المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 4.0 العملانيات > رصد العدو > الماسونية تحت المجهر في فلسطين

13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

الماسونية تحت المجهر في فلسطين

الحلقة الاولى

- ماهية الماسونية
رغم أن ما كتب عن الماسونية من مخطوطات وكتب ووثائق ودراسات من الغزارة بحيث يصعب حصره بيليوغرافياً في حيز ضيق.. إلا أن الباحث قد يجد صعوبة كبيرة في العثور على مراجع كافية عن الماسونية في المكتبات العامة، أو المكتبات الجامعية، بل إن مكتبة جامعة "لايدن" لا يوجد بها سوى ثلاثة كتب عن الماسونية.
ومعظم المعلومات التي تطرحها الكتب المتداولة عن الماسونية، أو تلك الموجودة في دوائر المعارف، مثل دائرة المعارف البريطانية، ودائرة المعارف الأمريكية، ودائرة المعارف السوفيتية – تختلف كلية عن المعلومات التي تضمها كتب الماسونية الموجودة في المكتبات الماسونية المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، والتي لا يسمح بارتيادها لغير الأعضاء الماسون. ورغم أن السلطات النازية كانت قد صادرت المكتبات الماسونية في ألمانيا بغية الوقوف على أسرارها، وكشف المعلومات المخفية عن الماسونية- لكن يبدو أن تلك السلطات فشلت في إتمام هذه المهمة، سيما وأن الماسونية سرعان ما اتخذت اسماً جديداً لها هو "نادي الفرسان الألمان"، ولا أحد يعرف على وجه الدقة، هل أتلفت تلك المكتبات وحرق ما فيها من كتب ووثائق.. أم أن تلك الكتب والوثائق أخفيت في مكان ما ثم انتقلت إلى نوادي الفرسان الألمان – فيما بعد – بكيفية أو أخرى؟!!
وما كتب عن الماسونية بالعربية لا يكاد يربو على بضعة عشر مؤلفاً، كتب معظمها في النصف الأول من هذا القرن، كما أن معظمها لم يعد طبعه هو كتاب مثل (الأسرار الخفية للجمعية الماسونية) الذي كتبه شاهين مكاريوس سنة 1900، ظهرت طبعته الثانية، فجأة – سنة 1983؟! وقد شهدت السنوات الأخيرة الماضية ظهور عدة كتب عربية جديدة عن الماسونية. ويلاحظ أن هذه الكتابات وتلك، لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها الأجنبية، كونها لا تخرج في غالبتها عن تصنيفين: فهي إما كتابات مادحة كتبت بقلم أحد أنصارها مثل كتابات شاهين مكاريوس، وجورجي زيدان، وإما كتابات شاجبة كتبت بقلم أحد منتقديها، أو المرتدين عنها، مثل كتابات د. محمد علي الزغبي، ود. أحمد جلوش. وهناك طائفة ثالثة من كتب الماسونية استند مؤلفوها على كتابات المرتدين عنها، ومقارنتها بالتطورات السياسية والأحداث الدولية.. وهذه الطائفة تكتسب –رغم ندرتها- أهمية خاصة، نظراً لأنها تتسم بالتناول الموضوعي، والتحليل العلمي، مما يجعلها تقترب أكثر من حقيقة الماسونية. وقد ظهر في بريطانيا عام 1983 كتاب عن الماسونية بعنوان "الأُخوَّة" The Brotherhoodأحدث ضجة كبيرة بسبب الطريقة التي انتهجها مؤلفه "ستيفن نايت" في توثيقه، إذ أنه اعتمد على استقصاء المعلومات عن طريق الحصول عليها من أفراد "ماسون" اشترطوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، ومعظمهم من المنخرطين في سلك الشرطة البريطانية.. وكان من الطبيعي أن يتعثر صدور هذا الكتاب، وأن يتعرض صاحبه للكثير من المشاكل والضغوط، وأخطر ما جاء في كتاب "نايت" أن المخابرات السوفيتية قد نجحت في التسلل إلى شبكة المحفل، ونجحت في إحلال الكثيرين من أعضائها في مراكز حساسة في الأجهزة السياسية والأمنية والإعلامية في بريطانية وغيرها. وهذا يؤكد على وجود علاقة تربط بين الماسونية والشيوعية ولم تكن مثل تلك العلاقة واضحة قبل أن يشير إليها "نايت" في كتابه هذا. وقد أوردت وكالات الأنباء العالمية نبأ موت "ستيفن نايت" في نهاية شهر يوليو 1985 أي بعد عام واحد من صدور كتابه عن عمر يناهز الثلاثة والثلاثين عاماً، ولم يتأكد بشكل قاطع عما إذا كان "نايت" مات ميتة طبيعية، أم أن هنالك جريمة ماسونية وراء موته؟!

- من هم ضحايا الماسونية؟!
وقد جاءت تسمية الماسونية من كلمة "ميسن" أو ماسون Mason التي تعني بالإنجليزية والفرنسية "البناء" وتضاف إليها عادة لفظة أخرى هي Free ومعناها بالإنجليزية "حر" أو "فرانك" بالفرنسية، أي الصادق. فتصبح "فري ميسن" أو "فرانك ماسون" وكان هذا الاسم يلفظ في العهد العثماني "فرمسون"، ومن هذا الاستعمال التركي المحرف قليلاً انتقلت الكلمة إلى العراق والشام، وكانت تلفظ في الاستعمال العامي "فرمصون".
وتسمى الجمعيات الماسونية محافل جمع محفل Lodge والمحفل الماسوني هو وحده التنظيم، ويرأسه أستاذ، وتتدرج فيه مراتب الأعضاء. وتنقسم المحافل الماسونية في الولاء بين "المحفل الأعظم البريطاني"، و "الشرق الفرنسي".
وكانت الماسونية تعمل على اصطياد ضحاياها من المفكرين والمشاهير، وتستقطبهم للانضمام إلى محافلها بواسطة التعريف عن نفسها مستخدمة هذه الشعارات والمبادئ.
1- أنها جمعيات خيرية لا تتدخل في الدين والسياسة.
2- الماسونية مؤسسة حرة للبناء العلمي، ثم البناء الفكري "حققت خيراً وحررت شعوباً"!
3- الماسونية العربية مستقلة، بل توجه الماسونية العالمية لإنقاذ فلسطين!.
وتحت شعار "الحرية – الإخاء – المساواة" نجح أبناء الماسونية العربية في استقطاب عدد من مشاهير الأدباء ورجال الفكر والدين والزعماء السياسيين... إلا أن كثيراً من هؤلاء سرعان ما انسحبوا منها بمجرد أن انكشفت لهم حقيقة أنشطتها وارتباطها باليهودية العالمية، وبخدمة المصالح الاستعمارية.
وتلجأ الماسونية إلى طرق ملتوية لجذب مشاهير الناس ليسارعوا في الانضمام إليها، فنراها تشيع مثل هذا القول: "فليعلم أن الماسونية تعد كل مستقيم السيرة والسريرة عضواً فيها ولو لم يأخذ عهدها، وهي لا تقبل في أحضانها إلا من أتاها مختاراً"!
وقد درج الماسون على وضع إشارة مميزة لهم يتعرفون بواسطتها على بعضهم البعض، وقد تكون هذه الإشارة، أو العلامة – "خاتماً" مميزاً له شكل خاص. ومن بوادر معرفة ماسوني لماسوني آخر لدى المصافحة الضغط بالإبهام عند أحدهما على ما يفصل الإبهام عن السبابة لدى الآخر.
لقب "العميان" أعلى درجة
وقد سيطر اليهود على الماسونية منذ القرن الثامن عشر وجعلوا لها مراتب ودرجات لا يصل إلى أعلاها إلا المخلص الذي يثبت تفانيه في خدمة أهدافها، ويتم ترفيعه بمعرفة الأساطين الذين هم أركان المحافل الماسونية، ووكلاء اليهود المخلصين لهم. وقد توصل الباحثون إلى معرفة المراتب الثلاث للماسونية وهي:
1- المرتبة الأولى "الماسونية الرمزية": درجاتها 33، ويترقى الماسوني غير اليهودي في سلم درجات هذه المرتبة، وقد يبلغ أعلاها. وأعضاء هذه المرتبة يطلق عليهم أعضاء المرتبتين الأخيرتين وصف "العميان" لأنهم يخدمون "المؤسسة" دون أن يعرفوا أهدافها. وهنالك قسم يتعين على المنتسبين لتلك المرتبة الإدلاء به، وبعض الطقوس الأخرى التي تمارس في المحفل عند انضمام أي عضو جديد. ومن بين من حصلوا على الدرجة (33) إيرل أوف إلكسندر، رئيس أركان حرب القوات البريطانية في الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الثانية.
2- المرتبة الثانية (الماسونية الملوكية): أهداف هذه المرتبة تدور حول احترام اليهود، وتقدسيها، وإعادة بناء الهيكل، وامتلاك اليهود لفلسطين وجعلها وطنهم القومي. وأكثر أعضائها من اليهود، ويطلق عليهم الرفقاء (جمع رفيق)، ولا يسمح لغير اليهود بالدخول فيها إلا لمن وصل إلى أرقى درجة في المرتبة الأولى (مثل امبراطور أثيوبيا السابق هيلاسلاسي)، ويرافق انتساب العضو إلى هذه المرتبة إجراء بعض الطقوس الخاصة، والإدلاء بقسم خاص.
3- أما المرتبة الثالثة (الماسونية الكونية)، فلا يصل إليها إلا الضالعون في اليهودية، ومهمة أعضاء هذه المرتبة، إدارة كل حركة من حركات الهدم والتخريب والفوضى السياسية والاجتماعية بشتى الطرق والوسائل في مختلف بقاع الأرض، ويقال بأن أعضاء هذه المرتبة وعددهم اثنا عشر عضواً – هم الذين صاغوا "بروتوكولات حكماء صهيون"- وذلك الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في بال سنة 1897.
لا سرية.. وتمارس علناً في أمريكا
ورغم ما يشاع عن السرية المطبقة للمحافل الماسونية، فإن الأمر لا يبدو كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، فالمحافل الماسونية تؤسس فيها بموافقة السلطات الحكومية وأماكن اجتماعاتها تكون معروفة، وأعضاؤها معروفين، وهم يجهرون بعضويتهم فيها ولا يخفونها، ولذلك فإنه لا يمكن وصف الماسونية الأمريكية بأنها جمعيات سرية، والأدق أن يقال بانها "جمعيات ذات أسرار". كذلك فإن ما يشاع عن التعذيب والتنكيل الذي يلحق بالعضو المرتد عنها، أو الذي يقوم بإفشاء أسرارها، فهو من قبيل المبالغة والتهويل، ذلك أن عدداً كبيراً من المرتدين عنها قاموا بتأليف العديد من الكتب التي يفضحون فيها أساليبها وممارساتها. ولم نسمع قط أن أحداً منهم عذّب أو قتل بسبب هذا العمل، وقد يكون ذلك في الماضي ومما يذكر حول هذا الموضوع، تكليف أحد الماسونيين ويدعى "ريتشارد هيوارد" بتنفيذ حكم الإعدام على شخص يدعى الكابتن "وليم مورجان" بسبب خيانته للجمعية.
وقد وقعت هذه الحادثة عام 1826، إلا أنها أدت إلى استياء وغضب ما يقرب من 40% من الماسونيين في شمالي الولايات المتحدة، وهجرهم للماسونية.
ويذكر "ستيفن نايت" أن عقوبة الماسوني العادي الخائن هو استئصال أعضائه التناسلية، أما العضو الأعلى "المرتبتان الثانية والثالثة" فتحرق أحشاؤه إلى رماد، لكن ذلك كان في الماضي -الكلام لا يزال لنايت- أما اليوم فالعقوبة هي أن يلحق الضرر المادي بحرفة العضو الخائن. حتى يعلن إفلاسه.
الأصول التاريخية للماسونية
تعرف دائرة المعارف البريطانية (طبعة 1981) الماسونية بأنها "أكبر جمعية سرية في العالم". وقد نشأت من النقابات التي ألفها البناؤون عندما تولوا بناء القلاع والكاتدرئيات. ثم بدأت بعض محافل البنائين العاملين في قبول أعضاء فخريين لتقوية الإقبال عليها إثر التدهور في عدد أعضائها بسبب توقف عمليات البناء. ومن هذه المحافل نشأت الماسونية الحديثة أو الرمزية.
وهناك جدل حول تاريخ بداية ظهور الماسونية، فثمة فريق يعتقد بأنها أنشئت في عهد الفراعنة -حيث كانت تبنى المعابد والأهرامات- ويقرر آخرون أنها أنشئت في زمن بناء الهيكل (هيكل سليمان)، فيما يرى البعض الآخر أنها ظهرت في أثناء الحروب الصليبية.
وقد ذهب د. محمد علي الزغبي في كتابه "الماسونية منشئة ملك إسرائيل". القسم الأول المطبوع في بيروت سنة 1956 إلى أن المؤسس الأول للماسونية التي جعلت مرادفها (القوى الخفية) بدأت سنة 43-55م عندما اجتمع الملك "هيردوس أجريبا" ومستشاريه "أحيرام أبنود"، و "مؤاب لافي" وتآمروا فيما بينهم على المسيح الذي أخذ يبشر بزوال الهيكل (بحيث لا يبقى فيه حجر على حجر إلا ينقض) وأنشأوا جمعية سرية باسم "القوة الخفية" مهمتها: التخلص من المسيح وأتباعه.
ويزعم أنصار أسطورة ظهور الماسونية مع بداية بناء الهيكل، بأنه عندما تقرر بناء الهيكل، تم تقسيم البنائين إلى ثلاث طبقات: المتمرنين، أبناء المهنة، والأساتذة، وتشمل الطبقة الثالثة (الأساتذة) ثلاثة أشخاص فقط هم سليمان، وحيرام، ملك صور – وحيرام آبي (أي حيرام الأب). والأخير كان يكنى "بابن الأرملة". أو "صانع النحاس" تمييزاً له عن حيرام ملك صور. وتزعم الأسطورة الماسونية أنه قبل تمام بناء المعبد تآمر بعض الأشخاص من "أبناء المهنة" بغية اكتشاف أسرار الأساتذة، وقرروا أن يعدوا كميناً لحيرام (ابن الأرملة) عند باب المعبد. ولكن البعض منهم تراجع في اللحظات الأخيرة، ولم يتبق من المتآمرين سوى ثلاثة هم الذين قاموا بتنفيذ المؤامرة.. وقد طلبوا في البداية من حيرام أن يطلعهم على الأسرار، وهددوا بالقتل، وعندما رفض البوح لهم بما يعرف قتلوه بثلاث ضربات على الرأس، ضربة من كل واحد منهم، ثم حملوا جثته ودفنوها خارج الهيكل في حبل "مرياح". وتضيف الأسطورة أنه بعد تمام بناء الهيكل تفرق "البناؤون" الذين قاموا ببنائه، فنزح بعضهم إلى أوروبا، واستقر نفر منهم في روما، حيث أنشأوا جمعية الصناع الرومانية التي نقلت نظمها ورسومها فيما بعد إلى جمعيات الصناع في إنجلترا وفرنسا وألمانيا في العصور الوسطى.
والذين يقرنون ظهور الماسونية بالحملات الصليبية، يقررون بأنها نشأت في زمن حكم (بلدوين الأول) لمملكة القدس، حيث اجتمع الفارس الفرنسي (هيودي باين) وثمانية من الفرسان، وأقسموا فيما بينهم على تشكيل جمعية منهم تهدف إلى حماية الحجاج النصارى وحراستهم من الساحل حتى المدينة المقدسة.
وحين سمع (بلدوين) بهذه الجمعية منحهم داراً قريبة مما عرف عندهم (بهيكل سليمان) أو (معبد سليمان) ولهذا عرفوا "بفرسان المعبد".. وفي نفس تلك الفترة ظهرت نشاطات مريبة لجمعية شبيهة وحليفة لجمعية فرسان المعبد، وهم "الإسماعيلة" الذين يصفهم "وليام الصوري" – رئيس أساقفة صور- بأنهم لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية، ولا يتورعون عن ارتكاب المحارم، "فهم يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ولا يصومون رمضان مع المسلمين وهم لذلك أقرب للنصارى" وقد وضع الإسماعيلية أسساً ومبادئ لجمعيتهم السرية تلك، على نظام دقيق للغاية، فقد رتبوا أصول الدعوة السرية ترتيباً محكماً على أساس استعداد الناس "فللعامة تعاليم وللخاصة أخرى، ولخاصة الخاصة تعاليم سرية لا يعلمه إلى الخاصة، ولا يعلم أسرار الجمعية إلا رؤساؤها وزعماؤها، ولا يصل الفرد منهم إلى مرتبة الزعامة إلا إذا اجتاز امتحاناً قياسياً، وأقسم بأغلظ الأيمان على الوفاء للجمعية والكتمان الشديد".
مراحل نشوء الماسونية
وقد عزا بعض الكتاب أصول الماسونية التاريخية لرسائل (إخوان الصفا) – تلك الجمعية السرية التي نشأت في البصرة في القرن الرابع للهجرة، والذين كتب أعضاؤها رسائلها الاثنتين والخمسين في شتى أنواع المعرفة.
ويمكننا بصفة عامة، تقسيم تاريخ الماسونية إلى مرحلتين:
1- المرحلة الأولى: أو الماسونية القديمة – والتي لا نستطيع أن نحدد بدايتها على وجه الدقة، لكنها تميزت بأن أعضاء الجمعيات الماسونية فيها كانوا من العمال في حرفة البناء. وقد وصلت تلك المرحلة إلى عصرها الذهبي في القرون الوسطى، التي شهدت حركة تشييد الكنائس والكاتدرئيات على نطاق واسع خاصة في بريطانيا. وقد اعتاد عمال بناء هذه الأبنية الخاصة على كتمان أسرار مهنتهم وعدم قبول أحد من الدخلاء فيها، حتى أن أسرار مهنتهم كانوا يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ولم يكونوا ليبيحوا بها إلا للمتدربين معهم، وكانوا بطبيعة الحال من أبنائهم وأقاربهم. وكان أولئك العمال يقضون أوقات راحتهم في أماكن خاصة قريبة من مواقع العمل، سميت "بالمحافل" والتي كانت بمثابة نقابات مهنية، ومراكز اجتماعية في آن واحد. حيث كانوا يتبادلون الأخبار، ويطرحون مشاكلهم على بساط البحث، ويناقشون الأمور المتصلة بمهنتهم وأسرارها، وحماية مصالحهم المشتركة. ويقال إن هذا هو مرجع التأكيد على سرية ما يقال في المحافل وكتمانه.
2- المرحلة الثانية، أو الماسونية الحديثة، أو "الرمزية" وبدأت عام 1600 في اسكتلندا. وفي نهاية القرن السابع عشر، كانت الحركة مقتصرة على الأرستقراطيين، الطبقات المهنية العليا.
وفي 14 يونيو 1717 تقرر توحيد المحافل التي كان عددها قد وصل إلى أربعة محافل في لندن – في محفل واحد سمي "المحفل الأعظم" The United Grand Lodge ولا يزال موجوداً حتى اليوم "ينشر فكره في مجلة دورية ولدت معه تحمل الاسم اللاتيني Aro Buarteyr Conorium.
وفي سنة 1723 ظهر أول كتاب في الماسونية باسم "القوانين" ألفه القس "جيمس أندرسون" وقد جاء فيه: "إن الماسوني كان يلقن أن ألا يكون كافراً عبثاً، وألا يكون مفكراً حراً غير متدين، وأن يحترم السلطات المدنية، وألا يشترك في الحركات السياسة!".
وقد زعم أندرسون في كتابه هذا أن الأستاذ الأكبر للماسونيين، والذي أنشأ المحفل الماسوني الأول هو النبي موسى. وأن الملك سليمان كان الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني في القدس!.. وأطال القول في تفاصيل هذه المزاعم الباطلة.

- وكر الماسونية الحديثة
ومن أقدم الوثائق التي تتعلق بالماسونية تلك التي ضمنت الوصايا The Charges والتي نسخها "داود كاسلي" بخطه، وتاريخها المدون هو سنة 1734م، وهي محفوظة في المتحف البريطاني بقسم الأناجيل في الخزانة رقم 17 الرف أ، وقد جاء فيه: "يضع كل عضو جديد يدخل الجمعية كفه في كف القيم، ثم يعطى نسخة من الوصية العامة".. ثم ذكر الوصية المنظومة شعراً: "فرض على الأخ، حُبُّ الله، والكنيسة المقدسة، وسيده الذي يصحبه، وليحفظ المبادئ الثلاثة كما يحفظ حياته، ولا يخطو خطوة دون رأي سيده الذي يجب أن يتبعه في المقاصد النبيلة، ولا يكشف أمره، ولا يبح لأحد بسره، ولا يحيد قيد شعرة لما يأمره به المحفل في جميع الأحوال، ومهما كان الأمر. وحيثما ذهب".
ومن بريطانيا انتشر أخطبوط الماسونية (الحديثة)، فتأسس بإشراف محفل بريطانيا الأعظم.
1- أول محفل ماسوني في جبل طارق سنة 1728.
2- أول محفل ماسوني في باريس سنة 1732، 1725م: فصل المقال (73).
3- أول محفل ماسوني في ألمانيا سنة 1733.
4- أول محفل ماسوني في البرتغال سنة 1735
5- أول محفل ماسوني في سويسرا سنة 1745.
6- أول محفل ماسوني في هولندا والدانمرك سنة 1745 أيضاً.
7- أول محفل ماسوني في الهند سنة 1752.
8- أول محفل ماسوني في إيطاليا سنة 1763م.
9- أول محفل ماسوني في بلجيكا سنة 1765.
10- أول محفل ماسوني في روسيا سنة 1771.
11- أول محفل ماسوني في السويد سنة 1773.
وقد ظهرت الماسونية للمرة الأولى في أمريكا مع مجيء المستعمرين الإنجليز والاسكتلنديين والأيرلنديين في أوائل القرن الثامن عشر وفي سنة 1907 كان عدد المحافل العظمى في أمريكا يزيد على خمسين محفلاً، يتبعها آلاف المحافل العادية، وينخرط في عضويتها أكثر من مليوني أمريكي.
ويفوق عدد الماسونيين في أمريكا الآن عددهم في أي بلد آخر (حوالي 4 ملايين). وتأتي بريطانيا في الدرجة الثانية (نصف مليون). ويمكن إعطاء فكرة عامة عن قوة الماسونية الحديثة إذا علمنا أنه حتى سنة 1952 كان هناك في العالم 9000 محفل تابع للمحافل الرئيسية الثلاثة (الإنجليزية والاسكتلندية والأيرلندية).
وثمة نوعان من الماسونية في الغرب: الماسونية التقليدية Conservative M وهي التي تتسم بها محافل بريطانيا وألمانيا والدول الإسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية، وليس لها نشاطات معارضة للحكومة، والماسونية الحديثة Modern M وهي الموجودة في فرنسا، وجنوب أوروبا، وأمريكا اللاتينية، ولها نشاطات سياسية متعددة.
والجدير بالذكر أن الماسونية في بداية ظهورها في اسكتلندا كانت تعرف باسم "الماسونية الحرة" أما الماسونية الألمانية فكانت تعرف بالماسونية النورانية.

- الماسونية في الوطن العربي
يرى الأستاذ نجدة فتحي صفوة أن أقدم وجود للماسونية في البلاد العربية هو المحفل الذي أسس في القاهرة عام 1798 بعد حملة نابليون، وكان اسمه "محفل إيزيس". وفي سنة 1838 أسس في القاهرة أيضاً، محفل ممفيس، فيما يرى د. علي شلش أن أقدم محفل ماسوني في مصر، هو محفل الأهرام الذي تأسس سنة 1845، وذلك استناداً إلى كتابات شاهين مكاريوس، وجورجي زيدان، وأن ستينيات القرن الماضي شهدت إنشاء محفلين آخرين تحت رعاية محفل "الشرق الأعظم الفرنسي" هما محفل "نهضة اليونان" الذي تأسس في الإسكندرية في 9 نوفمبر 1863، ومحفل النيل، الذي تمت الموافقة على دستوره الرمزي في 23/3/1868.. ثم تأسس بعد ذلك أول محفل مصري يتحدث فيه الأعضاء بالعربية (محفل نور مصر). ويفهم من تتبع تاريخ الماسونية في مصر أنها بدأت أجنبية اللغة، وكان أعضاؤها في غالبيتهم من الأجانب، وعندما تم تشكيل "الهيئة الماسونية المصرية الجديدة" على الطريقة الاسكتلندية باسم (الشرق الأعظم الوطني المصري) سنة 1876 – والذي أصبحت المحافل المصرية جميعاً تابعة له – انتخب الإيطالي "سوليتوري زولا" رئيسياً له. وفي عام 1887 انتخب الخديوي توفيق باشا رئيساً لذلك المحفل. ويبدو أن العصر الذهبي للماسونية في مصر وصل إلى ذروته في الربع الأخير من القرن الماضي عندما دخل في الماسونية بعض زعماء الإصلاح الذين اشتهروا في ذلك الوقت ويؤكد الأستاذ نجدة، والدكتور شلش، وغيرهما – أن السيد جمال الدين الأفغاني كان ماسونياً. والأستاذ نجدة يورد في كتابه "الماسونية في الوطن العربي" نفس نص الرسالة التي جاءت في دراسة د. شلش التي نشرت في مجلة "المجلة" قبل بضعة أشهر- والتي يطلب فيها (أي الأفغاني) قبوله عضواً في أحد المحافل الماسونية في مصر، إلا أن د. نجدة أسند هذه المعلومة بشكل أدق، فبينما نجد د. شلش يقول حول أصل رسالة الأفغاني. بأنها اكتشفت من بين أوراق الأفغاني الخاصة التي نشرتها جامعة طهران سنة 1963، نجد أن الأستاذ نجدة يدلل على أصلها بأنه "محفوظ مع أوراق جمال الدين الأفغاني ورسائله في جناح خاص في مكتبة البرلمان الإيراني"، وقد نقل صورة زنكوغرافية لها إسماعيل تائين في كتابه "دار النسيان والماسونية في إيران" باللغة الفارسية، كما نقل نصها د. علي الوردي في كتابه "لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث". وفيما لا يجد د. شلش أصلاً لاسم المحفل الذي انضم إليه الأفغاني، نجد أن الأستاذ نجدة يحدد ذلك المحفل بأنه محفل "كوكب الشرق" التابع للمحفل الأعظم الإنجليزي. وفي تطور آخر نجد أن تلك المحافل تتدخل في الأمور السياسية – عكس ما كان يشاع عنها – وأن هذا التدخل كان يختلف من فترة إلى أخرى باختلاف الظروف والأحداث التي تعرف الماسونية كيف تتعايش معها وتستفيد منها، ففي أثناء انتساب الأفغاني للماسونية، كان النشاط السياسي الذي يمارسه يبدو عدائياً من وجهة نظر الإنجليز، الذين كانوا يحتلون مصر، ولا يبدو كذلك من وجهة نظر الفرنسيين، ولذا فإن تأسيس الأفغاني لمحفل ماسوني جديد برئاسته تابعاً "للشرق الأعظم الفرنسي" كان له دوره في القرار الذي اتخذه الإنجليز بنفيه من مصر.

- الماسونية في مصر وبلاد الشام
وكان للماسونية في مصر مجلة تنشر أخبارها وتشيد بها، هي مجلة "اللطائف" التي كان يصدرها شاهين مكاريوس، وهو لبناني من جنوب لبنان، (مرجعيون)، تلقى مبادئ القراءة والدروس الأولى على يد "يواكيم مسعود" وعمل مدة في المطبعة الأمريكية في بيروت، ثم أنشأ بمساعدة فارس نمر جمعية "شمس البر". وقد انتمى إلى الماسونية في بيروت سنة 1874، وبعد دخوله بمدة ارتقى إلى درجة أستاذ، وانتخب كاتب سر للمحفل، ثم لجأ إلى مصر مع زميله يعقوب صروف وفارس نمر، وأسهم في الحركة الماسونية فيها بنشاط كبير. وأصدر سنة 1886 مجلة "اللطائف" ثم أنشأ سنة 1891 محفلاً ماسونياً باسم محفل اللطائف. وقد استمرت مجلة اللطائف في الصدور خمساً وعشرين سنة، حتى توقفت عام1910 على إثر وفاته. وفي عام 1815 أصدر ابنه إسكندر مكاريوس مجلة "اللطائف المصورة" التي استمرت في الصدور بضع عشرة سنة، وكانت من أوائل المجلات المصورة في مصر وقد وضع شاهين مكاريوس عدة كتب عن الماسونية هي:
-  الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية.
-  الآداب الماسونية.
-  الفضائل الماسونية.
-  تاريخ الماسونية
وفي عام 1942 صدرت في مصر مجلة ماسونية أخرى، هي مجلة "الأيام" وكان صاحبها حسين شفيق المصري، الذي كان يرأس تحرير مجلة "الفكاهة" و "الاثنين" في نفس الوقت.
ويقول د. علي الوردي: "يمكن القول بوجه عام أن الماسونية في مصر تختلف من حيث مكانتها الاجتماعية عنها في البلاد العربية الأخرى، فهي كانت ذات مقام محترم في نظر الناس، وقد انتمى إليها الكثير من الأمراء والباشوات ورجال الدين، وكان سعد زغلول من المنتمين إليها، وظل كذلك حتى آخر يوم من حياته، دون أن يؤثر ذلك في زعامته الشعبية".. ولم تكن نظرة أهل الشام والعراق للماسونية مثلما هو الحال في مصر، بل إن "الماسونية" كانت تعتبر بمثابة تهمة لأي شخص ينعت بها، وكانت تستخدم من بين ألفاظ الشتائم والسباب، ويشير شاهين مكاريوس إلى هذه النظرة للماسونية –وهو يقصد نظرة أهل الشام والعراق لها- في مقدمة كتابه- "الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية" بقوله: "وقد راجت هذه التهم التي رميت بها الماسونية رواجاً عظيماً في كل الممالك في بادئ أمرها وانتشارها وكثرت الإشاعات عنها إلى درجة سخر العقلاء منها فصار اسم الماسونية موضوع الشبهة ولا سيما في الشرق".. ويستطرد في فقرة أخرى: "فهؤلاء وأمثالهم جعلوا البسطاء يتوهمون الشر في الماسونية، ولذلك نسمع البسطاء يشتمون ويعيرون بقولهم: يا ابن الكافر... يا ابن الفرمسوني حتى أن بعضهم -ويقصد شخصاً من آل تويني- قال مرة شاكياً من أبناء ملته لو كنت مجوسياً أو ماسونياً ما عاملوني هذه المعاملة السيئة".
وقد ظلت الماسونية في مصر تتمتع بمكانة محترمة حتى عام 1964 عندما أصدرت الحكومة المصرية أمرها بإغلاق المحافل الماسونية ففي شهر إبريل 1964 أصدرت الحكومة المصرية أمرها بإغلاق جميع المحافل الماسونية في مصر، فوضع النادي الماسوني الإنجليزي في شارع طومسون تحت الحراسة. وقام محمد علي عوض –نائب الحارس العام- يجرد محتوياته، وتبين من عمليات الإشراف والجرد أن النادي يدار طبقاً للقانون الإنجليزي، ويعمل أعضاؤه وفقاً لأحكام هذا القانون، وأن إدارة النادي هربت إلى لندن جميع المستندات والسجلات من عام 1952. وصرح محمد عوض: "يبدو أن هناك علاقة جيدة بإسرائيل"، لما لاحظه من وجود الأعلام والأدوات في النادي، عليها نجمة داود. وكانت جميع ما في الدار من لوحات وأعلام وأثاث ومطبوعات ونشرات تتسم بالطابع البريطاني – الإسرائيلي. وقد أثار هذا الحدث ضجة في مصر آنذاك. وفي 3 يونية 1964 نشرت مجلة "آخر ساعة" القاهرية تحقيقاً عن الماسونية وذكرت فيه الأسباب التي حملت الحكومة المصرية على غلق محافلها، وقالت: "عندما طلبت الجمعيات الماسونية في الجمهورية العربية المتحدة تسجيل تنظيماتها بوزارة الشئون الاجتماعية، طلب منهم المسئولون تطبيق قانون الجمعيات عليهم. وهذا القانون يحتم خضوع كل الجمعيات داخل الجمهورية لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية، ويكون للمسئولين في الوزارة حق التفتيش على أعمال الجمعية للتأكد من عدم مخالفتها للقانون ورفضت الجمعيات الماسونية ذلك! فقررت الحكومة إلغاء الجمعيات الماسونية في مصر. وكانت العراق هي أول دولة عربية تقدم على إلغاء هذه الجمعيات، وتجريم المنتسبين إليها، وذلك عام 1958.
علاقة الاستعمار بالماسونية
ولقد اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك علاقة وثيقة بين الاستعمار البريطاني – الفرنسي للدول العربية، وانتشار الماسونية في تلك الدول، ولا أدل على ذلك من أن المحافل الماسونية في سوريا ولبنان كانت تابعة "للشرق الأعظم" الفرنسي، فيما أن المحافل الماسونية في العراق والأردن وفلسطين والكويت والبحرين كانت تابعة "للمحفل الأكبر" الإنجليزي، فيما عدا مصر التي شهدت الاستعمارين الفرنسي والانجليزي ومعهما محافل "للشرق الأعظم" و "للمحفل الأكبر"!.
وقد كانت تلك المحافل تحض على مؤازرة الاستعمار بدون مواربة! فلم تمض بضع سنين على احتلال الجزائر حتى كانت الماسونية "تدعو سنة 1834 إلى نشر الحضارة والأفكار الفرنسية بأفريقيا، وتثقيف العرب والعمل على بعث نوع من الوحدة العائلية لتكوين شعب فرنسي جديد". وقد نص القرار الذي اتخذه المؤتمر العام للمحافل الماسونية المنعقد في "بعلبك" باسم مؤتمر "الأحرار" في أول أغسطس 1924 على "التعاون مع سلطات الانتداب".
وقد حذت معظم الدول العربية والإسلامية حذو الموقف الذي اتخذته مصر والعراق، حيال الماسونية، فقامت بفرض حظر على نشاط الجمعيات الماسونية فيها وإغلاقها، أما في لبنان فإن طبيعة التركيب الاجتماعي والسياسي، الذي يتميز به عن غيره من البلاد العربية – جعلته يحجم عن اتخاذ موقف رسمي حاسم إزاء الجمعيات الماسونية فيه.

- العلاقة بين الماسونية واليهودية العالمية
على الرغم من أن الماسونية لم تكن تسمح بانضمام اليهود إليها في القرون الوسطى – زمن اضطهاد اليهود في أوروبا – إلا أنه لم يأت القرن التاسع عشر إلا وأصبحت تلك المؤسسة العالمية، مؤسسة صهيونية خالصة. وقد حاول اليهود مراراً أن يعلنوا أن "برتوكولات حكماء صهيون" – وهي عبارة عن خطة سرية لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود، وقد أثارت موجة احتجاج عالمية، حين اكتشف ونشرت لأول مرة عام 1902م – لم تكن إلا تزويراً.. ولكن هنري فورد، الذي أعد كتاب "اليهودي العالمي" صرح ذات مرة لأصدقائه قائلاً: "مهما كانت حقيقة هذه البروتوكولات فإنها تتفق مع ما هو واقع الآن. ولا يختلف مضمون هذه البروتوكولات عما جاء في التلمود ومما يؤكد أن بروتوكولات حكماء صهيون هي من صنع الماسون الكونيين ما جاء في إحدى هذه البروتوكولات: "تذكروا الثورة الفرنسية التي أضفينا عليها صفة العظمة فأسرار تخطيطها نعرفها نحن، لأنها كانت كلية من صنعنا".
وأهم ما جاء في البروتوكولات بخصوص علاقتها بالماسونية: "وإلى أن يأتي الوقت الذي نصل فيه إلى السلطة سنحاول أن ننشئ ونضاعف خلايا الماسونيين الأحرار في جميع أنحاء العالم. وسنجذب إليها كل من يصير أو يكون معروفاً بأنه ذو روح عامة. هذه الخلايا ستكون الأماكن الرئيسية التي سنحصل فيها على ما نريد من أخبار. كما أنها ستكون أفضل مراكز الدعاية. وسوف تركز هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا. وستتألف هذه القيادة من علمائنا.. وسيكون لها أيضاً ممثلوها الخصوصيون كي نحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا حقيقة" وقولهم: "ومن الطبيعي أننا كنا الشعب الوحيد الذي يعرف أن يوجهها، ونعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأميين (غير اليهود) جاهلون بمعظم الأشياء الخاصة بالماسونية، ولا يستطيعون رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون".
ولقد كتب المطران "جوان" المتخصص الشهير في الحركة الماسونية، ومحرر النشرة العالمية للجمعيات السرية، أربعة مجلدات ضخمة يبرهن فيها أن كل سطر في البروتوكولات جَسَّده اليهود إلى مثل حي في واقع الحياة.
ويقول الحاخام د. إسحاق وايز، عن الماسونية ما نصه: "مؤسسة يهودية... وليس تاريخها، ودرجاتها، وتعاليمها، وكلمات السر فيها، وشروطها، إلا أفكاراً يهودية من البداية إلى النهاية....".
وتتضح العلاقة بين الماسونية والصهيونية –كما يوضحها الأستاذ علي السعدني في كتابه "أضواء على الصهيونية"- من خلال اتفاقهما في أمور كثيرة منها:
1- أن كلاً منها يرسم في الظلام ويخطط في السر ويعمل من وراء الستار، ويراقب في الخفاء كما هي عادة المجرمين الذين يفكرون في الجريمة وينفذونها في السر.
2- أن الماسونية والصهيونية وليدة شرعية لليهودية تستمد منها أصولها من التلمود، وتنفذ تعليماته، وتعمل لها في السر والخفاء.
3- تتفق الماسونية مع الصهيونية في عداء كل منهما للأديان غير اليهودية، يجب التذكير هنا إلى أن منظر الماسونية الحديثة الأول –جيمس أندرسون- كان يهودياً.. وقد انضم اليهود إلى المحافل الماسونية في منتصف القرن الثامن عشر، لا في إنجلترا وحدها، وإنما في هولندا وفرنسا وألمانيا. وفي سنة 1793 أسس يهود لندن محفلاً ماسونياً أطلقوا عليه اسم محفل إسرائيل.. وقد حاول اليهود منذ ذلك الوقت إعادة النظر في تعاليم الماسونية ورموزها. وغيروا فيها لتناسب الجو البروتستاني في بريطانيا والولايات المتحدة.. ويعترف محرر مادة الماسونية، في دائرة المعارف اليهودية، مفاخراً، بأن اليهود هم أول من أدخلوا الماسونية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

- رموز مشتركة بين اليهودية والماسونية
ومن الأشياء الأخرى التي تثبت العلاقة بين الماسونية واليهودية العالمية – بعض الرموز التي تتبع في الطقوس الماسونية من كلمات وأسماء، وأعمال لها أصول عبرانية، مثل كلمات بوعز – جيكين – شبولت "يوغز رمز لأحد أجداد سليمان، وجيكين: هو ابن شمعون بن يعقوب، وشبولت معناها سنبلة).. واسم فالج بن عابر، الذي يزعم اليهود أنهم من نسله، ونواح بسائيل الذي صنع لموسى تابوت العهد، وأوبيل الذي قاد الشعب مع "زروبابل" من السبي البابلي إلى أرض كنعان.. وحتى التقويم عند الماسون هو نفسه تقويم اليهود. وفي محفل سكوتلاندا نجد التواريخ الموضوعة على المراسلات والوثائق الرسمية كلها بحسب تقويم العصر؛ والأشهر اليهودية، وكذلك نجده يستعمل الأبجدية العبرية.
ويقول محمد عبدالله السمان في كتابه "تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة": "بيد أن المصدر الذي لا ريب فيه – أي مصدر أصول الماسونية – هو الكابلات اليهودية، وأقطع حجة على 1887 انتخب الخديوي توفيق باشا رئيساً لذلك المحفل. ويبدو أن العصر الذهبي للماسونية في مصر وصل إلى ذروته في الربع الأخير من القرن الماضي ذلك هو أن النظم والتعاليم اليهودية هي التي اتخذت أساساً لإنشاء المحفل الأكبر سنة 1717. ووضع رسومه ورموزه، وإن كانت قد مثلت فيها أيضاً بعض التعاليم المصرية القديمة، ونظرية فيثاغورث".
ويلاحظ أن الشمعدان السباعي، والذي يعتبر شيئاً أساسياً في المعابد اليهودية – يوجد في جميع المحافل الماسونية، وهو في عرف الماسونية العامة: الأعضاء الذين تكون بهم جلسة المحفل قانونية وكذلك عدد الفنون الأدبية السبعة النحو والبيان والمنطق والحساب والهندسة والموسيقى والشعر.. أما الرمز الحقيقي لهذا الشمعدان – عند الصهاينة والماسون فهناك السنين السبع التي أتم بها سليمان بناء المعبد... وهناك نقطة يسمونها "نقطة الدائرة"، يحددونها بين الشمال والجنوب بخطين مستقيمين، يزعمون أن أحدهما يدل على موسى، فيما الآخر يدل على سليمان!. وفي أعلى ذلك توجد "التوراة" وعليها سلم سليمان وهو يرمز عندهم إلى الرؤيا التي رآها يعقوب!.. وتوجد دائماً في المحافل الماسونية صور وأعلام ترمز إلى الأسباط الاثنى عشر، ونجمة داود، وحية مثلثة الرأس، ينصبون لها تمثالاً، وترمز إلى التنين الذي يجب على الماسوني قطع رؤوسه الثلاثة: (السلطة الدينية – السلطة المدنية – السلطة العسكرية) التي لا تؤيد اليهودية العالمية.
ويزعم الماسون أن هيئة وشكل المحافل الماسونية لم تتغير منذ عهد سليمان إلى الآن. متخذة دائماً وأبداً شكل الهيكل!.. وهم يتلون نصوصاً من التوراة عند إنشاء كل محفل جديد. ويذكر شاهين مكاريوس" في القوانين والقواعد التي ينبغي مراعاتها عند بناء المحافل الماسونية عدة شروط من أهمها: "أن تؤخذ الرسوم الرمزية من التوراة لأن منها التواريخ الحقيقية عن الماسونية القديمة، فالزخارف اللائقة هي الرموز الماسونية الحرة، مثل مثلثات متقاطعة، وزاوية، وبرج، وما شاكل ذلك، ومتى رتبت في نظام موافق، كانت حسنة الرواء، بديعة الهندام!".
ومن الرموز التي يتخذها الماسون حرف "أيه"A ويكتب على هيئة ثمانية بالعربية 8 فوق سبعة على هذا الشكل ولعل أخطر سر هنا – حسب ما يذكره ستيفن نايت- هو أن الماسونية أصلها يهودي، فالثمانية هي العقل تمتطي وتقيد السبعة أي العاطفة، ولو وصلنا ما بين الفراغات لحصلنا على نجمة داود السداسية الصهيونية".
ويقول "هيبيس" في كتابه "الكتاب المقدس للشعوب المغلوبة" مدللاً على العلاقة بين الماسونية واليهودية: "منذ اليوم الذي رأس العاهل البريطاني المحفل الماسوني – المقصود الملك جورج الأول- لم يعد بين رجالات بريطانيا السياسيين والبارزين من لم ينتسب لهذا المحفل الذي يوجهه اليهود حسب أغراضهم وأهوائهم".
وقد استطاع اليهود في بريطانيا، عن طريق الماسونية – اختراق مجلس العموم ورئاسة الوزراء، ففي 26 مايو 1858م احتل البارون روتشيلد مقعداً في المجلس، وترأس لورد بيكو نسفيلد (بنيامين دزرائيلي) رئاسة الوزراء (1868 و 1874 – 1880) في نفس الوقت الذي كان يترأس فيه الحلف اليهودي العالمي The Universial Jewish Alliance واستطاع أن يعين أحد عملائه اليهود، ويدعى أدلف كريميو – صدراً أعظم لمحفل الشرق في فرنسا. والذي استطاع أن يحتل منصب وزير المالية الفرنسية، وكان صيته قد ذاع بين يهود العالم كزعيم وخطيب عقب ما عرف حينذاك بحادثة دمشق (1840) والتي سأتحدث عنها بشيء من التفصيل في موضع آخر من هذه الدراسة.
الماسونية.. وكبير الأبالسة!
وقد كانت الماسونية الحديثة تعرف في ألمانيا في بداية الأمر "بالنورانية"... ثم استطاع نورانيو محافل الشرق الأكبر التسلل إلى صفوف الماسونية الأوروبية الحرة. وكان خبثاء اليهود، كي يخدعوا الناس، ويضلوهم، قد سموا الشيطان "إله النور" زاعمين أن الشيطان خلق النور.. ويفخر الأستاذ الأكبر لمحفل "لسنج" في كتابه عن الماسونية قائلاً: "نحن الماسون ننتسب إلى أسرة كبير الأبالسة (لوسيفر)، فصليبنا هو المثلث، وهيكلنا هو المحفل، ولم يكن يسمح إلا للماسونيين الذي برهنوا على ميلهم للأممية، وأظهروا بسلوكهم بعداً عن الله، بدخول المذهب "النوراني".. وبعد ذلك بمدة قليلة صارت التسمية واحدة، بحيث إن الماسونية والنورانية صارتا كلمتين مترادفتين لمعنى واحد.
وفكرة "الأممية" فكرة أساسية في الماسونية. وهي مستمدة أساساً من "الرواقية" والتي صاغ المعاني الأولية لها الفيلسوف الصيني كونفوشيوس (551 ق.م) في كتابه "عقدية الوسط" ثم تبلورت بشكل أكبر على يد سيكا، وشيشرون، ودانتي، الذين ابتكروا فكرة "العصر الذهبي" لإثبات أن الأصل في الأفراد هو التشابه والعصر الذهبي عندهم هو اتحاد جميع الأفراد في مدينة العالم الكبيرة.. وتضيف الماسونية على ذلك، أن تلك "المدنية العالمية" ينبغي أن يرأسها ملك من نسل داود – يكون امبراطوراً على العالم كله!
وفي عام 1923 أقيمت حفلة عشاء كبرى، حضرها العديد من الشخصيات المهتمة بالسياسة الدولية. وكان من بينهم من له علاقة بمنظمة عصبة الأمم.. وفي هذه الحفلة اقترح رئيس محفل الشرق الأكبر في فرنسا على الحاضرين أن يشربوا نخب الجمهورية الفرنسية –وليدة الماسونية الفرنسية الحرة- ونخب الجمهورية العالمية التي ستولد من الماسونية العالمية!
وقد جاء في كتاب "تاريخ الماسونية الحرة" أن الماسون "يتخذون من خطة تمكين اليهود من الاستيلاء على العالم أساساً لأعمالهم" وقد اتضح هذا الهدف بشكل جلي من خلال التصريح الذي أدلى به د. ناحوم جولدمان عام 1947 أثناء محاضرة له في مونتريال، عندما قال: "لم يختر اليهود فلسطين لمعناها التوراتي، والديني بالنسبة إليهم، ولا لأن مياه البحر الميت تعطي بفضل التبخر ما قيمته 3 آلاف مليار دولار من المعادن وأشباه المعادن، بل لأن فلسطين هي ملتقى أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأن فلسطين تشكل بالواقع نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم ، ولأنها المركز الاستراتيجي العسكري للسيطرة على العالم".

- إبراهيم عباس

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

2 من الزوار الآن

876518 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق