة واسعة و حازمة من قبل شعوب آسيا . و في الخامس من كانون الثاني ( يناير ) من هذا العام ، صرح ترومان أن الولايات المتحدة لن تتدخل في تايوان ، و قد أثبت الآن أن تصريحه هذا كان كاذبا ، و أحال إلى قصاصات من ورق جميع الاتفاقات الدولية الخاصة بعدم تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية للصين . و هكذا كشفت الولايات المتحدة عن وجهها الاستعماري ، كشفا مفيدا جدا للشعب الصيني و لشعوب آسيا . فليس ثمة أي مبرر لتدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية لكوريا ، و الفلبين ، و الفييتنام و البلدان الأخرى . إن عطف الشعب الصيني كله ، و كذلك عطف الجماهير الغفيرة من شعوب العالم ، مُنصب على ضحايا العدوان ، و ليس على الاستعمار الأميركي بالتأكيد . و لن يسمح الشعب لنفسه بقبول الترغيب أو الترهيب من قبل الاستعمار . إن الاستعمار قوي في الظاهر ضعيف في الواقع ، لأنه غير مدعوم من الشعب . فيا شعب الصين و يا شعوب العالم اتحدي و استعدي استعدادا كاملا لإحباط كل استفزاز للاستعمار الأميركي .

لا بديل عن التعاون الصيني السوفيتي

و في 14 شباط ( فبراير ) 1955 ، أعلن الرفيق ماو تسي تونغ في الحفلة التي أقامتها السفارة السوفياتية في الصين احتفالا بالذكرى الخامسة لتوقيع معاهدة الصداقة و التحالف و المساعدة المتبادلة الصينية – السوفياتية :

إنني مقتنع أنه بالتعاون بين بلدينا العظيمين الصين و الاتحاد السوفياتي ، سيقضى على الخطط العدوانية للاستعمار قضاءا مبرما .

و في وسعنا جميعا أن نحسب أنه ليس ثمة أية خطط عدوانية للاستعمار لا يمكن إحباطها بالتعاون الكبير بين الصين و الاتحاد السوفياتي . إن جميع هذه الخطط سيُقضى عليها ، بالتأكيد ، قضاءا تاما . فإذا ما شن المستعمرون حربا عدوانية ، فإننا و شعوب العالم بأسره ، سنكنسهم حتما من على وجه الكرة الأرضية .

و قال الرفيق ماو تسي تونغ ، في 8 ايلول ( سبتمبر ) 1958 ، في خطابه في المؤتمر الأعلى للدولة :

إن الوضع الراهن مؤات لشعوب العالم بأسره في نضالها لأجل السلم .

و إن الاتجاه العام يتسم بواقع أن الريح الشرقية تتغلب على الريح الغربية .

إن الاستعمار الأميركي يحتل أرضنا تايوان منذ تسع سنوات . وقد أرسل ، منذ وقت قريب أيضا ، قواته المسلحة لاحتلال لبنان(†) . و أقامت الولايات المتحدة مئات القواعد العسكرية المنتشرة في البلدان العديدة ، عبر العالم بأسره . إلا أن أرض تايوان الصينية ، و لبنان ، و كذلك جميع القواعد العسكرية الأميركية في البلدان الأجنبية هي مثل أنشوطات الإعدام الموضوعة في عنق الاستعمار الأميركي ، إن الأميركيين أنفسهم ، و ليس أحد سواهم ، هم الذين صنعوا هذه الأنشوطات و وضعوها في أعناقهم ، و أعطوا طرف الحبل إلى الشعب الصيني ، و إلى شعوب البلدان العربية ، و إلى جميع الشعوب الشغوفة بالسلم و المناضلة ضد العدوان في العالم بأسره . و بمقدار ما يتشبث المعتدون الأميركيون بمواقعهم هذه ، تضيق الأنشوطات التي تشد خناقهم .

لقد أوجد المستعمرون الأميركيون وضعا متوترا في جميع أنحاء العالم بقصد تسليط عدوانهم و فرض نيرهم الاستعبادي على شعوب العالم . و يحسب المستعمرون الأميركيون أن وضع التوتر مفيد لهم دائما ، و لكن هذا الوضع الذي أوجدوه يسير ، في الواقع ، بعكس ما يرغبون : لقد كان من شأنه أن عبأ شعوب العالم بأسره ضد المعتدين الأميركيين .

و إذا ما أصرت الفئات الاحتكارية في الولايات المتحدة على تطبيق سياسة العدوان و الحرب التي تسير عليها ، فسيأتي يوم لا مفر منه ، تشنقها فيه شعوب العالم بأسره ، و المصير نفسه ينتظر شركاء الولايات المتحدة .

و في 29 ايلول ( سبتمبر ) 1958 ، عاد الرفيق ماو تسي تونغ إلى بكين بعد جولة استطلاعية في عدد من مقاطعات حوض نهر اليانغتسي . و صرح في مقابلة صحفية مع أحد مراسلي وكالة أنباء شينخوا – الصين الجديدة – بما يلي :

لن يعيش المستعمرون وقتا طويلا ، لأنهم اقترفوا جميع المساوىء الممكنة ، و هم يقومون ، على الأخص ، بمساندة الرجعيين المسلطين ضد الشعب في مختلف البلدان ، وقد استولوا بالقوة على كثير من المستعمرات و أشباه المستعمرات و كذلك على العديد من القواعد العسكرية ، و هم يهددون السلم بحرب ذرية ، و على هذا النحو فقد أجبروا أكثر من 90 بالمئة من سكان العالم على الوقوف ، أو على استعداد للوقوف ، في كتلة ضدهم . إلا أن الاستعمار ما زال حيا ، و هو يفرض ، حيث هو موجود ، سيطرته التي لا كابح لها في آسيا ، و أفريقيا ، و أميركا اللاتينية . و يضطهد المستعمرون في الغرب الجماهير الشعبية في بلدانهم ذاتها أيضا . و لكن وضعا كهذا ينبغي أن يتبدل حتما ، و يتوقف على شعوب العالم بأسره وضع حد للعدوان و الاضطهاد المرتكبين من قبل الاستعمار و بصورة رئيسية من قبل الاستعمار الأميركي .

٭ لم تكن هناك إحصائيات رسمية للسكان في ذلك الوقت و قد قدروا بأربعمئة و خمسين مليون نسمة . ثم أجريت الإحصائيات الحكومية لسكان الصين بعد التحرير فكانت النتيجة 600 مليون نسمة – هيئة تحرير جريدة جينمينجيباو .

ملاحظة

الملاحظات

(1) وانغ تشينغ واي قائد الموالين لليابان لدى الكومينتان و رئيسا للمجلس الاستشاري الشعبي ، استسلم للمعتدين اليابانيين بشكل مكشوف ، ففي مارس ( آذار ) 1940 أصبح رئيس الحكومة المركزية العميلة التي تأسست في نانكين . و مات في تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1944 في اليابان .

(2) تشان كوه تاو أحد المرتدين عن الثورة الصينية ، و كان قد انضم الى الحزب الشيوعي الصيني بعد تأسيسه بقليل بقصد انتهاز الثورة ، و ارتكب العديد من الأخطاء الخطيرة التي لا تغتفر ، و من أكثرها خطورة أنه عارض عام 1935 مسيرة الجيش الأحمر نحو الشمال ، و دعا، بروح انهزامية و روح التصفية الى الانسحاب الى مناطق الأقليات القومية في حدود سيتشوان و سيكان ، و فضلا عن ذلك تمرد بشكل مكشوف ضد الحزب و اللجنة المركزية بتأليف لجنة مركزية مزعزمة للحزب ، بغية شق وحدة الحزب و الجيش الأحمر ، متسببا على هذا النحو بأذى خطير لجيش الجبهة الرابعة . و بفضل العمل التثقيفي الصبور الذي قام به الرفيق ماو تسي تونغ و اللجنة المركزية للحزب أثناء ذلك ، عادت جماهير الجنود و ملاكات جيش الجبهة الرابعة بعد قليل من الوقت و وضعت نفسها تحت قيادة اللجنة المركزية الصحيحة ، و لعبت دورا مظفرا في النضالات التي تلت ذلك . أما تشان كوه تاو فقد ظل غير قابل للإصلاح ، و في ربيع 1938 هرب بمفرده من منطقة حدود شنسي – كانسو – نينسيا و أصبح عميلا لمصالح استخبارات الكوينتان السرية .

(3) في نهاية أسرة التشينغ كان يوان شي كاي قائدا لأمراء الحرب الشماليين ، و بعد ان سقطت حكومة أسرة التشينغ بنتيجة ثورة 1911 ، كان يوان كاي يستند الى قوات معادية للثورة و تأييد الاستعمار من جهة و يغتنم من جهة أخرى مسالمة البرجوازية التي قادت آنذاك الثورة ، فاغتصب وظيفة رئيس الدولة و نظم الحكومة الأولى لأمراء الحرب الشماليين ، و هي التي مثلت الطبقات الإقطاعية و الكومبرادورية الكبيرة . و حاول يوان شي كاي عام 1915 ان يصبح امبراطورا في الصين ، و بغية اكتسابه تأييد من المستعمرين اليابانيين ، اعترف بواحد و عشرين مطلوبا عرضتها عليه اليابان كي تستولي وحدها على الصين كلها . ففي كانون الأول ( ديسمبر ) من هذا العام نشبت انتفاضة يونان ضد يوان شي كاي الذي أطلق على نفسه لقب الامبراطور ، فتردد في كل أنحاء البلاد صدى واسع . و مات يوان شي كاي في حزيران ( يونيو ) 1916 في بكين .

(†) حدث ذلك ردا على قيام ثورة 14 تموز المجيدة في العراق كخطوة تمهيدية لغزو الجمهورية العراقية الوليدة ، حيث فكر الامبرياليون وقتها في باديء الامر بالتدخل العسكري المباشر لاسقاط هذه الثورة . – ملاحظة الصوت الشيوعي .

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

1 من الزوار الآن

874335 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق