المعركة-فصلية
خلف العدو دائماً ولا اشتباك إلا معه....

Categories

الصفحة الأساسية > 5.0 دراسات ومعالجات > الثقافة الجماهيرية > دور الأحزاب السياسية في تفعيل دور المرأة السياسي في السودان

10 حزيران (يونيو) 2013

دور الأحزاب السياسية في تفعيل دور المرأة السياسي في السودان

يمتاز السودان تقليديا بأمرين في مجال المجتمع المدني وتحرير المرأة:
الأول: أن المجتمع أقوى من الدولة، وذلك نتيجة لحقيقة أن أهم مكونات الهوية نمت من تحت لفوق فمراكز نمو الثقافة المركزية السودانية تنصرت سلميا وثم وفي مرحلة لاحقة أسلمت سلميا. هذا النمط جعل زمام المبادرة للمجتمع المدني وخلافا للبلدان التي تنصرت بفتح الإمبراطورية الرومانية أو أسلمت بفتح الدولة الإسلامية التاريخية. في تلك البلدان صار زمام المبادرة في يد الدولة.
الثاني: إن ثقافات السودان التاريخية لا سيما الكوشية ثم المروية أعطت دورا للمرأة في الحياة العامة مخالفا لدورها في الكثير من الثقافات المعاصرة لها. سجل كل من بعنخي وترهاقا فخرهما بأميهما وسجلا دورهما في تربيتهما كما أن الحضارة المروية عرضت دورا مرموقا للملكات المدعوات كنداكات.
هاتان الحقيقتان تفسران دور المجتمع المدني السوداني بقيادة الأحزاب السياسية في تفعيل دور المرأة السياسي في السودان والهوية التي بها تقبل المجتمع السوداني مبادرات تعليم وتحرير المرأة.
في النقاط التالية أبسط حجتي حول دور الأحزاب السياسية الماثل تجاه قضية المرأة، والمبتغى في تفعيل دورها:
النقطة الأولى: المرأة في المجتمع السوداني التقليدي:
الإسلام في العهود الأموية، ثم العباسية، ثم العثمانية اتخذ طابعا سلطويا في إعلاء شأن الدولة المتسلطة وفي بث مفاهيم دونية المرأة. السودان لم يكن جزءا من تلك التجارب التاريخية وحتى بعد أن توغل الإسلام فيه عرف الإسلام في السودان نزعة إنصافية نحو المرأة. فمن رجال الدين من خلف ابنته على سجادته مثل الشيخ أبو دليق الذي خلف ابنته عائشة وكان له ولد غيرها. ومنهم من كان حريصا على تعليم المرأة في زمان كانت فيه المرأة الأوربية مطعون في إنسانيتها ومرفوض تعليمها. قال الشيخ فرح ود تكتوك حكيم التصوف السوداني:
وعلم لما ملكت يديك عقائدا كــــــــــــذا أصل الطريقة لا تذر
بنات وأبناءا شبابا عجائزا خديما وحرات كذا عبدك الذكر
النقطة الثانية: المرأة والمجتمع المدني السوداني:
تبنت منظمات المجتمع المدني السوداني مثل جمعية نهضة المرأة السودانية والاتحاد النسائي السوداني قضية تحرير المرأة. وتبنى بعض قادة المجتمع المدني تعليم وتحرير المرأة فالإمام عبد الرحمن المهدي كان راعيا لجمعية ترقية المرأة التي غيرت اسمها لاحقا إلى جمعية نهضة المرأة وكانت ترأسها بنت أخته السيدة رحمة عبد الله جاد الله وكان راعيا لأنشطة الشيخ بابكر بدري الذي قاد التعليم الأهلي والتعليم النسوي في السودان.
قدم الاتحاد النسائي السوداني مبادرات لتحرير المرأة وكان يحظى بتأييد من الأحزاب الوطنية السودانية في مراحله الباكرة ولكن فيما بعد تركز دعمه في الجبهة المعادية للاستعمار ثم في الحزب الشيوعي السوداني.
إن تبني الحزب الشيوعي السوداني لقضية تحرير المرأة والتركيز على دعم الاتحاد النسائي حتى صار واجهة له ليس بالأمر الغريب فالتيار مشغول بالتحول الاجتماعي ومخاطبة القوى الجديدة. ولكن المدهش هو تبني قوى المجتمع غير الحديثة قضية تحرير المرأة وتعليمها كما يدل على ذلك موقف الإمام عبد الرحمن والشيخ بابكر بدري، وجمعية نهضة المرأة. ولكن هذه الدهشة تنقشع عندما نستحضر موقف ثقافات السودان القديمة والوسطى الإيجابي من تعليم وتحرير المرأة.
النقطة الثالثة: المرأة والحياة السياسية في السودان
كان مؤتمر الخريجين العام من أهم خطوات الوعي القومي السوداني الحديث ولكن يعاب على أدبياته الخلو التام من التعامل مع قضيتي الدونية والإثنية والنوعية فلم يخاطب قضية الرق ولا الرق النوعي. إن التعبئة التي قامت بها منظمات المجتمع المدني السودانية والشخصيات الرائدة خلقت زخما تفجر فيما بعد في ثورة أكتوبر 1964م.
ثورة أكتوبر كانت طفرة لتجديد الحياة السياسية في السودان لذلك استطاعت حكومة أكتوبر القومية أن تقرر ضمن قراراتها التجديدية الاعتراف بكامل حقوق المرأة السياسية. اتخذت تلك القرارات الثورية بالإجماع، لم يكن مستغربا حماس الحزب الشيوعي لها، ولكن حزب الأمة المتوقع أن يكون متحفظا قام بدور مخالف لذلك التوقع لأن برنامجه نحو آفاق جديدة الذي تبناه في مؤتمره الثالث المصاحب لثورة 1964م نادى بتحرير المرأة. أما جبهة الميثاق الإسلامي فقد قامت بدور مخالف تماما لدور مثيلاتها من الحركات المنطلقة من عباءة الإخوان المسلمين. كان دورها منحازا تماما لقضية الحقوق السياسية للمرأة السودانية. غير أن هذا لا ينفى حقيقة موقفها من تجربة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983م، لقد اشتملت تلك التجربة الشائهة على تفاسير انكفائية لنصوص الإسلام المتعلقة بالمرأة، وقد كانت معيبة من حيث التطبيق والتقنين ولذلك عارضتها الكثير من القوى السياسية السودانية، وقد كان حزب الأمة من أكثر المعارضين لها. ويعد قيام ثورة رجب- أبريل وقع اختلاف بين الأحزاب السياسية الممثلة بالجمعية التأسيسية بشأنها، ولما كان حزب الأمة مضطرا إلى التحالف مع القوى السياسية التي أفرزتها الانتخابات العامة، ولما كان جزءا من هذه القوى متمسكا بعدم إلغاء هذه القوانين، تم الاتفاق على إيجاد قوانين بديلة لقوانين سبتمبر، وبالفعل وضع مشروع القوانين البديلة الذي كان يسير بالسرعة التي يتطلبها اتخاذ القرار الديمقراطي قبل أن يقطع الطريق أمامه انقلاب يونيو 1989م.
القفزة النوعية الحقيقية الثانية حدثت بعد ثورة رجب/ إبريل، إذ انتخب حزب الأمة امرأة في الأمانة العامة، وضمن قائمة مرشحيه لدوائر الخريجين امرأة وإن لم تفز، وعين امرأة في الوزارة، وأدخل المرأة بنسبة 10% في أجهزته القيادية، أما الجبهة القومية الإسلامية –خلف جبهة الميثاق الإسلامي- فقد أدخلت المرأة الجمعية التأسيسية.
حقيقة أن تمثيل المرأة في النظم الأوتقراطية كان أكبر. في العهد المايوي، وتأثرا بخطاب اليسار السياسي، تمت مخاطبة القوى الحديثة بشكل موسع، وتمت ترقية النساء للمناصب الوزارية، ولكن تلك الظاهرة كانت فوقية بحيث لم تؤثر على قاعدة النساء بشكل حقيقي. ومعلوم أن الأنظمة الشمولية أقدر على تحقيق فرضياتها النظرية فهي تقوم على الإملاء بينما الأحزاب الديمقراطية محكومة بالقرار الديمقراطي النابع من عضويتها، وهذا يتأثر بواقع المجتمع أكثر من المثال التنظيري. مثلا، وبالرجوع إلى جدول يرصد التغير في تمثيل النساء بالأجهزة التشريعية عبر الأعوام 60، 70، 80، 1990 و2000م في أقاليم مختلفة من العالم نجد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حصلت على أسوأ النسب عام 2000م (4,84%) ورابع أسوأ معدل للتغيير (بعد شرق أوربا وشرق آسيا والباسفيك) بينما حصلت أفريقيا جنوب الصحراء على نسبة 9,9% تسبقها مناطق عديدة في العالم ولكنها تشكل أعلى نسبة للتغيير الموجب (953%) فقد انطلقت من وضعية هي الأسوأ عام 1960م (0,94%).. هذا يعني أن التطور في تمكين النساء وتعزيز حقوقهن انطلق من موقع متخلف في إفريقيا باتجاه التطور السريع، بينما ظل التغير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بطيئا.
الملاحظة الأظهر في ذلك الجدول هي أن أسوأ معدل تغيير في العالم كان لدول شرق أوربا فحينما كانت نظما شمولية حققت أعلى نسب تمثيل النساء في العالم، ولكنها ما بعد دمقرطتها هبطت بشكل فجائي مشكلة أسوأ معدل تغيير في العالم في الأربعين سنة الماضية(سالب 50%). في المقابل، فإن أكبر معدل تغيير موجب (في إفريقيا) هو أيضا في إقليم يشهد تحولا باتجاه الديمقراطية حيث ضربت الموجة الثالثة للديمقراطية إفريقيا منذ تسعينيات القرن المنصرم. وأسوأ وضع للنساء هو في العالم العربي وهو ذيل الدنيا ديمقراطيا حيث لا زال التحول الديمقراطي أمنيات يغالطها الواقع كثيرا ونادرا يستجيب.
الملاحظة الأساسية في السودان، هي أن كل تجربة ديمقراطية كانت أفضل من سابقتها بمقياس وضع النساء.. وهذا ليس صحيحا إذا قارنا مثلا بين مايو و"الإنقاذ". فالنظم الديمقراطية تتطور باتجاه الأفضل.
وعموما فإن النظم الديكتاتورية تتأثر بأيديولوجيات القائمين عليها اختلافا ما بين طالبان في أفغانستان، وبين دول شرق أوربا الشيوعية.
النقطة الرابعة: المرأة في العهد الحالي
منذ التآمر على الديمقراطية وقيام النظام الانقلابي الحالي واجه النظام انفصامات مركبة في سياسته نحو المرأة، ما بين مفاهيم تحررية نظرية، وبرامج مضمونها في الاتجاه المعاكس. وما بين التوسع لإشراك المرأة في العمل العام، وتقييد حريتها الخاصة، وما بين السعي لتمكين المرأة المناصرة له في الدوائر العامة، والسعي لإقصاء بقية النساء.
-  فالنظام الذي أتت به الجبهة الإسلامية القومية يتبنى قادته نظريا أطروحات متقدمة لمكانة المرأة في الإسلام، ومدى حركتها العامة وحرياتها الخاصة. ولكن وعلى أرض الواقع أتى النظام ببرامج وسياسات وقوانين مثل قانون النظام العام، وقانون الأحوال الشخصية لعام 1991م، وغيرهما يحتويان على تفسيرات انكفائية للدين الإسلامي.
-  وبينما شهد عقد ونصف الإنقاذ تدريب النساء عسكريا، ودورهن في إعداد زاد المجاهد وغيره من مناشط التعبئة، شهد أيضا تراجعا في النظرة للنساء ودورهن في المجتمع جراء سيادة التفاسير المنكفئة للدين. مثلا، وضعت حدود غير معلنة لمشاركة المرأة في الأجهزة القضائية بحيث توقف تعيينهن في السلك القضائي، وقل في السلك الدبلوماسي.
-  ومع سيادة النظرة الدونية للمرأة في أجهزة الإعلام ورسائلها المبثوثة، والحد من ترقي النساء في المناصب العامة، فإن الواقع العملي بهجرة الرجال وتشريدهم، قد أعطى للمرأة أدوارا أكبر داخل الأسر وفي المجتمع.
-  وبينما لقيت المرأة المناصرة للنظام فرصا أكبر للمشاركة العامة في كافة مستوياتها خاصة الدنيا منها، فإن النساء المعارضات تعرضن للتنكيل والسجون، كما تعرضن للإقصاء التعسفي في أجهزة الدولة.
انفصام آخر أصاب التجمع الوطني الديمقراطي الذي رفع شعارات تحررية للمرأة ولكنه قيدها ولم يفلح في مخاطبة الجندرة بالصورة المطلوبة.
النقطة الخامسة: رؤية حزب الأمة لسبل تطوير مشاركة المرأة
منذ إعادة تكوين حزب الأمة على المستوى العلني بعد عودة القيادات المهاجرة كون حزب الأمة قطاع تنمية المرأة الذي أصدر رؤيته الفكرية مؤكدا ضرورة الارتقاء بالعمل النسوي داخل الأحزاب، بحيث يتم تجاوز فكرة (أمانة المرأة) التي وجدت بأشكال مختلفة في التنظيمات السياسية، حاصرة لدور المرأة السياسي داخل سياج خاص بالنساء، ومبعدة للنساء من التأثير داخل الأحزاب، تجاوز تلك الفكرة إلى فتح باب المشاركة للمرأة واسعا داخل الحزب، وإفراد قطاع أو أمانة للعمل على تنمية المرأة، يحمل الأجندة النسوية ويشارك فيه نساء ورجال مهتمون بتنمية النساء. عقد القطاع ورشة في الفترة ما بين 19-22 مارس 2001م حول (استراتيجية تنمية المرأة: السياسيات- البرامج- التنظيم)، خرجت الورشة بتوصيات في مجالات المرأة والقوانين والتشريعات، المرأة والتنمية ، التنمية الثقافية للمرأة، المرأة والإبداع، الأسرة والترابط الأسري ، المرأة و العمل، المرأة و السلام، وفيما يتعلق بتفعيل دورها في مجال المشاركة السياسية والتنظيم، احتوت التوصيات على النقاط التالية:
بالنسبة لمشاركة المرأة في الأحزاب السياسية:
• تمكين المرأة من المشاركة في صنع القرار على كافة المستويات القيادية و القاعدية و في كل المجالات؛ التشريعية، التنفيذية و الاستشارات التخصصية.
• تأهيل وتدريب الكوادر النسائية سياسيا وتعبويا.
• التزام كافة الأحزاب السياسية بوجود حد أدني للنساء في كافة هياكل الحزب القاعدية والقيادية يحدد بـ 30%.
بالنسبة للمشاركة السياسية للمرأة في أجهزة الدولة
• إصلاح القوانين واللوائح لتعزيز مشاركة المرأة في كل أجهزة الدولة التشريعية والعدلية والتنفيذية.
• أن يتضمن قانون الانتخابات:
1- إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص نسبة 15% على الأقل في قائمة مرشحيها للمرأة.
2- تخصيص دوائر انتخابية خاصة بالمرأة، على أن يكون ناخبيها من الرجال والنساء.
3- إنشاء مؤسسة تمويلية تستقطب الدعم لصالح المرشحات ومساعدتهن في الحملات الانتخابية.
• زيادة مشاركة المرأة الحقيقية الفاعلة في الجهاز العدلي بما لا يقل عن 25%.
• دعم الوحدات الخاصة بتنمية المرأة في الوزارات والبنوك وكافة مؤسسات الدولة.
• لضمان مشاركة المرأة في الجهاز التنفيذي:
1- تعيين وزيرات متخصصات حسب كفاءتهن على ألا تقل نسبتهن عن 25%.
2- تخصيص وزارة للمرأة تعنى بكل قضايا المرأة على المستوى القومي.
3- تكوين مستشارية لتطوير أوضاع المرأة تابعة لرئاسة الدولة.
وقد تبنى التوصيات مؤتمر المرأة القطاعي بالحزب استعدادا للمؤتمر العام السادس، كما طور القطاع تلك التوصيات لاحقا في ميثاق للمرأة كما سيأتي ذكره. رفعت التوصيات المذكورة للمكتب السياسي الانتقالي للحزب، والذي أجاز فكرة زيادة النسبة الدنيا لمشاركة النساء في هياكله من 10 إلى 20% وضمنها في وثيقة الدستور المقدم لمؤتمر حزب الأمة العام السادس (أبريل 2003م)، وبإجازة ذلك، يكون حزب الأمة قد خطا خطوة أخرى للأمام في هذا الصدد، حيث تم تبني القرار ألا يقل تمثيل المرأة في كافة أجهزة الحزب عن 20%، وقاد فكرة تأييد إزالة كافة أنواع التمييز ضد المرأة (وهي الفكرة التي اعتمدت لتنفيذها الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية سيداو).
إن لحزب الأمة علاقة أكيدة بهيئة شئون الأنصار، وهي علاقة يمكن أن تعيق الإصلاح السياسي في الحزب إذا انطوت الهيئة على موقف ديني يعيق التطور الديمقراطي بموجب فهم انكفائي للإسلام، أو انطوت على موقف ديني يعيق تحرير المرأة. وفي هذا الصدد عقدت أمانة المرأة في هيئة شئون الأنصار ورشة في الفترة ما بين 19-21 يوليو 2004، ودرست بنود سيداو وقررت أنها لا تتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، كما عقدت في إطار تحضيرها لمؤتمر إسلامي عالمي ورشة عمل قدمت فيها ورقة تهدف إلى وضع مرجعية إسلامية متجددة متحررة من التعامل الاستلابي مع الوافد والتعامل الإنكفائي مع الماضي، حيث أفردت الورشة محورا كاملا لقضية المرأة عرضت فيها اجتهادا مستنيرا في مقابل الاجتهادات المنكفئة في تفسير نصوص الإسلام بشأن المرأة.
انطلاقا من هذا التراكم الإصلاحي التنويري فإن حزب الأمة الآن يدعو أن يوقع السودان على اتفاقية سيداو، ويعمل على إجماع كافة الأحزاب السياسية حول ميثاق نسوي قدمه للأحزاب وقوى المجتمع المدني للتوقيع عليه في احتفاله بيوم المرأة العالمي للعام 2004م، يشتمل على نقاط أساسية للنهوض بالمرأة.
النقطة السادسة: ميثاق المرأة:
الميثاق الذي نقدمه يسعى لتطوير وضع النساء بالاتفاق على النقاط التالية:
أولا: الدستور: يكفل دستور السودان حقوق المرأة ويحتوي على مواد لحمايتها، ويلتزم بمرجعية الشرعية الدولية ومواثيقها الخاصة بها بما في ذلك اتفاقية سيداو مع مراعاة أمينة للخصوصية الثقافية لمجتمعنا بشكل ملتزم مبدئيا بإنصاف المرأة وحمايتها وإلغاء كافة أشكال العنف والتمييز ضدها، وينص على مبدأ التمييز القصدي الإيجابي للمرأة في مجالات الصحة والتعليم والتنمية والمشاركة السياسية، ويفرض حماية على الشرائح النسوية المستضعفة والنساء في مناطق النزاع المسلح، ويتجنب في صياغته العبارات الغامضة والتي يمكن تفسيرها بشكل يغمط النساء حقوقهن.
ثانيا: القوانين: تسن قوانين تفصل الحقوق الدستورية المكفولة للمرأة بناء على عمل لجان متخصصة يكون تمثيل النساء فيها بالمناصفة، ويعمل على إصلاح كافة القوانين واللوائح لتعزيز مشاركة النساء في كل أجهزة الدولة التشريعية والعدلية والتنفيذية بتخصيص نسب دنيا لتمثيلهن في الوزارات والبنوك وكافة مؤسسات الدولة، خاصة في لجان صياغة الدستور والقوانين وكافة الوظائف العليا حيث لا يجب أن تقل نسبتهن عن الربع. تراعي التشريعات التنوع الثقافي والديني في السودان، وتصحب الصحوة القانونية مجهودات بث الوعي القانوني في المجتمع عامة وبين النساء على وجه الخصوص.
ثالثا: الحياة السياسية: دعم النساء في العمليات الانتخابية بتضمين نسب دنيا لتمثيلهن في قوائم الترشيح، وتخصيص دوائر لهن يكون ناخبيها من الرجال والنساء، وإنشاء القنوات التي تدعمهن وتساعدهن في الحملات الانتخابية. وتمكين المرأة من المشاركة في صنع القرار على كافة المستويات الحزبية القيادية والقاعدية وفي كل المجالات التشريعية، التنفيذية والاستشارات التخصصية، وتأهيل وتدريب الكوادر النسائية سياسيا وتعبويا. والتزام كافة الأحزاب السياسية بوجود حد ادني للنساء في كافة هياكل الحزب القاعدية والقيادية يحدد بـ 30%.
رابعا: التنمية: إدراج تنمية المرأة على مستوى صياغة سياسات وقوانين التنمية المستدامة، وسياسات إعادة تأهيل الاقتصاد السوداني، بضمان مشاركة النساء في صياغة وتنفيذ المشاريع والبرامج التنموية، وكفالة حصولهن على موارد وفوائد التنمية وتصرفهن فيها بصورة متساوية وعادلة. وإجراء كافة القياسات والمعايير لمتابعة وتقويم خلل وضع النساء تنمويا، والاستفادة من عمل المنظمات الطوعية وكافة التنظيمات الجماهيرية في تحديد احتياجات القواعد النسوية.. ودعم النساء في القطاع البنكي بما في ذلك قيام بنوك خاصة بالنساء، وتشجيع مشاريع التقنية الوسيطة والعمل على دعم النساء العاملات في قطاعات الإنتاج التقليدي المختلفة وترقية أدائهن وتقديم الخدمات التمويلية لذلك. والعمل على أن تدعم سياسة الاقتصاد الحر بالحزم الاجتماعية للشرائح المحتاجة خاصة في مجالات الصحة والتعليم والمأوى.
خامسا: التعليم: زيادة الدعم الموجه للتعليم خاصة الأساسي وما قبل المدرسي وإزالة التفرقة في نسب استيعاب الفتيات فيه، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل، ومراجعة المناهج بإزالة كافة أشكال الهيمنة الثقافية والتمييز ضد المرأة أو تنميط دورها في المجتمع، أسوة بكافة أشكال التمييز الجهوي والفئوي والإثني والثقافي، وأيضا إزالة كافة أوجه ثقافة الحرب من المناهج اعترافا بأن ثقافة الحرب نفسها مرتبطة بثقافة دونية النساء، وإدخال ثقافة السلام وثقافة حقوق الإنسان في المناهج، مع التأكيد على رفع مهارات التحليل والنقد في مقابل التلقين.
سادسا: الصحة: تخطيط وتنفيذ سياسة صحية شاملة لدعم القطاع الصحي وصحة البيئة ومجابهة الأخطار في مناطق النزاع المسلح، وتكريس الجهود التوعوية والوقائية للأمراض التي تصيب النساء خاصة وهي كثيرة، بالإضافة إلى توعية النساء في المناطق الحضرية بأخطار مزيلات اللون و الأصباغ على الصحة وعلى الدخل القومي. مع الاهتمام بالصحة النفسية للنساء في ظروف الضغوط المعيشية والمواجهات الأمنية والحروب خاصة اللائي تعرضن للاغتصاب أو التعذيب.
سابعا:الصحة الإنجابية: الالتزام بأهداف وبرامج الصحة الإنجابية الهادفة لتقليص نسبة وفيات الأمومة والطفولة وتحقيق الحمل والإنجاب الآمن مثل تنظيم الأسرة ودعم الرضاعة الطبيعية، ونشر الوعي بها، وبأهمية مشاركة الرجل في تحقيقها، وبالممارسات والعادات التي تحد منها مثل ختان البنات واعتباره اعتداء على إنسانية وصحة البنت والأم السودانية الإنجابية والنفسية، ونشر التوعية بالأمراض التناسلية وطرق الوقاية و العلاج بالتركيز على الإيدز كمرض يفتك الآن بالقارة الإفريقية ويهدد السودان لإحاطته بحزام موبوء. ودعم الصحة الإنجابية بكافة السبل والتشريعات، والتنسيق مع المجتمع الدولي للاستفادة من الخبرة والدعم اللازمين.
ثامنا: الثقافة والإعلام: يراعي التخطيط الثقافي التنوع الثقافي والإثني والديني ويتخذ كافة التدابير لضمان المساواة والعدالة والتعايش بين الثقافات، مع اتخاذ سياسات مدروسة مبنية على مسوحات وتحليل للثقافات المختلفة لتطويرها جميعا في اتجاه دعم حقوق المرأة، وإزالة الجوانب السلبية التي ترفد دونية المرأة وهيمنة الرجل، وإحلال ثقافة تدعو للمساواة ورفعة المرأة، عبر كافة حقول العمل الثقافي التقليدي والحديث. وفي هذا الصدد يشارك الإعلام بكافة أجهزته المسموعة والمقروءة والمرئية في عملية التنمية الثقافية، ويبتعد عن نشر أو الترويج للمواد الحاطة من قدر النساء أو المنتهكة لحقوقهن.
تاسعا: العطاء النسوي: دعم المرأة المبدعة في كافة مجالات الفنون والرياضة والعلوم والسياسة والاقتصاد والفكر وتكريمها، والعمل على توثيق إبداع النساء السودانيات وأرشفته، وتشجيع النساء على إبراز مواهبهن خاصة الفنية منها عبر كافة وسائل الدعم والتشجيع.
عاشرا: الأسرة: غرس مفاهيم المساواة والمشاركة وعدم التمييز خلال التنشئة الأسرية، والتوعية بالآثار المترتبة عن التفكك والعنف الأسري، والتنوير باتفاقيات حقوق الطفل والمرأة وقوانين الأسرة، ودعم الأداء الأسري بالوسائل التثقيفية والترفيهية مثل أندية الأحياء وتشجيع النشر في المواضيع المتعلقة بالأسرة، وبالوسائل الاقتصادية والاجتماعية مثل الجمعيات، وإنشاء وحدات للإرشاد الاجتماعي والنفسي في جميع المؤسسات الحكومية والتعليمية. والاهتمام بمعرفة وحل مشاكل الأسر في سودان المهجر.
حادي عشر:العمل: الاعتراف بدور المرأة الاقتصادي الهام خاصة في القطاع التقليدي، وتوطين ثقافة العمل لدى النساء، وحل كافة القضايا التي تعيق النساء العاملات أو تقلل من أداءهن، وذلك بفرض مقاييس معينة على مؤسسات العمل لجعلها صديقة للمرأة على أن يتم تمويل تكاليف المقاييس ذات المستتبعات المالية عبر هيئات مختصة بالدولة فلا يتكفل بها صاحب العمل مما قد يؤدي إلى مزيد من الإحجام عن توظيف النساء، مقاييس مثل: تحديد نسب دنيا لتوظيف النساء في الوظائف العليا وفي التنظيمات النقابية- إنشاء دور الحضانة الملحقة بمكان العمل- إجازات الوضع المدفوعة- عدم التمييز في فرص التدريب والتأهيل والتعيين والترقي- العمل على كشف و مواجهة أية مضايقات أو تحرشات تتعرض لها النساء في بيئات العمل على اختلافها- وتنفيذ مواثيق منظمة العمل الدولية الخاصة بالنساء العاملات.
ثاني عشر: السلام: العرفان بدور النساء الفطري والفعلي في نشر ثقافة السلام وإزالة الفوارق وفي إحلال السلام في السودان، وبالمعاناة البالغة للنساء إبان الحروب، ودعم دور المرأة في السلام وإدراج قضاياها ضمن محاور الاتفاقات المزمعة، والعمل على تقوية العلاقات بين المرأة الشمالية والمرأة الجنوبية والمرأة في مناطق النزاع، وبناء قدرات النساء عبر التدريب، والاستفادة من وتطوير الطرق التقليدية في التفاوض وفي التعليم والتوعية، وتوعية النساء الفاعلات في نشر ثقافة الحرب بفشل الحرب في أن تكون وسيلة لحل القضايا، وأخيرا تمثيل المرأة تمثيلاً فاعلاً في كافة لجان ووفود محادثات السلام الجارية الآن سواء أكانت محادثات كينيا، أم التفاوض المرتقب بشأن قضية دارفور، ولجان تأهيل و إعادة توطين النازحين واللاجئين.
ثالث عشر: الآليات: يتم ضمان تنفيذ بنود الميثاق عبر تخصيص وزارة للمرأة تعنى بكل قضاياها على المستوى القومي، وتكوين مستشارية لتطوير أوضاع المرأة تابعة لرئاسة الدولة.
النقطة السابعة: تفعيل دور النساء في ظل اتفاقيات السلام
غالبية القوى السياسية السودانية ترى أن السودان أمام مفرق طرق، وأن عليه أن يجرد نفسه بصورة تزيل المظالم وأسباب النزاعات وتخطط لحياة أفضل وأعدل عبر مؤتمر قومي جامع أو قومي دستوري.
المدهش حقاً أن بروتوكولات السلام وقد تطرقت لكثير من المظالم أغفلت قضية تحرير المرأة التي تستحق بروتوكولا خاصا بها لما لها من أهمية مصيرية.
إن من أهم واجبات هذا الملتقى الجامع:
‌أ) أن يصدق على المبادئ والأسس التي تخلق حولها الإجماع الوطني مثل الوحدة الطوعية القائمة على تقرير المصير للجنوب.
‌ب) أن يبين الفهم الوطني الصحيح للنقاط الرمادية الكثيرة التي تركتها بنود البروتوكولات قابلة لأكثر من تفسير.
‌ج) أن يضيف النقاط الهامة التي أغفلتها البروتوكولات مثل بروتوكول المرأة.
القوى السياسية السودانية المعنية تدعو لإشراك معتبر للمرأة السودانية في عضوية المؤتمر الجامع وتدعو للاتفاق على بروتوكول خاص بالمرأة يوضح دورها السياسي ويبرمج لتفعيله في كل المجالات، على أن يضاف لآليات تنفيذ البروتوكولات مفوضية خاصة بالمرأة.

- الإمام الصادق المهدي

الطريق الى القتال الشهداء الخمسة افكار ثورية ازمات المشروع الصهيوني حول المقاومة

2 من الزوار الآن

874877 مشتركو المجلة شكرا
المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي أسرة التحرير والمقالات تعبر عن كتابها - شبكة الجرمق